عودة جديدة إلى تقرير جديد أتمنى أن ينال إعجابكم
عدت منذ فترة قصيرة من رحلة رائعة إلى الغابة السوداء (Black Forest) و بعض المدن الحدودية في كل من سويسرا و فرنسا و الذي لا يمكنني أن أصف لكم كم ما استفدته من هذا المنتدى و تقاريركم الشيقة في تخطيط رحلتي على الوجه الأمثل نظراً لصغر المدة بسبب دراسة أبنائي
و ها أنا بدوري أشارك معكم رحلتي إن شاء الله عسى أن تكون هي الأخرى ذات نفع !
23 أكتوبر – 30 أكتوبر
برلين
فرانكفورت
الغابة السوداء
كولمار
ستراسبورج
لوسيرن
إنترلاكن
قصتي اليوم تتناول رحلة من رحلات عمري .. و لقد اعتدت أن لا أطلق تعبير رحلة العمر إلا إذا كان في الأمر شيئاً مميزاً و كنت قد قضيت فيها أياماً لا تتكرر أو اختبرت فيها تجارب جديدة لم أعرفها من قبل .. رحلة العمر بالنسبة لي هي الرحلات التي رافقني فيها في اختبار هذه المفاجآت أحبائي و ماذا يعني السفر بلا صحبة ؟
بدأت في التخطيط للرحلة في شهر يوليو من عام 2016 .. تذاكر السفر على الخطوط التركية .. قمت بالحجز من موقع الخطوط التركية على الإنترنت و توجهت لمكتبهم فيما بعد لطبع التذاكر .. حيث أنهم لا يرسلون التذاكر بشكل إلكتروني و لا أعرف السبب !
أرهقتنا السفارة الألمانية في إيجاد موعد مقابلة لأبنائي بسبب الضغط الشديد على السفارة - الشعب كله عايز يهاجر ألمانيا تقريباً !!- و كادت الرحلة لتلغى لولا توفيق الله لنا بعد الإلحاح الشديد و المستمر من قبلنا حتى نلنا موعدين منفصلين لكلا ابنينا .. ثم بعد إلحاح جديد و محادثة للسفارة نفسها استطعنا بحمد الله ضم الموعدين إلى موعد واحد نظراً لأن المقابلة ستتطلب سفرأ إلى القاهرة .. حصل أبنائي على التأشيرة و اخترت الفنادق و المنازل و حجزت القطارات و السيارة و كانت هي التجربة الأولى لنا في تأجير سيارة في أوروبا و كم كانت من تجربة هائلة !
جهزت ما سنحتاجه هناك و اشتريت بعض الهدايا التي سأخبركم عن نفعها لاحقاً .. قضيت وقتاً طويلاً أتصفح فيه المواقع و الارشادات و أرسم فيه الخرائط و أتواصل مع المواقع و المضيفين مع تكرار البحث و التنقيح للفنادق و الحجز ثم الإلغاء لأكثر من مرة حتى توصلت في النهاية لأفضل الأماكن بحمد الله .. وضعت جدولاً زمنياً دقيقاُ للاستفادة من الوقت القليل المتاح .. أرسلنا في شراء جهاز جارمن للسيارة من أمازون إيطاليا و بالفعل وصل الجهاز و أدخلنا عليه المعطيات .. و قمت بتحضير القليل جداً من الحقائب كعادتي حيث أنني دائماً ما أحب السفر خفيفة لجميع الأسباب الممكنة !
قبل السفر بيومين جهزت هذه الحقيبة و ذلك لأننا في خطة رحلتنا سنمكث في أحد المنازل النائية و لقد احتوت هذه الحقيبة على بعض الأطعمة الجافة و المعلبات و بعض مستلزمات طهي الطعام ..
الحقيقة أنني كثيراً ما أصطحب معي المأكولات و بخاصة تلك التي تناسبنا كمسلمين و لقد قمنا بالطهو مرة واحدة في بودابست على خفيف .. و لكنني بالفعل أعتبر هذه هي المرة الأولى التي نختبر فيها الطهو كما في المنزل و قد كانت تجربة مثيرة !
في تمام منتصف الليل من ليلة 23 أكتوبر و بعد يوم طويل شاق مليء بالأحداث اتجهنا إلى مطار برج العرب بمدينتنا الإسكندرية و كانت هذه هي الفائدة الأولى التي رجوتها من اختيار الخطوط التركية بجانب زهد ثمنها بالطبع و هي أنها الطائرة الوحيدة التي تتجه لأوروبا من الإسكندرية فتوفر علينا مشقة السفر إلى القاهرة و الذي بالتأكيد يسحب الكثير من الطاقة في بداية الرحلة ..
مطار برج العرب صالة المغادرة
في مطار برج العرب في تمام الساعة الثالثة فجراً اتجهنا إلى طائرة واحدة أنا و زوجي و ابني و ابنتي اللذان قد تخطيا مرحلة الطفولة و صار السفر معهما ممتعاً و شاقاً في نفس الوقت !
كانت الطائرة مريحة بلاشك ..
و تلقينا الترحاب بالعربية
و بلغات أخرى !
و برغم رغبتي الشديدة في أن ينال أبنائي قسطاً من الراحة قبل بدء رحلتنا التي ستبدأ و بقوة بعد ساعات قليلة فقد استمتعت برؤيتهما يختبران فكرة الشاشة الخاصة بكل مقعد و اكتشفت أنها مرتهما الأولى في هذه التجربة .. اكتشفت ابنتي أن شاشتها لا تعمل و أبدلت معها المقاعد بعد محاورات و مناورات ..
و كان الطعام بسيطاً و لكنه جاء في وقته !
في استانبول .. افترقنا عن زوجي .. ففي حين هرعنا نحن لاستقلال الطائرة المتجهة إلى برلين .. كان هو الآخر يجري لطائرته الذاهبة إلى فرانكفورت حيث لديه عملاً قصيراً في مدينة ماينز القريبة من فرانكفورت و بما أنني و زوجي نعشق برلين و نعلم جيداً أن فرانكفورت لا تقارن بها .. فقد اخترنا أن أتوجه بهما لبرلين ليومين قبل أن نجتمع مجدداً مع زوجي .. كان مطار استانبول مزدحماً على آخره بسبب الترانزيت .. إذ بدا لي أن هذا المطار شبه قائم على الترانزيت و أحسست للحظات أننا لن نتمكن من اللحاق بطائرتنا لكن الحمد لله وصلنا في اللحظات الأخيرة و استقلينا الطائرة المتجهة إلى برلين. تخيلت وقتها أنهما سيخلدان إلى بعض الراحة لكنهما استمرا في الاستمتاع بالتجربة و كان التعب و الإرهاق قد بلغا بي كل مبلغ و حقيقة أنا لا أعرف ما هو سر يوم السفر بالنسبة لي .. فمهما حاولت و خططت يظل يوم السفر هو اليوم الذي تظهر لك فيه الكثير من الأعمال و المسئوليات في وطنك فتقضيه ما بين هذا و ذاك حتى تركب الطائرة و أنت في حالة إعياء !
كنت أعرف ما ينتظرنا من جدول حافل و وقت ضيق لذلك كنت أرغب في بعض النوم ..
و يقع في الشمال الغربي من المدينة و لا يبعد كثيراً عن وسط المدينة .. بدائل الخروج منه إما باستخدام الباص X9 أو 109 و منهما تستطيع التوجه لكل مكان في برلين و سعر التذكرة هو سعر تذكرة المواصلات العادية في برلين 2.70 و المخفضة للأطفال تحت الخامسة عشرة 1.70 ..
أو باستخدام التاكسي .. و لا يوجد قطار و لا محطة مترو داخل أو بالقرب من هذا المطار و أحب أن أؤكد على هذه المعلومة .. و بما أنني من محبي استخدام كل البدائل الموفرة و كانت رغبتي في استخدام الباص لولا وجود أبنائي و الحقيبتين فقد دخلت قبيل سفري إلى موقع الفندق على TripAdvisor في الجزء المخصص للسؤال و وضعت سؤالي و سألت من نزلوا فيه من قبل عن تكلفة التاكسي من المطار فجاءني هذان الردّان:
و كانت الإجابة أنه يتراوح ما بين 20-25 يورو فاتكلت على الله و قررت استخدام التاكسي لأن التكلفة ليست بالباهظة ..
أما المطار اللآخر فهو Schِnefeld و يقع في الجنوب الشرقي
خرجنا إلى الصف الذي يوجد فيه سيارات الأجرة و جاء الحظ مع سيارة مرسيدس يقودها سائق ألماني عجوز .. كانت الكوميديا في هذا السائق الذي لا يعرف سوى الألمانية .. كان التواصل معه صعباً للغاية برغم معرفتي باللغة الألمانية
أعطيته حجز الفندق المطبوع من موقع Booking
و به عنوان الفندق و خريطة مصغرة و قام هو بمحاولة إدخال العنوان على جهاز السيارة و كان فاشلاً جداً و أثناء انشغاله بجهاز ال GPS ارتطمت السيارة بالرصيف داخل المطار و جلس يسب و يلعن الجهاز و السيارة !!
كان عصبياً جداً بشكل مضحك و يتحدث معنا و نحن لا ندرك ما يقول .. جلس ابني بجواره في الأمام .. سارت الأمور و استطاع إدخال موقع الفندق و انطلقنا .. انفرجت أسارير الرجل .. و بدأ يتقمص دور المرشد السياحي مع ابني الجالس بجواره و يشير له على بعض المباني و يتحدث و يضحك و ابني يهز رأسه !
كانت المسافة قصيرة جداً بالطبع معظمها داخل اكبر بارك في برلين Tiergarten نسيت أن أخبركم أن هذا اليوم كان يوم الأحد و هو أجازة الأسبوع الرسمية بالطبع حيث الهدوء و الطرقات الفارغة
وصلنا إلى الفندق .. اسم الفندق
Holiday Inn express Berlin city center west
ثلاثة نجوم
لماذا اخترته لأسباب عدة .. يتركز معظمها في موقعه بالنسبة لي لقربه الشديد من حديقة الحيوان و هي مقصدي في اليوم الثاني و لأنني أعرف هذا الجزء من برلين جيداً (الجزء الذي يطلق عليه الوسط الغربي) و هو بالنسبة لي من أجمل مناطق برلين و المتصلة بشكل رائع ببقية المدينة ..
الفندق أتاح لي فرصة أن يكون ابناي الاثنان معي في الغرفة و هو ما جعل هذا الفندق يتفوق على فنادق أخرى أربع نجوم حيث كنا سنضطر للانفصال في غرفتين و هو ما لم أرغب به .. و بما أنني لا أمكث في الفندق سوى ساعات النوم فقط فقد كان هذا الفندق هو بالضبط ما أريده ..
الفندق الآخر القريب منه جداً و الذي كان الاختيار الثاني بالنسبة لي هو Crown plaza و هو أربع نجوم و لكن السرير الاضافي لم يعجبني ففضلت الفندق الآخر
تتبعت عروض الفندق بشكل شبه يومي حتى حصلت على أقل سعر عرضه الفندق لغرفتي المقصودة وكانت الليلة الواحدة بحوالي 95 يورو
دخلنا إلى الفندق في تمام العاشرة صباحاً
هنا الطريق الذي به الفندق
طريق كبير و تحيطه الأشجار و به فنادق و محال تجارية و لكنه هادئ بشكل أو بآخر و في آخره توجد حديقة الحيوان و هو الشارع الموازي للشارع التجاري الشهير Ku'damm لا يفصله عنه سوى بنايات قليلة
منطقة جميلة في برلين ..
كان الجو جميلاً برغم برودته .. السماء غائمة و الغيوم خفيفة و غير محملة بالأمطار .. و البرودة مقبولة
دلفنا إلى داخل الفندق مستعدين لرفض طلبنا بالتسكين المبكر عبر المراسلات السابقة .. لكن هذا الأمر يعود بشكل رئيس - كما تعلمون - إلى الغرف المتاحة يومها .. و بالفعل استقبلتنا موظفة الاستقبال اللطيفة جداً أحسن استقبال .. حقاً يتميز هذا الفندق بجودة طاقمه و بشاشتهم و حسن استماعهم ..
أخبرتني آسفة أنه لا يوجد غرفة متاحة الآن و أن علينا أن ننتظر حتى الساعة الثانية بعد الظهر لدخول الغرفة ..
لم أجد غضاضة في ذلك لأنني اعتدت على ذلك .. في مرة في زيارة لسالزبورج الله يسامحه موظف الفندق كانت الساعة تقارب الثانية عشرة و الفندق مش باين عليه الزحام و رفض يدخلنا الغرفة و تركنا الحقائب و ذهبنا للتجول لأن كان عندنا يوم واحد فقط في سالزبورغ و المضحك إننا قضينا اليوم كله في التجول و لم نعد للفندق إلا في الساعة التاسعة مساءاً ! لدرجة إن الموظف كان مستغرب جداً إن أول دخول للغرفة كان بالمساء و لكن طبعاً أخذ نصيبه على بوكينج !
لكن المرة دي نحن وصلنا الساعة العاشرة و لابد من ترك الحقائب حتى لا يضيع اليوم و أفضل ما يمكن عمله هو الاستعداد لهذا الأمر و كيف ذلك ؟ بوضع كل ما ستحتاجه للتجول في الجيب الخارجي للحقيبة أو بما يكون سهل التناول ..
طلبت منها أن أترك الحقيبتين في مخزن الحقائب و منحتني كل ما يكفي من الوقت لاخراج الأشياء التي حضرناها مسبقاً من الحقيبة و تركت لها الحقيبتين و أعطتني ورقة برقمهما ثم سألتها عن الجو اليوم و هل سأحتاج إلى مظلة حسب توقعات الأرصاد .. فأخبرتني بالنفي .. تركنا المظلات حتى نتخلص من بعض الأوزان .. و استخدمنا دورة المياه للوضوء .. صحيح أن الساعة العاشرة و بيننا و بين صلاة الظهر فراسخ من الوقت ! إذ أن الشمس تشرق في ذلك الوقت بما يقارب التاسعة صباحاً لكنها عادة ربتنا عليها أمي أن لا نخرج من المنزل بغير وضوء .. جهزنا الكوفيات و أغطية الرأس الصوفية و القفازات .. و خريطتي و دفتري الصغير الذي رسمت فيه الطرق بالتفصيل و زجاجة مياة و بعض الشطائر اللذيذة و انطلقنا !
ما أجمله فصل الخريف !
و الشجيرات الجميلة تتزين بأوراقها الصفراء و البرتقالية في دلال !
كان النسيم عليلاً بما تحمل الكلمة من معان .. و كان الصفاء يلف المكان .. الجو هادئ و الطرقات فارغة و الدكاكين مغلقة .. جميلة هي برلين في صباح يوم أحد عادي .. و جميل هو التجول على أرصفتها المدهونة بلون الخريف !
عبرنا الطريق و في طريقنا إلى محطة المترو وقفنا لالتقاط بعض الصور السيلفي فإذا بنا نفاجأ و نحن تتفقد الصور فيما بعد أن هناك بعض السيدات كانوا بيحاولوا يظهروا في الصورة من خلفنا و يعملوا حركات ! مجانين و الله !
و ها نحن في محطة المترو .. ابتعنا من الماكينة عدداً من التذاكر التي من المتوقع أن تكفينا لليومين و برغم من أن ابني لم يتجاوز الخامسة عشرة إلا بأشهر قليلة فقد ابتعت له تذكرة كاملة التزاماً بقوانينهم برغم معرفتي أن أحداً لن يسأل على الإطلاق و لا فيه أحد بيسأل على التذكرة أساساً .. لكن ألمانيا و نظامها و التزام شعبها لا يدعان لك أي فرصة لأن تخالف حتى بينك و بين نفسك و لا تجد نفسك إلا و أنت تلتزم ككافة هذا الشعب المميز !
كان الاتجاه مباشرة إلى حيث يقع Berlin Wall في الجزء الشرقي من المدينة و هكذا اخترت أن نبدأ رحلتنا بالأبعد .. نزلنا في محطة المترو و هي الأخيرة على هذا الخط و اسمها Berlin Warschauer Strase
تعبر الطريق باتجاه النهر
و ها أنت في أطول جزء متبقي من جدار برلين الذي بني يوماً ليفصل بين ألمانيا الشرقية (الاشتراكية) و ألمانيا الغربية .. تجول في عقلك كل الحكايات التي سمعتها من الألمان الذين عاصروا إقامته و الغصة التي في قلوبهم ناحيته حين استيقظوا يوماً ليجدوا بعض أحبتهم و قد انفصلوا عنهم في الجهة الأخرى من الجدار .. حزينة هي ذكريات هذا الجدار في قلوب أهل برلين !
تمشي بجواره و قد صار اليوم مرسماً لكل الفنانين الذين رسموا بفرشاتهم عليه رموزاً للسلام و المحبة .. غريبة هي الرسوم .. و قوية هي بعضها .. تهب على نفسك ذكرى هدمه و توحيد ألمانيا في 1989 و الفرحة التي عاصرتها بنفسك في نشرات الأخبار و الصحف و قد كنت وقتها في بدايات المراهقة .. تلك الفرحة التي غمرت ألمانيا و غمرت كل كاره للحرب و تفريق الانسانية
هذه الصورة من زيارة مسبقة لبرلين في فصل الشتاء و ستلاحظون الثلوج التي غطت أسفله لأن هناك جزء من الصور من هذا اليوم في كاميرا أخرى
لم نطل وجودنا بجانب جدار برلين و التقطنا بعض الصور هنا و هناك ثم انطلقنا إلى حيث تقع محطة القطار الشرقية و هي مباشرة بجانب محطة المترو التي نزلنا منها منذ قليل
لفت انتباهنا اعتصام صغير بالمظلات السوداء كتب عليه جملة تخص المرأة البولندية
ثم ركبنا القطار من تلك المحطة الشرقية التي تمتاز بكل ما تختلف به الجهة الشرقية من برلين .. فالجهة الشرقية من برلين لها معمارها المميز و ملامحها المميزة و قد كان هذا الجزء و لا زال بشكل أو بآخر هو الجزء الأفقر و الأضعف من برلين عن الجزء الغربي بمعماره الضخم و أناقته .. الجزء الشرقي مميز بمعماره الذي سرعان ما يذكرك بالاشتراكية
هذه صورة للمحطة من رحلة لي سابقة لبرلين و كانت في الشتاء كما تلاحظون مع الثلوج ألا تذكركم بالأفلام التي كانت تتناول روسيا قديماً .. أنا شخصياً بيفكرني بفيلم دكتور زيفاجو
مررنا على Alexanderplatz ولم نتوقف عندها فلم يتسع الوقت لها .. شاهدها ابناي من نافذة القطار و شاهدا بالطبع برج النلفزيون الأشهر بهذه المنطقة .. برج التليفزيون من المعالم الشهيرة في برلبن و كثيرون يفضلون صعوده
كان أمامنا شاب يتناول غداءه بالقطار .. لم ينظر إليه أحد و لم يتطفل عليه انسان .. جميل هو حين تدع الخلق للخالق طالما لم يتعدوا الحدود ..
صعد القطار كمان رجل معه كلب ضخم و كان مثار حديث أبنائي
هبطنا في محطة Hakescher markt و هي المحطة التي تلي Alexanderplatz مباشرة و هي الأقرب لوجهتنا ..
عبرنا النهر مرة أخرى
لنصبح داخل الجزيرة الشهيرة Museum Island أو جزيرة المتاحف .. و ها نحن أمام حفنة من أهم معالم برلين
Altes museum
و هذه صورة أخرى من زيارة سابقة لي له في الشتاء
يذكرني هذا الثلج بالمارشميللو !
معظم المتاحف في برلين تغلق يوم الاثنين ما عدا هذا المتحف و الدخول بخفيضات هائلة للطلبة .. كما أن من هم دون الثامنة عشرة يدخلون مجاناً
جزيرة المتاحف هذه بها نوعية رائعة من المتاحف التي تحتوي على إرث تاريخي عظيم من الكثير من الحقب بدءاً من الحقبة المصرية القديمة مروراً بالبيزنطية و الرومانية و غيرها كما أن أحدهم يحتوي على الفن الألماني
Berliner Dom
هذه الصورة من زيارتنا الحالية
هذه هي الكنيسة الأكبر و التي تتميز بها برلين بقببها الخضراء المميزة كما ترون .. المنطقة المحيطة بها جميلة جداً و لقد شهدتها في الشتاء و هي ساحة من الثلج الأبيض !
بعض الناس يصعدون إلى سطح الكنسة و من خلالها يتمكنون من مشاهدة برلين
Bode museum
التقطنا الكثير من الصور التي ظهر فيها جميعاً في الخلفية برج التلفاز الشهير ببرلين ..
و كنّا نتوقف كثيراً من أجل ضبط الكاميرات و ابني معه كاميرا بروفشنال تحتاج الاتصال ببرنامج على الهاتف .. و كل واحد يرغب في شيء مختلف ..
و مررنا بجانب سوق للكتب المستعملة على شاطئ النهر .. كان به بعض الحلي و الملابس التقليدية بالاضافة للكتب .. يا خسارة الكتب كلها بالألمانية
بعد توقف قصير في جزيرة المتاحف و أمام متحف ال altes أو بمعنى المتحف العتيق و التقاط الكثير من الصور في انتظار لحظات بزوغ الشمس كل فترة من خلف الغيوم ..
متحف altes من الخارج
تمشينا قليلاً على النهر .. اليوم أراه نهراً و في الشتاء رأيته بقعة من الثلوج !
و خلال ذلك تسللت إلى أنوفنا رائحة شهية جداً فإذا بها قادمة من كشك لبيع الوجبة الشعبية الأولى في برلين و هي currywurst و حوله زحام كبير ..
طبعاً لا يمكن تجربته لأنه ما هو إلا نقانق من لحم الخنزير .. و لقد قرأت من قبل أنه يوجد منه نوع نباتي لكنني لم أصادفه خلال زياراتي كلها
انطلقنا غرباً و الحقيقة أن كلمة انطلقنا لا تعبر جيداً عن الحالة وقتها فقد كان التعب الجسماني مسيطر على أبنائي و خاصة ابني الذي ارتدى يومها - أكرمكم الله - حذاءاً جديداً و كانت قدماه تئن أنيناً .. و بما أن الجوع كان قد استبد بنا فقد جلسنا في حديقة صغيرة قابلتنا و تناولنا آخر ما تبقى معنا من شطائر الوطن ثم عدنا إلى المشي مجدداً
قابلنا هذا الباب الصغير في أحد المباني .. ربما لا يظهر كم هو صغير في الصورة لأنه ما من شيء بجانبه للمقارنة
و مررنا بالعدبد من المباني الضخمة و المسارح و الأوبرا
و أخيراً وصلنا إلى مقصدنا و هو ساحة Gendarmenmarkt و هي ساحة جميلة بها ثلاث مبان أثرية جميلة و منها أكملنا الطريق شمالاً في شوارع برلين الفارغة
هذه المجسمات في أحد الجسور بالطريق
و كما ترون جاليري لافييت و مغلق لأنه نهار الأحد
بدأ الأولاد يتذمران من المشي و متى سنصل و أنا أصبرهم
حقيقة أنني لدي مقدرة أكثر منهما على المشي لساعات و خاصة حين تحضر نفسك بالحذاء المناسب .. المهم .. وصلنا إلى المنطقة التي يوجد بها النصب التذكاري لمحارق اليهود .. Holocaust Memorial و بغض النظر عن وجهة نظرنا في هذا الموضوع فهو مكان غريب جدير بالزيارة حيث يتكون من ألواح خرسانية منسقة بجانب بعضها البعض لتغدو كالمتاهة ..
من أعلى السطح يمكنك أن تتخيل أنها بسوى سطح الأرض
ثم تنزل فيها شيئاً فشيئاً فتجد أنك قد صرت داخلها !
اندهش أبنائي منها و أخذاها لعبة .. و جلسا يجريان داخل المتاهة .. لا أعتقد أن هذا كان المقصود من النصب التذكاري
يوجد متحف داخل النصب و هو مجاني و لقد دخلته في زيارة سابقة مع زوجي يعرض تاريخ المحرقة و يعرض صور للأسر اليهودية التي أبيدت من قبل النازية
الحقيقة لم أجد أهمية لادخال أبنائي إليه فلا هو يناسب الصغار بسبب قسوة مافيه من مشاهد و لا سيستطيعون في رأيي التمييز بين الحقيقة و غيرها فلأتركهم أولاً يقرأون جيداً حول هذا الموضوع من جميع الجوانب ثم يكونون بأنفسهم رأيهم الخاص
خرجنا من هذه المتاهة مباشرة وبالقرب .. وصلنا إلى الوجهة الكبرى
بوابة براندينبورج Brandenburg Gate
الساحة حولها رائعة بمعنى الكلمة خاصة حين تضاء ليلاً بالأنوار الساحرة .. كانت الساعة لا تزال الثالثة و النصف بعد الظهر و الساحة مليئة بالناس و بدأ الجو يبرد بشدة و تسلل النعاس إلى أعيننا .. جلسنا بجانب البوابة نستمتع بهذا الجو الخلاب
.. و ننتظر موعدنا في مبنى ال Reichstag
ذلك المبنى بقبته السماوية هو من المزارات التي يحبها الأطفال كثيراً و هو مبني البرلمان الألماني و لا بد لك لكي تزوره أن تقوم بالحجز عبر الانترنت لدواعي الأمن .. الحجز مجاني .. و بمجرد أن تحجز يرسلون لك ايميل التأكيد بالموعد .. فقط احجز قبلها بفترة جيدة حتى تتاح لك المواعيد كلها
كان موعدنا هو الرابعة و النصف و توجهنا إلى البوابة في الرابعة .. فطلبت منا السيدة على الباب أن نحضر مجدداً بعد ربع ساعة ..
عبرنا الطريق بحثاً عن مكان مغلق يقينا من البرد فوجدنا صالة كبيرة لبيع الهدايا و التذكارات ..تجولنا في دفئها قليلاً و اشترينا كرة ثلجية بداخلها معالم برلين ..هي عادة اعتدتها في كل مدينة أزورها أن أشتري شيئاً يذكرني بها و صنعت لها رفاً كاملاً في منزلي
صلينا الظهر و العصر جمعاً .. و جلسنا ننتظر موعد دخولنا الرايشتاج أو الرايخ كما ندعوه ..
كانت الأشجار ذوات الأوراق الحمراء أمامنا في مشهد من الصعب وصفه !
هذه الحديقة التي تمتد امام مبنى الرايخ من أروع ما يوصف .. و لقد كانت ساحة من الثلج في مرة سابقة لدرجة أنني لم أتعرف إليها أنها حديقة في الأصل !
يعني لكي تستطيعوا تخيل الموقف هذه صورة للحديقة من زيارة لي في الشتاء !!
على يسار المبنى تستطيع الوصول إلى محطة القطار الرئيسية Berlin Hauptbahnhof و هي جميلة و بها مول من الداخل تستطيع التجول فيها أثناء برودة الجو
كما ترون الحديقة تفصل بين المبنى و بين محطة القطار (و هذه الصورة مأخوذة في الشتاء)
صورة أقرب لمحطة القطار من الإنترنت
تحدثنا مع زوجي هاتفياً .. كان زوجي قد اشترى في الأسبوع السابق من هده الرحلة شريحة تليفون (ليبارا) من المطار حيث كان في زيارة قصيرة لبرلين .. و هي شريحة جيدة بعد قراءات وجدت أنها من الخطوط الجيدة من ناحية الانترنت و المكالمات
يوجد أيضاً شريحة تابعة لمحلات (ألدي) (Aldi) و لا تباع إلا فيه
قد يطلب منك أن تكون مقيم في المدينة ليعطيك شريحة تليفون و ذلك غالباً في المطار أو في محلات الجوال الرسمية و قد لا يطلب لكن تستطيع شراء شريحة التليفون من المحلات الكبيرة (السوبر ماركت) بلا أدنى مشاكل و لا سيسألك عن أي شيء
طبعاً زوجي كان في مدينة ماينز و أخذ يخبرنا أن المدينة هادئة لدرجة الموت لأن اليوم هو يوم الأحد .. أرسلنا له بعض الصور التي التقطناها .. و اندهش من كم الأشياء التي مررنا بها .. شعرت بالفخر و الاعتزاز الحقيقة !
بدأنا استعدادات الدخول !
و هي مقتبسة من استعدادتي للمطار .. و تتركز في فكرة جهّز نفسك قبل أن يجهزوا عليك !
و بما أن الحجاب أصلاً في ألمانيا يشعرنا دائماً بالقلق .. أو على الأقل يشعرني أنا .. و خاصة من تصرفات بعض العرب في ألمانيا للأسف و التي جعلت هناك عنصرية داخلية عند الألمان المتعصبين تجاهنا .. لم ألمسها بكل أمانة و لكنني أستشعرها أحياناً فقط في بلدان الشمال الشرقي مثل ليبزيش و درسدن خاصة أنهم غير معتادين على التعايش مع المسلمين لقلة عددهم في هذه البلاد فتشعر أنهم ينظرون إليك ككائن قادم من الفضاء !
لذلك أتعمد عدم لفت النظر إليّ اكثر مما هو موجود .. الحمد لله .. مرت مرحلة الدخول بسلام .. مروا من جهاز المعادن .. بكل تأكيد .. هاتوا جوازات االسفر .. على الرحب و السعة .. و هذه نقطة نسيت أن أؤكد عليها
تدخل من بوابة التفتيش فتصعد بعض السلالم في المبنى العملاق .. ثم كلما دخل عدد كبير من الناس يغلقون عليهم البوابة و هو العدد المطلوب لملأ المصعد العملاق
يأتي المصعد ينزل منه زوار الفترة السابقة و نركب نحن و نصعد حتى مستوى أعلى ثم تبدأ الدائرة الحلزونية المصممة بدقة بحيث الصاعد لا يقابل النازل
قبل صعود القبة الحلزونية تمر على مكان ليعطيك سماعات الأذن باللغة المفضلة لك (لا يوجد العربية) .. هذه السماعات مصممة بحيث أنك كلما مررت أمام شيء تعمل تلقائياً و يشرح لك ما تراه
فكرة الزيارة أنك تصعد إلى مكان عالي جداً مصمم بهندسية عجيبة .. تستطيع من خلاله رؤية برلين كاملة .. يعني نفس فكرة برج إيفل و London eye و غيرها
هذه بعض الصور من أعلى
بس هنا في الشتاء
انبهر أبنائي بالزيارة و كنت متأكدة من ذلك و نسوا التعب وكل شيء .. شاهدنا كل برلين من الأعلى .. و صعدنا حتى السطح ..
نزلنا في النهاية و كان هناك مجموعة من الشباب الأفريقي بجانبنا .. و أسرة عربية واحدة .. و الكثير جداً من الأوروبيين .. خرجنا من المبنى و كان التساؤل المنطقي المحترم !
نذهب إلى الفندق أولاً .. ثم ننزل للعشاء
أم نذهب للعشاء ثم نعود مرة نهائية للفندق ؟
و كان الاستقرار في النهاية على أن نذهب للفندق أولاً لعمل check in و تغيير ملابسنا و الصلاة و من ثم النزول مباشرة لشراء بعض الأشياء من السوبر ماركت الوحيد المفتوح يوم الأحد و اسمه Hit Ullrich Verbrauchermarkt و في ألمانيا و نظراً لصرامة تطبيق قانون اغلاق المحال يوم الأحد .. قد تجد محلات لبيع الطعام مفتوحة فقط في محطات القطار الرئيسية .. و بما أن الفندق قريب من محطة قطار حديقة الحيوان Zoologischer فلقد تقصيت قبل سفري و وجدت الحمد لله هذا السوبر ماركت الوحيد المفتوح يوم الأحد و لكن حتى الساعة الثامنة فقط .. لذا كان علينا أن نسرع حتى لا نفقده
هذه هي المسافة القصيرة بين السوبر ماركت وبين فندقنا
خرجنا من المبنى .. و مباشرة إلى اليمين توجد محطة باص رقم 100 الباص الذي يمر على كل المناطق السياحية في برلين و تذكرته هي التذكرة العادية للمترو و الباص
هذا هو موقع الباص أمام الرايشتاج و كما تلاحظون موقف الباص أمام المبنى مباشرة
صورة من النت
و هذه هي محطات الباص
طبعاً نحن ركبنا من المحطة رقم 14 و نزلنا في المحطة رقم 18
و بالتالي مررنا داخل حديقة Tiergarten و هي البارك التي ترونها في منتصف برلين تماماً و التي يتوسطها عمود النصر ..
صورة من النت
و هذه البارك الرائعة مليئة بالنوافير و البحيرات و الأشجار بالطبع .. لو كان لدينا وقت أكثر لكانت ستكون وجهة مثالية لأولادي
هناك باص آخر له خط مختلف قليلاً و هو الباص رقم 200 و هو أيضاً من الباصات المخصصة للسائحين إذ أنه يمر أيضاً بالمناطق التي يقصدها السائحون
أنزلنا الباص بالقرب من الفندق تماماً و هذه من الأسباب التي جعلتني أختار هذا الفندق بالتحديد .. دخلنا إليه .. كانت السيدة في الاستقبال تختلف عن السيدة التي أخذت منا الحقائب في أول النهار .. و لكنها لا تختلف عنها في بشاشتها و حسن ترحابها .. حيتنا و أخبرتنا أنها ستتفقد الغرفة إن كانت جاهزة .. حاولت ذلك أكثر من مرة لكن التواصل مع خدمة الغرف كان به مشكلة .. فابتسمت و قالت أتمنى أن تكون الغرفة جاهزة .. المهم أخذتنا السيدة إلى مخزن الحقائب .. و هناك وجدنا أنه لم يتبق سوى حقائبنا نحن فقط .. طبعاً .. فالساعة تجاوزت الخامسة و النصف !
كانت السيدة في منتهى اللطف .. و على عكس الألمان كانت تحاول فتح حوار معنا .. سألتني .. هل نجحتم في رؤية أي شيء اليوم .. فرردت عليها : تقريباً رأينا كل شيء !
ابتسمت السيدة في سعادة .. واااو .. شيء رائع .. الجو اليوم جيد .. هذا الجو لا نراه كثيراً .. و أخبرتها أننا سنتوجه بعدها إلى الغابة السوداء فقالت نعم هناك الجو رائع أما هنا فنحن أقرب للجو في روسيا !
سألتني من أين أنتم ؟ .. فأخبرتها أننا من مصر .. و ما إن قلت كلمة مصر .. حتى كأنني ضغطت على زر عندها .. أولاً هي ظهرت عليها سعادة كبيرة و كأن أحداً قد فتح لها صندوق ذكرياتها .. ثم قالت : لقد زرت مصر كثيراً جداً .. أنا أحب مصر .. فسألتها عن المدن التي زارتها فأخبرتني أن معظم زياراتها كانت إلى الغردقة .. من أجل الغطس و الشعاب المرجانية إلخ .
شيء منطقي طبعاً فأكثر زوار الغردقة من الألمان كما أن أكثر زوار شرم الشيخ من روسيا .. ثم جلست تصف لنا حبها لمصر و أنها تعرف بعض الكلمات العربية .. فسألتها مباشرة : مثل ماذا ؟ .. قالت بعض كلمات و هي خجلانة : شكراً .. و السلام عليكم .. و خبز .. و باحبك !
ثم قالت: أن السبب أنه كان لها صديق مصري .. تقصد حبيب .. ثم قالت أنه ظهر فيما بعد أنه لم يكن انسان جدير بالحب ! .. طيب الحمد لله أنك لا زلت برغم ذلك تحبين مصر
أخذنا الحقائب و اتضح أن المصعد يعمل فقط بكارت الغرفة و هو ما أشعرنا بأمان أكثر .. دلفنا إلى الغرفة .. هي صغيرة .. و هو ما أعرفه مسبقاً لكنها هي كل ما نحتاجه .. نظيفة جداً و مطلة على الشارع و بها السرير الأضافي كبير و مريح ..
الإنترنت جيد جداً و سريع و مجاني ..
الحمام أكرمكم الله نظيف جداً و به كل ما تحتاجه ..
أدوات لتسخين المياه عادي
وضعنا الحقائب و صلينا المغرب و العشاء .. الحمد لله أن القبلة في نفس اتجاه المسافات بين الأسرّة لأن الغرفة صغيرة جداً
و بدلنا ملابسنا ثم نزلنا مباشرة قاصدين السوبر ماركت الذي ذكرته منذ قليل .. مسافة مشي عشر دقائق أو أقل
دخلنا إليه .. و بدأنا في شراء الأشياء التي نقصدها دائماً في سفرنا من بعض أنواع من القهوة بدون كافيين إلى العسل الألماني الرائع و أنواع أعجبتنا من قبل من الأسماك المعلبة
كل هذه القهوة منزوعة الكافيين سواء القهوة العربية أو سريعة الذوبان
إلى بعض أنواع الشوكولاتة اللذيذة و أنواع رائعة من الكورن فليكس (رقائق الذرة) و غيرها من الأشياء التي نحب العودة بها إلى وطننا .. اعذروني الشوكولاتة أُكلت كلها قبل تصويرها
كنا مستعجلين جداً لأن المحل على وشك الاغلاق .. و اشترينا بعض العصير و الكوكيز و الرقائق و الخبز من أجل ليلتنا هذه
خرجنا بعدها بكل هذه الأشياء و بمجرد أن عبرنا الشارع كنا مباشرة أمام يوروبا سنتر و هو المواجه مباشرة لبيكيني مول و كنيسة ويلهيلم .. أحب أن أصدمكم أن هذه الساحة بالتحديد و التي صرنا نمر بها على مدى اليومين مئات المرات كانت هي الساحة التي حدثت فيها الحادثة الشهيرة منذ أسبوعين و التي دخلت فيها سيارة نقل و قتلت عدد كبير من البشر !
كنيسة ويلهيلم في طريقنا رايح جاي
في ضلع من أضلاع يوروبا سنتر يوجد مطعمنا المنشود .. Vapiano .. فابيانو .. مطعمنا المفضل في كل البلدان التي يوجد بها سواء النمسا أو لندن أو غيره .. وهو مطعم المكرونة و البيتزا الايطالية التي تصنع أمامك مباشرة بطريقة منزلية .. هذا المطعم له طريقة معينة في الدفع بأنك تأخذ كارت شبيه بكارت الفيزا لدى دخولك من الباب ثم تتوجه إلى المحطات المختلفة داخل المطعم .. محطة البيتزا .. أو محطة المكرونة .. محطة المشروبات و هكذا و تأخذ ما تشاء من الطعام و عند كل محطة يأخذ منك الطباخ الكارت و يضيف عليه طلبك .. ثم في النهاية و أنت خارج .. يأخذ منك الكارت و يمرره على الماكينة و يخبرك بالمبلغ المطلوب
في فابيانو تختار أنت نوع المكرونة التي تريدها و كلها منزلية الصنع و تختار الإضافات التي ترغبها و كل ذلك يصنع لك الطباخ الطعام و أنت واقف أمامك مباشرة
أيضاً تخدم أنت نفسك فصينيات الطعام و الملاعق و الشوك و المناديل كلها موجودة و أنت تأخذ منها ما تريد و لذلك لا يضيف عليك في فاتورتك أي خدمة
هذه هي أماكن مطعم فابيانو في برلين
كان المطعم ملئ بالناس .. اخترنا طاولتنا .. و جلسنا و تركت أبنائي يستمتعون بالتجربة بأن يذهبوا هم لطلب الطعام و اخترنا ثلاثة أنواع من المكرونة و بيتزا واحدة كبيرة و كلها بفواكه البحر أو الروبيان .. لأن باقي الأنواع كلها بها لحوم و نحن لا نأكل اللحوم حين نسافر
كان الطعام ساخناً و لذيذاً .. المكرونة بالصوص الأخضر المكون غالباً من البقدونس و البستو كانت رائعة و كذلك المكرونة بالصوص الأبيض و الثالثة بالأحمر
للأسف ليس لدي صور معلش الجوع ليس له صاحب !
دفعنا حوالي 30 يورو و خرجنا بعد أن أنهينا يومنا بهذه الوجبة المثالية و عدنا أدراجنا إلى الفندق .. المسافة قصيرة جداً كما تلاحظون لم تستدعي ركوب الباص لأنها تقريباً نصف محطة
لا يوجد ثلاجة بالغرفة .. و لكن بالمقابل يوجد ماكينة للثلج ببهو الفندق .. فأخذنا معنا الكثير من الثلج إلى الغرفة .. وهناك احتسينا بعض من العصير اللذيذ و حادثنا زوجي هاتفياً و استغرقنا في نوم عميق على أمل أن تشرق علينا شمس الغد الذهبية في برلين الجميلة ليوم مختلف تماماً في نشاطاته
و بعد أن صلينا الفجر و ارتدينا ملابسنا و جهزنا حقيبة ظهر بها بعض الأشياء التي سأخبركم بها بعد دقائق قليلة لأنها أشياء مهمة جداً نصحنا بها زوجي من زيارته السابقة لحديقة الحيوان ببرلين منذ أسبوع واحد فقط
توجهنا إلى مطعم الفندق و بالرغم من أننا قرأنا بتقارير الفندق أن المطعم يكون في هدوء شديد قبل الثامنة و يبدأ في الازدحام بعد الثامنة و النصف بسبب أنه فندق ضخم جداً .. فقد تأخرنا حقيقة في النزول لأننا كنا مرهقين جداً من الليلة السابقة
المطعم جميل و أنيق
الطعام متنوع
العصير طازج
الكثير من الأنواع التي لا تناسبنا
لكن آخرنا هو الجبن أكيد
يوجد ركن للأطفال
الخدمة ممتازة
أجمل ما في المطعم أن هناك عند المخرج من قاعة الإفطار قهوة to go قهوة و فواكه لتأخذها معك و أنت خارج في أكواب ورقية للخروج
اتجهنا يميناً و في آخر الشارع توجد حديقة الحيوان
تذكرة حديقة الحيوان فقط
البالغ 14.5 يورو
الطفل حتى الخامسة عشرة 7.5 يورو
الطلبة 10 يورو
صحيح أن ابني كما ذكرت من قبل لم يتجاوز الخماسة عشرة سوى بشهور قليلة لكنني تعاملت على أنه طالب خاصة و أن معه بطاقة student card التي لا يجب أن تذهب إلى أوروبا بدونها إن كنت طالباً و لو طالب ماجستير لأنها تدخلك في تخفيضات كثيرة
ثلاث تذاكر لحديقة الحيوان و الأكواريوم
كانت الخطة التي أعددتها بناء على نصيحة زوجي أن ندخل للأكواريوم أولاً لأن الحيوانات في الحديقة تكون خاملة في الصباح الباكر .. و لكننا كنا دخلنا إلى الحديقة نفسها و لم نستطع الخروج للأكواريوم و للأسف برغم الخريطة التي معنا لم ندرك أن هناك باب للأكواريوم من داخل الحديقة .. لذلك بدأنا بالحديقة ..
يوجد تطبيق على الهاتف للحديقة أكثر من رائع يشير إلى الحيوانات القريبة منك و إلى العروض التي ستبدأ الآن .. عروض اطعام الحيوانات و هكذا
الحديقة جميلة و منظمة و لابد من مشاهدتها كلها و لقد استمتع أبنائي بها للغاية
وحيد القرن المنقرض
المفترس
لا تفوتوا الحيوانات الليلية فهي جديدة و غير مطروقة في حدائق أخرى .. عذراً معظم صورها غير واضحة لأنها تعيش في ظلام دامس
لا تفوتوا كذلك عرض اطعام كلاب البحر أو الفقمات فهو مسلي جداً
و كذلك البطريق
المهم كانت الوجهة التي ينتظرها أبنائي منذ الصباح .. بل منذ حكى لنا زوجي عنها و هي التي أعددنا أنفسنا لها منذ خرجنا من موطننا هي (مزرعة الحيوانات) .. أو farm pet
و هي الحقيقة فكرة أكثر من ذكية .. عبارة عن مزرعة مفتوحة بها الحيوانات مثل النعاج و الخراف و الجدي منطلقة بين الأطفال و تستطيع لمسها و اطعامها
أحضرنا معنا بعض من الخضراوات المقطعة بناء على نصيحة زوجي و كانت الحيوانات تلتف حول أبنائي و تترك بقية الأطفال .. لماذا
لأنهم يطعمونها من ماكينة بالمزرعة فيها حبوب غير شهية بينما نحن نطعمها طعاماً مختلفاً .. يا للهول لقد أفسدنا حمية الخراف !
كان الأطفال يلتقطون ما يقع منا ليعطونها للخراف !
كانت أوقات في شدة المتعة حقيقة
مر الوقت سريعاً و نحن لم نر كل شيء بعد و لكن الوقت سيداهمنا و هذا آخر يوم لنا في برلين و أبنائي بحاجة إلى شراء بعض الأشياء .. حقيقة برلين لا يمكن زيارتها في يومين
كان حذاء ابني قد وصل إلى آخره في الألم و أصبح غير قادر على المشي تقريباً لذلك كان بالخطة شراء حذاء جديد له
دخلنا الأكواريوم .. لم يكن مبهراً جداً .. فلقد دخلت ما هو أجمل منه من قبل ..
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 3264x2448.
خرجنا من الحديقة و بدأ الانقسام في الرأي .. بماذا نبدأ التسوق ؟
المهم أن الجو بدأ يتقلب .. و بدأت المطر ينهمر .. و لم نشعر كثيراً بذلك بسبب تواجدنا داخل المحلات
الحقيقة التسوق في ألمانيا من المتع برغم أنني لست من هواة التسوق و لا أستمتع به .. لكنه في ألمانيا له مذاق خاص .. و نوعية الأشياء و أسعارها التي لا تقارن
تجولنا في بعض المحلات و اشترينا .. و جاء موعد محل الأحذية .. و محل الالكترونيات الشهير Saturn
هذه صورة من الانترنت لمحل ساتورن في شارع التسوق الضخم Kudam الملاصق لفندقنا
و لكننا كنا في المساء و مع الأمطار فهذه الصورة أقرب للواقع (لكنها من الانترنت أيضاً)
محل الأحذية يغلق الثامنة و محل ساتورن يغلق التاسعة و الساعة الآن السابعة .. حسناً لنبدأ لمحل الأحذية أولاً
لا تتخيلوا كم التعب و الارهاق و الأشياء التي نحملها و مع ذلك دخلنا و اشترى ابني الحمد لله أكثر من حذاء مريح .. و طبعاً لا بد من الشراء لأخته فاختارت زوجاً من الحذاء الشتوي (البوت) و كنا مستعجلين جداً و كذلك السيدة على الكاشير لأن الساعة قاربت على الثامنة .. وكما تعلمون .. في العجلة الندامة
ستعرفون لماذا بعد قليل
خرجنا منه توجهنا لساتورن لم يكن هناك وقت و كنا مثقلين بالأحمال فتجولنا بسرعة شديدة جداً .. و خرجنا بسرعة كل هدفنا أن نشتري عصير لأن المحلات ستغلق الآن .. بالفعل لم يكن هناك وقت للتوجه للسوبر ماركت الذي زرناه أمس .. لا وقت و لا صحة الحقيقة
وجدنا محل فدخل ابني منفرداً بسرعة تاركاً لي و لأخته كل مشترواتنا على الباب و خرج ممسكاً بقنينتين من المشروبات الغازية العجيبة .. يعني من منظرهم عرفت أننا أخذنا مقلب
المهم توجهنا لمطعمنا المفضل مرة جديدة (فابيانو) .. على الباب أخبرنا الرجل أن هناك انتظار .. بما يعادل 20 دقيقة لأنه المطعم مملوء على آخره .. الحقيقة لم نفكر حتى في الرجوع .. لأننا من التعب أردنا أن نجلس حتى و لو انتظرنا الطعام فترة
الحقيقة أننا لم ننتظر كثيراً و تناولنا طعامنا و خرجنا .. لم نستطع أن نمشي كالبارحة للفندق بسبب ثقل ما نحمل و لأنني كان لازال لدي ثلاث تذاكر متبقية فركبنا الباص حتى المحطة أمام فندقنا و دخلنا .. أخذنا الثلج و توجهت لموظف الاستقبال أخبرته أنني بحاجة إلى تاكسي في الصباح الباكر
صعدنا للغرفة و بدأنا رحلة العذاب
طبعاً تحضير الحقائب و محاولة وضع المشتروات بها و هو الأمر الذي وقع على عاتقي انا بالكامل
المياة الغازية الرهيبة التي لا طعم لها
أما الأهم ...
فكان الحذاء (البوت الطويل) الخاص بابنتي .. حين قررت تجربته !
ما شاء الله .. واحدة من الزوج بمقاس و الأخرى بمقاس آخر صغير جداً جداً
طبعاً انهارت ابنتي .. و أريد أن أعود لتغييره ..
يا ابنتي الحبيبة الساعة الآن العاشرة والنصف المحلات كلها مغلقة .. و لم تهدأ إلا بعد أن وعدتها أنا و والدها على الهاتف أننا سنرجعه من أي فرع من فروع المحل و هي منتشرة جداً في ألمانيا
نمنا بعد هذا اليوم الشاق جداً .. على أمل بيوم جديد ننتقل فيه إلى مدينة فرانكفورت
في الصباح الباكر و بعد الافطار الشهي توجهت أنا و ابني الاثنين إلى محطة قطار برلين في السادسة صباحاً بعد أن طلبت تاكسياً من الفندق و جاءني السائق التركي قبل شروق الشمس .. لقد شعرت بغصة شديدة و تعاطف معه و هو يعمل في بلد غريب في هذا الصباح الباكر
وصلنا في الموعد و منحته بضع نقود إضافية و نزلنا إلى المحطة و هي ليست المرة الأولى لي بها
كل شيء كان يبدو على ما يرام ......
لا أعرف أنني سأتعرض بعد وقت قليل إلى هلع لم أشهده في حياتي !!!
هذا المجسم تجده بمجرد دخولك إلى المحطة
و كان أول ما فعلت أن قمت بالاطمئنان أولاً من موعد قطاري و الرصيف الخاص بهذ القطار و موضع العربة
رحلتنا هي التي ستتجه من Berlin Bahnhof إلى Frankfurt الرحلة الرابعة من فوق
من رصيف 11 (Gleis بمعنى رصيف)
و سيقف القطار عند رصيف 12 في محطة قطار فرانكفورت كما هو موضح باللافتة
طيب ما فائدة معرفة رقم الرصيف الذي سيقف به القطار في المدينة التي ستصل إليها ؟
فقط إن كنت ستركب قطاراً آخر لمدينة أخرى و الوقت ضيق بين القطارين فمن الأفضل أن تعرف أين سيقف قطارك و من أين سينطلق قطارك الثاني حتى ترتب سير تحرك
دائماً ما نقوم أنا و زوجي بدراسة لافتات و تنويهات القطار في المحطة بشكل مكثف قبل قيام الرحلة بوقت كاف حتى لا يحدث (لخبطة) ...
إحم إحم ...
يا ريته نفع هذه المرة !!!
طبعاً نسيت أن أخبركم أنني وقتها كنت لازلت لا أفقه كلمة في اللغة الألمانية !
أما اليوم أحدثكم و أنا الحمد لله صرت في مستوى B1
هذه هي المرة الثانية التي تكون حادثة هي المحرك لكي أبدأ شيئاً رغبته منذ زمن بعيد و هو دراسة اللغات
المرة الأولى حادثتنا أنا و زوجي في جنيف (حيث يتحدثون الفرنسية) و كان حادثاً مريراً بحق حين خطف شاب عربي بكل أسف حقيبتنا التي تحتوي على الكمبيوتر الشخصي الذي يحتوي داخله على ما لا يقدر بمال و نظارات و مفاتيح و مشتريات تسوق باهظة من لندن حيث قدمنا منها للتو .. يومها جرت علينا سيدة تحذرنا بالفرنسية و نحن لا نفهم ما تقول .. و إلى أن فطنت هي إلى أن تحدثنا بالانجليزي كان الولد فص ملح و داب !
و يومها أخذت قراري الأول بتعلم الفرنسية و كان هذا في عام 2012 و الحمد لله أتممت دراستها
ص
أما اليوم فالحادث البسيط جداً في القطار نبهني إلى رغبتي في تعلم الألمانية و بدأتها بمجرد عودتنا أنا و الأسرة من هذه الرحلة الجميلة التي غيرت حياتنا !!
نقرأ اللافتات و نعرف أماكن عربات الدرجة الثانية
و إذا كل شيء تمام نبدأ في التجول بمحطة القطار الكبيرة التي تحتوي محلات و مطاعم من كل نوع
كانت مقصودة مني القدوم مبكراً إلى محطة القطار فهي فرصة لمشاهدة المحلات و طبعاً ........
نعم كما توقعتم !
لم تهدأ ابنتي منذ استيقظت تريد البحث عن محل الأحذية Deischman لكي تعيد (البوت) !
حتى يظل هذا البوت المعجزة مصدر أرق و (زن) ما بعده أرق طوال الأيام القادمة !
ما فيش زي زن البنات في السن ده اسألوني أنا !
الحمد لله على كل حال يا رب
هذه رحلة أطفال صغار جداً سيذهبون في رحلة بالقطار أعجبوني جداً
السيدة المحجبة من ظهرها التي تقف بجانب المعلمة الشقراء هي والدة أحد الأطفال جاءت معه لتطمئن عليه و فاضلة واقفة معاه طول الوقت حتى بدأ الأطفال و مشرفينهم يتحركون إلى رصيف القطار (تصرف عربي بحت و أضيف مصري كمان !) و لا أم تانية ألمانية جاءت مع ابنها إلا هذه الأم و هو نوع من القلق الزائد عندنا نحن العرب
اقترب وقت الرحلة و ذهبنا إلى الرصيف و انبهر أبنائي بماكينة الحلويات و أخذوا يجربونها و الحمد لله كل شيء تمام و انتبهت أن قطارنا من النوع الذي سينفصل و هذا ما كان يشغل تفكيري أن نقف في المكان السليم حتى نركب العربة الصحيحة خاصة أننا هذه المرة بالتحديد حجزنا مقاعد محددة و هو أمر لا أفعله أنا و زوجي أبداً بل نحجز القطار بشكل عادي جداً و نطلع نجلس في أي مكان غير محجوز
كيف نعرف أن المكان محجوز ؟
تجد فوق الكرسي يوجد علامة مضيئة عليها رقم الكرسي و من هنا تعرف أن هذه الكرسي بالذات محجوز فتجلس في غيره
و طبعاً بما أن القطارات دائماً فارغة و الحمد لله لم يجدث أصلاً أي مشاكل من قبل
أما هذه المرة بالتحديد نظراً لأنني مع أبنائي لأول مرة بمفردنا و خوفاً من كوننا مسلمين مع انتشار حوادث قبيل سفرنا مباشرة فيها بعض العنف من المسلمين و مع تزايد مشكلة اللاجئين فقد ارتأيت أن أحجز كراسي محددة في عربة اسمها عربات عائلية حتى لا نتعرض على الاطلاق لأي مضايقات
فهي عربة تكون مقسمة إلى غرف مغلقة و كل غرفة بها ست مقاعد و انت و حظك ممكن تبقوا لوحدكم و ممكن ييجوا عليكم ناس يجلسون معكم
و كما أقولها دائماً هذه العقدة عندنا نحن فقط في دماغنا و هي لا اساس لها من الصحة فإنني بكل سفراتي إلى ألمانيا لم أتعرض و لم أشاهد أي مسلمة تعرضت لأي مضايقة لكنه خوف لدينا نحن أتمنى أن يزول بسبب حوادث فردية ممكن أن تحدث في أي مكان بالعالم و ضد أي جنس .. ربما حادثة مروة الشربيني و هي ابنة مدينتي و كانت رحمها الله صديقة لمعارف كثيرين و لها مسجد باسمها الآن تكريماً لها في نادي سموحة
فهي طبيبة كانت تعمل مع زوجها بألمانيا و تعرضت لمضايقة من شاب ألماني (مجنون) بسبب حجابها و في أثناء محاكمة الشاب أخرج سلاح و قتلها رحمها الله و ذهبت مروة الشربيني ضحية التطرف و الكراهية و العنصرية
المهم نعود لموضوعنا
ركبنا القطار و العربة مضبوطة و الحمد لله كل شيء تمام و ذهبت أبحث عن أرقام الكراسي فإذا بشيء مش مظبوط !
لا توجد أرقام الكراسي التي أبحث عنها أصلاً و ليس هذا شكل عربات العائلات أساساً !!!!!
ركبنا القطار و معنا حقائب ثقيلة من مشتريات الأمس ببرلين .. فقد مررنا بمحلات رائعة يوم أمس منها على سبيل المثال محل كاردشتات الشهير و لكنه فرع للرياضة فقط و هو موجود في نفس منطقة KuDam التي كانت بجانب فندقنا
و هو مكون من طوابق عديدة الجميل فيها أن كل طابق مخصص لرياضة معينة و بالتالي وفرنا الجهد و الطاقة فتذهب للطابق الذي تريده حسب الرياضة التي تريد التسوق لها و بما أن أبنائي كانت هذه هي طلباتهم فقد جلسنا في هذا المحل بالذات ما يقرب من الساعتين ! اسم المحل Kardstat sport و هو قريب من حديقة الحيوان في نفس الشارع العمودي عليها و به جميع الماركات الرياضية
المهم الحقائب ثقيلة و ما صدقنا ركبنا القطار و العربة إن شاء الله مضبوطة لأن الرصيف يكون مقسم إلى sections أو أجزاء كل جزء له حرف من A إلى F حسب العربة التي ستقف فيه
و يبدو أن هذا اليوم حصل ثغرة معينة لا أعرف سببها و غير معتادة بالطبع من هيئة السكك الحديدية الألمانية التي لا تخطئ فعلاً (لله المثل الأعلى) جل من لا يسهو .. فيبدو أن ترتيب وقوف عربات القطار تغير أو (تشقلب) بالأحرى بحيث وجدنا أنفسنا في عربة غير عربتنا و إلى هنا الأمر لا يدعو لأي قلق أو هلع فأنت امكانك أنت تتمشى داخل القطار لتصل إلى عربتك المقصودة
المشكلة كانت أين ....
أنهم لخبطونا بقصة القطار اللي هينفصل ..
و يبدو أصلاً أن القطار ده كان هينفصل بعد نزولنا و ليس أثناء ركوبنا يعني جميع العربات رايحة فرانكفورت .. لكن أنا عندي عقدة من حكاية القطارات التي تنفصل خاصة عندما تكون أنت لا تفهم لغة البلد التي تمشي فيها ..
حدثت معنا في التشيك حيث ما شاء الله لا يفهمون الانجليزية و لا الفرنسية و لا الألمانية (التي يتحدثها زوجي من زمان) .. و أساساً لغتهم لا تقرب لأي لغة و لا مشتقة من لاتينية و لا أنجلو ساكسونية و لا فيه أي كلمات مشتركة ! تقولهم train ما فيش أصلاً عندهم لفظ ترين ده يعني لو انت لا تتحدث الايطالية و قلت في ايطاليا (ترين) هيفهموا انك عايز القطار لأن الكلمة عندهم قريبة جداً من الكلمة الانجليزية !
المهم نرجع لقطارنا مع الأولاد من برلين إلى فرانكفورت المطار حيث ينتظرنا زوجي هناك
لم أجلس في و لا كرسي و ظلنا واقفين و اتجهت للسيد المحترم الكمساري اللي هو المسئول عن مراجعة تذاكر الركاب و أريته تذاكرنا و حاولت التحدث معه بالانجليزية .. ما شاء الله أبيض يا ورد !!
الرجل ينظر للتذاكر و يشير إلى خارج القطار و يرطن بالألمانية !
فينك يا أبو الأولاد !!!
كنت مرتاحة لما بيكون معي لأنه يتحدث الألمانية .. الآن ماذا أفعل ؟!
طب يا ولاد ساعدوني !!
تذكرت مرة كنت راكبة مع زوجي القطار من ألمانيا و كان القطار ألماني و أيامها كانت هناك مظاهرات في نفس توقيت تواجدنا خاصة بحركة PIGIDA المناهضة لأسلمة الغرب يعني المسلمين ..
و المشكلة أننا كنا ذاهبين أصلاً لنفس المدينة التي خرجت منها هذه الحركة و هي مدينة دردسن و أذكر أيامها أنه نصحونا بإني ما أتواجد بدون زوجي بالتجمعات حتى لا أتعرض لمضايقات بسبب الحجاب و بالتالي كنت متحفظة جداً و بصراحة خايفة جداً و (مكلفتة) نفسي بحيث مش باين مني أي تفاصيل ! و غطسانة في مقعد القطار حتى لا يلاحظني أحد و إذ فجأة في وسط مغامرات كولومبو هذه أجد رجلين محترمين صارمين و طوال جداً قادمين اتجاهنا نحن بالذات !!!!!!
و الأنكى أنهما اقتربا مني أنا بالذات و شرعا في توجيه كلامهما إلي !! ساعتها طبعاً أنا مت من الرعب و صرت أنظر لزوجي و فيه عيني نظرات استعطاف .. أرجوك تجيبلي عيش و حلاوة إذا قبضوا علي !!! فجأة زوجي راح مكلمهم بالالماني و أنا حمارة في المنتصف و راح قايم و مشي معهم !!! و لا حتى أخبرني ما الحكاية .. طبعاً مش قادرة أوصف كيف مرت علي الدقائق التالية ... من ترقب و هلع .. و كل السيناريوهات الحقيرة تأتي في مخيلتي .. إلى أن قدم زوجي مبتسماً
زوجي: هما عرفوا منين إنك طبيبة ؟
أنا ( ولا أدري أصلاً عن ما يتحدث) : جايز من التذكرة لأن الحجز باسمي و اللقب الذي تختاره لاسمك يشمل dr فبالتأكيد عرفوا أنني طبيبة (الكثير من خطوط السكك الحديد و الطيران تحب أن تحصي عدد الأطباء على رحلتها تحسباً لاحتياجها لهم أثناء الرحلة يكون معروف أن معنا طبيب)
زوجي (يضحك مقهقاً) : عشان كده !! و أنا ياربي أقول عرفوا منين و اشمعنى انتِ !
أنا (في نفاذ صبر) : طب ممكن تفهمني عشان أنا جبت أخري
زوجي : إنتِ خفتِ ؟ .. لا الكمساري لما جه يكلمك كان جاي يسألك إنتِ طبيبة من فضلك تعالي معي عشان فيه واحد من الركاب بيكح بطريقة قوية في عربة أخرى و شكله عربي و عايزينك تشوفيه جايز تعبان و مش هنعرف نتفاهم معاه .. فأنا قلت لهم .. أنا أيضاً طبيب سأذهب معكم و رحت معاهم !
أنا (في دهشة) : يا سلاااااام
زوجي : و شوفي المصادفة .. يطلع الرجل اللي بيكح تركي مش عربي و زميلي أصلاً بالمؤتمر يعني طبيب أصلاً .. و ضحكنا و خلصنا و جيت !
يعني هذه كانت إحدى ذكرياتي المرعبة كما ترون بسبب عدم فهم اللغة
المهم نرجع يومنا مع اولادي
استمر الرجل في الاشارة خارج القطار و أنا لا أفهم لماذا يريد انزالنا من القطار .. و لا كلمة انجليزي يعرفها سالته ان كان يتحدث الفرنسية أو العربية لا جدوى
تحرك القطار ..
فقال لي الرجل بالاشارة أن أنتظر حتى يقف القطار في المحطة القادمة و أنزل منه لأذهب إلى مقدمة القطار .. و بالطبع كل ما فهمته أن القطار سينفصل و أنا في الجزء الخاطئ من القطار فصرت واقفة على أعصابي أنتظر بفارغ الصبر المحطة القادمة !
و لما تعرفوا أساساً فين المشكلة كانت هتعرفوا إنه فعلاً غبي حافظ مش فاهم !
المهم بدأ القطار في الاستعداد للحركة و الغبي يشير لنا أن نستمر بالجري و يشير إلى الأمام أكثر !
بصراحة لم أعر له اعتباراً و رحت راكبة في أول عربة قابلتني .. و ابني يصرخ يا ماما الرجل يقول لا زالت العربة في الأمام أكثر .. قلت له اركب يا بني الراجل ده هودينا في داهية .. ثم لما ركبنا صدرت من الرجل حركة بوجهه و يديه معناها يا خسارة لقد ضعتم !!!!
لا أستطيع أن أخبركم كيف دب الرعب في قلوبنا !
خلاص كده ركبنا في الجزء الخطأ لأننا استعجلنا .. طيب يا ترى هنروح على فين .. المصيبة أن القطار لن يقف مرة ثانية في أي محطات و سيتجه مباشرة إلى غايته !
ماذا أفعل ؟
لا يوجد مشكلة فلنتحرك داخل القطار للأمام .. هيا يا أولاد !
و كانت الصدمة الكبرى !!!!
لا يوجد أبواب خلاص .. هذه العربة مسدودة تماماً عن ما أمامها .. و هذا ما أكد لي أنني أجلس في السكشن الخاطئ
أسقط في يدينا .. طيب جلست الأولاد .. و أخذت أفكر بهدوء ما الحل .. زوجي ينتظرنا في مطار فرانكفورت حيث شركة سيكست التي سنأخذ منها السيارة المحجوزة عن طريق النت .. و الحجز أصلاً معي .. مش مشكلة فلأتصل بزوجي و أخبره بتفاصيل الحجز و أخبره أننا ذاهبين إلى مدينة مجهولة .. فليأتي و يأخذنا منها .. و لكنه لا يعرف أي شيء عن الطرق و معتمد علي كلياً ..
طيب مبدئياً فلأحدثه تليفونياً
أوبااااااااااا .. يبدو أن هناك مشكلة .. خطي المصري لا يمكنه الاتصال لاأعرف لماذا .. طيب اهدي مش مشكلة لما ننزل البلد اللي أساساً مش عارفينها .. نحاول نكلمه من هناك .. طيب يا ترى البلد دي في الشمال و لا الجنوب .. و ماذا بخصوص المنزل اللي حاجزينه .. و آخر موعد لاستلامه هيكون مر .. يا إلهي دبرني !
جلسنا كل واحد يضرب أخماس في أسداس في هذه العربة .. إلى أن فكرت بما أننا لا نستطيع التقدم للأمام فلنعد إلى الخلف يعني نرجع في العربات إلى الخلف علنا نقابل الرجل مرة أخرى و نسأله عن وجهتنا و هذه المرة نستخدم ترجمة في النص
و بينما نحن كذلك إذا بباب العربة اللي بيودي على الخلف ينفتح
و يهل علينا السنفور الذكي هو نفسه هو بغباوته !
و أول ما رآني ابتسم في زعل و توبيخ .. نظام إيه اللي خلاكم تركبوا هنا بس !!
يللا خلصت دوشة الناس اللي بتركب و تعالى بقى فهمني بالراحة يا أخي ما المشكلة .. سألته و أنا أشير للتذكرة .. العربة دي رايحة مطار فرانكفورت .. سبحان منطق الجماد .. الإنجليزي طلع الآن .. يقول لي بانجليزية مضروبة بالرصاص: نعم رايحة مطار فرانكفورت !!!
نعمممممممم ؟!!
طيب و لما هي رايحة فرانكفورت إيه لازمته اللي انت عملته و نزلتنا و طلعتنا .. المهم حتى لا أطيل عليكم .. طلعت القصة إن السنفور الذكي لما سألته عن كراسينا أخبرني بالألمانية اللي واضح له إني ما أفهمها إن فيه تغيير في بلان الكراسي و إن كراسينا المحجوزة ستكون في الأمام و إنه بما إننا دافعين فلوس لحجز مقاعد محددة فهو كان مصر إنه نحصل على مقاعدنا
..
لذلك طلب منا النزول للذهاب لمقدمة القطار حتى نركب و نستمتع بمقاعدنا المحجوزة .. و أثناء جرينا بالحقائب و بسبب الحركة البطيئة خفنا أنه القطار يتحرك و يتركنا فاضطرينا نركب في أول عربة امامنا .. طيب فين المشكلة لماذا مصمصت شفاهك يا سنفوري العزيز ..
أبداً .. لأن هذه العربة التي ركبنا فيها هي عربة الدرجة الأولى !!
و الله ؟!!
تصدق و لا لاحظت !
عربة عادية في وجهة نظري لا يوجد أي اختلاف اتفرجوا واحكموا
ناحية كرسي و ناحية كرسيين
طيب نظرت الأن له بعد أن هدأت و اطمأنيت وقلت له و ما العمل الأن و نحن حاجزين درجة ثانية .. و أشرت له إني مستعدة لدفع الفرق ..
ابتسم السنفور الذكي اللي وقعنا بالمشكلة من الأساس .. لا مشكلة فأنتم لم تكونوا تقصدون !!
أووووف الحمد لله انتهى الموقف بسلام طبعاً عيون أبنائي علي و أنا أحدثه من بعيد و يتساءلون يا ترى ما الذي سيحصل الأن .. عدت إليهما بوجه آخر غير الذي ذهبت به .. اهدأوا يا أولاد و استمتعوا فنحن في طريقنا إلى بابا و الأجمل من ذلك أنكم عارفين فين ؟!!!!
فين يا ماما ؟
ابتسموا أنتم في الدرجة الأولى !
هي قطعة شوكولاتة اللي اعطوها لنا علامة على الدرجة الأولى و الحمد لله على كل شيء
طيب نأكلها و لا دي سُحت بلاش منها عشان مش دافعين تمنها نفهم بس
وقف القطار في هانوفر
و كان علينا تبديله .. و في القطار الجديد ركبنا في العربة العائلية في مقاعدنا الصحيحة و ركب معنا في نفس الكابينة أسرة معهم طفل رضيع مزعج جداً جداً ..
و وصلنا محطة قطار مطار فرانكفورت بحمد الله و سلامته
سبحان من يحيي العظام و هي رميم .. اشتغل تليفوني و كلمت زوجي من نفس الخط !
يبدو أن الشبكة بالقطار سيئة .. هكذا ظننت .. زوجي على الهاتف يخبرني أنه أمام الموظفة المسئولة في مكتب سيكست و أنها لديها عرض بترقية السيارة إلى شيء أعلى .. صرخت .. لااااااااااا .. لا تفعل شيء أرجوك لا تسمع كلامها فقد قرأت هنا في المنتدى عن حيل المكاتب و أنا لا أريد ترقية السيارة لأنني اخترت ما هو مناسب لنا و كفى فما الداعي لذلك و لا هي مصاريف و خلاص ؟!
حاضر حاضر أنا بانتظارك
و مشينا إلى حيث تقع مكاتب تأجير السيارات و المطار متغير بسبب تجديدات أو ما شابه .. وصلنا مكتب تأجير Sixt و أمامه هذه السيارات للعرض و جذب الانتباه
بمجرد أن رأيت زوجي يقف عند الموظفة الآسيوية .. وسع بقي كده .. سيبهالي !
و دخلت عليها دخلة الأسد : شكراً يا حاجة احنا متمسكين بالسيارة اللي اخترناها .. تحس أن السيدة خافت مني شعرت إني فاهمة
و لا أنا فاهمة و لا شيء مجرد أني قرأت هنا في المنتدى نصائح كثيرة و هي أول مرة لنا لتأجير سيارة في الأساس
نسيت أخبركم أننا قبل أن نسافر ذهب زوجي لعمل رخصة دولية و هي اجراءات بسيطة أما أنا فاكتفيت أن أكون المرشد السياحي و لم أستخرج رخصة دولية .. يكفيني الجلوس بجانب السائق و الاستمتاع بالمناظر و التصوير ...
و عبثاً تحاول الموظفة تقنعني أنه الحقائب لن تكفي بالسيارة المختارة .. ثم لما وجدت اصرار مني جلست تعبث بالشاشة التي امامها قليلاً ثم افترجت أساريرها و أخبرتنا انها وجدت السيارة المثالية و بدون دفع رسوم اضافية .. بصراحة .. عملت معنا هذه السيدة أحلى واجب .. سيارة كبيرة و بها GPS و أنا لم أختر أساساً هذا الاختيار لأن معنا الجهاز الخاص بنا
و طالما مجاني .. ما المانع ؟!!
بصراحة اليوم يوم الترقية upgrade .. ففي القطار نركب درجة أولى .. و نأخذ سيارة أحلى .. الحمد لله يارب .. موقف لنا ولاد الحلال ...
مشينا حسب الاتجاهات إلى حيث جراج السيارات و الحقيقة المطار منظم و اللافتات رائعة (مش مطار بيرجن اللي تهنا و رحنا فيه في داهية) ..
في الطريق للجراج
وصلنا الجراج
و صلنا موقع سيارات سيكست .. بصراحة شركة محترمة تعاملت معهم أكثر من مرة فيما بعد هذه الرحلة و كلها مواقف ممتازة و خدمة العملاء لديهم جيدة جداً
و شاهدنا عروستنا الحلوة
هذه هي سيارتنا الجميلة التي لا زلت كلما رأيت حتى الآن سيارة تشبهها في الطريق انا و الأولاد نتذكر هذه الأيام الجميلة و نتحسر عليها
و تذكرت كل النصائح التي قرأتها هنا في المنتدى و منها نصيحة مسافر يعذرني إن نسيت اسمه كان يفرش أرض السيارة قبل أن يصعدوا فيها حتى لا تتسخ من الأحذية (أكرمكم الله) المليئة بالعشب و الطين .. فأحضرت معي من الوطن مفارش من التي توضع للسفرة الخفيفة و فرشنا السيارة تحت أقدامنا و في الشنطة و صرنا كلما اتسخت نبدلها بمفارش جديدة .. هنا تترك السيارة عند تسليمها في أحسن حال
النصيحة الأخرى لا تتحرك سيدي من الجراج بالسيارة إلا بعد أن تفحصها جيداً و إذا رأيت أي خدش غير مدون بالورقة التي معك عليك تصويره حتى تثبت أنه كان موجوداً قبل استعمالك للسيارة
تأكد سيدي كذلك من معرفتك بكيفية ملأ البنزين .. فقد كنت قرأت تقريراً هنا لأحد الأخوة واجهته صعوبة في معرفة كيفية فتح تانك البنزين و هو عند محطة البنزين نفسها ..
بدأنا بسم الله نتحرك بالسيارة و زوجي في حالة خوف قليل و ترقب عن أسلوب القيادة في ألمانيا فهي المرة الأولى له للقيادة بأوروبا .. و بصراحة بعد رؤيته يستمتع بها ندمت أنني لم أستخرج الرخصة الدولية !!
كانت ارشادات الخروج من المطار واضحة و جميلة و كنت قبلها قد حضرت كيفية الخروج من المطار من موقع شركة سيكست نفسه و رسمت خريطة لنفسي و صرنا واحدة واحدة حتى خرجنا فتفاجئنا بهذا الطريق الجميل و السرعة المفتوحة في بعض الأماكن .. و الحارة التي على اليسار لتخطي السيارة التي تسبقك فقط و ليس لكي تقود بها و هكذا
القيادة في ألمانيا متعة المتع
يبلغ الطريق إلى حيث وجهتنا حوالي 250 كيلو و كل أملنا أن نصل قبل حلول الظلام الدامس حسب توصيات صاحبة المنزل نفسه
كان الطريق صعباً .. و أطول مما كان من المفترض لأنه تجربة جديدة و لا زال زوجي لم يعتد على السيارة و لا الطريق .. فلقد وقفنا مثلاً على الطريق نصف ساعة ليحاول دراسة كيفية تشغيل أضواء السيارة الأمامية حين حل الظلام ..
الطريق فوق الجبال صعب و مخيف .. و فيه مناطق مرتفعة .. و الأولاد يصرخون من الاثارة و يقولون له : بابا لا تنظر للأسفل !
و بدأ الطريق يضيق و يصبح اتجاهين و شعرنا بالضياع .. لم نكن نتخيل أنه يمكنك أن تقابل سيارة أخرى في وجهك و يتجاوز كل منكم الآخر بدون مشاكل ..
ماذا بخصوص المنزل ..
كان الاختيار لمنزل مزرعة (Bauernhaus) بالألمانية .. لأنني شعرت أن تلك ستكون تجربة رائعة للأبناء
اخترت المنزل من Airbnb و هي المرة الأولى أيضاً التي أتعامل بها مع هذا الموقع ..
هذا هو المنزل على الموقع
و هذا هو موقعه
و هذا هو الطريق من مطار فرانكفورت إليه
صاحبة المنزل فتاة تدعى كريستينا تواصلت معها حسب قوانين الموقع و كانت متعاونة جداً و لأنني تخيلت أنها من سأجده فقد أحضرت لها بعض الهدايا التذكارية من مصر كعلامة ود
و صلنا إلى حيث الطريق الخاص بالمنزل منزل عائلة فايزر و قرأنا اللافتة التي تدل على قربنا من المنزل
كانت الساعة قد تجاوزت السابعة أو الثامنة مساءاً .. و بمجرد أن اقتربنا حتى شعرنا باحساس غريب و جميل و دهشة من التجربة و المكان و نظراً لأن المنزلين و هما المملوكين لهذه الأسرة يقعان في منطقة لا يوجد فيها غيرهما فبمجرد أن اقتربت سيارتنا إذا بسيدة أربعينية تخرج من المنزل الأول للقائنا و هرع إليها الأولاد !
استقبلتنا السيدة أنجليكيا أحسن استقبال و هي تتحدث القليل جداً من الانجليزية و ليس لديها ثقة في إنجليزيتها و كان زوجي يساعدها بالألمانية التي يعرفها فارتاحت .. تجولت بنا السيدة أنجليكا (وهي أم كريستينا) في المنزل .. و هو الطابق الأرضي من منزل الجد و الجدة .. أما المنزل المجاور فهو الذي تعيش فيه أسرة كريستينا المكونة من الأم (أنجليكا) و الأب (الذي يخضع للعلاج التأهيلي في إحدى المستشفيات لأسابيع) .. و أخوي كريستينا اللذين يعملان مع والدتهما في المزرعة الصغيرة الملحقة بمنزلهم هم
فوجئنا بكيكة حضرتها أنجليكا لنا قبل وصولنا على شكل جذع شجرة (رمزاً للغابة التي يقع بها المنزل)
شكرناها كثيراً و سألنا عن كريستينا فأخبرتنا أنها بالجامعة بشتوتجارت و لا تحضر للمنزل إلا يوم الأحد فقط و أعطيناها الهدايا فأخذت تقلب فيها باندهاش و لما أخبرناها أن هذا المجسم يمثل الأهرامات و أنها رمز لمصر .. فوجئنا أنها لا تتعرف على مصر أساساً .. حياتها بسيطة و معلوماتها بسيطة و لكنها سيدة قوية و تعمل بكل جهد و كدح من الصباح حتى المساء تقريباً بمفردها في غياب زوجها
شكرتنا كثيراً و ووعدتنا بايصال الهدية لكريستينا على أمل أن تلتقي كريستينا يوم الأحد
عرفتنا على نظام القمامة (أكرمكم الله) و أن علينا أن نفصلها بثلاث حاويات و أرتنا أدوات المطبخ و أوانيه و كيفية استخدام بعض الأجهزة
ثم دعت السيدة أولادي إلى أن يمروا عليها بالمزرعة بعد أن نفرغ الحقائب لكي يشاهدوا الحيوانات
بمجرد أن أغلقت السيدة باب منزلنا خلفها .. حتى صرخ الجميع من الفرحة .. المنزل رائع و الأثاث مصنوع يدوياً من الخشب كما كان منوهاً بالموقع
تأخروا كثيراً عند انجليكا و اضطريت إلى الذهاب إليها في المزرعة لرؤيتهم
أطعموا الأبقار الصغيرة و شاهدوها و هي تحلب الأبقار الكبيرة و كانت سعادة ما بعدها سعادة
لديها أبقار و دجاج و خنازير و قطط
و عادت أسرتي للمنزل و تناولنا الكيكة
ثم خلدنا أنا و زوجي لنوم عميق في هدوء لم نشهد مثله .. فالمكان شديد الهدوء حتى لأنك تسمع صوت الإبرة إذا سقطت .. و تذكرت فيلماً أمريكياً من بطولة هيو جرانت و جيسيكا باركر (Did You Hear About the Morgans?) لما تم وضع الرجل و زوجته في منزل ريفي منعزل في برنامج حماية الشهود .. فلم يتمكنا من النوم من فرط الهدوء !
أما أنا و زوجي فقد نمنا بعمق لم نحصل عليه في حياتنا
أما أولادي فقد منعتهم الحماسة و الإثارة من النوم فجلسا طوال الليل يتفقدان المنزل و الكتب و بعض الألعاب التي بغرفة الجلوس و جهاز التلفزيون
يا أولاد ناموا فغداً بداية المغامرات في الغابة السوداء