خُلاصة الهزيمة في كلمات !

ياراا

:: مسافر ::
15 يناير 2019
992
3
0
41
{ ألْهاكُم التَّكاثُر } ..

تنطِق الآيات في هذه السّورة ؛ إعجازاً غيبيّاً !
و تحكي لنا الكلمات ؛كيف تَكون ملامح الإنهيار !

{ألهاكُم التّكاثر} ..
هذه لغةٌ جديدة .. سَيُسطِّر التّاريخ ؛ أنّها تحمِل الدّاء والدّواء ، وتحكي لك ؛ خُلاصة الهزيمة في كلمات !

{ ألهاكُم } ..
بضميرِ الجماعة والأمّة .. إذ القرآن جاءَ كي يوقفنا على مِنصة القيادة ؛ لا على زَيف التّكاثر !

{ ألهاكُم التّكاثر } ..
سورة مكيّة .. ؛ تجعلُك تتوقّف عند قُيود العبودية الجديدة ؛ { التّكاثر } !


لقد هزّت هذه السُّورة بعضَ الصحابة ؛ حتى أنّهم أسمَوها " سورة المَقبرة " !

هل المَقبرة هي الحَقيقة الوحيدة إذن ؟!
و هل التّكاثر ؛ مثل ثُقب أسوَد يلتهم أعمارنا .. فلا نومِض الا بالحَسرة يوم نصل الخاتمة ، ونَفهم معنى { لتَرونّها عينَ اليَقين } !

هل تَعلم ماذا يفعلُ القرآن ؟

القُرآن .. يحمِل إلينا الحَقائق مُبكراً قبل النهاية !
.. فلقَد كان القرآن في هذه السُّورة ؛ يريد للأمّة أن تظلّ فوق سطور التّاريخ .. و كان التّكاثر يمحُوها من الحُضور !

كان القرآن .. يخبِرنا أنّ بين { ألهَاكم التَّكاثر} حتّى { زُرتم المَقابر } ؛ ستكون المَسافة مَعدومة ، والزّمانُ صِفراً في قِياس الله !

{ ألهاكُم التّكاثر } ..
هو تَوصيف يُسيطر على الأمّة.. فتسقط في شَرَك الأشياء .. وتَختفي من صدور الرجال أصوات الأفكار ..

وذلك حين تكبُر الزّينة فينا ؛ مثل خَراب لا يشبع إلا من سُقوطنا !

{ ألهاكُم التّكاثر } ..
هي مُؤشِّر قرآني جديد ؛ يشهد له التاريخ في الأندلُس .. يوم عَجن أحد الأمراء العِطر تُراباً لعَشِيقة فكان ما كان !

{ ألهاكُم التّكاثر } ..
حتّى نترهّل ونحن نتكاثر ، . ثمّ نغدو كالسّراب الفارِغ من قطرة ماءٍ تروينا !

ألهاكُم التّكاثر }..
تَصدُقها اليوم أرقامنا .. ففي مدينة عربية واحدة ؛ يبلُغ عدد المُولات (٣٦٠) مولا ..ً تحتاج من عمرك أيام العام كلّها حتى تمر عليها !

{ ألهاكُم التَّكاثر } ..
إذ في دولة عربية واحدة ؛ يصِل الإنفاق على تغيير الأثاث كلّ ثلاثة أعوام ( ٨٠٠ ) مِليون دولار !

إنّ بيوتنا .. مساجدنا .. دواخِلنا بحاجة الى أن تَطهُر في جوفها من ذاك التّكاثر الذي لوثها !

تبلغ نسبة المبيعات من أدوات التجميل ّفي الأعوام الثلاثة الاخيرة ؛ أكثر من (٢ مليار ) في منطقة عربية واحدة !

ألا تَلمح كيف ينمو الإستهلاك في فراغ عقولنا !!

ف { التّكاثر } ..
فكرة فاسِدة .. تَسجُن الأمة فيها ؛ حتى تنتهي بلا وزن .. و تنتهي مُبكراً إلى الكفن !

في عالم الإستهلاك .. كلّ شيء له تاريخ صلاحية ، حتى العَلاقات الإنسانية ؛ تُصبح خاضعة للمنطق الاستهلاكيّ !

ففي عاصِمة عربية ؛ يبلغ ثَمن هدايا عيد الحُب (١٠٠ مليون) .. حيث أصبح الحُب يقدر بالأسعار !

تذكر الأرقام .. أن النّسوة يستهلكن(٦٤٠طن ) من احمر الشّفاه في بلد عربي واحد .. حيث يتجلى قول الله { وَشارِكهُم في الأَموال } !

(٦٤٠ )طن من أحمر الشّفاه ؛ يوازي رتلاً من الشاحنات تساق لأمّة كانت النسوة فيها عالمات !

يُنفق على موائدِ رمضان في مدينة عربية واحدة ( ٢ مليار دولار) .. يذهَب منها (٦٠٪ ) في مكب النفايات !

لتقِف أمامنا بعد ذلك ؛ آية ( لتُسألُنّ يومئذٍ عن النّعيم } .. تُريد حِسابها تامّاً غير منقوصا !

تحرِق السّجائر في دولة عربية من أموالنا ؛ مايقارب (٧٥٠ مليون دولار ) !

و تصل تكاليف الزّواج في بلد خليجي الى (٤٥٠ الف ) !

{ ألهاكم التكاثر } إذن
إذ تَتكاثر الزّينة في عوالمنا ؛ حتى تغلق علينا سَعة المبادىء !

يتدفّق التّكاثر في دواخِلنا .. مثل مَوج يُغرق الأرواح ، ويدكّ المعاني ؛ التي تُقيم الأمم على ناصِية الشّهادة !

تُخبرنا الإحصائيات .. أنّ الوطن العربي ؛ يتربّع على مِنصة أعلى استهلاك للعطور والتجميل .. فالمُواطن العربي ؛ ينفق (5) أضعاف المواطن الاوروبي .. و (9) أضعاف المواطن الامريكي في هذا الاتجاه !

أرقام كارثيّة .. تَحكي أنّ الأمة تسير في أكفانها !
هل تُدرك يا سيدي ما معنى تلك الأرقام ؟!

تلك الأرقام .. تَعني أنّنا نفقد الحقائق ؛ يوم تنعكس في أعيننا أوهام الزّينة ..
نفقِد خَيْل الفتح ، و نظلّ في مرابِض { التّكاثر } !

تعني .. أنّنا ننتفخ بالتّكاثر ؛ كموجة يملؤها الزّبَد .. لا تلبَث أن تُصبح فراغاً عائِماً !

ثمّ نَموت بِداء { التّكاثر } ؛ قبل أن نصِل { المقابر } !

{ حتّى زُرتم }..
ومعنى الزّيارة ؛ الحلول ..
ولكنّها زيارة قصيرة للمقابر .. و لها ما بعدها !

هل تراك تنبّهت لرسالة السُّوَر المكيّة !!

إنّها تبدأ بك ؛ من حيث لا تنْتبه .. إنها تُشكّلك .. حتّى لا تكون ذات يوم مجرد بقايا !

إنّ الفرد الذي لا تمتلكه نفسية { التّكاثر } ؛ لا يمكن أن يتلاشى !
إنّه مثل لبِنة وثيقة في جِدار الأمة !

و لقَدْ كانَ النّبي ﷺ يحرّر أصحابه من خَطيئة التّكاثر ؛ يوم أطعمَهم أحد الصحابة رُطَباً وسَقاهم ماء ، فقال رسُول الله ﷺ :

" هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسألون عَنْهُ" .!

إنَّ أولَ ما يُسْأَلُ عَنْهُ العَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّعِيمِ أنْ يُقَالَ لَهُ: ألَم نُصِحَّ لَك جِسْمَكَ، وَتُروَ مِنَ الماءِ البارِدِ" !

أُعيد وضوئي بعد هذه السّورة .. وأتطهرّ من { التّكاثر } ؛ الذي استقرّ في عُمقي !

أتلو السّورة على سلوكي ..
أتلوها على أفعالِي ..
و أتفقّد بكلماتها مساحات عُمري ؛
قبلَ أن يشيخَ على أسوارِ المَقابر !



راقت لي فآثرت مشاركتها معكم