أنهار من الجليد في صيف طوكيو

دودى

:: مسافر ::
6 نوفمبر 2018
1,007
3
0
40
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





☂الأمطار الغزيرة تعصف بصيف طوكيو ☂






h00064_main.jpg





أنهار من الجليد في صيف طوكيو




في يوم 24 يونيو/ حزيران عام 2014 هطلت كميات كبيرة من البَرَد ( وهو كتل من الجليد كروية أو غير منتظمة الشكل ،


ويتراوح قطرها من بضعة ميليمترات إلى عدة سنتيمترات ) على رؤوس السكان في بعض الأماكن المحدودة من مدينتي


” تشوفو وميتاكا “ التابعتين للعاصمة طوكيو. حيث شهدت بعض المناطق هطولاً شديداً للبَرَد وتراكم له ليصل في بعض


الضواحي إلى عشرات السنتيمترات ، وفي ” ميتاكا “ غمرت مياه الأمطار ما يقرب من منزل نحو 40 أسرة .


وطبقاً لهيئة الأرصاد الجوية لم تشهد اليابان منذ عام 2007 هطولاً للبَرَد بهذه الكثافة ، كما أخذت مشاهد تلفزيونية


عديدة توضح صور الشوارع التي تحولت إلى ما يشبه الأنهار الجليدية على الرغم من أننا لا نزال في فصل الصيف .


وفي اليوم التالي شهدت المناطق الشمالية من طوكيو هطولَ أمطارٍ غزيرة تعدت 110 مليمتر في الساعة الواحدة ،


حتى أن كثيراً من الشوارع غرقت من تأثير تلك الكمية الكبيرة والمفاجئة من الأمطار .



وفي 29 من نفس الشهر أيضاً انهمرت الأمطار بغزارة على وسط طوكيو لمدة زمنية قصيرة ولكنها تسببت


في حدوث العديد من الاضطرابات ، فقد فاضت مياه الأمطار من بالوعات الصرف ، كما توقفت بعض خطوط


السكك الحديدية الخاصة عن العمل جراء السيول والصواعق الرعدية .




الجزء الشرقي من جزيرة ” هونشو “ والمناطق المحيطة بطوكيو هي محور الأحداث وسنقدم فيما يلي عبارة يابانية


الأصل وهي ”عصابة الأمطار الغزيرة“ التي ظهرت عام 2008 وتشير إلى الأمطار الشديدة المصحوبة بالثلوج


والجليد أحياناً وناتجة عن تجمع السحب الداكنة السوداء الكثيفة والتي عادة ما تحدث فجأة ودون سابق إنذار


ولم يتم استخدام هذه الكلمة سوى في اليابان حتى الآن – وقد يكون ذلك على غرار كلمة ” تسونامي“ الدالة على


الاعصار البحري الهائل والتي كانت اليابان أول من أقدم على استعمالها. ففي هذا العام بشكل خاص وقعَت الكثير


من الخسائر في جميع أنحاء اليابان جراء الأمطار المحلية الغزيرة .




وفي يوم 28 يوليو/ تموز من نفس العام وقع أيضاً حادثٌ مؤلمٌ راحَ ضحيته 5 أطفال جرفهم التيار بعد أن ارتفع منسوب


نهر ” تسوجا” في مدينة ”كوبى“ 1.3 متر في 10 دقائق فقط .




وفي 5 أغسطس/ آب من نفس العام توفى 5 عمال أثناء عملهم داخل إحدى أنابيب الصرف الصحي في حي ” توشيما “


بطوكيو وذلك بعد أن زاد منسوب المياه داخل الأنابيب بشكل مفاجئ ، هذا ولم تصدر أية تحذيرات عن هطول أمطار


غزيرة أو فيضانات إلا بعد وقوع الحادث .


والفرق بينها وبين الأمطار الصيفية المعتادة في هذا الفصل من كل عام إنما يكمن في كبر حجم


وقوة ” عصابة الأمطار الغزيرة “ .



فالأمطار الصيفية في كثير من الأحيان تتوقف في غضون بضع دقائق ، ولكن ”عصابة الأمطار الغزيرة”


تكون في بعض الحالات عبارة عن أمطار عنيفة تستمر في الهطول لأكثر من ساعة بكميات قد تصل إلى 100 مليمتر في الساعة .


ولعل السبب يرجع إلى أنّ حدوث مثل هذه الفيضانات الناجمة عن مياه الأمطار في المدن في وقت قصير يكمن


في أن مجاري الصرف في المدن بشكل عام قد صنعت لتستوعب من 50 إلى 60 مليمتر من مياه الأمطار في الساعة وذلك على أقصى تقدير .


ووفقاً لشركة ”ويزر نيوز“ - أنباء الطقس – وهي شركة خاصة تعمل في مجال توقعات الطقس فإن تلك العواصف الرعدية


قد حدثت نحو 2923 مرة في جميع أنحاء اليابان خلال الفترة الواقعة من 23 يوليو/ تموز


وحتى 30 سبتمبر/ أيلول من عام 2013 .




وبحسب المناطق فإن أكثر عدد المَّرات كان من نصيب جزيرة ” هوكايدو“ شمال اليابان ذات المساحة الشاسعة


وذلك بعدد 200 مرة ، ثم محافظة ”إيباراكي“ 173 مرة ، تليها محافظة ” سايتاما“ 163 مرة ،


تليها محافظة ”تشيبا“ 158 مرة ، وقد حصلت كذلك البلديات المحيطة بطوكيو على مراكز متقدمة تباعاً (طوكيو 116 مرة) .




وقد قام فريق أبحاث هيئة الأرصاد الجوية بالاستناد إلى بيانات الرصد الخاصة لمدّة غَطّت 118 عاماً الماضية


بإجراء دراسات حول كميات الأمطار التي تسقط على طوكيو خلال الفترة القصيرة من المساء في فصل الصيف


( من شهر يونيو/حزيران وحتى أغسطس/ آب وذلك من الساعة الخامسة مساءً وحتى الحادية عشر قبل منتصف الليل )


وتشير النتائج التي توصل إليها فريق البحث إلى :


أولاً : تزداد كمية الأمطار التي تسقط في ذلك الوقت بنسبة 50% كل 100 عام .




ثانياً : لم يُلاحظ وجود أي مؤشر لتحولات مماثلة بالنسبة للأوقات أو الفصول الأخرى .




ووفقاً لتحليل بيانات الثلاثين عاماً الماضية فإن كمية الأمطار الصيفية المسائية التي تسقط على وسط طوكيو


قد ازدادت بنسبة 30% مقارنةً بالمناطق المحيطة بها .




هناك أيضاً اعتقاد بوجود صلة بين ” عصابة الأمطار الغزيرة “ وظاهرة ” الجزر الحرارية “



واستناداً إلى هذه الأبحاث والأنواع المختلفة من البيانات ينظر الباحثون إلى ظاهرة الجزر الحرارية أو ما تعرف


بظاهرة ”هيت ايلاند“ باعتبارها السبب الرئيسي وراء تزايد نشاط ”عصابات الأمطار الغزيرة ” في المنطقة المحيطة


بطوكيو ويستخدم مصطلح الجزر الحرارية للتعبيرعن ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة في وسط المدن الكبيرة


بشكل أكبر بكثير من المناطق المحيطة بها وذلك لعدة أسباب منها :


أولاً : زيادة كمية الحرارة المنبعثة من الأنشطة الصناعية مثل السيارات والمكيفات الهوائية و نحوها .


ثانياً :زيادة الأشياء المصنوعة، وكذلك زيادة مساحة الطرق المرصوفة وما ترتب عليه من نقص في


كمية المياه المتبخرة من الأرض .




ثالثاً : انتشار ناطحات السحاب والتي تقف حائلاً أمام تَدّفُق نسيم البحر وانسيابه .


وتعتبر مشكلة زيادة عدد ليالي الصيف القائظ في طوكيو ، وكذلك مشكلة زيادة عدد المرضى الذين يتم نقلهم إلى


المستشفيات بسب إصابتهم بضربة حرارة من المشاكل الكبيرة التي تحظى باهتمام بالغ .


وعندما تزداد سخونة الهواء في وسط المدينة تتولد التيارات الهوائية الصاعدة بشكل مفاجئ وسريع ،


وحينئذ تحدث عملية جذب للهواء الرطب القادم من ” كاشيمانادا “ ( شرق طوكيو ) وخليج طوكيو


( ناحية الجنوب ) و” سجامي باي “ ( ناحية الجنوب الغربي ) فتتراكم السحب الغنية ببخار الماء


وتتسبب في هطول الأمطار الغزيرة أو ما يعرف بـ” عصابات الأمطار الغزيرة “ .



وبالإضافة إلى هذه الألية السابقة يعتقد بعض الباحثين أن نسيم البحر القادم من ناحية الشرق عندما يصطدم


بناطحات السحاب ويدور حولها بأنه يعمل أيضاً على سهولة هطول الأمطار المحلية الغزيرة على المناطق الغربية .




h00064ar_fig01.jpg






ووفقاً لهيئة الأرصاد الجوية فإن نظام مراقبة الأرصاد والمعروف اختصاراً بـ” اميداس“ والذي يضم ما يقرب من 1300 نقطة


رصد آلي داخل البلاد قام برصد 237 مرة في نحو 1000 نقطة رصد سقطت فيها أمطار غزيرة في وقت قصير


وبمقدار أكثر من 50 ميليمتر في الساعة الواحدة .


وهذه القيمة تزداد بمعدل 21 .5 مَرّة كل 10 أعوام وقد ظهر بوضوح التوجه نحو الزيادة خلال الفترة التي أجريت


فيها الإحصائية منذ عام 1976 وحتى 2013 .


ومن ناحية أخرى و بخصوص العلاقة بين هذه الظاهرة وظاهرة الاحتباس الحراري عَلقّت هيئة الأرصاد الجوية قائلة


” نظراً لقصر مدة الإحصائية فانه لا يزال من غير الواضح لدينا في الوقت الحاضر التأكد من وجود أي تأثير من


عدمه وبالتالي لا يمكننا التوصل إلى جزمٍ قاطع في هذا الصدد في الوقت الحالي “ .