الحمدلله رب العالمين , و الصلاة و السلاة على نبينا محمد و على آله وصحبه أحمعين ,
ثم أما بعد , فاتقوا الله تعالى حق تقاته , قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , إن الله تعالى جعل الإيمان به و جعل هذا الدين مبنيًّا على أركان ستة
عظام ، ألا و هي أركان الإيمان المعروفة : الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و
باليوم الآخر و الإيمان بالقدر خيره و شره , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : ( بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ , إِذْ
طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ ، وَلَا
يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ .... ) , و جاء فيه : ( قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَان ، قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَ
مَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ... الحديث ) مسلم ..
و سنتحدث معا في هذا اليوم عن ركنين من أركان الإيمان :
الإيمان بالأنبياء و الرسل , و الإيمان بالكتب السماوية ..
فالإيمان بالأنبياء والرُّسل من أركان الإيمان ؛ و إنَّ مَن جَحَد نبيًّا من الأنبياء و الرسل ،
أو كَفَر بنبيٍّ من الأنبياء و الرسل أو بهم جميعًا ، فهو ليس من أهل الإيمان ..
ولقد اصطفى الله تعالى من بني آدم رسلاً وأنبياء وبعثهم في كل أمة , وأمرهم بالدعوة
إلى عبادة الله وحده وبيان الشرائع التي فيها سعادة الدنيا والآخرة والبشرى بالجنة لمن
آمن , والإنذار بالنار لمن كفر , قال تعالى : ( وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل ,
و الرسول والنبي اسمان لمسمى واحد , و هو من بعثه اللّه تعالى ليدعو الناس إلى
عبادة اللّه وحده لا شريك له , و هناك من فرق بين الرسول و النبي , فقالوا : إنَّ
الرسول هو مَن أُوحِي إليه بشرْعٍ وأُمِر بتبليغه ، و أمَّا النبيُّ، فهو مَن أُوحِي إليه ولم
يُؤْمَر بالبَلاغ , و الذي يظهر أنَّه لا اختلاف بالتبليغ بين الأنبياء والرُّسل، و إنما
الاختلاف بينهما هو بالشَّرْع المرْسَل به ,
فالواجب الإيمان بهم جميعًا ممن ذُكِرتْ أسماؤهم في القرآن والسُنَّة ، و ممن لَم تُذْكَر
لنا أسماؤهم ، و ليس للمؤمن أن يؤمن ببعضهم و يَكْفُر ببعضٍ ، فيكون كمَن قال الله
فيهم : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَيَقُولُونَ
نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ النساء ..
و الأنبياء والرسل كثيرون , وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدة الأنبياء والرسل ،
ففي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ( قلت يا رسول الله ، كم
المرسلون ؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ، جما غفيرا ) , وفي رواية أبي أمامة : ( قال
أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف ، وأربعة وعشرون
ألفا ، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا ) والحديث صححه الشيخ
الألباني رحمه الله ,
وقد ذكر اللّه منهم في القرآن خمسة وعشرين , فيجب الإيمان بهم جميعاً , وهم ، آدم ،
إدريس ، نوح ، هود ، صالح ، إبراهيم ، لوط ، إسماعيل ، إسحاق ، يعقوب ، يوسف ،
شعيب ، أيوب ، ذو الكفل ، موسى ، هارون ، داوود ، سليمان ، إلياس ، اليسع ،
يونس ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين ..
قال تعالى : ( إن الله اصطفى آدم و نوحا ) آل عمران , و قال تعالى : ( وإلى عاد
أخاهم هودا ..) هود , و قال تعالى : ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) هود , وقال تعالى :
( و إلى مدين أخاهم شعيبا ) هود , وقال: تعالى : ( و إسماعيل و إدريس وذا الكفل )
الأنبياء , و أما الثمانية عشر فقد ذكروا في سورة الأنعام , فقال تعالى : ( و تلك
حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم , و وهبنا
له إسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و
أيوب و يوسف وموسى وهارون و كذلك نجزي المحسنين , وزكريا ويحيى وعيسى
و إلياس كل من الصالحين , وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على
العالمين ) الأنعام .
و من هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب , و هم : هود و صالح و شعيب
و محمد صلى الله عليهم أجمعين , ففي صحيح ابن حبان عن أبي ذر مرفوعا :
( منهم أربعة من العرب , هود وصالح وشعيب ، و نبيك يا أبا ذر ) .
وقد نصت السنة المطهرة على أسماء أنبياء لم يذكروا في القرآن الكريم , و هم :
شيث , قال ابن كثير, ( و كان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه
عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة ) ,
ويوشع بن نون , ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( غزا نبي من الأنبياء .. فقال للشمس أنت مأمورة و أنا
مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا ) , والذي دل على أن هذا النبي هو يوشع بن نون
فتى موسى، قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس لم تحبس إلا ليوشع ليالي
سار إلى بيت المقدس ) أحمد ..
و قد اختلف في ثلاثة ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم , هل هم أنبياء أم لا ؟
وهم ذو القرنين ، تبع ، و الخضر ، فذهب طائفة من أهل العلم إلى أن ذا القرنين
نبي من الأنبياء ، وكذلك تبع ، و الأولى أن يتوقف في إثبات النبوة لهما ، لما صح
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما أدري أتبع أنبياً كان أم لا ؟
و ما أدري أذا القرنين أنبيا كان أم لا ؟ ) الحاكم بسند صحيح , و أما الخضر
فالراجح أنه نبي , لقوله تعالى في آخر قصته : ( و ما فعلته عن أمري ) الكهف
أي أنه قد أوحى إليه فيه ..
ولقد فضل الله بعض الأنبياء والرسل على بعض , قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ) البقرة , فأفضلهم أولوا العزم , وهم نوح وإبراهيم وموسى و
عيسى ومحمد , و أفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم , فقد كان كل نبي
يبعث إلى قومه خاصة , حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة
و هو آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم كما قال الله تعالى عنه : ( وما أرسلناك إلا
كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ ..
و من أركان الإيمان , الإيمان بالكتب السماوية و التصديق بما أنزل الله من الكتب
والرسالات إلى أنبيائه ورسله , ما علمناه منها و ما لم نعلمه , قال تعالى : ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَ الْكِتَابِ الَّذِي
أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
بَعِيدًا ﴾ النساء , وقال تعالى: ﴿ وَ قَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ
إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا
أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ البقرة ..
و من الكتب التي علمناها , و ذكرها الله سبحانه و تعالى في القرآن :
التوراة التي أنزلها الله على موسى ، و كتبها الله بيده ؛ قال تعالى : ﴿ وَ كَتَبْنَا لَهُ
فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ الأعراف ..
الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى ؛ قال تعالى: ﴿ وَ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ﴾ المائدة ..
الزَّبُور الذي أنزله الله على داود , قال تعالى : ﴿ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ﴾ النساء ..
صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام قال تعالى : ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ
الْأُولَى , صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ الأعلى ..
القرآن الذي أنزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , قال تعالى :
﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ , عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ , بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ ﴾ الشعراء ..
وقد ثبت في السنة أن شِيثَ كان نبيًّا ، و أنه أُنزل إليه خمسون صحيفة ..
لكن التوراة و الإنجيل اللذان في أيدي اليهود و النصارى الآن قد دخلهما
التحريف و التبديل , قال تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ
مَوَاضِعِهِ ﴾ النساء ، و قال تعالى : ﴿ وَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا
مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ , يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ المائدة ..
هذا و صلوا و سلموا رحمكم الله على خير البرية و أفضل البشرية ,
نبينا و سيدنا محمد , و على آله و صحبه أجمعين ..
ثم أما بعد , فاتقوا الله تعالى حق تقاته , قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , إن الله تعالى جعل الإيمان به و جعل هذا الدين مبنيًّا على أركان ستة
عظام ، ألا و هي أركان الإيمان المعروفة : الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و
باليوم الآخر و الإيمان بالقدر خيره و شره , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : ( بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ , إِذْ
طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ ، وَلَا
يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ .... ) , و جاء فيه : ( قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَان ، قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَ
مَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ... الحديث ) مسلم ..
و سنتحدث معا في هذا اليوم عن ركنين من أركان الإيمان :
الإيمان بالأنبياء و الرسل , و الإيمان بالكتب السماوية ..
فالإيمان بالأنبياء والرُّسل من أركان الإيمان ؛ و إنَّ مَن جَحَد نبيًّا من الأنبياء و الرسل ،
أو كَفَر بنبيٍّ من الأنبياء و الرسل أو بهم جميعًا ، فهو ليس من أهل الإيمان ..
ولقد اصطفى الله تعالى من بني آدم رسلاً وأنبياء وبعثهم في كل أمة , وأمرهم بالدعوة
إلى عبادة الله وحده وبيان الشرائع التي فيها سعادة الدنيا والآخرة والبشرى بالجنة لمن
آمن , والإنذار بالنار لمن كفر , قال تعالى : ( وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل ,
و الرسول والنبي اسمان لمسمى واحد , و هو من بعثه اللّه تعالى ليدعو الناس إلى
عبادة اللّه وحده لا شريك له , و هناك من فرق بين الرسول و النبي , فقالوا : إنَّ
الرسول هو مَن أُوحِي إليه بشرْعٍ وأُمِر بتبليغه ، و أمَّا النبيُّ، فهو مَن أُوحِي إليه ولم
يُؤْمَر بالبَلاغ , و الذي يظهر أنَّه لا اختلاف بالتبليغ بين الأنبياء والرُّسل، و إنما
الاختلاف بينهما هو بالشَّرْع المرْسَل به ,
فالواجب الإيمان بهم جميعًا ممن ذُكِرتْ أسماؤهم في القرآن والسُنَّة ، و ممن لَم تُذْكَر
لنا أسماؤهم ، و ليس للمؤمن أن يؤمن ببعضهم و يَكْفُر ببعضٍ ، فيكون كمَن قال الله
فيهم : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَيَقُولُونَ
نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ النساء ..
و الأنبياء والرسل كثيرون , وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدة الأنبياء والرسل ،
ففي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ( قلت يا رسول الله ، كم
المرسلون ؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ، جما غفيرا ) , وفي رواية أبي أمامة : ( قال
أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف ، وأربعة وعشرون
ألفا ، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا ) والحديث صححه الشيخ
الألباني رحمه الله ,
وقد ذكر اللّه منهم في القرآن خمسة وعشرين , فيجب الإيمان بهم جميعاً , وهم ، آدم ،
إدريس ، نوح ، هود ، صالح ، إبراهيم ، لوط ، إسماعيل ، إسحاق ، يعقوب ، يوسف ،
شعيب ، أيوب ، ذو الكفل ، موسى ، هارون ، داوود ، سليمان ، إلياس ، اليسع ،
يونس ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين ..
قال تعالى : ( إن الله اصطفى آدم و نوحا ) آل عمران , و قال تعالى : ( وإلى عاد
أخاهم هودا ..) هود , و قال تعالى : ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) هود , وقال تعالى :
( و إلى مدين أخاهم شعيبا ) هود , وقال: تعالى : ( و إسماعيل و إدريس وذا الكفل )
الأنبياء , و أما الثمانية عشر فقد ذكروا في سورة الأنعام , فقال تعالى : ( و تلك
حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم , و وهبنا
له إسحاق و يعقوب كلا هدينا و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و
أيوب و يوسف وموسى وهارون و كذلك نجزي المحسنين , وزكريا ويحيى وعيسى
و إلياس كل من الصالحين , وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على
العالمين ) الأنعام .
و من هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب , و هم : هود و صالح و شعيب
و محمد صلى الله عليهم أجمعين , ففي صحيح ابن حبان عن أبي ذر مرفوعا :
( منهم أربعة من العرب , هود وصالح وشعيب ، و نبيك يا أبا ذر ) .
وقد نصت السنة المطهرة على أسماء أنبياء لم يذكروا في القرآن الكريم , و هم :
شيث , قال ابن كثير, ( و كان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه
عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة ) ,
ويوشع بن نون , ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( غزا نبي من الأنبياء .. فقال للشمس أنت مأمورة و أنا
مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا ) , والذي دل على أن هذا النبي هو يوشع بن نون
فتى موسى، قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس لم تحبس إلا ليوشع ليالي
سار إلى بيت المقدس ) أحمد ..
و قد اختلف في ثلاثة ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم , هل هم أنبياء أم لا ؟
وهم ذو القرنين ، تبع ، و الخضر ، فذهب طائفة من أهل العلم إلى أن ذا القرنين
نبي من الأنبياء ، وكذلك تبع ، و الأولى أن يتوقف في إثبات النبوة لهما ، لما صح
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما أدري أتبع أنبياً كان أم لا ؟
و ما أدري أذا القرنين أنبيا كان أم لا ؟ ) الحاكم بسند صحيح , و أما الخضر
فالراجح أنه نبي , لقوله تعالى في آخر قصته : ( و ما فعلته عن أمري ) الكهف
أي أنه قد أوحى إليه فيه ..
ولقد فضل الله بعض الأنبياء والرسل على بعض , قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ) البقرة , فأفضلهم أولوا العزم , وهم نوح وإبراهيم وموسى و
عيسى ومحمد , و أفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم , فقد كان كل نبي
يبعث إلى قومه خاصة , حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة
و هو آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم كما قال الله تعالى عنه : ( وما أرسلناك إلا
كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ ..
و من أركان الإيمان , الإيمان بالكتب السماوية و التصديق بما أنزل الله من الكتب
والرسالات إلى أنبيائه ورسله , ما علمناه منها و ما لم نعلمه , قال تعالى : ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَ الْكِتَابِ الَّذِي
أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا
بَعِيدًا ﴾ النساء , وقال تعالى: ﴿ وَ قَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ
إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا
أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ البقرة ..
و من الكتب التي علمناها , و ذكرها الله سبحانه و تعالى في القرآن :
التوراة التي أنزلها الله على موسى ، و كتبها الله بيده ؛ قال تعالى : ﴿ وَ كَتَبْنَا لَهُ
فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ الأعراف ..
الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى ؛ قال تعالى: ﴿ وَ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ﴾ المائدة ..
الزَّبُور الذي أنزله الله على داود , قال تعالى : ﴿ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ﴾ النساء ..
صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام قال تعالى : ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ
الْأُولَى , صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ الأعلى ..
القرآن الذي أنزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , قال تعالى :
﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ , عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ , بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ ﴾ الشعراء ..
وقد ثبت في السنة أن شِيثَ كان نبيًّا ، و أنه أُنزل إليه خمسون صحيفة ..
لكن التوراة و الإنجيل اللذان في أيدي اليهود و النصارى الآن قد دخلهما
التحريف و التبديل , قال تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ
مَوَاضِعِهِ ﴾ النساء ، و قال تعالى : ﴿ وَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا
مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ , يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ المائدة ..
هذا و صلوا و سلموا رحمكم الله على خير البرية و أفضل البشرية ,
نبينا و سيدنا محمد , و على آله و صحبه أجمعين ..