استعدادات صحية ضرورية قبل السفر وأثناءه
في الوقت الذي لا تحتاج فيه الرحلات السياحية السريعة التي تستغرق أسبوعا أو أسبوعين إلى كثير من الاستعدادات الطبية، خصوصا إذا كانت لوجهات سفر قريبة، فإن السفر في رحلات تستغرق عدة أسابيع أو شهور أو تطوف وجهات كثيرة حول العالم يتطلب استعدادات طبية متعددة حتى يتجنب المسافر المتاعب أثناء سفره. ويتعين الاهتمام بالنواحي الصحية لدى السفر إلى وجهات سفر بعيدة تقع تحت مناخ استوائي في بيئات قد تكون أقل عناية صحية من بيئة بلد المسافر.
وليس من الضروري القلق على الصحة العامة قبل السفر، وإنما اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية مثل التطعيم ضد الأمراض السائدة في وجهات السفر خصوصا لو كانت استوائية، ومراقبة قواعد النظافة العامة والحرص من بعض الأعراض التي ينبغي استشارة طبيب لدى حدوثها.
وتبدأ الاستعدادات الطبية للسفر بمراجعة طبيب قبل السفر بشهر للكشف على حالة الصحة العامة، وبعدها يمكن إجراء التطعيم اللازم. وبعض أنواع التطعيم لا يمكن تعاطيها في حالات تناول بعض العقاقير أو الإصابة بالبرد.
وبعد الطبيب والتطعيم قد يكون من الأفضل استشارة طبيب أسنان أيضًا قبل السفر، فلا أسوأ من التعرض لآلام الأسنان في بلد غريب. وعلاج الأسنان قبل السفر أرخص من قطع الرحلة والعودة للتخلص من آلام الأسنان.
ولمن يستخدم النظارات أو العدسات اللاصقة لا بد من توفير نظارة إضافية وعدد كاف من العدسات لفترة الرحلة. ويمكن زيارة طبيب العيون لترتيب ذلك قبل السفر بفترة. ومن الأفضل الاستعانة بنظارة طبية بالإضافة إلى العدسات اللاصقة حيث بعض الأجواء الحارة والمتربة لا تناسبها هذه العدسات. ويمكن للمسافر الاحتفاظ بنسخة من روشتة العيون معه ضمن وثائق السفر لاستخراج نظارة طبية في حالات فقدان النظارة الأصلية.
وللمسافرين في رحلات طويلة حول العالم لا بد من حمل بعض المعلومات الضرورية التي تصلح في أوقات الطوارئ ومنها أقارب يمكن الاتصال بهم عند الحاجة، وفصيلة الدم، وأنواع الحساسية التي قد يعاني منها المسافر، والأمراض المستعصية التي قد يعاني منها المسافر ورقم هاتف طبيبه الخاص ومعلومات وثيقة التأمين الصحي بالإضافة إلى لائحة الأدوية التي يتعاطاها المسافر.
ومن السهل تعاطي التطعيم اللازم في العيادات الطبية المتخصصة التي توفر اللقاحات اللازمة لكل منطقة أو دولة في العالم. وتمنح هذه العيادات شهادات تطعيم تكون لازمة عند السفر إلى بعض الدول الأفريقية أو اللاتينية. ولا بد من ذكر وجهات السفر بدقة وفترات الإقامة في هذه المناطق. ومن الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة من مرض الملاريا في الدول التي ينتشر فيها. وفي حالات الحاجة إلى تناول حبوب مضادة للملاريا، يجري تناول هذه الحبوب قبل السفر بفترة طويلة حتى يكتمل مفعولها عند السفر.
ويحتاج بعض أنواع التطعيم إلى ثلاث جرعات على فترة ستة أشهر، ولذلك قد تمتد فترة الاستعدادات الطبية إلى شهور قبل السفر وليس أسابيع. وأحيانا لا يمكن تلقي التطعيم لأكثر من مرض في وقت واحد. كما لا يجب تلقي التطعيم بالجملة لكل الأمراض لأن لهذا تأثيره السلبي على الجسم.
وبالطبع لا يقي التطعيم ضد كثير من المخاطر وأنواع العدوى الأخرى، فهو لا يمثل وقاية ضد الإيدز أو أنواع الحساسية أو بعض الأمراض المستوطنة مثل البلهارسيا وفيروس «سي». وكل من هذه الأخطار تتطلب نوعا مختلفا من الوقاية. وفي حالة البلهارسيا مثلا يتعين تجنب الخوض في المياه الراكدة مثل الترع والقنوات، بينما يجب تجنب عدوى فيروس هيباتايتاس سي الذي ينتقل عن طريق الدم بتجنب الحقن غير المعقمة وحلاقة الشعر ومعاودة بعض عيادات الأسنان في المناطق الموبوءة.
اللياقة البدنية تلعب دورا في الحفاظ على الصحة أثناء السفر. وفي كل الحالات يفرض السفر أعباء جسمانية على المسافر لا يتعرض له في حياته العادية، ولذلك فمن الأفضل الاستعداد لأعباء السفر بإجراء بعض التمرينات الرياضية لزيادة اللياقة حتى ولو كان ذلك برياضة المشي لفترات محدودة يوميًا.
ويمكن إعداد حقيبة إسعافات أولية للاستعانة بها أثناء السفر، ويجب أن تحتوي على عدة لوازم ضرورية مثل كريم مضاد لحروق الشمس وآخر مضاد للدغ الحشرات وسوائل مطهرة ولواصق (بلاستر) للجروح، وبعض الأدوية الأساسية مثل الأسبرين وأقراص ضد الإسهال.
وفي حالة تناول أدوية دورية مثل أقراص ضغط الدم لا بد من الاحتفاظ بها في حقيبة اليد أثناء السفر الجوي، لتجنب المتاعب في حالات فقدان الحقائب أو تأخر وصولها. ولكن السوائل والأدوات الحادة لا بد أن تدخل ضمن حقائب الشحن حيث يمنع حملها على الطائرات ضمن إجراءات الأمن. وفي كل الحالات لا بد من حمل الروشتة الطبية حتى يمكن الحصول بها على بدائل للأدوية في حالات الطوارئ.
من المخاطر التي يتعرض لها المسافرون جوًا لفترات تزيد عن ثماني ساعات خطر الإصابة بتجلط الدم في الساقين، وهي تزيد في حالات المسافرين الذين عانوا منها من قبل أو النساء الحوامل أو اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل أو المدخنين. وفي هذه الحالات يجب استشارة الطبيب قبل السفر حيث يمكن تلقي بعض الأدوية التي تمنع هذه الحالة. ومن أجل المزيد من الوقاية لا بد من تناول كثير من السوائل أثناء السفر الجوي وارتداء ملابس فضفاضة وإجراء بعض التمرينات أو المشي داخل الطائرة أثناء السفر كل عدة ساعات.
وأثناء السفر لا بد من الوقاية ضد الأخطار العامة مثل ضربات الشمس التي تحتاج إلى كريم مضاد للشمس والتعرض التدريجي لها. كما يتعين حمل سائل رش مضاد للحشرات والبعوض.
من الحالات السائدة بين المسافرين أيضًا التسمم الغذائي والنزلات المعوية وهي ناتجة عن أطعمة أو مشروبات غير نظيفة.
وللتأقلم على متاعب فروق التوقيت (Jet Lag) يجب الالتزام بتوقيت جهة الوصول فور ركوب الطائرة وتناول الطعام أو النوم بما يتناسب مع جهة الوصول.
والنصيحة العامة في هذه الحالات هي تناول مشروبات معقمة مثل زجاجات المياه المعدنية وعلب العصير المغلقة وعلب المشروبات الغازية وتجنب مياه الصنبور والعصائر غير المعقمة. ويمكن تناول المشروبات الساخنة مثل الشاي والقهوة لأن المياه التي تحضر بها تكون مغلية. ولا يجب إضافة أي ثلج للمشروبات، لأنه محضَّر من مياه صنابير وقد يحمل ميكروبات.
من ناحية الطعام يمكن الاعتماد على الطعام المطهي وتجنب الأطعمة غير المطبوخة والسلطات. وفي الأجواء الحارة يجب تجنب الأطعمة التي تترك لفترة في درجة حرارة الغرفة خصوصا الأطعمة البحرية التي تفسد بسرعة. أما الفواكه، فيمكن تناولها بعد غسلها جيدا والأفضل تناول الأنواع التي يمكن تقشيرها مثل الموز والبرتقال والمانجو. أيضًا يجب تجنب الأطعمة التي تباع في الشوارع.
ولا يجب الوثوق دائما في المطاعم أو الفنادق حيث يمكن أن يفسد الطعام أثناء فترة إعداده. وقد نشر الإعلام كثيرًا من حالات التسمم الجماعي في فنادق راقية وأحيانا في سفن الكروز أيضًا، وهي من أرقى مستويات الإقامة.
وبصفة عامة لا بد من تناول الوجبات الطازجة التي تطبخ وتقدم فورا وتكون ساخنة جدا عند تقديمها. من ناحية أخرى يجب العناية بالنظافة الشخصية بغسل اليدين قبل تناول الطعام.
من أبسط الإجراءات الأخرى للحفاظ على الصحة العامة أثناء السفر اتخاذ الاحتياطات الأساسية التي يتبعها المسافر في بلد إقامته مثل ارتداء أحزمة الأمان عند قيادة أو ركوب السيارات واتباع إرشادات السلامة والملابس الواقية عند القيام بنشاطات معينة مثل ركوب الدراجات أو الغوص أو الطيران الشراعي. وبصفة عامة يجب عدم الإقبال على مخاطر غير ضرورية، والعناية بالصحة العامة من أجل سفر ممتع.
وتنصح مصادر طبية رسمية بأن يتجنب المسافرون التعرض لضربات الشمس لأنها من أكثر الإصابات انتشارا بين السياح المسافرين صيفًا. وتشمل النصيحة تجنب التعرض لأشعة الشمس بين الحادية عشرة صباحا والثالثة عصرا، واستخدام كريم الحماية وتغطية الرأس والكتفين.
لدى السفر إلى بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، يكون المسافر مسؤولاً عن جميع تكاليف علاجه في المستشفيات، ولذلك لا بد من استخراج وثيقة تأمين صحي قبل السفر. ويمكن لوكالة السفر أن توفر مثل هذه الوثيقة ضمن وثائق السفر الأخرى مثل تذاكر الطائرة ووثائق الإقامة في الفنادق.
ووفقًا للإحصاءات يتعرض ربع عدد السياح سنويا إلى متاعب صحية. ومن أبرز المتاعب التي يتعرض لها المسافرون بعد الوصول إلى جهة السفر هي ضربات الشمس والإسهال والنزلات المعوية ولدغات البعوض. وأهم ما يمكن للسياح القيام به فور الوصول هو تنظيم روتين معين لنشاطات اليوم يمكن من خلاله تجنب ضربات الشمس والاهتمام بنوعيات الطعام والشراب التي تجنبهم متاعب الجهاز الهضمي.