فضل الأذان

جودى

:: مسافر ::
11 يناير 2019
998
0
0
41
السلام عليكم أيها الأحباب الكرام

الحمدلله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد , و هو على كل شئ قدير , و الصلاة و السلام على خاتم
الأنبياء و المرسلين , ثم أما بعد , فأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه , فإن فيها الفوز و النجاة و النجاح و
عظيم الجزاء في الدنيا و الآخرة , قال تعالى : ( و تزودوا فإن خير الزاد التقوى و اتقون يا أولي الألباب ) البقرة .

أيها المؤمنون , قال عليه الصلاة و السلام : ( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ
يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَ الصُّبْحِ
لَأَتَوْهُمَا وَ لَوْ حَبْوًا ) متفق عليه , و عن معاويةَ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : ( المؤذِّنون أطولُ الناس أعناقًا يومَ القيامة ) مسلم , و قال تعالى : ( وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ
دَعَا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِل صَالِحًا و قال إنني من المسلمين ) فصلت ، قالت عائشة رضي الله عنها : ( أرى هذه
الآية نزلت في المؤذنين ) , و في فضل الأذان قال صلى الله عليه و سلم : ( الإمام ضامن و المؤذن
مؤتمن , اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين ) أخرجه الترمذي . و جاء عن الفاروق رضي الله عنه
أنه قال : ( لولا الخلافة لأذنت ) ..

و من هنا اختلف العلماء حول أيهما أفضل المؤذن أم الإمام , فذهب الحنفية في المعتمد و هو المشهور
عند المالكية , و هو قول عند بعض أصحاب الشافعي و رواية عند أحمد , إلى أن الإمامة أفضل من الأذان ,
لأن النبي صلى الله عليه و سلم تولاها بنفسه , و كذلك خلفاؤه الراشدون , و لم يتولوا الأذان , و هم لا
يختارون إلا الأفضل , و لأن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالا و أفضل , و ذهب الشافعية و الحنابلة
في الراجح عندهما , و هو قول عند الحنفية و المالكية إلى أن الأذان أفضل من الإمامة ..

و في قول عند الحنفية و الشافعية و المالكية أنهما سواء في الفضل . و في قول آخر عند كل من المالكية
و الشافعية أنه إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجميع خصالها فهي أفضل , و إلا فالأذان أفضل ,
انتهى . و قد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : أيهما أفضل الأذان أم الإمامة ؟ فأجاب : هذه
المسألة محل خلاف بين أهل العلم ، و الصحيح أن الأذان أفضل من الإمامة ، لورود الأحاديث الدالة على
فضله ، مثل قوله صلى الله عليه و سلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ، ثم لم يجدوا إلا أن
يستهموا عليه لاستهموا ) , و كقوله صلى الله عليه و سلم : ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ) ,
فإن قال قائل : الإمامة ربطت بأوصاف شرعية مثل : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) ، و معلوم أن الأقرأ
أفضل ، فقرنها بأقرأ يدل على أفضليتها , فالجواب : أننا لا نقول لا أفضلية في الإمامة ، بل الإمامة ولاية
شرعية ذات فضل ، و لكننا نقول : إن الأذان أفضل من الإمامة لما فيه من إعلان ذكر الله تعالى ، و تنبيه
الناس على سبيل العموم ، و لأن الأذان أشق من الإمامة ، و إنما لم يؤذن رسول الله صلى الله عليه و
سلم و خلفاؤه الراشدون , لأنهم اشتغلوا بأهم من المهم ، لأن الإمام يتعلق به جميع الناس فلو تفرغ
لمراقبة الوقت لانشغل عن مهمات المسلمين .. انتهى .

و الأذان أيها المؤمنون يُطلق في اللغة على الإعلام ، و يُطلق الإعلام على الإخبار ، ويُطلق على الصوت ، و
لذلك عُرِّف الوحي بأنه الإعلام ، و قيل : الإعلام بخفاء . و مما أُطلق الأذان عليه في غير الاصطلاح الشرعي ،
رفع الصوت ، قال تعالى : ( ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) يوسف . و منه قوله سبحانه و تعالى :
( وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَ نِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) البقرة . و
قوله تعالى : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الأعراف . فهذا من إطلاق النداء و المقصود به
رفع الصوت ، وليس الأذان بالمعنى الاصطلاحي . كما يُطلق النداء أيضا على الأذان وعلى رفع الصوت أيضا ،
و لذا جاء في الأحاديث ذِكر النداء بمعنى رفع الصوت بالقول : ففي حديث البراء في ذِكر يوم خيبر : ( و أصبنا
حمرا فطبخناها ، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ... )
الحديث , متفق عليه . و يُطلق على الأذان المخصوص ، و منه : ( نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و
سلم الصلاة جامعة ) رواه مسلم .

و أما تعريف الأذان في الشرع : فهو ذِكر مخصوص شُرِع في الأصل لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة
المفروضة , و الأذان مشتمل على التوحيد ، فهو إعلان للتوحيد والتعظيم في اليوم و الليلة ، و قد قَرَن الله
اسم رسوله باسمه ، فإذا شهِد المؤذِّن بالشهادة التوحيد لله رب العالمين ثنّى بالشهادة للنبي صلى الله عليه
و سلم بالرسالة .

و لقد شرع الله الأذان و الإقامة للجماعات في السفر والحضر , و جمهور أهل العلم على أن الأذان و الإقامة
من فروض الكفايات لجماعة الرجال في الحضر , لأمر النبي صلى الله عليه و سلم , فعن مالك بن الحويرث
قال : ( أتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة و كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم رحيما رقيقا , فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عن من تركنا من أهلنا , فأخبرناه
فقال , ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم و علموهم و مروهم فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم
ليؤمكم أكبركم ) متفق عليه , و قال عليه الصلاة و السلام : ( ما من ثلاثة في قرية لا يُؤذّن و لا تقام فيهم
الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة فإن الذئب يأكل القاصية ) أخرجه أحمد , فالأصل في
الأذان أنه من فروض الكفايات , لكن إذا كان المؤذن معين من قبل الجهة المسؤولة و يأخذ على أذانه رزقا
فالأذان في حقه واجب عيني .

و يسن للمسافرين , و كان بلال رضي الله عنه يؤذن للرسول عليه الصلاة و السلام و للصحابة في السفر , بل
إنه يشرع حتى للمفرد , فقد جاء في حديث عن أبي ذر رضي الله عنه , ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال له : إني أراك تحب البادية و الغنم , فإذا كنت في باديتك أو غنمك فأذنت , فارفع الصوت بالأذان , فإنه
لا يسمع صوت المؤذن جن و لا إنس و لا شيء إلا شهد له يوم القيامة ) البخاري ..

و أما النساء فيُستحب لهن الأذان و الإقامة , سئل ابن عمر , هل على النساء أذان ؟ فغضب ، و قال : أنا أنهى
عن ذكر الله ! , قال الإمام النووي : يستحب لهن الإقامة دون الأذان . اهـ . و نسب القول إلى الجمهور .
و قد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الأذان : هل هو فرض أم سنة ؟ فأجاب رحمه الله : الصحيح
أن الأذان فرض على الكفاية ، فليس لأهل مدينة و لا قرية أن يدعوا الأذان و الإقامة ، و هذا هو المشهور
من مذهب أحمد و غيره ..

أيها المؤمنون , لا تَزْهدوا في فضل الأذان ، و اتَّقوا الله في أنفسكم و في أمَّتكم ، فلد قلَّ الاحتساب و
التعاون في أمورِ الخير ، فلا بدَّ مِن الرُّجوع إلى الله و الأخْذ بالحظِّ الوافِر من أعمال الآخرة ، و مِن ذلك
الاحتساب و المبادَرة و الالتزام بالأذان في المساجد ، و ملاحظة الوقْت في أوَّله ، فلن يفوتَ على عبد
شيءٌ مِن رزقه الذي قُدِّر له , و اعْلموا أنَّ البضاعة الرابحة هي ما يَدَّخِره الله لكم في الآخِرة .

و في الالتزام بالأذان إعانةٌ على الطاعة , ففيه مبادرة إلى الصلاة في أوَّل وقتها ، و إحسان إلى المسلمين في
دعوتهم إلى ربِّهم ، و تنبيههم لدخولِ وقت الصلاة المفروضة ، مع ما يَدَّخِره الله للمؤذِّنين من خيرٍ عميم .

و للأذان أيها المؤمنون حكم كثيرة منها , إظهار شعار الإسلام و التوحيد أولا ثم الإعلام بدخول وقت الصلاة ,
و الإعلام بمكان الصلاة و الدعاء إلى الجماعة , و لو تأملنا في سيرة حبيبنا عليه الصلاة و السلام لوجدنا أنه
صلى الله عليه و سلم : كان يغير إذا طلع الفجر ، و كان يستمع الأذان فإن سمع أذانا أمسك و إلا أغار ،و
عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال : ( سمِع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو في مسيرٍ له يقول :
الله أكبر الله أكبر , فقال نبيُّ الله صلى الله عليه و سلم : على الفِطرة ، فقال : أشهد أن لا إله إلَّا الله ، قال :
خرَج مِن النار ، فاستبق القومُ إلى الرجل ، فإذا راعِي غنمٍ حضرتْه الصلاة فقامَ يؤذِّن ) مسلم ..
و عند البخاري : ( كان إذا غزا بِنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يُصبح و ينظر ، فإن سمع أذانا كفّ عنهم ، و إن
لم يسمع أذانا أغار عليهم . قال أنس : فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلا ، فلما أصبح و لم يسمع أذانا
ركب .. ) الحديث .

و لو تعلمون أيها الأحباب أثر الأذان العظيم على الشيطان , لأدركتم عظم الأذان و أهميته , روى البخاري و
مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا نودي بالصلاة
أدبر الشيطان و له ضراط حتى لا يسمع الأذان ، فإذا قُضي الأذان أقبل ، فإذا ثوّب بها أدبر ، فإذا قضي
التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء و نفسه يقول : اذكُر كذا و كذا ما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري
كم صلى، فإذا لم يدرِ أحدكم كم صلى ثلاثا أو أربعا فليسجد سجدتين و هو جالس ) . و في رواية للبخاري :
( فيقول اذكر كذا و كذا حتى لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا ؟ فإذا لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا سجد سجدتي
السهو ) . و في رواية لمسلم : ( إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان و له حَصاص ) .

بل إن الأذان أيها الأحباب نجاة و سلامة من تسلّط الشيطان و غلبته , قال عليه الصلاة و السلام : ( ما من
ثلاثة في قرية لايُؤذّن و لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإن الذئب
يأكل القاصية ) رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي .

أيها المؤمنون , عندما شرع الأذان أُمِـرَ بلال رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه و سلم ، كما في قصة
بدء الأذان . ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون
فيتحينون الصلاة ليس يُنادى لها ، فتكلموا يوما في ذلك ، فقال بعضهم : اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس
النصارى ، و قال بعضهم : بل بوقا مثل قرن اليهود ، فقال عمر : أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ، فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا بلال قم فنادِ بالصلاة ) متفق عليه .

و في حديث عبد الله بن زيد في رؤيا الأذان ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إنها لرؤيا حق إن
شاء الله ، فقم مع بلال فألقّ عليه ما رأيت فليؤذن به ، فإنه أندى صوتا منك ، قال : فقمت مع بلال فجعلت
ألقيه عليه و يؤذِّن به . قال : فسمع ذلك عمر بن الخطاب و هو في بيته فخرج يجرّ رداءه ، و يقول : و الذي
بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد )
أحمد وأبو داود وابن ماجه .

و عن أبي محذورة رضي الله عنه : ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان : الله أكبر الله أكبر ,
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله , ثم
يعود فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله , أشهد أن محمدا
رسول الله , حي على الصلاة مرتين , حي على الفلاح مرتين - زاد إسحاق - الله أكبر الله أكبر , لا إله إلا الله )
مسلم . و في رواية لأبي داود : ( قال , قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان , قال : فمسح مقدّم رأسي ،
و قال : تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - ترفع بها صوتك - ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد
أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله , أشهد أن محمدا رسول الله - تخفض بها صوتك - ثم ترفع
صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن لا إله إلا الله , أشهد أن محمدا رسول الله , أشهد أن
محمدا رسول الله , حي على الصلاة , حي على الصلاة , حي على الفلاح , حي على الفلاح ، فإن كان صلاة
الصبح قلت : الصلاة خير من النوم ,الصلاة خير من النوم , الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله ) .

و يشترط أن يكون المؤذن عدلا , أمينا , عالما بالأوقات , و يسن أن يكون صيتا , ذا صوت قوي ندي جميل ,
فقد جاء عنه صلى الله عليه و سلم : ( يغفر للمؤذن مدى صوته ) أحمد , و إذا أذن المؤذن فعليه أن يترسل
و يتأنى في الإلقاء , أما إذا أقام فإنه يحدر , و الحدر هو الإسراع , لقوله صلى الله عليه و سلم : ( إذا أذنت
فترسل , و إذا أقمت فاحدر ) الترمذي , و المؤذنون مؤتمنون على عبادات الناس من صلاة و صيام , فيجب
عليهم أن يتتبهوا للوقت فيؤذنوا في الوقت , لأنهم إذا أذنوا قبل الوقت فسيصلي بأذانهم قبل دخول
الوقت من لا تجب عليه الجماعة من النساء و أهل الأعذار , و سيمسك و يفطر بأذانهم الصائمون , فمن
أذن قبل الوقت بآء بإثمهم , و على من أخطأ من المؤذنين فأذن قبل الوقت أن ينبه أنه أخطأ بمكبر الصوت
حتى لا يغتر بأذانه أحد , فقد ( أمر عمر مؤذنه حين أذن قبل الفجر أن يرجع فينادي ألا إن العبد قد نام , ألا
إن العبد قد نام ) رواه أبو داود بإسناد حسن , و روي مرفوعا للنبي صلى الله عليه و سلم و لايصح .

أيها المؤمنون , إن الترديد وراء المؤذن يعد من القربات و الطاعات التي غفل عنها الكثير من الناس , لما ورد
في الحديث عن أبي سعيد الخدري رَضِي اللَّهُ عَنهُ , أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَ سَلَّم قال : ( إذا سمعتم
النداء فقولوا كما يقول المؤذن ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .‏ فهو سنة مستحبة . فيردد المسلم متابعا المؤذن على أي
حالة , سواء كان طاهرا أو محدثا أو جنبا أو حائضا أو كبيرا أو صغيرا , و يستثنى منهم المصلي و من في
الخلاء ، و إذا سمعه و هو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك قطعه و تابع المؤذن ثم واصل بعد ذلك ,
و ذلك بأن يردد وراء المؤذن بصوت منخفض يسمع نفسه أو من بجانبه , و يقول مثل المؤذن تماما , ما
عدا عند حي على الصلاة و حي على الفلاح , فيقول : لا حول و لا قوة إلا بالله , للحديث عن عمر بن الخطاب
رضي اللّه عنه قال : ( قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم , إذَا قالَ المُؤَذّنُ : اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ ، فَقالَ
أحَدُكُمْ : اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ ، قَالَ : أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ ، ثُمَّ قالَ : أشْهَدُ
أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، قالَ : أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ , ثُمَّ قالَ : حَيَّ عَلى الصَّلاةِ ، قالَ : لا حَوْلَ وَ لاَ
قُوَّةَ إِلاَّ باللّه , ثُمَّ قالَ : حَيَّ عَلى الفَلاح ، قالَ : لا حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ ،
قالَ : اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبرُ , ثمَّ قالَ : لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ ، قالَ : لا إلهَ إِلاَّ اللّه مِنْ قَلْبه دَخَلَ الجنَّة ) رواه مسلم .

فإذا انتهى المؤذن من الأذان فعليه بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم , ثم يسأل الوسيلة له عليه
الصلاة و السلام , للحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ,
إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول , ثم صلوا علي , فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها
عشرا , ثم سلوا الله لي الوسيلة , فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله , و أرجو أن أكون
أنا هو , فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) رواه مسلم , و صيغة هذا الدعاء جاءت في حديث جابر
رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ( أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَ سَلَّم قال : من قال حين يسمع النداء , اللهم رب هذه
الدعوة التامة ، و الصلاة القائمة , آت محمداً الوسيلة و الفضيلة ، و ابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ،
حلت له شفاعتي يوم القيامة ) البُخَارِيُّ . و بعد أن ينتهي من ذلك , فإنه يستحب الدعاء في هذا الوقت , أي
بين الأذان والإقامة , للحديث عن أنس رضي اللّه عنه , قال : ( قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم : لا يُرَدُّ
الدُّعاءُ بَينَ الأذَانِ و الإِقامَةِ ) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن السني و غيرهم .

فمن استطاع أن يسابق و يسبق للأذان فليفعل أيها الأحباب , و ذلك لما فيه من الأجر العظيم .
وفقني الله و إياكم إلى سبل الخير و الهدى و الرشاد , و جنبني و إياكم سبل الزيغ و الفساد ..

يقول تعالى : ( إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلو عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب .
اللهم صل و سلم و بارك على نبي الهدى و الرحمة , و بلغه صلاتنا و سلامنا في هذا اليوم الطيب
المبارك يا رب العالمين , اللهم اغفر لنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا , و اختم لنا بالخاتمة الحسنة يا كريم ..
 


أكتب ردك...