لكل قصة بداية ولكل فكرة حكاية. نقطة البداية كانت من مدينة لوزان الوادعة على بحيرة جنيف، وهنا لا بد من التفسير بأن هناك تسمية أخرى للبحيرة وهي بحيرة «ليمان» أو «لو ليمان»، (وهذه التسمية تثير حفيظة بعض السويسريين).
وتدير لوزان ظهرها للتلال الخضراء التي تزينها البيوت بتصميمها السويسري الجميل وإلى اليسار تقف جبال الألب الشاهقة وكأنها تحرس البحيرة وأهلها الذين يبلغ عددهم 142 ألف نسمة.
توجد لوزان في الكانتون الفرنسي من سويسرا وتحديدا في كانتون «فو» Vaud، فهذه المدينة غنية عن التعريف بجمالها وروعتها، وتعرف بالمتحف الأولمبي الذي يوثق دورات الألعاب الأولمبية بشكل لافت، كما أنها تشتهر بوجود بعض من أهم الجامعات في سويسرا فيها، لذا تراها نقطة جذب للمؤتمرات الدولية، ولكن أهم ما يميز لوزان وأهم ما يجب التشديد عليه هو أنها تعتبر نقطة انطلاق «الجولة الكبرى» أو ما يعرف منذ القرن السادس عشر بـGrand Tour لاكتشاف سويسرا بواسطة القطار أو السيارة.
* تاريخ الـ«غراند تور»
الجولة الكبرى أو الـ«غراند تور» بدأت مع السياح الإنجليز عام 1661 عندما كانت تقوم الطبقة الأرستقراطية الراقية بالسفر إلى أوروبا لاكتشافها بواسطة السيارات عبر طرق محددة للجولة تعبر الجبال وتعرج على التلال والبحيرات والأنهار وكانت حينها تقتصر على فرنسا وإيطاليا، وأصبحت الجولة الكبرى أكثر شيوعا ما بين عام 1660 إلى أن تطورت وسائل النقل في عام 1840 وكان يوجد حينها جدول واحد يتقيد به المسافر، وكان الهدف من تلك الجولة ثقافيا وسياحيا بنفس الوقت، وتطورت الجولة وتبدلت معالمها ولم تعد حكرا على الطبقة الأرستقراطية مع اختراع القطارات التي تعمل على البخار، فانضمت الطبقة المتوسطة إلى قافلة السياح المرفهين الباحثين عن استكشاف أوروبا، ومع توفر أول قطار في سويسرا وتحديدا في زيوريخ توجهت أنظار السياح إلى تلك البلاد الجميلة التي تحتوي علي 26 كانتونا وتتكلم أربع لغات رسمية وكل كانتون يتكلم لغة مختلفة.
أول قطار شق طريقه في سويسرا على سكة طولها 16 كلم، وكانت نقطة الانطلاق من زيوريخ ونقطة الانتهاء في بادن، عام 1847 وفي غضون عام 1860 كانت شبكة القطارات في سويسرا تربط ما بين القسم الغربي والشمال الشرقي من البلاد، وأول خط قطارات في جبال الألب افتتح في عام 1882 تحت اسم «غوتارد باس» وفي عام 1906 افتتح الخط الثاني لجبال الألب وأطلق عليه اسم «سيمبلون باس».
قد أكون قد أطلت الشرح عن تاريخ القطارات في سويسرا، ولكن هذا الأمر هو أهم شيء في موضوعنا لأن زيارتنا إلى سويسرا هذه المرة كانت ترتكز على وسيلة التنقل بالقطارات بشتى أسمائها وأشكالها، كما أن سويسرا قطعت أشواطا لم تستطع أي دولة أخرى بأن تصل إليها منذ أن أطلق أول قطار تابع لشبكتها، لتصبح اليوم شبكة القطارات الرائدة في العالم يقتدى بها وتضبط الساعات والأوقات على مواعيد وصولها، واليوم تعتبر تذكرة «سويس باس» مفتاح سويسرا الحقيقي.
* معلومات عن «الجولة الكبرى»
تحتوي علي الجولة الكبرى في سويسرا أجمل الطرقات وأفضل ما يمكن أن تراه عينك من سحر من خلال السياحة بالسيارة أو القطار، فتم اختيار أجمل ما تذخر به سويسرا من طرقات بانورامية لتكون من ضمن الجولة.
عندما تقوم بالجولة الكبرى سوف تتعرف على 44 معلمًا تابعًا لمنظمة اليونيسكو، وستسحرك 22 بحيرة في طريقك من مدينة إلى أخرى على طريق يمتد على مسافة 1643 كلم (1021 ميلا)، وأعلى نقطة في الجولة الكبرى تصل إلى 2429 مترًا فوق البحر والنقطة الأدنى عند بحيرة ماجيوري التي ترتفع 193 متر فوق البحر.
إذا اخترت السياحة بواسطة السيارة، تقوم هيئة السياحة في سويسرا بتقديم النصائح على موقعها الرسمي، وتنصح دائما بالقيام بالجولة باتجاه عقارب الساعة، لتحاشي المشكلات في المدن التي تحتوي علي طرقات أحادية الاتجاه، كما يمكنك بأن تختار نقطة الانطلاق من خلال تحميل الخريطة المتوفرة على الموقع، وبعدها تكون الرحلة سهلة جدا بسبب وجود لافتات تدل السائح على الطرقات المتواجده ضمن الجولة الكبرى، ويتعين على السائق القيادة لمدة 5 ساعات يوميا. ولكن هذا الأمر يعود إلى الزائر وإلى اختياره الشخصي لتنظيم الوقت واختيار المدن التي يريدها للمبيت والمعالم الذي يفضل التوقف عندها.
ومن المهم معرفة بأن شراء تذكرة القطار يخولك السياحة على متن جميع القطارات المتوفرة في سويسرا، إن كانت البانورامية أو العادية أو حتى الكلاسيكية القديمة، وهذه هي ميزة التنقل بالقطار، كما تستطيع زيارة المتاحف مجانا.
* المحطة الأولى
كما ذكرنا، نقطة الانطلاق كانت من لوزان، فبعد زيارة أهم ما تزخر به من معالم سياحية مثل المتحف الأولمبي، كان لا بد من جولة في الكاتدرائية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرون الوسطى والتي تعتبر من أهم كاتدرائيات أوروبا وتجذب 400 ألف رحالة سنويا، ومن المهم جدا تسلق السلالم إلى أعلى، حيث لتشاهد روعة لوزان من فوق.
تحيط بالكاتدرائية أهم البوتيكات العالمية، وتعتبر المنطقة المحيطة بها من أرقى المناطق التي تبعد عن البحيرة بنحو 15 دقيقة مشيًا على الأقدام، ومن الممكن استخدام مترو الأنفاق (من خلال تذكرة القطار) للوصول إلى الوجهة التي تريدها، واستخدام النقل العام في سويسرا سهل جدا.
من الأماكن الأخرى التي تستحق الزيارة منطقة «لو فلون» التي تحتوي علي الكثير من المطاعم، فهذه المنطقة تعتبر واجهة لوزان العصرية.
ورحلة مائية على متن قارب يعمل على البخار تمخر تموجات بحيرة جنيف تبقى من أجمل ما يمكن أن تقوم به في تلك المدينة الأنيقة لرؤية تلاتها الثلاثة عن قرب.
وإذا كنت من محبي المشي، فأنت في المكان المناسب، لأن هناك طرقات تمتد على مسافة 6 كلم مخصصة للمشي والتسلق (السهل)، وتستغرق هذه الرحلة نحو الساعة و45 دقيقة.
* المحطة الثانية
محطتنا الثانية كانت في منطقة «إيغل» الشهيرة بقلعتها «Aigle Castle»، الذي مر عبر العصور بعدة مراحل وكان في بادئ الأمر منزلا خاصا وتحول بعدها إلى سجن، واليوم متحف يزوره السياح للتعرف على هذه المنطقة من خلال التاريخ الموثق بداخله.
ومن هناك انطلقنا في رحلة عبر العربة الكهربائية إلى أعلى جبل ووصلنا إلى منطقة «لا بيرنوز» المتواجده على علو 2048 متر فوق البحر. وخلال فصل الشتاء تعتبر هذه المحطة من أهم محطات التزلج وفي باقي الفصول، يتمتع الزائرون بالمناظر البانورامية التي تقدمها من هذا العلو، مع وجود مطعم دوار اسمه «لو كوكلو» ويقدم المأكولات التقليدية، والمطعم مصنوع بالكامل من الزجاج ويدور ببطء شديد لتتسنى لك رؤية المشاهد الطبيعية من كل زاوية.
* المحطة الثالثة
وصل القطار في الصباح الباكر إلى محطة «إيفردون لي بين» ومنها توجهنا إلى «سانت كروا»، وهذه المنطقة عالية عن البحر، فالمناخ بارد بعض الشيء حتى في فصل الصيف، وتعرف هذه المنطقة بوجود المركز العالمي للفن الميكانيكي فيها، وهي أشهر منطقة تصنع العلب الموسيقية، وفي بداية القرن العشرين كانت هذه المهنة الأولى التي يقوم بها أهل المنطقة.
وللتعرف أكثر على عالم العلب الموسيقية تستطيع زيارة «CIMA» آخر مصنع لا يزال يعمل ويصنع تلك التحف، وفيه تتعرف على الطرق القديمة والتقليدية لتصنيع العلب الموسيقية وعلى أحدث الطرق وعلى الأفكار العصرية التي تتخذ من علبة الموسيقى الوحي وتترجمها في تصميم عصري مختلف تماما.
من أجمل ما يمكن أن تقوم به في محيط تلك المنطقة هو التوجه إلى منطقة «بونفيار»، وتستقل عربة يجرها الخيل، هي بمثابة مطعم سويسري متنقل، فأثناء تناولك المأكولات السويسرية تتمتع بأجمل المناظر الطبيعية بين كروم العنب وصولا إلى البحيرة.
* المحطة الرابعة
إذا لم تكن كل الروعة التي قابلتك في الأيام الأولى من الرحلة كافية وتريد جرعة زائدة منها، فالمحطة التالية كفيلة بذلك، كيف لا ونحن قد وصلنا إلى منطقة «مونترو»، وهذه المنطقة لا يمكن أن يتعب منها الزائر، فيكفي أن تصل إليها حتى تشعر بالراحة، وبمجرد رؤية البحيرة الذي يمتد بمحاذاتها الكورنيش وتمثال فريدي ميركري ومهرجان الجاز وكوكبة من أهم مطاعم الكانتون الفرنسي في سويسرا، إضافة إلى المشي في قسمها القديم.
ومن أهم ما يمكن أن تزورها بها قلعة «شيون» Chillon Castle المبنية على الصخر وسط بحيرة جنيف وتعتبر المعلم الأكثر زيارة في سويسرا. كتب عنها كثير من الشعراء والكتاب من بينهم الفرنسي جان جاك روسو، وفيكتور هوغو، ودولا كروا، وغيرهم الكثير من الكتاب العظماء.
من رصيف رقم 5 في محطة مونترو أخذنا قطار الـ«غولدن باس» على متن عربة قطار «لا بيل إيبوك»، وهذا القطار، يتميز بشكله الجميل والتقليدي، مقاعده مريحة وفي بداياته كان ينقل الملكات والملوك من مونترو إلى لوسيرن مرورًا بـChateau - D’oex.
وعلى خطى العائلات المالكة متعنا نظرنا بأجمل المشاهد، ووصلنا بعدها إلى مطعم «لو شاليه» للتعرف على كيفية تصنيع الجبن السويسري على يد واحد من أهم الذين يصنعون الأجبان في المنطقة منذ أكثر من 50 عاما.
ومن أشهر أنواع الأجبان التي تصنع في هذه المنطقة «الفوندو والغرويير وتيت دو موان».
وفي جولة مشي على الأقدام، تعرفنا على حيثيات لم نكن نعرفها عن الشاليهات السويسرية وتبين لنا بأن تاريخ بناء كل منها مبين على واجهتها مع اسم النجار الذي صنعها، كما أن الشاليهات تتمتع بسلمين خارجيين والسبب هو تهرب السويسريين تاريخيا من الضرائب من خلال مشاطرة السكن مع أشقائهم ومن ثم مشاطرة دفع الضرائب.
ومع وصولنا إلى منطقة «روجمون» Rougemont تعرفنا إلى فن بدأ من هناك ويعرف باسم Paper Cutting وهو عبارة عن نقل الصور المحيطة بنا من خلال تقطيع الورق وتشكيل قصاصاته صورا ولوحات مذهلة.
ولا يزال أهالي المنطقة حتى يومنا هذا يقومون بهذا الفن الذي يتوارثه الأجيال، وهناك عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين يعلمونه هذه الهواية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من المنطقة.
* قبل الإقلاع
الجولة الكبرى أو Grand Tour Of Switzerland هي فرصة فريدة للتعرف على سويسرا التي تتميز كون مدنها، وعلى الرغم من قربها من بعضها البعض وصغر حجمها، تختلف اختلافا تاما بسبب الكانتون الذي تتبع له، وقد يكون السياحة بواسطة القطار من أجمل الطرق للتعرف على سويسرا، ولكن يجب عليك بأن تقرر نقطة الانطلاق ونقطة الانتهاء، وتحديد فترة الإقامة في كل مدينة وتحديد الوجهة الأخيرة لاختيار المطار المناسب للعودة إلى بلادك.
ففي حال بدأت رحلتك من لوزان فيمكنك السفر إلى جنيف (تبعد بأقل من ساعة من لوزان) وبعدها تستطيع بأن تنهي رحلتك في زيوريخ لتعود منها إلى بلادك.
ولإتمام الرحلة بالكامل أنت بحاجة لفترة تمتد ما بين 5 و10 أيام كما يمكنك القيام بقسم من الجولة الكبرى.
وتدير لوزان ظهرها للتلال الخضراء التي تزينها البيوت بتصميمها السويسري الجميل وإلى اليسار تقف جبال الألب الشاهقة وكأنها تحرس البحيرة وأهلها الذين يبلغ عددهم 142 ألف نسمة.
توجد لوزان في الكانتون الفرنسي من سويسرا وتحديدا في كانتون «فو» Vaud، فهذه المدينة غنية عن التعريف بجمالها وروعتها، وتعرف بالمتحف الأولمبي الذي يوثق دورات الألعاب الأولمبية بشكل لافت، كما أنها تشتهر بوجود بعض من أهم الجامعات في سويسرا فيها، لذا تراها نقطة جذب للمؤتمرات الدولية، ولكن أهم ما يميز لوزان وأهم ما يجب التشديد عليه هو أنها تعتبر نقطة انطلاق «الجولة الكبرى» أو ما يعرف منذ القرن السادس عشر بـGrand Tour لاكتشاف سويسرا بواسطة القطار أو السيارة.
* تاريخ الـ«غراند تور»
الجولة الكبرى أو الـ«غراند تور» بدأت مع السياح الإنجليز عام 1661 عندما كانت تقوم الطبقة الأرستقراطية الراقية بالسفر إلى أوروبا لاكتشافها بواسطة السيارات عبر طرق محددة للجولة تعبر الجبال وتعرج على التلال والبحيرات والأنهار وكانت حينها تقتصر على فرنسا وإيطاليا، وأصبحت الجولة الكبرى أكثر شيوعا ما بين عام 1660 إلى أن تطورت وسائل النقل في عام 1840 وكان يوجد حينها جدول واحد يتقيد به المسافر، وكان الهدف من تلك الجولة ثقافيا وسياحيا بنفس الوقت، وتطورت الجولة وتبدلت معالمها ولم تعد حكرا على الطبقة الأرستقراطية مع اختراع القطارات التي تعمل على البخار، فانضمت الطبقة المتوسطة إلى قافلة السياح المرفهين الباحثين عن استكشاف أوروبا، ومع توفر أول قطار في سويسرا وتحديدا في زيوريخ توجهت أنظار السياح إلى تلك البلاد الجميلة التي تحتوي علي 26 كانتونا وتتكلم أربع لغات رسمية وكل كانتون يتكلم لغة مختلفة.
أول قطار شق طريقه في سويسرا على سكة طولها 16 كلم، وكانت نقطة الانطلاق من زيوريخ ونقطة الانتهاء في بادن، عام 1847 وفي غضون عام 1860 كانت شبكة القطارات في سويسرا تربط ما بين القسم الغربي والشمال الشرقي من البلاد، وأول خط قطارات في جبال الألب افتتح في عام 1882 تحت اسم «غوتارد باس» وفي عام 1906 افتتح الخط الثاني لجبال الألب وأطلق عليه اسم «سيمبلون باس».
قد أكون قد أطلت الشرح عن تاريخ القطارات في سويسرا، ولكن هذا الأمر هو أهم شيء في موضوعنا لأن زيارتنا إلى سويسرا هذه المرة كانت ترتكز على وسيلة التنقل بالقطارات بشتى أسمائها وأشكالها، كما أن سويسرا قطعت أشواطا لم تستطع أي دولة أخرى بأن تصل إليها منذ أن أطلق أول قطار تابع لشبكتها، لتصبح اليوم شبكة القطارات الرائدة في العالم يقتدى بها وتضبط الساعات والأوقات على مواعيد وصولها، واليوم تعتبر تذكرة «سويس باس» مفتاح سويسرا الحقيقي.
* معلومات عن «الجولة الكبرى»
تحتوي علي الجولة الكبرى في سويسرا أجمل الطرقات وأفضل ما يمكن أن تراه عينك من سحر من خلال السياحة بالسيارة أو القطار، فتم اختيار أجمل ما تذخر به سويسرا من طرقات بانورامية لتكون من ضمن الجولة.
عندما تقوم بالجولة الكبرى سوف تتعرف على 44 معلمًا تابعًا لمنظمة اليونيسكو، وستسحرك 22 بحيرة في طريقك من مدينة إلى أخرى على طريق يمتد على مسافة 1643 كلم (1021 ميلا)، وأعلى نقطة في الجولة الكبرى تصل إلى 2429 مترًا فوق البحر والنقطة الأدنى عند بحيرة ماجيوري التي ترتفع 193 متر فوق البحر.
إذا اخترت السياحة بواسطة السيارة، تقوم هيئة السياحة في سويسرا بتقديم النصائح على موقعها الرسمي، وتنصح دائما بالقيام بالجولة باتجاه عقارب الساعة، لتحاشي المشكلات في المدن التي تحتوي علي طرقات أحادية الاتجاه، كما يمكنك بأن تختار نقطة الانطلاق من خلال تحميل الخريطة المتوفرة على الموقع، وبعدها تكون الرحلة سهلة جدا بسبب وجود لافتات تدل السائح على الطرقات المتواجده ضمن الجولة الكبرى، ويتعين على السائق القيادة لمدة 5 ساعات يوميا. ولكن هذا الأمر يعود إلى الزائر وإلى اختياره الشخصي لتنظيم الوقت واختيار المدن التي يريدها للمبيت والمعالم الذي يفضل التوقف عندها.
ومن المهم معرفة بأن شراء تذكرة القطار يخولك السياحة على متن جميع القطارات المتوفرة في سويسرا، إن كانت البانورامية أو العادية أو حتى الكلاسيكية القديمة، وهذه هي ميزة التنقل بالقطار، كما تستطيع زيارة المتاحف مجانا.
* المحطة الأولى
كما ذكرنا، نقطة الانطلاق كانت من لوزان، فبعد زيارة أهم ما تزخر به من معالم سياحية مثل المتحف الأولمبي، كان لا بد من جولة في الكاتدرائية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرون الوسطى والتي تعتبر من أهم كاتدرائيات أوروبا وتجذب 400 ألف رحالة سنويا، ومن المهم جدا تسلق السلالم إلى أعلى، حيث لتشاهد روعة لوزان من فوق.
تحيط بالكاتدرائية أهم البوتيكات العالمية، وتعتبر المنطقة المحيطة بها من أرقى المناطق التي تبعد عن البحيرة بنحو 15 دقيقة مشيًا على الأقدام، ومن الممكن استخدام مترو الأنفاق (من خلال تذكرة القطار) للوصول إلى الوجهة التي تريدها، واستخدام النقل العام في سويسرا سهل جدا.
من الأماكن الأخرى التي تستحق الزيارة منطقة «لو فلون» التي تحتوي علي الكثير من المطاعم، فهذه المنطقة تعتبر واجهة لوزان العصرية.
ورحلة مائية على متن قارب يعمل على البخار تمخر تموجات بحيرة جنيف تبقى من أجمل ما يمكن أن تقوم به في تلك المدينة الأنيقة لرؤية تلاتها الثلاثة عن قرب.
وإذا كنت من محبي المشي، فأنت في المكان المناسب، لأن هناك طرقات تمتد على مسافة 6 كلم مخصصة للمشي والتسلق (السهل)، وتستغرق هذه الرحلة نحو الساعة و45 دقيقة.
* المحطة الثانية
محطتنا الثانية كانت في منطقة «إيغل» الشهيرة بقلعتها «Aigle Castle»، الذي مر عبر العصور بعدة مراحل وكان في بادئ الأمر منزلا خاصا وتحول بعدها إلى سجن، واليوم متحف يزوره السياح للتعرف على هذه المنطقة من خلال التاريخ الموثق بداخله.
ومن هناك انطلقنا في رحلة عبر العربة الكهربائية إلى أعلى جبل ووصلنا إلى منطقة «لا بيرنوز» المتواجده على علو 2048 متر فوق البحر. وخلال فصل الشتاء تعتبر هذه المحطة من أهم محطات التزلج وفي باقي الفصول، يتمتع الزائرون بالمناظر البانورامية التي تقدمها من هذا العلو، مع وجود مطعم دوار اسمه «لو كوكلو» ويقدم المأكولات التقليدية، والمطعم مصنوع بالكامل من الزجاج ويدور ببطء شديد لتتسنى لك رؤية المشاهد الطبيعية من كل زاوية.
* المحطة الثالثة
وصل القطار في الصباح الباكر إلى محطة «إيفردون لي بين» ومنها توجهنا إلى «سانت كروا»، وهذه المنطقة عالية عن البحر، فالمناخ بارد بعض الشيء حتى في فصل الصيف، وتعرف هذه المنطقة بوجود المركز العالمي للفن الميكانيكي فيها، وهي أشهر منطقة تصنع العلب الموسيقية، وفي بداية القرن العشرين كانت هذه المهنة الأولى التي يقوم بها أهل المنطقة.
وللتعرف أكثر على عالم العلب الموسيقية تستطيع زيارة «CIMA» آخر مصنع لا يزال يعمل ويصنع تلك التحف، وفيه تتعرف على الطرق القديمة والتقليدية لتصنيع العلب الموسيقية وعلى أحدث الطرق وعلى الأفكار العصرية التي تتخذ من علبة الموسيقى الوحي وتترجمها في تصميم عصري مختلف تماما.
من أجمل ما يمكن أن تقوم به في محيط تلك المنطقة هو التوجه إلى منطقة «بونفيار»، وتستقل عربة يجرها الخيل، هي بمثابة مطعم سويسري متنقل، فأثناء تناولك المأكولات السويسرية تتمتع بأجمل المناظر الطبيعية بين كروم العنب وصولا إلى البحيرة.
* المحطة الرابعة
إذا لم تكن كل الروعة التي قابلتك في الأيام الأولى من الرحلة كافية وتريد جرعة زائدة منها، فالمحطة التالية كفيلة بذلك، كيف لا ونحن قد وصلنا إلى منطقة «مونترو»، وهذه المنطقة لا يمكن أن يتعب منها الزائر، فيكفي أن تصل إليها حتى تشعر بالراحة، وبمجرد رؤية البحيرة الذي يمتد بمحاذاتها الكورنيش وتمثال فريدي ميركري ومهرجان الجاز وكوكبة من أهم مطاعم الكانتون الفرنسي في سويسرا، إضافة إلى المشي في قسمها القديم.
ومن أهم ما يمكن أن تزورها بها قلعة «شيون» Chillon Castle المبنية على الصخر وسط بحيرة جنيف وتعتبر المعلم الأكثر زيارة في سويسرا. كتب عنها كثير من الشعراء والكتاب من بينهم الفرنسي جان جاك روسو، وفيكتور هوغو، ودولا كروا، وغيرهم الكثير من الكتاب العظماء.
من رصيف رقم 5 في محطة مونترو أخذنا قطار الـ«غولدن باس» على متن عربة قطار «لا بيل إيبوك»، وهذا القطار، يتميز بشكله الجميل والتقليدي، مقاعده مريحة وفي بداياته كان ينقل الملكات والملوك من مونترو إلى لوسيرن مرورًا بـChateau - D’oex.
وعلى خطى العائلات المالكة متعنا نظرنا بأجمل المشاهد، ووصلنا بعدها إلى مطعم «لو شاليه» للتعرف على كيفية تصنيع الجبن السويسري على يد واحد من أهم الذين يصنعون الأجبان في المنطقة منذ أكثر من 50 عاما.
ومن أشهر أنواع الأجبان التي تصنع في هذه المنطقة «الفوندو والغرويير وتيت دو موان».
وفي جولة مشي على الأقدام، تعرفنا على حيثيات لم نكن نعرفها عن الشاليهات السويسرية وتبين لنا بأن تاريخ بناء كل منها مبين على واجهتها مع اسم النجار الذي صنعها، كما أن الشاليهات تتمتع بسلمين خارجيين والسبب هو تهرب السويسريين تاريخيا من الضرائب من خلال مشاطرة السكن مع أشقائهم ومن ثم مشاطرة دفع الضرائب.
ومع وصولنا إلى منطقة «روجمون» Rougemont تعرفنا إلى فن بدأ من هناك ويعرف باسم Paper Cutting وهو عبارة عن نقل الصور المحيطة بنا من خلال تقطيع الورق وتشكيل قصاصاته صورا ولوحات مذهلة.
ولا يزال أهالي المنطقة حتى يومنا هذا يقومون بهذا الفن الذي يتوارثه الأجيال، وهناك عدد كبير من المعلمين والمعلمات الذين يعلمونه هذه الهواية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من المنطقة.
* قبل الإقلاع
الجولة الكبرى أو Grand Tour Of Switzerland هي فرصة فريدة للتعرف على سويسرا التي تتميز كون مدنها، وعلى الرغم من قربها من بعضها البعض وصغر حجمها، تختلف اختلافا تاما بسبب الكانتون الذي تتبع له، وقد يكون السياحة بواسطة القطار من أجمل الطرق للتعرف على سويسرا، ولكن يجب عليك بأن تقرر نقطة الانطلاق ونقطة الانتهاء، وتحديد فترة الإقامة في كل مدينة وتحديد الوجهة الأخيرة لاختيار المطار المناسب للعودة إلى بلادك.
ففي حال بدأت رحلتك من لوزان فيمكنك السفر إلى جنيف (تبعد بأقل من ساعة من لوزان) وبعدها تستطيع بأن تنهي رحلتك في زيوريخ لتعود منها إلى بلادك.
ولإتمام الرحلة بالكامل أنت بحاجة لفترة تمتد ما بين 5 و10 أيام كما يمكنك القيام بقسم من الجولة الكبرى.