تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة .
بدأت الحكاية حيـن قرأتُ عن بلدة هندية جميلـة ولـدت عند بحيرة ..! كانـت الصورة فاتنة فعـلا .. وحولهـا البيوت المتناثرة والأضـواء الباهتـة .. نسيـتُ اسمهـا .. مرّت السنين ولكنها ظلـت في خـاطري ..! عرفتُ لاحقا أن اسمهـا " نينيتـال".!
اسمهـا لـه رنينٌ خـاص .. أليس كذلـك ؟!
وأخيرا .. قررتُ زيارتهـا .. لكنها بعيـدة .!
هكـذا حدثتني نفسـي ..
وكنـتُ ميّـالا لأحاديث نفسي ..!
لكني أردتُها أن تكـون مغامرة صغيـرة .. مجرد مغامرة صغيرة .. أتتبع فيها خطى المغامرين .!
مغامرة على قدّي ..
فقط لأعيش الإحساس بالتجربة .! نوع من الاقتراب من ذلـك العالم الملهـم.!
قطـعتُ تذكرتي إلى نيودلهـي ..
بتاريـخ 25/9/2015م .!
أقلـعت طائـرتي في العاشـرةِ صباحـا.. ألصقُ وجهي بالنافذةِ الصغـيرة .. تبتعـد البنايات والعمارات والشوارع الفسيحـة سريعـا .. يجـلسُ بقربي مسنٌ عراقـي .. وجهه مألـوف .! يطـلبُ مني خدمـات بسيطـة .. وأكـون مسرورا بتلبيتهـا .!
عبرنـا البحـر إلى القارة الهنديـة .!
نقتـرب مـن نيودلهـي ..
ألمـح معبد اللوتس البهائي بهندستـه الفريدة ولونهِ الناصـع البيـاض .!
وهبطنـا .. كـان المطـار مهندمـا ومنظمـا .. تمر الإجراءاتُ بسـلاسـة .. لكنّ الموظفـين كـانوا جادين جدا .. ومتجهمـين .!
ومـا أن تفتـح البوابـات الخارجيـة للمطـار .. حتـى يعود كل شيء لطبيعتـه .! الهند التي نعرفهـا..
الفوضوية والأصوات المتداخلـة والروائح النفاذة وأبـواق السيارات .. أرتبـكُ قليـلا .!
وكأني كنتُ في بوتقـة مفرغـة من الأصـوات ومعقمـة .. ثـم تنفجـر فجـأة .. لتكتشـف عالمـا آخر .!
هـو العالم الحقيقي الذي يعيش فيـه الناس ..
كشكٌ صغير ينظـم حركة التكاسي .! أحجزُ سيارة بسعـر محدد وننطـلقُ إلى وسطِ المدينـة .!
نصـلُ الفندق بعد نصـفِ ساعـة ..! يستقبلني سيخي معمّم .. يؤدي التحية العسكريّة .! بنوع من الاستعراض الأجـوف ..
يتهافـت الموظفـون لفتـح البـاب للقادمِ الجديد .
المبالغـة في الترحيـب يأتي بنتائـج عكسيّـة.!
أستلقي على السرير .. مستغرقـا فـيما هـو قـادم .!
كيـف سأصـلُ لوجهـتي .!
إلى ولايـة أوتارخنـد (Uttarakhand) ..
إلى نينيتـال (Nainital) ..!
أخرجُ لأتجـول .. الجـو حارٌ كبـلادنـا .!
درجة الحرارة تلامس الأربعين مئوية .!
أجلـس في اللوبي قليـلا .. ولا أصـلُ لنتيجـة .!
أعـودُ لترددي المرهـق فكريا ..
تراودني نفسي بفكـرة معدّلـة .. ما رأيك أن تبقى هنا في دلهـي متجـولا في معالمهـا التاريخية .. وكـان الطُعم أن أزور مدينة أغرا .. حيث تاج محـل .!
لكني أزيح هذا الخاطر البائس عن بالي ..!
أستيقـظ في السادسـة صباحـا ..
جهـزتُ حقيبتي ونـزلـت .. عند باب الفندق يعبرُ سنجـابٌ صغير .. يصـدرُ صوتـا عذبـا قبـل أن يختفـي فـي الشجـرةِ القريبـة .. لا يلقي بـالا لأجهـزة كشف المتفجـرات عند بوابـةِ الفندق .! تفاءلـتُ بحضـوره المبهـج .! لمحـتُ كشكـا صغيـرا للتكاسـي ..
تصطـف السياراتُ البيضـاء بأحجامهـا المختلفـة .. لكن إحداهـا تروق لـي .. تويوتا صغيرة ونظيفـة .. وجديـدة بالمقاييس الهنديـّة .! فكّرتُ بأنهـا سيتكـون وسيلتي للوصـول لنينيتـال .!
السائقـون يلمّعون سياراتهـم لتبدو أكثر جاذبية ..
لكنّ " الأرباب " وهو المخول الوحيد في التفاوض معـي كـان في الحمام الملحـق بالكشك.! فهمتُ أنه يستحـم .! خرج بعد عشر دقائـق متبختـرا وعاري الصدر .. يـلف وسطه بفوطـة بيضـاء .. وبكرش متدليـة .!
وفـي السابعـةِ والنصـف كـنت في الطريـقِ إلى نينيتال!
جلـستُ بثقـة على الكرسـي الخلفـي للتويوتـا المختـارة .! لـم ألتفـت لأولئـك الذيـن تزاحمـوا عند بابهـا لوداعـي الزائـف .! ينفخـوك لتنتفـخ جيوبهـم وبطونهـم .! أجـدُ هـذا الاستعـراض مزعجـا .!
وفـي الثانية والنصفِ وصلنـا ..!
سـت ساعات منهكـة .. كان الطريق طويـلا وشاقـا.!
مررنا بعشراتِ البلـداتِ والقـرى .. رأيـتُ مساجـد ومعابـد وأضرحـة .. ووجـوه أنهكهـا الفقـر وتكافـح لأجـلِ الحيـاة .! وابتسـاماتٌ تبـدد اليـأس .!
أكثـر ما يزعجـني فـي الهنـد أبـواق السيـارات .. هي لغـة التفاهـم بين السائقيـن .! وتلـك الفوضـى المنظمـة التي تبسـط سلطتهـا على الشـوارعِ خـارج نيودلهـي .. وأحيانـا في دلهـي نفسهـا .!
في الواحدة وثمـانِ دقائـق شـاهدتُ الجـبال للمـرةِ الأولـى .. ذلـك يعني أننا نقتـرب .!
رحلـة الصعود استمـرت لساعـة وربـع .! انعطـافـات وانحنـاءات .. وهنـا تكـون الحاجـة أكبـر لأبـواق السيـارات .! كـان الطـريق الجبـلي إلى نينيتال ممتعـا .. نمر فـوق الأوديـةِ السحيقـة .. والغابـات والقـرى البعيـدة المتناثـرة بـلا تنظيـم .! أدهشـني البسطـاء الذيـن يصعـدون لقراهـم مشيـا على الأقـدام .. بعضهـم يحمـل مؤنـا فـوق ظهـره ..! عنـدها خجـلتُ من نفسـي حيـن أشتكـي من طـول المسافـةِ وأنا المرتـاح في سيّارة مكيّفـة .!!
وأخـيراً وصلنـا .. لمحـتُ البحيـرة العجيبـة .. بحيـرة نينيتال والمسمـاة " Naini Lake " ..! والتي ترتـفع 2000 متر فـوق سطـح البحـر .! تخيلتهـا كمتعبـدة فـي محـرابِ صـلاة .. لا تلتفـت لأصـواتِ السيارات .. ولا للباعـةِ الجائليـن .. ولا حتـى للقادميـن إليهـا .. الذين قطعـوا المسافـاتِ لأجلهـا.!
ولا للمتاجـرين باسمهـا .. لا تلتفـت لنـا جميعـا .. لا تقطـع صـلاتهـا لأجلنـا .! لكن لهـذه البحيـرة سحـرها الخـاص .. لا يمكنـك تفسيـره أو التعبيـر عنـه .! تشعـرُ وكـأنها تختصـك بنظراتهـا .. بعطفهـا .. تشعـرُ بهـا وكـأنهـا لـك وحـدك .. ما عليـك سـوى أن تنـصت لهـا .. تلتـزم الصمـت .! ستجدهـا وقـد ملأت قلبـك.!
أتخيل المدينـة بلا سيـارات .. أتخيلهم وقـد منعـوا السيارات والدراجـات .. وجعلوهـا مدينـة للمشـاةِ فقـط .! كـم سيكـون ذلـك رائعـا .!
مررنا بالفنادقِ المطلة على البحيرة .. لا تبـدو مغريـة
أحدهـا مظهـره ملفتا .. أعجبنـي طرازه الخارجـي .. إطلالتـه المباشـرة علـى البحيـرة .! كـانت الغرفـة مناسبـة حجمـا وسعـرا .. لكـنّ نظافـة الفنـدق لـم تكن بالشكـل اللائـق .. ذلـك لا يهـم الآن .!
نـزلـتُ مسرعا .. أخـاف أن يفوتنـي شيء منكِ.!
تعجبنـي ألـوان القـوارب الخشبيّـة السابحـة في البحيـرةِ بـلا ضجيـج .. تصلني الضحكـات من بعيـد!
أتجـول حـول البحيـرة .. يتزاحـم الناس حولهـا .. أنصـتُ لقـرع الأجراس من معبـد على الضفةِ الأخرى.. أداعـب الكـلاب المستلقيـة بوهـن تحـت ظـلال الأشجـار المعمّرة ..! ينادي عليـك أصحاب القوارب المزركشـة الأنيقـة .. يغرونـك بجـولة ممتعة في البحيـرة .. لكنهم لا يلحـّون .. يتوقفـون ما أن تتجاوزهـم شاكـرا .! أقتـرب من البقعـة المسمـاةِ النذلـة .! يقـال بأنهـا تهـاوت فجـأة وقتـلت العشـرات.. كـان ذلـك فـي زمـن قديـم..!
اليـوم تبـدو متماسكـة .. وتصطـف فوقهـا الأكشـاكُ الصغيـرةُ والمطـاعم .! ويفترشهـا الباعـة القادميـن من القـرى البعيـدة .! تبـدو ملاحهـم وكـأنهـم غربـاء على المدينـة.! وجوههـم التـي أنهكهـا الفقـر لا تمنعهـم من مداعبـةِ الصغـار ..! ترتسـم على وجوههـم ابتسـامات صادقـة! ما أجمـل الابتسامـة حيـن تكـون معفيّـة من الضرائـبِ والمصالـح المزدوجـة.! يجتمـع السيّـاحُ عند المسـاء في هـذه الساحـةِ .. يحجـزون أماكنهـم على العـازل الحديـدي ويثرثـرون .. ويلقـون بقطـعِ الخبـز للأسمـاك التي يبـدو أنها تعـودت هـذا التـرف المسائـي .! تصـطفُ القواربُ بقـرب بعضهـا .. وتذكـرني بفينيسيـا .!
يتهـافـتُ النـاس عليهـا .. وأنا معهـم .! نقطـعُ تذاكـرنا متمنيـن أن يحالفنـا الحـظ في المركـب الأجمـل والأكثر بهرجـة وأناقـة! أجـلس وحيـدا في آخرِ القـارب ويوجهـني السائـق العجـوز الذي يـؤدي عملـه بالكثيـر من الروتينية بأن أرتـدي ستـرة النجـاة! أمتثـل للتوجيهـات ونبحـرُ برشاقـة متخطـين القـوارب القادمـة والذاهـبة! يجدّف صاحـبي بهمـّة عاليـة ! أتـركُ الكاميـرا جانبـا وأخلـو مـع نفسي قلـيلا! إحسـاس جميـل أن تطفـو فـوق بحيـرة على ارتفـاع 2000 متـر! المساء يلقـي بظـلالـه على البحيـرة باكـرا .. بفعـلِ الجـبال العاليـة ! يمحنا ذلـك نوع من الاسترخـاء! والرومانسية لو شئتـم .. ستجـدون ذلـك منعكسا على وجـوهِ الناس ونظـراتهـم ..! لكنهـم ومع ذلـك يخجلـون من مشاعرهـم .! لا يعبـرون إلا قليـلا .. أحيانا تعلـو أصوات المحتفليـن والمبتهجـين! والعشـاق لكنها سرعـان ما تخبـو! لكنّ الشمعـة تظـل مشتعلـة .. نارٌ هادئـة .!
عيونٌ لامعـة ونظـراتٌ ولهـى!
تغيـبُ الشمـسُ أخـيرا .. وتضيء المدينـة ألوانهـا الشاحبـة .! يتـركُ الناس الممشى ليمارسـوا هوايـة أخرى .. وهي التجـوال بيـن المحـلات المتشابهـة في شكلهـا ومضمونهـا .! نظـرة عابـرة على كـل حـال !
صبـاح اليـوم التالـي .. وقـعتُ في مأزق صغـير!
اكتشـفتُ أنـه يوم الأحـد .. وجميـع المصارف مغلقة! والفنادق لا تبدّل العمـلات .! مـاذا سأفعـل ولـم يمكـن في جيبـي سـوى مبلـغ بسيـط .. بالكـادِ يكفينـي .! فكّرتُ كثيـرا .. وفي النهايـةِ قررتُ تحويلهـا لمغامـرة صغيـرة .! متناهيةِ الصغـرِ ربما
لكني كـنتُ سعيدا بهـا .. أخرجـتُ كل الروبيات التـي كـانت بحوزتـي .. جميعهـا حتـى العمـلاتِ الصغيـرة التي لا ألتفـتُ لهـا عـادة .! سيكـون لهـا وزنهـا ليـوم واحـد على الأقـل.! قمـتُ بحسبـة صغيـرة
عليّ أن ألتـزم بخطـةِ التقشـف التي قررتهـا! سيكـون الصرف بحسـاب .. كان عليّ التأكد من مـدى التزامـي بالخطـة مرات عـدّة لكي لا أوقـع نفسي في الحرج مـع الآخـرين .. سأقضي يومـا مختلفا قليـلا .!
سأكتشـفُ مكـانا آخـر .. ولن يكلفنـي ذلـك روبية واحـدة! سأتجـولُ على الضفةِ الأخرى من البحيـرة.!
ألمـحُ أطيافـا عابـرة .. سرعـان ما تتوارى خـلف الأغصـانِ المتدليـة! هنـاك وجـدت الفرصة مواتيـة لأكـون وحـدي .. لأدنـدن ألحـانا قديمـة.. لأغنّي.!
أمنـح صوتـي حريـة التعبيـر.. يا اللـه .!
أتوقـف عند معبـد هندوسـي أحمر اللـون .. من النافـذةِ ألمـحُ كاهنـا يرتدي نظـارة كبيـرة علـى وجهـه! ويردد تراتيـل بصـوت مرتـفع .. لكـنه يقـاوم رغبتـه فـي معرفـةِ الواقـف بقربِ النافـذة .. لا يلتـفتُ لـي .!
فكّرتُ بأنّ عـليّ الانتظـار حتـى يرفـع رأسـه ناحيتـي!
سرعـان ما استسلـم لفضـوله.. رفـع رأسـه بهـدوء وما أن فعـل حتـى تركـتُ موقعـي .!
ومـرتِ السـاعات خفيفـة ومفعمـة بالحيـاة.!
انـزويـتُ جانبـا .. عددتُ ما تبقـى لديّ مـن مـال .!
كـان كافيـا لأركـب التلفريـك .. ولعشـاء خفـيف.!
كـنت قـد حددتُ موقـع التلفريـك مسبقـا .! تأكـدتُ من قيمـةِ التذكـرة ثانية وثالثـة! الزجـاجُ العـازلُ يمنـعُ التقـاط صـور مناسبـة.! يرافقنـا موظـف في رحلـة الصعودِ والنـزول .. يبدو معتـادا على هـذه المهنـةِ التي تجعلـه يقضـي أيامـه معلقا بين الأرضِ والسمـاء! يديـرُ المرافـق ظهـره للركـاب ليكمـل قراءة الصحيفـة! لـم تكـنِ المنـاظـر في الأعلـى جذابـة كمـا توقعتهـا .! الأشجـار العاليـة تحرمنـا رؤيـة البحيـرة .!
كـان ذلـك مخيبا للآمـال .. وبالقرب من التلفريـك ألعـاب للصغـار تبـدو في غيرِ مكانهـا ..
على الجـانبِ الآخـر بيت مسقـوف بالقصديـر الصدئ .! وسيـدة تنشـرُ غسيلهـا بألوانـه الزاهـية على الحـبل المتدلي قريبـا من حافةِ المنحدرِ السحـيق .. تنادي على أخرى لكـي تساعـدها.! إنهـم فقـراء كمـا يبـدو .. بقـرة تهـرب من صاحبهـا و تدخـلُ منطقـة تواجـد الزوار فيسـرع لإعـادتهـا .! الزريبـة هـي الأقـرب لنقطـةِ وقوفـي .. لكني لا أتمكن من تحديدِ عدد البقرات التي يملكونهـا .؟! سـألتُ نفسي .. هل هـم فقراءُ فعـلا .؟! بالمفهـوم الواسـعِ للفقر.! عندمـا يأتي المساء ستظلـم الدنيا وسيعـود كل العاملين إلى بيوتهـم.. وتتوقف مدينة الألعـاب الصغيرة والبائسـة عن العمـل .. ويعـم الصمـت الأعـالي .!
كـيف يقضـون لياليهـم .؟! بودّي لـو أستمعُ لحكاياتهـم .. عن الغاباتِ والأرواح والجنيّـات .!
وهـم يتسامـرون في الليـل ..
بودّي لـو أفهمهم بلا ترجمـان .! أحس بالوجـع كامـلا وبالنكتةِ مشبعـة .!
فـي طريـق العـودةِ كان بقربـي مسنٌ هندي .. يلتقـط صورا بهمـة مراهـق .. لا يتـركُ لقطـة أو مشهـدا يفلـتُ منـه .! ربما يكـون في الستين أو السبعيـن! لكنـه يحملُ على ظهـره حقيبـة كأي رحـالة شـاب.! شـاهد اهتمـامي بـه .. ابتسـم لـي وأرانـي صـوره التي التقطهـا .! كـان سعيـدا بهـا كطفـل .! سألني عن رأيي بهـا ..
طـار فرحـا حين قلـتُ لـه بأنها جميـلة .!
بحسبـة بسيطـة .. ما تبقى لديّ من ميزانية سيكفيني لعشاء خفيـف بدون بخشيش .! بحـثت جيدا بين الوجبـات وأخيـرا عـثرتُ عليهـا .!
البـنوك تفـتحُ عند العاشـرةِ فقـط ..! وأنا كنتُ قد صحـوتُ مبكـرا كالعـادة .. كـانت فرصـة مثاليـة للجـلوسِ في الشرفـةِ المشتركـة .. جـلستُ على الكرسي المقابـلِ لبابِ غرفتـي .. أطـلّ على البحيـرة والجـبال التي تحتضنهـا.! لقد اعتـدتُ على وجـودي في نينيتـال .. أكمـل رواية " كافكا على الشاطـئ " لهاروكي موراكـامي ..!
في العاشرة وأربع دقائق كـنتُ عند بابِ البنـك! مبنى عادي جدا .. ولا يوحـي بالثقـة .!
لكنه منظـم ومرتـبٌ فـي الداخـل .. يتجـول في الردهـة رجل أمن مسلـح .. يحمل على ظهره بندقية بفوهتين .! ذلـك يعني أنّ من سيحـاول سرقتي سيواجه برصاصتين بـدلا من واحـدة .!
غادرتُ البنـك محمـلا بعشراتِ الآلافِ من الروبيات.! أتلفـتُ حولـي لعلـي أشتبـه بأحدهم يلاحقـني .. لا أحد يهـتمُ لي.!
لقـد عدتُ ثريـا .. بالأمـس أنفقـتُ آخر خمسين روبية في جيبـي .. وهـا أنا اليـوم أحمـل في جيبـي 46000 روبيّـة.!
كان طريق الصعـودِ إلى قصـرِ " Raj Bhavan " ممتعـا .. يمر بمحـاذاةِ البحيـرة .. نزدادُ ارتفـاعا وتزدادُ البحيـرة اتسـاعا وجمـالا .. وقبل أن يكتمل المشهد تتوارى خلـف الظـلال .! لا يمكنني مشاهدة البحيـرة من باحـة القصر .. يبلغني موظـف بأن علي اللحـاق بمجموعة سياحية يرافقهـا مرشـد .!
أركض لألحـق بهـم .. كانـوا هنـودا وبالتالـي كـانت الجـولة بالهنـدية .. ربما ظنني هنديـا .!
على العمـوم لا شيء يدعـو للأسف .. لا أظن بأنه قد فاتني الكثيـر .! فهم لا يسمحـون إلا بدخـول غرفتين عنـد مدخـلِ القصـر .! كـان الشـرح مستفيضـا لأشيـاء أجدهـا عاديـة .. كرسي خشبي هنـا وناب فيل هنـاك .. وتمثال عند الركـنِ وآنيـة مزخرفـة فـي منتصـفِ الغرفـة.!
وهـذا كـل شـيء ..!
بقيـة الجـولة كـانت في حدائـق القصـر .. شوية إضافات ورتـوش .!