كيف تتمتع بنوم هانئ أثناء السياحة جوا؟كاتي بيك- بي بي سي.. يجسد بريان كيلي نمطا ربما لم يُسمع عنه بين المسافرين المنتظمين على متن الطائرات، فهو ينجح بالفعل في أن يحظى بالنوم على ارتفاع 30 ألف قدم.
وقد ترك كيلي، وهو مدونٌ مؤثر يعيش في نيويورك، العمل في سوق الأوراق المالية في “وول ستريت” للتفرغ للكتابة عن أنظمة المكافأة بالنقاط التي تقدمها شركات الطيران للمسافرين المنتظمين على طائراتها.
ويبلغ عدد الأميال التي يسافرها هذا الرجل سنويا نحو 300 ألف ميل، وجانب كبير منها كان في إطار رحلاتٍ طويلة شعر غالبية المسافرين بالخوف والرهبة منها.
ويقول كيلي في هذا الصدد: “أنام بعمقٍ شديد على متن الطائرات. أحب السياحة على الدرجة الأولى إلى آسيا واستراليا، لأن ذلك يجعلني أحظى بدورة نوم كاملة خلال الرحلة، إذ أنني (في هذه الحالة) أنام ثماني أو تسع ساعات”.
ويسافر كيلي في بعض الأحيان على الدرجة الاقتصادية إذا كان يقوم برحلة داخلية بين المدن الأمريكية، لكنه يختار الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال للرحلات الدولية.
ويقول إن المسافرين يدفعون أموالاً أكثر للسفر في مقاعد الدرجة الأولى، من أجل الحصول على خصوصية كاملة. ويضيف بالقول: “إنك تكون في هذه الحالة في شرنقة خاصة بك وليس على مقعدٍ مكشوف وفي العراء (وسط) المقصورة الصاخبة بشكل أكبر، وأناسٍ قريبين منك. (يتعدون) على مساحتك الخاصة. المرحلة الجديدة للنوم المترف للمرء على متن الطائرات (في مقاعد الدرجة الأولى) تتمثل في أنه لا يرى أي شخصٍ آخر في هذه الحالة”.
ولكن بالنسبة لغالبية الركاب، تتضمن تجربة السياحة في مقاعد الدرجة الاقتصادية على الطائرة، الاحتكاك والتدافع من أجل أن يحظى كلٌ منهم بمساحةٍ أكبر يضع فيها مرفقه ومحاولة نيل قدرٍ من النوم رغم صوت هدير المحركات.
مع ذلك، هناك لدى الخبراء بعض النصائح والحيل، التي يؤدي اتباعها إلى مساعدتك على النوم، كما لو كنت واحداً من حفنة المسافرين المحظوظين الذين يقبعون في مقاعد الدرجة الأولى بالجزء الأمامي من الطائرة.
المساحة الشخصية ويرى جيمي زايتزر، وهو أستاذٌ مشارك للطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد وخبيرٌ في ما يُعرف بالتواتر اليومي المتعلق بإيقاعات الساعة البيولوجية للإنسان، أن الفارق شاسعٌ بين السياحة في مقاعد الدرجة الاقتصادية أو على الدرجات الأخرى الأكثر فخامة. ويشير إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بحجم المساحة المتوافرة للمرء لكي يمد فيها قدميه خلال وجوده على متن الطائرة.
تبلغ الأميال التي يقطعها بريان كيلي في السياحة جواً سنوياً نحو 300 ألف ميل ويوضح زايتزر بالقول أن الأمر لا يقتصر كذلك على إمكانية تغيير وضع المقعد ليصبح أفقياً تماماً ومُسطحاً “وهو ما يساعد بالقطع” على النوم، وإنما يمتد بحسب رأيه إلى “أنه لا يوجد من يلمسك، أو من يجلس بجوارك”. ويشير هنا إلى أن “الجانب النفسي المتعلق بهذا الأمر مهمٌ للغاية حقاً، فعندما يكون بوسعك أن تمدد جسدك بل وعقلك كذلك؛ فإن ذلك يُحْدِثُ فارقاً كبيراً”.
ولكن ما الذي يمكن أن يحدث إذا كان خوض تجربة النوم على مقعدٍ يمكن بسطه في وضع أفقي في الطائرة، مجرد أملٍ خيالي أو لا يمكن تحقيقه؟ وما الذي يجعل النوم على متن طائرة أكثر صعوبة بكثير من خلود المرء للنوم وهو على الأرض؟
يمكن القول إن من بين العوامل التي تجعل من العسير حقاً على غالبية المسافرين الخلود للنوم خلال السياحة جواً؛ أموراً مثل الافتقار للخصوصية والمساحة الشخصية أثناء هذه الرحلات، والهواء الجاف المُعاد تدويره الموجود في الطائرة، فضلاً عن المطبات الجوية التي تواجهها، والضوضاء التي تسودها.
لكن زايتزر يقول إن بوسعنا التحكم في اثنين من العوائق الرئيسية التي تمنعنا من النوم بين السحاب، وهما الشعور بالتوتر والقلق.
ويستطرد قائلاً: “هناك ضغط وتوتر مرتبطان بالمجتمع المحيط بك؛ إذ أنك تفتقر إلى أي مساحة، كما أن هناك ضغطاً مادياً يتمثل في أنك مضغوط جسدياً ومن ثم مادياً في مقعدك”.
وبرغم أن الأسباب التي تؤدي للشعور بالقلق تختلف من شخصٍ لآخر بحسب هذا الخبير، فإنه يرى أن الضغوط الناجمة عن إحساس المرء بأن عليه أن يستغرق في النوم، تشكل السبب الرئيسي الذي يُبقى غالبية المسافرين في كامل يقظتهم، هذا إذا نحينا جانباً مسألة الخوف من السياحة جواً .
ومع أن النوم مسألة ذات خصوصية وتختلف من شخص لآخر، فضلاً عن أنه ما من طريقة موحدة وعامة تُمَكِّن الناس من نيل قسط من النوم الخفيف خلال السياحة، فإن لدى زايتزر استراتيجيتين يمكن أن تساعدا على تقليص مشاعر الاضطراب والانزعاج والتشوش المرتبطة بهذا الأمر، على أقل تقدير.
الأولى تتمثل – كما يقول – في السعي لعدم التفكير بشأن الاستغراق في النوم من الأصل. ويمضي بالقول: “لن تخلد للنوم إذا ما شعرت بالقلق بشأن ذلك. إنه فقط لن يحدث (في هذه الحالة).. إنه فكرةٌ جيدة، ولكن عسيرة على التحقيق. لكن إذا كان بمقدورك إيجاد وسيلة تُجَنبَك الشعور بالقلق إزاء مسألة نومك (في الطائرة) فإن ذلك سيشكل الجزء الأيسر لعلاجه”.
أما الاستراتيجية الثانية فتتمثل في تخفيف مشاعر القلق عبر إلهاء الذهن ومنعه من التركيز في كونك على متن طائرة بالفعل، وتخيل نفسك – بدلاً من ذلك – في مكانٍ آخر. ويشير زايتزر إلى أن الأمر هنا يتعلق بـ”أن تُخْرِجَ نفسك من هذا الوضع الخانق والمرهق الذي تقع فيه وأنت على متن الطائرة”.
إذا لم يكن بمقدورك ماديا السياحة على الدرجة الأولى، ثمة وسائل أخرى تُمَكِنُكَ من أن تحظى بنومٍ عميق، ليس من بينها أن تمدد جسدك على أرضية الطائرة ويوصي هذا الخبير بأن يجد المرء لنفسه فُسحةً حقيقية أو مُتخيلة لكي يلتقط فيها أنفاسه بحرية أكبر. ويشير في هذا الشأن إلى أن استخدام قناعٍ يغطي العينين ووضع سماعاتٍ للرأس من ذاك النوع الذي يحجب عنك الضوضاء المحيطة تماماً مع تشغيل بعض الموسيقى يمكن أن يحول دون وصول الكثير من تأثيرات العالم المحيط بك إليك.
استراتيجيات النوم هناك حلولٌ من شتى الأنواع لمشكلاتٍ مثل تلك التي تحدثنا عنها سابقاً. فبعض المسافرين يجلب معه وساداتٍ مُعدة بطريقة خاصة للسفر بها، أو سماعاتٍ للرأس، بينما يعتمد آخرون كثيراً على مُكملات الميلاتونين، وهو هرمون يفرزه الجسم بشكلٍ طبيعي، ويُعرف بأنه مسؤولٌ عن تنظيم الإيقاع الحيوي لدى البشر، وما يشمله ذلك من دورات النوم والاستيقاظ.
كما يُعتقد على نطاقٍ واسع أن هذا الهرمون من بين المواد التي تساعد على النوم بشكلٍ لطيف. رغم ذلك، ينصح زايتزر بتوخي الحذر عند اللجوء إلى “الميلاتونين”، نظراً لعدم وجود دراسات كافية جديرة بالثقة أُجريت بشأن الآثار المترتبة على تعاطيه، وذلك باعتباره مادةً لم تتم بعد بلورة قواعد وقوانين لاستخدامها.
وبجانب هذا وذاك، يوجد عددٌ كبير من الناس لا يزالون يفضلون احتساء قدرٍ كافٍ من المشروبات الروحية، لكي يحجبوا عن أنفسهم تأثير ما يحيط بهم من موجودات، كما يُؤْثِرُ الكثيرون تناول الحبوب المُنومة.
ويمزج البعض بين الأمرين، وهو ما يشكل خطوةً تنطوي على مجازفة ومخاطرة كما تحذر بيتي ثيسكَي، وهي مُضيفة لديها 30 عاماً من الخبرة في العمل في مجال الضيافة الجوية.
وتقول في هذا الشأن: “لقد رأيتُ رجالاً ناضجين يستلقون على أرضية (الطائرة)، ويُلصقون رؤوسهم في الممر. ولأن الظلام يكسو مقصورة الطائرة، فإن ذلك يعرضك (في هذه الحالة) لأن يطأ أحدهم على وجهك! أرى ذلك طوال الوقت”.
إذا ما كان يمكن استنباط أي شيء من هذا المشهد من فيلم “برايدزمايدز” الذي عُرِضَ عام 2011، فهو أن المزج ما بين تعاطي الحبوب المُنومة واحتساء الخمور ليس بالفكرة الصائبة وتضيف ثيسكَي بالقول إن المطاف ينتهي بالبعض من هؤلاء بأن يُزج بهم في السجن “إذ يخلعون ملابسهم، ويحاولون دس أنفسهم في المقاعد مع أناسٍ غرباء عنهم، ويُقْدِمون على كل الأعمال الجنونية بمختلف أشكالها؛ لذا أعتقد أنه أمرٌ خطير” أن يتعاطى الإنسان حبوباً مُنومة ويحتسي كحوليات في الوقت نفسه.
وبالنسبة لهذه المضيفة المخضرمة هناك خيارٌ أفضل من ذلك يتمثل في أن يُحضِّر المرء نفسه جيداً للرحلة، وأن يتنبه لكل ما يجري حوله خلالها. إذ تُفاجأ ثيسكَي دائماً بمرأى الركاب متكدسين جنباً إلى جنب في الجزء الأمامي من القسم المخصص للمسافرين على الدرجة الاقتصادية في الطائرة، في وقتٍ تقع فيه – في أغلب الأحيان – مقاعد شاغرة في الصفوف التي توجد إلى الخلف من هذا الجزء.
وتقول : “عندما أكون مسافرة عادية، أتطلع بعينيْ في كل مكان لأرى ما إذا كان هناك مكانٌ شاغر يمكنني أن أهرع وأدلف إليه. وعليك أن تتحرك بسرعة، لأن المقاعد الأفضل لن تبقى شاغرةً لوقتٍ طويل”.
وتحرص هذه السيدة كذلك على إحضار بطانية ووسادة من تلك التي تعتبر خصيصاً للمسافرين، وكذلك مجموعة من الزيوت الضرورية. وتقول إنها ستلجأ أيضاً في هذه الحالة إلى احتساء مشروبٍ أو اثنين، مُشيرةً إلى أنها تعتقد أن ذلك سيفيد، ولكن دون الإفراط في الشراب في الوقت نفسه.
وتمضي قائلةً إنها ستشاهد خلال ركوبها الطائرة أفلاماً سينمائية “وأقول لنفسي إنني سأقوم بشيء آخر، وذلك لكي أبعد ذهني (عن التفكير) بشأن النوم”.
وبالعودة إلى بريان كيلي نجد أنه يرى أن من المفيد كذلك أن يعرف المسافر طراز الطائرة التي سيستقلها، وذلك قبل وقتٍ من الرحلة.
ويقول في هذا الصدد إن الطائرات من طراز أيرباص آيه 380 هي المُفضلة بالنسبة له، واصفاً إياها بأنها “الأهدأ .. في الأجواء. الطائرة الجديدة بشكلٍ أكبر هي الأكثر هدوءاً، والأيسر بالنسبة للمرء للنوم على متنها”.
ويرى أن المقعد الذي يمكن أن يوفر “السكينة المُثلى” للمسافر الراغب في نيل قسطٍ من النوم خلال الرحلة، هو ذاك الذي يجاور النافذة ويقبع في منتصف مقصورة الطائرة، بعيداً عن المحرك والمطبخ والمراحيض.
وعليه، فإنه مع أن إنفاق آلاف الدولارات على حجز أحد المقاعد الأكثر تميزاً على متن الطائرة، لن يغير حقيقة أنك ستكون خلال الرحلة مُندفعاً بين السحب جنباً إلى جنب مع مئات آخرين من الأشخاص، فإن نجاحك في أن توفر لنفسك شعوراً بأن لديك خصوصيةً ما وأن تُوجِدَ مساحةً خاوية حولك، وقدرتك على أن تكف عن الشعور بالقلق حيال مسألة خلودك إلى النوم من عدمه، قد يفضي إلى أن تنال ولو قسطاً منه في نهاية المطاف.
وقد ترك كيلي، وهو مدونٌ مؤثر يعيش في نيويورك، العمل في سوق الأوراق المالية في “وول ستريت” للتفرغ للكتابة عن أنظمة المكافأة بالنقاط التي تقدمها شركات الطيران للمسافرين المنتظمين على طائراتها.
ويبلغ عدد الأميال التي يسافرها هذا الرجل سنويا نحو 300 ألف ميل، وجانب كبير منها كان في إطار رحلاتٍ طويلة شعر غالبية المسافرين بالخوف والرهبة منها.
ويقول كيلي في هذا الصدد: “أنام بعمقٍ شديد على متن الطائرات. أحب السياحة على الدرجة الأولى إلى آسيا واستراليا، لأن ذلك يجعلني أحظى بدورة نوم كاملة خلال الرحلة، إذ أنني (في هذه الحالة) أنام ثماني أو تسع ساعات”.
ويسافر كيلي في بعض الأحيان على الدرجة الاقتصادية إذا كان يقوم برحلة داخلية بين المدن الأمريكية، لكنه يختار الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال للرحلات الدولية.
ويقول إن المسافرين يدفعون أموالاً أكثر للسفر في مقاعد الدرجة الأولى، من أجل الحصول على خصوصية كاملة. ويضيف بالقول: “إنك تكون في هذه الحالة في شرنقة خاصة بك وليس على مقعدٍ مكشوف وفي العراء (وسط) المقصورة الصاخبة بشكل أكبر، وأناسٍ قريبين منك. (يتعدون) على مساحتك الخاصة. المرحلة الجديدة للنوم المترف للمرء على متن الطائرات (في مقاعد الدرجة الأولى) تتمثل في أنه لا يرى أي شخصٍ آخر في هذه الحالة”.
ولكن بالنسبة لغالبية الركاب، تتضمن تجربة السياحة في مقاعد الدرجة الاقتصادية على الطائرة، الاحتكاك والتدافع من أجل أن يحظى كلٌ منهم بمساحةٍ أكبر يضع فيها مرفقه ومحاولة نيل قدرٍ من النوم رغم صوت هدير المحركات.
مع ذلك، هناك لدى الخبراء بعض النصائح والحيل، التي يؤدي اتباعها إلى مساعدتك على النوم، كما لو كنت واحداً من حفنة المسافرين المحظوظين الذين يقبعون في مقاعد الدرجة الأولى بالجزء الأمامي من الطائرة.
المساحة الشخصية ويرى جيمي زايتزر، وهو أستاذٌ مشارك للطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد وخبيرٌ في ما يُعرف بالتواتر اليومي المتعلق بإيقاعات الساعة البيولوجية للإنسان، أن الفارق شاسعٌ بين السياحة في مقاعد الدرجة الاقتصادية أو على الدرجات الأخرى الأكثر فخامة. ويشير إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بحجم المساحة المتوافرة للمرء لكي يمد فيها قدميه خلال وجوده على متن الطائرة.
ولكن ما الذي يمكن أن يحدث إذا كان خوض تجربة النوم على مقعدٍ يمكن بسطه في وضع أفقي في الطائرة، مجرد أملٍ خيالي أو لا يمكن تحقيقه؟ وما الذي يجعل النوم على متن طائرة أكثر صعوبة بكثير من خلود المرء للنوم وهو على الأرض؟
يمكن القول إن من بين العوامل التي تجعل من العسير حقاً على غالبية المسافرين الخلود للنوم خلال السياحة جواً؛ أموراً مثل الافتقار للخصوصية والمساحة الشخصية أثناء هذه الرحلات، والهواء الجاف المُعاد تدويره الموجود في الطائرة، فضلاً عن المطبات الجوية التي تواجهها، والضوضاء التي تسودها.
لكن زايتزر يقول إن بوسعنا التحكم في اثنين من العوائق الرئيسية التي تمنعنا من النوم بين السحاب، وهما الشعور بالتوتر والقلق.
ويستطرد قائلاً: “هناك ضغط وتوتر مرتبطان بالمجتمع المحيط بك؛ إذ أنك تفتقر إلى أي مساحة، كما أن هناك ضغطاً مادياً يتمثل في أنك مضغوط جسدياً ومن ثم مادياً في مقعدك”.
وبرغم أن الأسباب التي تؤدي للشعور بالقلق تختلف من شخصٍ لآخر بحسب هذا الخبير، فإنه يرى أن الضغوط الناجمة عن إحساس المرء بأن عليه أن يستغرق في النوم، تشكل السبب الرئيسي الذي يُبقى غالبية المسافرين في كامل يقظتهم، هذا إذا نحينا جانباً مسألة الخوف من السياحة جواً .
ومع أن النوم مسألة ذات خصوصية وتختلف من شخص لآخر، فضلاً عن أنه ما من طريقة موحدة وعامة تُمَكِّن الناس من نيل قسط من النوم الخفيف خلال السياحة، فإن لدى زايتزر استراتيجيتين يمكن أن تساعدا على تقليص مشاعر الاضطراب والانزعاج والتشوش المرتبطة بهذا الأمر، على أقل تقدير.
الأولى تتمثل – كما يقول – في السعي لعدم التفكير بشأن الاستغراق في النوم من الأصل. ويمضي بالقول: “لن تخلد للنوم إذا ما شعرت بالقلق بشأن ذلك. إنه فقط لن يحدث (في هذه الحالة).. إنه فكرةٌ جيدة، ولكن عسيرة على التحقيق. لكن إذا كان بمقدورك إيجاد وسيلة تُجَنبَك الشعور بالقلق إزاء مسألة نومك (في الطائرة) فإن ذلك سيشكل الجزء الأيسر لعلاجه”.
أما الاستراتيجية الثانية فتتمثل في تخفيف مشاعر القلق عبر إلهاء الذهن ومنعه من التركيز في كونك على متن طائرة بالفعل، وتخيل نفسك – بدلاً من ذلك – في مكانٍ آخر. ويشير زايتزر إلى أن الأمر هنا يتعلق بـ”أن تُخْرِجَ نفسك من هذا الوضع الخانق والمرهق الذي تقع فيه وأنت على متن الطائرة”.
استراتيجيات النوم هناك حلولٌ من شتى الأنواع لمشكلاتٍ مثل تلك التي تحدثنا عنها سابقاً. فبعض المسافرين يجلب معه وساداتٍ مُعدة بطريقة خاصة للسفر بها، أو سماعاتٍ للرأس، بينما يعتمد آخرون كثيراً على مُكملات الميلاتونين، وهو هرمون يفرزه الجسم بشكلٍ طبيعي، ويُعرف بأنه مسؤولٌ عن تنظيم الإيقاع الحيوي لدى البشر، وما يشمله ذلك من دورات النوم والاستيقاظ.
كما يُعتقد على نطاقٍ واسع أن هذا الهرمون من بين المواد التي تساعد على النوم بشكلٍ لطيف. رغم ذلك، ينصح زايتزر بتوخي الحذر عند اللجوء إلى “الميلاتونين”، نظراً لعدم وجود دراسات كافية جديرة بالثقة أُجريت بشأن الآثار المترتبة على تعاطيه، وذلك باعتباره مادةً لم تتم بعد بلورة قواعد وقوانين لاستخدامها.
وبجانب هذا وذاك، يوجد عددٌ كبير من الناس لا يزالون يفضلون احتساء قدرٍ كافٍ من المشروبات الروحية، لكي يحجبوا عن أنفسهم تأثير ما يحيط بهم من موجودات، كما يُؤْثِرُ الكثيرون تناول الحبوب المُنومة.
ويمزج البعض بين الأمرين، وهو ما يشكل خطوةً تنطوي على مجازفة ومخاطرة كما تحذر بيتي ثيسكَي، وهي مُضيفة لديها 30 عاماً من الخبرة في العمل في مجال الضيافة الجوية.
وتقول في هذا الشأن: “لقد رأيتُ رجالاً ناضجين يستلقون على أرضية (الطائرة)، ويُلصقون رؤوسهم في الممر. ولأن الظلام يكسو مقصورة الطائرة، فإن ذلك يعرضك (في هذه الحالة) لأن يطأ أحدهم على وجهك! أرى ذلك طوال الوقت”.
وبالنسبة لهذه المضيفة المخضرمة هناك خيارٌ أفضل من ذلك يتمثل في أن يُحضِّر المرء نفسه جيداً للرحلة، وأن يتنبه لكل ما يجري حوله خلالها. إذ تُفاجأ ثيسكَي دائماً بمرأى الركاب متكدسين جنباً إلى جنب في الجزء الأمامي من القسم المخصص للمسافرين على الدرجة الاقتصادية في الطائرة، في وقتٍ تقع فيه – في أغلب الأحيان – مقاعد شاغرة في الصفوف التي توجد إلى الخلف من هذا الجزء.
وتقول : “عندما أكون مسافرة عادية، أتطلع بعينيْ في كل مكان لأرى ما إذا كان هناك مكانٌ شاغر يمكنني أن أهرع وأدلف إليه. وعليك أن تتحرك بسرعة، لأن المقاعد الأفضل لن تبقى شاغرةً لوقتٍ طويل”.
وتحرص هذه السيدة كذلك على إحضار بطانية ووسادة من تلك التي تعتبر خصيصاً للمسافرين، وكذلك مجموعة من الزيوت الضرورية. وتقول إنها ستلجأ أيضاً في هذه الحالة إلى احتساء مشروبٍ أو اثنين، مُشيرةً إلى أنها تعتقد أن ذلك سيفيد، ولكن دون الإفراط في الشراب في الوقت نفسه.
وتمضي قائلةً إنها ستشاهد خلال ركوبها الطائرة أفلاماً سينمائية “وأقول لنفسي إنني سأقوم بشيء آخر، وذلك لكي أبعد ذهني (عن التفكير) بشأن النوم”.
وبالعودة إلى بريان كيلي نجد أنه يرى أن من المفيد كذلك أن يعرف المسافر طراز الطائرة التي سيستقلها، وذلك قبل وقتٍ من الرحلة.
ويقول في هذا الصدد إن الطائرات من طراز أيرباص آيه 380 هي المُفضلة بالنسبة له، واصفاً إياها بأنها “الأهدأ .. في الأجواء. الطائرة الجديدة بشكلٍ أكبر هي الأكثر هدوءاً، والأيسر بالنسبة للمرء للنوم على متنها”.
ويرى أن المقعد الذي يمكن أن يوفر “السكينة المُثلى” للمسافر الراغب في نيل قسطٍ من النوم خلال الرحلة، هو ذاك الذي يجاور النافذة ويقبع في منتصف مقصورة الطائرة، بعيداً عن المحرك والمطبخ والمراحيض.
وعليه، فإنه مع أن إنفاق آلاف الدولارات على حجز أحد المقاعد الأكثر تميزاً على متن الطائرة، لن يغير حقيقة أنك ستكون خلال الرحلة مُندفعاً بين السحب جنباً إلى جنب مع مئات آخرين من الأشخاص، فإن نجاحك في أن توفر لنفسك شعوراً بأن لديك خصوصيةً ما وأن تُوجِدَ مساحةً خاوية حولك، وقدرتك على أن تكف عن الشعور بالقلق حيال مسألة خلودك إلى النوم من عدمه، قد يفضي إلى أن تنال ولو قسطاً منه في نهاية المطاف.