بسم الله الرحمن الرحيم
زيارتي للمملكة الأردنية الهاشمية ( ديرة النشامى )
سأكتب لك عزيزي القارئ بإختصار مفيد لأحكي لك فيه عن تجربتي الأولى لزيارة المملكة الأردنية الهاشمية منذ أن نويت زيارتها قبل سنوات إلى أن غادرت الهاشمية الكريمة بتاريخ 8-12-1437 هجرية في رحلة مدتها 8 أيام وكلي شوق لتكرار الزيارة ، حيث تجد بالأردن الأصالة والعروبة والكرم الحاتمي والنشامة والضيافة والجدية في الأخذ والعطاء ، أما إذا كنت سعوديا ستشعر في المملكة الأردنية كأنك في بلدك السعودية لأن الناس هناك تربت على احترام وتوقير الضيف والجار ويقينا مهما كانت جنسيتك سوف يشعرك الأردنيون أنك في بلدك الأم ولست أجنبيا . للعربي هناك تعامل آخر حيث يعامل معاملة الأردني وأما السعودي فله تعامل خاص ، كيف لا وقد قال الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله في عمره لولا البروتوكولات الدولية لما احتجنا إلى سفارة بالأردن بمعنى أن الشعبين شعب واحد والجار كريم وأمين . لمست عن قرب افتخار ومحبة ومشاعر كريمة يكنها الشعب الأردني العريق الأصيل للشعب السعودي العظيم نظرا للمجورة التي يحترمها الطرفين وللعروبة وقرابة الدم الذي يربطنا ببعضنا . لن أطيل في المقدمة ونستهل الحديث بسم الله الرحمن الرحيم :
قررت زيارة الأردن قبل 3 سنوات وحجزت تذاكر الطيران والفنادق لكنه انتابني بعض مشاعر القلق ولا أدري ما السبب ؟!!! فتارة أعلق السبب على شماعة الأمن والأمان وتارة على ما نقرأه عن الأردن من تجارب الآخرين الغير ناجحة وأحيانا على شماعة انعدام المعلومات الكافية عن البلد والتي يستند لها السائح دائما ، ولأننا نسمع أن هناك غلظة في التعامل واستغلال للسائح ماديا وضعف الأمن وعدم احترام الشعب الأردني للشعوب الخليجية وبالأخص الشعب السعودي ( افتراء طبعا ) فقررت بعد تجهيز وترتيب رحلتي وقبل المغادرة بيوم واحد وبتشجيع من أمي الحبيبة أن أترك الرحلة برمتها وبخسائرها دون مطالبة باسترجاع الخسائر وأن أغير وجهتي إلى دول الخليج الأكثر أمانا وذهبت حينها إلى البحرين والكويت برفقة زوجتي برا بسيارتي الخاصة . بعد ذلك عاودتني فكرة زيارة الأردن مرة أخرى ولكن كرحلة شبابية استكشافية ومغامرة و هذه المرة صمدت أمام كل مشاعر القلق الغير مبررة وحجزت التذاكر ( طيران وفنادق ) وحجزت سيارة من أحد المكاتب في العاصمة عمان ووعدني صاحب المكتب أنه سيقابلني بها في مطار الملكة علياء وسيستلمها مني في ذات المطار وقت مغادرتي من باب الخدمة والضيافة وحتى يوفر علي سعر التاكسي ولأن يوم الاستلام والتسليم سيوافق يوم جمعة وهي إجازة بالنسبة له والمكتب مغلق ، سألت نفسي هل فعلا سيعمل كل هذا من أجل شخص لا يعرفه ؟ وفعلا وعد وأوفى وبكل بساطة هذه هي الأردن الشقيقة وهؤلاء هم أبناء الملك عبد الله الثاني حفظه الله وسدد الله خطاه وسأحتفظ للأخ محمد صاحب مكتب التأجير بهذا الجميل العظيم . غادرت من مطار جازان إلى مطار جده بتاريخ 30 - 11-1437 هجري ومن هناك إلى مطار الملكة علياء وهو مطار حديث جدا ويعد مفخرة للشعوب العربية ( استثمار فرنسي بنسبة 49% وأردني 51% ) وحال وصولي استلمت سيارتي من الأخ محمد حيث وجدته منتظرا عند بوابة الوصول ، وبدأ الترحيب والتسهيل بنا من جوازات المطار والجمارك وحينها انجلت مشاعر القلق وتبدلت المشاعر فرحا وأنسا ومحبة لتلك العاصمة الحالمة العربية وكان برنامج زيارتي للأردن 8 أيام على النحو التالي :
1- العاصمة عمان :
سرت ببركة الله من المطار إلى الفندق (الفنار بالاس ) واستلمت غرفتي و كانت الموظفة بالاستقبال سيدة أنيقة جدا في تعاملها وفي ترحيبها الحار بنا وتتحلى السيدة بشخصية قوية وأسلوب جميل وشكيمة قبلية قد يفسرها البعض بالتعالي أو الغرور ولكن من لا يجيد التعامل مع الإنسان الأردني سيشعر أن الناس هناك تتعامل بغلاظه وهذا لا يمت للواقع بصلة ويحتاج الإنسان فهم عادات الشعوب وأساليب التعامل فيما بينهم حتى يستطيع التعامل معهم ومع جميع شعوب العالم . وبعد أخذ استراحة بسيطة بغرفتنا توجهنا إلى شارع الرينبو بجنوب العاصمة عند الدوار الأول إيذانا ببدء برنامجنا السياحي وهناك بالرينبو سوق جارا الذي يفتح يوم الجمعة فقط من كل أسبوع من الساعة 10 ص إلى 10 م لمدة شهرين في السنة ( بالإجازة الصيفية لديهم وهما شهرا 7 و 8 ميلادي ) وهذا السوق أشبه ما يكون بسوق الخوبة أو سوق الصميل بأبي عريش حيث تباع المنتجات المنزلية اليدوية فقط ويعد شارع الرينبو( ذو الاتجاه الموحد ) من أشهر الشوارع بالعاصمة عمان ومثله مثل شارع المدينة المنورة وشارع الجاردينز وشارع الوكالات وتناولنا وجبة عشاء في مطعم عتابا السياحي عدنا للفندق إيذانا بإغلاق برنامج يوم الوصول لأنه يوم مرهق ولابد فيه من الراحة . في صبيحة اليوم التالي استيقظنا بنشاط رغبة في استكشاف معالم العاصمة عمان ذات التاريخ العريق وابتدأنا يومنا بمطعم هاشم حيث الأصالة والذوق الأردني الشعبي وأكلنا الفلافل على أصولها والحمص والمسبحة والفول ثم توجهنا بعدها إلى المدرج الروماني ومتاحف المدرج الروماني والساحة الهاشمية وعدنا للفندق واسترحنا قليلا وذهبنا إلى غرب العاصمة عمان لزيارة حدائق الملك حسين بن طلال ومتحف السيارات الملكي الجميل جدا حيث تستطيع مشاهدة سيارات الملك الحسين بن طلال وسيارات الملك عبدالله الثاني الجميلة الفاخرة للغاية ثم توجهنا إلى محافظة الزرقاء الشعبية شرق العاصمة عمان واستمتعنا بمشاهدة معالم المحافظة وعدنا إلى العاصمة عمان وإلى مطعم جبري بشارع الجاردينز وتناولنا وجبة منسف لذيذة جدا وعدنا للفندق وأنا في قمة سعادتي وراحتي النفسية ، وأود أن أشير إلى أنه في كل هذه المحطات والمعالم الجميع يرحب بك ولا تسمع إلا عبارات نورتوا البلد ، حياكم الله ، وتسمع كثيرا دع الحساب علينا فأنت ضيفنا سواء في المطاعم أو الكافيهات والفنادق والأسواق وتسمع عبارة جميلة لازالت رنينها وعذب مسمعها تداعب أذناي وهي ( جيرة الله تتفضل معي البيت ) ، فعلا الشعب الأردني شعب كريم للغاية وودود جدا .
2- جرش وعجلون :
عادت بعض مشاعر القلق لأني سأغادر العاصمة عمان شمالا لأني غريب على البلد في قرارة نفسي وفي قرارة أنفس الأردنيين فأنا صاحب البلد ورب المنزل ، عموما انطلقت مبكرا إلى محافظة جرش حيث الآثار والتاريخ العريق المحتفظ بأصالته وهناك قابلني شخص رحب بي وأرشدني إلى بوابة الدخول وسبق أن كان يعمل في السعودية بمنطقة عسير وتحديدا في الواديين قرب منتزه الحبلة السياحي فعرض علينا استضافتنا في مطعم يعمل به لكننا شكرناه واعتذرنا لضيق الوقت ويا له من كرم في كل أرجاء الأردن الجميلة وبعد انتهائنا من زيارة جرش توجها إلى عجلون قاصدين قلعة صلاح الدين الأيوبي وبعد وصولنا وزيارتنا للقلعة الجميلة وعند خروجنا قابلنا عند بوابة الخروج العم أبو أنس بائع الشاي والقهوة والذي عرض علينا وجبة منسف بلدي في منزله من يد الخالة أم أنس لكننا بمشقة استطعنا إقناعه بضيق الوقت ووعدناه في زيارتنا القادمة بمشيئة الله سوف نلبي طلبه وأصر أن يكرمنا بضيافة شاي وقهوة من يديه ومحاميسه ذات النكهة الفريدة ، وتوجهنا إلى العاصمة عمان وفي منتصف الطريق نزلنا بمنتزه تل الرمان السياحي وتناولنا الغداء وكان طعامهم زاكي جدا ووصلنا إلى فندقنا بالعاصمة عمان وقضيت تلك الليلة في ممارسة السباحة .
3- البتراء ( المدينة الوردية ) :
صباح اليوم التالي (الاثنين) كان يوما جميلا لأن رفيقي بالرحلة من أمنياته زيارة البتراء منذ طفولته حينما درسها في مادة الجغرافيا بالمرحلة الإبتدائية ونحن ذاهبون اليوم لتحقيق هذه الأمنية . غادرنا العاصمة باتجاه محافظة معان جنوبا وكان الطريق به خدمات كثيرة جدا ويبعث في النفس الطمأنينة بالإضافة إلى سيارتنا الجديدة حيث تشعرك بطمأنينة أخرى ، أثناء سيرنا بالطريق شربنا القهوة الأردنية على أصولها أكثر من مرة من أيدي صانعي القهوة العربية والمنتشرين على الطريق بكثرة ومن الملاحظ أنهم فعلا محترفين في إعدادها وتمتاز القهوة الأردنية أنها أكثر دكانة في لونها من قهوتنا السعودية الغبراء وهي مابين القهوة التركية والسعودية ويضاف لها سكر بقدر موزون جدا ومررنا بالكثير من مزارع الزيتون وتوقفنا عند إحداها وتصورنا مع شجرة وثمار الزيتون ومررنا بالطفيلة والشوبك التابعة للكرك ووصلنا أخيرا لمدينة وادي موسى ( كانت تسمى إلجي سابقا ) واستقبلنا بكل محبة وتقدير مدير الفندق ( petra night hotel) وأرشدنا إلى برنامجي زيارة آثار البتراء النهارية والليلية وذهبنا الساعة 4 مساء وركبنا عربة الخيل من بوابة الدخول وعبر السيق إلى الخزنة ثم ركبنا الجمل من الخزنة إلى المحكمة وبعض المعالم التي لا تحضرني أسمائها ورجعنا للفندق للراحة ثم عدنا الساعة 8:20 مساء لرحلة ( petra by night ) حيث ينتظرك المرشد السياحي في قروب كبير جدا معظمهم من السياح الغير عرب في الساحة العامة ثم يتم العبور إلى بوابة الدخول باتجاه السيق ( طريق بين جبلين طوله كيلومتر ونصفأشبه ما يكون بالمغارة) إلى حد الخزنة في جو مهيب جدا يخلط بين الظلام الدامس وأنوار الشموع وعند الوصول يطلب منك المرشد السياحي الصمت المطلق وعدم الكلام ويطلب منك الجلوس مقابل الخزنة على شكل صفوف الصلاة لتشاهد الشموع المضاءة وبعدها يتم تقديم عروض جذابة وهي عبارة عن عزف بالربابة ثم جر بالمزمار ثم شعر باللغة الإنجليزية مفادها أن تحكي البتراء عن نفسها مستغربة من هؤلاء الناس الجالسين أمامها القادمين من جميع دول العالم وكيف لها بعد 2200 سنة أن يشاهدها هؤلاء الناس وهي في قمة جمالها وبهي حلتها ويتم تقديم كأس من الشاي كضيافة ، تجربة البتراء ليلا لا تنسى أبدا وخاصة لرفيقي الذي هي أمنية من أمنياته ، ثم عدنا للفندق ونمنا بعد عناء كبير جدا نتيجة السفر من العاصمة والمشي بالبتراء . استيقظنا مبكرا متجهين إلى مدينة العقبة ، عبر طريق مختصر نائي واسمه الطريق الملوكي بحيث يلتقي مع طريق اسمه الطريق الصحراوي القادم من معان باتجاه العقبة وبالرغم من انعدام الخدمات تماما إلا أن الأمن كان سيد الموقف ولا تخشى إلا خلاص الوقود أو عطل بالسيارة ، والحمد لله أن كل ذلك كان في الحسبان في رحلتنا .
4- العقبة :
تعد المحافظة البحرية الوحيدة بالأردن والتي تشبه إلى حد كبير المدن السعودية في تصميمها وشوارعها ومنازلها وكل شيء وقبل أن نصل هذه المدينة كانت خطتنا بقدومنا من البتراء أن نزور وادي رم لكن لضيق الوقت لم نفعل ومع حدود المدينة قابلنا جمرك داخلي وبعده بكيلومترات بسيطة دخلنا مدينة العقبة واستلمنا غرفتنا في فندق يافكو المطل على البحر وكانوا نعم الرجال وغمرونا ببشاشتهم وبعد استلامنا لغرفتنا ذهبنا إلى مطعم علي بابا السياحي واستمتعنا بتناول المأكولات البحرية ثم أخذنا جولة إلى الحدود السعودية وهي ليست بالبعيدة عن نفس مدينة العقبة وعدنا للعقبة مره أخرى وتعرفنا على المدينة ومعالمها الجميلة وركبنا قارب بحري أرضيته زجاجية وشاهدنا الدبابة الغارقة في قاع البحر وعدنا للشاطئ بسلام . ومدينة العقبة تستطيع منها مشاهدة جبال مصر وفلسطين المحتلة ( أيلات الإسرائيلية) ومدينة حقل السعودية ولهذا بالعين المجردة تستطيع مشاهدة أربع دول بنفس اللحظة . عدنا للفندق ونمنا مبكرا استعدادا ليوم غد والذي يحتاج إلى جهد كبير حيث سيتم قطع مسافة طويلة إلى مادبا .
6- البحر الميت وحمامات ماعين :
توجهنا بالصباح الباكر إلى البحر الميت عبر طريق اسمه الأغوار وهو طريق حدودي مابين الأردن وفلسطين المحتلة واستمتعنا بخط سيرنا حيث البداوة والأصالة والناس الكرماء البسيطين في معيشتهم والتي أشبه ما تكون بالمسلسلات البدوية التي نشاهدها في التلفاز توقفنا لأكثر من مرة نشتري القهوة الأردنية وكالعادة تسمع عبارات الترحيب وعبارة دع الحساب علينا ووصلنا بحفظ الله ورعايته إلى البحر الميت وهي أخفض بقعة على وجه الأرض وشاهدنا مقام نبي الله لوط عليه السلام قبيل الوصول لبداية البحر الميت من الطرف الجنوبي على الجهة اليمنى في كنيسة بيزنطية قديمة وشاهدنا متحف اسمه أدنى الأرض . ما لاحظناه كثيرا أن الحكومة الأردنية تستثمر كل مقومات السياحة لدعم اقتصاد البلد والبحر الميت هو أحد أهم وجهات السياحة بالأردن ولهذا حتى تتمكن من السباحة فيه لابد من أحد المنتجعات الفندقية أو الشواطئ العامة وكلاهما يحتاج السائح لدفع تذاكر للدخول لأن الطريق مرتفع جدا عن البحر ولا تستطيع الوصول للماء إلا عن طريق المنتجع وأظن الأمر الآخر من باب الأمن وضبط الحدود كون البحر الميت مقسوم بين الأردن وفلسطين المحتلة ، اكتفينا بمشاهدة البحر والتصوير فقط دون السباحة وتوجهنا إلى حمامات ماعين واغتسلنا في شلالاته العلاجية الحارة ذات المعادن الكبريتية وتوجهنا إلى مادبا .
7- مادبا وجبل نيبو :
تعتبر مادبا المحافظة الأكثر حفاظا على الحجاب في المملكة الأردنية الهاشمية وأهل هذه المحافظة لازالت الحضارة المدنية لم تطغى عليهم .حال وصولنا إلى مادبا قادمين من البحر الميت وماعين توجهنا إلى فندق القديس يوحنا واستلمنا غرفتنا وأخذنا قسط بسيط من الراحة وتوجهت أنا لشراء بعض الهدايا مشيا على الأقدام بينما رفيق الرحلة تشرف بمقابلة أحد أساتذته الجامعيين في جامعة الملك سعود وهو من مادبا وذهبا معا في جولة بالمدينة . وبعد صلاة العشاء اجتمعت مجددا برفيق الرحلة و تناولنا وجبة عشاء فخارية أشبه ما تكون بالمغش الجيزاني وكانت في غاية الروعة واللذة وتناولنا معها ريش اللحم الطازج ومقبلات لا تقل لذة عن الأطباق الرئيسية ، نمنا تلك الليلة بهناء بعد برنامج أخذ منا جهدا كبيرا . استيقظنا متأخرا وبعد الاستحمام قمنا بتسليم الفندق على عجل كون الساعة قربت من 12 ظهرا وأخبرنا مدير الفندق أنه بعد الساعة 12 ظهرا سيتم حساب يوم جديد وأثناء تسليمنا للغرفة والخروج أصر مدير الفندق أن يكون الحساب ضيافة وبدون مبالغة هذه عادة الأردنيين الكرام جزاهم الله خير وكنت أفكر في الشخصية الأردنية كيف جمعت بين النظام الصارم والكرم وحسن الضيافة وربما هذه المواقف هي من كانت تتسبب في سوء فهم بعض السائحين العرب وينقلون تجاربهم للغير على أن البلد غير سياحي أبدا . بعدها توجهنا إلى زيارة كنيسة القديس يوحنا ثم إلى جبل نيبو ويعد جبل نيبو مرتفع يطل على مدينة القدس التي تبعد حول 80 كيلوا مترا وأفضل وقت لزيارته بعد صلاة الفجر مباشرة لمشاهدة بيت المقدس وقبة الصخرة لكن الوقت لم يسعفنا وكانت زيارتنا لجبل نيبو مع أذان الظهر وللأسف لم نستطيع مشاهدة أي شيء لأن الجو كان غير مناسب وزرنا ضريح موسى عليه السلام وتوجهنا بعدها إلى العاصمة عمان .
8- عمان واليوم الأخير :
وصلنا العاصمة عمان وقبل الذهاب للفندق زرنا مطعم جبري مرة أخرى وتناولنا وجبة غداء دسمة ( منسف و رقاب محشية + لحم موزة ) كوجبة وداعية وعدنا لنفس الفندق الذي أقمنا به في بداية رحلتنا حينما وصلنا العاصمة عمان ( الفنار بالاس) وقضينا تلك الليلة في ممارسة رياضة السباحة بالفندق للاسترخاء والاستجمام من عناء التنقل . في اليوم التالي تم تسليم الفندق مع الساعة 2 ظهرا وكان هناك وقتا طويلا حتى موعد رحلتنا ( 9 ساعات تقريبا ) فقررنا قضائها في جولة لوجهات جديدة وتوجهنا الى منطقة ناعور وأخذنا جولة على غاباتها وأمتعنا أبصارنا بتلك المناظر الخلابة وأشجارها الكثيفة ومنظر العوائل تحت ظلال أشجار الغابات وشعرنا أننا للتو وصلنا إلى الأردن وليس على وشك مغادرتها وقبل صلاة المغرب قمنا بغسل السيارة في أحد المغاسل لنسلمها لمكتب التأجير نظيفة كما استلمناها والسائح دائما مايعتبر خير سفير لبلده وهذا أقل مايمكن عمله ردا لكل جميل واجهناه . وتوجهنا للمطار الساعة 8 مساءا حيث أن رحلة مغادرتنا الساعة 11:15 مساءا وتناولنا وجبة العشاء من مطعم الكلحة بالمطار وأصر الشيف أن تكون الوجبة ضيافة وبعد جهد أخذ نصف الحساب فقط وأما المشروب (لبن شنينة ) فتم تقديمه كضيافة مجانية وشكرته من أعماقي .
شكرا للمملكة الأردنية الهاشمية بداية من جلالة الملك عبدالله بن الحسين الثاني ملك المملكة الهاشمية الأبية ولكل الشعب الأردني السمح المعطاء الكريم على حسن الاستقبال وحسن الضيافة وحسن التعاون وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعيشها البلد لكن ثقة بالله ثم بقيادتهم وتعاونهم حكومة وشعبا سيتحدون كل الصعاب لتسير عجلة التنمية إلى الأمام بقوة تصاعدية لا تتوقف كما أحب أن أذكر أمرا في غاية الأهمية وهو أن في كل شعب من شعوب العالم هناك الصالح والطالح وأنا بفضل الله لم أقابل إلا الصالح وأؤمن أن هناك من لو قابلته لعكر علي متعة السفر وهذا معروف في جميع بلدان العالم ولكن لابد للسائح أن يكون حريصا على عدة أمور في سفره ويحسن التصرف ويكون حذرا جدا وذكي في كل تعاملاته حتى لا يقع ضحية لضعاف النفوس كما أحب أن أشكر الجميع وأخص بالشكر :
* أمي وأبي (الذين منحاني الدعاء طول فترة رحلتي )
* زوجتي وابني مالك ( اللذان تواصلا معي طيلة فترة السفر وأشعراني أنني معهم وهم معي )
* بندر ( رفيقي وشقيقي بالرحلة )
* محمد الزايد ( الذي سهل لنا كل المواصلات داخل الأردن ووقف معنا وقفة الأخ الأمين )
* أنتم قرائي الأعزاء
* كل من قابلنا وخدمنا بالأردن
زيارتي للمملكة الأردنية الهاشمية ( ديرة النشامى )
سأكتب لك عزيزي القارئ بإختصار مفيد لأحكي لك فيه عن تجربتي الأولى لزيارة المملكة الأردنية الهاشمية منذ أن نويت زيارتها قبل سنوات إلى أن غادرت الهاشمية الكريمة بتاريخ 8-12-1437 هجرية في رحلة مدتها 8 أيام وكلي شوق لتكرار الزيارة ، حيث تجد بالأردن الأصالة والعروبة والكرم الحاتمي والنشامة والضيافة والجدية في الأخذ والعطاء ، أما إذا كنت سعوديا ستشعر في المملكة الأردنية كأنك في بلدك السعودية لأن الناس هناك تربت على احترام وتوقير الضيف والجار ويقينا مهما كانت جنسيتك سوف يشعرك الأردنيون أنك في بلدك الأم ولست أجنبيا . للعربي هناك تعامل آخر حيث يعامل معاملة الأردني وأما السعودي فله تعامل خاص ، كيف لا وقد قال الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله في عمره لولا البروتوكولات الدولية لما احتجنا إلى سفارة بالأردن بمعنى أن الشعبين شعب واحد والجار كريم وأمين . لمست عن قرب افتخار ومحبة ومشاعر كريمة يكنها الشعب الأردني العريق الأصيل للشعب السعودي العظيم نظرا للمجورة التي يحترمها الطرفين وللعروبة وقرابة الدم الذي يربطنا ببعضنا . لن أطيل في المقدمة ونستهل الحديث بسم الله الرحمن الرحيم :
قررت زيارة الأردن قبل 3 سنوات وحجزت تذاكر الطيران والفنادق لكنه انتابني بعض مشاعر القلق ولا أدري ما السبب ؟!!! فتارة أعلق السبب على شماعة الأمن والأمان وتارة على ما نقرأه عن الأردن من تجارب الآخرين الغير ناجحة وأحيانا على شماعة انعدام المعلومات الكافية عن البلد والتي يستند لها السائح دائما ، ولأننا نسمع أن هناك غلظة في التعامل واستغلال للسائح ماديا وضعف الأمن وعدم احترام الشعب الأردني للشعوب الخليجية وبالأخص الشعب السعودي ( افتراء طبعا ) فقررت بعد تجهيز وترتيب رحلتي وقبل المغادرة بيوم واحد وبتشجيع من أمي الحبيبة أن أترك الرحلة برمتها وبخسائرها دون مطالبة باسترجاع الخسائر وأن أغير وجهتي إلى دول الخليج الأكثر أمانا وذهبت حينها إلى البحرين والكويت برفقة زوجتي برا بسيارتي الخاصة . بعد ذلك عاودتني فكرة زيارة الأردن مرة أخرى ولكن كرحلة شبابية استكشافية ومغامرة و هذه المرة صمدت أمام كل مشاعر القلق الغير مبررة وحجزت التذاكر ( طيران وفنادق ) وحجزت سيارة من أحد المكاتب في العاصمة عمان ووعدني صاحب المكتب أنه سيقابلني بها في مطار الملكة علياء وسيستلمها مني في ذات المطار وقت مغادرتي من باب الخدمة والضيافة وحتى يوفر علي سعر التاكسي ولأن يوم الاستلام والتسليم سيوافق يوم جمعة وهي إجازة بالنسبة له والمكتب مغلق ، سألت نفسي هل فعلا سيعمل كل هذا من أجل شخص لا يعرفه ؟ وفعلا وعد وأوفى وبكل بساطة هذه هي الأردن الشقيقة وهؤلاء هم أبناء الملك عبد الله الثاني حفظه الله وسدد الله خطاه وسأحتفظ للأخ محمد صاحب مكتب التأجير بهذا الجميل العظيم . غادرت من مطار جازان إلى مطار جده بتاريخ 30 - 11-1437 هجري ومن هناك إلى مطار الملكة علياء وهو مطار حديث جدا ويعد مفخرة للشعوب العربية ( استثمار فرنسي بنسبة 49% وأردني 51% ) وحال وصولي استلمت سيارتي من الأخ محمد حيث وجدته منتظرا عند بوابة الوصول ، وبدأ الترحيب والتسهيل بنا من جوازات المطار والجمارك وحينها انجلت مشاعر القلق وتبدلت المشاعر فرحا وأنسا ومحبة لتلك العاصمة الحالمة العربية وكان برنامج زيارتي للأردن 8 أيام على النحو التالي :
1- العاصمة عمان :
سرت ببركة الله من المطار إلى الفندق (الفنار بالاس ) واستلمت غرفتي و كانت الموظفة بالاستقبال سيدة أنيقة جدا في تعاملها وفي ترحيبها الحار بنا وتتحلى السيدة بشخصية قوية وأسلوب جميل وشكيمة قبلية قد يفسرها البعض بالتعالي أو الغرور ولكن من لا يجيد التعامل مع الإنسان الأردني سيشعر أن الناس هناك تتعامل بغلاظه وهذا لا يمت للواقع بصلة ويحتاج الإنسان فهم عادات الشعوب وأساليب التعامل فيما بينهم حتى يستطيع التعامل معهم ومع جميع شعوب العالم . وبعد أخذ استراحة بسيطة بغرفتنا توجهنا إلى شارع الرينبو بجنوب العاصمة عند الدوار الأول إيذانا ببدء برنامجنا السياحي وهناك بالرينبو سوق جارا الذي يفتح يوم الجمعة فقط من كل أسبوع من الساعة 10 ص إلى 10 م لمدة شهرين في السنة ( بالإجازة الصيفية لديهم وهما شهرا 7 و 8 ميلادي ) وهذا السوق أشبه ما يكون بسوق الخوبة أو سوق الصميل بأبي عريش حيث تباع المنتجات المنزلية اليدوية فقط ويعد شارع الرينبو( ذو الاتجاه الموحد ) من أشهر الشوارع بالعاصمة عمان ومثله مثل شارع المدينة المنورة وشارع الجاردينز وشارع الوكالات وتناولنا وجبة عشاء في مطعم عتابا السياحي عدنا للفندق إيذانا بإغلاق برنامج يوم الوصول لأنه يوم مرهق ولابد فيه من الراحة . في صبيحة اليوم التالي استيقظنا بنشاط رغبة في استكشاف معالم العاصمة عمان ذات التاريخ العريق وابتدأنا يومنا بمطعم هاشم حيث الأصالة والذوق الأردني الشعبي وأكلنا الفلافل على أصولها والحمص والمسبحة والفول ثم توجهنا بعدها إلى المدرج الروماني ومتاحف المدرج الروماني والساحة الهاشمية وعدنا للفندق واسترحنا قليلا وذهبنا إلى غرب العاصمة عمان لزيارة حدائق الملك حسين بن طلال ومتحف السيارات الملكي الجميل جدا حيث تستطيع مشاهدة سيارات الملك الحسين بن طلال وسيارات الملك عبدالله الثاني الجميلة الفاخرة للغاية ثم توجهنا إلى محافظة الزرقاء الشعبية شرق العاصمة عمان واستمتعنا بمشاهدة معالم المحافظة وعدنا إلى العاصمة عمان وإلى مطعم جبري بشارع الجاردينز وتناولنا وجبة منسف لذيذة جدا وعدنا للفندق وأنا في قمة سعادتي وراحتي النفسية ، وأود أن أشير إلى أنه في كل هذه المحطات والمعالم الجميع يرحب بك ولا تسمع إلا عبارات نورتوا البلد ، حياكم الله ، وتسمع كثيرا دع الحساب علينا فأنت ضيفنا سواء في المطاعم أو الكافيهات والفنادق والأسواق وتسمع عبارة جميلة لازالت رنينها وعذب مسمعها تداعب أذناي وهي ( جيرة الله تتفضل معي البيت ) ، فعلا الشعب الأردني شعب كريم للغاية وودود جدا .
2- جرش وعجلون :
عادت بعض مشاعر القلق لأني سأغادر العاصمة عمان شمالا لأني غريب على البلد في قرارة نفسي وفي قرارة أنفس الأردنيين فأنا صاحب البلد ورب المنزل ، عموما انطلقت مبكرا إلى محافظة جرش حيث الآثار والتاريخ العريق المحتفظ بأصالته وهناك قابلني شخص رحب بي وأرشدني إلى بوابة الدخول وسبق أن كان يعمل في السعودية بمنطقة عسير وتحديدا في الواديين قرب منتزه الحبلة السياحي فعرض علينا استضافتنا في مطعم يعمل به لكننا شكرناه واعتذرنا لضيق الوقت ويا له من كرم في كل أرجاء الأردن الجميلة وبعد انتهائنا من زيارة جرش توجها إلى عجلون قاصدين قلعة صلاح الدين الأيوبي وبعد وصولنا وزيارتنا للقلعة الجميلة وعند خروجنا قابلنا عند بوابة الخروج العم أبو أنس بائع الشاي والقهوة والذي عرض علينا وجبة منسف بلدي في منزله من يد الخالة أم أنس لكننا بمشقة استطعنا إقناعه بضيق الوقت ووعدناه في زيارتنا القادمة بمشيئة الله سوف نلبي طلبه وأصر أن يكرمنا بضيافة شاي وقهوة من يديه ومحاميسه ذات النكهة الفريدة ، وتوجهنا إلى العاصمة عمان وفي منتصف الطريق نزلنا بمنتزه تل الرمان السياحي وتناولنا الغداء وكان طعامهم زاكي جدا ووصلنا إلى فندقنا بالعاصمة عمان وقضيت تلك الليلة في ممارسة السباحة .
3- البتراء ( المدينة الوردية ) :
صباح اليوم التالي (الاثنين) كان يوما جميلا لأن رفيقي بالرحلة من أمنياته زيارة البتراء منذ طفولته حينما درسها في مادة الجغرافيا بالمرحلة الإبتدائية ونحن ذاهبون اليوم لتحقيق هذه الأمنية . غادرنا العاصمة باتجاه محافظة معان جنوبا وكان الطريق به خدمات كثيرة جدا ويبعث في النفس الطمأنينة بالإضافة إلى سيارتنا الجديدة حيث تشعرك بطمأنينة أخرى ، أثناء سيرنا بالطريق شربنا القهوة الأردنية على أصولها أكثر من مرة من أيدي صانعي القهوة العربية والمنتشرين على الطريق بكثرة ومن الملاحظ أنهم فعلا محترفين في إعدادها وتمتاز القهوة الأردنية أنها أكثر دكانة في لونها من قهوتنا السعودية الغبراء وهي مابين القهوة التركية والسعودية ويضاف لها سكر بقدر موزون جدا ومررنا بالكثير من مزارع الزيتون وتوقفنا عند إحداها وتصورنا مع شجرة وثمار الزيتون ومررنا بالطفيلة والشوبك التابعة للكرك ووصلنا أخيرا لمدينة وادي موسى ( كانت تسمى إلجي سابقا ) واستقبلنا بكل محبة وتقدير مدير الفندق ( petra night hotel) وأرشدنا إلى برنامجي زيارة آثار البتراء النهارية والليلية وذهبنا الساعة 4 مساء وركبنا عربة الخيل من بوابة الدخول وعبر السيق إلى الخزنة ثم ركبنا الجمل من الخزنة إلى المحكمة وبعض المعالم التي لا تحضرني أسمائها ورجعنا للفندق للراحة ثم عدنا الساعة 8:20 مساء لرحلة ( petra by night ) حيث ينتظرك المرشد السياحي في قروب كبير جدا معظمهم من السياح الغير عرب في الساحة العامة ثم يتم العبور إلى بوابة الدخول باتجاه السيق ( طريق بين جبلين طوله كيلومتر ونصفأشبه ما يكون بالمغارة) إلى حد الخزنة في جو مهيب جدا يخلط بين الظلام الدامس وأنوار الشموع وعند الوصول يطلب منك المرشد السياحي الصمت المطلق وعدم الكلام ويطلب منك الجلوس مقابل الخزنة على شكل صفوف الصلاة لتشاهد الشموع المضاءة وبعدها يتم تقديم عروض جذابة وهي عبارة عن عزف بالربابة ثم جر بالمزمار ثم شعر باللغة الإنجليزية مفادها أن تحكي البتراء عن نفسها مستغربة من هؤلاء الناس الجالسين أمامها القادمين من جميع دول العالم وكيف لها بعد 2200 سنة أن يشاهدها هؤلاء الناس وهي في قمة جمالها وبهي حلتها ويتم تقديم كأس من الشاي كضيافة ، تجربة البتراء ليلا لا تنسى أبدا وخاصة لرفيقي الذي هي أمنية من أمنياته ، ثم عدنا للفندق ونمنا بعد عناء كبير جدا نتيجة السفر من العاصمة والمشي بالبتراء . استيقظنا مبكرا متجهين إلى مدينة العقبة ، عبر طريق مختصر نائي واسمه الطريق الملوكي بحيث يلتقي مع طريق اسمه الطريق الصحراوي القادم من معان باتجاه العقبة وبالرغم من انعدام الخدمات تماما إلا أن الأمن كان سيد الموقف ولا تخشى إلا خلاص الوقود أو عطل بالسيارة ، والحمد لله أن كل ذلك كان في الحسبان في رحلتنا .
4- العقبة :
تعد المحافظة البحرية الوحيدة بالأردن والتي تشبه إلى حد كبير المدن السعودية في تصميمها وشوارعها ومنازلها وكل شيء وقبل أن نصل هذه المدينة كانت خطتنا بقدومنا من البتراء أن نزور وادي رم لكن لضيق الوقت لم نفعل ومع حدود المدينة قابلنا جمرك داخلي وبعده بكيلومترات بسيطة دخلنا مدينة العقبة واستلمنا غرفتنا في فندق يافكو المطل على البحر وكانوا نعم الرجال وغمرونا ببشاشتهم وبعد استلامنا لغرفتنا ذهبنا إلى مطعم علي بابا السياحي واستمتعنا بتناول المأكولات البحرية ثم أخذنا جولة إلى الحدود السعودية وهي ليست بالبعيدة عن نفس مدينة العقبة وعدنا للعقبة مره أخرى وتعرفنا على المدينة ومعالمها الجميلة وركبنا قارب بحري أرضيته زجاجية وشاهدنا الدبابة الغارقة في قاع البحر وعدنا للشاطئ بسلام . ومدينة العقبة تستطيع منها مشاهدة جبال مصر وفلسطين المحتلة ( أيلات الإسرائيلية) ومدينة حقل السعودية ولهذا بالعين المجردة تستطيع مشاهدة أربع دول بنفس اللحظة . عدنا للفندق ونمنا مبكرا استعدادا ليوم غد والذي يحتاج إلى جهد كبير حيث سيتم قطع مسافة طويلة إلى مادبا .
6- البحر الميت وحمامات ماعين :
توجهنا بالصباح الباكر إلى البحر الميت عبر طريق اسمه الأغوار وهو طريق حدودي مابين الأردن وفلسطين المحتلة واستمتعنا بخط سيرنا حيث البداوة والأصالة والناس الكرماء البسيطين في معيشتهم والتي أشبه ما تكون بالمسلسلات البدوية التي نشاهدها في التلفاز توقفنا لأكثر من مرة نشتري القهوة الأردنية وكالعادة تسمع عبارات الترحيب وعبارة دع الحساب علينا ووصلنا بحفظ الله ورعايته إلى البحر الميت وهي أخفض بقعة على وجه الأرض وشاهدنا مقام نبي الله لوط عليه السلام قبيل الوصول لبداية البحر الميت من الطرف الجنوبي على الجهة اليمنى في كنيسة بيزنطية قديمة وشاهدنا متحف اسمه أدنى الأرض . ما لاحظناه كثيرا أن الحكومة الأردنية تستثمر كل مقومات السياحة لدعم اقتصاد البلد والبحر الميت هو أحد أهم وجهات السياحة بالأردن ولهذا حتى تتمكن من السباحة فيه لابد من أحد المنتجعات الفندقية أو الشواطئ العامة وكلاهما يحتاج السائح لدفع تذاكر للدخول لأن الطريق مرتفع جدا عن البحر ولا تستطيع الوصول للماء إلا عن طريق المنتجع وأظن الأمر الآخر من باب الأمن وضبط الحدود كون البحر الميت مقسوم بين الأردن وفلسطين المحتلة ، اكتفينا بمشاهدة البحر والتصوير فقط دون السباحة وتوجهنا إلى حمامات ماعين واغتسلنا في شلالاته العلاجية الحارة ذات المعادن الكبريتية وتوجهنا إلى مادبا .
7- مادبا وجبل نيبو :
تعتبر مادبا المحافظة الأكثر حفاظا على الحجاب في المملكة الأردنية الهاشمية وأهل هذه المحافظة لازالت الحضارة المدنية لم تطغى عليهم .حال وصولنا إلى مادبا قادمين من البحر الميت وماعين توجهنا إلى فندق القديس يوحنا واستلمنا غرفتنا وأخذنا قسط بسيط من الراحة وتوجهت أنا لشراء بعض الهدايا مشيا على الأقدام بينما رفيق الرحلة تشرف بمقابلة أحد أساتذته الجامعيين في جامعة الملك سعود وهو من مادبا وذهبا معا في جولة بالمدينة . وبعد صلاة العشاء اجتمعت مجددا برفيق الرحلة و تناولنا وجبة عشاء فخارية أشبه ما تكون بالمغش الجيزاني وكانت في غاية الروعة واللذة وتناولنا معها ريش اللحم الطازج ومقبلات لا تقل لذة عن الأطباق الرئيسية ، نمنا تلك الليلة بهناء بعد برنامج أخذ منا جهدا كبيرا . استيقظنا متأخرا وبعد الاستحمام قمنا بتسليم الفندق على عجل كون الساعة قربت من 12 ظهرا وأخبرنا مدير الفندق أنه بعد الساعة 12 ظهرا سيتم حساب يوم جديد وأثناء تسليمنا للغرفة والخروج أصر مدير الفندق أن يكون الحساب ضيافة وبدون مبالغة هذه عادة الأردنيين الكرام جزاهم الله خير وكنت أفكر في الشخصية الأردنية كيف جمعت بين النظام الصارم والكرم وحسن الضيافة وربما هذه المواقف هي من كانت تتسبب في سوء فهم بعض السائحين العرب وينقلون تجاربهم للغير على أن البلد غير سياحي أبدا . بعدها توجهنا إلى زيارة كنيسة القديس يوحنا ثم إلى جبل نيبو ويعد جبل نيبو مرتفع يطل على مدينة القدس التي تبعد حول 80 كيلوا مترا وأفضل وقت لزيارته بعد صلاة الفجر مباشرة لمشاهدة بيت المقدس وقبة الصخرة لكن الوقت لم يسعفنا وكانت زيارتنا لجبل نيبو مع أذان الظهر وللأسف لم نستطيع مشاهدة أي شيء لأن الجو كان غير مناسب وزرنا ضريح موسى عليه السلام وتوجهنا بعدها إلى العاصمة عمان .
8- عمان واليوم الأخير :
وصلنا العاصمة عمان وقبل الذهاب للفندق زرنا مطعم جبري مرة أخرى وتناولنا وجبة غداء دسمة ( منسف و رقاب محشية + لحم موزة ) كوجبة وداعية وعدنا لنفس الفندق الذي أقمنا به في بداية رحلتنا حينما وصلنا العاصمة عمان ( الفنار بالاس) وقضينا تلك الليلة في ممارسة رياضة السباحة بالفندق للاسترخاء والاستجمام من عناء التنقل . في اليوم التالي تم تسليم الفندق مع الساعة 2 ظهرا وكان هناك وقتا طويلا حتى موعد رحلتنا ( 9 ساعات تقريبا ) فقررنا قضائها في جولة لوجهات جديدة وتوجهنا الى منطقة ناعور وأخذنا جولة على غاباتها وأمتعنا أبصارنا بتلك المناظر الخلابة وأشجارها الكثيفة ومنظر العوائل تحت ظلال أشجار الغابات وشعرنا أننا للتو وصلنا إلى الأردن وليس على وشك مغادرتها وقبل صلاة المغرب قمنا بغسل السيارة في أحد المغاسل لنسلمها لمكتب التأجير نظيفة كما استلمناها والسائح دائما مايعتبر خير سفير لبلده وهذا أقل مايمكن عمله ردا لكل جميل واجهناه . وتوجهنا للمطار الساعة 8 مساءا حيث أن رحلة مغادرتنا الساعة 11:15 مساءا وتناولنا وجبة العشاء من مطعم الكلحة بالمطار وأصر الشيف أن تكون الوجبة ضيافة وبعد جهد أخذ نصف الحساب فقط وأما المشروب (لبن شنينة ) فتم تقديمه كضيافة مجانية وشكرته من أعماقي .
شكرا للمملكة الأردنية الهاشمية بداية من جلالة الملك عبدالله بن الحسين الثاني ملك المملكة الهاشمية الأبية ولكل الشعب الأردني السمح المعطاء الكريم على حسن الاستقبال وحسن الضيافة وحسن التعاون وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعيشها البلد لكن ثقة بالله ثم بقيادتهم وتعاونهم حكومة وشعبا سيتحدون كل الصعاب لتسير عجلة التنمية إلى الأمام بقوة تصاعدية لا تتوقف كما أحب أن أذكر أمرا في غاية الأهمية وهو أن في كل شعب من شعوب العالم هناك الصالح والطالح وأنا بفضل الله لم أقابل إلا الصالح وأؤمن أن هناك من لو قابلته لعكر علي متعة السفر وهذا معروف في جميع بلدان العالم ولكن لابد للسائح أن يكون حريصا على عدة أمور في سفره ويحسن التصرف ويكون حذرا جدا وذكي في كل تعاملاته حتى لا يقع ضحية لضعاف النفوس كما أحب أن أشكر الجميع وأخص بالشكر :
* أمي وأبي (الذين منحاني الدعاء طول فترة رحلتي )
* زوجتي وابني مالك ( اللذان تواصلا معي طيلة فترة السفر وأشعراني أنني معهم وهم معي )
* بندر ( رفيقي وشقيقي بالرحلة )
* محمد الزايد ( الذي سهل لنا كل المواصلات داخل الأردن ووقف معنا وقفة الأخ الأمين )
* أنتم قرائي الأعزاء
* كل من قابلنا وخدمنا بالأردن