الصلاةَ عمادُ الدِّينِ وخيرُ الأعمالِ

ياراا

:: مسافر ::
15 يناير 2019
992
3
0
41
الحمدلله وحده لا شريك له , أشهد ألا إله إلا الله , له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ,
وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ثم اما بعد ,
فَأُوصِيكُمْ أيها المؤمنون ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تعالى وكَثْرَةِ ذِكْرِه ، و أَحُثُّكُمْ عَلى طاعَتِهِ وشُكْرِه
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران .
و قال تعالى : ( وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ ٱصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ و العاقِبَةُ
لِلتَّقْوَى ) طه ..

أيها المؤمنون , إن الصلاةَ عمادُ الدِّينِ وخيرُ الأعمالِ , وهي الركن الثاني من أركان الإسلام
الخمسة , عن ابن عمر رضي الله عنه قال , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( بني الإسلام على خمس , شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله , و إقام الصلاة
و إيتاء الزكاة و حج البيت و صوم رمضان ) متفق عليه , وفي حديث معاذ قال عليه الصلاة
و السلام : رَ أْسُ الأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَ عَمُودُهُ: الصَّلَاةُ , وَ ذِرْوَةُ سَنَامِهِ: الْجِهَادُ ) الترمذي وقال
حديث حسن صحيح , و صححه الألباني ..
و إن اللهَ تعالى أمرَنا بإقامةِ الصلاةِ والمحافظةِ عليها , قال تعالى : ( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ
و الصَّلاَةِ الوُسْطَى و قُومُوا للهِ قَانِتِينَ ) البقرة , و قد حثَّنا على ذلك نبيُّنا صلى الله عليه و
سلم فقال : ( من حافظَ عليها كانت له نوراً و برهاناً و نجاةً يومَ القيامةِ ، و من لم يحافظْ
عليها لم تكنْ له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة ، و كانَ يومَ القيامةِ مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ
و أُبيِّ بنِ خلفٍ ) أهرجه أحمد و ابن حبان من حديثعبدالله بن عمرو , قال المنذري إسناده
جيد , و صححه أحمد شاكر , و مَنْ ثابَرَ عَلَيْها و أَدّاها كَما يَنْبَغِي فَيُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ تَحَسُّناً في
حالِهِ و بُعْداً عَنِ الْمَساوِئِ و الآثام , قالَ اللهُ تَعالى : ( وَ أَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ
الفَحْشَاءِ وَ الْمُنكَرِ ) العنكبوت ..

و الصلاة تَطْهِيرٌ لِلْقَلْبِ وتَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ و تَنْقِيَةٌ لِلرُّوحِ وتَنْظِيفٌ لِلْجَوارِحِ مِنْ لَوْثاتِ الشُّرُورِ
و الآثام . قال صَلّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ : ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَراً بِبابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ
خَمْسَ مَرّاتٍ , هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ؟ قالُوا لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ , قالَ فَذَلِكَ مَثَلُ
الصَّلَواتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطايا ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه من حديث أبي هريرة ..

أيها المؤمنون , إن إضاعةَ الصلاةِ من أعظمِ الكبائرِ و أكبرِ الآثامِ , قال تعالى : ( فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ , الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون , والله تعالى توعَّدَ المضيعين للصلاةِ
بالإثمِ و الغيِّ ، و التورُّطِ في الشهواتِ و الآثامِ ، فقال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ
أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم , أي فسوف يلقون خسراناً
و شرًّا و عذاباً أليماً شديداً , و تَوَعَّدَ اللهُ تعالى جاحِدَها و تاركها بِالعَذابِ الأَلِيمِ , حَيْثُ قالَ
تَعالى حِكايَةً عَنْ جَوابِ الكُفّارِ حِينَ يُسْأَلُونَ , ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ
الْمُصَلِّينَ ) المدثر ..

أيها المؤمنون , و إن لإضاعةِ الصلاةِ صوَراً عديدةً ، إلا أن أعظمَها ذنباً وأخطرَها جُرماً
و أشدَّها عقوبةً تركُها بالكُليةِ والعياذُ بالله ، فتركُ الصلاةِ كفرٌ باللهِ العظيم ، وانخلاعٌ من
الدِّينِ , فتركُ الصلاةِ و المداومةُ على تركِها لا يكونُ ممن في قلبِه مثقالُ ذرة من إيمانٍ ،
بل لا يصدُرُ ذلك إلا من قلبٍ عشَّشَ فيه الشيطانُ ، فحالَ بينه و بين ذكرِ الله تعالى و
شكرِه، كما قال تعالى : ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ) المجادلة ..
قال صلى الله عليه وسلم : ( بينَ الرجلِ و بينَ الكفرِ والشرك تركُ الصلاة ) أخرجه مسلم
من حديث جابر . و في رواية الإمام أحمد بإسناد صحيح , قال صلى الله عليه و سلم :
( العهدُ الذي بيننا و بينهم الصلاةُ ، فمن ترَكَها فقد كفَرَ ) ..
وقد أجمعَ خيرُ القرونِ وأفضلُ الخلقِ بعد الأنبياءِ ، أجمع صحابةُ رسول الله صلى الله عليه
وسلم على كفرِ تاركِ الصلاة ، فعن عبد الله بن شقيق رحمه الله قال : ( كان أصحاب محمد
صلى الله عليه و سلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفرٌ إلا الصلاةَ ) ..
وقال عمر رضي الله عنه : ( لا إسلام لمن لم يصلِّ ) , وقال علي رضي الله عنه : ( من لم
يصلِّ فقد كفر ) , بل ورد الوعيد في حقِّ من ترك صلاةً واحدة ، عن بريدة رضي الله عنه ,
قال , قال صلى الله عليه وسلم : ( من تركَ صلاةَ العصرِ فقد حبِطَ عملُه ) البخاري ،
فكيف بمن تركَ الصلاةَ تلوَ الصلاةِ ، أليس هذا أحقَّ بالحبوطِ و الخسرانِ ؟ .

أيها المؤمنون , وإن من إضاعة الصلاة تأخيرَها عن وقتِها ، فإن اللهَ تعالى فرضَها مؤقتةً ،
كما قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء , فالصلاةُ لها
وقتٌ لا تصحُّ إلا به ، لا يجوزُ تأخيرُها عنه ، كما لا يجوزُ تقديمُها عليه ، فمن أخلَّ بهذه
الأوقاتِ تقديماً أو تأخيراً فقد جاءَ إثماً كبيراً ، قال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ , الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ , الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ , وَ يَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) الماعون ..

أيها المؤمنون , وإن من إضاعةِ الصلاةِ عدمَ إقامةِ واجباتِها وأركانِها ، فإن الله تعالى جعل
من علاماتِ النفاقِ وسماتِه الإخلالَ بأمرِ الصلاةِ ، قال تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَ هُوَ خَادِعُهُمْ وَ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا
قَلِيلاً ) النساء ، و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال , قال رسولُ الله صلى الله عليه
وسلم : ( تلك صلاةُ المنافقِ ، يجلس يرقبُ الشمسَ ، حتى إذا كانت بين قرني الشيطانِ
قامَ فنقرَها أربعاً ، لا يذكرُ اللهَ فيها إلا قليلاً ) مسلم ..

أيها المؤمنون , حافِظُوا عَلى أَداءِ الْمَكْتُوباتِ جَماعَةً , فَإِنَّ في أَدائِها جَماعَةً سِرًّا و ثَوابًا
عظيما , فَقَدْ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ و السَّلامُ : ( صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ
وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً ) متفق عليه , و صَلاةُ الْمَرْءِ العِشاءَ و الصُّبْحَ في جَماعَةٍ أَكْبَرُ ثَواباً لِما
ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ : ( مَنْ صَلَّى العِشاءَ في جَماعَةٍ فَكَأَنَّما قامَ نِصْفَ
اللَّيْلِ و مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَماعَةٍ فَكَأَنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) مسلم ـ فَبادِرُوا إِلى أَدائِها
في أَوْقاتِها جَماعَةً مُخْلِصِينَ للهِ تَعالى , و حَقِّقُوا كامِلَ خُشُوعِها ,

هذا و صلوا و سلموا على نبينا و سيدنا و حبيبنا مجمد , فقد قال ربنا تبارك و تعالى :
( إِنَّ اللهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
الأحزاب , اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى محمّدٍ و عَلى ءالِ محمّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلى إِبْراهِيمَ و على ءالِ
إِبْراهِيمَ , و بارِكْ على محمّدٍ و على ءالِ محمّدٍ كَمَا بارَكْتَ على إِبْراهِيمَ و على ءالِ
إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ..