لكل من وصل إلى هذه الصفحة
هذه المشاركة ليست تقريراً سياحياً يرصد
وجهات واحداثيات ... أرقام و أسعار
هي صور ازدحمت بها ذاكرة الكاميرا ،،،، و مشاهد متفرقة من ذاكرتي ايقظها الحنين،،،
و كلمات مبعثرة ،،، تحكي مجتمعةً قصة حب للبوسنة
فـــ مرحباً
*
*
*
البوسنة...حكاية من نسج الجمال
سريعا مرت الأيام ...بل مر عام و أكثر منذ عودتي من البوسنة
عجباً لأيامي ... تتساقط كحبات العقد إذا انفرط!
كنت أمني النفس منذ ان قررت السفر إليها بإعداد تقرير عن رحلتي العائلية الأولى لهذه الدولة
و لكن التقارير -كغيرها من الأعمال- لا تنجز بالأمنيات
كنت أحمل لكم من هناك صور و حكايات،،، و تفاصيل كثيرة
ضاعت التفاصيل ،،، و معها أكثر الحكايات
حتى أسماء المدن بالكاد أذكرها
ترى هل تصاب المرأة بالزهايمر في عمر ال37؟
لم يبقى إلا الحنين إليها
و صورٌ من هنا ،،، و هناك
فكرت أن أطرح الصور في تقرير صامت لتشاركوني الذكريات
ولكن ... أتعلمون أن الصمت للمرأة أكثر الأعمال ارهاقاً...؟
ولذا سأقتص لكم من كل قصة قصيصة
فلتتسع صدوركم
*
*
*
كنت سأخبركم كيف أحببتها
احببتها من صورة
لم تكن سوى صورة لجسر عتيق ... يشقه نهر ...ويحتضنهما الغيم
صورة واحدة سرعان ما جرّت إليّ صور ،،، و قصص ،،، و لهفة للقاء
فكـــــــان لنــــا لقـــــــــــاء
*
*
*
كنت سأحدثكم عن السفر عبر الترمينال 2 في مطار دبي
حيث يجتمع كل أجناس الأرض
تتزاحم الوجوه فيه و تتعدد الألوان و المقاصد
و يردد النداء أسماءَ عواصم و مدن ،،، يخال إلي أن كتب الجغرافيا لا تعرفها
على غير عادتي
دققت يومها في كل الوجوه التي صادفتني... و سمعت حكايات بكل اللغات،،،فالانتظار طويل
شاهدت يومها المقتدر لا يجد أرقى مكاناً من "بـــــــــول " ليتناول افطاره
و وجدت البسطاء يفترشون الأرض يتقاسمون مع أطفالهم طعاماً في حافظة ،،، لا أعلم في أي بلد أعد
تشاركت يومها طاولة الطعام مع أشخاص لا يعرف بعضنا الآخر،،،كل ما يهمنا حينها كان الطعام من أجل البقاء
كنت سأخبركم عن حكايات المستلقيات في مصلى النساء،،، انهكهن طول السفر
كنت سأخبركم عن ذاك المسن العربي ... يبحث في أركان المطار عن" فرحه" زوجته ،،، تسابقه دمعته
قصصت على زوجي حينها الموقف،،،عن الخوف الذي شاهدته في عيني الحاج
فقال -و هو يقاوم النوم- إنما يبكي خشية أن تفوتهما الطائرة و يتكلف تذاكر جديدة....كنت سأعجب منه حقاً لو أجاب بغير ذلك
على مقاعد الانتظار ...يتساقط الناس أمامي نياماً كضحايا حرب ،،، و ما زلت متماسكة
و على غير عادتي ... استسلمت للنوم على حقيبتي ،،،
حقا لقد كانت أطول 5 ساعات أعيشها
*
*
*
كنت سأخبركم عن سراييفو...عن غرابة اللقاء و مرارة الوداع
كيف استقبلتنا سراييفو بشمس حارقة
و كيف ودعتنا ببياض الثلج ،،،،و كأنها بالغت في الاعتذار!
***
مع أولى خطواتي على أرضها ... صوت يتردد في أذني ولا يتركني
سراييفو..... سراييفو
نناديكم وقد كثر النحيب.... نناديكم و لكن من يجيب
نناديكم و آهات الثكالى ...تحدثكم بما اقترف الصليب
و لا تزال الكلمات نفسها تلاحقني ...أنشدها بصوت خافت
سراييفو تقول لكم ثيابي .... ممزقة و جدراني ثقوب
و أوردتي تقطع لا لأني .... جنيت و لا لأني لا أتوب
لعلها أنشودة لم يسمع بها إلا الطيبون جداً،،،
كلمات حكت لنا برفق عن كل العنف و القسوة التي عاشتها هذه الارض
كنت سأحدثكم عن
آثار الرصاص على منازل سراييفو،،، عن كل الأسئلة التي خطرت ببالي حينها
كيف صمدت ؟
و أين كنا؟
كيف ابتسموا للحياة بعدها...بل كيف ابتسمت لهم الحياة
و لكن المبهج أن سراييفو عبرت نفق الأمل
و عادت للحياة ،،،
و عادت لها الحياة بكل ألوانها
غفرت و عفت و أصلحت ما أفسدته الأيام
و لم يبقى فيها مكاناً للحرب إلا في المتاحف
****
نسير في المدينة القديمة في أول ساعاتنا في سراييفو
يخبرنا عمّار _سائقنا_ أن
من شرب من ماء السبيل ،،،حتماً لسراييفو يعود
فيتسابق أبنائي إلى كل سبيل يصادفنا...حتى أكثرهم أنفةً شرب من ماء السبيل
عجيب ,,,, لم نرى من البوسنة شيء بعد لنعلم إن كنا نرغب في العودة
# للحديث بقية