لن يكون «مونديال - 2018» الذي تستضيفه روسيا هذا العام، مجرد «عرس كروي» بالنسبة لمئات آلاف المشجعين الذين يتوافدون إلى المدن الروسية منذ فترة، ذلك أن من يعرف روسيا جيداً يدرك أنهم أيضا على موعد مع عرس سياحي لا يقل إثارة وأهمية.
فكل المدن الروسية التي تم اختيارها لاستضافة المنافسات الكروية، تحمل صفة مدن سياحية من العيار الثقيل. ما بين المعالم التاريخية التي تقف شاهدة على أحداث انطبعت تفاصيلها في ذاكرة البشرية، وساهمت في صناعة الحاضر كما نراه اليوم، وبين مشاهد طبيعية تتميز بجمال أخاذ، سيجد الزائر ما يملأ وقته في أوقات فراغه.
ثم لا ننسى أن روسيا، حتى بحلتها العصرية، تشكل مشهداً هاماً يروي إنجازات الإنسان في الفن والثقافة والهندسة المعمارية، والكثير غيره.
في مقدمة تلك المدن تقف طبعاً العاصمة الروسية موسكو بساحتها الحمراء والكرملين، فضلاً عن مسارحها الكثيرة ومبانيها التاريخية وحدائقها. كذلك بطرسبورغ عاصمة روسيا في عهد القياصرة، والمركز التاريخي الذي تروي معالمه خطوات نشوء الدولة الروسية، وتطورها حتى يومنا هذا. من أهم تلك المعالم القصر الشتوي وساحة القصور ومتحف الأرميتاج وحدائق بيترهوف وغيرها. وإلى جانب العاصمتين هناك مدينة سوتشي الشهيرة، التي تعتبر أهم منتجع سياحي على البحر الأسود جنوب روسيا. يقصدها العامة للاستجمام صيفا على شاطئ البحر، وشتاءً للتزلج على هضاب القوقاز. سوتشي التي تحمل لقب «لؤلؤة البحر الأسود»، هي المدينة المفضلة للقادة الروس وفيها أقام الزعيم السوفياتي ستالين مقره الصيفي، وكذلك فعل الرئيس بوتين حالياً.
إلى جانب هذه المدن الثلاث، تشارك ثماني مدن روسية أخرى في استضافة مباريات «مونديال 2018»، هي: فولغا غراد، وروستوف على الدون، وقازان، وسارانسك، ونيجني نوفوغورود، ويكاتيرينبورغ، وكاليننغراد. تحتوي علي كل واحدة معالم سياحية فريدة، وطبيعة غنية لن تُخيب آمال من يريد ضرب عصفورين بحجر ويكتشف هذه المناطق. للتعريف بالثروات السياحية في تلك المدن نتوقف فيما يلي عند عدد منها، دون التقليل من الأهمية السياحية التي تشكلها المدن الأخرى.
قازان
خلال التجوال في قازان، عاصمة تتارستان في روسيا، يشعر المرء وكأنه يتنقل بواسطة «آلة الزمن». فهو يقف أمام مشاهد ومعالم تجمع الماضي بكل ألقه وجماله والحاضر بكل ما فيه من حداثة ورقي. وتصنف مدينة قازان كواحدة من أهم المراكز الصناعية والاقتصادية والثقافية في روسيا. توجد شمال نهر الفولغا، عند نقطة تقاطعه مع نهر «قازان»، ولعبت المدينة منذ القدم، وما زالت إلى حد الآن دور الوسيط أو الجسر بين الشرق والغرب. ونظراً لأهمية وكثرة معالمها التاريخية، أُدرجت قازان على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. الجميل فيها تعايش عدة ديانات جنبا إلى جنب منذ قديم الزمان، علماً أن غالبية سكانها من المسلمين. وفق التاريخ المعتمد رسميا، نشأت المدينة في عام 1005م، إلا أن آثارا ومخطوطات عُثر عليها مؤخراً تشير إلى أنها كانت مأهولة منذ ما قبل القرن التاسع ميلادي.
في قازان لا وقت للسائح للشعور بالملل، ولا وقت للاستراحة، فهناك الكثير من المعالم التي يمكن زيارتها طيلة أوقات السنة. وهو ما يمكن اعتباره مُثلجا لصدور المشجعين الذين وصلوا إليها لمشاهدة أربع منافسات كروية تستضيفها المدينة. أول ما سيجذب انتباههم «ساحة الألفية»، وهي أكبر ساحة في روسيا وواحدة من أكبر الساحات في المدن عالمياً. فيها تقف معالم مهمة تروي تفاصيل انضمام أراضي تتارستان إلى الإمبراطورية الروسية، مثل مجمع وقصر «كرملين قازان»، التي تشير مصادر تاريخية إلى أنه شيد في مطلع القرن العاشر، وكان يحمل حينها اسم «كرمان». وقد شكل هذا القصر على مدار العصور مقرا رئيسيا للسلطات التي كانت تحكم أراضي تتارستان، وهو حاليا مقر الرئيس التتاري.
في الساحة ذاتها، ضمن مساحات «كرملين قازان» يقف مسجد بأربع منارات ضخمة، يخلد ذكرى الإمام التتاري «قول شريف»، الذي سقط شهيداً أثناء قيادته معارك الدفاع عن جزء من قازان، إبان حملة الجيوش الروسية عام 1552 ميلادي. كان ذلك في عهد إيفان الرهيب أول قياصرة «عموم روسيا». وقد تعرض المسجد بمآذنه الأربع للدمار خلال تلك الحملة، التي انتهت بضم تتارستان لروسيا. وفي عام 1996 قررت السلطات المحلية إعادة بنائه في ذات الموقع القديم، وأطلقت عليه اسم «مسجد قول شريف».
في الساحة ذاتها وبالقرب من الكرملين في قازان، تقف كاتدرائية البشارة، التي شيدت في القرن السادس عشر. ويعكس التجاور بين المسجد والكاتدرائية في أهم ساحة من المدينة، حالة التعايش السلمي بين ممثلي مختلف الديانات في المنطقة.
ومن المعالم السياحية الأخرى التي تستحق الزيارة في قازان، نذكر «ساحة الحرية»، التي كانت تحمل اسم «ساحة المسارح» حتى عام 1954، نظرا لموقعها الذي يطل على عدد من المسارح القديمة. وأخيرا لا يمكن ألا يلفت سيرك مدينة قازان أنظار الزوار، بقبته التي تجعله يبدو أقرب إلى صحن طائر قادم من الفضاء. ومن الطبيعي أن تكون مدينة مثل قازان غنية بشبكات الفنادق المناسبة لكل المستويات ومختلف الاحتياجات والأذواق، وكذلك الأمر بالنسبة للمقاهي والمطاعم، وغيره من بنى تحتية ضرورية، تضمن توفير مستويات راقية من الخدمات للسياح.
فولغوغراد
يتوقع أن يصلها مئات آلاف المشجعين خلال الشهر الحالي، حيث تستضيف أربع مباريات، الأولى يوم 18 يونيو (حزيران) بين منتخبي تونس وإنجلترا، والأخيرة يوم 28 يونيو بين المنتخبين الياباني والبولندي. توجد فولغوغراد جنوب شرقي الأجزاء الأوروبية من روسيا، على الضفة الغربية لنهر الفولغا. يزيد عمرها عن 400 عام. وعند تأسيسها عام 1589 كانت تُعرف باسم «تساريتسين»، ومن ثم أطلق عليها في عام 1925 اسم «مدينة ستالينغراد»، وهو الاسم الذي دخل التاريخ عبر بوابة الحرب العالمية الثانية. فالمدنية شهدت أهم معركة من معارك تلك الحرب، أبدى فيها الجنود السوفيات وسكان المدينة شجاعة لا نظير لها في تصديهم للقوات النازية. بعد معارك كر وفر وحصار متبادل ونقص شديد بالمواد الغذائية والمؤن والذخيرة، تمكن السوفيات من فك الحصار عن المدينة ودحر النازيين، ويقال إن معركة ستالين غراد كانت واحدة من المعارك التي غيرت مسار الحرب، وشكلت بداية للهجوم المضاد، الذي انتهى باحتلال القوات السوفياتية لبرلين.
مع كثرة المعالم السياحية وتنوعها في فولغوغراد، يبقى مجمع «الوطن الأم تناديكم» الذي يطل على نهر الفولغا من على تلة «مامايف كورغان»، المعلم الأهم والأكثر شهرة في المدينة. وهو أضخم مجمع في روسيا والعالم يحكي ذكرى الحرب العالمية الثانية، بكل مآسيها وبطولاتها. وما يدل على ضخامته ثماني سنوات من العمل الدؤوب أمضاها خيرة المصممين والفنانين والمعماريين السوفيات في تشييده. فقد بدأت عملية البناء في عام 1959 ولم تنته سوى في عام 1967. كما أن النصب يُشكل أهم الأعمال الفنية، إذ يجسد امرأة تحمل بيدها سيفاً، ترفعه نحو الأعلى، وقد ارتسمت على وجهها معالم الشجاعة، وهي تصرخ وكأنها تُعطي الإشارة بالهجوم ضد العدو. يبلغ ارتفاع النصب 52 متراً، ونحو 85 متراً حتى قمة السيف بيد «الأم»، ويمكن رؤيته من أي نقطة في فولغوغراد. وعلى جانبي التلة أقيمت ساحات تذكارية أخرى تنتشر فيها منحوتات عملاقة رائعة، تحكي كل منها حكاية معينة. بعضها يروي ألم فقدان الأم لابنها، والبعض الآخر يروي حكاية الجوع والعطش خلال الحصار، وما شابه من مشاهد تاريخية. وفي المقال ذاته يشكل مبنى مطحنة الحبوب في المدينة وجهة رئيسية للسياح، كونه شهد مواجهات ضارية طيلة فترة معارك ستالينغراد، من دون أن يتأثر. بالإضافة إلى المعالم التاريخية والقلاع التي تعرض مختلف المراحل التاريخية لنشأة المدينة، يتميز الجانب الواقع على ضفة الفولغا بطبيعة خلابة يمكن للزوار القيام بجولة نهرية فيها. كما يمكن لعشاق الإقامة في الطبيعة أن يجدوا منتجعات سياحية رائعة تنتشر في ريف المدينة وتتوفر على كل شروط الراحة والاستجمام، كما تقدم للضيوف برامج ترفيهية متنوعة، بما في ذلك جولات في الغابات وجولات صيد في النهر وغيرها.
ولضمان أعلى مستويات الراحة للضيوف، تتوفر في المدينة شبكات فنادق تناسب مختلف الفئات والميزانيات، بعضها من فنادق من فئة «3نجوم» وبعضها الآخر من فئة «5نجوم»، مثل «هيلتون» و«راديسون» وغيرها، علما أنه تم افتتاح هذه الفنادق مؤخراً في إطار التحضيرات للمونديال. ولا يختلف الأمر بالنسبة للبنى التحتية السياحية الأخرى، مثل المقاهي والمطاعم، التي تنتشر في أرجاء المدينة، وتلبي جميع المستويات وكل الأذواق. بعضها يُقدم وجبات سريعة فيما يتخصص بعضها الآخر في أطباق من المطبخ الروسي المحلي، فضلا عن مطاعم عالمية.
روستوف
روستوف نا دونو، أو «روستوف على الدون» مدينة قريبة من قلب كل من قرأ رواية «الدون الهادئ» للكاتب الروسي الكبير ميخائيل شولوخوف. فالمدينة التي تقف على ضفاف نهر «الدون» وتُعتبر المركز الإداري لمحافظة روستوف، جرت فيها الأحداث الرئيسية لتلك الرواية. لذلك فإن الجولات السياحية في روستوف، بمثابة جولة جغرافية لفصول «الدون الهادئ»، واطلاع عن كثب على صفحات التاريخ الذي تكتبه بالحجر مباني قديمة منتشرة في أكثر من مكان في تلك البقعة الدافئة من أراضي روسيا.
ويُطلق على «روستوف نادونو» لقب «بوابة الجنوب»، التي تلاقت عندها حضارات مختلفة، لتجعل منها مدينة غنية بالمعالم السياحية التاريخية. هذا إلى جانب طبيعتها التي تُشكل عامل جذب رئيسي لملايين السياح منذ سنوات حتى قبل أن يتم تزويدها ببنية تحتية مناسبة تساعد على تنشيط السياحة. لكن كل هذا تغير منذ الإعلان عن استضافتها المونديال، حيث تم بناء مطارات حديثة وسلسلة من الفنادق العصرية قادرة على استيعاب المسافرين. تتوفر حاليا على كثير من المقاهي والمطاعم الراقية.
فكل المدن الروسية التي تم اختيارها لاستضافة المنافسات الكروية، تحمل صفة مدن سياحية من العيار الثقيل. ما بين المعالم التاريخية التي تقف شاهدة على أحداث انطبعت تفاصيلها في ذاكرة البشرية، وساهمت في صناعة الحاضر كما نراه اليوم، وبين مشاهد طبيعية تتميز بجمال أخاذ، سيجد الزائر ما يملأ وقته في أوقات فراغه.
ثم لا ننسى أن روسيا، حتى بحلتها العصرية، تشكل مشهداً هاماً يروي إنجازات الإنسان في الفن والثقافة والهندسة المعمارية، والكثير غيره.
في مقدمة تلك المدن تقف طبعاً العاصمة الروسية موسكو بساحتها الحمراء والكرملين، فضلاً عن مسارحها الكثيرة ومبانيها التاريخية وحدائقها. كذلك بطرسبورغ عاصمة روسيا في عهد القياصرة، والمركز التاريخي الذي تروي معالمه خطوات نشوء الدولة الروسية، وتطورها حتى يومنا هذا. من أهم تلك المعالم القصر الشتوي وساحة القصور ومتحف الأرميتاج وحدائق بيترهوف وغيرها. وإلى جانب العاصمتين هناك مدينة سوتشي الشهيرة، التي تعتبر أهم منتجع سياحي على البحر الأسود جنوب روسيا. يقصدها العامة للاستجمام صيفا على شاطئ البحر، وشتاءً للتزلج على هضاب القوقاز. سوتشي التي تحمل لقب «لؤلؤة البحر الأسود»، هي المدينة المفضلة للقادة الروس وفيها أقام الزعيم السوفياتي ستالين مقره الصيفي، وكذلك فعل الرئيس بوتين حالياً.
إلى جانب هذه المدن الثلاث، تشارك ثماني مدن روسية أخرى في استضافة مباريات «مونديال 2018»، هي: فولغا غراد، وروستوف على الدون، وقازان، وسارانسك، ونيجني نوفوغورود، ويكاتيرينبورغ، وكاليننغراد. تحتوي علي كل واحدة معالم سياحية فريدة، وطبيعة غنية لن تُخيب آمال من يريد ضرب عصفورين بحجر ويكتشف هذه المناطق. للتعريف بالثروات السياحية في تلك المدن نتوقف فيما يلي عند عدد منها، دون التقليل من الأهمية السياحية التي تشكلها المدن الأخرى.
قازان
خلال التجوال في قازان، عاصمة تتارستان في روسيا، يشعر المرء وكأنه يتنقل بواسطة «آلة الزمن». فهو يقف أمام مشاهد ومعالم تجمع الماضي بكل ألقه وجماله والحاضر بكل ما فيه من حداثة ورقي. وتصنف مدينة قازان كواحدة من أهم المراكز الصناعية والاقتصادية والثقافية في روسيا. توجد شمال نهر الفولغا، عند نقطة تقاطعه مع نهر «قازان»، ولعبت المدينة منذ القدم، وما زالت إلى حد الآن دور الوسيط أو الجسر بين الشرق والغرب. ونظراً لأهمية وكثرة معالمها التاريخية، أُدرجت قازان على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. الجميل فيها تعايش عدة ديانات جنبا إلى جنب منذ قديم الزمان، علماً أن غالبية سكانها من المسلمين. وفق التاريخ المعتمد رسميا، نشأت المدينة في عام 1005م، إلا أن آثارا ومخطوطات عُثر عليها مؤخراً تشير إلى أنها كانت مأهولة منذ ما قبل القرن التاسع ميلادي.
في قازان لا وقت للسائح للشعور بالملل، ولا وقت للاستراحة، فهناك الكثير من المعالم التي يمكن زيارتها طيلة أوقات السنة. وهو ما يمكن اعتباره مُثلجا لصدور المشجعين الذين وصلوا إليها لمشاهدة أربع منافسات كروية تستضيفها المدينة. أول ما سيجذب انتباههم «ساحة الألفية»، وهي أكبر ساحة في روسيا وواحدة من أكبر الساحات في المدن عالمياً. فيها تقف معالم مهمة تروي تفاصيل انضمام أراضي تتارستان إلى الإمبراطورية الروسية، مثل مجمع وقصر «كرملين قازان»، التي تشير مصادر تاريخية إلى أنه شيد في مطلع القرن العاشر، وكان يحمل حينها اسم «كرمان». وقد شكل هذا القصر على مدار العصور مقرا رئيسيا للسلطات التي كانت تحكم أراضي تتارستان، وهو حاليا مقر الرئيس التتاري.
في الساحة ذاتها، ضمن مساحات «كرملين قازان» يقف مسجد بأربع منارات ضخمة، يخلد ذكرى الإمام التتاري «قول شريف»، الذي سقط شهيداً أثناء قيادته معارك الدفاع عن جزء من قازان، إبان حملة الجيوش الروسية عام 1552 ميلادي. كان ذلك في عهد إيفان الرهيب أول قياصرة «عموم روسيا». وقد تعرض المسجد بمآذنه الأربع للدمار خلال تلك الحملة، التي انتهت بضم تتارستان لروسيا. وفي عام 1996 قررت السلطات المحلية إعادة بنائه في ذات الموقع القديم، وأطلقت عليه اسم «مسجد قول شريف».
في الساحة ذاتها وبالقرب من الكرملين في قازان، تقف كاتدرائية البشارة، التي شيدت في القرن السادس عشر. ويعكس التجاور بين المسجد والكاتدرائية في أهم ساحة من المدينة، حالة التعايش السلمي بين ممثلي مختلف الديانات في المنطقة.
ومن المعالم السياحية الأخرى التي تستحق الزيارة في قازان، نذكر «ساحة الحرية»، التي كانت تحمل اسم «ساحة المسارح» حتى عام 1954، نظرا لموقعها الذي يطل على عدد من المسارح القديمة. وأخيرا لا يمكن ألا يلفت سيرك مدينة قازان أنظار الزوار، بقبته التي تجعله يبدو أقرب إلى صحن طائر قادم من الفضاء. ومن الطبيعي أن تكون مدينة مثل قازان غنية بشبكات الفنادق المناسبة لكل المستويات ومختلف الاحتياجات والأذواق، وكذلك الأمر بالنسبة للمقاهي والمطاعم، وغيره من بنى تحتية ضرورية، تضمن توفير مستويات راقية من الخدمات للسياح.
فولغوغراد
يتوقع أن يصلها مئات آلاف المشجعين خلال الشهر الحالي، حيث تستضيف أربع مباريات، الأولى يوم 18 يونيو (حزيران) بين منتخبي تونس وإنجلترا، والأخيرة يوم 28 يونيو بين المنتخبين الياباني والبولندي. توجد فولغوغراد جنوب شرقي الأجزاء الأوروبية من روسيا، على الضفة الغربية لنهر الفولغا. يزيد عمرها عن 400 عام. وعند تأسيسها عام 1589 كانت تُعرف باسم «تساريتسين»، ومن ثم أطلق عليها في عام 1925 اسم «مدينة ستالينغراد»، وهو الاسم الذي دخل التاريخ عبر بوابة الحرب العالمية الثانية. فالمدنية شهدت أهم معركة من معارك تلك الحرب، أبدى فيها الجنود السوفيات وسكان المدينة شجاعة لا نظير لها في تصديهم للقوات النازية. بعد معارك كر وفر وحصار متبادل ونقص شديد بالمواد الغذائية والمؤن والذخيرة، تمكن السوفيات من فك الحصار عن المدينة ودحر النازيين، ويقال إن معركة ستالين غراد كانت واحدة من المعارك التي غيرت مسار الحرب، وشكلت بداية للهجوم المضاد، الذي انتهى باحتلال القوات السوفياتية لبرلين.
مع كثرة المعالم السياحية وتنوعها في فولغوغراد، يبقى مجمع «الوطن الأم تناديكم» الذي يطل على نهر الفولغا من على تلة «مامايف كورغان»، المعلم الأهم والأكثر شهرة في المدينة. وهو أضخم مجمع في روسيا والعالم يحكي ذكرى الحرب العالمية الثانية، بكل مآسيها وبطولاتها. وما يدل على ضخامته ثماني سنوات من العمل الدؤوب أمضاها خيرة المصممين والفنانين والمعماريين السوفيات في تشييده. فقد بدأت عملية البناء في عام 1959 ولم تنته سوى في عام 1967. كما أن النصب يُشكل أهم الأعمال الفنية، إذ يجسد امرأة تحمل بيدها سيفاً، ترفعه نحو الأعلى، وقد ارتسمت على وجهها معالم الشجاعة، وهي تصرخ وكأنها تُعطي الإشارة بالهجوم ضد العدو. يبلغ ارتفاع النصب 52 متراً، ونحو 85 متراً حتى قمة السيف بيد «الأم»، ويمكن رؤيته من أي نقطة في فولغوغراد. وعلى جانبي التلة أقيمت ساحات تذكارية أخرى تنتشر فيها منحوتات عملاقة رائعة، تحكي كل منها حكاية معينة. بعضها يروي ألم فقدان الأم لابنها، والبعض الآخر يروي حكاية الجوع والعطش خلال الحصار، وما شابه من مشاهد تاريخية. وفي المقال ذاته يشكل مبنى مطحنة الحبوب في المدينة وجهة رئيسية للسياح، كونه شهد مواجهات ضارية طيلة فترة معارك ستالينغراد، من دون أن يتأثر. بالإضافة إلى المعالم التاريخية والقلاع التي تعرض مختلف المراحل التاريخية لنشأة المدينة، يتميز الجانب الواقع على ضفة الفولغا بطبيعة خلابة يمكن للزوار القيام بجولة نهرية فيها. كما يمكن لعشاق الإقامة في الطبيعة أن يجدوا منتجعات سياحية رائعة تنتشر في ريف المدينة وتتوفر على كل شروط الراحة والاستجمام، كما تقدم للضيوف برامج ترفيهية متنوعة، بما في ذلك جولات في الغابات وجولات صيد في النهر وغيرها.
ولضمان أعلى مستويات الراحة للضيوف، تتوفر في المدينة شبكات فنادق تناسب مختلف الفئات والميزانيات، بعضها من فنادق من فئة «3نجوم» وبعضها الآخر من فئة «5نجوم»، مثل «هيلتون» و«راديسون» وغيرها، علما أنه تم افتتاح هذه الفنادق مؤخراً في إطار التحضيرات للمونديال. ولا يختلف الأمر بالنسبة للبنى التحتية السياحية الأخرى، مثل المقاهي والمطاعم، التي تنتشر في أرجاء المدينة، وتلبي جميع المستويات وكل الأذواق. بعضها يُقدم وجبات سريعة فيما يتخصص بعضها الآخر في أطباق من المطبخ الروسي المحلي، فضلا عن مطاعم عالمية.
روستوف
روستوف نا دونو، أو «روستوف على الدون» مدينة قريبة من قلب كل من قرأ رواية «الدون الهادئ» للكاتب الروسي الكبير ميخائيل شولوخوف. فالمدينة التي تقف على ضفاف نهر «الدون» وتُعتبر المركز الإداري لمحافظة روستوف، جرت فيها الأحداث الرئيسية لتلك الرواية. لذلك فإن الجولات السياحية في روستوف، بمثابة جولة جغرافية لفصول «الدون الهادئ»، واطلاع عن كثب على صفحات التاريخ الذي تكتبه بالحجر مباني قديمة منتشرة في أكثر من مكان في تلك البقعة الدافئة من أراضي روسيا.
ويُطلق على «روستوف نادونو» لقب «بوابة الجنوب»، التي تلاقت عندها حضارات مختلفة، لتجعل منها مدينة غنية بالمعالم السياحية التاريخية. هذا إلى جانب طبيعتها التي تُشكل عامل جذب رئيسي لملايين السياح منذ سنوات حتى قبل أن يتم تزويدها ببنية تحتية مناسبة تساعد على تنشيط السياحة. لكن كل هذا تغير منذ الإعلان عن استضافتها المونديال، حيث تم بناء مطارات حديثة وسلسلة من الفنادق العصرية قادرة على استيعاب المسافرين. تتوفر حاليا على كثير من المقاهي والمطاعم الراقية.