إلى عهد قريب كانت موريشيوس عاصمة الرومانسية والأحلام بلا منازع. تُقام فيها حفلات الزفاف وتُقضى فيها شهور العسل ويحيي فيها الأزواج ذكريات الصبا والصبابة. لم تفقد هذه السمعة، لكنها أضافت إليها أخيراً صفة جديدة تتمثل في أنشطة ترفيهية تروق لمحبي الاستكشاف والقيام بمجهود بدني عوض الاسترخاء تحت أشعة الشمس. صورة تختلف عن تلك التي كتب عنها المهندس الملكي البريطاني سي جي غوردن، في عام 1881 في رسالة إلى صديقه السير تشارلز إلفينستون قائلاً إنها هادئة إلى حد الملل «لهذا إذا كنت ترغب في مكان كل شيء فيه نائم، أنصحك بزيارة موريشيوس». الآن، وبعد مرور عشرات العقود على هذه الرسالة، فإن سمعة موريشيوس كواحة مستكينة بين أحضان المحيط الهندي تغيرت بفضل أنشطة رياضية حديثة تجعلها من بين الوجهات المفضلة للشباب من محبي الغوص في الأعماق أو السباحة مع الدلافين، التي يشبهها كل من جربها بلقاء مع الطبيعة في واحد من أجمل تجلياتها. هذا فضلاً عن غاباتها التي تُعتبر وكراً لطيور نادرة. وهذا تحديداً ما تحاول الجزيرة استغلاله برفعها شعار «ما بعد الشاطئ». شعار سياحي يستهدف تسليط الضوء على أن جاذبيتها تتجاوز المياه اللازوردية والرمال الذهبية لتشمل غابات وسفراً عبر الزمن وسط حطام المستعمرات الضخمة والمتاحف الغريبة.
إذا كانت النية اكتشاف الوجه الجديد للجزيرة، فإن الاستعانة بدليل محلي خطوة مهمة، لأنه سيأخذك إلى أماكن نائية عبر طرق جبلية تصل بك إلى وديان النهر الأسود الوطني، كما إلى مساحات برية شاسعة تغطيها غابات كثيفة لا تزال فيها لمحات خفيفة لنباتات أصلية دمرها المستوطنون لأجيال. ما تبقى بفضل الجهود الدؤوبة للحفاظ على البيئة يوجد في المتنزه الوطني، حيث تختال الطيور الاستوائية البيضاء بذيولها الطويلة، بينما تصدح أخرى حول الوجوه الصخري، وكأنها جوقة بأصواتها العالية. خلال هذه الجولة ستتعرف على الحياة الطبيعية لأنواع من الطيور كانت إلى عهد قريب مهددة بالانقراض، مثل طائر العوسق، أحد أندر الطيور، حيث لم يكن منه سوى أربعة. كذلك ببغاء الباراكيت، الذي كان يوجد على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، حيث وصل عدده إلى 15 فقط، لكنه الآن يطير بالمئات حول غابات النهر الأسود بفضل الجهود التي قامت بها الحكومة. لكن للأسف جاء الوقت متأخراً بالنسبة لطائر الدودو الذي لا يزال السكان يتحسرون عليه، وانقرض بسبب البحارة الهولنديين في القرن السابع عشر. وكان الطائر الذي ذكره البحارة الهولنديون للمرة الأولى عام 1598 من خلال الإشارة إليه كطائر لا يطير، قد اختفى تماماً من الجزيرة في غضون بضعة عقود من وصولهم. آخر مرة شوهد فيها كانت في عام 1662. يعود الجزء الأكبر من شهرته إلى ظهوره في رواية لويس كارول «آليس في بلاد العجائب».
وأنت هنا لا بد من تسلُّق موقع أدرجته «اليونيسكو» ضمن التراث العالمي وهو «لي مورني»؛ مكان رائع يطل على جبال أعلى البحر، لكن إذا كنت ممن يعانون من الدوار من الأعالي، فمن الأفضل أن تستغني عن هذا وتقوم في المقابل برحلة غوص لمسافة 20 ألف ميل تقريباً تحت البحر مع القبطان نيمو، تصل بعدها إلى حطام سفينة داخل غواصة صغيرة. ويقال إن السفينة التي بها عشرة مقاعد هي من بنات أفكار لوك بيلارد، رحّالة اكتفى من الحياة بين أمواج المحيط وقرر استكشاف ما تحت سطح البحر. إنها ليست سوى واحدة من عشر غواصات في العالم موثقة من صنّاعها الفنلنديين كغواصات قادرة على الغوص لعمق 260 قدم وأصبحت الآن مركز جذب، إلى جانب حطام لسفينة صيد يابانية غرقت منذ بضع سنوات مشكّلة شعاباً صناعية. في ظل غياب الحبار الضخم، ستلاحظ أسراباً من سمك المهرج، والأسماك ذات الخطوط الزرقاء تسبح حول السفينة، وهي تنتظر من السياح فتات الخبز، بعد أن أصبحت معتادة عليه.
بعد هذه الجولة البحرية، يمكن زيارة مزارع «لي بويه شيري» التي تعتبر المكان الأمثل لتذوق الشاي بنكهات مختلفة، من الفانيليا والكراميل إلى نكهة الفواكه الغريبة وحبوب الهيل وجوز الهند. وتختلف نوعيته وجودته باختلاف ارتفاع مكان زراعته، فكلما كانت المزرعة على ارتفاع أكبر، كان مذاق الشاي أقوى، وتنتج مزرعة «لي بويه شيري»، التي توجد على ارتفاع 1600 قدم، أنواعاً خفيفة عطرة الرائحة.
> معلومات أساسية عن موريشيوس
- يعيش خليط عرقي من الأفارقة والهنود والصينيين في تناغم وتآلف اجتماعي وديني.
- تنتشر الإنجليزية والفرنسية، والكريول الهندية، لكن يتم فهم الإنجليزية بشكل كبير.
- الروبية الموريشيوسية، هي العملة الدارجة، وسعر الصرف 45 روبية مقابل جنيه إسترليني واحد.
- زارها مارك توين في عام 1896 وامتدح «صخورها، وقمم جبالها الخضراء». وكتب في «فولوينغ ذا إكويتور» (متتبعاً خط الاستواء): «إنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا يتم سؤال الغريب فيها عن رأيه فيها» مضيفاً أنها ميزة فريدة، لأن المواطن هنا هو الذي يتحدث عنها من دون أن يطلب مساعدة أو رأي غريب. لكن الجزيرة عرفت بفضل رواية «بول وفيرجينيا» لجاك هنري برناردين حسب ما قاله مارك توين: «يبدو أن هناك حدثاً بارزاً في تاريخ موريشيوس لم يحدث في أرض الواقع... أشير هنا إلى الإقامة الرومانسية المؤقتة لكل من بول وفيرجينيا. لقد كانت تلك القصة هي التي منحت موريشيوس شهرتها العالمية وجعلت اسمها مألوفاً للجميع دون حتى أن يعرف أحد موقعها الجغرافي».
- جاءت زيارة توين أثناء الـ95 عاماً التي كانت موريشيوس تحت الحكم الفرنسي. لكن كان البحارة العرب هم أول من زاروا الجزيرة وأطلقوا عليها اسم «دينا روبا» (دنيا العروبة)، في حين كان البرتغاليون أول من سكنوها وأقاموا قاعدة بها عام 1507.
- من عام 1638 حتى 1710 سيطر عليها الهولنديون وأطلقوا عليها اسم «موريشيوس». ثم تسلّمها الفرنسيون، الذين كانوا يحكمون «إل بوربون» (جزيرة لا ريونيون حالياً)، من عام 1715 حتى 1810 وأطلقوا عليها اسم «إيل دي فرانس»، أي «جزيرة فرنسا». بعد ذلك حكمها البريطانيون عام 1810، وأعادوا إليها اسمها السابق «موريشيوس» وحصلت الجزيرة على استقلالها منذ خمسين عاماً في 12 مارس (آذار) 1968.
- ليست موريشيوس المكان الأمثل للعزلة التامة، إلا إذا تم اختيار مكان الإقامة جيداً. ففيها يقيم بها نحو 1.3 مليون نسمة، في حين تبلغ مساحتها 790 ميلاً مربعاً فقط، مما يعني وجود 1634 نسمة في كل ميل مربع. ولا تقع سوى بضع دول أكثر ازدحاماً وتكدساً من بينها موناكو، وسنغافورة، والبحرين، ومالطا، وبنغلاديش.
إذا كانت النية اكتشاف الوجه الجديد للجزيرة، فإن الاستعانة بدليل محلي خطوة مهمة، لأنه سيأخذك إلى أماكن نائية عبر طرق جبلية تصل بك إلى وديان النهر الأسود الوطني، كما إلى مساحات برية شاسعة تغطيها غابات كثيفة لا تزال فيها لمحات خفيفة لنباتات أصلية دمرها المستوطنون لأجيال. ما تبقى بفضل الجهود الدؤوبة للحفاظ على البيئة يوجد في المتنزه الوطني، حيث تختال الطيور الاستوائية البيضاء بذيولها الطويلة، بينما تصدح أخرى حول الوجوه الصخري، وكأنها جوقة بأصواتها العالية. خلال هذه الجولة ستتعرف على الحياة الطبيعية لأنواع من الطيور كانت إلى عهد قريب مهددة بالانقراض، مثل طائر العوسق، أحد أندر الطيور، حيث لم يكن منه سوى أربعة. كذلك ببغاء الباراكيت، الذي كان يوجد على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، حيث وصل عدده إلى 15 فقط، لكنه الآن يطير بالمئات حول غابات النهر الأسود بفضل الجهود التي قامت بها الحكومة. لكن للأسف جاء الوقت متأخراً بالنسبة لطائر الدودو الذي لا يزال السكان يتحسرون عليه، وانقرض بسبب البحارة الهولنديين في القرن السابع عشر. وكان الطائر الذي ذكره البحارة الهولنديون للمرة الأولى عام 1598 من خلال الإشارة إليه كطائر لا يطير، قد اختفى تماماً من الجزيرة في غضون بضعة عقود من وصولهم. آخر مرة شوهد فيها كانت في عام 1662. يعود الجزء الأكبر من شهرته إلى ظهوره في رواية لويس كارول «آليس في بلاد العجائب».
وأنت هنا لا بد من تسلُّق موقع أدرجته «اليونيسكو» ضمن التراث العالمي وهو «لي مورني»؛ مكان رائع يطل على جبال أعلى البحر، لكن إذا كنت ممن يعانون من الدوار من الأعالي، فمن الأفضل أن تستغني عن هذا وتقوم في المقابل برحلة غوص لمسافة 20 ألف ميل تقريباً تحت البحر مع القبطان نيمو، تصل بعدها إلى حطام سفينة داخل غواصة صغيرة. ويقال إن السفينة التي بها عشرة مقاعد هي من بنات أفكار لوك بيلارد، رحّالة اكتفى من الحياة بين أمواج المحيط وقرر استكشاف ما تحت سطح البحر. إنها ليست سوى واحدة من عشر غواصات في العالم موثقة من صنّاعها الفنلنديين كغواصات قادرة على الغوص لعمق 260 قدم وأصبحت الآن مركز جذب، إلى جانب حطام لسفينة صيد يابانية غرقت منذ بضع سنوات مشكّلة شعاباً صناعية. في ظل غياب الحبار الضخم، ستلاحظ أسراباً من سمك المهرج، والأسماك ذات الخطوط الزرقاء تسبح حول السفينة، وهي تنتظر من السياح فتات الخبز، بعد أن أصبحت معتادة عليه.
بعد هذه الجولة البحرية، يمكن زيارة مزارع «لي بويه شيري» التي تعتبر المكان الأمثل لتذوق الشاي بنكهات مختلفة، من الفانيليا والكراميل إلى نكهة الفواكه الغريبة وحبوب الهيل وجوز الهند. وتختلف نوعيته وجودته باختلاف ارتفاع مكان زراعته، فكلما كانت المزرعة على ارتفاع أكبر، كان مذاق الشاي أقوى، وتنتج مزرعة «لي بويه شيري»، التي توجد على ارتفاع 1600 قدم، أنواعاً خفيفة عطرة الرائحة.
> معلومات أساسية عن موريشيوس
- يعيش خليط عرقي من الأفارقة والهنود والصينيين في تناغم وتآلف اجتماعي وديني.
- تنتشر الإنجليزية والفرنسية، والكريول الهندية، لكن يتم فهم الإنجليزية بشكل كبير.
- الروبية الموريشيوسية، هي العملة الدارجة، وسعر الصرف 45 روبية مقابل جنيه إسترليني واحد.
- زارها مارك توين في عام 1896 وامتدح «صخورها، وقمم جبالها الخضراء». وكتب في «فولوينغ ذا إكويتور» (متتبعاً خط الاستواء): «إنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا يتم سؤال الغريب فيها عن رأيه فيها» مضيفاً أنها ميزة فريدة، لأن المواطن هنا هو الذي يتحدث عنها من دون أن يطلب مساعدة أو رأي غريب. لكن الجزيرة عرفت بفضل رواية «بول وفيرجينيا» لجاك هنري برناردين حسب ما قاله مارك توين: «يبدو أن هناك حدثاً بارزاً في تاريخ موريشيوس لم يحدث في أرض الواقع... أشير هنا إلى الإقامة الرومانسية المؤقتة لكل من بول وفيرجينيا. لقد كانت تلك القصة هي التي منحت موريشيوس شهرتها العالمية وجعلت اسمها مألوفاً للجميع دون حتى أن يعرف أحد موقعها الجغرافي».
- جاءت زيارة توين أثناء الـ95 عاماً التي كانت موريشيوس تحت الحكم الفرنسي. لكن كان البحارة العرب هم أول من زاروا الجزيرة وأطلقوا عليها اسم «دينا روبا» (دنيا العروبة)، في حين كان البرتغاليون أول من سكنوها وأقاموا قاعدة بها عام 1507.
- من عام 1638 حتى 1710 سيطر عليها الهولنديون وأطلقوا عليها اسم «موريشيوس». ثم تسلّمها الفرنسيون، الذين كانوا يحكمون «إل بوربون» (جزيرة لا ريونيون حالياً)، من عام 1715 حتى 1810 وأطلقوا عليها اسم «إيل دي فرانس»، أي «جزيرة فرنسا». بعد ذلك حكمها البريطانيون عام 1810، وأعادوا إليها اسمها السابق «موريشيوس» وحصلت الجزيرة على استقلالها منذ خمسين عاماً في 12 مارس (آذار) 1968.
- ليست موريشيوس المكان الأمثل للعزلة التامة، إلا إذا تم اختيار مكان الإقامة جيداً. ففيها يقيم بها نحو 1.3 مليون نسمة، في حين تبلغ مساحتها 790 ميلاً مربعاً فقط، مما يعني وجود 1634 نسمة في كل ميل مربع. ولا تقع سوى بضع دول أكثر ازدحاماً وتكدساً من بينها موناكو، وسنغافورة، والبحرين، ومالطا، وبنغلاديش.