ستلنبوش: نفحات توسكانية تنّسم في القارة السمراء
بواسطة سواح
تعد جنوب أفريقيا من أجمل دول العالم قاطبة، سواء على صعيد الجمال الطبيعي، أو العمارة والبنيان. وتعد مقاطعة كيب تاون (Cape Town) درة هذا الجمال، فهي تضم نخبة من أبرز معالم جنوب أفريقيا والعالم، وأكثرها جمالاً، وفي مقدمتها جبل الطاولة (Table Mountain) ورأس الرجاء الصالح ورأس ورأس أغالوس (Cape Agulhas)، حيث تلتقي مياه المحيطين الهادي والأطلنطي (جغرافياً).
رأس الرجاء الصالح
جبل الطاولة من أحد شواطئ كيب تاون
نقطة التقاء المحيطين جغرافياً (ويكيكومون)
وتجمع سمات الجمال الطبيعي في كيب تاون ما بين روعة الجبال وسحر الشاطئ، فهما قريبان من بعضهما البعض في معظم أرجاء الشريط الساحلي بالمقاطعة.
تلتقي سفوح الجبال الشاهقة مع رمال البحر في كثير من شواطئ كيب تاون
وقد زرت مقاطعة كيب تاون وأقمت فيها بمدة 3 أسابيع، اقتصرت خلالها على التجول والتنقل براً ما بين أرجائها، تارة سيراً على الأقدام، وتارة أخرى بالسيارة.
وكانت هذه الزيارة دون شك من أجمل الرحلات السياحية التي قمت بها، إذ بهرتني كيب تاون بجمالها الاستثنائي، سواء في أحضان الطبيعة، أو كما سبق وذكرت في أرجاء بلداتها ومدنها، ولمست خلالها السحر الذي استأثر بقلوب المستكشفين لدى رؤيتهم هذا الجزء من العالم، ودفع الآلاف على هجر أوروبا والسكن فيها.
ومن أجمل مناطق المقاطعة برأيي تلك المنطقة الممتدة على الساحل الشرقي ما بين بلدة ستلنبوش (Stellenbosch) وبلدة هرمانوس (Hermanos)، والمنطقة الممتدة على الساحل الغربي، ما بين مدينة كيب تاون ورأس الرجاء الصالح.
أحد شوارع بلدة ستلنبوش القديمة
وسأخصص هذا المقال للحديث عن الأولى، وسأتحدث عن الثانية في مقال آخر، في حين سأخصص مقالاً لمدينة كيب تاون في مرحلة لاحقة.
أحد أحياء بلدة هرمانوس المطلة على البحر
ويجدر التنويه أنه يمكن السفر بالقطار والباص من مدينة كيب تاون إلى بلدة ستلنبوش وإلى بلدة هرمانوس، ومن ثم بالسيارة إلى المناطق المحيطة بهما. إلا أنه كما أنصح دائماً، فإن السفر بالسيارة يتيح التوقف في أي منطقة تثير الاهتمام للاستراحة أو الطعام أو حتى المبيت. وهو أمر يكتسب أهمية كبيرة في هذا القسم من جنوب، أفريقيا فالمناظر الطبيعية ساحرة وقد توقفنا تقريباً في معظم البلدات والمعالم على الطريق.
وقد يتوجس البعض من القيادة في جنوب أفريقيا، حيث اتسمت هذه الدولة في الماضي بسمعة سلبية جراء كثرة حوادث الجريمة والسرقات، إلا أن مقاطعة كيب تاون آمنة عموماً. ومع أن الأمور تحسنت نسبياً في الدولة، تبقى مقاطعات جوهانسبورغ (Johannesburg) وبرتوريا (Pretoria) أكثر وجوباً للحذر في هذا السياق. وقد درج في الماضي أن يلقي بعض قطاع الطرق حجارة أو بيضاً أو طلاءً على السيارات المارة، أو يلقون بمسامير على الطرق، حت يجبر سائقوها على التوقف، حيث ينصح بتابعة القيادة في حال حدوث أمر كهذا، وعدم التوقف إلا في أماكن آمنة.
وفي الواقع لم أشعر بالقلق خلال إقامتي التي طالت 3 أسابيع في جنوب أفريقيا، علماً أن السائح يشهد بعض مظاهر الحراسة والوقاية الزائدة عن العادة. كما أن لدي الكثير من الأصدقاء الجنوب أفريقيين ولم أسمع قط بأن أحدهم تعرض لحوادث، باستثناء بعض حالات النشل والسرقة في الأماكن العامة، كالشاطئ مثلاً. ولكن أنصح الزائر هنا كما أنصح دائماً باتخاذ الحيطة والحذر على الدوام، ولا سيما ليلاً، والاقتصار على الأماكن المطروقة والسياحية.
ويطول الحديث عن المناطق التي تستحق الزيارة في منطقة ستلنبوش، حيث يمكن دون مبالغة التوقف في كل بلدة وبقعة والمبيت فيها دون أن يشعر السائح بالملل، فالمنطقة بأسرها كأنها لوحة فنية انطباعية من المرحلة الاستعمارية (Colonialism)، والتي تبدو معالمها وآثارها في كل حدب وصوب، وفي مقدمتها الطرز المعمارية والتحف واللوحات.
غروب الشمس على شواطئ هرمانوس
وتتميز مقاطعة كيب تاون بشكل خاص بطراز معماري فريد يدعى طراز كيب الهولندي، أو كيب دتش (Cape Dutch)، وهو طراز معماري جميل جداً وفريد من نوعه وتختص به هذه المنطقة من العالم، حيث يمكن رؤيته في شتى أرجاء ستلنبوش، ولا سيما في الريف.
طراز كيب دتش
طراز كيب دتش
كما تضم بلدة ستلنبوش العديد من المباني والبيوت التاريخية المبنية وفق هذا الطراز، وغيرها الكثير المبني على طرز أخرى مثيرة للإعجاب.
تتزين بلدة ستلنبوش بطرز بناء جميلة متنوعة
وإلى جانب البلدة وشوارعها ومبانيها الرائعة، تشتهر منطقة ستلنبوش بإنتاجها لأفضل أنواع النبيذ على مستوى العالم قاطبة. وتضم المنطقة أكثر من 150 مزرعة لإنتاج العنب والنبيذ على اختلاف أنواعه، حيث يجري تصديره إلى مختلف أنحاء العالم. ويتميز النبيذ الجنوب أفريقي بجودته العالية وانخفاض أسعاره نسبياً. وقد زرنا خلال إقامتنا ما بين ستلنبوش وهرمانوس حوالي 12 مزرعة نبيذ، وهي تجربة مميزة جدة يجدر بالزائرين من محبي النبيذ تخصيص 2-3 أيام لها على الأقل.
كما يمكن الإقامة في بعض مزارع النبيذ، حيث تضم أجنحة للمبيت، تتفاوت ما بين منخفضة التكلفة والفارهة جداً. وقد أقمنا خلال زيارتنا لمنطقة ستلنبوش في مزرعة (Webersburg)، وهي مزرعة رائعة الجمال يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1693، وتتميز بمباني ناصعة البياض مشيدة على طراز كيب دتش تغفو على سفوح سلسلة جبال (Helderberg Mountain)، ما بين زرقة السماء وخضرة المروج المترامية على مد النظر.
وتنتج المزرعة مختلف أصناف النبيذ العادي والغازي (الشمبانيا). ويشعر الزائر خلال إقامته في هذه المزرعة أن الزمن توقف خلال الحقبة الاستعمارية، حيث ما يزال كل شيء على حاله كما كان عليه قبل 200 عام من الزمن، وتضم المباني أثاثاً وتحفاً وأدوات من تلك الحقبة. وكانت الإقامة فيها من أجمل فترات زيارنا لكيب تاون. وفضلاً عن أن المزرعة تنتج عدة أنواع من النبيذ الجيد، فهي تتوسط عدد من مزارع النبيذ الشهيرة والبارزة عالمياً، حيث أمكننا السير إلى معظمها.
تتميز مزرعة إلس للنبيذ بإطلالة رائعة على المنطقة بأسرها
وقد كانت إحداها مزرعة لاعب الغولف الشهير عالمياً إرني إلس (Ernie Els)، والتي أنصح بزيارتها لما تتمتع به من موقع استثنائي على قمة الجبل، وما توفره للزائر من مناظر خلابة على المنطقة المحيطة، لكن يجدر التنويه أن النبيذ فيها كان مخيباً للآمال، وهو دون شك مبالغ في تقديره.
ومن الأنشطة الأخرى التي يجدر ذكرها زيارة بلدة هرمانوس والذهاب في إحدى الرحلات لمشاهدة أسماك القرش الأبيض الكبير (Great White Shark) والحوت الصائب الجنوبي (Southern Right Whale)، فهي تعد من أفضل المناطق في العالم لمشاهدة هذه المخلوقات البحرية المهيبة. وقد حالفنا الحظ خلال زيارتنا بمشاهدة القروش، إلا أن الموسم لم يكن مؤاتياً لرؤية الحيتان.
القرش الأبيض الكبير قبالة سواحل هرمانوس
يمكن لمن يرغب الغوص ضمن قفص حديدي لرؤية القرش تحت سطح الماء
بواسطة سواح
تعد جنوب أفريقيا من أجمل دول العالم قاطبة، سواء على صعيد الجمال الطبيعي، أو العمارة والبنيان. وتعد مقاطعة كيب تاون (Cape Town) درة هذا الجمال، فهي تضم نخبة من أبرز معالم جنوب أفريقيا والعالم، وأكثرها جمالاً، وفي مقدمتها جبل الطاولة (Table Mountain) ورأس الرجاء الصالح ورأس ورأس أغالوس (Cape Agulhas)، حيث تلتقي مياه المحيطين الهادي والأطلنطي (جغرافياً).
وتجمع سمات الجمال الطبيعي في كيب تاون ما بين روعة الجبال وسحر الشاطئ، فهما قريبان من بعضهما البعض في معظم أرجاء الشريط الساحلي بالمقاطعة.
وقد زرت مقاطعة كيب تاون وأقمت فيها بمدة 3 أسابيع، اقتصرت خلالها على التجول والتنقل براً ما بين أرجائها، تارة سيراً على الأقدام، وتارة أخرى بالسيارة.
وكانت هذه الزيارة دون شك من أجمل الرحلات السياحية التي قمت بها، إذ بهرتني كيب تاون بجمالها الاستثنائي، سواء في أحضان الطبيعة، أو كما سبق وذكرت في أرجاء بلداتها ومدنها، ولمست خلالها السحر الذي استأثر بقلوب المستكشفين لدى رؤيتهم هذا الجزء من العالم، ودفع الآلاف على هجر أوروبا والسكن فيها.
ومن أجمل مناطق المقاطعة برأيي تلك المنطقة الممتدة على الساحل الشرقي ما بين بلدة ستلنبوش (Stellenbosch) وبلدة هرمانوس (Hermanos)، والمنطقة الممتدة على الساحل الغربي، ما بين مدينة كيب تاون ورأس الرجاء الصالح.
وسأخصص هذا المقال للحديث عن الأولى، وسأتحدث عن الثانية في مقال آخر، في حين سأخصص مقالاً لمدينة كيب تاون في مرحلة لاحقة.
ويجدر التنويه أنه يمكن السفر بالقطار والباص من مدينة كيب تاون إلى بلدة ستلنبوش وإلى بلدة هرمانوس، ومن ثم بالسيارة إلى المناطق المحيطة بهما. إلا أنه كما أنصح دائماً، فإن السفر بالسيارة يتيح التوقف في أي منطقة تثير الاهتمام للاستراحة أو الطعام أو حتى المبيت. وهو أمر يكتسب أهمية كبيرة في هذا القسم من جنوب، أفريقيا فالمناظر الطبيعية ساحرة وقد توقفنا تقريباً في معظم البلدات والمعالم على الطريق.
وقد يتوجس البعض من القيادة في جنوب أفريقيا، حيث اتسمت هذه الدولة في الماضي بسمعة سلبية جراء كثرة حوادث الجريمة والسرقات، إلا أن مقاطعة كيب تاون آمنة عموماً. ومع أن الأمور تحسنت نسبياً في الدولة، تبقى مقاطعات جوهانسبورغ (Johannesburg) وبرتوريا (Pretoria) أكثر وجوباً للحذر في هذا السياق. وقد درج في الماضي أن يلقي بعض قطاع الطرق حجارة أو بيضاً أو طلاءً على السيارات المارة، أو يلقون بمسامير على الطرق، حت يجبر سائقوها على التوقف، حيث ينصح بتابعة القيادة في حال حدوث أمر كهذا، وعدم التوقف إلا في أماكن آمنة.
وفي الواقع لم أشعر بالقلق خلال إقامتي التي طالت 3 أسابيع في جنوب أفريقيا، علماً أن السائح يشهد بعض مظاهر الحراسة والوقاية الزائدة عن العادة. كما أن لدي الكثير من الأصدقاء الجنوب أفريقيين ولم أسمع قط بأن أحدهم تعرض لحوادث، باستثناء بعض حالات النشل والسرقة في الأماكن العامة، كالشاطئ مثلاً. ولكن أنصح الزائر هنا كما أنصح دائماً باتخاذ الحيطة والحذر على الدوام، ولا سيما ليلاً، والاقتصار على الأماكن المطروقة والسياحية.
ويطول الحديث عن المناطق التي تستحق الزيارة في منطقة ستلنبوش، حيث يمكن دون مبالغة التوقف في كل بلدة وبقعة والمبيت فيها دون أن يشعر السائح بالملل، فالمنطقة بأسرها كأنها لوحة فنية انطباعية من المرحلة الاستعمارية (Colonialism)، والتي تبدو معالمها وآثارها في كل حدب وصوب، وفي مقدمتها الطرز المعمارية والتحف واللوحات.
وتتميز مقاطعة كيب تاون بشكل خاص بطراز معماري فريد يدعى طراز كيب الهولندي، أو كيب دتش (Cape Dutch)، وهو طراز معماري جميل جداً وفريد من نوعه وتختص به هذه المنطقة من العالم، حيث يمكن رؤيته في شتى أرجاء ستلنبوش، ولا سيما في الريف.
كما تضم بلدة ستلنبوش العديد من المباني والبيوت التاريخية المبنية وفق هذا الطراز، وغيرها الكثير المبني على طرز أخرى مثيرة للإعجاب.
وإلى جانب البلدة وشوارعها ومبانيها الرائعة، تشتهر منطقة ستلنبوش بإنتاجها لأفضل أنواع النبيذ على مستوى العالم قاطبة. وتضم المنطقة أكثر من 150 مزرعة لإنتاج العنب والنبيذ على اختلاف أنواعه، حيث يجري تصديره إلى مختلف أنحاء العالم. ويتميز النبيذ الجنوب أفريقي بجودته العالية وانخفاض أسعاره نسبياً. وقد زرنا خلال إقامتنا ما بين ستلنبوش وهرمانوس حوالي 12 مزرعة نبيذ، وهي تجربة مميزة جدة يجدر بالزائرين من محبي النبيذ تخصيص 2-3 أيام لها على الأقل.
كما يمكن الإقامة في بعض مزارع النبيذ، حيث تضم أجنحة للمبيت، تتفاوت ما بين منخفضة التكلفة والفارهة جداً. وقد أقمنا خلال زيارتنا لمنطقة ستلنبوش في مزرعة (Webersburg)، وهي مزرعة رائعة الجمال يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1693، وتتميز بمباني ناصعة البياض مشيدة على طراز كيب دتش تغفو على سفوح سلسلة جبال (Helderberg Mountain)، ما بين زرقة السماء وخضرة المروج المترامية على مد النظر.
وتنتج المزرعة مختلف أصناف النبيذ العادي والغازي (الشمبانيا). ويشعر الزائر خلال إقامته في هذه المزرعة أن الزمن توقف خلال الحقبة الاستعمارية، حيث ما يزال كل شيء على حاله كما كان عليه قبل 200 عام من الزمن، وتضم المباني أثاثاً وتحفاً وأدوات من تلك الحقبة. وكانت الإقامة فيها من أجمل فترات زيارنا لكيب تاون. وفضلاً عن أن المزرعة تنتج عدة أنواع من النبيذ الجيد، فهي تتوسط عدد من مزارع النبيذ الشهيرة والبارزة عالمياً، حيث أمكننا السير إلى معظمها.
وقد كانت إحداها مزرعة لاعب الغولف الشهير عالمياً إرني إلس (Ernie Els)، والتي أنصح بزيارتها لما تتمتع به من موقع استثنائي على قمة الجبل، وما توفره للزائر من مناظر خلابة على المنطقة المحيطة، لكن يجدر التنويه أن النبيذ فيها كان مخيباً للآمال، وهو دون شك مبالغ في تقديره.
ومن الأنشطة الأخرى التي يجدر ذكرها زيارة بلدة هرمانوس والذهاب في إحدى الرحلات لمشاهدة أسماك القرش الأبيض الكبير (Great White Shark) والحوت الصائب الجنوبي (Southern Right Whale)، فهي تعد من أفضل المناطق في العالم لمشاهدة هذه المخلوقات البحرية المهيبة. وقد حالفنا الحظ خلال زيارتنا بمشاهدة القروش، إلا أن الموسم لم يكن مؤاتياً لرؤية الحيتان.