ألمهولت: بلدة مغمورة ولدت أسطورة
كتبت بواسطة سواح
ألمهولت بلدة غافية في غابات السويد
قلّة قليلة من الناس حول العالم سمعت باسم ألمهولت (Älmhult)، وهي بلدة صغيرة تقع جنوبي السويد في ولاية سمولاند (Smaland)، ويصعب على من لا يعرفها إيجاد موقعها على الخارطة.
إحدى ساحات البلدة
لكن هذه البلدة النائية نوعاً ما كانت مهداً لميلاد واحدة من أكبر أساطير النجاح في عالمنا المعاصر، ألا وهي قصة نشأة وازدهار شركة آيكيا (Ikea) العالمية للأثاث.
مقرات آيكيا الرئيسية في ألمهولت
ولمن لا يعرف آيكيا بشكل وافي، فهي شركة متخصصة في تصميم وتصنيع الأثاث والمفروشات، تتميز بتصاميمها الذكية والمبتكرة الرامية لتحقيق الاستفادة القصوى من المساحات المنزلية والمكتبية، وفق أعلى معايير العملية والوظيفية. ومع أن الشركة مملوكة بشكل خاص (المؤسس وأبناؤه)، فقد نمت خلال العقود الستة الماضية لتضاهي في حجمها وعملياتها كبرى الشركات المدرجة في أسواق البورصة العالمية.
وتشمل عمليات الشركة كثير من دول العالم، وتحظى منتجاتها بشعبية وإقبال عاليين، حتى غدا اسمها اليوم مرادفاً لكلمة أثاث في أذهان الكثيرين، حيث أنها لطالما قدمت وتقدم حلول لمشاكل محدودية المساحة المنزلية والمكتبية في عالمنا المعاصر، ولا سيما في المدن الكبرى. وقد صمم متخصصو آيكيا مفروشات لشقق لا تزيد مساحتها الإجمالية على 16 متر مربع، وتضم كل ما قد يحتاجه ساكنوها في الحياة اليومية دون مساومة على عامل الراحة.
أسس الشركة السويدي إنغفار كامبارد (Ingvar Kampard) خلال خمسينيات القرن الماضي، وهو يعد من ألمع رواد الأعمال المبدعين في عالمنا المعاصر، حيث استهل مسيرة نجاحه المهني منذ نعومة أظفاره، وبدأ بتحقيق دخل مادي في عامه الثامن من خلال صيد الأسماك من البحيرة بقرب مزرعة أهله، وبيعها في البلدة على دراجته الصغيرة. ومن ثم انتقل إلى بيع القرطاسية والأقلام. ويروي أولى قصص نجاحه بقوله أنه كان يشتري الأقلام بسبع كورونات من المورد الإقليمي ويبيعها بعشرة، ثم خطر له أن يشتريها بكميات كبيرة من المصنع في فرنسا، وأبرم اتفاقية استيراد ضخمة مع المصنع، وحقق بذلك دخلاً كبيراً وهو ما يزال شاباً.
وفي السنوات التالية عمل على تأسيس شركة آيكيا، والتي يمثل اسمها الحروف الأربعة الأولى من اسمه واسم مزرعة أهله (Ingvar Kampard Elmtaryd Agunnaryd). وقد عمل كامبارد بمفرده لمدة من الزمن، حتى بدأ يحقق النجاح تلو النجاح وبدأت الشركة تتوسع من السوق المحلي نحو العالمية. وتشتهر آيكيا بكاتلوغ منتجاتها السنوي، الذي يجري توزيعه على المنازل والمكاتب في بعض الدول.
الكاتالوغ بجميع اللغات
ويترقب الكثيرون إصدار العام الجديد من الكاتالوغ في كل سنة، فالاطلاع عليه وعلى تصاميمه الرائعة والمبتكرة يمثل متعة بحد ذاتها، حتى لو لم يكن المرء يعتزم شراء أي أثاث أو مفروشات. كما أنه يوفر أفكار مبتكرة ومميزة لتصاميم ديكور المنازل والمكاتب، معظمها بسيط جداً لكنه لا يخطر على بال معظم الناس.
أحد حائطين على مدخل المتحف يضمان منتجات تحتوي معظم منازل العالم واحد منها على الأقل
وقد وزعت الشركة 285 ألف نسخة من الكاتالوغ في العام 1951، بلغة واحدة هي السويدية، في حين شهد العام 2015 توزيع 211 مليون كاتالوغ في 48 دولة و32 لغة طبعت ضمن إطار 71 نسخة.
يمكن للزوار الحصول على غلاف كاتالوغ يحمل صورهم
وتتصدر آيكيا دون منازع طليعة الإبداع والابتكار في مجال الأثاث المنزلي والمكتبي، حيث تتميز منتجاتها بالمواءمة العالية ما بين جمال التصميم وجودة المواد وتسخير المساحات بأقصى قدر ممكن.
كلمة آيكيا مشتقة من الحروف الأولى لاسم المؤسس واسم مزرعة أهله
كما تتميز الشركة بانتهاج شتى الطرق لخفض أسعار منتجاتها على المستهلك، مثل بيعها دون طلاء ودون تركيب ضمن صناديق يسهل نقلها في سيارات صغيرة، حيث يمكن للمستخدم طلاءها وتركيبها بنفسه، أو الاستعانة بخدمات متخصصي الشركة مقابل مبلغ إضافي.
غرفة رأساً على عقب من تصميم آيكيا
ومع أن الشركة بقيت خاصة، حيث حرص كامبارد على بقائها مملوكة ضمن عائلته، إلا أنها تنافس كبرى الشركات المدرجة في أسواق البورصة. وقد بلغت عائداتها العام الماضي 37 مليار يورو.
دوار بقرب مكاتب آيكيا يضم لافتات طرق بلغات عدة، منها العربية، تنويهاً بعالميتها
وقد افتتحت الشركة العام الماضي متحفاً يروي تاريخه تأسيسها، ويسلط الأضواء على قصة نجاحها الفريدة من نوعها. وزرنا هذا المتحف خلال جولتنا الحالية في إسكندنافيا، وهو يعد من أكثر المتاحف المعاصرة تنظيماً وتميزاً.
ويتخذ متحف آيكيا من موقع أول متاجر الشركة مقراً له، والذي افتتحه كامبارد خلال العام 1958 في مسقط رأسه ألمهولت، وهو دون شك أحد أهم المعالم التي تجب زيارتها في السويد. ويبلغ سعر التذكرة 60 كورونة (نحو 6.5 دولار أمريكي) للبالغين و40 للصغار (نحو 4.15 دولار أمريكي).
وإلى جانب استعراض تاريخ وحاضر ومستقبل شركة آيكيا، يسلط المتحف الأضواء على تاريخ ولاية سمولاند وأنماط الحياة فيها خلال القرن التاسع عشر وملامح تشكل المجتمع السويدي خلال القرن العشرين.
ويضم المتحف مطعماً من مطاعم آيكيا الشهيرة، والتي تتواجد ضمن صالات العرض الخاصة بها حول العالم، وتقدم عدداً من الأطباق السويدية التقليدية. وأنصح بتخصيص وقت عقب الجولة في المتحف لتناول وجبة في هذا المطعم.
بدورها تعد ألمهولت بلدة هادئة جداً، وباستثناء متحف آيكيا، لا يوجد فيها الكثير من المعالم السياحية. لكنها تتمتع بطقس وطبيعة جميلين صيفاً وتوفر الكثير من أنشطة الهواء الطلق لقاطنيها وزوارها، وفي مقدمتها النزهات والتخييم في غاباتها وعلى ضفاف بحيراتها العديدة. كما أنها قريبة من بضعة بلدات ومدن أخرى مثيرة للاهتمام وتوفر الكثير من المعالم السياحية، وفي مقدمتها كوبنهاغن (Copenhagen)، التي تقع على بعد ساعتين بالقطار أو السيارة، ومالمو (Malmo)، التي تبعد نحو ساعة ونصف، وفاكوا (Vaxjo)، التي تبعد نحو ساعة.
كتبت بواسطة سواح
قلّة قليلة من الناس حول العالم سمعت باسم ألمهولت (Älmhult)، وهي بلدة صغيرة تقع جنوبي السويد في ولاية سمولاند (Smaland)، ويصعب على من لا يعرفها إيجاد موقعها على الخارطة.
لكن هذه البلدة النائية نوعاً ما كانت مهداً لميلاد واحدة من أكبر أساطير النجاح في عالمنا المعاصر، ألا وهي قصة نشأة وازدهار شركة آيكيا (Ikea) العالمية للأثاث.
ولمن لا يعرف آيكيا بشكل وافي، فهي شركة متخصصة في تصميم وتصنيع الأثاث والمفروشات، تتميز بتصاميمها الذكية والمبتكرة الرامية لتحقيق الاستفادة القصوى من المساحات المنزلية والمكتبية، وفق أعلى معايير العملية والوظيفية. ومع أن الشركة مملوكة بشكل خاص (المؤسس وأبناؤه)، فقد نمت خلال العقود الستة الماضية لتضاهي في حجمها وعملياتها كبرى الشركات المدرجة في أسواق البورصة العالمية.
وتشمل عمليات الشركة كثير من دول العالم، وتحظى منتجاتها بشعبية وإقبال عاليين، حتى غدا اسمها اليوم مرادفاً لكلمة أثاث في أذهان الكثيرين، حيث أنها لطالما قدمت وتقدم حلول لمشاكل محدودية المساحة المنزلية والمكتبية في عالمنا المعاصر، ولا سيما في المدن الكبرى. وقد صمم متخصصو آيكيا مفروشات لشقق لا تزيد مساحتها الإجمالية على 16 متر مربع، وتضم كل ما قد يحتاجه ساكنوها في الحياة اليومية دون مساومة على عامل الراحة.
أسس الشركة السويدي إنغفار كامبارد (Ingvar Kampard) خلال خمسينيات القرن الماضي، وهو يعد من ألمع رواد الأعمال المبدعين في عالمنا المعاصر، حيث استهل مسيرة نجاحه المهني منذ نعومة أظفاره، وبدأ بتحقيق دخل مادي في عامه الثامن من خلال صيد الأسماك من البحيرة بقرب مزرعة أهله، وبيعها في البلدة على دراجته الصغيرة. ومن ثم انتقل إلى بيع القرطاسية والأقلام. ويروي أولى قصص نجاحه بقوله أنه كان يشتري الأقلام بسبع كورونات من المورد الإقليمي ويبيعها بعشرة، ثم خطر له أن يشتريها بكميات كبيرة من المصنع في فرنسا، وأبرم اتفاقية استيراد ضخمة مع المصنع، وحقق بذلك دخلاً كبيراً وهو ما يزال شاباً.
وفي السنوات التالية عمل على تأسيس شركة آيكيا، والتي يمثل اسمها الحروف الأربعة الأولى من اسمه واسم مزرعة أهله (Ingvar Kampard Elmtaryd Agunnaryd). وقد عمل كامبارد بمفرده لمدة من الزمن، حتى بدأ يحقق النجاح تلو النجاح وبدأت الشركة تتوسع من السوق المحلي نحو العالمية. وتشتهر آيكيا بكاتلوغ منتجاتها السنوي، الذي يجري توزيعه على المنازل والمكاتب في بعض الدول.
ويترقب الكثيرون إصدار العام الجديد من الكاتالوغ في كل سنة، فالاطلاع عليه وعلى تصاميمه الرائعة والمبتكرة يمثل متعة بحد ذاتها، حتى لو لم يكن المرء يعتزم شراء أي أثاث أو مفروشات. كما أنه يوفر أفكار مبتكرة ومميزة لتصاميم ديكور المنازل والمكاتب، معظمها بسيط جداً لكنه لا يخطر على بال معظم الناس.
وقد وزعت الشركة 285 ألف نسخة من الكاتالوغ في العام 1951، بلغة واحدة هي السويدية، في حين شهد العام 2015 توزيع 211 مليون كاتالوغ في 48 دولة و32 لغة طبعت ضمن إطار 71 نسخة.
وتتصدر آيكيا دون منازع طليعة الإبداع والابتكار في مجال الأثاث المنزلي والمكتبي، حيث تتميز منتجاتها بالمواءمة العالية ما بين جمال التصميم وجودة المواد وتسخير المساحات بأقصى قدر ممكن.
كما تتميز الشركة بانتهاج شتى الطرق لخفض أسعار منتجاتها على المستهلك، مثل بيعها دون طلاء ودون تركيب ضمن صناديق يسهل نقلها في سيارات صغيرة، حيث يمكن للمستخدم طلاءها وتركيبها بنفسه، أو الاستعانة بخدمات متخصصي الشركة مقابل مبلغ إضافي.
ومع أن الشركة بقيت خاصة، حيث حرص كامبارد على بقائها مملوكة ضمن عائلته، إلا أنها تنافس كبرى الشركات المدرجة في أسواق البورصة. وقد بلغت عائداتها العام الماضي 37 مليار يورو.
وقد افتتحت الشركة العام الماضي متحفاً يروي تاريخه تأسيسها، ويسلط الأضواء على قصة نجاحها الفريدة من نوعها. وزرنا هذا المتحف خلال جولتنا الحالية في إسكندنافيا، وهو يعد من أكثر المتاحف المعاصرة تنظيماً وتميزاً.
ويتخذ متحف آيكيا من موقع أول متاجر الشركة مقراً له، والذي افتتحه كامبارد خلال العام 1958 في مسقط رأسه ألمهولت، وهو دون شك أحد أهم المعالم التي تجب زيارتها في السويد. ويبلغ سعر التذكرة 60 كورونة (نحو 6.5 دولار أمريكي) للبالغين و40 للصغار (نحو 4.15 دولار أمريكي).
وإلى جانب استعراض تاريخ وحاضر ومستقبل شركة آيكيا، يسلط المتحف الأضواء على تاريخ ولاية سمولاند وأنماط الحياة فيها خلال القرن التاسع عشر وملامح تشكل المجتمع السويدي خلال القرن العشرين.
ويضم المتحف مطعماً من مطاعم آيكيا الشهيرة، والتي تتواجد ضمن صالات العرض الخاصة بها حول العالم، وتقدم عدداً من الأطباق السويدية التقليدية. وأنصح بتخصيص وقت عقب الجولة في المتحف لتناول وجبة في هذا المطعم.
بدورها تعد ألمهولت بلدة هادئة جداً، وباستثناء متحف آيكيا، لا يوجد فيها الكثير من المعالم السياحية. لكنها تتمتع بطقس وطبيعة جميلين صيفاً وتوفر الكثير من أنشطة الهواء الطلق لقاطنيها وزوارها، وفي مقدمتها النزهات والتخييم في غاباتها وعلى ضفاف بحيراتها العديدة. كما أنها قريبة من بضعة بلدات ومدن أخرى مثيرة للاهتمام وتوفر الكثير من المعالم السياحية، وفي مقدمتها كوبنهاغن (Copenhagen)، التي تقع على بعد ساعتين بالقطار أو السيارة، ومالمو (Malmo)، التي تبعد نحو ساعة ونصف، وفاكوا (Vaxjo)، التي تبعد نحو ساعة.