السياحة في المملكة والصورة النمطية
أيمـن الـحـمـاد
السعوديون الذين حملوا حقائبهم شرّقوا وغرّبوا خارج البلاد في إجازة لا تتعدى أيامها أصابع الكفين، يبحثون عن جوٍ مختلف وليس طقساً مختلفاً، فالبعض منهم قد جعل وجهته دول الخليج، التي لا يختلف طقسها كثيراً عن المنطقة الشرقية أو الغربية، والبعض منهم فضل الضفة الأخرى من البحر المتوسط حيث تركيا التي لا يحتاج الوصول إليها سوى استخراج "فيزا" عن طريق الانترنت وثلاث ساعات في الجو.
على الجهة المقابلة تنشر الهيئة العليا للسياحة إعلاناً يحتل صفحة كاملة للترويج عن المناطق الأكثر جذباً في المملكة، بهدف دفع المواطنين في الداخل لقضاء إجازتهم القصيرة داخل المملكة. الجهود التي تبذلها الهيئة مشكورة جهدٌ مميز يحتاج لعمل سنوي متواصل، نعرف أن اضطلاع هذه المنظومة بإصلاح البنية السياحية في المملكة أمرٌ شاق ومرهق، وفي الحقيقة ليس منوطاً بها القيام بذلك بل بإسناده للقطاع الخاص الذي يتعامل بمبدأ الربح والخسارة، ويتبقى توفير البيئة الاستثمارية في هذا القطاع مسؤولية الهيئة التي تعمل حالياً على إصدار الرخص، ويفترض بها جعل هذا الاستثمار أكثر جذباً بقدر سعيها للترويج عن الأماكن السياحية.
إقبال الناس على قضاء إجازتهم القصيرة خارج المملكة، أمرٌ يدعونا إلى التساؤل ويحتاج منا إلى عمل حقيقي، لتغيير اتجاهات الناس وسلوكياتها، وهذا أمرٌ لا يمكن تحقيقه في عام أو عامين، بل يستلزم تغيير قناعات وصور نمطية ترسخت مع الأسف في أذهاننا بأن السياحة الداخلية باهظة الثمن ولا تلبي حاجات السائح على جميع المستويات.
العامل النفسي هنا ورغبة الناس الشعور بالهروب، إن صح التعبير، من الأجواء المحلية والاجتماعية المرهقة، والإحساس بحال المسافر، والبحث عن المختلف، والتوق نحو كل جديد عاملٌ لا يمكن تجاهله بوصفة طبيعةُ بشرية، ومن هنا يجدر بنا أن نبحث عمن يتطلع إلى المملكة كوجهة سياحية، إذ هي في واقع الأمر بلد مترامي الأطراف، ومتنوع المناخ، ومتعدد التقاليد، وطالما كان الرحالة الغربيون يعبرون تلك الصحاري بحثاً عن الجديد والمختلف، ولم ترهبهم وحشة الطريق أو البون الثقافي الشاسع بين الشرق والغرب. من هنا كان ولا بد أن نعمل على استقطاب السياح من الخارج عبر إجراءات واضحة ومحكمة وغير بيروقراطية.
جعل مناطق المملكة وجهات سياحية مرغوبة أمرٌ يتطلب العمل الجاد من الجميع لتحقيقه، وليس منوطاً بالهيئة العليا للسياحة لوحدها، بل يجب على وزارة الداخلية والخارجية والنقل والبلديات وهيئة الطيران المدني والصحة، وجهات فرعية أخرى العمل سوياً، وعدم التقليل من المردود المالي لهذا القطاع الحيوي في الاقتصاديات الوطنية، ففي الإمارات على سبيل المثال إيرادات السياحة تصل إلى حوالي 170 مليار درهم، وفي البحرين تقريباً 200 مليون دينار، بل إن بعض الدول العربية تعتبر السياحة هي المصدر القومي لها، فمن خلالها يعمل الشباب وتنتج الأسر، وتسهم كثيراً في تلاحم الناس وحب وطنهم.
أيمـن الـحـمـاد
السعوديون الذين حملوا حقائبهم شرّقوا وغرّبوا خارج البلاد في إجازة لا تتعدى أيامها أصابع الكفين، يبحثون عن جوٍ مختلف وليس طقساً مختلفاً، فالبعض منهم قد جعل وجهته دول الخليج، التي لا يختلف طقسها كثيراً عن المنطقة الشرقية أو الغربية، والبعض منهم فضل الضفة الأخرى من البحر المتوسط حيث تركيا التي لا يحتاج الوصول إليها سوى استخراج "فيزا" عن طريق الانترنت وثلاث ساعات في الجو.
على الجهة المقابلة تنشر الهيئة العليا للسياحة إعلاناً يحتل صفحة كاملة للترويج عن المناطق الأكثر جذباً في المملكة، بهدف دفع المواطنين في الداخل لقضاء إجازتهم القصيرة داخل المملكة. الجهود التي تبذلها الهيئة مشكورة جهدٌ مميز يحتاج لعمل سنوي متواصل، نعرف أن اضطلاع هذه المنظومة بإصلاح البنية السياحية في المملكة أمرٌ شاق ومرهق، وفي الحقيقة ليس منوطاً بها القيام بذلك بل بإسناده للقطاع الخاص الذي يتعامل بمبدأ الربح والخسارة، ويتبقى توفير البيئة الاستثمارية في هذا القطاع مسؤولية الهيئة التي تعمل حالياً على إصدار الرخص، ويفترض بها جعل هذا الاستثمار أكثر جذباً بقدر سعيها للترويج عن الأماكن السياحية.
إقبال الناس على قضاء إجازتهم القصيرة خارج المملكة، أمرٌ يدعونا إلى التساؤل ويحتاج منا إلى عمل حقيقي، لتغيير اتجاهات الناس وسلوكياتها، وهذا أمرٌ لا يمكن تحقيقه في عام أو عامين، بل يستلزم تغيير قناعات وصور نمطية ترسخت مع الأسف في أذهاننا بأن السياحة الداخلية باهظة الثمن ولا تلبي حاجات السائح على جميع المستويات.
العامل النفسي هنا ورغبة الناس الشعور بالهروب، إن صح التعبير، من الأجواء المحلية والاجتماعية المرهقة، والإحساس بحال المسافر، والبحث عن المختلف، والتوق نحو كل جديد عاملٌ لا يمكن تجاهله بوصفة طبيعةُ بشرية، ومن هنا يجدر بنا أن نبحث عمن يتطلع إلى المملكة كوجهة سياحية، إذ هي في واقع الأمر بلد مترامي الأطراف، ومتنوع المناخ، ومتعدد التقاليد، وطالما كان الرحالة الغربيون يعبرون تلك الصحاري بحثاً عن الجديد والمختلف، ولم ترهبهم وحشة الطريق أو البون الثقافي الشاسع بين الشرق والغرب. من هنا كان ولا بد أن نعمل على استقطاب السياح من الخارج عبر إجراءات واضحة ومحكمة وغير بيروقراطية.
جعل مناطق المملكة وجهات سياحية مرغوبة أمرٌ يتطلب العمل الجاد من الجميع لتحقيقه، وليس منوطاً بالهيئة العليا للسياحة لوحدها، بل يجب على وزارة الداخلية والخارجية والنقل والبلديات وهيئة الطيران المدني والصحة، وجهات فرعية أخرى العمل سوياً، وعدم التقليل من المردود المالي لهذا القطاع الحيوي في الاقتصاديات الوطنية، ففي الإمارات على سبيل المثال إيرادات السياحة تصل إلى حوالي 170 مليار درهم، وفي البحرين تقريباً 200 مليون دينار، بل إن بعض الدول العربية تعتبر السياحة هي المصدر القومي لها، فمن خلالها يعمل الشباب وتنتج الأسر، وتسهم كثيراً في تلاحم الناس وحب وطنهم.