الحمدلله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد , و هو على كل شيء قدير , و أصلي و أسلم على نبينا
و حبيبنا محمد , و على آله و صحبه أجمعين , ثم أما بعد , فأوصيكم و نفسي بتقوى الله سبحانه و تعالى ,
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , إنّ الله اصطفى نبينا محمدًا على سائر الأنبياء والمرسلين و جعله رسولاً للعالمين أجمعين ،
فاختار له صحابة أخيارًا صالحين ، آمنوا به و اتبعوه و آزروه و نصروه و فدوه بالنفس و النفيس ، فكانوا
خير صحبة لخير نبي , و كانوا هم المفلحين , قال تعالى : ( فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور
الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف , قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( كان أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم خير هذه الأمة قلوبًا و أعمقها علمًا أقلها تكلفًا ، قوم اختارهم الله عز و جل لصحبة
نبيه ونقل دينه ) , إنهم صحابة رسول الله عليه الصلاة و السلام ، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي صلى
الله عليه و سلم و أحسن تربيته ، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء و الرسل ، تحقق فيهم رضي
الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة ، و لن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة , فتعالوا
لنسمع ما وصفهم الله تعالى به في كتابه الكريم ، و ما شهد لهم رسول الله به في سنته ، قال تعالى :
( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَ
رِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ
شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْرًا عَظِيمًا ) الفتح , هكذا يصف القرآن محمدًا عليه الصلاة و السلام و أصحابه ،
ذلك الجيل القرآني العظيم , ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) أي : يوالي بعضهم بعضًا و يناصر بعضهم
بعضًا ، و يحادون من سواهم من غير المسلمين ، فكانوا كما قال تعالى في آية أخرى : ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) المائدة ، ثم وصفهم الله بكثرة العمل و كثرة الصلاة التي هي خير الأعمال ، و وصفهم
بالإخلاص فيها مع احتساب جزيل الثواب عند الله تعالى ، فقال تعالى : ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً
مِنْ اللَّهِ وَ رِضْوَانًا ) ، و من الآيات ما جاء في قوله تعالى : ( وَ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة , و قال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ
مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَ أَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا , وَ مَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَ كَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
الفتح , فهذه بيعة الرضوان و كانت بالحديبية ، و كان عدد المبايعين فيها من الصحابة ألفا و أربعمائة ،
فأخبر تعالى أنه قد رضي عن هؤلاء الصحابة جميعًا , و في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها ) مسلم , فهنا شهد لهم صلى
الله عليه و سلم بالجنة على سبيل الجمع , و كذلك من حضر من الصحابة غزوة بدر , و قد كان عددهم رضي
الله عنهم بضعة عشر و ثلاثمائة ، فهؤلاء أخبر عنهم صلى الله عليه و سلم أنهم من أهل الجنة , من حديث
طويل عن علي رضي الله عنه في قصة حاطب رضي الله عنه ، و فيه أنه قال : ( لعل الله اطلع إلى أهل بدر
فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ، أو فقد غفرت لكم ) البخاري ..
أيها المؤمنون , لقد كان الصحابة رضي الله عنهم في نصرة الرسول عليه الصلاة و السلام و بذل المال و
المتاع المثلَ الأعلى ، فوالله الذي لا إله إلا هو لم تشهد الأرض في مسيرة بني آدم الطويلة أن نصر أتباع
نبيهم بالنفس و المال بمثل ما صنع الصحابة رضي الله عنهم , قال سعد بن معاذ رضي الله عنه قبيل
غزوة بدر : ( لقد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به هو الحق ، و أعطيناك على ذلك عهودنا و
مواثيقنا على السمع و الطاعة , فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو
استعرضتَ بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، و ما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا ،
إنا لصُبر في الحرب صدق في اللقاء ، و لعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك ، فسِر بنا على بركة الله ) ,
و ما توارثَ قوم فيما بينهم من غير قرابة و لا نسب و لا رابطة دم , و عن طواعية و اختيار ، إلا في
أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام ، و لم يظهر السخاء و الكرم و الإيثار في أمة من الأمم كما ظهر
في صحابة رسول الله ، و لذلك استحقوا ثناء الله تعالى عليهم : ( وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَ الإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ
خَصَاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون ) الحشر ..
و لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم متساوين في الفضل و الدرجة ، بل كانوا يتفاضلون في السابقة و
الجهاد و البذل في سبيل الإسلام ، قال تعالى : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قَاتَلَ أُوْلَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قَاتَلُوا وَ كُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) الحديد ..
أيها المؤمنون , لقد فصلت الأحاديث الشريفة مقامات الصحابة و تفاضلهم و درجاتهم ، رغم أنه عليه
الصلاة و السلام كان يحبهم حبا عظيما لدرجة أن يشعر أحدهم أنه الأحب و الأقرب إليه عليه الصلاة و
السلام , جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه : ( بعثني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على جيش ذات
السلاسل و في القوم أبو بكر و عمر , فحدثتني نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده ،
فأتيت حتى قعدت بين يديه فقلت : يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال عائشة ، قلت : من الرجال ؟
قال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب ، فعد رجالًا , فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ) ,
و جاء عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( ما حجبني رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ
أسلمت و لا رآني إلا تبسم في وجهي ) ..
أيها المؤمنون , لقد بشر رسول الله عليه الصلاة والسلام العديد من أصحابه بالجنة ، مما يدل على سبقهم
و فضلهم ، و من عقائد أهل السنة و الجماعة أن نشهد لمن شهد له المصطفى صلى الله عليه و سلم
بالجنة من الصحابة الكرام رضي الله عنه ..
و منهم العشرة المبشرون بالجنة المشهورون المعروفون , و الذين جاؤوا في حديث واحد , فقد جاء عن
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه , أن النبي صَلَّى الله عليه و سلم قال : ( أبو بكر في الجنة ، و عمر في
الجنة ، و عثمان في الجنة ، و علي في الجنة ، و طلحة في الجنة ، و الزبير في الجنة ، و عبدالرحمن بن
عوف في الجنة ، و سعد بن أبي وقاص في الجنة ، و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة ، و أبو
عبيدة بن الجراح في الجنة ) ، و جاء عن سعيد بن زيد رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : ( عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة ، و عمر في الجنة ، و عثمان و علي و الزبير و طلحة و عبد الرحمن
و أبو عبيدة ، و سعد بن أبي وقاص , قال : فعد هؤلاء التسعة ، و سكت عن العاشر ، فقال القوم : ننشدك
الله يا أبا الأعور من العاشر ؟ قال : نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة ) الترمذي , و صححه الألباني ..
و لقد بشر عليه الصلاة و السلام عددا آخر من الصحابة بالجنة , لكن في أحاديث اخرى متفرقة , و لزام علينا
أن نمر ببعضهم في عدد من الأحاديث الشريفة ..
و من هؤلاء , بلال بن رباح رضي الله عنه , فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ( قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لبلال عند صلاة الغداة يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة ، فإني سمعت
الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة ، قال بلال ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا
أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل و لا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي ) مسلم ,
و منهم الرميصاء أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها , و قد جاءت في حديث واحد مع بلال , عن جابر بن
عبدالله رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء
امرأة أبي طلحة و سمعت خشفة فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا بلال ) البخاري ..
و منهم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه , و قد جاء النص عليه في أنه من أصحاب الجنة ، عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما , ( أن عبداً لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكو حاطباً فقال : يا
رسول الله ليدخلن حاطب النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت ، لا يدخلها ، فإنه شهد
بدراً و الحديبية ) مسلم .
و منهم عكاشة بن محصن رضي الله عنه , فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال نبي الله صلى
الله عليه و سلم : ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب ، قالوا : و من هم يا رسول الله ؟ قال :
هم الذين لا يكتوون و لا يسترقون و على ربهم يتوكلون ، فقام عكاشة فقال : يا رسول الله ادع الله أن
يجعلني منهم ، قال : أنت منهم ) مسلم ..
و منهم سعد بن معاذ رضي الله عنه , و قصته معروفة حين أصيب في الخندق , و حكم في بني قريظة
و وافق حكمه حكم الله تعالى من فوق سبع سموات , فقد روى الشيخان من حديث البراء رضي الله عنه
قال : ( أهديت للنبي صلى الله عليه و سلم حلة حرير ، فجعل أصحابه يمسونها و يعجبون من لينها ،
فقال : تعجبون من لين هذه ؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها و ألين ) متفق عليه ..
و منهم ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( لما نزلت
هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ .. ) الحجرات إلى آخر الآية ، جلس ثابت
بن قيس في بيته ، فسأل النبي صلى الله عليه و سلم سعد بن معاذ فقال : يا أبا عمر و ما شأن ثابت ؟
أشتكى ؟ , قال سعد : إنه لجاري و ما علمت له بشكوى ، قال : فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى
الله عليه و سلم ، فقال ثابت : أنزلت هذه الآية و لقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى
الله عليه و سلم ، فأنا من أهل النار ، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه و سلم ، فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : بل هو من أهل الجنة ) متفق عليه , و هذا لفظ مسلم ..
و منهم أم محجن المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ ،
أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ، كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ , فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ :
أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ ، أَوْ قَالَ : قَبْرِهَا ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ) متفق عليه , و
أما حديث أنها في الجنة , فقد جاء عند الطبراني عن ابن عباس : ( أن امرأة كانت تلقط القذى من المسجد
فتوفيت ، فلم يؤذن النبي صلى الله عليه و سلم بدفنها , فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إذا مات
فيكم ميت فآئذنوني , و صلى عليها و قال : إني رأيتها في الجنة لما كانت تلقط القذي من المسجد ) ,
و هذا الحديث في إسناده ضعف ..
و أخيرا أيها المؤمنون , فإنه يجب أن تكون عقيدتنا صحيحة في صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
فعلينا أن نحب أصحاب رسول الله و لا نفرط في حب أحد منهم ، و نحب من يحبهم , و لا نقدح في أحد
منهم أو نتعرض لهم بالسب و التنقيص ، بل نذكرهم بالخير , و نبغض من يبغضهم و بغير الخير يذكرهم ،
عن البراء رضى الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، و لا
يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، و من أبغضهم أبغضه الله ) البخاري ,
فالويل كل الويل , لمن أبغضوا الصحابة ، و تعرضوا لسبهم و الطعن فيهم ، و جعلوا من دينهم و عقيدتهم
سب الصحابة و سب زوجات النبي صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين ، قال عليه الصلاة و السلام :
( لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم و لا نَصِيفه ) البخاري ...
اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , و ارض اللهم عن صحابته
الكرام , و احشرنا مع نبيك و حبيبك عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ..
و حبيبنا محمد , و على آله و صحبه أجمعين , ثم أما بعد , فأوصيكم و نفسي بتقوى الله سبحانه و تعالى ,
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) آل عمران ..
أيها المؤمنون , إنّ الله اصطفى نبينا محمدًا على سائر الأنبياء والمرسلين و جعله رسولاً للعالمين أجمعين ،
فاختار له صحابة أخيارًا صالحين ، آمنوا به و اتبعوه و آزروه و نصروه و فدوه بالنفس و النفيس ، فكانوا
خير صحبة لخير نبي , و كانوا هم المفلحين , قال تعالى : ( فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور
الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف , قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( كان أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم خير هذه الأمة قلوبًا و أعمقها علمًا أقلها تكلفًا ، قوم اختارهم الله عز و جل لصحبة
نبيه ونقل دينه ) , إنهم صحابة رسول الله عليه الصلاة و السلام ، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي صلى
الله عليه و سلم و أحسن تربيته ، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء و الرسل ، تحقق فيهم رضي
الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة ، و لن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة , فتعالوا
لنسمع ما وصفهم الله تعالى به في كتابه الكريم ، و ما شهد لهم رسول الله به في سنته ، قال تعالى :
( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَ
رِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ
شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْرًا عَظِيمًا ) الفتح , هكذا يصف القرآن محمدًا عليه الصلاة و السلام و أصحابه ،
ذلك الجيل القرآني العظيم , ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) أي : يوالي بعضهم بعضًا و يناصر بعضهم
بعضًا ، و يحادون من سواهم من غير المسلمين ، فكانوا كما قال تعالى في آية أخرى : ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) المائدة ، ثم وصفهم الله بكثرة العمل و كثرة الصلاة التي هي خير الأعمال ، و وصفهم
بالإخلاص فيها مع احتساب جزيل الثواب عند الله تعالى ، فقال تعالى : ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً
مِنْ اللَّهِ وَ رِضْوَانًا ) ، و من الآيات ما جاء في قوله تعالى : ( وَ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ وَ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة , و قال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ
مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَ أَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا , وَ مَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَ كَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
الفتح , فهذه بيعة الرضوان و كانت بالحديبية ، و كان عدد المبايعين فيها من الصحابة ألفا و أربعمائة ،
فأخبر تعالى أنه قد رضي عن هؤلاء الصحابة جميعًا , و في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها ) مسلم , فهنا شهد لهم صلى
الله عليه و سلم بالجنة على سبيل الجمع , و كذلك من حضر من الصحابة غزوة بدر , و قد كان عددهم رضي
الله عنهم بضعة عشر و ثلاثمائة ، فهؤلاء أخبر عنهم صلى الله عليه و سلم أنهم من أهل الجنة , من حديث
طويل عن علي رضي الله عنه في قصة حاطب رضي الله عنه ، و فيه أنه قال : ( لعل الله اطلع إلى أهل بدر
فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ، أو فقد غفرت لكم ) البخاري ..
أيها المؤمنون , لقد كان الصحابة رضي الله عنهم في نصرة الرسول عليه الصلاة و السلام و بذل المال و
المتاع المثلَ الأعلى ، فوالله الذي لا إله إلا هو لم تشهد الأرض في مسيرة بني آدم الطويلة أن نصر أتباع
نبيهم بالنفس و المال بمثل ما صنع الصحابة رضي الله عنهم , قال سعد بن معاذ رضي الله عنه قبيل
غزوة بدر : ( لقد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به هو الحق ، و أعطيناك على ذلك عهودنا و
مواثيقنا على السمع و الطاعة , فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو
استعرضتَ بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، و ما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا ،
إنا لصُبر في الحرب صدق في اللقاء ، و لعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك ، فسِر بنا على بركة الله ) ,
و ما توارثَ قوم فيما بينهم من غير قرابة و لا نسب و لا رابطة دم , و عن طواعية و اختيار ، إلا في
أصحاب رسول الله عليه الصلاة و السلام ، و لم يظهر السخاء و الكرم و الإيثار في أمة من الأمم كما ظهر
في صحابة رسول الله ، و لذلك استحقوا ثناء الله تعالى عليهم : ( وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَ الإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ
خَصَاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون ) الحشر ..
و لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم متساوين في الفضل و الدرجة ، بل كانوا يتفاضلون في السابقة و
الجهاد و البذل في سبيل الإسلام ، قال تعالى : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قَاتَلَ أُوْلَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قَاتَلُوا وَ كُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) الحديد ..
أيها المؤمنون , لقد فصلت الأحاديث الشريفة مقامات الصحابة و تفاضلهم و درجاتهم ، رغم أنه عليه
الصلاة و السلام كان يحبهم حبا عظيما لدرجة أن يشعر أحدهم أنه الأحب و الأقرب إليه عليه الصلاة و
السلام , جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه : ( بعثني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على جيش ذات
السلاسل و في القوم أبو بكر و عمر , فحدثتني نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده ،
فأتيت حتى قعدت بين يديه فقلت : يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال عائشة ، قلت : من الرجال ؟
قال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب ، فعد رجالًا , فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ) ,
و جاء عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( ما حجبني رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ
أسلمت و لا رآني إلا تبسم في وجهي ) ..
أيها المؤمنون , لقد بشر رسول الله عليه الصلاة والسلام العديد من أصحابه بالجنة ، مما يدل على سبقهم
و فضلهم ، و من عقائد أهل السنة و الجماعة أن نشهد لمن شهد له المصطفى صلى الله عليه و سلم
بالجنة من الصحابة الكرام رضي الله عنه ..
و منهم العشرة المبشرون بالجنة المشهورون المعروفون , و الذين جاؤوا في حديث واحد , فقد جاء عن
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه , أن النبي صَلَّى الله عليه و سلم قال : ( أبو بكر في الجنة ، و عمر في
الجنة ، و عثمان في الجنة ، و علي في الجنة ، و طلحة في الجنة ، و الزبير في الجنة ، و عبدالرحمن بن
عوف في الجنة ، و سعد بن أبي وقاص في الجنة ، و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة ، و أبو
عبيدة بن الجراح في الجنة ) ، و جاء عن سعيد بن زيد رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : ( عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة ، و عمر في الجنة ، و عثمان و علي و الزبير و طلحة و عبد الرحمن
و أبو عبيدة ، و سعد بن أبي وقاص , قال : فعد هؤلاء التسعة ، و سكت عن العاشر ، فقال القوم : ننشدك
الله يا أبا الأعور من العاشر ؟ قال : نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة ) الترمذي , و صححه الألباني ..
و لقد بشر عليه الصلاة و السلام عددا آخر من الصحابة بالجنة , لكن في أحاديث اخرى متفرقة , و لزام علينا
أن نمر ببعضهم في عدد من الأحاديث الشريفة ..
و من هؤلاء , بلال بن رباح رضي الله عنه , فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ( قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لبلال عند صلاة الغداة يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة ، فإني سمعت
الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة ، قال بلال ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا
أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل و لا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي ) مسلم ,
و منهم الرميصاء أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها , و قد جاءت في حديث واحد مع بلال , عن جابر بن
عبدالله رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء
امرأة أبي طلحة و سمعت خشفة فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا بلال ) البخاري ..
و منهم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه , و قد جاء النص عليه في أنه من أصحاب الجنة ، عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما , ( أن عبداً لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكو حاطباً فقال : يا
رسول الله ليدخلن حاطب النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت ، لا يدخلها ، فإنه شهد
بدراً و الحديبية ) مسلم .
و منهم عكاشة بن محصن رضي الله عنه , فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال نبي الله صلى
الله عليه و سلم : ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب ، قالوا : و من هم يا رسول الله ؟ قال :
هم الذين لا يكتوون و لا يسترقون و على ربهم يتوكلون ، فقام عكاشة فقال : يا رسول الله ادع الله أن
يجعلني منهم ، قال : أنت منهم ) مسلم ..
و منهم سعد بن معاذ رضي الله عنه , و قصته معروفة حين أصيب في الخندق , و حكم في بني قريظة
و وافق حكمه حكم الله تعالى من فوق سبع سموات , فقد روى الشيخان من حديث البراء رضي الله عنه
قال : ( أهديت للنبي صلى الله عليه و سلم حلة حرير ، فجعل أصحابه يمسونها و يعجبون من لينها ،
فقال : تعجبون من لين هذه ؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها و ألين ) متفق عليه ..
و منهم ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( لما نزلت
هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ .. ) الحجرات إلى آخر الآية ، جلس ثابت
بن قيس في بيته ، فسأل النبي صلى الله عليه و سلم سعد بن معاذ فقال : يا أبا عمر و ما شأن ثابت ؟
أشتكى ؟ , قال سعد : إنه لجاري و ما علمت له بشكوى ، قال : فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى
الله عليه و سلم ، فقال ثابت : أنزلت هذه الآية و لقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى
الله عليه و سلم ، فأنا من أهل النار ، فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه و سلم ، فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : بل هو من أهل الجنة ) متفق عليه , و هذا لفظ مسلم ..
و منهم أم محجن المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ ،
أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ، كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ , فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ :
أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ ، أَوْ قَالَ : قَبْرِهَا ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ) متفق عليه , و
أما حديث أنها في الجنة , فقد جاء عند الطبراني عن ابن عباس : ( أن امرأة كانت تلقط القذى من المسجد
فتوفيت ، فلم يؤذن النبي صلى الله عليه و سلم بدفنها , فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إذا مات
فيكم ميت فآئذنوني , و صلى عليها و قال : إني رأيتها في الجنة لما كانت تلقط القذي من المسجد ) ,
و هذا الحديث في إسناده ضعف ..
و أخيرا أيها المؤمنون , فإنه يجب أن تكون عقيدتنا صحيحة في صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
فعلينا أن نحب أصحاب رسول الله و لا نفرط في حب أحد منهم ، و نحب من يحبهم , و لا نقدح في أحد
منهم أو نتعرض لهم بالسب و التنقيص ، بل نذكرهم بالخير , و نبغض من يبغضهم و بغير الخير يذكرهم ،
عن البراء رضى الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، و لا
يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، و من أبغضهم أبغضه الله ) البخاري ,
فالويل كل الويل , لمن أبغضوا الصحابة ، و تعرضوا لسبهم و الطعن فيهم ، و جعلوا من دينهم و عقيدتهم
سب الصحابة و سب زوجات النبي صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين ، قال عليه الصلاة و السلام :
( لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم و لا نَصِيفه ) البخاري ...
اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , و ارض اللهم عن صحابته
الكرام , و احشرنا مع نبيك و حبيبك عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ..