حياكم مع سلسلتي الرمضانيه
لنفهم تفسير بعض أيات القرآن الكريم
ونستفيد من عبرها
نبدأ معاكم
السلسلة الرمضانية (1)
قال تعالى عن الوليد بن المغيرة ( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ) المدثر 26
وقال تعالى عن ابى لهب ( سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) المسد 3
حكم الله - عز وجل - على هذين الرجلين بالنار وهم فى حياتهما ، وقد سمعا القرآن يتلى بهما ، وكان بأمكانهما يسلما ، ولكن علم الله فوق كل شىء ، وفعلاً ماتا ولم يسلما ، فأما الوليد بن المغيرة فهو والد خالد بن الوليد ، أستغرب نزول الدعوة على محمد ولم تنزل عليه وهو من سادة قريش وأغنى أغنيائها
وأما ابو لهب فهو عبد العزى بن عبدالمطلب وهو عم النبي عليه الصلاة والسلام سماه أبوه عبد المطلب بأسم ( أبو لهب ) لوسامته وإشراق وجهه ، ولكنه كان أول من جهر بعداوته للإسلام وأهله .
تأكيد من الله - عز وجل - لنبيه عليه الصلاة والسلام بأنه سبحانه حافظه من الناس ، ودعاه للتفرغ لتبليغ الرسالة ونشر الدين ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قبل هذه الآيه يُحرس ، فلما نزلت الآيه الكريمة ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ ) صرف الصحابة عن حراسته ، فلم يمسه أذى بعدها أبداً رغم المحاولات الكثيرة من أعدائه بتسميمه وقتله ، وكان موته عليه الصلاة والسلام على فراشه .
دخل مع سيدنا يوسف عليه السلام السجن فتيان ، أُعجبا بفعل سيدنا يوسف مع السجناء فكان يعود المريض منهم ، ويفسح المجلس للكبير منهم ، يقضي ليله فى عبادة الله وحده ، فتقربا منه ثم سألاه عن رؤيا لكل واحد منهما :
تريث سيدنا يوسف ولم يجبهما ، فقد وجد لديهما الإستعداد لتوحيد الله -عز وجل - فشرح لهما توحيد الله وألا يشركا بعبادة الله أحدا ، وبعد فترة فسر لهما الرؤيا فقال تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام :
( أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ..)
ولاحظ أدب الأنبياء ، ( أما أحدكما ...) مراعاة شعور الآخرين ، فلم يقل أنت ستُقتل وأنت ستنجو ، بل جعلها مبهمة لكي لا يحزن ذاك الرجل .
أول معركة يخوضها النبي عليه الصلاة والسلام ، إنها بدر الكبرى ، معركة المفاجآت ، وقعت فى رمضان عام 2 هـ وكان عدد المسلمين 300 تقريبا وعدد الكفار ألف منهم 200 فارس لا يشق له غبار ..
معركة غير متكافئة ، لذا دعا النبي مستغيثا ربه فجاء الرد من الله (أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)
ثم جاء من الله - عز وجل - النعاس الذى عم الجميع فناموا ليستعيدوا قوتهم ، وقد أحتلم بعض الصحابة فأجنب وفى الصباح حضر الشيطان واعظاً : كيف تدخلون معركة وأنتم جنب ؟ فرد الله كيد الشيطان وأنزل مطراً طهر به المسلمين ، وشربوا وشربت دوابهم ، أما الكفار فقد كان المطر سبباً فى تعطلهم عن المسير ، قال تعالى:
( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ) الأنفال 11
ربط الله على قلوب المؤمنين وثبت أقدامهم فأنتصروا رغم قلة عددهم .
قال تعالى (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ) الزخرف 11
ينزل الماء من السماء بأمر من الله تعالى وبقدر دقيق محسوب من كل النواحي ، ليحيي بلدة ميتة ، بلدة سرية تحت التربة ، متوقفة حياة سكانها إلا بنزول المطر ، لتنبض الحياة والحيوية بها ، أعداد كبيرة من البكتريا فى التربة تتحول لشفرات جينية ميته تبقى ساكنة بالتربة بسبب عدم نزول المطر لفترات طويلة وحين ينزل المطر تدب الحياة ، فتبدأ عمليات إنتاج النتروجين ، ويتكون السماد ، ويحيا النبات ، وتبدأ الحشرات والنمل بعمل مساكنها ، فى منظر مهيب وعجيب تنقلب بلدة بكاملها كانت ميته الى بلدة تنبض بالحياة والحركة ، وفى ختام الآية يذكر الله - عز وجل - الإنسان بأن عودته للحياة بعد الموت ماهو إلا عودة الفعالية لشيفرته الوراثية الموجودة فى التربة بأمر من الله تعالى .
قال تعالى ( وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) الذاريات 21
كل جزء من جسمك يحوى عجائب تجعلك تقف إجلالاً لخالقك ، لن أحدثك عن عين تحوي ملايين الخلايا لتظهر لك صورة واضحة متكاملة ، ولن أحدثك عن أذن تسمع الصوت وبالأثنتين تعرف إتجاهه ، وعتبة صوت لا تتعداها أذنيك ولو تعدتها فلن تجد للنوم طريقاً ، ولن أحدثك عن 300 ألف شعرة بجسمك ولكل شعرة شريان ووريد وعصب وعضلة وغدة ، لن أحدثك عن ذاكرة بحجم حبة العدس تستوعب أكثر من 60 مليار صورة ، ولن أحدثك عن كل شىء فى جسمك ، ولكنني سأسألك سؤالاً : هل فكرت يوماً كيف ستكون حياتك لو أوكل الله - عز وجل - عمل أجهزة جسمك إليك ؟ بمعنى أنك أنت مسئول عن عمليات الهضم بجسمك ، أو عمليات التنفس مثلاً ، تراقبهم وتتابع أنت عملهم ، لن تجد وقتاً للنوم وإن نمت مت بل لو نسيت شيئاً أنتهيت فسبحانك ربي ما أعظم نعمك علينا قلت وقولك الحق : وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ .
رأى النبي رؤيا فى المنام بأنه دخل مكة وطاف بالبيت ، فأخبر أصحابه بذلك ففرحوا ، بعدها بفتره أعلن النبي بأنه يريد مكة للعمرة ، رغم وجود كفار قريش فيها ، فخرج معه 1400 من الصحابة ، وتحركوا وعندما وصلوا ( ذي الحليفه ) أحرموا بالعمرة ، ولكن الصدمة خيمت عليهم عندما عادوا للمدينة دون أن يدخلوا مكة أو يطوفوا بالبيت ، وذلك بسبب صلح الحديبية ، وأثناء عودتهم دار لغط كبير بين الصحابة ، كيف لا ندخل مكة ولا نطوف بالبيت والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بذلك ، فذهب بعضهم يسأله فقال لهم : وهل أخبرتكم بأنه سيكون فى عامكم هذا ؟ قالوا : لا ، فقال لهم : انكم لتأتونه وتطوفوا به ، وقد تحقق ما رأى النبي عليه الصلاة والسلام عام 8 هـ بفتح مكة دون أي مقاومة وطافوا بالبيت قال تعالى :
لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح 37 .
روى أحمد فى مسنده ، والحاكم فى مستدركه ، عن عبدالله بن بشر الخثعمي ، عن أبيه أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
( لَتُفْتَحَنَّ القسطنطينيةُ، و لِنعْمَ الأميرُ أميرُها، و لنعمَ الجيشُ ذلكَ الجيشُ ) .
والقسطنطينية عاصمة الأمبراطورية الرومانية وقد فُتحت بأمر الله كما حدثنا نبينا الكريم بعد أكثر من 800 سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد فتحها السلطان الغازي محمد الفاتح سابع ملوك بنى عثمان ( الدولة العثمانية ) وذلك عام 857 هـ ، وبسقوط القسطنطينية سقطت الإمبراطورية الرومانية التى دامت 1500 سنة تقريباً ، حتى أعتبر المؤرخون هذا الحدث هو خاتمة العصور الوسطى وبداية العصر الحديث فكان دفعة معنوية كبيرة للمسلمين وضربة موجعة للعالم المسيحي .
روى مسلم فى صحيحه عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إنَّ اللهَ زوى لي الأرضَ . فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها . وإنَّ أُمتي سيبلغُ ملكُها ما زُوىَ لي مِنها . وأعطيتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ ...) .
وعد الله - عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أي أئمة الناس والولاة عليهم ، وقد أتم الله وعده لنبيه فأنه لم يمت عليه الصلاة والسلام إلا وقد فتح له مكة وخيبر وسائر جزيرة العرب ، وأرض اليمن بأكملها ، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام ، وهدى له هرقل ملك الروم وصاحب مصر المقوقس ولكنهما لم يسلما وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة فقد أسلموا ، ثم جاء من بعده خليفته أبو بكر الصديق وتبعه بقية الخلفاء الراشدين ومن جاء من بعدهم من أفراد وحكام حتى فتحوا مشارق الأرض ومغاربها ، والكنزين هما الذهب والفضة وهما كنوز كسرى وقيصر أعظم مملكتين بذلك الوقت ، وقد تحقق ما روى النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه رضوان الله عليهم جميعاً ، أما المسلمين اليوم فنسأل الله - عز وجل - أن يرأف بحالهم ويوحد كلمتهم وينصرهم على أنفسهم أولاً قبل أعداؤهم .
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه بأناس غير موجودين فى عهده وأنهم سيظهرون مستقبلاً وهذه من معجزاته عليه الصلاة والسلام حيث قال :
( صنفانِ من أهلِ النارِ لم أرَهما . قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربون بها الناسَ . ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مميلاتٌ مائلاتٌ . رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البختِ المائلةِ . لا يدخلْنَ الجنةَ ولا يجدْنَ ريحَها . وإن ريحَها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا ) رواه مسلم .
هذان الصنفان لم يظهرا فى عهد النبي ولا الخلفاء الراشدين بل ظهروا بعد ذلك عندما أبتعد الناس عن الدين ، وتفشى ظلم الحكام ، ظهر الصنف الأول الشرط والجنود والأعوان ليقهر بهم الرعية فيزيدوا الظلم ظلماً ، وتحللت النساء من لباسهن فأصبحت تستر جزء وتترك جزء أو تستبدل اللبس الساتر بالرقيق الشفاف ، مميلات يعنى يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، مائلات عن الحق والطريق المستقيم وطاعة الله - عز وجل - يتبخترن بالمشية ويميلن بأكتافهن ويكبرن رؤوسهن بلف العمامة أو العصبة عليها ، وكلا الصنفان لا يدخلان الجنة ولا يشموا ريحها.
إن الناظر لبعض المجتمعات الإسلامية يشاهد تلك الأصناف قد تفشت وصدق رسول الله ، فما تفعله اليهود بالمسلمين اليوم نقطة فى بحر ما تفعله الشرط والأعوان المسلمة فى أخوانهم ورعاياهم ، كذلك ترى من لباس بعض نساء المسلمين ما يعتبر فاضحاً عند نساء اليهود ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
قال تعالى فى سورة الإخلاص :
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) ...)
لماذا قال الله عز وجل كلمة ( أحد ) ولم يقل ( واحد ) ؟ ولماذا لم يضع أل التعريف فى كلمة ( أحد ) كما فعل فى كلمة ( الصمد ) ؟
كلمة ( واحد ) تعنى قابل للزيادة ، بينما ( أحد ) لا يتجزأ ولا يقبل الزيادة ، والله سبحانه أحد لا يقبل الزيادة أو التقسيم ، أما قوله تعالى : ( أَحَدٌ ) بدون أل التعريف فذلك لأنه مسبوق بكلمتين معرفتين ( هُوَ اللَّهُ ) التى جاءتا مبتدأ وخبر لذلك أستغنى عن أل التعريف ، بينما فى كلمة ( اللَّهُ الصَّمَدُ ) فقد جاءتا مبتدأ وخبر ومعرفتين ليتطابقا مع ( هُوَ اللَّهُ ) فى الآية الأولى ، فسبحانك ربي
قال تعالى فى سورة الأحقاف :
( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ )
وقال تعالى فى سورة لقمان :
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن ) .
فالناظر للآيتين يرى العجب العجاب ، فعندما نخصم مدة الفصال ( الرضاعة ) وهى 24 شهراً من ثلاثون شهراً ( مدة الحمل والفصال ) يتبقى ستة أشهر وهى علمياً أقل مدة لكي يبقى الجنين حياً ، فسبحانك ربي.
قال الله تعالى سورة ص يخاطب إبليس اللعين :
( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ) .
خلق الله - عز وجل - الملائكة والجن من العدم بأمره سبحانه كن فيكون ، فلماذا آدم هو المخلوق الوحيد الذي خلقه الله - عز وجل - بيده ؟
أراد الله تمييز آدم عن بقية خلقه لفضله ومكانته عنده ولأنه سيعمر الأرض فقد أختار مادة خلقه من الأرض ، فقبض الله قبضة من جميع الأرض ، فخلق آدم مزيج من تربة الأرض ولذلك جاء بنوه على قدر تلك الأرض فمنهم الأحمر والأبيض والأسود وبين هذا وذاك ، أيضاً بما أن الأرض مختلفة التربة جاء بنو آدم مختلفين ليس فقط الألوان بل أيضاً مختلفين فى الطباع .
وقد ذكر الله تعالى مراحل خلقه لآدم فالتراب والطين والصلصال والحمأ المسنون كلها من تلك المراحل ،
فسبحانك ربي .
قال تعالى للسيدة مريم فى سورة مريم :
( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا )
لماذا أمرها الله - عز وجل - بهز جذع النخلة وهى امرأة على وشك الولادة ، ولماذا لم ينزل عليها الرطب دون الحاجة الى الهز ؟
أراد الله - عز وجل - أن يريها أمرين الأول بأن النصر والتمكين لا يحدث دون بذل الأسباب ، ومثل ذلك إستجابة الله - عز وجل لإستغاثة النبي عليه الصلاة والسلام يوم غزوة بدر فأرسل له ألف من الملائكة يقاتلون معه ، ألا يكفي ملك واحد بجناحه يقضى على المشركين بأمر الله ، ولكنها بذل الأسباب للحصول على النصر والتمكين .
أما الأمر الثاني فهو إرادة الله بأن يريها آياته فتطمئن فالجذع التى هزت بالأصل يابساً ونخر ، وأيضاً الموسم موسم شتاء ليس موسم تمر ، ومع هذا كله يعطي رُطباً طازج ، أنها آيات الله جل جلاله لها لتسكن وتطمئن ، فسبحانك ربي .
قال تعالى فى سورة الحج :
( فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ )
كيف وصف الله - عز وجل أهل هذه القرية ؟ وكيف تعطلت تلك البئر ؟ وما بال القصر المشيد؟
الظلم سبب لهلاك الأمم ، فتلك القرية كانت ظالمة وأستمرت ظالمة ، فأهلكها الله - عز وجل - رغم بقاء آبارهم وقصورهم دون ضرر ، لكن تلك الآبار معطلة ليس كما هو متعارف عليه بأن الآبار تتعطل لجفاف الماء منها ، فالماء وفير ، ولكن بسبب إهلاك الله لأهلها فلا تجد من يشرب من تلك الآبار ، كذلك بقيت قصورهم مشيدة ذات بناء جميل ، بنيت من الجص ، ولكن لا يوجد من يسكن فيها ، فهى خاوية على عروشها .
فكثرة الصالحون المصلحون فى أمة مدعاة لرحمة الله وعفوه وستره لتلك الأمة فى الدنيا والآخرة ، ومجلبة للخير والرزق قال تعالى :
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ )
جلس النبي عليه الصلاة والسلام يوما بين قلة من أصحابه وكان من بينهم أبو ذر الغفاري فقال :
( ليموتَنَّ رجُلٌ منكم بفَلاةٍ مِن الأرضِ يشهَدُه عصابةٌ مِن المؤمِنينَ ) فوقع هذا الحديث فى قلب أبا ذر .
مرت السنين وبينما هو فى الربذة ( شرق المدينة المنورة بـ170 كم ) سنة 32هـ حضرته الوفاة فبكت امرأته فسألها ما يبكيك ؟ فقالت: أبكي لأنى لا أملك ثوباً لتكفينك ، ولا جماعة عندنا يصلون عليك ، فقال لها : لا تبكي ، وذكر لها حديث النبي عليه الصلاة والسلام وقال لها : كل من كان حاضراً حديث النبي قد مات أما فى جماعة أو قرية ولم يبق منهم إلا أنا ، فإذا مت فضعيني على الطريق .
لم يلبث أن مر به ركب من أهل الكوفة بينهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فلما رأى الجنازة سأل لمن ؟ قيل لأبا ذر الغفاري فبكى وتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام فى ابى ذر ( يرحم الله أباذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده ) فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه .
قال الله تعالى فى سورة الذاريات :
( وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )
التنفس عند الإنسان من صور إبداع الخالق عز وجل فى خلقه ، وأحد أجزاء التنفس عند الإنسان هو الأنف فلماذا للإنسان فتحتان للأنف ؟ ولماذا لم يكونا فتحتان بمنتصف الوجه دون بروز عظمي للأمام ؟
خلق الله - عز وجل - الإنسان فى أحسن تقويم ، ومن ذلك بأن خلق له رئتان وخلق لكل رئة فتحة أنف تقابلها لكي يتوازن الهواء الداخل عبر الأنف للرئتان ، يدخل الهواء المحمل بالأوكسجين عبر فتحات الأنف فتتساوى كميات الهواء الداخلة لكل رئة وبالتالي لا تعاني أى رئة من النقص ، ونحن نعلم بأن نقص الأوكسجين عن أي رئة يسبب أمراض على المدى البعيد ، كذلك للأنف وظائف أخرى منها تنقية الهواء الداخل للرئتين ومعادلة درجة حرارته ليناسب الرئتين وجعل فتحتي الأنف للأسفل حماية من دخول أي شىء للأنف فجأة خاصة أثناء النوم وزينة للوجه مثلما جعل له بروز للأمام فأظهر سبحانه مخلوقاً خلقه بيده فى أحسن تقويم ، فما أجمل خلقك يا ربي ، لقد وجد العلم الحديث بأن وجود فتحتين للأنف تساعدان الإنسان على نوم مريح وهادئ ، فعلمنا بأنك سبحانك لم تخلق فينا شيئاً عبثا وحاشاك عن العبث ، تسجد جباهنا لك حمداً وشكرا .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا هلكَ كِسْرَى فلا كِسْرَى بعدَهُ ، وإذا هلكَ قَيْصَرُ فلا قَيْصَرَ بعدَهُ ، والذي نفسي بيدِهِ لتُنْفِقُنَّ كنوزهما في سبيلِ اللهِ ..)
كسرى لقب لكل من ولي مملكة الفرس فى العراق ، وقيصر لقب لكل من ولي مملكة الروم فى الشام ، وقد كانتا أعظم أمبراطوريتين فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد خاف بعض الصحابة إنقطاع تجارتهم مع تلك الأمبراطوريتين إن عرفوا دخولهم الإسلام ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام طمأنهم بهذا الحديث العظيم ، ذلك الغيب الذى فتح الله لنبيه لكي يراه ، وبلغهم بأن تلك الأمبراطوريتين الى زوال ، وسيفتح الله تعالى لهم تلك البلاد وستأخذوا ما بهن من كنوز ، وهذا ما حدث بالفعل بعد ذلك فى عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم رضوان الله عليهم أجمعين .
قال تعالى فى سورة الإسراء :
( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ) .
آية بمعنى علامة ، فآية الليل هى القمر أما آية النهار فهي الشمس ، وقد كان القمر كوكباًً يضيء كما تضئ الشمس ، لقد كان مشتعلاً فأطفأه الله - عز وجل - ومحي ضوءه ، ولكن السؤال : لماذا محي الله آية الليل (القمر) وترك آية النهار ( الشمس ) مبصرة ؟
لقد هيأ الله - عز وجل - الأرض للحياة وأوجدها فى محيط قابل للحياة ومنها آية الليل (القمر) القريب من الأرض فلو كان مشتعلاً لأستحالت الحياة على الأرض ، بينما بعد الأرض عن الشمس جعل منها بعداً آمناً لحياة المخلوقات كلها ولذلك تركها مبصرة رحمة بالناس للبحث عن رزق الله والسعي والعمل كذلك لمعرفة عدد السنين والحساب . فسبحانك ربي .
قال تعالى فى سورة يوسف عليه السلام : (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ .. )
يذكر القرآن الكريم حكام مصر القديمة بلقب فرعون وقد وردت كلمة فرعون فى القرآن أكثر من 73 مرة فلماذا هنا فى سورة يوسف قال تعالى (وقال الملك )؟
بعد بحث طويل قام به الباحثون توصلوا الى أن سيدنا يوسف عليه السلام عاش فى عصر الملوك الرعاة ( الهكسوس )أي مابين عام 1730 الى 1580 قبل الميلاد ، وهم شعوب بدوية من أصول عمورية دخلت مصر من سيناء في فترة ضعف وحكموا مصر أكثر من 100 عام ، ولم يكن سيدنا يوسف عليه السلام فى زمن الفراعنه .