بولونيا... مدينة تغذي الحواس وتُشبع البطن

سامح

:: أدارة المنتدي ::
8 يناير 2011
12,179
16
89
48
تشتهر بولونيا الإيطالية بأسماء عدة، منها «لا دوتا» وتعني مدينة الثقافة، و«لا روزا» وتعني اللون الأحمر في إشارة إلى التيارات اليسارية التي ظهرت فيها و«لا غراسا»، أي مدينة الدهون في إشارة إلى غنى مطبخها الغني ـ وربما تكون تسميتها الأخيرة الأنسب حالياً بالنظر إلى مهرجانات الأكل التي تقام بها سنوياً، فضلاً عن أن الكثير من أشهر أطباق المطبخ الإيطالي، مثل «تالياتيلي ألا راغو» و«مورتاديلا» و«تورتيليني» و«لازانيا ألا بولونيزي» التي تأتي في أشهى مذاقاتها هنا. ومع أن المطاعم الكلاسيكية لا تزال واحدة من العناصر التي تفخر بها المدينة ومن بعض أهم مزاراتها، فإن السنوات القليلة الأخيرة شهدت اتساع رقعة المطاعم الجديدة على نحو ملحوظ، لترسّخ سمعتها بصفتها عاصمة المطبخ الإيطالي بلا منازع.
لكن السحر الذي تتميز به بولونيا يتجاوز بكثير الطعام، ويمتد إلى عوالم الفنون والموسيقى وفن معماري يعود إلى القرون الوسطى. فقبل أن تشتهر بمطاعمها عرفت أيضاً بمعمارها واحتضانها أعرق جامعة في أوروبا. فجامعة بولونيا يعود تاريخها إلى عام 1088، وكانت ملاذاً للمثقفين وتيارات الفكر الإبداعي منذ ظهور العقول التنويرية أمثال دانتي وفرانشيسكو بتراركا في القرن الـ14. ومع أن العواصم الثقافية بوجه عام تبقى عرضة للتحجر والانحسار بمرور الوقت، فإن بولونيا نجحت في الإبقاء على ديناميكيتها بفضل التدفق المستمر للدماء الشابة إليها.
في المساء، تعج المقاهي المترامية في الكثير من جهاتها بأهاليها الذين يتنوعون ما بين سيدات الطبقة الراقية وخريجي الجامعات. بينما تجتذب ساحة فيردي موسيقيين وفنانين من مختلف المشارب، تقدم المقاهي المتراصة تحت أقواس ساحة سانتو ستيفانو الشهيرة مشروبات شهية المذاق. وخلال عطلات نهاية الأسبوع، يجري تخصيص شوارع «فيا أوغو باسي» و«فيا ريتسولي» و«فيا ديلينديبندنسا» للمشاة فقط؛ ما يجعلها مناطق جذب للمتسوقين والمؤديين من فناني الشوارع على حد سواء.
من ناحية أخرى، تعتبر أسواق الطعام في بولونيا من بين الأفضل على مستوى إيطاليا. وتتركز في مناطق «كواديريلاترو»، وهي مجموعة من الشوارع القديمة التي يعود تاريخها إلى قرون مضت جنوب «فيا ريتسولي» التي تشتهر بأنواع الجبن المختلفة على نحو خاص، وكذلك «لا بايتا فيكيا مالغا» في «فيا بيسكيريي فيكي». يمكن كذلك شراء المعجنات من «باولو أتي إي فيلي» في «فيا ديليورفيشي»، وأي شيء آخر تقريباً من «تامبوريني» في «فيا كابراريي». أما في «أوستريا ديل سولي» في «فيكولو رانوتشي»، وهو مقهى يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1465، فيمكن الاستمتاع بالمشروبات بأسعار تراعي الإمكانات المحلية.
في المقابل، تعج سوق «ميركاتو دي ميتزو» الكائنة في «فيا كلافاتوري» بحركة كبيرة في كل الأوقات، ولا يضاهيها حركة وشعبية سوى سوق «ميركاتو ديليربي» المتواجده على الطرف الغربي من «فيا أوغو باسي» وتتميز ببعض أفضل المنتجات على مستوى المنطقة.
هناك أيضاً سوق «ميركاتو ديلي تيري» التي تقام أسبوعياً في «فياتسو غاردينو»، حيث يحتشد أكثر عن 40 بائعاً.
الفن والتاريخ والموسيقى
اللافت في بولونيا وجود مجموعة مبهرة من أعمال جوتو دي بوندون وتيتيان ورفائيل وعدد من كبار الفنانين القدامى داخل «معرض بولونيا الوطني»، الذي يبلغ سعر تذكرته للبالغين 6 يوروات، و3 يوروات لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً. ويمكن كذلك الاستمتاع بأعمال الفن المعاصر داخل مبنى «مامبو» ويتراوح سعر تذكرته بين 4 و6 يوروات، بينما يسمح بدخول الأطفال مجاناً. ويضم المبنى «متحف موراندي»، وهو يحمل اسم الفنان المحلي جورجيو موراندي الذي لا يزال على قيد الحياة. هناك أيضاً متحف تاريخ بولونيا في «بالاتسو ريبولي» (تذكرة دخوله للبالغين: 10 يوروات، و8 يوروات لمن تتراوح أعمارهم بين 19 و26، و6 يوروات لمن هم بين 6 و18 عاماً. ويتميز المتحف بعروض تفاعلية عالية التقنية تتناول تطور المجتمع البولوني على مر السنوات. وتتوافر العروض بالإيطالية، لكن متاح مرشد سمعي بالإنجليزي أيضاً. ولا يمكن أن تكتمل زيارة بولونيا من دون زيارة المتحف الدولي ومكتبة بولونيا داخل «بالاتسو سنغوينيتي» (سعر التذكرة يتراوح بين 3 و5 يوروات، أما الأطفال فيسمح بدخولهم مجاناً).
أما عشاق الأفلام، فيمكنهم القيام بجولة إلى العصر الذهبي لصناعة الأفلام الإيطالية داخل المكتبة الضخمة لتاريخ السينما في دار بولونيا للفنون السينمائية (فياتسو غاردينو 65).
لا يمكن زيارة بولونيا من دون زيارة كنيسة مادونا دي سان لوكا المتواجده على تل بارتفاع 10 كيلومترات جنوب غربي قلب المدينة؛ لما تتيحه من مظهر بانورامي على بولونيا بأكملها. ويمكن الوصول إليها بواسطة «سان لوكا إكسبريس»، قطار سياحي ينطلق من «بياتسا ماجيوري». ومع هذا، فإنك قد تجد متعة أكبر في الوصول إلى الكنيسة عبر الطريق المتعرجة التي تبدأ من «بياتسا دي بورتا ساراغوتسا» على الطرف الغربي من قلب المدينة.