إسم الرواية ,, العائلة

ياراا

:: مسافر ::
15 يناير 2019
992
3
0
41

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...

من زمان عن شغل المنتديات العادية ... بس مواضيع شارلوك هولمز الجديدة اليوم حمستني
(22).gif



عموما ... في السطور الجاية ... رواية كتبتها من فترة ... اذا حبيتوا اول اجزائها ... بنزل الباقي ... و اذا ما حبيتوها .... عادي ... نمسح الموضوع
yolks00780.gif




بسم الله نبدأ ....

إسم الرواية ,, العائلة










إستيقظت من قيلولتي بعد الغداء اللذيذ الذي صنعته لي والدتي خصيصاً فاليوم كان آخر يوم لي في المدرسة الثانوية فكان أن كافئتني والدتي بأكلتي المفضلة على الغداء

خرجت من غرفتي وانا اتثائب

مالذي سأفعله في أول أيام إجازتي الصيفية؟

كانت غرفة المعيشة خالية أخذت ريموت التلفاز وتكورت على أريكتي المفضلة وأخذت أقلب في القنوات عشوائياً وأنا أرسم خططاً لأشهر الصيف​

رن هاتف المنزل​

جدتي الغالية تطلب والدي​

طرقت باب غرفة والدّي وأخبرتهم بالإتصال​

بعد قليل خرجت والدتي من غرفتها وطلبت مني أن أتجهز للذهاب لبيت جدي​

فكرة جميلة هاهو برنامج أول يوم قد تحدد​

يجب أن أتصل بنور إبنة عمتي وأخبرها بأننا سنكون في منزل جدتي​

أسرعت للهاتف: نور​

سنذهب لمنزل جدتي بعد قليل​

هذه آخر فرصة لنا لنجلس تحت قدميها ونستمع لقصصها كاﻷطفال​

ضحكت نور: فعلاً فرصتنا اﻻخيرة​

عزيزتي​

ﻻ تبعد جامعتنا عن المنزل أكثر من ساعة​

وﻻ أعتقد ان جدتي ستتوقف عن سرد قصصها الممتعة لمجرد أننا تخرجنا من الثانوية​

على كلُ نحن في طريقنا لمنزل جدتي اﻵن فهي قد إتصلت بوالدتي وطلبت منها المجيء​

أجبتها: حقاً! لقد إتصلت جدتي بوالدي أيضاً لكني ﻻ أعرف ما أرادته​

قالت نور: سنعرف قريباً​

أرجعت سماعة الهاتف لمكانها وذهبت لغرفتي ﻷغير ملابسي​

وصلنا منزل جدتي وإنتبهت لسيارة عمي فهد وسيارة عمتي أمل أمام المنزل​

أخذتني اﻷفكار والتوقعات عن سبب طلب جدتي من الجميع بالحضور​

دخلنا المنزل ولم أجد جدي أو جدتي على كرسيهم المعتاد وﻻ أثر ل"دلة القهوه وسلة التمر" أو أي شيء إعتدنا على مشاهدته على الطاولة اللتي تتوسط المجلس الكبير​

كان عمي فهد ينتظر عند باب مجلس الضيوف وما إن شاهد والدي طلب منه ومن والدتي الدخول وأغلق خلفهم الباب وسمعت صوت المفتاح يدور في القفل ليحكم إغلاقه​

إستغربت ما يجري​

دفعني فضولي لوضع أذني على الباب وحاولت التركيز لكني لم أستطع سماع شيء من ضجة لعب اﻷطفال​

أنا ونور أكبر اﻷحفاد ودائماً كنا معاً أقرب صديقتين​

ﻻ يمكن أن تكون نور في مكان دون أن تكون ريم معها​

وﻻ يمكن أن تذهب ريم لمكان دون أن تأخذ نور معها​

وهكذا كبرنا كاﻷخوات​

سحبتني نور من عبائتي: ما هذا الجنون​

ماذا ستقولين إن خرج أحدهم فجأة وشاهدك تتصنتين​

سمعنا صوت المفتاح يتحرك في الباب مرة أخرى​

إبتعدنا للطرف اﻵخر من الغرفة وكأننا لم نفعل شيئاً​

خرج جدي من مجلس الضيوف متأكأً على عمي فهد وتبعهم البقية إﻻ والدي وجدتي​

أسرعت لجدي وقبلت يده ورأسه وسألته ببرائة مفتعلة: أين "دلة القهوه والتمر" مالذي حصل لضيافتكم!​

أجابني جدي بإبتسامة: لن تعرفي مني شيئاً​

ضحك عمي فهد وساعدنا جدي على الجلوس وجلسنا أنا ونور حوله نحاول إستقصاء الموضوع منه دون أيه فائدة بينما إتجهت أمي وعمتي للمطبخ لتحضير القهوة​

عندما خرج والدي من الباب شاهدت إنزعاجاً مكتوماً في ملامحه ولما سألته جدتي إن كان بخير أجابها خلف إبتسامة مصطنعة بأن كل شيء سيكون على ما يرام​

فهمت أن ما دار في المجلس لم يعجب والدي لكنه مضطر لتقبله ومرت الفترة المتبقية من الزيارة كالمعتاد​

بعد العشاء عدنا للمنزل وقبل أن أدخل غرفتي نادتني أمي: ريم​

هل تذكرين عمك أحمد؟​

فتحت خزائن ذاكرتي: أتذكر شكله بصعوبة لكني أتذكره وأتذكر أنه سافر منذ مدة طويلة للعمل في الخارج​

مالذي ذكرك به اﻵن؟​

سكتت أمي وكأنها تبحث عن الكلمات: سيعود عمك في نهاية اﻷسبوع​

بفرح قلت لها: فعلاً​

ستفرح جدتي بكل تأكيد​

لكن كم من الوقت سيبقى معنا؟​

قالت: سيعود للأبد ليعمل مع والدك وعمك في شركة جدك​

فكرت (هل هذا ما أزعج والدي؟ عمي أحمد هو اﻷكبر وهو اﻷحق بإدارة الشركة) وقلت: جيد جداً​

سأذهب لغرفتي فالنعاس يغالبني​

تمنيت لها ليلة سعيدة ودخلت غرفتي لكني عدت للصالة​

إحتجت أن أكلم نور اﻵن (آه لو توافق أمي على شراء جوال لي فأنا الوحيدة بين صديقاتي اللتي ﻻ تملك جوالاً بعد)​

أجابت نور: سيعود عمي أحمد​

قلت: هذا ما إتصلت لأخبرك به​

قالت نور: طوال الطريق للمنزل كانت أمي تتحدث بفرحة عن شوقها لعمي وأوﻻده وكيف أنها ﻻتطيق اﻹنتظار لرؤيتهم​

لم أجبها فسألت: مابك!​

قلت: ﻻ أعلم ما السبب لكن هناك ما يزعج والدي في عودة عمي أحمد​

أعتقد أن ذلك له علاقة بالشركة وإدارتها​

قالت نور: ﻻ تشغلي بالك بهذه اﻷمور​

حان الموعد النوم​

تصبحين على خير​

دخلت غرفتي وغيرت ملابسي وحاولت أن أنام لكن التفكير منع النوم عن عيني​

تذكرت ألبوم صور طفولتنا فأخرجته من الخزانة​

مسحت الغبار عنه فأنا لم أتصفحه منذ فترة​

كنت أود أن أتذكر شكل عمي وزوجته واوﻻده​

في هذه الصورة كنا في منزلهم القديم​

هذه أنا بضفائري الطويلة أحضن ليلى إبنته وخلفنا تقف نور بإبتسامتها الغبية دون أسنان أمامية​

على اليمين أخي عبدالله وبجانبه يقف محمد إبن عمي​

كم عمرهم اﻵن؟ ربما ليلى في السابعة عشر وأتذكر أني ومحمد نتشارك يوم الميلاد ولطالما تشاركنا الحفلات​

هذه صورة ﻹحداها​

كم هو مضحك فستاني المزركش بكل ألوان الطيف​

ﻻ يمكنني أن أصدق أن الذوق العام كان متدنياً لهذه الدرجة​

أرجعت اﻷلبوم لمكانه بعد أن شاهدت كل صوره وتذكرت كل القصص و إندسست تحت لحافي الدافئ وغططت في نوم عميق​

و للكلام ... بقية
fish.gif
 
الجزء الثاني ..!!

إستيقظت مبكرة بنشاط غير مسبوق

كان لدي الكثير ﻷفعله والكثير ﻷجهزه

كتبت في الليلة الماضية قائمة باﻻشياء التي أحتاج أن آخذها معي من المنزل ﻻني اعلم أني إن لم أقوم بذلك سأنسى شيئاً مهماً كما أفعل دوماً​

روب التخرج (أهم شيئ)​

كلمتي اللتي سألقيها في حفل المدرسة​

كاميرتي اﻻحترافية (هوايتي التصوير)​

هدية نور (ساعة جديدة كالتي اهدتني اياها أمي)​

ملابسي الجديدة التي سأرتديها لحفل الليلة​

أخرجت مريولي من الخزانة ولبسته​

طفرت من عيني دمعة​

هذه آخر مرة أرتدي فيها هذا المريول اﻻزرق الغامق​

كم شهد من ذكريات​

ضحكات​

نجاحات​

دموع​

صداقات​

سأشتاق ﻷيام المدرسة ولصديقاتي العزيزات​

وسأشتاق لجنوننا ومقالبنا وكل الفرح الذي تقاسمناه​

رتبت مكياجي البسيط وتأكدت من مظهري في المرآة قبل أن أركض خارجة من غرفتي نحو الدرج​

والدي على اﻻريكة في الصالة وباله مشغول​

جلست بقربه: من هو سعيد الحظ اللذي شغل بال أبي الحبيب؟​

رفع رأسه مبتسماً وعندما شاهدني أحمل روب التخرج وبقية اﻻشياء اختفت ابتسامته: من يشغلني اﻻ اميرتي الغالية​

كبرتي يا ريم وأحس أنك ستبتعدين عني​

رميت أشيائي على اﻻرض وحضنته: ابي ماهذا الذي تقول​

مهما كبرت سأعود هنا في حضنك​

ستبقى أبي الحبيب والملك في حياتي​

إبتسم مرة أخرى ليغالب دموعه المتجمعة في عينيه وأعطاني هدية مغلفة: تفضلي هديتك تخرجك وأتمنى أن تعجبك​

مزقت الغلاف بشغف وكانت الهدية التي تمنيت​

أحدث طراز من البلاك بيري: تعرف كيف تسعدني دوماً​

أدعو ربي أن يطيل بعمري ﻷفرحك كل يوم كما تفعل معي​

لممت أغراضي مرة أخرى وأسرعت خارجة حيث تنتظرني أمي وعمتي ونور وإتجهنا للمدرسة​

مر حفل التخرج كلمح البصر​

أيعقل أن هذا هو الحفل الذي قضينا حياتنا نتمناه وننتظره​

أيعقل أنه الحفل الذي تعبنا ونحن ندرس لنكون في صفوفه اﻷمامية​

وها نحن اﻵن وقد إنتهى الحفل​

تلفت حولي ورأيت الجميع سعيداً​

دموع الفرح تتقاسم الوجوه مع اﻻبتسامات​

وباقات الورد تتسايق في الجمال مع الخريجات​

ها نحن اﻵن أمام طريق جديد وحياة جديدة وأمنيات جديدة​

أحلام نرسمها اليوم ونخطط الطريق لها بالطموح وبالعزم لتحقيقها في المستقبل القريب​

إبتسمت وأنا أتخيل نفسي في الجامعة أدخل محاضرة ﻷخرى وأتذمر من طول الوقت وحرارة الجو​

أتخيلنا أنا ونور نقرر في الوقت ما بين المحاضرات أننا تعبنا ونحتاج لفترة نقاهة نقضيها في التسوق في أحد المجمعات وربما حضور فيلم ممتع في السينما​

إستأذنا أنا ونور من أمهاتنا لمرافقة بعض الصديقات والذهاب للغداء في أحد المطاعم القريبة وبعد وقت ممتع قضيناه سوياً عدنا لمنزل جدي حيث التجهيزات لحفل اليوم ولرجوع عمي أحمد على قدم وساق​

قبلت رأس جدي وحكيت له ما تخيلت فقال: ليتحقق ما تخيلتي تحتاجون لسيارة​

فكرت: فعلاً ولكن رخصة القيادة أولاً​

إبتسم جدي ولف ذراعيه علّي وعلى نور: ليست كل اﻻشياء تأتي بترتيبها المفروض في الحياة​

عليكما أن تتعلما بعض الدروس عن الواقع وأن تتوقعا أن ﻻ تسير الأمور كما تتمنون دوماً​

خيبات اﻷمل وضياع اﻷحلام شيئان متوقعان في الحياة​

لكن علينا أن ﻻ نسمح لها بكسر عزمنا أو الحد من طموحنا​

وعلينا دوماً السعي نحو اﻷفضل واﻷحسن​

ﻷن في نهاية اﻷمر علينا أن نجد ونتعب لتحقيق ما نتمنى​

كما فعلتما وتفوقتا في الثانوية​

واﻵن يا حفيدّتي الغاليتين​

هل بإمكانكما أن تحضرا لي ذاك الصندوق بالقرب من دلة القهوة​

أخذت نور صندوقاً ذهبياً متوسط الحجم وأعطته جدي الذي فتحه وأخرج من داخله صندوقين ذهبين يشابهناه في الشكل ولكن حفر على أحدهما إسمي وعلى اﻵخر إسم نور​

أعطى جدي كلاً منا صندوقها وطلب منا أن نفتحهما​

قفزت من الفرح وصرخت نور صرخة جعلت الجميع يتوقفون عما كانوا يفعلونه ويتجهون نحونا بهلع​

لم أصدق ما أرى: كم أحبك جدي العزيز​

أطال الله في عمرك (وقبلت يديه اﻻثنتين بكل حب)​

فعلت نور المثل والكل يتسائل عن الذي حصل​

أسرعنا للخارج ولحقنا الجميع​

ضغطت زر التنبيه على المفتاح الذي كان في صندوقي​

وعرفت أن السيارة السوداء لي فركضت لها ودخلت فيها وجلست في كرسي السائق أتخيل نفسي أقودها​

نور كانت لها السيارة الذهبية وأسرعت هي كذلك وجلست في كرسي السائق​

ﻻ يمكن لهذا ليوم آخر أن يطغى على جمال هذا اليوم وعلى السعادة التي أحسست بها فيه​

بعد أن هدأت فرحتنا قليلاً إنطلق كلُ منا لعمله وإتجهنا أنا ونور لأحدى الغرف وبدأنا التجهيزات للحفل الكبير​

بعد أذان العشاء بقليل كان كل شيء جاهزاً وكنا جميعاً في المجلس​

دخل عمي فهد بإبتسامة كبيرة على وجهه ودخل خلفه عمي أحمد​

فتوقف الجميع عما كانو يفعلونه وتوجهوا بأبصارهم نحو الباب​

دخل خلفهم شاب ومعه فتاة شقراء وطفلة جميلة ذات عينين واسعتين​

أسرعت جدتي نحوهم وسبقتها دموعها​

حضنها عمي أحمد وإنهارت جدتي تقريباً فسندها عمي فهد​

بعد أن هدأت قليلاً إتجهوا جميعاً لجدي وقبلوا رأسه ويده​

لم يتحرك جدي من كرسيه ولم أﻻحظ فيه اللهفة اللتي توقعتها بل كان وجهه خالياً من المشاعر​

عرفهم عمي أحمد عليه​

الشاب هو محمد والشقراء ذات التنورة البيضاء اللتي تصل بالكاد إلى ركبتها هي ليلي والطفلة الصغيرة هي إبنتهم تمارا التي ولدت في الغربة​

فكرت في نفسي (أين هي ظفائر ليلى السوداء!!)​

حضنت عمتي أمل عمي أحمد وأبناءه بالدور وعندما وصلوا ﻷبي حضنه عمي أحمد طويلاً ولما جلس والدي إنتبهت لدمعة نزلت من عينه وحاول إخفائها بسرعة​

سلمت على عمي وكأني ﻻ أعرفه ولم أمد يدي ﻷسلم على محمد بينما ليلى ردت على سلامي بتكبر باللغة اﻹنجليزية مع أنها فهمت ما قلته بالعربية​

قبلت الفتاة الصغيرة وتسائلت: أين هاي الخالة سلوى؟ ﻻ أراها معكم!​

إتجهت جميع اﻷبصار نحو عمي أحمد الذي قال بإنكسار: توفيت سلوى قبل 3 شهور بعد معاناة أليمة مع المرض​

ساد الصمت المجلس بعد أن كان يضج باﻷحاديث وحاول الجميع أن يبتسم أو أن يقول شيئاً لكن شعور بالغرابة وعدم اﻻرتياح عمنا جميعأً​

فكرت في نفسي​

كيف تتوفى عمتي سلوى دون أن نعلم؟ ولماذا لم يزرنا طوال الفترة الماضية ومالذي أعاده الآن؟​

حاولت تأجيل تساؤﻻتي حتى يمكنني التركيز في ما تبقى من الحفل​




وللكلام بقية
(95).gif
 
بسم الله الرحمن الرحيم ....

الحزء الثالث





عندما وصلت أخيراً لغرفتي بعد منتصف الليل كنت قد إستهلكت كل ما لدي من طاقة

بالكاد إرتديت بيجامتي ووضعت الجوال على الشاحن ليكون جاهزاً لعبثي به غداً

إستيقطت بعد الساعة العاشرة بقليل وأسرعت لجوالي حتى قبل أن أغسل وجههي

أدخلت الشريحة و فعلت الخدمة وإتصلت بنور وطلبت منها أن تسرع لمنزلنا وتعلمني كيفية إستخدامه​

لطالما كنت قليلة الصبر ومتسرعة في قراراتي​

يبدو إنني أقتنعت بكلام والدتي عني أخيراً​

قضينا معظم اليوم في غرفتي بين دروس البلاك بيري وبين الترتيب لسفرة العمر لباريس بعد شهر​

تحدثنا عما سنتشريه من أسواق فرنسا للجامعة من حقائب وملابس و أحذية​

بعد العصر خرجنا للصالة حيث كانت والدتي فجلسنا معها نخبرها بخططنا​

أحسست بأن والدتي تريد إخبارنا شيئاً لكنها مترددة​

أعرف والدتي وأعرف كيف تتغير ملامحها وكيف تتمتم بالكلمات عندما تريد إخباري شئياً مزعجاً فسبقتها بالسؤال: هل تغير شيء في خططنا؟​

قالت والدتي بعد أن اخذت نفساً عميقاً وكأنها تهيء نفسها لعاصفة الاحتجاج التي تعلم أنها آتية لا محالة: حقاً لا أعلم كيف أخبركم لكن عليكم أن تقدروا الظروف التي تمر بها عائلتنا الآن​

سألت نور: مالذي تقصدينه يا خالتي؟​

أجابت والدتي: عودة العم أحمد أربكتنا وأربكت كل خططنا وقطعاً لا يمكننا أن نسافر قبل أن نتأكد بأن كل الآمور على ما يرام خصوصاً مع جدكما و مع الشركة​

من العيب أن نسافر قبل أن نتأكد أنهم إستقروا مرة أخرى ودعونا لا ننسى غياب الخالة سلوى​

بكل تأكيد يحتاج العم أحمد لوجودنا معه​

وليلى و تمارا يحتاجون لكم​

كل شيء جديد ومختلف بالنسبة لهم​

المنزل و الناس والجو والعادات وحتى الطعام​

لا يمكننا أبداً تركهم في هكذا وضع والسفر للسياحة​

ألا توافقانني الرأي؟​

حاولت أن أجمع في عقلي أفكاراً للإعتراض لكن لم يمكن بإمكاني الرد على حجج والدتي وعلى الرغم أنني أجد أنه من غير المقبول أن نخسر سفرتنا لأنهم قرروا العودة الآن لكني في الواقع أعلم بأنه لا يمكننا أن نتركهم كذلك فنحن كل ما لهم هنا​

هذه بداية سيئة لصيف توقعته الاجمل​

يبدو أن كل خططنا ستمنى بالفشل​

ويبدو أن لن أحب عودة عمي أحمد وأبنائه​

عادت نور لمنزلها وعدت أنا لغرفتي أجر خيبتي على أحلامي بصيف مذهل​

لن أرضى بسهولة​

على والدي أن يعوضانني بقبولهم كل ما أطلب وإلا سأعلن الحرب​

أخذت ورقة و قلم وبدأت التخطيط:​

قضاء الجزء الأكبر من الإجازة مع نور إما في التسوق أو في منزلهم​

التسوق مرة أخرى​

حفلات كثيرة للصديقات​

حفلات في المزرعة​

وحفلات في الشاليه​

دروس السياقة (سيارتي الجديدة في إنتظاري)​

وسأبذل كل ما وسعي لأتجاهل ليلى المغرورة واخوانها​

علقت خطتي على الجدار بالقرب من النافذة وشاهدت والدي عائدا من عمله فأسرعت خارجة لأقابله في الصالة​

رسمت على وجهي ملامح الطفلة المسكينه التي انكسرت لعبتها وحاولت بكل جهد عصر دمعة من عيني وإقتربت منه: أبي لقد تحطمت كل أحلامي​

حضنني والدي وكأنه يحميني من شرور الدنيا: ماذا بك!​

أجبته بصوت مكسور: أنت تعرف كم إنتظرت هذا الصيف بكل لهفة وكم درست بمجهود كبير لأحقق المعدل العالي الذي تتوقعه مني وبماذا أكافأ​

فهم والدي ما أقصد فجلس على الصوفا وأجلسني بقربه: لا يعجبني تغيير خططك التي إنتظرتها طويلا كما لا يعجبك ذلك لكني أثق بأنك كبرتي الآن وفهمتي بأن الحياة مسؤوليات وواجبات قبل أن تكون لعب ولهو وقبل أن تقاطعيني بأن لا عدل في ما أقول​

اجيبك أن الحياة لا تكون عادلة دوما وﻻ يمكننا أن نحصل على كل ما نريد فيها مهما ملكنا من ثروة وجاه​

الثروة الحقيقية هي العائلة وأنتي أكبر ثرواتي وإستثماراتي​

كيف يمكنني أن أعيد لهذا الوجه الملائكي نوره وإبتسامته​

إبتسمت فقد فهم والدي ما أريد بالضبط: حسنا​

أريد قضاء نهاية الأسبوع في المزرعة ولا تسترح كثيراً فهذه البداية فقط​

ضحك والدي: إنصدمت من قناعتك لكن عندما أكملتي جملتك عدت للواقع​

لك ما أردت يا غاليتي سأرتب كل شئ لنهاية أسبوع جميلة والآن هل تعتقيني لأرتاح​

قبلته على رأسه وأسرعت عائدة لغرفتي لأخبر نور​

كتبت لها: نهاية أسبوع في المزرعة​

جهزي ملابس السباحة وأفلام الرعب للسهرات​

أجابت نور: خطة ممتازة​

هل الأعداء قادمون​

تذكرتهم: لا أدري و لا أتمنى​

لقد نسيت أن أطلب من والدي أن لا يخبرهم​

سأخبره وأعود​

أسرعت لغرفة والدي كالبرق وقبل أن أطرق الباب سمعت والدي يكلم جدي في الهاتف: فرصة جيدة ليتعرف الأولاد على بعضهم البعض و ينسجموا​

أتمنى أن يعودوا أصدقاء كما كانوا في أطفالا​

لم فعلت هذا يا والدي​

ضاعت أول خطة وتدمرت أول نهاية أسبوع​

عدت لغرفتي وكتبت لنور: لقد اخبر جدي بالرحلة​

انهم يتمنون لو نعود اصدقاء​

لن أذهب​

قالت نور: لا يمكننا ألا نذهب​

لقد غيروا خطط صيفنا بأكمله لنساعدهم على التأقلم​

كتبت: أي مساعدة متوقعة مني وأنا أود لو يعودون من البلاد اللتي أتوا منها​

أجابت نور بهدوئها المعتاد: وذلك غير ممكن لأنهم باقون​

وأهلنا يريدون منا أن نعود أصدقاء وطبعا لا يمكننا أن نرفض لان سنضطر لمواجهه العائلة كلها​

سنذهب للمزرعة ولكل مناسبة أخرى قادمة ونتحملهم قليلا​

لكننا في كل مرة نريهم بأنهم أشخاص غير مرغوب فيهم بحيث يكرهون مشاركتنا رحلاتنا​

وهكذا نكون نحن المتعاونين وهم الرافضين ونضرب عصفورين بحجر واحد​

سكت أفكر بما قالت ثم كتبت لها: ذكريني نور ألا أتشاجر معك يوما​

لك عقل مدبر وأفكار خطيرة​

ولو قتلتي أحدا يوما بإمكانك أن تلبسي الجريمة على المقتول نفسه وتكوني أنت الضحية​

أرسلت لي نور ضحكة إلكترونية وإستأذنت​

إستلقيت على السرير أفكر كيف سأكون بغيضة لأقصى الحدود وكيف سأرد لليلى تكبرها و أريها بأنها ليست أحسن مني في شئ​

مرت بقية الأسبوع ببطء فلم اود أن أخطط شيئا آخر وأضطر لمشاركتهم في خططي​

كنا آخر الواصلين للمزرعة لأن أبي تأخر في إجتماع مهم وعندما دخلنا كانوا جميعا متحلقين حول جدتي التي كعادتها تقص عليهم إحدى قصصها اللتي لا تنتهي​

ألقينا التحية من بعيد لكي لا نقاطع قصة جدتي وعندما اتجهت للغرفة التي نتشاركها انا ونور في العادة وجدت السريرين مشغولين فخرجت غاضبة ووقفت في منتصف الصالة: من وضع أغراضه على سريري​

وقفت عمتي أمل وإقتربت مني وقالت لي بصوت أقرب للهمس: لقد فكرت أنه من الافضل ان تشارك ليلى ونور الغرفة هذه المرة​

أعتقد أنها فرصة جميلة لتتوطد العلاقات​

خصصنا لكي ولتمارا غرفة في الطابق الارضي​

أحسست بالدماء تندفع إلى وجهي وتجمعت الكلمات الغاضبة على لساني لكني شاهدت نور تقترب وعلى وجهها ملامح خائفة فهي تعرف أين من الممكن أن يصل بي الغضب​

تركت الصالة وخرجت مسرعة وتبعتني نور​

حاولت أن تحضنني لكني أحسست بأنها خانتني لأنها وافقت على هذه الترتيب السخيف: أرجوك نور​

دعيني لوحدي الآن​

أحتاج لوقت لأهدأ و سأدخل سريعا​

حاولت أن تتكلم لكنني أعطيتها ظهري وسمعتها تعود للداخل​

كان بودي أن أصرخ لكني كنت متأكدة بأنهم سيسمعونني​

لم أعرف ما العمل او بم أفكر​

وبدأت أسير و أسير دون أن أعلم إلى أين أتجه​

وجدت نفسي وقد وصلت لإسطبل الخيول​

إنها فرصة لأصفي ذهني بنزهة على ظهر ماريا فرسي الاصيلة​

تلفت لأتأكد من خلو المكان ثم خلعت عبائتي وأخرجت ماريا وصعدت ظهرها​

شددت غطاء رأسي لأتأكد من أن الريح لن تحركه ثم ضربت بطرف قدمي على ماريا التي إنطلقت مسرعة​

أحسست بالهواء المندفع على وجهي يخفف من حدة غضبي​

دخلت بين أشجار النخيل ولم يكن هناك أي ضوء سوى نور القمر​

شددت على سرج ماريا لتخفف من سرعتها​

أحتاج لكل دقيقة أقضيها وحدي قبل أن أعود لبيت المزرعة​

فقدت إحساسي بالوقت وعندما تفقدت ساعتي كان قد مر أكثر من نصف ساعة منذ أن خرجت​

لابد من أني أثرت قلقهم الآن ولو علموا أني أخرجت ماريا في هذا الوقت فسأتعرض للعقاب بكل تأكيد​

إخترت الطريق المختصرة بالقرب من سور المزرعة مرورا بالمدخل الرئيسي لأصل في أسرع وقت ممكن وعندما إقتربت من المدخل دخلت سيارة صفراء مسرعة بتهور مثيرة للاتربة حولنا ومصدرة أصواتا قوية مما أثار رعب ماريا التي بدأت بالركض دون أن أتمكن من السيطرة عليها​

حاولت أن أشد سرجها لتخفف من سرعتها دون فائدة وأحسست بأني أفقد السيطرة عليها و قد أسقط في أي لحظة​

لم يكن أمامي خيار آخر سوى أن أصرخ طلبا للنجدة حتى ولو سمعوني وتعرضت للعقاب​

صرخت بأعلى صوتي: النجدة​

إني أفقد السيطرة على ماريا​

سمعت صوتا لاهثا خلفي: لا تخافي​

تمسكي بالسرج بقوة وحاولي شده لتتوقف​

صرخت: إني أشده لكنها لا تستجيب​

وإلتفت خلفي وشاهدت محمد يركض والسيارة الصفراء خلفه وبابها مفتوح​

هو المعتوه الذي اعتقد نفسه في حلبة سباق​

قربت رأسي من رأس ماريا وحاولت أن أسمعها صوتي علها تهدأ وهنا خرج والدي من بين الشجيرات ووقف أمامنا فرفعت ماريا قوائمها الامامية وسقطت من عليها على ظهري​

أحسست برأسي يصطدم بشيء صلب​

ثم ظلام وهدوء​





و للكلام بقية
(39).gif