الحمدلله رب العالمين , و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين , نبينا محمد ,
و على آله و صحبه أجمعين , ثم أما بعد , اتقوا الله سبحانه و تعالى , باتباع الأوامر و
اجتناب النواهي , يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا
و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , سيكون حديثنا في هذا اليوم المبارك عن حقوق الزوجة على زوجها , و
قبل الشروع في الموضوع ، أريد منك أيها الزوج أن تقف موقف المحايد المنصف ، و
سوف أسألك سؤالاً , لو استأجرت خادمةً في اليوم ، فغسلت لك ملابسك ، ثم قامت
بكيِّها ، ثم طبخت لك الطعام ، و قامت بتنظيف الأطفال و العناية بهم , ثم قامت بعد
ذلك بتنظيف السكن ، فما جزاؤها عندك ؟ و هل ستقابل هذا الإحسان إلا بإحسان
مثله ؟ فكيف بزوجتك الحبيبة التي تصنع هذا كله ؟ هذا بخلاف تلبيتها لحاجتك في
الفراش متى ما طلبتها في أي ساعة من ليل أو نهار !!
فلا شك أن الزوجة الصالحة من أعظم نعمِ الله تعالى على الرجل بعد نعمة الإسلام ,
و لذلك يجب على الرجل حفظها و رعايتها و تقديرها ، و أن يشكر ربه على هذه النعمة
العظيمة , و الآية العظيمة , قال تعالى : ( وَ مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً ) الروم , و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله
عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَ خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ
الصَّالِحَةُ ) مسلم ..
فالمرأة لباس الزوج و ستره ، و سكينته و هدوء قلبه ، و هي شريكة حياته و أم ولده ،
فلها حقوق على الزوج كما أن للزوج حقوقًا عليها , قال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة , و لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن الأحوص :
( ألا إن لكم على نسائكم حقًّا ، و لنسائكم عليكم حقًّا ... ) الترمذي ..
فعلى الزوج المسلِم أن يتفهَّم هذه الحقوق لزوجته ، ويؤديها خير أداء ، و أن يحرص على
رضاها و محبتها , لتدوم العشرة بينهما ، و بذلك لا يدع للشيطان فرصةً للتحريش بينه
و بين زوجته و التفريق بينهما , لأن هذا هو ما يتمناه الشيطان ، بل هو أفضل ما يدخل
عليه السرور , فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن إبليس
يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً ، يجيء أحدهم
فيقول , فعلتُ كذا و كذا ، فيقول ما صنعتَ شيئًا ، ثم يجئ أحدهم فيقول , ما تركته
حتى فرقت بينه و بين امرأته ، قال , فيُدنيه منه و يقول : نعم أنت ) مسلم ..
و بعد هذا سنبدأ معا في استعراض الحقوق الزوجية للزوجة
أولا : المهر و الصَّداق , و هو المال الذي تأخذه المرأة مقابل النكاح , و هو واجب لها
تنتفع به وحدها ، و يدفع لها من قبل الرجل المتقدم لها ، و ليس لأحد الانتفاع به حتى
الوالدين ، إلا إذا أذِنت لهم في ذلك عن رضاها و طيب نفسها , قال تعالى : ( وَ آتُوا
النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء .
و عن أنس رضي الله عنه , ( أن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال لرسول الله
صلى الله عليه وسلم , تزوَّجت امرأةً ، فقال ما أصدقتَها؟،قال وزن نواة من ذهبٍ ،
فقال , بارك الله لك ، أَوْلِم و لو بشاة ) متفق عليه .
و لقد حذَّر الإسلام من أخذ مهْر المرأة و أكله ، سواء بالقوة أو التحايل عليها , و توعَّد
النبي صلى الله عليه وسلم مَن فعَل هذا بأشد الوعيد , فقد أخرج الحاكم أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأةً ، فلما قضى
حاجته منها طلَّقها و ذهب بمهرها ، و رجل استعمل رجلاً فذهب بأجرته ، و آخر يقتل
دابةً عبثًا ) الحاكم , و حسنه الألباني ..
ثانيا : الإنفاق على الزوجة , و الإحسان إليها في الكسوة والطعام والشراب في الحدود
المعقولة , فالنفقة حق واجب للزوجة , حتى و إن كانت ميسورة الحال , عَنْ مُعَاوِيَةَ
بنِ حَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَأَلَهُ رَجُلٌ , مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟
قَالَ , تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَ تَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ , وَ لَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَ لَا تُقَبِّحْ ،
وَ لَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) أحمد و أبو داود و ابن ماجة , و قال تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ
مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا
سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) الطلاق ..
فهذه الزوجة الأسيرة الضعيفة , ليس لها بعد الله تعالى إلا هذا الزوج القائم عليها ,
فعليه أن ينفق عليها ويطعمها ويكسوها , و إن من الإثم أن يقصر في هذا الجانب ,
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ) أحمد و أبو داود ..
بل إن نفقة الزوج على زوجته تعتبر من أفضل النفقات , و تحسب له صدقة , عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ , ( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا
فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ) البخاري , و عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ , ( دينَارٌ
أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، دِينَارٌ فِي الْمَسَاكِينِ ، وَ دِينَارٌ فِي رَقَبَةٍ ، وَ دِينَارٌ فِي
أَهْلِكَ ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الدِّينَارُ الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِكَ ) أحمد .
ثالثا : حسن معاشرة الزوجة بالمعروف , و المراد به إحسان الصحبة و كف الأذى ، وعدم
هضم حقوقها مع القدرة ، و إظهار البِشر و الطلاقة و البشاشة ، و ألا يكون فظًّا و لا
غليظًا , فيعبس في وجهها بلا ذنب أو خطأ , و هذا واجب على الزوج ، قال تعالى : ( وَ
عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )
النساء , قال ابن كثير , ( أي : طيِّبوا أقوالكم لهن ، و حسِّنوا أفعالكم و هيئاتكم بحسب
قدرتكم كما تحب منها ، فافعل أنت بها مثله ) , قال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ .. ) البقرة , و عن أبي ذر رضي الله عنه , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا تَحقرن من المعروف شيئًا، و لو أن تلقى أخاك بوجه طَلْقٍ ) مسلم , و في حديث
عمرو بن الأحوص : ( أَلَا وَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ) , و العوان
جمع عانية أي أسيرة ضعيفة ..
و من حسن المعاشرة أن يعفو الزوج و يسامح عن الأخطاء البسيطة , و ألا يعجل
بالعقاب , و ألا ييتتبع العثرات و يحتفظ بها في صدره , و أن يهتم بها و يراعيها إذا
مرضت , فقد : غاب عثمان بن عفان رضي الله عنه عن غزوة بدر , لأن زوجه رقية بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضةً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ( أقم معها ، و لك أجْر مَن شهِد بدرًا و سهمه ) البخاري .
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان صلى الله عليه وسلم اذا مرض أحدٌ من أهل
بيته نفث عليه بالمعوذات ) مسلم ..
و من حُسن المُعاشرة أن الزوج إذا نظر إلى عيوبها أو بعض عيوبها ، فعليه أن ينظر إلى
مزاياها و أفعالها الجميلة أيضاً ، و هذا هو العدل والإنصاف ، ولذلك قال عليه الصلاة
و السلام في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ
مِنْهَا آخَرَ ) مسلم , و قال تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَ يَجْعَلَ
اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء ..
و من حسن المعاشرة و المعاملة مع الزوجة ، ألا يؤذيها بلسانه و لا بيده , فلا يسخر
منها أو يحتقرها و لا يذم أهلها و يذكرهم بسوء أمامها ، و ألا يضربها ضربا مبرحا ,
بل إن من حسن المعاشرة بالمعروف أن يحتملها و يصبر عليها , عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَيْدَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَأَلَهُ رَجُلٌ , مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟ قَالَ ,
تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَ تَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ , وَ لَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَ لَا تُقَبِّحْ ، وَ لَا
تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) أحمد و أبو داود وبن ماجة , و عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ، و لا امرأةً و لا خادمًا ، إلا
أن يجاهد في سبيل الله , و ما نيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتَهك
شيء من محارم الله فيَنتقم ) مسلم . و في صحيح البخاري و مسلم أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر اليوم )
و عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( صخبت علىّ امرأتي فراجعتني , فأنكرت
ان تراجعني ! قالت , و لم تنكر ان أراجعك ؟ فو الله ان أزواج النبي صلى الله عليه و
سلم ليراجعنه , و ان أحداهن لتهجره اليوم حتى الليل ) البخارى , فقد كان عليه الصلاة
والسلام يصبر على زوجاته , و إن راجعنه و أخطأن أمام أصحابه , فعَنْ أَنَسٍ رضي الله
عنه قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ
الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فِي بَيْتِهَا
يَدَ الْخَادِمِ ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فِلَقَ
الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَ يَقُولُ : غَارَتْ أُمُّكُمْ ، ثُمَّ
حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ
إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَ أَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ) البخاري ..
و عليه أن يستمع إلى وضية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء التي مرت , وفي حديث
آخر : ( استوصوا بالنساء خيرًا , فإنهن خُلِقن من ضِلَع أعوج ، و إن أعوجَ شيء في الضِّلَع
أعلاه ، فإن ذهبَت تُقيمه كسَرته ، و إن تركته لم يزَل أعوجَ , فاستوصوا بالنساء خيرًا )
متفق عليه , و عليه أيضا أن يتأمل في هذا الحديث العظيم , حيث قال عليه الصلاة و
السلام : ( أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا ، و خياركم خياركم لنسائهم ) الترمذي ,
و عند الترمذي أيضا و ابن حبان , قوله عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله ،
و أنا خيركم لأهلي ) .
و من حسن المعاشرة مع الزوجة , أن يجلس معها و يؤانسها و يُسامرها و يمازحها ,
كما كان يفعله عليه الصلاة والسلام مع أزواجه ، فقد كان صلى الله عليه و سلم
يصلي العشاء ثم يذهب إلى بيته و يدخل على أهله و يُحدثهم و يسامرهم ، و اشتهر
من ذلك حديث أم زرع و مسامرته لعائشة رضي الله عنها , و استماعه لحديث عائشة
رضي الله عنها حتى انتهت , ثم تعليقه على قصة أم زرع و تطييب عائشة ببيان حبه
العظيم لها , بل إنها رضي الله عنها ذكرت في حديث آخر : ( كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر ، فإن كنت متيقظة حدثني ، و إلا اضطجع
حتى يؤذن بالصلاة ) متفق عليه ..
و من باب المؤانسة لها و الحرص على إظهار محبته و مودته لها , أن يقوم بإطعامها
بيديه , و الإغتسال معها في مكان واحد , و أن يتكيء في حجرها , و أن يسابقها , و
أن يتنزه معها ليلا , عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه . أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل
في فم امرأتك ) البخاري , و عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَقَى امْرَأَتَهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِرَ ) أحمد , و عن عائشة رضي
الله عنها قالت : ( كنت أشرب فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على
موضع فيّ , و أتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ ) مسلم , و عن عائشة أيضا :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ) مسلم ..
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أغتسل أنا و رسول الله صلى الله عليه و
سلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة ) متفق عليه ، و في لفظ للبخاري :
( من إناء واحد نغترف منه جميعًا ) ، و لمسلم : ( من إناء بيني و بينه واحد
فيبادرني فيه حتى أقول دع لي ) ..
اللهم اجعلنا من خير الناس لزوجاتهم و أولادهم و أهلهم , اللهم اغفر لنا و ارحمنا
و تجاوز عنا , ثم صلوا و سلموا أيها المؤمنون رحمكم الله على خير البرية و أزكى
البشرية , نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..
و على آله و صحبه أجمعين , ثم أما بعد , اتقوا الله سبحانه و تعالى , باتباع الأوامر و
اجتناب النواهي , يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا
و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , سيكون حديثنا في هذا اليوم المبارك عن حقوق الزوجة على زوجها , و
قبل الشروع في الموضوع ، أريد منك أيها الزوج أن تقف موقف المحايد المنصف ، و
سوف أسألك سؤالاً , لو استأجرت خادمةً في اليوم ، فغسلت لك ملابسك ، ثم قامت
بكيِّها ، ثم طبخت لك الطعام ، و قامت بتنظيف الأطفال و العناية بهم , ثم قامت بعد
ذلك بتنظيف السكن ، فما جزاؤها عندك ؟ و هل ستقابل هذا الإحسان إلا بإحسان
مثله ؟ فكيف بزوجتك الحبيبة التي تصنع هذا كله ؟ هذا بخلاف تلبيتها لحاجتك في
الفراش متى ما طلبتها في أي ساعة من ليل أو نهار !!
فلا شك أن الزوجة الصالحة من أعظم نعمِ الله تعالى على الرجل بعد نعمة الإسلام ,
و لذلك يجب على الرجل حفظها و رعايتها و تقديرها ، و أن يشكر ربه على هذه النعمة
العظيمة , و الآية العظيمة , قال تعالى : ( وَ مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً ) الروم , و عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله
عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَ خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ
الصَّالِحَةُ ) مسلم ..
فالمرأة لباس الزوج و ستره ، و سكينته و هدوء قلبه ، و هي شريكة حياته و أم ولده ،
فلها حقوق على الزوج كما أن للزوج حقوقًا عليها , قال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة , و لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن الأحوص :
( ألا إن لكم على نسائكم حقًّا ، و لنسائكم عليكم حقًّا ... ) الترمذي ..
فعلى الزوج المسلِم أن يتفهَّم هذه الحقوق لزوجته ، ويؤديها خير أداء ، و أن يحرص على
رضاها و محبتها , لتدوم العشرة بينهما ، و بذلك لا يدع للشيطان فرصةً للتحريش بينه
و بين زوجته و التفريق بينهما , لأن هذا هو ما يتمناه الشيطان ، بل هو أفضل ما يدخل
عليه السرور , فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن إبليس
يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً ، يجيء أحدهم
فيقول , فعلتُ كذا و كذا ، فيقول ما صنعتَ شيئًا ، ثم يجئ أحدهم فيقول , ما تركته
حتى فرقت بينه و بين امرأته ، قال , فيُدنيه منه و يقول : نعم أنت ) مسلم ..
و بعد هذا سنبدأ معا في استعراض الحقوق الزوجية للزوجة
أولا : المهر و الصَّداق , و هو المال الذي تأخذه المرأة مقابل النكاح , و هو واجب لها
تنتفع به وحدها ، و يدفع لها من قبل الرجل المتقدم لها ، و ليس لأحد الانتفاع به حتى
الوالدين ، إلا إذا أذِنت لهم في ذلك عن رضاها و طيب نفسها , قال تعالى : ( وَ آتُوا
النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء .
و عن أنس رضي الله عنه , ( أن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال لرسول الله
صلى الله عليه وسلم , تزوَّجت امرأةً ، فقال ما أصدقتَها؟،قال وزن نواة من ذهبٍ ،
فقال , بارك الله لك ، أَوْلِم و لو بشاة ) متفق عليه .
و لقد حذَّر الإسلام من أخذ مهْر المرأة و أكله ، سواء بالقوة أو التحايل عليها , و توعَّد
النبي صلى الله عليه وسلم مَن فعَل هذا بأشد الوعيد , فقد أخرج الحاكم أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأةً ، فلما قضى
حاجته منها طلَّقها و ذهب بمهرها ، و رجل استعمل رجلاً فذهب بأجرته ، و آخر يقتل
دابةً عبثًا ) الحاكم , و حسنه الألباني ..
ثانيا : الإنفاق على الزوجة , و الإحسان إليها في الكسوة والطعام والشراب في الحدود
المعقولة , فالنفقة حق واجب للزوجة , حتى و إن كانت ميسورة الحال , عَنْ مُعَاوِيَةَ
بنِ حَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَأَلَهُ رَجُلٌ , مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟
قَالَ , تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَ تَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ , وَ لَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَ لَا تُقَبِّحْ ،
وَ لَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) أحمد و أبو داود و ابن ماجة , و قال تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ
مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا
سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) الطلاق ..
فهذه الزوجة الأسيرة الضعيفة , ليس لها بعد الله تعالى إلا هذا الزوج القائم عليها ,
فعليه أن ينفق عليها ويطعمها ويكسوها , و إن من الإثم أن يقصر في هذا الجانب ,
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ) أحمد و أبو داود ..
بل إن نفقة الزوج على زوجته تعتبر من أفضل النفقات , و تحسب له صدقة , عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ , ( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا
فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ) البخاري , و عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ , ( دينَارٌ
أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، دِينَارٌ فِي الْمَسَاكِينِ ، وَ دِينَارٌ فِي رَقَبَةٍ ، وَ دِينَارٌ فِي
أَهْلِكَ ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الدِّينَارُ الَّذِي تُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِكَ ) أحمد .
ثالثا : حسن معاشرة الزوجة بالمعروف , و المراد به إحسان الصحبة و كف الأذى ، وعدم
هضم حقوقها مع القدرة ، و إظهار البِشر و الطلاقة و البشاشة ، و ألا يكون فظًّا و لا
غليظًا , فيعبس في وجهها بلا ذنب أو خطأ , و هذا واجب على الزوج ، قال تعالى : ( وَ
عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )
النساء , قال ابن كثير , ( أي : طيِّبوا أقوالكم لهن ، و حسِّنوا أفعالكم و هيئاتكم بحسب
قدرتكم كما تحب منها ، فافعل أنت بها مثله ) , قال تعالى : ( وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ .. ) البقرة , و عن أبي ذر رضي الله عنه , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا تَحقرن من المعروف شيئًا، و لو أن تلقى أخاك بوجه طَلْقٍ ) مسلم , و في حديث
عمرو بن الأحوص : ( أَلَا وَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ) , و العوان
جمع عانية أي أسيرة ضعيفة ..
و من حسن المعاشرة أن يعفو الزوج و يسامح عن الأخطاء البسيطة , و ألا يعجل
بالعقاب , و ألا ييتتبع العثرات و يحتفظ بها في صدره , و أن يهتم بها و يراعيها إذا
مرضت , فقد : غاب عثمان بن عفان رضي الله عنه عن غزوة بدر , لأن زوجه رقية بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضةً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ( أقم معها ، و لك أجْر مَن شهِد بدرًا و سهمه ) البخاري .
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان صلى الله عليه وسلم اذا مرض أحدٌ من أهل
بيته نفث عليه بالمعوذات ) مسلم ..
و من حُسن المُعاشرة أن الزوج إذا نظر إلى عيوبها أو بعض عيوبها ، فعليه أن ينظر إلى
مزاياها و أفعالها الجميلة أيضاً ، و هذا هو العدل والإنصاف ، ولذلك قال عليه الصلاة
و السلام في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ
مِنْهَا آخَرَ ) مسلم , و قال تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَ يَجْعَلَ
اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء ..
و من حسن المعاشرة و المعاملة مع الزوجة ، ألا يؤذيها بلسانه و لا بيده , فلا يسخر
منها أو يحتقرها و لا يذم أهلها و يذكرهم بسوء أمامها ، و ألا يضربها ضربا مبرحا ,
بل إن من حسن المعاشرة بالمعروف أن يحتملها و يصبر عليها , عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَيْدَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَأَلَهُ رَجُلٌ , مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟ قَالَ ,
تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَ تَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ , وَ لَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَ لَا تُقَبِّحْ ، وَ لَا
تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) أحمد و أبو داود وبن ماجة , و عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ، و لا امرأةً و لا خادمًا ، إلا
أن يجاهد في سبيل الله , و ما نيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتَهك
شيء من محارم الله فيَنتقم ) مسلم . و في صحيح البخاري و مسلم أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر اليوم )
و عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( صخبت علىّ امرأتي فراجعتني , فأنكرت
ان تراجعني ! قالت , و لم تنكر ان أراجعك ؟ فو الله ان أزواج النبي صلى الله عليه و
سلم ليراجعنه , و ان أحداهن لتهجره اليوم حتى الليل ) البخارى , فقد كان عليه الصلاة
والسلام يصبر على زوجاته , و إن راجعنه و أخطأن أمام أصحابه , فعَنْ أَنَسٍ رضي الله
عنه قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ
الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فِي بَيْتِهَا
يَدَ الْخَادِمِ ، فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فِلَقَ
الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَ يَقُولُ : غَارَتْ أُمُّكُمْ ، ثُمَّ
حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ
إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَ أَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ) البخاري ..
و عليه أن يستمع إلى وضية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء التي مرت , وفي حديث
آخر : ( استوصوا بالنساء خيرًا , فإنهن خُلِقن من ضِلَع أعوج ، و إن أعوجَ شيء في الضِّلَع
أعلاه ، فإن ذهبَت تُقيمه كسَرته ، و إن تركته لم يزَل أعوجَ , فاستوصوا بالنساء خيرًا )
متفق عليه , و عليه أيضا أن يتأمل في هذا الحديث العظيم , حيث قال عليه الصلاة و
السلام : ( أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا ، و خياركم خياركم لنسائهم ) الترمذي ,
و عند الترمذي أيضا و ابن حبان , قوله عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله ،
و أنا خيركم لأهلي ) .
و من حسن المعاشرة مع الزوجة , أن يجلس معها و يؤانسها و يُسامرها و يمازحها ,
كما كان يفعله عليه الصلاة والسلام مع أزواجه ، فقد كان صلى الله عليه و سلم
يصلي العشاء ثم يذهب إلى بيته و يدخل على أهله و يُحدثهم و يسامرهم ، و اشتهر
من ذلك حديث أم زرع و مسامرته لعائشة رضي الله عنها , و استماعه لحديث عائشة
رضي الله عنها حتى انتهت , ثم تعليقه على قصة أم زرع و تطييب عائشة ببيان حبه
العظيم لها , بل إنها رضي الله عنها ذكرت في حديث آخر : ( كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر ، فإن كنت متيقظة حدثني ، و إلا اضطجع
حتى يؤذن بالصلاة ) متفق عليه ..
و من باب المؤانسة لها و الحرص على إظهار محبته و مودته لها , أن يقوم بإطعامها
بيديه , و الإغتسال معها في مكان واحد , و أن يتكيء في حجرها , و أن يسابقها , و
أن يتنزه معها ليلا , عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه . أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل
في فم امرأتك ) البخاري , و عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَقَى امْرَأَتَهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِرَ ) أحمد , و عن عائشة رضي
الله عنها قالت : ( كنت أشرب فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على
موضع فيّ , و أتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ ) مسلم , و عن عائشة أيضا :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ) مسلم ..
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أغتسل أنا و رسول الله صلى الله عليه و
سلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة ) متفق عليه ، و في لفظ للبخاري :
( من إناء واحد نغترف منه جميعًا ) ، و لمسلم : ( من إناء بيني و بينه واحد
فيبادرني فيه حتى أقول دع لي ) ..
اللهم اجعلنا من خير الناس لزوجاتهم و أولادهم و أهلهم , اللهم اغفر لنا و ارحمنا
و تجاوز عنا , ثم صلوا و سلموا أيها المؤمنون رحمكم الله على خير البرية و أزكى
البشرية , نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..