القرآن ... والأجهزة

ياراا

:: مسافر ::
15 يناير 2019
992
3
0
41
...
اقرؤها بقلوبكم ....

القرآن ... والأجهزة

اللوم ليس على أصحاب الغفلات الذين لم يقفوا يوماً مع النّور .. ولم يتذوقوا ساعةً من الدهر طعم القرآن ولم يعرفوا معنى الحياة معه ؛ فهؤلاء غابت عنهم تلك المعاني وانزوت صفة المنافسة في حياتهم لأن حِس الغيرة (على الوقت )عندهم مفقود ،

ولكن المسؤولية العظمى تكمُن على أولئك الذين كانت حياتهم بالأمس عامرة بالقران تعبداً لله سبحانه ، وتطلعا لمعاني التدبر ، وتشوقاً للفهم ، واحتسابا للأجر، وابتغاء للفضل ، ومنافسة للصالحين ؛ كانت ساعات أيامهم كلها معه ، ولحظات أنفاسهم جارية به .. وفجأة سقط هذا التعلق ، وغاب نُوره ، وانخسف ضوءه ؛ فإذا الحياة الملئية بالسعادة محفوفة بمخاطر الكدر وإذا العيش الصافي قد امتلأ بالنكد
أيُّ أحلامٍ تلك التي كانت مبنية على أساس متين
أي بناء عظيم كان يُنتظر لو واصل الباني
أي تحصيل عظيم من الأجور لو دام هذا التعلق
جاءت هذه الأجهزة فزاحمت أوقاتهم وأَكلت بركتها وصارت محلاً للغفلة (إلا مَا رحم ربي)
حتى الصالحات التي لايتم معناها إلا بالخلو معها أصبحت كاشفة عن أسرارها ، مذهبة لبهاء الخشوع فيها ، مُظهرة لخفاياها وأيضاً برزت للناس من خِلالها فتنة الظُّهور وقامت أمامهم أعلام الشهرة أيُّ القوم أكثر جسارة وأقرب حيلة للظفر بمعاقدها

وإذا صاحب العزيمة الذي كان يسبح في الأُنس مع القرآن مُمسك ببعض وِرده ولكنه ليس ذاك التعلق المعهود فإذا مااستفتح الواجب أصبحت نفسه تحدثه متى الانتهاء، وأين موضع الخلاص ، وبإمكانك الإتمام في وقت آخر ، ولا بأس بهذا المقدار وأنت خير الناس وإياك والانقطاع واحذر فوات فهم الواقع .. وفي المقابل إن أمسك ذلك الجهاز نسى عناء النفس فقام يُكرر النظر ويعيد المقاطع ويُكثر النقاش ويُحبّر الردود ويستعرض كل مافيهاعلى تنوعٍ فيها عجيب وذلك في جوّ من الصمت مُطبق وحالة من الخشوع فلا همس ولا التفات ولا تفلّت ولاتضجر

هنا يحق للغيور أن يسكب العبرات على فوات الفضائل يوم أن رُمي بأسهم الغفلات حتى انقطعت منه حاسة التذكر وبردت عنده عزيمة الانفراد وصار في آخر القوافل ، وطويت صُحف أيامه بأبخس الزاد وهو القادر ( بإذن الله )على الفوز والمُدرك للفضل وقد كان عارفاً بالطريق والله المستعان

بقلم : أحمد المُغيِّري