صغيرتي في " ليساسفة"
الجوعُ دامها ذات مساء
قالت : بابا أين البيتزا ؟!
سعديك و لبيك بُنيتي ، الأمل قريب في " سيدي معروف"
قالت : لا !
ماما نيزو تقول : أنفا ألذ و أفضل !
وكأنها تُريد قتلي هي الأخرى بالعبور في محطات الأمس
أنفا !
حينما تتسابقُ مشاعرك نحو واحةِ الارتواء
ثق بأنك تطرد سراب الشفاء من عشقك
في ليلةٍ ( كازاوية) باردة جداً
كانَ صديقي الليبي ( عبد الحفيظ) يقول :
إن أشر السياح هو البخيل الذي يحرم نفسه لذة السفر
فهو يقترُ على نفسه ويذلها، فلا حاجةَ لكل هذا العناء إن
لم تكن كَريماً على نفسك..!
المدينة القديمة بالدار البيضاء
لا تطرد زائريها، تُسابقهم إلى صدور المجالس..
تؤمهم في صلاةِ العشق..تغتسلُ من دموع ذكرياتهم..
لا زلت في حيرةٍ من أمري، لا استطيع مقاومة الاشتياق هذا أبداً
أطرافي الباردة تغتال سكينتها مُحرضات الدفء.
في مخيلتي أرى المدينة القديمة أمامي منتصبة
وعبقها يراودني، لا استطيع إزالة الصورة كُلما تذكرتها
ومبانيها البسيطة القديمة.
كيف لي أن انسى بائعة الحلوى !
وصانع الأحذية..!
عبرت الشارع باتجاه ( باب مراكش) ذات مساء
جعلتُ الساعة أمامي مباشرة، هدفي المباشر الذي لم يسبق لي إن اخطأته.
رفعت رأسي عالياً و شحذت همتي للجري باتجاه الأقواس ، هنالك بائع التبغ
والمنتجات الجلدية.
هنالك رائحة ( أسماك الوداد) !
وبائع الساعات.
بائعة اللبان أين أنتِ الآن؟
إكرام بائعة ألعاب الأطفال اختفت منذ عامٍ تقريباً..
سيمو صاحب بزار تقليدي لا يزال شامخاً وصامداً .
أنس !
أيها الشمالي النقي
يا ابن الحُسيمة الأبية
يا حفيد الخطابي
أنتَ لازلت هُنا
و رائحة الشاي الذي تقدمه لي
لا يزالُ راسخاً عالقاً في ذاكرتي..
ابتسامتك الجَميلة سِر رواج تجارتك
وقناعتك أيها النبيل فتحت لك أبواب الخَير.
بلال
سفير" غانا " في الدار البيضاء
هو سفير لكنه ليس سياسي، سفيرُ مشاعرٍ جَميلة وذكريات كثيرة
هل نسيت الشاي ذو ( اللمسة الغانية) يا بلال ؟!
ببطء اتعمد السير على حُقول اشتياقي في المدينة القديمة..
بحذر أتجاوز محطات الألم..
الحاجة " فتيحة" والصابون البلدي بالقرب من جامع الشلوح..
و (10) كيلو منه هدايا متفرقة..
سعد - منصف - مُراد - عُدي
الكفتة البلدية في آخر المدينة القديمة
تمنيت لو ذقتها مجدداً..
الحرشة
الحليب الساخن !
بصمات ( ماقبل الطرامواي)
كانت عروق الطرامواي لا تزالُ غير ظاهرة على جادةِ الدار البيضاء..
لكنه اشتد و قوى عوده فظهرت " عروقه" على سطح الطُرق..
المدينة القديمة تشكو إلي ( طيش الطرامواي)
ووقع الأقدام..
ترسل لي آيات الحُزن المُرتل..
فتنشد :
جاء الطرامواي جاء
فخسرنا مواعيد اللقاء..
أ كانَ حلماً لقاؤنا..
أم هذه الدنيا
كالهيجاء..
- سألوني الناس عنك يا حبيبي كتبو المكاتيب و أخدها الهوى -
فيروز
في مقهى فرنسا يصدح صوتها كل صباح في جهاز أخي الصغير..
الإفطار البسيط البلدي، مع نوافذ الضباب المطلة على محيط الشتاء
تغنيك مشاهدة أمواج البشر لتشعر بأنك غريق عشقٍ لهذه المدينة .
حُبلى مشاعري بالإحباط حينا
وحيناً بالتفاؤل..
واحات الذكرى قد يخالها العاشق سراباً في فترات الاشتياق..
و الأتربة التي تُثار من وقعِ أقدام البوح تحجب التعبير في بعض الأحيان..
صيحات الباعة المتجولين تملأ المكان، وخطوات العابرين تُسابق الزمان
طفلٌ يتعثر في خطواته والأم تذكر الله عليه.
يكادُ قلبها أن ينفطر، ارقبُ الموقف بصمت والابتسامة تعلو ملامحي، فلا قلب يعدل قلب الأم أبداً.
بجواري طفل مُشاكس يراوغ الباعة بابتسامته ليتناول بعضاً من الفواكه ويقضم شيئاً من البضاعة، هم يعرفونه جيداً ويغدقون عليه بالعطايا، تجاوزني قائلاً : دوز الشريف مالك !