كان ذلك من مجمل التساؤلات أثناء الحديث على مائدة العشاء الليلة الماضية مع تلك العائلة
وكان كل من "ترول فيجن" Trollveggen و "ايارينجر" Geiranger على رأس القائمة
في الصباح وبعد أن تجهزت للرحيل
ودعت كفام وانطلقت
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وخلال مسيري ذاك توقفت لالتقاط بعض الصور
هذه الساحرة لا تكف ابداً عن ابداء مفاتنها
تزدان بكل ما يأخذ بالألباب
فتارة ترتدي الأبيض وتارة الأخضر وأحياناً الأصفر
وما أجملها وأروعها حين تختمر بالأبيض
"اندولسنس" Andalsnes هي المدينة الصغيرة والتي كانت آخر محطة لهذا اليوم
وصلتها بعد العبور بين تلك الجبال العظيمة والتي تجبرك على تسبيح الخالق
فسبحان من أبدع
كان حجزي في "جراند هوتيل بلفيو" Grand Hotel Bellevue والذي بت فيه ليلتي تلك
بعد تناول وجبة الإفطار في الصباح التالي
اتجهت مباشرة نحو "ترولفيجين" Trollveggen او ما يسمى بحائط ترول Troll Wall
ترولفيجين هذا يعتبر أعلى جرف في أوروبا على الإطلاق
فعلاً حين تراه، كأنه حائط طبيعي ضخم
اتضح حين وصولي إليه، أن المشي حتى تلك القمة قد يتجاوز الخمس ساعات
طبعاً وفي تلك البرودة القارصة، لست صاحبها وليست هي صاحبتي
كان البديل الصعود في "ترولستيجن" Trollstigen
ترولستيجن هو عبارة عن طريق متعرج شديد الالتواء
في أعلاه يوجد شلال "ستيجفوسين" Stigfossen والمركز السياحي
كان المركز السياحي مغلق، فهو لا يفتح في فصلي الخريف والشتاء
واما الممشى والذي يطل بك على الشلال وأعلى الطريق فهو متوفر
وربما لو كان في بلد آخر أعرفه، لأغلق هو أيضا
.
.
.
تابعت المسير وفي نفس الطريق ولكن باتجاه "ايارينجر" الآن
وبعد فترة من الزمن صاحت رفيقتي كعادتها وبدون إنذار أن اركب العبارة
وصلت مكان العبارة ولم تكن موجودة
ولكن كان باستطاعتي رؤيتها عند تلك القرية في الشاطئ الآخر
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
خلال انتظاري لها أخذت أصور ما أشاهد حتى أقبلت
بعد أن نزلت من العبارة وقد أخطأت في الطريق لوهلة
كما تشاهدوه في الفيلم عند الدقيقة 24:20 تماماً
واصلت الاستمتاع بما اشاهد من مناظر خلابة
وقبل وصولي إلى ايارينجر مباشرة شاهدت هذا الشلال
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1283.
ومن ثم كان هناك مطل رائع يمكنك من مشاهدة كامل الزقاق البحري
والذي ينتهي بقرية ايارينجر
أخذت بالنزول إلى تلك القرية خائضاً كل تلك التعرجات والشبيهة
بصاحبتها ترولستيجن
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1341.
وهنا لا يأتي أحدكم ويقول إن هذه الطرق شديدة الوعورة وغاية في الخطورة
كلا، إن عبورها غاية في المتعة
لا تكل ولا تمل منها وتتمنى تكرارها
وإن كان هناك خطر فهو من عند أنفسنا فقط!
وذلك إن كنا نريد أن نتبع نفس أسلوب القيادة المتهور والذي نعاني منه جميعا
تجد أحدهم حين يصعد إلى الطائف مثلاً ، يحرث الهدا حرثا
معرضاً نفسه وكل من يستخدم الطريق لشتى أنواع المخاطر
وعند وصوله لأعلى الهدا توقف ليشرب شيء من الشاي أو القهوة!
عبرت القرية بعد وصولي إليها ومن ثم أخذت بالصعود مرةً أخرى
ثم التقطت صوراً لها من الجانب الآخر
أكملت الصعود في تلك الجبال والتي يشبه عبورها الأحلام
لو تلبي رغباتك بالتوقف عند كل جميل، لما عبرتها في أيام!
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
كنت كذلك حتى بلغت مفترق طرق أحدهما يأخذ بالنزول والآخر يصعد الجبل
شاهدوه عند الدقيقة 24:43
قلت يا ترى إلى أين يؤدي هذا الطريق وسلكته!
وأول ما رأيت هو ما يبدو مكان لتحصيل تذاكر الدخول، ولكنه كان فارغا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
ثم أخذت بالصعود والحاد جداً تلفني الغيوم!
لم أكد أرى شيئاً
أمطار شديدة وأنا حرْفياً داخل السحب!
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
انتهى بي المطاف في مطل "دلسنيبا" Dalsnibba الشهير
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
وظهر الآن لِمَ لمْ يكن هناك أحد عند مكان تحصيل التذاكر
هم لا يعملون إلا في أشهر الصيف والربيع
لقد كانت الغيوم تحيط بالمكان تماماً
لا يمكن أن ترى شيئاً البتة
تنظر إلى الأسفل فكأنك ترى الأرض ملاصقة للسياج وتريد أن تطأها بقدميك
لم تكن في الحقيقة إلا السحب
لا بد لأحدهم أن يجرب المشي على السحاب
عاودت النزول مرة أخرى وباتجاه اوسلو
لا زال سحر الطبيعة يعمل في كل كياني
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1352.
أثناء مواصلتي السير
مررت بقرية "فوسبريقوم" Fossbergom العجيبة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
مبانيها من الخشب البني الداكن
تنظر إليها وكأنك تشاهد مكتباً من الخشب الفاخر!
وبعدها بقليل شاهدت هذه البحيرة
اللون الفيروزي لمياهها ذكرني بانترلاكن
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
انترلاكن السويسرية
هي أجمل بقعة شاهدتها عيناي في كل المناطق التي عبرتها في القارات الأربع
هي المتربعة على عرش ذاكرتي
هي كذلك حتى شاهدت جبال النرويج هذه!
هما الآن يتنافسان وبقوة على الصدارة في مخيلتي
كنت أسير في هذه الجبال وأقول إنه الخريف، فكيف بها في الصيف!
هل يا ترى تتصدر القائمة لو زرتها في الصيف؟
لا أستبعد ذلك أبدا
إن السير في الطريق النرويجي ذا الرقم الثلاث وستون Norwegian County Road 63
والذي يتجاوز طوله المائة كيلو متراً بقليل
هو المفتاح لسبر شيء من ابداعات الخالق في هذا الكون
مروره بتلك الأزقة البحرية ورؤية تلك القرى على جانبيه
بقممه الشاهقة ومنحدراته السحيقة
ببحيراته وشلالاته
بصعوده ونزوله وبكل تعرجاته
يمثل ملاذا سياحياً من الدرجة الأولى للباحثين عن الجمال الطبيعي
فلو أردتُ أنا الاستجمام لفترة
لاخترتُ المكوث لأسبوعين على أقل تقدير أتنقل بين عجائب هذا الطريق!
حل عليّ المساء وبتلك الأجواء الغائمة
تذكرت أضواء الشمال واستحالة رؤيتها الآن
إما بسبب الغيوم أو لبعدي عن الشمال
تبقى قرابة الثلاثمائة كيلو متراً وأكثر من الأربع ساعات إلى اوسلو
لم أقف
واصلت السير
كان هناك بصيص من الأمل أن ارى ثغرة في السماء
أستطيع من خلالها أن أرى تلك الأضواء إن أمكن
كنت أعبر مناطق يكاد سحرها يتجلى حتى في الظلام
ولكن سحر تلك الأضواء كان أشد
كان بصيص الأمل ذاك يقودني حتى وصلت اوسلو
حجزت في فندق انكر Anker Hotel
وأنا على السرير سبح بي بصري إلى خارج النافذة
كنت أشحذ ذهني لاستشف موقعي على هذا الكون
افتح عيني أكثر قليلاً.. ثم أكثر.. ثم أكثر، وكأني أريد أن أخترق بهما حيطان الغرفة
كنت كذلك حتى استيقظ عقلي تماماً
أوووه… أنا في أوسلو!!
استعنت بالله وتجهزت ليومي الجديد
تجولت قليلاً في اوسلو والشبيهة نوع ما بصاحبتها هلسنكي
وانطلقت ميمماً صوب امستردام العاصمة الهولندية
وضعت الاحداثيات في جهاز الملاحة وأطلقت العنان لرفيقتي لتختار الطريق
لم استغرق إلا أقل من الساعتين في الأراضي النرويجية
ثم بعدها رحت اخترق الجنوب الغربي من ارض السويد
وذلك حتى بلغت مدينة هلسينجبورج "Helsingborg"
والتي صدرت الأوامر لركوب العبارة منها إلى مدينة هلسينجور "Helsingor" الدنماركية
واعجبني هنا صورة من القوقل ايرث أوردها لكم
تظهر العبارة محملة وهي تحاول الرسو في ميناء هلسينجور
والعديد من المركبات والشاحنات بانتظار رسوها وتفريغها ليعتلوا سطحها
لم يتجاوز مكوثي في الدنمارك الأربع ساعات
بلغت فيها مدينة رودبيها "Rodbyhavn"
والتي منها ركبت العبارة إلى جزيرة فيمان "Fehmarn" الالمانية
حجزت في فندق ستراند "Strandhotel" في نويا تيفا "Neue Tiefe" على تلك الجزيرة
ولأصل إلى هناك عبرت بورغ اوف فيمان "Burg auf Fehmarn"
وهي مدينة صغيرة جداً مع أنها الأكبر على تلك الجزيرة
الشارع الرئيسي فيها لازال مرصوفاً بالحجارة!
تشعر فيه و بمتاجره بجو القرية وبساطتها، أعجبني كثيرا..
وصلت الفندق والذي كانت أبوابه مقفلة!
طرقت الباب حتى كل متني فلما كل متني كلمتني
عفواً… طرقت الباب فإذا بتلك العجوز والطاعنة في السن تطل عليّ برأسها من النافذة
كانت تخاطبني رافعةً صوتها
وكنت أنا أتفحص عروقها تلك والتي كانت تعيد تشكيل جيدها كلما تحدثت
أخبرتها بحجزي في الفندق
نزلت وفتحت الباب وأرشدتني إلى غرفتي
وماذا عن الباب الخارجي؟ ماذا إن أردت شيئاً من سيارتي؟
كان ذلك تساؤلي لها.. فأزاحت الستار عن الحائط ليكشف عن باب يؤدي إلى الخارج
كانت فكرة الباب جميلة حيث أوقفت سيارتي ملاصقة له!
كانت تلك العجوز تثرثر كثيراً وكنت أجاريها أنا أيضا حتى كان كلينا يتحدث في نفس اللحظة!
كانت تتحدث الالمانية بطلاقة والالمانية فقط
وكنت لا أجيد غير الانجليزية ولغة الإشارة وكان التفاهم بيننا أكثر من رائع!
في الصباح الباكر ودعت ذلك الحي وانطلقت متماً طريقي إلى امستردام
وأذكر هنا وبمناسبة محركات أو توربينات الرياح تلك كما في الصورة الأخيرة
والتي تستطيع مشاهدتها في الكثير من دول العالم حيث تتوفر الرياح
أذكر هنا أن شدة الرياح والتي لامستها هنا في دول الشمال هذه كانت مختلفة عما سواها من الدول
كانت شديدة جداً ومستمرة!
كانت من شدتها تؤثر حتى على المركبات الصغيرة
ولذلك تجد الطرق هنا تحذر السائقين منها
فإن كنت تتجول بسيارتك في هذه المناطق ورأيت هذه الإشارة
فاعلم أن الرياح شديدة وترقب أن ترى بعدها جورب الرياح
فأما إذا رأيته على استقامته هكذا
فهنا يتوجب عليك الحذر الشديد والتقليل من سرعتك ما أمكن
تستخدم سواتر الرياح ما أمكن هنا في هذه الطرق للحد من خطورتها
منها الطبيعي كالشجر أو الصناعي والمكون من البلاستيك أو الخرسانة وغيرها
وأشد الأماكن خطورة هي حين ينتهي ساتر الشجر فجأةً وتكون المنطقة خلفه فسيحة
هنا تشعر احياناً بأن الريح من شدتها قد تقذف بسيارتك جانبا، فتنبه.
أكمل معكم طرق ذلك اليوم حتى بلغت امستردام
كان من المفترض الوصول إلى قلب العاصمة
ولكن مرشدتي تلك أوصلتني إلى هذا المكان!
والذي أدعم فيه الصورة التي أخذتها له بصور من قوقل ايرث
والأطرف من ذلك أنها وفي هذه النطقة بالذات تريد مني الانعطاف يمينا
إلى أين انعطف؟.. إلى الماء!
هل بلغت بك الحماقة إلى هذا الحد؟
أنتِ … وأنتِ … وأنتِ ...
أسمعتها ما يوجعها بالفعل ولجأت إلى رفيقي الدائم الجالكسي نوت
والذي أخذ بيدي مشكوراً إلى قلب امستردام
حجزت في فندق باستيون "bastion hotel" وذهبت إليه
أنوه هنا أن ترجمتي العربية لكل الكلمات السابق منها والاحق والمكتوبة باللغة الانجليزية
هي ترجمة لها كما ينطقها أهل المنطقة وليس كما تقرأ بالانجليزية
تنويه متأخر بعض الشيء!
وصلت الفندق وبعد أن صليت الظهر والعصر وارتحت من عناء السفر نزلت إلى بهوه
قابلت شابين يتحدثان العربية بشيءٍ من الركاكة
كانت لهجتهما الشامية جلية
خمنت أن غربتهما الطويلة قد أثرت على لهجتيهما
ولكن المفاجئة كانت حين علمت أنهما ليسا إلا يهوديان من الأرض المحتلة
والأظرف من ذلك وَقعُ الأمر عليهما حين علما أني من السعودية!
لا أعلم لماذا، ولكن الأمر أربكهما فعلاً وأخذا يجتنبان المكوث بقربي
لم يكونا أول أو آخر اليهود الذين قابلتهم، ولكن ردة فعلهما تلك كانت غريبة!
أعجبني الأمر، ومن باب إن لم أكن سبباً في هدايتهما إذاً أشفِ صدري بهما
أخذت أقترب منهما وأتحدث إليهما وهما في كل مرة يخنسان
كانت أمسية جميلة، كررت الأمر فيها لأكثر من خمس مرات!
يأسا مني بعدها وصعدا إلى غرفتيهما
بعدها صعدت أنا بدوري إلى غرفتي ونمت قرير العين
صباحاً حزمت ما معي من الأمتعة كالعادة وانطلقت إلى روتردام
مضت قرابة الساعة وكنت بعدها أتجول في المدينة
عند رؤيتي لمكان القهوة في الصورة الأخيرة اشتهيت تناول كوباً منها
أي نعم عندي قهوتي ولكن من باب التغيير
ولجت المكان وكأني دخلته في استنبول!
كان مليئاً بالأتراك وكانوا كباراً في السن بما فيهم ساقيهم
كم كانت فرحتهم بي حين علموا أني من المدينة المنورة
شعرت بشوقهم وولههم ولهفتهم لرؤية الديار المقدسة
كانت كالحلم بالنسبة لهم، بل كانوا في أحلام اليقظة
كان ساقيهم ذاك يترجم الحديث لبعضهم فيرتسم الشوق على قسمات وجوههم وتسمع أناتهم
كم أحسست بالأسى على نفسي، فلم أعد أشعر بما يشعرون به
نحن في نعمة عظيمة، ولا نشعر بها
كم من مسلم يتمنى فقط ولو لمرة رؤية الكعبة أو قبر سيد الأنام صلى الله عليه وسلم
ناهيك عن مجاورتهما والسكن بقربهما
طبعاً لا داعي لذكر أن كوباً من الشاي التركي حل محل كوب القهوة وبلا مقابل!
خرجت من ذلك المكان وقبل أن أتحرك بالسيارة أجريت بعض الاتصالات
كنت أنوي زيارة بعض الأصدقاء في انتروب "Antwerp" ببلجيكا لا سيما وأن المسافة قريبة جداً
قدر الله ولم يجب أحداً منهم على اتصالاتي
كانت بلجيكا في المخطط لزيارة الأصدقاء فقط
أما الدولة فقد زرتها مرتين من قبل فإذاً لا حاجة لي بها
تبقى أسبوع كامل على رحلتي هذه فأين أذهب؟
كل الدول المحيطة بي الآن تمت زيارتها من قبل
وكان القرار أخيراً، العودة إلى براغ مروراً بفرانكفورت التي لم أشاهدها من قبل
أكملت جولتي في روتردام وناولت رفيقتي راية القيادة إلى فرانكفورت
تم الحجز في فندق اتاشي "Hotel Attaché" وكانت الغرفة في أعلاه
أكثر ما كان يميز هذا الفندق هو قربه من العديد من المرافق والأنشطة واهمها سوق سكاي لاين بلازا
أما موظف الاستقبال فقد أبدى ترحيباً وحميمية ندر أن شاهدتها في غيره من الفنادق
استغربتها من الماني! ولكنه كان على نفس الوتيرة حتى غادرت الفندق
بعد أن انتعشت قليلاً أخذت أتجول في السوق والأماكن المحيطة به
عدت إلى الفندق وكانت تلك الفتاة ذات الثامنة تتحدث إلى موظف الاستقبال ذاك
كانت في غاية الظرافة وكانت طليقة اللسان
كان يتحدث معها بالانجليزية ولم تكن إلا نزيلة في الفندق
أخذت أتحدث معها وألاعبها حتى أحسست بالجوع
دلني الرجل اللطيف على المطعم المقابل للفندق تماما
كان مطعماً هندياً وكان أكله جيد جدا
بعد ذلك وعندما هممت بالنوم
سمعت صوتاً أشبه بمرور مدرعة بالقرب مني
سمعت هذا الصوت سابقاُ عند وصولي الفندق وأثناء استحمامي
بعد التحقق لم يكن هذا إلا صوت المصعد إذا وصل للدور الأخير حيث أنا
وبسببه أذكر أني رأيت الساعة وهي تشير إلى الواحدة صباحاً!
جلست من النوم فزعاً، لهج لساني بالذكر وجحظت عيناي وحتى الدم تشنج في عروقي
ولكن والحمد لله ما لبث أن هدأت نفسي
إنه ذلك المصعد اللعين!
تظن حين تسمعه أن حرباً قد أسعرت
لا حاجة أبداً للمنبه هنا
فأنت ستستيقظ لا محالة مع أول مستخدم لذلك المصعد
استعنت بالله على يومي ذلك وتجهزت للرحيل
كنت استمع وبإنصات وبشيء من المتعة لذلك المصعد وأنا في انتظاره
فتحت بابه ووضعت حقيبتي وإذا بذلك الصوت الرقيق والذي أعرفه يصيح
انتظر، انتظر رجاءً
لم تكن إلا فتاة الثامنة تلك، تجري ووراؤها حقيبة ظهرها وتحمل في يدها دميتها
أبقيت الباب مفتوحاً مرحباً بها حتى بلغت بدورها المصعد حيث وضعت يدها على الباب
وقالت وابتسامتها الجميلة تلك على محياها: انتظر رجاءً، فأمي قادمة
أقبلت والدتها الأربعينية تحمل وبجهد حقيبتاها وبادرتني بالشكر
تبادلنا الحديث سريعاً على أنغام ذلك المصعد
عبرت لها بداية عن جمال ولطف ابنتها تلك وكم هو مشوق الحديث معها
ضحكت مؤيدةً رأيي ثم بادرت بسؤالي من أين أقبلت؟
قلت لها من السعودية سائلاً إياها إن كانت قد سمعت بها
تهللت أساريرها مباشرة وقالت نعم أعلم بها ونحن مسلمتان أيضا!
نحن من كرواتيا ونعيش هنا في المانيا
ابنتي هذه تحفظ الشيء الكثير من القرآن!
لم أتمالك نفسي حتى طبعت قبلة على جبين تلك الفتاة
كم أسعدني سماع قولها ذاك ولكني في الحقيقة شعرت بشيء من الأسى أيضا
تساؤلات سريعة عن مستقبل تلك الفتاة الديني بالذات مرت سريعة بذهني
ثبتهم الله وصرف عنهم الفتن
ودعت الجميع بما فيهم موظف الاستقبال الرائع ذاك وانطلقت أسبر غور الطرق
لم يكن الوقت بعني لي شيئاً الآن، فأنا عائد إلى براغ
استمتعت ايما استمتاع وأنا أغيظ رفيقة سفري في طريق العودة هذا
لا أعود إلى الطريق الذي ترشدني إليه حتى أغادره إلى غيره
كنت وإياها كذلك حتى بلغت براغ
وصلت إلى حيث يسكن ابني ياسر والذي بدأ بإعداد طعام العشاء
كانت الكبسة هي سيدة السفرة وبجانبها شيء من المكرونة
تناولا نحن وصديق ابني البرتغالي طعام العشاء
ثم تسامرنا طويلاً وكان مجمل الحديث عن هذه الرحلة وما صادفته فيها
في صباح اليوم التالي أخذت أتجول في قلب المدينة حيث تواعدت وياسر للقاء فيه بعد انصرافه من الجامعة
وأثناء تناول الطعام في أحد المطاعم دار بيننا الحديث التالي
- بابا انت رجعت بدري، مو رحلتك يوم ثلاثين؟
- إيوا
- طيب اليوم دوبنا 24، إيش ناوي تسوي؟
- والله ما أدري، بس أشوف يمكن أقدم السفر
- طيب إيش رايك، بكرا سبت، ما ينفع نروح هنا ولا هنا؟
- والله يا ولدي إنتا أدرى ببراغ، أنا معاك محل ما يعجبك
- براغ ايه يا بابا، أنا قصدي نسافر اليومين هذي، نروح نشوف بلد جديد
- إنتا رايك كذا!
- إيوا ليش لا؟
- فين يعني؟ كل الي جنبنا رحته
- رحت سلوفاكيا؟
- لا
- هنغاريا؟
- لا، بس أنا في بالي رحلة لدول شرق أوروبا لحالها إذا أراد الله
- طيب يلا استفتح بكرا ونقص منهم دولة ولا اثنين
- والله ما عندي مانع
- خلاص بعد ما نرجع البيت نجهز أغراضنا والصباح نحرك
- خير إن شاء الله
لم تبلغ الثامنة صباحاً حتى كان كل منا على مقعده في السيارة وانطلقنا
كان الهدف الأولي هو الوصول إلى براتسلافا "Bratislava" عاصمة سلوفاكيا
وذلك مروراً ببرنو "Brno" وهي أكبر مدينة تشيكية بعد العاصمة
وإن كان هناك متسع من الوقت سنواصل حتى نبلغ بودابست العاصمة الهنغارية
وصلنا مدينة برنو وتجولنا فيها قليلا
بعد ذلك انطلقنا إلى براتسلافا العاصمة السلوفاكية
تجولنا في براتسلافا وصعدنا وهبطنا فيها حتى أيقنا أن الوقت داهمنا
وما تبقى منه لا يكفي للذهاب إلى هنغاريا
فكان القرار هو أخذ طريق العودة ولكن مرورا بالشمال الشرقي الهنغاري
وتحديداً مدينة زيلينا "Zilina" لنكمل الدائرة
حجزنا في فندق بنزيون كاميليا "Penzión Kamélia"
وبعد وصولنا إليه وبعد أن ارتحنا قليلاً من عناء السفر ذهبنا سيراً إلى قلب المدينة
كان كل شيء مقفل تقريبا
لم يكن هناك غير بعض الحانات وما شابهها
الشوارع والمباني وحتى حركة الناس في قلب زيلينا هنا
يغمرك بشعور القرية أكثر من كونك تتجول في مدينة
دعة الناس هنا تشعرك بالأمان
وهذه ثاني دولة من دول شرق أوروبا بعد التشيك أشعر فيها بالأمان
وذلك مخالفاً لما كنت اظنه عن هذه الدول
أما براغ والتي أعرفها جيداً فهي في رأيي أكثر أمناً من معظم العواصم الأوربية الشهيرة!
طبعاً حديثي هذا قبل ظهور عدائهم المتنامي للإسلام والمسلمين عليهم من الله ما يستحقون
في الصورة الأخيرة تلك نشاهد أطلال الحدود بين سلوفاكيا والتشيك
وذلك قبل انضمام كل منهما للاتحاد الأوروبي
أتممنا طريقنا إلى براغ بما فيه من وقفات ومشاهدات وتصوير
أذكر هنا أن أكثر ما يعجبني في هذه الدول من الطعام هو الخبز
تنوعه وهشاشته والمحافظة على إبراز الجديد منه بالإضافة إلى طعمه اللذيذ
في معظم أيام رحلاتي وجبة الغداء هي عبارة عن تشكيلة من هذا الخبز مع علبة من اللبن الرائب
أضع كيس الخبز مفتوحاً على المقعد المجاور وعلبة اللبن بين فخذاي!
فتخيل وأنت تمتع حواسك الخمس في نفس اللحظة وأثناء القيادة!
ملمس الخبز ثم غمسه في اللبن ورائحته الزكية وطعمه اللذيذ وسماع صوت تكسره بين طواحنك
وزيادة على ذلك أنت تشاهد إبداعات الخالق في كونه
هل توافقوني على ذلك؟
لقد جن جنون ياسر حين أخبرته بعدم توفر الوقت لتناول الطعام في أحد المطاعم
ولقد استهجن الفكرة تماماً معللاً قوله بجوعه الشديد
توقفت عند أحد المتاجر وأخذت تشكيلتي من الخبز وعلبة واحدة من اللبن
مع رفض ابني الشديد ومحاولاته البائسة
عدنا إلى السيارة وقد ملأ ياسر كيسه بمختلف الأجبان والمرتديلا والخضار وأنواع السلطات والمقبلات!
كان يعد شطائره وهو يتمتم وكان يأكلها وهو كذلك ولم يسكت حتى هدأ جوعه
كاد صدري ينفجر حينها وأنا أخفي ضحكي
ولما هدأ سألته أن يتذوق معي شيء من الخبز واللبن
لم أتوقع ردة فعله
لقد أعجبه كثيراً، بل وكان هو من يبادر إلى الأمر في سفرنا بعد ذلك!
الحمد لله الذي أراح فخذاي من التشبث بعلبة اللبن تلك
أتركم الآن مع تتمة صور العودة تلك إلى براغ
ذهبت في اليوم التالي إلى مكتب يوروب كار لأعيد السيارة لعدم حاجتي إليها بعد الآن
كان الإيجار ينتهي في اليوم الثالث من شهر نوفمبر واليوم هو السابع والعشرون من أكتوبر
أشارت موظفة المكتب بأن احتفظ بالسيارة وخاصة أن ما سيعاد إليّ من مال لا يكاد يذكر
قررت الاحتفاظ بالسيارة وتسليمها لياسر عند مغادرتي ليعيدها هو عند انتهاء الفترة
وهنا اعترض الموظف والذي استلم السيارة بحجة أن السيارة بحاجة إلى الصيانة الدورية
فما كان من الموظفة إلا أن ابدلتها بأختها البيضاء وانطلقت
حاولت وابني في اليوم التالي اعداد بعض اللقطات لاستخدامها في انتاج الفيلم
لم ينل أي منها استحساني ولم أضع منها شيء في الفيلم
قضيت يومي الأخير متجولاً في براغ
وختمه ياسر بإعداد الكبسة الشهية
في الثلاثين من أكتوبر حان وقت المغادرة
أقلعت بي الطائرة إلى استنبول
كانت أكثر من سبعة عشر ساعة تفصلني عن الرحلة التالية والمتجهة إلى ينبع
هذه السويعات نويت فيها زيارة استنبول التي لم أشاهدها من قبل
كانت صدمتي كبيرة في أخلاق وتعامل الموظفين في المطار!
لم يعكس تعاملهم أبداً التوجه السياحي المزمع للبلد
ظننت بدايةً أنّا نحن الخليجيين فقط المعنيين بذلك
ولكن من مراقبتي للأمر وجدت ذلك التعامل المتعالي والسيء مع الجميع وبلا استثناء!
ذكرني فعلاً بموظفي الجوازات لدينا قبل أكثر من عشرين سنة
خارج المطار لم يتحسن الأمر كثيراً
هل هي استنبول فقط أم هي هذه جلافة الأتراك بشكل عام؟
قبل سويعات فقط ظننت أن موظف التفتيش في مطار براغ يستجديني بعض المال
وذلك من فرط أخلاقه وأدبه وهو يسألني وضع حقيبتي على الجهاز الكاشف!
المعاملة والمعاملة ثم المعاملة هي أول المؤشرات عن مدى نجاح رحلة ما
حتى ولو فوجئت مثلاً بخلو بلد ما من المقومات السياحية، ولكنك قوبلت بشكل حسن
فمعرفة أهل تلك البلد والاختلاط بهم ومعرفة عاداتهم وتقاليدهم يعتبر مكسباً ثمينا
والعكس صحيح تماماً
فأي طبيعة أو طعام أو أي تسوق أو لهو يمكن الاستمتاع به والوجوه المكفهرة تحيط بك من كل مكان؟
لا...لا…لا...
ليس هذا ما أبحث عنه
وعلى العموم هذا رأي مستنبط من بعض سويعات قضيتها في عاصمة آخر خلافة إسلامية!
قد أكون مخطئاً، وقد أكون أنا السبب والله أعلم
بعد تجولي قليلاً في المدينة احتجت لبعض الراحة وتجديد النشاط
حجزت في فندق إليات وورلد بيزنس "Elite World Business Otel" لقربه من المطار
اغتسلت وأديت صلاتي وعادت حيويتي ثم انطلقت إلى المطار
سويعات بعدها حتى كنت وبفضل من الله بين اهلي وأطفالي
مهلاً…
هل انتهت الرحلة هنا؟
هل خطر ببالكم أني نسيت ولو لوهلة جمال ورونق أضواء الشمال تلك؟
هل تظنون أن سحرها وبكل بساطة قد انفك وزال عني هكذا؟!!
.
.
.
بطاقة شحن اتصال بمائة ريال
لأول من يذكر الدقيقة المناسبة من الفيلم للصورة أعلاه
خطرت لي فكرة العودة إلى أقصى الشمال وأنا في براغ
يجب أن أرى تلك الأضواء مرة أخرى
لم أرتوي منها بعد، إنها في مخيلتي كالحلم
حتى أني هممت بحجز تذكرة في حينها إلى التا مباشرة، ولكني كسلت!
قد يكون التعب والإرهاق من تلك الرحلة الطويلة هو السبب وخاصة أني حديث عهد بالوصول
ما يهم في الأمر أن قرار العودة قد أتُخذ ولم يبقى إلا إقرار متى وكيف
قرأت واطلعت كثيراً، وتفحصت الأمر من كل جوانبه
وكان شهري أكتوبر ومارس هما أفضل الأوقات لتصوير الأورورا كما ذكرت آنفاً
وبما أني قد نلت حظي من شهر أكتوبر فشهر مارس هو خياري الآن
أربعة أشهر فقط تفصلني عن تلك الأضواء، كنت أراها فترة طويلة جدا
ابتعت كل ما أحتاج من الملابس والداخلية منها بالذات والتي كانت من صوف المارينو
وأخص بالذكر هنا الملابس الداخلية الطويلة والتي تغطي كافة الجسد
من لسعه برد الشمال ذاك يعي ما أقول جيدا
لن تكون هذه الرحلة كسابقاتها
فالهدف هنا هو تصوير أضواء الشمال وليس التنقل من مكان إلى آخر والبحث عن جمال الطبيعة
لذا كنت أفضل أن تكون هناك رفقة
ويا ترى من سيقبل بأن يتعرض لمثل هذه الأجواء لأجل تصوير مالا يعلمه؟!
جرى اتصال هاتفي مع ياسر أطلعته خلاله على مخططي
انبرى كعادته برغبته في مصاحبتي في سفرتي هذه
ولكن رجاؤه كان ينصب في تقديم موعد الرحلة إلى شهر فبرابر حيث يتمتع بإجازته
أخبرته بأن الأمر لن يكون يسيراً لتلبد السماء بالغيوم في هذه الفترة
لكنه أصر وبدوري كنت أود أن يكون أبني في رفقتي
وتم الأمر على ذلك
تم اختيار استكهولم العاصمة السويدية لتكون محطة الوصول واللقاء
وذلك لرخص الأسعار وبالذات إيجار السيارات فيها مقارنة بالنرويج
والأهم من ذلك هي قربها من التا، فهي أقرب العواصم الثلاث هنا من التا
تم حجز الرحلة وكانت في التاسع عشر من شهر فبراير ذهاباَ والعودة في السادس من الشهر الذي يليه
بالطبع كانت الخطوط التركية هي خياري الأول لإقلاعها من مطار ينبع مباشرة
ينبع-استنبول-استكهولم كان مسار الرحلة ذهاباً وبراغ-استنبول-ينبع إيابا
ولم يتبقى الآن إلا انتظار موعد الرحلة
قبل موعد الرحلة بعشر أو خمسة عشر يوماً لا أذكر، زارني من مكة نسيبي تركي
أو كما نسميه عرفاَ بعديلي
اطّلع تركي على أفلام رحلتي الأولى وانبهر من مشاهدة تلك الأضواء
فأخبرته بعودتي بعد أيام إلى نفس المكان فأبدى فوراً رغبته بمصاحبتي
عاد بعدها إلى مكة المكرمة على أن يتجهز للسفر بدوره
حان موعد السفر لكلينا أنا وياسر
أما تركي ولحظه السيء لم تنتهي تأشيرته بعد!
وفي ليلة السفر علمت من الخطوط التركية بإلغاء الرحلة!
لقد أغلق مطار استنبول بسبب العواصف الثلجية!
تم الحجز بعد جهد في الواحد والعشرين من نفس الشهر أي بعد الموعد الأصلي بيومين
وكان موعد الوصول إلى مطار ارلاندا بإستكهولم بعد الحادية عشراً صباحاً بدقائق
وذلك أفضل من سابقه والمفترض به أن أصل في الرابعة والنصف عصرا
وصلت وبفضل الله سالماً إلى مطار ارلاند، أما ياسر فقد بات ليلته تلك في استكهولم
لقد وصل إليها حسب الموعد الأول
تقابلنا في المطار وأخذته بالأحضان وبمشقة!
كان يحمل حقيبتا ظهر، إحداهما على ظهره والأخرى على بطنه وثالثتهما في يده
لقد كان هو بمثابة حقيبة متحركة
زد على ذلك ارتدائه بنطالاً فضفافضاُ من النوع التركي والذي ابتاعه من تركيا
فلك أن تتخيل منظره!
تلك واحدة من اللحظات التي ندمت على عدم تصويرها
ركبنا الباص إلى مكتب ايفس واستلمنا السيارة وانطلقنا
وقبل أن نغادر المطار شاهدنا الفندق الطائرة الشهير
بسبب تأخر عديلي تركي عن اللحاق بنا
قررت وياسر الذهاب إلى أقصى الشمال الفنلندي وتأجيل الذهاب إلى التا إلى أن يصل تركي
وللحقيقة كنت أرغب كثيراً بمشاهدة أضواء الشمال وتصويرها من أقصى الشمال الفنلندي
لا سيما أن نفس خط العرض يمر بكل من التا ونورقام "Nuorgam"
نورقام هذه تعتبر أبعد قرية في الشمال الفنلندي على الحدود مع النرويج
قرأت عنها وعن مدى تفضيلها لتصوير هذه الظاهرة
ولكن ما يعيبها هو أنها نائية جداً عن أقرب مدينة لها
وأن الشخص لا بد له أن يشتري ما يلزم من طعام وغيره قبل أن يصل إليها وذلك حسب ما قرأت
لم تمض سويعات منذ أن غادرنا استكهولم إلى الشمال حتى أخذت درجات الحرارة بالتدني
طبعاً هذا ما نشاهده في مؤشر السيارة، أما ونحن بداخلها فلم نكن نشعر بشيء
لم نكن نقف إلا للتزود بالوقود أو لشراء القهوة وما شابهها
كان السير حثيثاً وباتجاه الشمال وكنت أنا من يقود السيارة
وهذه إحدى عيوبي فأنا لا أطيق السفر إلا وأنا من يقود السيارة
لم نبت ليلتنا تلك إلا وقد تجاوزنا خليج بوثنيه "Gulf of Bothnia"
بتنا في قرية ايفرتوناي "ضvertorneه" والتي تقع بالقرب من الحدود الفنلندية
نزلنا في فندق تورني داليا"Hotel Tornedalia"
عند باب الفندق وجدنا شابين ذوا لهجة شامية تبادلنا التحايا معهما ثم سألانا التريث
قاما بالاتصال بأحدهم ليتم اجراءات الحجز لنا وطلبا منا الذهاب من الباب الخلفي!
انطلقنا إلى داخل الفندق واستقبلتنا الموظفة عند بابه وأخذت ترشدنا إلى غرفتنا والتي كانت في آخر الممر
لم يطل بنا الأمر كثيرا حتى كنا نغط في النوم
كان إقلاع طائرة ينبع في الثالثة إلا ربع صباحاً، يعني لم أنم ليلتي تلك
ومن ثم القيادة لأكثر من أحد عشر ساعة وقطع أكثر من ألف كيلومتر
لقد كنت أنام أثناء القيادة على حد قول ابني باسر
كانت ذقني تلامس صدري ولثواني في كل مرة على حد زعمه
وكان هو متحفزاً على الدوم لأخذ زمام المبادرة إن انحرفت المركبة عن مسارها
دعونا منه فهو مبالغ، فلم أسمع منه هذه القصة إلا وهو يحدث والدته عن الرحلة!
صباح اليوم التالي استيقظت قبل أن يستيقظ من أدعى زوراً وبهتاناً (كما أظن) أني كنت أنام أثناء القيادة!
استبقت ياسر إلى غرفة الطعام التي أرشدتنا إليها موظفة الفندق بالأمس
كانت غرفة صغيرة جداً تحتوي على ثلاث طاولات فقط على ما أذكر على الرغم من حجم الفندق
أخذت كوباً من القهوة ورحت أتسكع عند بوابة الفندق حتى يأتي ياسر
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
تناولنا افطارنا ومن ثم استعدينا للرحيل
ذهبت بدوري لأجد في هذا الفندق بهوه أو المكان الذي سأدفع فيه
قابلت شابين آخرين حيث أرشداني إلى صالة الطعام في الفندق!
عبرت البهو وإذا به الكثير من الرجال والنساء جلوساً ووقوفا عبروا بأعينهم معي إلى صالة الطعام
دخلت صالة الطعام وإذا بها ممتلئة!
هدأت أصواتهم وصوبت أعينهم نحوي نساءً ورجالا
كانوا عرباً مسلمين
معظم النساء هنا يتوشحن السواد
تنبهت من ذهولي وألقيت السلام
أتاني فوراً ردٌ جماعي مزلزل كدت أطلق معه ساقيّ للريح
أعقبه مباشرةً شتى أنواع التحايا والترحيب
يا إلاهي، لم يكونوا إلا اللاجئين السوريين
خصص هذا الفندق بأكمله لهم
نجوا من السفاح بشار ووقعوا في براثن الغربة في هذه المنطقة النائية القارصة البرد
يبدو عليهم جلياً الملل والكآبة والرتابة في الحياة
ليس هنا ما يفعلوه ولا يوجد أين يذهبوا
أعانهم الله على من ظلمهم وعامله بما يستحق
ركبت السيارة بعد أن دفعت حساب الفندق وعلامات التعجب على محيا ياسر من طول الوقت الذي استغرقته
شرحت له الأمر وانطلقنا صوب نورقام
عند خروجنا من القرية لفت انتباهي نهر تورني "Torne River" عند عبوره وهو مكسوٌ تماماً بالثلج
قلت سأجرب المشي عليه فلم أفعل ذلك من قبل
أوقفت السيارة ونزلنا منها ومشينا إلى النهر
رحت أنزل عبر ضفته حتى أصل إليه
وما هي إلا خطوتان حتى غصت إلى أكثر من منتصفي في الثلج
أصابني هلع شديد ورحت أتخبط في الثلج محاولاً الصعود مرة أخرى
وكنت أتفوه ببعض الأصوات والكلمات التي لا معنى لها
كاد حينها أن يغشى على ابني ياسر من شدة الضحك أهلك الله عدوه
لم تفارقنا الغيوم طوال هذا اليوم ليله بنهاره
فنحن محاطون بالبياض من كل مكان، من فوقنا ومن اسفل منا وعن يميننا وشمالنا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
توقفنا في الطريق وابتعنا كل ما نشاء من الطعام تحسباً للأمر كما قرأت
وصلنا نورقام مساءً ونزلنا في نورقامن لوماكيسكوس "Nuorgamin Lomakeskus Ky"
وهو فندق يحتوي على العديد من الأكواخ بالإضافة إلى الكوخ الكبير والذي يحتوي على ردهة استقبال وصالة طعام!
يعمل في الفندق رجل وامرأة وشاب وشابة ظهر لنا أنهم عائلة واحدة ولم نتأكد من ذلك
يحتوي الكوخ الذي نزلنا فيه على غرفة نوم وصالة بها مطبخ وحمام أكرمكم الله
استيقظنا صباحاً وبعد أن صلينا أعد ياسر طعام الإفطار
تناولنا إفطارنا الشهي وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث
لوهلة شعرنا بشيء من الملل!
ماذا سنفعل خلال هذا اليوم بأكمله في هذه المنطقة النائية؟
ما جئنا من أجله لا يتم إلا مساءً، فماذا عسانا أن نفعل الآن
وجدنا هذه الزلاجات عند باب الفندق
أخذنا نلعب بها، نتزلج بها تارة ويدفع أحدنا الآخر بها تارة أخرى
وهي في الأصل كما علمنا لاحقاً الأداة التي يستخدمها أهل المنطقة عوضاً عن الدراجة الهوائية
كان الجو شديد البرودة وكانت درجة الحرارة قد بلغت قرابة العشرون تحت الصفر
لكن لم يكن أمامنا ما نفعله، ثم رأينا ذلك الرجل يعد عربة خشبية والتي تقطرها زلاجة ثلجية تعمل بالوقود
العربة تتسع لأربعة أشخاص، فما كان مني إلا أن سألته ويداي في جيبي عما يفعل
أخبرني أن مجموعة من ثلاثة أشخاص نزلاء عندهم سيأخذهم في رحلة
طبعاً بلا تردد سألته عن نوع هذه الرحلة
توقف عن العمل وأخذ يشرح مستعجلا وبلكنته تلك عن طبيعة هذه الرحلة والتي لم أفهم منها شيئاً غير صيد السمك
ما أن أتم حديثه حتى طلبت منه الانضمام لهذه الرحلة
قال إن تكلفة الرحلة هي مائتين وعشرون يورو للشخص، فوافقت
حك رأسه ثم ذهب ونادى الشاب الآخر والذي قام بدوره بتجهيز الزلاجة والعربة الأخرى
وعلى الرغم من جودة ما نلبس إلا أنهم ناولونا لباساً يغطي كامل الجسم يقي من الرياح وخوذة وقُفّازات
كانت المجموعة الأخرى عبارة عن شابين وفتاة أتوا من إحدى الدول المجاورة للصين لا أذكر اسمها
أتوا إلى هنا لمشاهدة وتصوير تلك الأضواء كذلك
بعد أن جهزنا ركب كل منا عربته وانطلقنا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
وفي الصورة أعلاه نرى نورقام خلفنا
عبرنا خلال مسيرنا القفار والفيافي البيضاء
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وكنا نقف بين الحين والآخر نشاهد ونصور
وأيضاً ليرتاح دليلينا قليلاً من قيادة هذه الزلاجات والمتعبة جداً
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هل يرتدي هذا قُفّازاً أم ثعلباً بأكمله!
أما أنا فلم أعلم حقيقة البرد إلا اليوم
رغم كل ما أرتدي ورغم كل الاحتياطات إلا أن التعرض للرياح في مثل هذا البرد القارص شيء لا يحتمل
المكان مقفر تماماً وكأنك في صحراء النفود أو الربع الخالي إلا أن اللون مختلف
ورحت أقارن محدثاً نفسي بين صحارينا وهذه الصحاري البيضاء
كيف لو تاه أحدهم هنا؟
يصمد أحدهم اليومين والثلاثة وربما أكثر في صحارينا حتى يموت من الجوع والعطش
أما هنا وحسب ما رأيت، لا أخال الرجل يتم يومه
سيموت من البرد لامحالة
ريح شديدة ولا يوجد ما يسترك منها
أعاذ الله الجميع
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
تلك كانت حيوانات الريندير والمتوفرة في هذه المناطق بكثرة
يتم صيدها والانتفاع من لحومها وجلودها
أكملنا مسيرنا حتى بلغنا مكاناً فسيحا
علمنا لاحقاً أنه ليس إلا بحيرة مجمدة
توقفنا وبدءا يجهزان بعض المعدات ثم قاما يحفران في الجليد بعض الحفر للصيد
كان هناك الكثير من سنانير الصيد الغريبة الشكل والقصيرة جداً
أخذ كل منا سنارة والقمها الطعم والذي لم يكن إلا اصطناعياً وبدئنا الصيد
(تستطيعون مشاهدة ذلك عند الدقيقة الخامسة من الفيلم)
كنت الوحيد الذي امسك بالسمك ذلك اليوم
امسكت بثلاث سمكات عظام لا يتجاوز طول إحداها أصبعي
كنت أمسك الواحدة وأصيح بصوتي أمسكت واحدة أمسكت واحدة
ثم أعيدها إلى الماء!
أحضر ذلك الرجل رقعة من جلد حيوان الريندير ذاك لأجلس عليها
كم هو عجيب عزلها لبرودة الثلج تماماً، فسبحان من خلق
بقينا قرابة الساعتين في هذه المنطقة ثم تجهزنا للرحيل
سارا بنا لفترة حتى بلغنا ما يشبه الخيمة ولكن من الخشب
فرحنا جميعاً فأخيراً هناك شيء يصد الريح عنا
ثم بدءا منظما الرحلة بإشعال النار والتي ستغمرنا بالدفء قليلا
بعد ذلك أخذا يعدان شيء من الطعام
قدما لنا شربة خضار ساخنة جداً لم أفرح بها في حياتي كما فرحت بها اليوم
كما وقدما بعض شطائر الجبن وشراب أعشاب ساخن لذيذ
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
تجدد نشاط الجميع وعاد الدفء إلى أجسادنا
أخذنا نلعب ونلهو ونصور
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1153.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
حان بعد ذلك وقت العودة إلى نورقام
تجهزنا وركب كلٌ عربته وانطلقنا عائدين
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
بعد عودتنا طلبنا قيادة تلك الزلاجات
وبالفعل أخذنا قرابة الساعة نتجول بها
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
كنت أظن أن قيادتها سلسة ومريحة، فأنت تتزلج على الجليد
لكن اتضح العكس تماماً
فهي تنحرف يمنة ويسرة، ولا بد من كبح جماحها
وذلك فعلاً مجهد
بعدها شاهدنا تلك الأحذية الكبيرة ذات النسيج الشبكي الشكل
والتي تحمي من يلبسها من الغوص في الثلج
ارتديناها وأخذنا نمشي فيها
آه لو كانت معي عند ذلك النهر
ثم رأينا عصي التزلج والتي ارتدينا أحذيتها ثم لبسناها عليها
تزلجت بها وبجدارة قرابة العشرة أمتار
ولم أقع على الأرض خلالها بتاتاً إلا أربع مرات
أما ياسر فكان على دراية بها
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وفي المساء علمنا أنهم يعدون وجبة العشاء من لحم الريندير
فطلبنا أن يعدوا طبقين لنا أيضا
ذهبنا إلى العشاء وحمدت الله كثيراً أن قد تجهزنا من قبل بكل أصناف الطعام
أما طعام هؤلاء وبكل انواع المجاملات لا يستساغ.
أخذت كوباً من القهوة وخرجت استطلع السماء
يا الله
ما أعظمك
سبحانك يا بديع السماوات والأرض
ما أجملها وما أروعها
إنها هي أضواء الشمال
عدت إلى الداخل صائحاً
الأورورا… الأورورا
هرع الجميع حينها إلى الخارج وبلا استثناء
وهذا الموقف يتكرر معي الآن واستغرب منه
فمفعول تلك الأضواء يسري حتى على أهل المنطقة
سبحان الله
كان الوقت مبكراً ولم أكن متجهزاً للتصوير بعد، لا من ناحية الكاميرا ولا حتى اللباس
بعفويةً بالغة أخرجت جوالي وأخذت أصور!
ولكن تخيلوا، ظهر شيء منها في الصور
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وكانت كاميرا الفيديو في متناول يدي وأخذت أجرب
وأظن أن لو حاول أحدهم في عز أوجها أي في حالة كونها أكثر من سبع درجات لنجح
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
أما الآن فلا وقت لدي لأضيعه
دعوني أعد نفسي استعداداً للتصوير
استيقظنا صباحاً وبعد أن صلينا أعد ياسر طعام الإفطار
تناولنا إفطارنا الشهي وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث
لوهلة شعرنا بشيء من الملل!
ماذا سنفعل خلال هذا اليوم بأكمله في هذه المنطقة النائية؟
ما جئنا من أجله لا يتم إلا مساءً، فماذا عسانا أن نفعل الآن
وجدنا هذه الزلاجات عند باب الفندق
أخذنا نلعب بها، نتزلج بها تارة ويدفع أحدنا الآخر بها تارة أخرى
وهي في الأصل كما علمنا لاحقاً الأداة التي يستخدمها أهل المنطقة عوضاً عن الدراجة الهوائية
كان الجو شديد البرودة وكانت درجة الحرارة قد بلغت قرابة العشرون تحت الصفر
لكن لم يكن أمامنا ما نفعله، ثم رأينا ذلك الرجل يعد عربة خشبية والتي تقطرها زلاجة ثلجية تعمل بالوقود
العربة تتسع لأربعة أشخاص، فما كان مني إلا أن سألته ويداي في جيبي عما يفعل
أخبرني أن مجموعة من ثلاثة أشخاص نزلاء عندهم سيأخذهم في رحلة
طبعاً بلا تردد سألته عن نوع هذه الرحلة
توقف عن العمل وأخذ يشرح مستعجلا وبلكنته تلك عن طبيعة هذه الرحلة والتي لم أفهم منها شيئاً غير صيد السمك
ما أن أتم حديثه حتى طلبت منه الانضمام لهذه الرحلة
قال إن تكلفة الرحلة هي مائتين وعشرون يورو للشخص، فوافقت
حك رأسه ثم ذهب ونادى الشاب الآخر والذي قام بدوره بتجهيز الزلاجة والعربة الأخرى
وعلى الرغم من جودة ما نلبس إلا أنهم ناولونا لباساً يغطي كامل الجسم يقي من الرياح وخوذة وقُفّازات
كانت المجموعة الأخرى عبارة عن شابين وفتاة أتوا من إحدى الدول المجاورة للصين لا أذكر اسمها
أتوا إلى هنا لمشاهدة وتصوير تلك الأضواء كذلك
بعد أن جهزنا ركب كل منا عربته وانطلقنا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
وفي الصورة أعلاه نرى نورقام خلفنا
عبرنا خلال مسيرنا القفار والفيافي البيضاء
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وكنا نقف بين الحين والآخر نشاهد ونصور
وأيضاً ليرتاح دليلينا قليلاً من قيادة هذه الزلاجات والمتعبة جداً
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هل يرتدي هذا قُفّازاً أم ثعلباً بأكمله!
أما أنا فلم أعلم حقيقة البرد إلا اليوم
رغم كل ما أرتدي ورغم كل الاحتياطات إلا أن التعرض للرياح في مثل هذا البرد القارص شيء لا يحتمل
المكان مقفر تماماً وكأنك في صحراء النفود أو الربع الخالي إلا أن اللون مختلف
ورحت أقارن محدثاً نفسي بين صحارينا وهذه الصحاري البيضاء
كيف لو تاه أحدهم هنا؟
يصمد أحدهم اليومين والثلاثة وربما أكثر في صحارينا حتى يموت من الجوع والعطش
أما هنا وحسب ما رأيت، لا أخال الرجل يتم يومه
سيموت من البرد لامحالة
ريح شديدة ولا يوجد ما يسترك منها
أعاذ الله الجميع
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
تلك كانت حيوانات الريندير والمتوفرة في هذه المناطق بكثرة
يتم صيدها والانتفاع من لحومها وجلودها
أكملنا مسيرنا حتى بلغنا مكاناً فسيحا
علمنا لاحقاً أنه ليس إلا بحيرة مجمدة
توقفنا وبدءا يجهزان بعض المعدات ثم قاما يحفران في الجليد بعض الحفر للصيد
كان هناك الكثير من سنانير الصيد الغريبة الشكل والقصيرة جداً
أخذ كل منا سنارة والقمها الطعم والذي لم يكن إلا اصطناعياً وبدئنا الصيد
(تستطيعون مشاهدة ذلك عند الدقيقة الخامسة من الفيلم)
كنت الوحيد الذي امسك بالسمك ذلك اليوم
امسكت بثلاث سمكات عظام لا يتجاوز طول إحداها أصبعي
كنت أمسك الواحدة وأصيح بصوتي أمسكت واحدة أمسكت واحدة
ثم أعيدها إلى الماء!
أحضر ذلك الرجل رقعة من جلد حيوان الريندير ذاك لأجلس عليها
كم هو عجيب عزلها لبرودة الثلج تماماً، فسبحان من خلق
بقينا قرابة الساعتين في هذه المنطقة ثم تجهزنا للرحيل
سارا بنا لفترة حتى بلغنا ما يشبه الخيمة ولكن من الخشب
فرحنا جميعاً فأخيراً هناك شيء يصد الريح عنا
ثم بدءا منظما الرحلة بإشعال النار والتي ستغمرنا بالدفء قليلا
بعد ذلك أخذا يعدان شيء من الطعام
قدما لنا شربة خضار ساخنة جداً لم أفرح بها في حياتي كما فرحت بها اليوم
كما وقدما بعض شطائر الجبن وشراب أعشاب ساخن لذيذ
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
تجدد نشاط الجميع وعاد الدفء إلى أجسادنا
أخذنا نلعب ونلهو ونصور
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1153.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
حان بعد ذلك وقت العودة إلى نورقام
تجهزنا وركب كلٌ عربته وانطلقنا عائدين
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
بعد عودتنا طلبنا قيادة تلك الزلاجات
وبالفعل أخذنا قرابة الساعة نتجول بها
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
كنت أظن أن قيادتها سلسة ومريحة، فأنت تتزلج على الجليد
لكن اتضح العكس تماماً
فهي تنحرف يمنة ويسرة، ولا بد من كبح جماحها
وذلك فعلاً مجهد
بعدها شاهدنا تلك الأحذية الكبيرة ذات النسيج الشبكي الشكل
والتي تحمي من يلبسها من الغوص في الثلج
ارتديناها وأخذنا نمشي فيها
آه لو كانت معي عند ذلك النهر
ثم رأينا عصي التزلج والتي ارتدينا أحذيتها ثم لبسناها عليها
تزلجت بها وبجدارة قرابة العشرة أمتار
ولم أقع على الأرض خلالها بتاتاً إلا أربع مرات
أما ياسر فكان على دراية بها
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وفي المساء علمنا أنهم يعدون وجبة العشاء من لحم الريندير
فطلبنا أن يعدوا طبقين لنا أيضا
ذهبنا إلى العشاء وحمدت الله كثيراً أن قد تجهزنا من قبل بكل أصناف الطعام
أما طعام هؤلاء وبكل انواع المجاملات لا يستساغ.
أخذت كوباً من القهوة وخرجت استطلع السماء
يا الله
ما أعظمك
سبحانك يا بديع السماوات والأرض
ما أجملها وما أروعها
إنها هي أضواء الشمال
عدت إلى الداخل صائحاً
الأورورا… الأورورا
هرع الجميع حينها إلى الخارج وبلا استثناء
وهذا الموقف يتكرر معي الآن واستغرب منه
فمفعول تلك الأضواء يسري حتى على أهل المنطقة
سبحان الله
كان الوقت مبكراً ولم أكن متجهزاً للتصوير بعد، لا من ناحية الكاميرا ولا حتى اللباس
بعفويةً بالغة أخرجت جوالي وأخذت أصور!
ولكن تخيلوا، ظهر شيء منها في الصور
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وكانت كاميرا الفيديو في متناول يدي وأخذت أجرب
وأظن أن لو حاول أحدهم في عز أوجها أي في حالة كونها أكثر من سبع درجات لنجح
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
أما الآن فلا وقت لدي لأضيعه
دعوني أعد نفسي استعداداً للتصوير
آها… اللبس
نعم يجب أن أرتدي المناسب من اللبس وإلا لن أستطيع التمتع بالتصوير ناهيك عن التقاط صوراً جيدة
الحمد لله هذه ملابسي الداخلية والتي تغطي كامل جسدي من صوف المارينو بما فيها القفازات
الحذاء أكرمكم الله من النوع المضاد للماء طويل الرقبة حتى الكاحلين
وهذه جواربي الطويلة والمصنوعة من نفس الصوف
وهذه سترتي السميكة والمحتوية على غطاء للرأس سميك
هكذا أنا والحمد لله في أتم الاستعداد من حيث اللباس
ماذا أريد الآن؟
أممم…. معدات التصوير
إن كاميرة جوالي النوت4 قد اظهرت بعض هذه الأضواء
ولو كانت درجة الأضواء أعلى لظهرت على الصور بشكل أوضح
اممم...يعني لو أتى أي شخص إلى هنا ومعه كاميرا حتى من النوع العادي
لا بد أن يعود ومعه شيء من الذكريات محفوظ حتى ولو كان بسيطاً، هذا جيد
لكن أنا الآن أريد صوراً جيدة وجيدة جداً وليس مجرد ذكريات، فكيف أحصل عليها؟
يجب عليّ أن أعلم أولاً أن هذه الأضواء خافتة باهتة لا تستطيع الكاميرا رؤيتها كما تراها عيناي
لا..لا..إنتظر، تستطيع الكاميرا أن ترى أفضل من عيناي
نعم.. نعم تستطيع ولاكن كاميرات خاصة وبمواصفات خاصة!
إذاً كيف أتغلب على هذا المعضل
أضواء خافتةٌ باهتة وأظهرها في الصورة جلية واضحة
إن فكرة الكاميرا كما أعلمها هي عبارة عن صندوق مظلم به فتحة يمر بها الضوء
لهذه الفتحة غالق عمله هو السماح بمرور كمية معينة من الضوء ثم يغلق بعدها
ذلك الضوء يصب في حساس الكاميرا والذي يترجمه إلى صورة
آهاا… إذاً إن تمكنت أنا من التحكم بسرعة هذا الغالق ليفتح لعدد من الثواني أقل أو أكثر
سأتحكم بكمية الضوء المسلط على حساس الكاميرا… ممتاز
لحظة، ولم سمي حساس الكاميرا بهذا الاسم؟
مالي صرت أنسى هكذا!
لقد سمي بذلك لدرجة حساسيته للضوء
إذاً.. هذه الثانية
فلو أمكنني التحكم بدرجة الحساسية لهذا الحساس والتي تسمى بال ايزو "ISO"
سأتمكن من إظهار الضوء بشكل أكبر أو أقل في الصورة… رائع
أوو.. تذكرت الآن
هناك أمر ثالث له نفس الأهمية
إنها العدسة
فالضوء يمر خلالها أولاً
ومجرى الضوء في العدسة يختلف قطره من عدسة إلى أخرى
وفي نفس الوقت يمكن التحكم بسعة هذا المجرى لتوسيعه وتضييقه
هذا أعلمه وسهل، أُوسِع المجرى وسيستقبل الحساس ضوء أكثر والعكس صحيح...جميل جداً
قلبت الكاميرا في يدي وقلت كم هو الأمر في غاية البساطة
ولم يعد أمامي معضل الآن
وهناك أمر آخر فطنت له
فبما أني سأترك غالق الكاميرا مفتوح لوقت أطول فكل ارتجاجات وتحركات يدي ستظهر في الصورة
وهنا توجب عليّ وضع الكاميرا على حامل لكيلا تهتز
ما أسهل وأبسط التصوير
لم يبقى لي سوى اختيار العدسة المناسبة للتصوير
عندي هذه العدسة الممتازة والتي استفيد منها في تقريب البعيد والتي يطلق عليها 70-200مم
ولكن عندما أصور بها السماء لا يظهر إلا جزء بسيط منها ولا تظهر فسيحة واسعة كما نشاهدها
إذاً يجب أن أختار عدسة واسعة لتظهر السماء في الصورة كما نشاهدها على الطبيعة
ماذا لديّ.. ماذا لديّ
سأختار هذه العدسة 14-24مم، فهي عدسة واسعةٌ جداً وتفي بالغرض
هل أنا جاهز الآن؟
هل لديّ ما يكفي من البطاريات؟
نعم، ولقد وضعتها في جيوبي الداخلية للسترة لتبقى دافئة
فهذا البرد الشديد يجعل البطارية تستهلك سريعاً لذا يجب المحافظة عليها دافئة
وأخيرا هذا هو الكشاف في يدي سأستخدمه عند تغيير اعدادات الكاميرا أو لأي أمر آخر فالظلام هنا حالك
ناولني ياسر بعضاً من الشكولاتة ووضع بعضاً في جيبه
وأخذت أنا كوب القهوة الحافظ للحرارة وانطلقنا جميعاً إلى وسط نهر تينيوكي "River Tenojoki"
والذي يقع خلف الفندق تماما وهو الحد الفاصل بين فنلندا والنرويج
فإحدى ضفتيه فنلندية والأخرى نرويجية
بدأنا التصوير
وهنا واجهت مشكلة جديدة
لا تظهر النجوم بشكل جيد فهي خارج تركيز العدسة
كيف اجعل العدسة تركز على النجوم وأنا لا أكاد أراها من منظار الكاميرا؟
وهنا تذكرت
غيرت الرؤيا من المنظار إلى شاشة الكاميرا
ثم أخذت أقرب أوضح نجم أراه في شاشة الكاميرا
بعد ذلك أدرت بكرة العدسة يمنة ويسرة حتى أصبح النجم في أفضل تركيز له
وبعدها قفلت التركيز التلقائي للعدسة وانتهى الأمر
إلا أن صوري كانت تظهر تارة شديدة البياض وتارة معتمة
كنت ألهو في مثلث الضوء ذاك
أرفع هنا وأزيد هنا وأنقص هذا
فسرعة الغالق جعلتها ثانية تارة وعشر ثواني تارةً أخرى وحتى الثلاثون ثانية
وحساسية الضوء كنت أخفض وأرفع بين 100 و12000
أما مجرى العدسة فتركته على أعلى سعته
تعلمت بعدها تلك الليلة أن سرعة الغالق كانت مثالية بين الثانيتين والثمان ثوانٍ وحسب شدة الأورورا
وأما الحساسية فكانت بين 400 و 3200 وأيضاً حسب شدة بريق الأورورا
وأيضا تعلمت أن كل من هذه الثلاث يؤثر كل منهم على صاحبيه
فإن أنا رفعت هذا توجب عليّ خفض ذاك وهكذا دواليك
لنرى بعضاً من صور هذه الليلة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
سألت ياسر عن شعوره عندما شاهدها أول مرة ونحن قرب الفندق
فقال عنها إنها جميلة بالفعل
ولكنها هنا ولفترة بسيطة اشتدت تماماً
كنت اصور فيلماً حينها (الدقيقة 21:03)
واحتجت لأمر ما، فكنت أسأل ياسر أن يحضره
سألته الأولى ولم يجب والثانية كذلك
نظرت إليه في الثالثة
كان رأسه إلى السماء وعيناه محدقتان فيها وفاغر فاه ويشير إليّ بيده أن دعني وشأني
علمت حينها أن سحرها قد تمكن منه
سألته عن رأيه الآن فقال
يا أبي لقد قلت وذكرت عنها حتى ظننتك تبالغ، ولكن الآن وبعد أن رأيتها بأم عينيّ
أقول إن ما سمعته منك لم يوفها حقها قط!
لم نقضي الكثير من الوقت حتى بدأ السحاب يغزونا
توجب علينا تغيير المكان
وفعلاً ركبنا السيارة وانطلقنا
الغريب في الأمر أن درجة الحرارة ارتفعت قليلاً عما كانت عليه في النهار
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وصلنا إلى منطقة مناسبة واستأنفنا التصوير
والذي أيضاً لم يدم لوقت طويل
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
عدنا بعد ذلك إلى الفندق
استلقينا على أسرتنا استعداداً للنوم
الرابع والعشرون من فبراير لعام ألفين وخمسة عشر
صباحٌ حُجبت شمسه
سُحبٌ حجرت تصويرنا ليلة البارحة
تكثفت الآن حتى لا تعلم أصباح هو أم مساء!
بعد افطارنا اتصلت بعديلي تركي لاستفسر عن موعد قدومه
شعرت بالأسى له حين قال
إن حقائبي في السيارة، وأن الحجز معد والطائرة تقلع يومياً الثانية صباحاً على المسار الذي اخترته
جدة-باريس-اوسلو-التا
في أي لحظة استلم تأشيرتي سأتجه إلى المطار مباشرة
بعد بعض المشاورات مع ياسر اتفقنا أن نذهب إلى التا فقد يأتي تركي في أي وقت فيجب أن نكون هناك لاستقباله
لا سيما وأن المكان هنا ملبد بالغيوم ولا جدوى من البقاء فيه
حزمنا امتعتنا وتوكلنا على الله نشق طريقنا بين الثلوج صوب التا النرويجية
بعد دقائق من مغادرة الفندق انتهي الطريق عند مفترق طرق
يساراً نعود من حيث أتينا إلى السويد ويميناً إلى النرويج
انعطفنا يميناً وأول ما بادرنا هو هذا الجسر والذي يعبر بنا نهر تينيوكي "River Tenojoki"
وكما يبدو أيضاً أنها نقطة حدود ما قبل الاتحاد الأوروبي
صاحبنا ذلك النهر لفترة من الزمن
نعم نحن نعبر طرق النرويج، ولكن الأراضي الفنلندية لم تفارق أعيننا إلا بعد مرور قرابة الساعتان!
سأدع الصور الآن ترسم لكم شيئاً من طريق اليوم والذي بلغنا فيه مدينة التا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
عند بلوغنا التا نزلنا في فندق وسبا التافيورد يستيقورد "Altafjord Gjestegaard & Spa"
بعد أن ارتحنا وأدينا صلاتنا أخذنا نتجول قليلاً في المدينة
تناولنا وجبة غدائنا في بيبيس بيتزا "Peppes Pizza" ومن ثم عدنا إلى الفندق
إنه الجي بي إس "GPS" ياسادة
إنها قوقل مابس "Google Maps"!
اطلعت على أحداث ذلك اليوم فوجدت مخطط لكامل تنقلاتي خلاله
بدءاً من نورقام إلى التا وتجولي في شوارعها وأسواقها ونهايةً بعودتي إلى الفندق
وكان أحدها تناول وجبة الغداء في ذلك المطعم عند الساعة الثالثة وأربعون دقيقة!
هنا تكمن أهمية استخدام مثل هذه الوسائل الحديثة والمتاحة للجميع
وبالذات للمسافر الكثير التنقل وخاصة لمن لن تسعفه ذاكرته بتذكر كافة التفاصيل كما هو الحال معي
كنت سابقاً وقبل التعرف إلى قوقل ماب وتسجيله للأحداث
كنت أصور بجوالي من حين إلى آخر
ليس لألتقط صورة فقط وإنما لأسجل موقعها كذلك
أما الآن فكل ما عليك هو أن تدع الجي بي اس في وضع التشغيل
وأن تأذن لقوقل بتسجيل موقعك، وفقط!
وهنا وبهذه المناسبة أريد أن اتحدث على عجالة عن أمر يمسنا جميعا
الشـــــراء
نعم الشراء
ماذا وكيف ولم نشتري؟
درجنا على بعض العادات في الشراء والتي يجب أن نتوقف ولو قليلاً عندها
إن كنا نريد توفير بعض المال والوقت والجهد
ماذا أشتري؟
أتجول في الأسواق ويعجبني هذا وأشتريه وذاك وأبتاعه
لا...لا…
إن أفضل من يجيبك عن ذاك التساؤل (ماذا أشتري؟) هو الحاجة
نعم، ابتع ما تحتاجه وليس ما يعجبك
لقد امتلأت بيوتنا بما لا نستخدمه
ابتعناها لأنها أعجبتنا حين رأيناها أول مرة ولكننا لم نكن بحاجتها
هل هذا صحيح؟
أنت أعلم بالإجابة
كيف أشتري؟
أذهبُ إلى السوق واشتري هذه الماركة فهي مشهورة عالمياً
لا.. سأبتاع هذا الصنف فكل أصدقائي اقتنوه
اممم...سأشتري هذا لأنه…………………
احتياجك أنت أولاً ثم الجودة وأخيراً السعر.
دع هذا المثلث إجابةً للتساؤل الثاني
الكثير من السلع الجيدة في السوق لها سعر مرتفعٌ جداً
سعرها ليس لجودتها فقط وإنما لاسمها أيضاً
ولم يشتهر أسمها أصلاً إلا على حسابي وحسابك
كل تلك الدعايات في كل الوسائل الإعلامية والمكلفة جداً، ندفع أنا وأنت ثمنها
هناك سلعة جيدة ومشهورة وهناك البديل لها وبنفس الجودة أو أفضل منها وبأقل الأثمان
السوق ممتلئ بالبدائل فلا تغتر بالأسماء
ابحث جيداً واستخر وستوفق بإذن الله
ومن ناحية اخرى إحذر كل الحذر من الاتجاه للرخيص لرخص ثمنه فقط
فقد ينتهي بك المطاف لدفع أضعاف ما أردت توفيره
لم أشتري؟
عند احتياجك لسلعة ما، اعزل تفكيرك عن الآخرين تماماً
لا تشتري ليقال إنك اشتريت، لا تبتاع سلعة لتقلد آخر
عند اتباعك للخطوتين السابقتين اتخذ قرارك وتوكل على الله
لن يفدك أو يضرك قول فلان أو رأي علان
ما يفيدك فعلاً هو تلبية رغباتك أنت وتوفير نقودك
كنت أود بالاستفاضة قليلاً وضرب الأمثلة ولكن البحث يطول ولا أعتقد أن هذا مكانه
ولكن ما الذي دعاني لإثارة هذا الأمر؟
إنها كاميرا الفيديو الصغيرة أو ما يطلق عليها بالاكشن كاميرا
قبل سفرتي الأولى وبأيام احتجت إلى واحدة
لم أكن أسمع من قبل أو أعلم بوجود واحدة غير القوبرو "GoPro"
ذهبت لشراء واحدة ووقع اختياري على أعلاها حينها "GoPro Hero 3"
كان سعرها في ذلك الوقت ألفي ريال
وأثناء اتمام عملية الشراء تبين لي عدم احتواء الكاميرا على الجي بي اس!
ترددت في الشراء وعدت إلى المنزل يعتريني شيء من خيبة الأمل
كلا كاميرتي التصوير والفيديو واللتين بحوزتي لا يتمتعا بميزة الجي بي اس
هل أضيف ثالثتهما إليهما؟
هل أعود لسابق عهدي واستخدم صور الجوال لتحديد الأماكن؟
ولكني أحتاج هذه الكاميرا ورحت أقنع نفسي بشرائها
لم يتبقى على السفر إلا أيام قلائل حتى أخبرني أحدهم بكاميرا سوني
إنها "Sony HDR-AS100" لها نفس سعر الكاميرا الأخرى ولكنها تحتوي على جي بي اس
شاهدت الكاميرا في عالم سوني ثم عدت إلى المنزل
رحت أقراء وأشاهد اليوتيوب المقارنات بين هاتين الكامرتين
كانت المفاجئة إضافة إلى وجود ال جي بي اس
هي مانع الاهتزاز الفعال في سوني اضافة إلى درجة وضوح أعلى وعمق أكثر في الألوان!
إن التسويق لدى الشركات الأمريكية فن لا يكاد يباريهم فيه أحد
لقد كدت أن أقع في شباكهم
ابتعت تلك الكاميرا والحمد لله هي أحد الأسباب الرئيسية التي مكنتني من شرف المشاركة بهذا المنتدى
أو هل كنتم تظنون أنني كنت أدون أحداث رحلتي هذه؟!
هل سأشتري سوني عند حاجتي لواحدة أخرى؟
قد أفعل ذلك ولكن بعد أن أجوب وأقارن السلع المعروضة جيدا
يا الله… ارجو السماح منكم ولنعد حيث كنا إلى الفندق بعد وجبة الغداء تلك
بعد أن أدينا صلاتي المغرب والعشاء انطلقنا في أولى رحلات الصيد في النرويج
صيد أضواء الشمال بالطبع
كنت قد اتصلت قبلها باندي، اندي كين صائد الأورورا كما تذكرون
تواعدنا على اللقاء في فندق ثورن وهو نفس الفندق الذي نزلت فيه سابقاً
ذهبنا إلى الفندق وكان هو ومن معه من هواة تصوير تلك الأضواء في ردهة الفندق
كانوا يتجهزون لرحلتهم لهذا اليوم
كان استقبال اندي حافلاً وكما عهدته وبصوته الجهور أخذ يخاطب من معه قائلاً
أتعلمون من هذا؟
لقد فعل وفعل وفعل
ناولته ما أحضرت له من تشكيلة من التمور كهدية
فرح بها ونظر إلى ابنه ومساعده وقال هذه لي ولي فقط، هل فهمتم ذلك؟
ودعناه بعدها وانطلقنا في صيدنا
لحق بي اندي عند باب الفندق وهمس لي قائلاً
لو كنت مكانك لاتجهت إلى الجنوب الشرقي
انطلقنا في ذلك الاتجاه
قطعنا أكثر من مائة كيلو مترا
نقف...نبحث...نتقصى
لكن دون جدوى
كانت كثافة السحب عالية
هذا كل ما كنا نراه
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
عدنا بعدها إلى الفندق وقد بلغ بنا التعب كل مبلغ
ارتمينا على أسرتنا وغطسنا في نوم عميق
استيقظنا صباحاً
صلينا الفجر
أتم ياسر صلاته بنصف عين فقط
ارتمى بعدها على سريره مباشرة وراح يغط في النوم
نزلت أنا إلى بهو الفندق وتناولت طعام الإفطار
بعدها تجاذبت أطراف الحديث مع موظف الاستقبال
وكان أهم ما نصحني به كسائح هو زيارة النوردكاب "Nordkapp"
أو كما تكتب بالإنجليزية "North Cape"
تعتبر النوردكاب هي أبعد نقطة شمالاً في القارة الأوربية
وهي عبارة عن جزيرة تبعد عن التا أكثر من مائتين وثلاثين كيلو متراً بقليل
وتعتبر معلماً سياحياً رائداً في النرويج
الطريق إليها في الشتاء لا يخلو من بعض المصاعب
ولكن ذلك فيه نوع من التشويق لمن ابتغى السياحة والمغامرة
دعونا نذهب سوياً في رحلة المائتي كيلو متراً هذه
سنخوض الطريق سوياً من خلال صوره والتي طعمتها ببعض من صور قوقل
لتتمكنوا من المقارنة بين شتاء هذه الطرق وصيفها
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
تكثر هنا وعلى طول الطريق مثل هذه المنازل المهجورة
فرادى أو في قرى أو على شكل منتجعات
وعلى ما يبدو فهي منتجعات صيفية والله أعلم
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
قوارب الصيد والتي تخوض البحار الهائجة في هذه النواحي
شاهدناها وشاهدنا مغامراتهم على شاشات التلفاز كثيرا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
عج، سافي، غبار الثلج أو العواصف الثلجية لا أعرف ماذا أطلق عليها
ولكنها هنا تتحرك كما هي الرمال في صحارينا
يا ترى هل تؤثر على طلاء المركبات كما تفعل الرمال!
بعضها كقطع الثلج الصغيرة جداً وتشعر بها حين تلفح خدك
لا أرى ما يمنع من كونها مؤذية للمركبات إلا عدم وجود تلك السرعات الهائلة التي نقود بها في طرقنا
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
وهنا بلغنا نفق النوردكاب والذي يغوص بنا تحت البحر لبلوغ الجزيرة
يقل طوله عن السبع كيلو مترات بقليل
يتدرج نزولاً حتى يبلغ قاع البحر ثم يعاود الصعود مرةً أخرى
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
غالبية الأنفاق هنا مقفلة من طرفيها بأبواب ذاتية الحركة
تفتح عند مرور المركبات ثم تعاود الإغلاق
الظاهر والله أعلم أنها وجدت لمنع زحف الجليد إلى داخل الأنفاق
وقد يكون الأمر غير ذلك!
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
ها نحن أخيراً وصلنا
هناك بعيداً نرى المنعطف الذي سيأخذنا إلى قمة النوردكاب
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1036.
ولكن يا للأسف هناك حاجز مغلق
هناك لوحة ارشادية كتب عليها موعد الزيارة
الأولى الحادية عشر ونصف والثانية الواحدة والنصف
كيف يتم هذا لا أعلم!
اتصلنا على رقم هاتف كان مسجلاً على اللوحة
اعتذرت المتحدثة بأن هذه المواعيد دقيقة
هل تذهب أكثر من مائتين كيلو متراً في هذه الطرق الجامحة سدى
هل نعود هكذا بخفي حنين!
لم نسجل خروجنا ولم نأخذ امتعتنا من الفندق وإلا كنا بتنا ها هنا في أحد الفنادق القريبة
أخذ كل منا يواسي الآخر بأنها لم تكتب لنا
وأنا شاهدنا الكثير في رحلتنا واستمتعنا به
اخذنا طريق العودة وقفلنا عائدين
بعد القليل من الكيلومترات توقفنا لأداء صلاتي الظهر والعصر خوفاً من ذهاب الوقت
صلينا على الثلج!
كانت حبيبات الثلج البالغة الصغر تلفح وجهينا أثناء الصلاة من شدة الريح
طارت مع تلك الريح قبعتي أثناء الصلاة
لا، ليست الأمريكية وإنما أخرى تشيكية مشابهة لها
بعد الصلاة شاهدناها مستقرة بعيدةً هناك في السفوح الثلجية
هل يستطيع أحد المشي هنا؟ أوإنه سيغوص في الثلج؟
من سيذهب ويأتي بها؟
أما أنا فلن أذهب حتى ولو كان رأسي فيها
عدنا راكضين إلى المركبة فقد تمكن البرد من أوصالنا
الأمر الآخر المؤسف هو ما اكتشفناه خلال هذا الطريق
إن الإطارات الشتوية للسيارات ليست سواء
وإن الإطارات المثبتة في سيارتنا لم تكن مناسبة لمثل هذه الأجواء رغم أنها شتوية
كانت الإطارات شتوية ومناسبة جداً للمدن، أما هنا فلا
لقد كادت أن تنزلق بنا المركبة مرات كثيرة جداً ولكن ولله الحمد لم يقع أي مكروه
بعد بلوغنا الفندق استعدينا سريعاً لرحلة صيد جديدة
قطعنا فيها من الطرق أكثر من ليلة الأمس
كل ما شاهدناه هو هذا الاخضرار الذي يطل على استحياء
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
لم تكن تلك السحب تتحرج ابداً من الإطباق على السماء
كلما وجدنا ثغرة هنا أو هناك، أطبقت عليها سريعاً وكأنها في معركة
عدنا إلى الفندق خاويي الوفاض
عجباً، لم نظفر بشيء اليوم البتة
لم نشاهد النوردكاب ولا حتى أضواء الشمال
لم يكن هناك أنجع علاجاً من نومٍ عميق ينسينا يومنا هذا
تصبحون على خير
.
.
.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1152.
استشف من هذه الصورة خمسة أمور على الأقل جرى التحدث عنها خلال كتاباتي في هذه المشاركة
بطاقة شحن اتصال بمائة ريال
هدية رمزية لأول إجابة صحيحة
بالتوفيق للجميع
بالأمس ونحن في طريق العودة إلى التا بعد تلك المطاردة الشاقة لأضواء الشمال
اتاني اتصال من تركي والذي بشرنا فيه بحصوله على التأشيرة
وأنه بعد السادسة مساءً بقليل سيكون في التا بحول الله
وياسر كان أكثر من فرح بهذا الخبر
فمنذ أن غادرنا نورقام وهو بانتظار قدوم تركي بفارغ الصبر ليعود هو بدوره إلى براغ
فحسب مخططه هو لن تزيد مدة رحلته عن الخمسة أيام
ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
بعد ذلك الاتصال مررت وياسر بفندق او لنقل منتجع على طريقنا إلى التا ويبعد عنها قرابة الخمسين كيلومترا
طلبنا غرفة من ثلاث اسرة تم حجزها ليوم الغد على الرغم من رفض الشاب القائم عليه أخذ أي مبلغ مقدما
كنا قد بحثنا من قبل عن غرفة كهذه في التا ولكن كانت جل الفنادق شبه ممتلئة
اضافة إلى ذلك، كان هذا اقتراح ياسر في السكن هنا على الطريق لنختصر المسافات التي نقطعها يوميا
خاصةً أن التا بذاتها لم تكن لنا هدفا
أما صباح اليوم وبعد أن استيقظنا ونحن لا زلنا على اسرتنا
جرت تساؤلات بيننا عما عسى أن نفعله من الآن وحتى المساء
انبرى بعدها ياسر وهو مطأطأٌ رأسه و فرك عيناه قائلاً
لنذهب إلى النوردكاب
أجبته بتساؤلي مندهشاً إن كان جاداً فيما يقول
فهو يتحدث عن قرابة الخمسمائة كيلومتراً ذهاباً وإياباً في أحد أشق الطرق التي عبرناها!
رفع رأسه ونظر إليّ وقال متثائباً: ولم لا؟
ثم أردف قائلاً هل هناك ما نفعله في هذه المدينة الصغيرة؟
قلت له إن كنت جاداً فيجب أن ننطلق الآن
وهذا ما حدث بالفعل
حزمنا امتعتنا وخرجنا من الفندق وانطلقنا صوب النوردكاب
لم يكن طقس اليوم برداءة الأمس
كانت الرياح أهدأُ قليلاً كما لم تكن هناك أمطار ولم يكن الثلج ينزل
قبل أن نصل المكان بقليل
أرخى ياسر زجاج النافذة ومال بجسده إلى الخارج
ثم قال ضاحكاً إن قبعتك هناك أستطيع رؤيتها
لم أزد أن قلت: إذاً!، ما المطلوب؟ أغلق الزجاج أثلجتنا
كنا نسير والوقت في صفنا، فالموعد الأول هو الحادية عشر ونصف كما اعتقدنا
ولكن ما أن لاح لنا مفرق النوردكاب حتى رأينا صفاً من المركبات يتهادى بين مرتفعاته
نظر كل منا إلى الآخر في وجوم
وحين بلغنا البوابة تبين لنا خطؤنا
لقد كان التوقيت الحادية عشر للدفعة الأولى والثانية عشر للدفعة الثانية
ماذا سنفعل لمدة ساعة كاملة في هذا المكان؟
على بعد ثلاثة كيلومترات، تبعد عنا قرية سكاشفوق "Skarsvåg" الصغيرة
وهي المعروفة بقرية الصيادين
ذهبنا إليها
وجدنا مقهى وحيداً فدخلناه
كان إضافةً إلى القهوة يحوي بعض المعجنات والحلويات وبعض الهدايا التذكارية
معظم الهدايا هنا صنعت بأيدي نسوة القرية
فهذا هو ما يشغلن به وقتهن خلال غياب أزواجهن في رحلات الصيد الطويلة
خاصة أن معظم أهل هذه القرية من كبار السن
حتى أنه لا يوجد في كامل القرية غير فتاتان لا تتجاوز أكبرهما السادسة
تحظي كل من هاتين الفتاتين بشيء من العناية والدلال من كل قاطني هذه القرية
كان ذلك من خضم حديثنا مع تلك الخمسينية القائمة على هذا المقهى
كانت تحدثنا وهي لا تكف عن الحركة
تحمل ابريق القهوة، تضع قنينة العصير، تهرول إلى الفرن، تحضر الخبز...
كانت أصناف الطعام عديدة
جربنا منها "البان كيك" و"الوافل" مع القشطة المحلية وكوب قهوة تميز به الصيادون على حد قولها
أما نحن فنقول إن القهوة والطعام كانا فعلاً مميزين وفي غاية اللذة
كانت تلك المرأة تعد الطعام كمن ينتظر جمع من الضيوف
وأظن أن الباصات السياحية تحضر السياح إلى هنا بعد الانتهاء من النوردكاب
قضينا وقتاً ممتعاً في هذا المقهى
اتجهنا بعده إلى ما أتينا من أجله
لم يحن الوقت بعد وكانت بعض المركبات قد وصلت وهي في حالة انتظار
اغتنمنا الوقت وصلينا الظهر والعصر على الثلج مرة أخرى
بعدها حان وقت الدخول
فتحت البوابة وانطلق فوج المركبات تتبعنا في مؤخرته مركبة المراقبة
لم يكن الطريق بتلك السلاسة، وبتنظيمهم هذا حدوا من خطورته
فلا تمر المركبات من هنا إلا باتجاه واحد، إما صعوداً أو هبوطا
عند بلوغنا في الأعلى هنا، أتى من يحصِل النقود لقاء الدخول
لم يكن رسم الدخول يتجاوز الثمانين ريالاً
يحتوي المكان على مبنى به متجر كبير نسبياً ومقهى ومطعم
وفي الخارج هناك عند آخر نقطة يوجد مجسم للكرة الأرضية للدلالة على كينونة المكان
حان وقت مغادرة النوردكاب
تحركت جميع المركبات وبدأ النفير نزولا
كنا آخر من غادر تلك البوابة
انعطفنا يميناً في اتجاهنا إلى التا
وعند بلوغنا المكان حيث صلينا بالأمس وحيث قذفت الريح بقبعتي
صاح بي ياسر قف، قف
توقفت وسألته عما يريد
قال إني أريد أن آتيك بقبعتك
وهل تريد أن تمشي على هذا السفح؟
نعم
ألا تخاف أن تغوص قدماك في الثلج؟
وإن كان؟ الأهم ألا أغوص أنا
طيب وما الضامن لك
يا أبي كانت الرياح شديدة البارحة، أما الآن فلا أراه إلا مكاناً اعتدت أن أسير على مثله
وبالفعل كان له ما أراد
أحضر لي قبعتي بارك الله فيه
ولكنه أحضرها بطريقته الخاصة
أكملنا طريقنا بعد ذلك حتى بلغنا أحد تلك الأنفاق ذات الأبواب
دخلنا النفق وعند الخروج منه كان بابه مغلقاً
عادة لا تصل إلى الباب إلا وقد دارت عجلته آخذاً بالفتح
أما هذا فقد كادت مركبتنا أن تلامسه ولم يفتح بعد!
عدت إلى الخلف ثم إلى الأمام حتى بلغته مرةً أخرى
أعدت الكرة المرة بعد المرة بلا جدوى
صرت أبدل بين أضواء المركبة تارة الخافتة وتارة العالية بوتيرة سريعة
أيضاً لم يستجب
أخذنا نضحك متسائلين عن العمل
اللوحة الإرشادية الوحيدة مكتوبة باللغة النرويجية
أخرج ياسر رأسه من النافذة وأخذ يطلق صفيره للباب!
بعدها بهنيهة فتح الباب
قال ياسر عندها: أخبرني إن استعصى عليك باب آخر!
عند بلوغنا التا توقفنا عند أحد متاجر كووب
بدأ ياسر بالتبضع لعشاء الليلة
كان يريد أن يعد كبسة فقد اشتهاها
كما أنه يَعُدُها حركة لطيفة يستقبل بها زوج خالته
ذهبنا بعدها إلى الفندق "Suolovuopmi fjellstue AS" (شكراً للمخطط الزمني)
قابلنا ذلك الشاب اللطيف مرة أخرى حيث قام بتسليمنا الغرفة
حللنا أمتعتنا واغتسلنا وصلينا المغرب والعشاء
أخذ ياسر يعد بعدها الطعام
وأنا بدوري ذهبت إلى ذلك الشاب لأسأله إن كان هناك ما يُعِدوه لمشاهدة الأورورا
وجدته خارج مبنى الاستقبال يداعب كلبين لطيفين بلون الثلج
بادرته بعد التحية بسؤالي
رفع رأسه إلى السماء مبتسماً وقال: لا أظن أن هناك ما تشاهده الليلة
وفعلا كانت السحب حينها قد أطبقت على السماء تماماً
قال بعدها اتبعني رجاءً
تبعته إلى جانب المبنى حيث كانت هناك خيمة كبيرة ومرتفعة جدا
كانت كتلك الخيم التي اعتدنا رؤيتها في افلام الهنود الحمر
كانت فوهة الخيمة مفتوحة تستطيع أن ترى كبد السماء منها
الأرائك ليست مرتفعة وبلا مسند للظهر مرصوفة على جدران الخيمة الدائرية ومغطاة بجلد الريندير
الموقد في المنتصف مرصوف في أعلاه الحطب
قال هنا يجلس هواة الأورورا طلباً للدفء أثناء مشاهدتها وتصويرها
وإن أردت أشعلت الحطب واعددت لك المكان
شكرته رافضاً ذلك ومبدياً اهتمامي بمشاهدة الأضواء
قال دعني أجري بعض الاتصالات مع القرى المجاورة لنرى كيف هي السماء عندهم
قلت نعم هذا ما أريد ولكن ليس الآن، احتاج أن أحضر صديقي من المطار أولاً كما أخبرتك
نعم، نعم، ستجدني هنا عندما تعود
تمتعت قليلاً بالروائح الزكية عندما مررت بياسر اثناء اعداده الطعام
سألته إن كان يريد أمر ما قبل ذهابي إلى مطار التا
سألني أن أحضر معي الملح! لقد نسيه
وصلت المطار في الوقت المناسب
كان المسافرين يغادرون بوابة المطار للتو
توقفت في مكاني بانتظار أن يغادر تركي المطار
خرج آخر مسافر ولم يظهر تركي بعد
اتصلت به هاتفياً ولكن جواله كان مغلقا
اضطررت إلى مغادرة السيارة والنزول لصالة المطار
ذهبت إلى طاولة الاستعلام حيث كان هناك شخصين يدور بينهما حديث
انتظرت ريثما يفرغان منه ورحت أقلب بصري في صالة المطار
ثم إذا بي المح شبح شخص جالس هناك في الزاوية البعيدة من الصالة
اقتربت منه وإذا به هو
تبادلنا الأحضان سائلاً إياه عما يفعل هنا وأنا بانتظاره خارجا
قال لم أرى أحداً وكنت أشحن بطارية جوالي الفارغة
أخذته إلى السيارة وانطلقنا
كان الإرهاق والتعب باديان عليه بجلاء
رحت أمازحه قائلاً له:
يا تركي أنت لا زلت في ريعان شبابك وليس من المفترض برحلة كهذه أن تفعل بك هذا كله
يا أبا ياسر من المفترض أن أصل إليكم صباح الغد حسب المسار المخطط له
ولكني وجدت هذا المسار والذي يوفر ليلة كاملة، لا سيما وقد تأخرت كثيرا
سألته بدوري أي مسار تتحدث عنه؟
زفر طويلاً وقال
جدة-باريس-ستوكهولم-اوسلو-ترومسو-التا!
قلت ما شاء الله تبارك الله لقد اظهرت شبابك جلياً الآن، لوكنت مكانك لما استطعت الحديث إليك بداية
قال ليس هذا هو المهم الآن
فكل تلك الرحلات الأخيرة من النوع الذي لا طعام فيه وأنا أتضور جوعاً الآن
قلت لا بأس سأتوقف عند أحد التاجر الآن وابتاع بعض الملح وسكت!
انتظر هو قليلاً علِي أعقب بشيء وعندما لم أتفوه بكلمة بعدها بدأ الحديث وببطء شديد
أقول له أتضور جوعاً ويقول لي ملحاً، ابا ياسر!
عندها ضحكت وأخبرته بما يعده ياسر من طعام
في الطريق إلى الفندق كانت عيناي مصوبتان إلى السماء علِي أرى ثغرة هنا أو هناك
ولكن لم يحالفنا الحظ أبدا
وصلنا الفندق وعند دخولنا الغرفة كانت ممتلئة
كان الشاب ومعه الفتاتان اللتان تساعدانه جميعاً في الغرفة
أبطأتُ على ياسر فما كان منه إلا أن طلب منهم الملح ثم تدرج الأمر بعده
تناولنا طعام العشاء جميعاً
دارت شتى أصناف الأحاديث بين ستتنا
كانت سهرة ممتعة جدا
كانت إحدى الفتيات المانية وكانت الأخرى أوكرانية
وكان الشاب أوكرانياً كذلك، تزوج بصاحبة هذا المنتجع الخمسينية واستقر هنا
ازاحت تلك الليلة بما اكتسبناه من معارف وطرائف بعض ما كنا نعانيه من التعب والإرهاق
وخاصة تركي والذي أقلعت به طائرته وهبطت خمس مرات متتالية!
صباحاً لم ادع ما يصدر صوتاً في الغرفة إلا اثرته بداية بنفسي
صليت وتلوت اذكار الصباح جهراً
قلبت حطب المدفأة مضيفا إليها البعض وكنت أصك بابها صكا
رفعت صوت المذياع
رحت اغسل الأواني مصدراً كل ما أمكنني من صوت
أخرج وأدخل إلى الغرفة متفنناً بفتح وغلق الأبواب
استيقظا من نومهما والحمد لله عند الساعة العاشرة صباحاً
بعد أن أتما صلاتيهما اتجهنا إلى صالة الطعام لتناول طعام الإفطار
هنا وكنوع من رد الجميل أبدع في إفطارنا ذلك الأوكراني
لا أعتقد أن صنفاً من أصناف الإفطار النرويجي قد غاب عن مائدتنا ذلك الصباح
ثلاثة أو أربع أصناف من مربى التوت فقط
الأجبان لا تعد
قدم البيض بأنواعه
الألبان المخلوطة بالفواكه والمكسرات
ووو……. الكثير لا أعرفه
كان يؤكد عند كل طبق يقدمه أنه محليّ!
حتى لقد قدم لنا شرائح تشبه المرتديلا ولم تكن سوى لسان ريندير!
أما القهوة فقد تحدث عنها وعن طريقة اعدادها كثيراً وكانت تشبه في مذاقها قهوة الصيادين تلك
هل يا ترى هو كرم نرويجي أم أوكراني؟!!
عدنا جميعاً إلى الغرفة
وكان القرار هو قضاء اليوم في التا ثم العودة وركوب الزلاجات الثلجية ومن ثم مشاهدة الأورورا
ركبنا السيارة
وقضينا يومنا في أسواق التا ومتاجرها
ومشينا في شوارعها كثيرا
المشي على الثلج وصوت هشاشته حين تغرس قدميك فيه يجلب لك شيء من المتعة
شعورك بالثبات يزيد من ثقتك بخطواتك
ولكن الجليد هو ما تخاف منه، زلة القدم هنا أسهل وأسرع مما تتخيل
لذلك ابتعنا قطعاً بلاستيكية في أسفلها مسامير تثبت على الحذاء من الأسفل أكرمكم الله
تعطيك ثباتاً عالياً عند المشي على الجليد
كم تمنيت لو كانت إطارات السيارة لها نفس الثبات
عدنا إلى الفندق ولكن لم تتوفر الزلاجات كما كان مخططاً لها
أمضينا بقية اليوم في التسكع بين الجليد واللهو به
كنت انظر إلى السماء واتساءل هل ستنقشع؟
تناولنا طعام العشاء في الفندق وتسامرنا بعده على أقداح القهوة
توجهنا بعد ذلك إلى الغرفة بعد أن فقدنا الأمل في رؤية تلك الأضواء
لم يطل بنا الأمر على أسرتنا تلك الليلة حتى راح ثلاثتنا يغط في نوم عميق
استيقظ الجميع باكراً صباح هذا اليوم والحمد لله
وفي الطريق إلى صالة الطعام وأثناء تناول طعام الإفطار
كان الحديث يدور عن مخطط الرحلة
ياسر يريد العودة إلى براغ
هل يذهب من مطار ألتا أو هل ينتظر معنا ليوم آخر أو يومين
كنا نحثه على اتخاذ قرار
وأما أنا فكنت ملتزماَ بأن يرى تركي أضواء الشمال فقد وعدته بها
فليس من المعقول ولا المنطق أن يأتي إلى هنا وفي هذا الوقت من السنة ولا يشاهدها
كان قراري هذا خارجاً عن عدد الأيام تماماً
إما أن يرى الأضواء أو يطلب هو الرجوع
لم يستطع ياسر مقاومة الإغراءات فقرر البقاء أكثر
وفي نفس الوقت طرح رأياً نال استحسان الجميع
نعود إلى نورقام في فنلندا
إلى نورقامن لوماكيسكوس "Nuorgamin Lomakeskus"
إن تسألوني الآن
وبالذات لمن يريد قضاء أيام معدودة لمشاهدة وتصوير أضواء الشمال فقط
وعادة ثلاثة أيام إلى خمسة تكون كافية
فإني أفضل هذا المكان عما سواه!
نورقامن لوماكيسكوس هذا
لفت انتباهنا جميعاً باهتمامه بالتفاصيل وحتى أدقها
من الصعب جداً هنا أن تحتاج إلى أمر ما كنزيل ولا تجده
الحمام أكرمكم الله متكامل بل إن بعض الأكواخ يحتوي حمامها على ساونا كبيرة تتسع لأربعة أشخاص
سخان الملابس الذي تحدثت عنه سابقاً هو ميزة بحد ذاته لن تعرف قيمته حتى تصل إلى مثل هذه الأماكن
أما هواة الطبخ أثناء السفر، فإن أدوات المطبخ هنا لا محالة ستدهشهم بتنوعها
لا تشعر أن هذه الأكواخ جهزت بتجهيزات فندقية عادية
بل تشعر أن ربة منزل قطنت هنا من قبل واهتمت بأدق التفاصيل
هذا من ناحية السكن، أما من ناحية الموقع فهو على خط عرض سبعين كما هي التا تماما
بل إن نورقام حقيقة أبعد شمالاً من التا قليلا
أضف إلى ذلك، قابلية المكان للمشاهدة والتصوير
فالأضواء هنا خافتة وهي مناسبة تماماً للهدف، على النقيض من التا وما شابهها من مدن
حيث يتوجب عليك مغادرتها كلما أردت صوراً احترافية
القائمين على الفندق اضافة إلى كونهم ودودين جداً، فهم على اطلاع كاف بتاريخ المنطقة وتضاريسها
إلى الأهم من ذلك وهو شغفهم بهذه الأضواء وإلمامهم التام بفن مشاهدتها وتصويرها
وأخيراً، أنت في فنلندا ولست في النرويج بغلائها الفاحش!
ما يعيبها هو بعدها، فأقرب قرية لها تبعد عنها نصف ساعة بالسيارة وأقرب مطار قرابة الثلاثة ساعات
عدا ذلك وهي في نظري ميزة لا عيباً، فإنها كما ذكرت آنفاً مرشحتي الأولى
لم نتم إفطارنا إلا وقد حسم الأمر
سنذهب جميعاً إلى نورقام
فإن شاهدنا الأضواء عدنا جميعا، وإلا غادر ياسر وبقينا نحن
وحتى في الحالة الأولى كان ياسر سيسبقنا إلى براغ بيوم
وأنا وتركي سنذهب إلى زيارة صديق في مدينة سكارا "Skara" جنوباً
انطلقنا في طريقنا إلى نورقام
نزلنا في نورقامن لوما كيسكوس
كان الكوخ يتكون من مدخل فسيح
وصالة فسيحة بها مائدة الطعام والمطبخ
إضافةً إلى حمام فسيح في آخره ساونا فسيحة أيضا
وغرفتين غايةً في الصغر في كلٍ منها سريرين!
بعد أن الاستجمام قليلاً خرج ياسر وتركي لمزاولة بعض الأنشطة الشتوية
وبقيت أنا أعالج كاميراتي وأجهزها
في المساء كانت السماء لا زالت ملبدة بالغيوم
جرت بعض الاتصالات أكدت سوء الأجواء جنوباً مع بصيص أمل شمالا
توجهنا صوب الشمال وخلال دقائق قليلة كنا قد عبرنا الحدود إلى النرويج
وبعدها بدقائق أيضاً وعند مفترق طرق وجدنا محطة وقود
كان المتجر بداخلها يعد شطائر لذيذة، ابتعنا ما نحتاجه وأكملنا المسير
انحرف الطريق بنا يمنةً عند بحيرة كبيرة وصرنا نسير بمحاذاتها
شاهدنا الأورورا بشكل طفيف جداً وجربنا التصوير دون جدوى ثم واصلنا المسير
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
بعد فترة من الزمن تنبهنا إلى أن اتجاهنا الآن بأخذ بنا إلى الحدود الروسية والقريبة من هنا
انعطفنا عائدين حتى بلغنا مفترق الطرق ثم انعطفنا يميناً باتجاه الشمال
كنا نجرب الكثير من الصور بين الحين والآخر حتى ونحن في المركبة
كنا كذلك حتى لمحنا تلك الأضواء
اتجه كلينا إلى تركي سائلين إياه هل تراها؟
ثم وصلنا إلى بقعة كانت الأضواء جلية فيها وأخذنا نصور
أطبقت السحب على السماء بعدها تماماً
ولكننا جميعاً كنا سعداء ونشعر بالرضى أن شاهد تركي تلك الأضواء
كانت يداه في جيبه وينتفض من البرد ولكنه لم يعد إلى المركبة
بل ضل رافعاً رأسه إلى السماء تأخذ به الأضواء يمنةً ويسرةً كيفما اتجهت
أدخلنا الكاميرات إلى المركبة وتساءلنا أنكتفي ونعود أم نكمل؟
كانت نظراتنا تعبر بجلاء عن رغبتها بالمزيد
ركزنا تحركاتنا صوب الشمال
حتى وصلنا مفترق طرق آخر، تأكدنا من موقعنا وانعطفنا يميناً صوب الشمال
بدأ الطريق يميل نحو الوعورة
ثم شاهدنا معدات طرق مهجورة خاوية ليس بقربها أحد
أخذ الطريق يصعد بنا الجبال ويزداد وعورة أكثر وأكثر
لم تكن تلك كل الصعاب
بل بات الثلج يزداد كثافة وكان الطريق يغيب عن ناظرنا أحياناً
الرياح ازدادت ضراوة تصاحبها حبيبات الثلج والتي كان يبدو أن بينها وبين المركبة ثأر
لم تكن إطارات المركبة معينة لنا
كنا من انزلاق إلى آخر
أحسست برعب شديد عند قمة الجبل، رعب لم أظهره لمرافقي
شعرت أن المركبة قد تنزلق نزولاً في أي لحظة
أسفل المركبة ثلوج متراكمة، الرياح الشديدة والمحملة بحبيبات الثلج تدفع جانب المركبة
الطريق ملتف صعوداً وبلا حواجز على جانبيه
زد على ذلك أن كلا مرافقي يسألاني وبإصرار الرجوع
حقيقة تنفست الصعداء عندما استوى بنا الجبل في الأعلى
رحت أقنعهم أننا سنكون بمحاذات النوردكاب إن استمرينا في المسير
وأن فرص مشاهدة تلك الأضواء أكبر
أين تذهب؟ هل تعلم أين نحن؟ هل يوجد أحد هنا؟ هل ترى ما نحن فيه من أجواء
بداهةً كانت حججهم قوية وأنا لم يكن يقودني غير أمل رؤية تلك الأضواء وفقط
رضخت عند رغبتهم واستدرت بالمركبة عائداً إلى نورقام
بتنا ليلتنا تلك على أن نغادر نورقام صباحاً إلى ستوكهولم
وبالفعل غادرنا نورقام عند الساعة الحادية عشر
سلكنا تلك الطرق التي لا ترى فيها إلا الثلج وأغصان الشجر
كنا نقف ونصور ونلهو قليلا
ومن ثم نكمل المسير
بعد قرابة العشر ساعات وأكثر من سبعمائة كيلو متراً توقفنا لتناول الطعام
ومن ثم عدنا إلى الطريق حتى بلغنا منتصف السويد وبتنا في فندق هاي واي "Highway Hotel"
فندق فيه الشيء الكثير من اسمه
كل الصور والتحف تمثل الطرازات القديمة من السيارات
بل إن مقاعد بهوه طويلة كمقاعد السيارات القديمة
وكل مقعد يمثل إحدى تلك السيارات بتطريزه وجلده حتى وعلامته التجارية
غرف الفندق لا بأس بها، أما إفطاره فمتدني في تنوعه
صباحاً أكملنا ماراثوننا حتى بلغنا مطار ارلاندا بستوكهولم
اتجه ياسر إلى طائرته
أما نحن فأبدلنا السيارة في مكتب اوفيس بأخرى وعدنا إلى الطريق
زرنا صديقنا ذاك في تلك المدينة الأثرية وتناولنا طعام العشاء
وبجهد بالغ غادرنا منزله متجهين إلى ستوكهلم
لم تكن هناك أي ثلوج في طريقنا إلى تلك المدينة
وحين عودتنا، كانت قد اكتست بالبياض تماماً!
بتنا ليلتنا تلك في فندق بيست وسترن بلازا"Best Western Plaza Hotel"
في مدينة يسكيلستونا "Eskilstuna"
وفي الصباح انطلقنا إلى ارلاندا
سلمنا السيارة وذهبنا إلى صالة المطار استعداداً لصعود الطائرة الصربية!
واجهنا صعوبة بالغة في إيجاد حجز إلى براغ مباشرة على عكس التوقع تماما
ولا حتى إلى أي مدينة في الطريق إليها
كل ما كنا نجده يكون في اليوم التالي أو الإقلاع من مدن الوصول كذلك في اليوم التالي
أسرع رحلة وجدناها كانت على الخطوط الصربية مع سبعة ساعات انتظار ثم المواصلة إلى براغ
سبع ساعات ستكفي لمشاهدة الكثير في بلغراد، فلا بأس إذا
وصلنا مطار بلغراد وكانت المفاجئة عند موظفي الجوازات
لم يسمحوا لنا بالعبور لعدم وجود تأشيرة!
تذكرة المواصلة لا تعني لهم شيئا
وهذا يعني سبع ساعات في مطار صغير كئيب أقفلت متاجره بعد ساعة من وصولنا تقريبا
لا… لا
هذا لا يجدي
دخلنا الصالة الخاصة وكانت خاوية تماما
تناولنا الطعام فيها ثم أخذ كل منا مقعداً طويلاً واستسلمنا للنوم
فتحت عيناي حين عم الهرج والمرج المكان
لقد امتلأت الصالة بالمسافرين من ذوي الياقات البيضاء
أخذت كوباً من القهوة وأنا أغبط تركي على نومته تلك
حان الموعد وركبنا طائرة براغ
وقبل أن تصل الساعة إلى التاسعة والنصف صباحاً كان قد التم شملنا مجدداً في منزل ياسر
ارتحنا حتى ظهر ذلك اليوم
لم يكن هناك الكثير من الوقت لنهدره، فعودة تركي إلى السعودية هي في صباح اليوم التالي مباشرة
ذهبنا إلى قلب براغ
تبضعنا في الأسواق، تجولنا، لهونا، أكلنا وحتى مساج السمك جربناه
كان يوماً حافلاً بكل المقاييس
عدنا إلى المنزل وخلدنا للنوم
في الصباح ودعنا تركي وبعدها انطلق قافلاً إلى الديار
أما أنا فقد قضيت الأيام التالية متسكعاً في براغ الواسعة
كان ياسر يصاحبني كل ما واتته الفرصة لذلك، عدا ذلك كنت وحدي
في اليوم قبل الأخير لرحلتي هذه زرنا مدينة كارلوفي فاري الصحية "Karlovy Vary"
تبعد المدينة عن براغ قرابة المائة وثلاثين كيلومترا غربا
وهي إحدى المواقع المشهورة بعلاجها الطبيعي في التشيك
فعلاً المدينة حالمة وجميلة
تجولنا فيها يومنا ذاك حتى غربت شمسه
في اليوم التالي حزمت أمتعتي وودعت ابني ياسر وعدت إلى الوطن
.
.
.
وهكذا وعلى مدى ثلاثة أشهر
عشنا سوياً أحداث رحلتي هذه بكل ما فيها
استيقظ الجميع باكراً صباح هذا اليوم والحمد لله
وفي الطريق إلى صالة الطعام وأثناء تناول طعام الإفطار
كان الحديث يدور عن مخطط الرحلة
ياسر يريد العودة إلى براغ
هل يذهب من مطار ألتا أو هل ينتظر معنا ليوم آخر أو يومين
كنا نحثه على اتخاذ قرار
وأما أنا فكنت ملتزماَ بأن يرى تركي أضواء الشمال فقد وعدته بها
فليس من المعقول ولا المنطق أن يأتي إلى هنا وفي هذا الوقت من السنة ولا يشاهدها
كان قراري هذا خارجاً عن عدد الأيام تماماً
إما أن يرى الأضواء أو يطلب هو الرجوع
لم يستطع ياسر مقاومة الإغراءات فقرر البقاء أكثر
وفي نفس الوقت طرح رأياً نال استحسان الجميع
نعود إلى نورقام في فنلندا
إلى نورقامن لوماكيسكوس "Nuorgamin Lomakeskus"
إن تسألوني الآن
وبالذات لمن يريد قضاء أيام معدودة لمشاهدة وتصوير أضواء الشمال فقط
وعادة ثلاثة أيام إلى خمسة تكون كافية
فإني أفضل هذا المكان عما سواه!
نورقامن لوماكيسكوس هذا
لفت انتباهنا جميعاً باهتمامه بالتفاصيل وحتى أدقها
من الصعب جداً هنا أن تحتاج إلى أمر ما كنزيل ولا تجده
الحمام أكرمكم الله متكامل بل إن بعض الأكواخ يحتوي حمامها على ساونا كبيرة تتسع لأربعة أشخاص
سخان الملابس الذي تحدثت عنه سابقاً هو ميزة بحد ذاته لن تعرف قيمته حتى تصل إلى مثل هذه الأماكن
أما هواة الطبخ أثناء السفر، فإن أدوات المطبخ هنا لا محالة ستدهشهم بتنوعها
لا تشعر أن هذه الأكواخ جهزت بتجهيزات فندقية عادية
بل تشعر أن ربة منزل قطنت هنا من قبل واهتمت بأدق التفاصيل
هذا من ناحية السكن، أما من ناحية الموقع فهو على خط عرض سبعين كما هي التا تماما
بل إن نورقام حقيقة أبعد شمالاً من التا قليلا
أضف إلى ذلك، قابلية المكان للمشاهدة والتصوير
فالأضواء هنا خافتة وهي مناسبة تماماً للهدف، على النقيض من التا وما شابهها من مدن
حيث يتوجب عليك مغادرتها كلما أردت صوراً احترافية
القائمين على الفندق اضافة إلى كونهم ودودين جداً، فهم على اطلاع كاف بتاريخ المنطقة وتضاريسها
إلى الأهم من ذلك وهو شغفهم بهذه الأضواء وإلمامهم التام بفن مشاهدتها وتصويرها
وأخيراً، أنت في فنلندا ولست في النرويج بغلائها الفاحش!
ما يعيبها هو بعدها، فأقرب قرية لها تبعد عنها نصف ساعة بالسيارة وأقرب مطار قرابة الثلاثة ساعات
عدا ذلك وهي في نظري ميزة لا عيباً، فإنها كما ذكرت آنفاً مرشحتي الأولى
لم نتم إفطارنا إلا وقد حسم الأمر
سنذهب جميعاً إلى نورقام
فإن شاهدنا الأضواء عدنا جميعا، وإلا غادر ياسر وبقينا نحن
وحتى في الحالة الأولى كان ياسر سيسبقنا إلى براغ بيوم
وأنا وتركي سنذهب إلى زيارة صديق في مدينة سكارا "Skara" جنوباً
انطلقنا في طريقنا إلى نورقام
نزلنا في نورقامن لوما كيسكوس
كان الكوخ يتكون من مدخل فسيح
وصالة فسيحة بها مائدة الطعام والمطبخ
إضافةً إلى حمام فسيح في آخره ساونا فسيحة أيضا
وغرفتين غايةً في الصغر في كلٍ منها سريرين!
بعد أن الاستجمام قليلاً خرج ياسر وتركي لمزاولة بعض الأنشطة الشتوية
وبقيت أنا أعالج كاميراتي وأجهزها
في المساء كانت السماء لا زالت ملبدة بالغيوم
جرت بعض الاتصالات أكدت سوء الأجواء جنوباً مع بصيص أمل شمالا
توجهنا صوب الشمال وخلال دقائق قليلة كنا قد عبرنا الحدود إلى النرويج
وبعدها بدقائق أيضاً وعند مفترق طرق وجدنا محطة وقود
كان المتجر بداخلها يعد شطائر لذيذة، ابتعنا ما نحتاجه وأكملنا المسير
انحرف الطريق بنا يمنةً عند بحيرة كبيرة وصرنا نسير بمحاذاتها
شاهدنا الأورورا بشكل طفيف جداً وجربنا التصوير دون جدوى ثم واصلنا المسير
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 2048x1367.
بعد فترة من الزمن تنبهنا إلى أن اتجاهنا الآن بأخذ بنا إلى الحدود الروسية والقريبة من هنا
انعطفنا عائدين حتى بلغنا مفترق الطرق ثم انعطفنا يميناً باتجاه الشمال
كنا نجرب الكثير من الصور بين الحين والآخر حتى ونحن في المركبة
كنا كذلك حتى لمحنا تلك الأضواء
اتجه كلينا إلى تركي سائلين إياه هل تراها؟
ثم وصلنا إلى بقعة كانت الأضواء جلية فيها وأخذنا نصور
أطبقت السحب على السماء بعدها تماماً
ولكننا جميعاً كنا سعداء ونشعر بالرضى أن شاهد تركي تلك الأضواء
كانت يداه في جيبه وينتفض من البرد ولكنه لم يعد إلى المركبة
بل ضل رافعاً رأسه إلى السماء تأخذ به الأضواء يمنةً ويسرةً كيفما اتجهت
أدخلنا الكاميرات إلى المركبة وتساءلنا أنكتفي ونعود أم نكمل؟
كانت نظراتنا تعبر بجلاء عن رغبتها بالمزيد
ركزنا تحركاتنا صوب الشمال
حتى وصلنا مفترق طرق آخر، تأكدنا من موقعنا وانعطفنا يميناً صوب الشمال
بدأ الطريق يميل نحو الوعورة
ثم شاهدنا معدات طرق مهجورة خاوية ليس بقربها أحد
أخذ الطريق يصعد بنا الجبال ويزداد وعورة أكثر وأكثر
لم تكن تلك كل الصعاب
بل بات الثلج يزداد كثافة وكان الطريق يغيب عن ناظرنا أحياناً
الرياح ازدادت ضراوة تصاحبها حبيبات الثلج والتي كان يبدو أن بينها وبين المركبة ثأر
لم تكن إطارات المركبة معينة لنا
كنا من انزلاق إلى آخر
أحسست برعب شديد عند قمة الجبل، رعب لم أظهره لمرافقي
شعرت أن المركبة قد تنزلق نزولاً في أي لحظة
أسفل المركبة ثلوج متراكمة، الرياح الشديدة والمحملة بحبيبات الثلج تدفع جانب المركبة
الطريق ملتف صعوداً وبلا حواجز على جانبيه
زد على ذلك أن كلا مرافقي يسألاني وبإصرار الرجوع
حقيقة تنفست الصعداء عندما استوى بنا الجبل في الأعلى
رحت أقنعهم أننا سنكون بمحاذات النوردكاب إن استمرينا في المسير
وأن فرص مشاهدة تلك الأضواء أكبر
أين تذهب؟ هل تعلم أين نحن؟ هل يوجد أحد هنا؟ هل ترى ما نحن فيه من أجواء
بداهةً كانت حججهم قوية وأنا لم يكن يقودني غير أمل رؤية تلك الأضواء وفقط
رضخت عند رغبتهم واستدرت بالمركبة عائداً إلى نورقام
بتنا ليلتنا تلك على أن نغادر نورقام صباحاً إلى ستوكهولم
وبالفعل غادرنا نورقام عند الساعة الحادية عشر
سلكنا تلك الطرق التي لا ترى فيها إلا الثلج وأغصان الشجر
كنا نقف ونصور ونلهو قليلا
ومن ثم نكمل المسير
بعد قرابة العشر ساعات وأكثر من سبعمائة كيلو متراً توقفنا لتناول الطعام
ومن ثم عدنا إلى الطريق حتى بلغنا منتصف السويد وبتنا في فندق هاي واي "Highway Hotel"
فندق فيه الشيء الكثير من اسمه
كل الصور والتحف تمثل الطرازات القديمة من السيارات
بل إن مقاعد بهوه طويلة كمقاعد السيارات القديمة
وكل مقعد يمثل إحدى تلك السيارات بتطريزه وجلده حتى وعلامته التجارية
غرف الفندق لا بأس بها، أما إفطاره فمتدني في تنوعه
صباحاً أكملنا ماراثوننا حتى بلغنا مطار ارلاندا بستوكهولم
اتجه ياسر إلى طائرته
أما نحن فأبدلنا السيارة في مكتب اوفيس بأخرى وعدنا إلى الطريق
زرنا صديقنا ذاك في تلك المدينة الأثرية وتناولنا طعام العشاء
وبجهد بالغ غادرنا منزله متجهين إلى ستوكهلم
لم تكن هناك أي ثلوج في طريقنا إلى تلك المدينة
وحين عودتنا، كانت قد اكتست بالبياض تماماً!
بتنا ليلتنا تلك في فندق بيست وسترن بلازا"Best Western Plaza Hotel"
في مدينة يسكيلستونا "Eskilstuna"
وفي الصباح انطلقنا إلى ارلاندا
سلمنا السيارة وذهبنا إلى صالة المطار استعداداً لصعود الطائرة الصربية!
واجهنا صعوبة بالغة في إيجاد حجز إلى براغ مباشرة على عكس التوقع تماما
ولا حتى إلى أي مدينة في الطريق إليها
كل ما كنا نجده يكون في اليوم التالي أو الإقلاع من مدن الوصول كذلك في اليوم التالي
أسرع رحلة وجدناها كانت على الخطوط الصربية مع سبعة ساعات انتظار ثم المواصلة إلى براغ
سبع ساعات ستكفي لمشاهدة الكثير في بلغراد، فلا بأس إذا
وصلنا مطار بلغراد وكانت المفاجئة عند موظفي الجوازات
لم يسمحوا لنا بالعبور لعدم وجود تأشيرة!
تذكرة المواصلة لا تعني لهم شيئا
وهذا يعني سبع ساعات في مطار صغير كئيب أقفلت متاجره بعد ساعة من وصولنا تقريبا
لا… لا
هذا لا يجدي
دخلنا الصالة الخاصة وكانت خاوية تماما
تناولنا الطعام فيها ثم أخذ كل منا مقعداً طويلاً واستسلمنا للنوم
فتحت عيناي حين عم الهرج والمرج المكان
لقد امتلأت الصالة بالمسافرين من ذوي الياقات البيضاء
أخذت كوباً من القهوة وأنا أغبط تركي على نومته تلك
حان الموعد وركبنا طائرة براغ
وقبل أن تصل الساعة إلى التاسعة والنصف صباحاً كان قد التم شملنا مجدداً في منزل ياسر
ارتحنا حتى ظهر ذلك اليوم
لم يكن هناك الكثير من الوقت لنهدره، فعودة تركي إلى السعودية هي في صباح اليوم التالي مباشرة
ذهبنا إلى قلب براغ
تبضعنا في الأسواق، تجولنا، لهونا، أكلنا وحتى مساج السمك جربناه
كان يوماً حافلاً بكل المقاييس
عدنا إلى المنزل وخلدنا للنوم
في الصباح ودعنا تركي وبعدها انطلق قافلاً إلى الديار
أما أنا فقد قضيت الأيام التالية متسكعاً في براغ الواسعة
كان ياسر يصاحبني كل ما واتته الفرصة لذلك، عدا ذلك كنت وحدي
في اليوم قبل الأخير لرحلتي هذه زرنا مدينة كارلوفي فاري الصحية "Karlovy Vary"
تبعد المدينة عن براغ قرابة المائة وثلاثين كيلومترا غربا
وهي إحدى المواقع المشهورة بعلاجها الطبيعي في التشيك
فعلاً المدينة حالمة وجميلة
تجولنا فيها يومنا ذاك حتى غربت شمسه
في اليوم التالي حزمت أمتعتي وودعت ابني ياسر وعدت إلى الوطن
.
.
.
وهكذا وعلى مدى ثلاثة أشهر
عشنا سوياً أحداث رحلتي هذه بكل ما فيها