الحمدلله وحده لا شريك له , أشهد ألا إله إلا الله , له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير , و
أصلي و أسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين , ثم اما بعد ,
يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران .
أيها المؤمنون , ديننا الإسلامي الحنيف دين عظيم يحث على الألفة و المحبة و العشرة الحسنة
بالمعروف بين الزوجين , و نهى عن إيذاء الزوجة والتعدي عليها والعنف معها , والآيات القرآنية
والأحاديث النبوية الواردة في ذلك كثيرة ، قال تعالى : ( وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء , وقال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالمَعْرُوفِ ) البقرة , قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن
تتزين لي , لأن الله عز وجل يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ) , وما أحب أن أستوفي
جميع حقي عليها لأن الله عز و جل يقول : ( وَ لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) ) رواه البيهقي .
وقد أوصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم بالرفق بالنساء و الإحسان إليهن ، و الصبر على عوجهن ,
فقال في الحديث عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ وَ
إِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ
خَيْرًا ) متفق عليه . وجاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال , قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ ) مسلم , أي لا يبغضها و لا يكرهها ,
لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكرهه , وجد فيها خُلقا آخر جميلا يحيه و يرضاه .
و في حجة الوداع قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ
اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ , وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ , فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك
فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ , وَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) مسلم . و عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم
خلقا و خياركم خياركم لنسائهم ) الترمذي و قال حديث حسن صحيح وصححه الألباني , وعن
عائشة رضي الله عنها قالت , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله و
أنا خيركم لأهلي ) الترمذي و ابن ماجه و صححه الألباني , و قد كان صلى الله عليه وسلم
حسن الخلق مع أهله , و كان يداعبهن و يباسطهن و بسامرهن ..
أيها المؤمنون , في ظل غياب التوجيهات الإسلامية عن واقع المسلمين ، وانتشار مفاهيم خاطئة
عن معنى الرجولة و القوامة نسمع و نقرأ بين الفينة والأخرى عن ضرب الأزواج لزوجاتهم بل
وضرب الزوجات لأزواجهن ولا حول ولا قوة إلا بالله , و إن كان ضرب الزوجات لأزواجهن
نادرا ما يحدث , و لقد رأينا خلافا حول ضرب الزوجات ما بين مؤيد ومنكر , خلافا تردد بين
المشروعية و الكراهة , فكان لزاما أن نوضح لكم هذا الأمر و نجليه لكم ..
أيها المؤمنون , لقد شرع الله سبحانه وتعالى للزوج أن يقوم بتأديب زوجته الناشز بوسائل تأديب
محدودة ومحددة من أجل تهذيبها و إصلاحها ، و قد سلك القرآن الكريم في علاج نشوز المرأة
طريقًا حكيمًا مستورًا ، فلم يكن الضرب للزوجات كل العلاج ولا أوله ، و إنما كان واحدًا من
طرق العلاج بل كان آخرها ، قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء . ففي الآية الكريمة نص صريح على أنه في حالة نُشُوز الزوجة
وعدم طاعتها لزوجها و أداء حقوقه يحق للزوج تأديبها حتى تطيعه ، والتأديب كما حددته الآية
الكريمة يتم على ثلاث مراحل : الوعظ ، ثم هجر المضجع ، ثم الضرب . فعلى الزوج أن يبدأ
في وعظ زوجته بالرفق و اللين و ذلك بأن يذكرها بما أوجبه الله عليها من حقوق ، و يخوفها من
عقاب الله تعالى في حالة أنها عصته و لم تؤد حقوقه , و يعظها بشيء التعنيف و التهديد , فإذا
لم تستجب الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثانية من مراحل التأديب , ألا و هي : الهجر في
المَضْجع ، وجدير بالذكر هنا أنه لا يجوز للزوج أن يهجر بيت الزوجية لحديث حَكِيمِ بن مُعَاوِيَةَ
الْقُشَيْرِيِّ عن أبيه رضي الله عنه قال : ( قلت : يا رَسُولَ اللَّهِ ما حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عليه ؟ قال : أَنْ
تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ و لا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ و لا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ )
رواه أحمد و أبو داود و النسائي و ابن ماجه ، و علق البخاري بعضه ، و صححه ابن حبان ،
و الحاكم , و أن مدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام , لحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) متفق عليه . فإذا لم
تستجب الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثالثة ألا و هي : الضرب , شريطة أن يكون قصد
الزوج من ذلك هو تأديب زوجته و تقويمها لا التشفي والانتقام منها ، فليس المقصود بالضرب
إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها أو أن يكسر ضلعها أو يجرج جلدها ،
أو أن يسبب لها عاهة ، و إنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة ، فالضرب علاج
لمرض ، فإذا ذهب المرض فلا حاجة للعلاج أصلاً ، و قد جعل القرآن الكريم الضربَ آخر
الوسائل الإصلاحية التي يملكها الرجل , وبذلك كان كالدواء الأخير الذي لا يلجأ إليه إلا عند
الضرورة , أما أولئك الأزواج المتوحشون الذين استمرأوا ضرب النساء الضعيفات الكسيرات
الأسيرات , ليلا و نهارا , ظلما و عدوانا , متجاوزين كل وصايا القرآن الكريم , و وصايا
الحبيب عليه الصلاة والسلام بالنساء , وحثه على الرحمة والرفق , فليسوا بالرجال , وحسابهم
عسير بين يدي خالقهم سبحانه وتعالى , قال تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )
البقرة , و يقول عليه الصلاة و السلام موصيا بهؤلاء العانيات أو العواني , أي الأسيرات ,
كما في حديث عمرو بن الأحوص في حجة الوداع : ( ألا وَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ
عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ليس تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شيئا غير ذلك ) رواه ابن أبي شيبة و النسائي في الكبرى و
ابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح . و يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة :
( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم و المرأة ) ابن ماجه و أحمد , و صححه الألباني ,
و المعنى : أي أضيق على الناس من تضييع حقهما و أشدد عليهم في ذلك .
و لننتقل أيها المؤمنون إلى بيان سنة الحبيب عليه الصلاة و السلام في الضرب لبيان الحق
و السير عليه , و رسولنا صلى الله عليه و سلم هو القدوة و الأسوة الحسنة ,
1 - لم يثبت عن الحبيب عليه الصلاة والسلام أنه ضرب زوجة أو خادما , عن عَائِشَةَ رضي
الله عنها قالت : ( ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم شيئا قَطُّ بيده و لا امْرَأَةً و لا
خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ و ما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ
من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل ) مسلم , ففيه أن ضرب الزوجة و الخادم و الدابة و إن
كان مباحا للتأديب و التوجيه فإن تركه أفضل . و قد ذكر الحبيب عليه الصلاة و السلام في
حديث إياس رضي الله عنه أن الأخيار هم الذين لا يضربون : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهُ ، قَالَ: فَذَئِرَ النِّسَاءُ وَ سَاءَتْ أَخْلاقُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ ، فَقَالَ
عُمَرُ , يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَئِرَ النِّسَاءُ وَ سَاءَتْ أَخْلاقُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنْ ضَرْبِهِنَّ ،
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاضْرِبُوهُنَّ ، فَضَرَبَ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَأَتَى
نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ : لَقَدْ طَافَ
بِآلِ مُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ سَبْعُونَ امْرَأَةً، كُلُهُنَّ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ ، وَايْمُ اللَّهُ لا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ )
أبو داود وابن ماجه و النسائي في الكبرى , و صححه ابن حبان . قال الشافعي رحمه الله
تعالى : ( فجعل لهم الضرب ، و جعل لهم العفو ، و أخبر أن الخيار ترك الضرب )
بل إنه لما طلب نساؤه منه زيادة النفقة جلس صلى الله عليه وسلم مهموماً غاضباً ، فلما
دخل عليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما و رأوه على هذا الحال و عرفا سبب غضبه
صلى الله عليه و سلم قام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها و قام عمر رضي
الله عنه إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي صلى الله عليه و سلم ما ليس عنده ,
فنهاهما عليه الصلاة و السلام عن ضربهما ..
2 - يجب ألا يكون الضرب مبرحاً , لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما
مر معنا : ( فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ ) , و ذلك بأن يضربها بسواك أو
منديل ملفوف أو نحوه ، لا بسوط و لا بعصى , و قد سُئل ابن عباس : ( ما الضرب غير
المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به ) . و قال قتادة : ( غير شائن ) ، وقال الحسن :
( غير مؤثر ) , وانظر إلى نهي الحبيب عليه الصلاة و السلام عن ذلك , ثم يأتي ذلك
الضارب ناسيا ما اقترفته يداه طالبا شهوته لدى من ضربها , عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا
في آخِرِ الْيَوْمِ ) البخاري , ففيه استهجان وقوع الأمرين من المسلم العاقل الذي بالغ في
ضرب امرأته ثم أتى يجامعها في بقية يومه أو ليلته .
3 - يحرم عليه ضرب الوجه , لحديث حكيم الذي مر معنا : ( و لا تَضْرِبْ الْوَجْهَ و لا
تُقَبِّحْ ) , و لحديث جَابِرٍ رضي الله عنه قال : ( نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم عن
الضَّرْبِ في الْوَجْهِ ) رواه مسلم .
4 - لا يحل له أن يضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال , لحديث أَبَي بُرْدَةَ
الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال , سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( لَا تَجْلِدُوا
فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ ) متفق عليه , هذا إذا كان في الحق , فأما
إن كان من قبيل التعدي و التشفي و الانتقام فيحرم كما مر معنا .
5 - يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب , و لو كان الضرب يسيرا , فالظلم
ظلمات يوم القيامة , فلا يجوز لأحد ضرب أحد من الناس و لا أذاه إلا بالحق , قال
تعالى : ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا
مُبِينًا ) الأحزاب , و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : ( مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة ) رواه البزار و الطبراني في
الأوسط و إسناده حسن .
6 - لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها أو غيرهم ,
ففي ذلك إحراج ومذلة , تفسد أكثر مما تصلح , وينتج عن ذلك أمور لا تحمد عقباها ..
فإن عادت الزوجة لزوجها طائعة , فلا سبيل له عليها بعد ذلك , قال تعالى : ( فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) النساء , أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما
يريده منها مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك , و ليس له ضربها و لا
هجرانها و قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء
من غير سبب , فإن الله العلي الكبير وليهن و هو منتقم ممن ظلمهن و بغى عليهن ..
ختاما : أذكر الزوج بالإحسان إلى الزوجة وعشرتها بالمعروف , وأذكر الزوجة بطاعة
زوجها في غير معصية لتفوز برضوان الله سبحانه و تعالى و جناته , عن عبد الرحمن
بن عوف رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة
خمسها و صامت شهرها و حفظت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من
أي أبواب الجنة شئت ) أحمد . و ألا تتأخر عن تلبية حاجات زوجها و رغباته , عن
أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال , قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إذا دَعَا الرَّجُلُ
امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ ) البخاري .
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
أصلي و أسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين , ثم اما بعد ,
يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران .
أيها المؤمنون , ديننا الإسلامي الحنيف دين عظيم يحث على الألفة و المحبة و العشرة الحسنة
بالمعروف بين الزوجين , و نهى عن إيذاء الزوجة والتعدي عليها والعنف معها , والآيات القرآنية
والأحاديث النبوية الواردة في ذلك كثيرة ، قال تعالى : ( وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء , وقال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالمَعْرُوفِ ) البقرة , قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن
تتزين لي , لأن الله عز وجل يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ) , وما أحب أن أستوفي
جميع حقي عليها لأن الله عز و جل يقول : ( وَ لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) ) رواه البيهقي .
وقد أوصانا الحبيب صلى الله عليه وسلم بالرفق بالنساء و الإحسان إليهن ، و الصبر على عوجهن ,
فقال في الحديث عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ وَ
إِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ
خَيْرًا ) متفق عليه . وجاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال , قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ ) مسلم , أي لا يبغضها و لا يكرهها ,
لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكرهه , وجد فيها خُلقا آخر جميلا يحيه و يرضاه .
و في حجة الوداع قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ
اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ , وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ , فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك
فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ , وَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) مسلم . و عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم
خلقا و خياركم خياركم لنسائهم ) الترمذي و قال حديث حسن صحيح وصححه الألباني , وعن
عائشة رضي الله عنها قالت , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله و
أنا خيركم لأهلي ) الترمذي و ابن ماجه و صححه الألباني , و قد كان صلى الله عليه وسلم
حسن الخلق مع أهله , و كان يداعبهن و يباسطهن و بسامرهن ..
أيها المؤمنون , في ظل غياب التوجيهات الإسلامية عن واقع المسلمين ، وانتشار مفاهيم خاطئة
عن معنى الرجولة و القوامة نسمع و نقرأ بين الفينة والأخرى عن ضرب الأزواج لزوجاتهم بل
وضرب الزوجات لأزواجهن ولا حول ولا قوة إلا بالله , و إن كان ضرب الزوجات لأزواجهن
نادرا ما يحدث , و لقد رأينا خلافا حول ضرب الزوجات ما بين مؤيد ومنكر , خلافا تردد بين
المشروعية و الكراهة , فكان لزاما أن نوضح لكم هذا الأمر و نجليه لكم ..
أيها المؤمنون , لقد شرع الله سبحانه وتعالى للزوج أن يقوم بتأديب زوجته الناشز بوسائل تأديب
محدودة ومحددة من أجل تهذيبها و إصلاحها ، و قد سلك القرآن الكريم في علاج نشوز المرأة
طريقًا حكيمًا مستورًا ، فلم يكن الضرب للزوجات كل العلاج ولا أوله ، و إنما كان واحدًا من
طرق العلاج بل كان آخرها ، قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء . ففي الآية الكريمة نص صريح على أنه في حالة نُشُوز الزوجة
وعدم طاعتها لزوجها و أداء حقوقه يحق للزوج تأديبها حتى تطيعه ، والتأديب كما حددته الآية
الكريمة يتم على ثلاث مراحل : الوعظ ، ثم هجر المضجع ، ثم الضرب . فعلى الزوج أن يبدأ
في وعظ زوجته بالرفق و اللين و ذلك بأن يذكرها بما أوجبه الله عليها من حقوق ، و يخوفها من
عقاب الله تعالى في حالة أنها عصته و لم تؤد حقوقه , و يعظها بشيء التعنيف و التهديد , فإذا
لم تستجب الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثانية من مراحل التأديب , ألا و هي : الهجر في
المَضْجع ، وجدير بالذكر هنا أنه لا يجوز للزوج أن يهجر بيت الزوجية لحديث حَكِيمِ بن مُعَاوِيَةَ
الْقُشَيْرِيِّ عن أبيه رضي الله عنه قال : ( قلت : يا رَسُولَ اللَّهِ ما حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عليه ؟ قال : أَنْ
تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ و لا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ و لا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ )
رواه أحمد و أبو داود و النسائي و ابن ماجه ، و علق البخاري بعضه ، و صححه ابن حبان ،
و الحاكم , و أن مدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام , لحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) متفق عليه . فإذا لم
تستجب الزوجة ينتقل الزوج إلى المرحلة الثالثة ألا و هي : الضرب , شريطة أن يكون قصد
الزوج من ذلك هو تأديب زوجته و تقويمها لا التشفي والانتقام منها ، فليس المقصود بالضرب
إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها أو أن يكسر ضلعها أو يجرج جلدها ،
أو أن يسبب لها عاهة ، و إنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة ، فالضرب علاج
لمرض ، فإذا ذهب المرض فلا حاجة للعلاج أصلاً ، و قد جعل القرآن الكريم الضربَ آخر
الوسائل الإصلاحية التي يملكها الرجل , وبذلك كان كالدواء الأخير الذي لا يلجأ إليه إلا عند
الضرورة , أما أولئك الأزواج المتوحشون الذين استمرأوا ضرب النساء الضعيفات الكسيرات
الأسيرات , ليلا و نهارا , ظلما و عدوانا , متجاوزين كل وصايا القرآن الكريم , و وصايا
الحبيب عليه الصلاة والسلام بالنساء , وحثه على الرحمة والرفق , فليسوا بالرجال , وحسابهم
عسير بين يدي خالقهم سبحانه وتعالى , قال تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )
البقرة , و يقول عليه الصلاة و السلام موصيا بهؤلاء العانيات أو العواني , أي الأسيرات ,
كما في حديث عمرو بن الأحوص في حجة الوداع : ( ألا وَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ
عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ليس تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شيئا غير ذلك ) رواه ابن أبي شيبة و النسائي في الكبرى و
ابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح . و يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة :
( اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم و المرأة ) ابن ماجه و أحمد , و صححه الألباني ,
و المعنى : أي أضيق على الناس من تضييع حقهما و أشدد عليهم في ذلك .
و لننتقل أيها المؤمنون إلى بيان سنة الحبيب عليه الصلاة و السلام في الضرب لبيان الحق
و السير عليه , و رسولنا صلى الله عليه و سلم هو القدوة و الأسوة الحسنة ,
1 - لم يثبت عن الحبيب عليه الصلاة والسلام أنه ضرب زوجة أو خادما , عن عَائِشَةَ رضي
الله عنها قالت : ( ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم شيئا قَطُّ بيده و لا امْرَأَةً و لا
خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ و ما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ
من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل ) مسلم , ففيه أن ضرب الزوجة و الخادم و الدابة و إن
كان مباحا للتأديب و التوجيه فإن تركه أفضل . و قد ذكر الحبيب عليه الصلاة و السلام في
حديث إياس رضي الله عنه أن الأخيار هم الذين لا يضربون : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهُ ، قَالَ: فَذَئِرَ النِّسَاءُ وَ سَاءَتْ أَخْلاقُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ ، فَقَالَ
عُمَرُ , يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَئِرَ النِّسَاءُ وَ سَاءَتْ أَخْلاقُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنْ ضَرْبِهِنَّ ،
قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاضْرِبُوهُنَّ ، فَضَرَبَ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَأَتَى
نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ : لَقَدْ طَافَ
بِآلِ مُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ سَبْعُونَ امْرَأَةً، كُلُهُنَّ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ ، وَايْمُ اللَّهُ لا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ )
أبو داود وابن ماجه و النسائي في الكبرى , و صححه ابن حبان . قال الشافعي رحمه الله
تعالى : ( فجعل لهم الضرب ، و جعل لهم العفو ، و أخبر أن الخيار ترك الضرب )
بل إنه لما طلب نساؤه منه زيادة النفقة جلس صلى الله عليه وسلم مهموماً غاضباً ، فلما
دخل عليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما و رأوه على هذا الحال و عرفا سبب غضبه
صلى الله عليه و سلم قام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها و قام عمر رضي
الله عنه إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي صلى الله عليه و سلم ما ليس عنده ,
فنهاهما عليه الصلاة و السلام عن ضربهما ..
2 - يجب ألا يكون الضرب مبرحاً , لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما
مر معنا : ( فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ ) , و ذلك بأن يضربها بسواك أو
منديل ملفوف أو نحوه ، لا بسوط و لا بعصى , و قد سُئل ابن عباس : ( ما الضرب غير
المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به ) . و قال قتادة : ( غير شائن ) ، وقال الحسن :
( غير مؤثر ) , وانظر إلى نهي الحبيب عليه الصلاة و السلام عن ذلك , ثم يأتي ذلك
الضارب ناسيا ما اقترفته يداه طالبا شهوته لدى من ضربها , عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا
في آخِرِ الْيَوْمِ ) البخاري , ففيه استهجان وقوع الأمرين من المسلم العاقل الذي بالغ في
ضرب امرأته ثم أتى يجامعها في بقية يومه أو ليلته .
3 - يحرم عليه ضرب الوجه , لحديث حكيم الذي مر معنا : ( و لا تَضْرِبْ الْوَجْهَ و لا
تُقَبِّحْ ) , و لحديث جَابِرٍ رضي الله عنه قال : ( نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه و سلم عن
الضَّرْبِ في الْوَجْهِ ) رواه مسلم .
4 - لا يحل له أن يضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال , لحديث أَبَي بُرْدَةَ
الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال , سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( لَا تَجْلِدُوا
فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ ) متفق عليه , هذا إذا كان في الحق , فأما
إن كان من قبيل التعدي و التشفي و الانتقام فيحرم كما مر معنا .
5 - يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب , و لو كان الضرب يسيرا , فالظلم
ظلمات يوم القيامة , فلا يجوز لأحد ضرب أحد من الناس و لا أذاه إلا بالحق , قال
تعالى : ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا
مُبِينًا ) الأحزاب , و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : ( مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة ) رواه البزار و الطبراني في
الأوسط و إسناده حسن .
6 - لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها أو غيرهم ,
ففي ذلك إحراج ومذلة , تفسد أكثر مما تصلح , وينتج عن ذلك أمور لا تحمد عقباها ..
فإن عادت الزوجة لزوجها طائعة , فلا سبيل له عليها بعد ذلك , قال تعالى : ( فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) النساء , أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما
يريده منها مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك , و ليس له ضربها و لا
هجرانها و قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء
من غير سبب , فإن الله العلي الكبير وليهن و هو منتقم ممن ظلمهن و بغى عليهن ..
ختاما : أذكر الزوج بالإحسان إلى الزوجة وعشرتها بالمعروف , وأذكر الزوجة بطاعة
زوجها في غير معصية لتفوز برضوان الله سبحانه و تعالى و جناته , عن عبد الرحمن
بن عوف رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة
خمسها و صامت شهرها و حفظت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من
أي أبواب الجنة شئت ) أحمد . و ألا تتأخر عن تلبية حاجات زوجها و رغباته , عن
أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال , قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إذا دَعَا الرَّجُلُ
امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ ) البخاري .
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه أجمعين