حتى عهد ليس ببعيد، كانت ألبانيا شبه محظورة على مئات ألآلاف من زوار البلقان. لكن هذا البلد الصغير الواقع غرب البلقان ويبلغ تعداده 3،1 مليون نسمة 70 في المائة منهم مسلمين، يشهد الآن تغييرات سريعة ويتطلع إلى السياحة كطوق النجاة لانتشال أوضاعه الاقتصادية.
أعتاد مئات الآلاف من السياح على قضاء عطلة الصيف في شواطئ بحر الادرياتيك في بلاد البلقان المختلفة، دون المرور بألبانيا. أما الآن فهم يتبعون خط السير المنطقي بالتوجه جنوبا من سواحل كرواتيا ومرورا بسواحل الجبل الأسود حتى شواطئ ألبانيا الممتدة على 362 كم.
خرجت ألبانيا منذ 17 سنة مضت من العزلة التي فرضتها على نفسها تحت نظام انفر جوكسا الذي حكمها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى رحيله في 1985. وابتعدت عن يوغوسلافيا في الأربعينيات، ثم تقربت من الاتحاد السوفيتي حتى أواخر الستينات، ثم تحولت تجاه الصين.
وفى أواخر التسعينات، عاد إلى ألبانيا نصف مليون مواطن من أصل ألباني هربا من كوسوفو جراء حملة الاضطهاد الفظة على أيدي قوات الأمن الصربية. وما زال 2 مليون ألباني يعيشون في كوسوفو، إضافة إلى مئات الآلاف في مقدونيا والجبل الأخضر. ويقدر أن 2 مليون ألباني يقيمون في الولايات المتحدة وسويسرا وألمانيا واليونان وايطاليا.
في التسعينات، وبعد إدخال نظام تعدد الأحزاب، عاشت ألبانيا تطورات سياسية هائلة، لكنها وقعت وسط انهيار النظام الاقتصادي المركزي. وعلى عكس السياسة، عانت البلاد من بطء نتائج مساعي إعادة تنشيط اقتصادياتها المنهارة.
وهنا ظهرت السياحة كأهم أداة للانتعاش الاقتصادي. فيقول جنت ماتى، صاحب شركة سياحية، ل"آي بى اس"، أن السياحة أصبحت "أفضل الفرص وأكثرها تحديا". وبدوره، يؤكد جمال ماتو، مدير رابطة حماية البيئة، أن السياحة "هي فرصة ألبانيا الاقتصادية والتنموية الوحيدة، فلا نكاد ننتج شيئا".
وأعرب ماتو في حديث ل "آي بى اس" عن قلقه تجاه حالة البيئة التي واصلت تدهورها منذ 1991. وقال "افتقرت ألبانيا إلى التشريعات المناسبة على مدى التسعينات، فسارع رجال الأعمال بتحقيق الربح، واستغلوا الفراغ القانوني وبثوا الفوضى من خلال عمليات البناء".
وشدد الناشط البيئي الذي يتنقل بدراجة بين 200 ألف سيارة تجوب شوارع العاصمة وتعدادها 750 ألف نسمة، شدد على أن عملية التنمية تجرى أسرع من تحديث القوانين وأن "تدمير البيئة يفوق سرعة توعية الأهالي".
هذا وقد زار ألبانيا في العام الماضي نحو 900 ألف سائح، عشرهم من اليابانيين، وبذلك وفقا لإحصائيات برنامج التنمية التابع لمنظمة الأمم المتحدة الذي يساهم في الجهود الألبانية من خلال برنامج لتطوير السياحة البيئية والثقافية. لكن العائد السياحي لا يتجاوز 3،8 في المائة من الناتج المحلى.
وأخيرا، شرحت لورين بوهاكتا، من برنامج الأمم المتحدة للتنمية في حديث ل "آي بى اس"، أن "55 في المائة من 914،046 زائر في العام الماضي كانوا من أصل ألباني وقدموا من بلاد مجاورة مثل كوسوفو ومقدونيا والجبل الأسود، لزيارة ذويهم أو ذهبوا إلى الشواطئ".