بسم الله الرحمن الرحيم
هونج كونج .. السرعة في كل شيء
أقضي هذه الأيام إجازتي السنوية في شرق آسيا ، وهي رحلة تمنيتها منذ أكثر من سنتين ولم أستطع ، فالسنة الماضية إنصعت للإنتخابات في داخل أسرتي وكان القرار النهائي الإنصياع للأوامر العليا ورأي الأغلبية والتوجه الى أمريكا ، أما هذه السنة فقد تحضرت للإنتخابات مبكرا وقدمت برنامج إنتخابي متنوع يشمل جميع توجهات أفراد العائلة ، البحر لمن أراد البحر ، ديزني لاند ، فرص تسوق متنوعة ، وأخيرا القليل من الإرتخاء أمام البحر للفقير لعفو ربه ، وإنتصرت بلا منازع في الإنتخابات ، والحمدلله أني لا أعاني من أي مشاكل تزوير أصوات إنتخابية داخل أسرتي.
وقبل أن أبدأ الحديث عن هونج كونج أود الإشارة أنني منذ زمن بعيد قد إتخذت قرارا إلزاميا لنفسي بعدم المقارنة ، فكثير من المسافرين - هداهم الله - يقارنون ما يشاهدون في أي بلد يسافرون إليه بما هم عليه في بلادهم ، وتكون النتيجة إما الدخول في سلسلة من الإحباطات المؤدية إلى أمراض الفشل الكلوي والسكر والضغط وتصلب الشرايين عافانا الله وإياكم من هذه كلها ، أو الإنتهاء بالجملة المعهودة "والله إحنا في نعمة والحمدلله" وذلك للمسافرين الى الدول العربية خصوصا ، وأنا والحمدلله دائم الحمد لله على النعمة التي أنعم بها علي وأسرتي ولا أتمنى أبدا أي من الأمراض سالفة الذكر.
قد يكون السبب الرئيسي لسفري إلى هونج كونج إقامة شقيقي أسامه هناك منذ أكثر من عام ، والقصص الجميلة التي رويت لي من قبله ومن أفراد العائلة الذين سبقوني بزيارته ، وأيضا كنت دائما أود معرفة السبب وراء النظرة الإستعلائية التي ينظر بها إبن أخي محمد في كل زيارة لمدينتي جدة وتذمره من كل شيء ، أردت أن أستكشف ماذا تخبيء هذه المدينة حقا لساكنيها وتجعلهم قليلي القناعة بما لدينا من خيرات في جدة.
البداية كانت في المطار الذي كانت لي فرصة مشاهدة برنامج كامل سابقا عنه وعن بناءه ، فمطار هونج كونج يعد من أكبر مطارات العالم وأكثرها كثافة في عدد الرحلات ، بني المطار مع سلسلة من الجسور والأنفاق الموصلة بينه وبين وسط المدينة خلال سبعة سنوات ، أقيم المطار على أرض دفنت في المحيط أختيرت بعناية لتكون قليلة التأثر بالأعاصير المستمرة التي تضرب هونج كونج ، ولتوصيله مع هونج كونج التي يفصلها عنه جزيرتين ، بنت الحكومة جسر معلق يربط المطار بالجزيرة الأولى ، ثم قامت ببناء (وليس حفر) نفق تحت البحر ، ثم واجهت مشكلة أن الطريق الجديد يمر فوق مدخل الميناء فقامت ببناء جسر كامل فوق مدخل الميناء بدون توقف السير تحت الجسر ، وكانت إجراءات السلامة خلال بناء الجسر تمنع سقوط مسمار الى الطريق ، هذه الطرق كلها تشمل طرق سيارات بستة مسارات تقريبا لكل إتجاه مع مرافقة القطار السريع وقطارات الشحن ، طبعا المشروع إنتهى بالكامل في سبعة سنوات وليس المطار فقط أو واحد من الجسور أو الأنفاق.
المطار نظيف لدرجة عالية جدا كما هي هونج كونج في الأغلب ، وأول ما يجلب النظر إلتزام جميع الموظفين بإرتداء قناع غرفة العمليات ، الجميع محتاط بكل إلتزام حتى عمال النظافة وبائعي المحلات ، تجد وعاء السائل السريع لتنظيف الأيدي معلق في كل مكان مجانا كما هي الأقنعة ، إرشادات السلامة معلقة بكل وضوح في جميع الأماكن ترشدك إلى ماذا يجب إتباعه في حالة إحساسك بأي من أعراض الأنفلونزا وطرق تجنب عدواها – عافانا الله وإياكم -.
الرحلة من المطار تستغرق حوالي الساعة تقريبا إلى السكن الراقي الذي يقطنه أخي ، جذبني منظر غابات الأبنية العالية عند إقترابنا من المدينة ، ولأني من محبي الطبيعة فقد غمني المنظر حقيقة ، ففي الآونة الأخيرة لم أعد من محبي المدينة بقدر حبي للأرياف والطبيعة (طبعا أنا أتحدث عن أرياف مثل أوروبا والطبيعة غير الصفراء المقفرة) ، أول ملاحظاتي كانت عدم وجود إشارات مرورية إلا في النادر ، بمعنى أن الطريق من المطار والذي أقدره في حدود الخمسة وثلاثون كيلو مترا كان خاليا تماما من إشارات المرور ماعدا واحدة فقيرة أمام المجمع السكني ، السيارات الفارهة كثيرة جدا ، وتجدها في المعظم شخصية غنية في الخلف مع سائق ، فنسبة السكان الأغنياء في هونج كونج عالية حسب ما علمت.
من أول وهلة تستشعر السرعة في كل شيء ، السيارات ، الناس ، حتى السلم الكهربائي أحسست بأن سرعته أعلى من السرعة العادية التي أشاهده بها في كل أنحاء العالم ، وتلك السرعة تستدعي طبعا تنظيما عالي الدقة في كل شيء ، البلد منظمة الى درجة الملل ، كل شيء مثل "تكة الساعة" حسب ما أعتدنا القول ، صحيح أنك تجد الزحام ، ولكن الجميع يمشي الى هدفه بكل سهولة ولا شيء يتأخر ، الباصات ، السيارات ، التاكسيات ، ومترو الأنفاق.
المسلمون محترمون في هونج كونج ، ولهم تقديرهم من حكومتها ، وكان لي الشرف بزيارة المسجد الرئيس بالبلد والذي أسس عام 1915م على يد مسلم هندي والله أعلم ، وقد منحت حكومة هونج كونج المسجد وملاحقه حصانة بإعتباره إرثا تاريخيا ويجب أن لا يمس سواء بالهدم أو التعديل أو التقصير والتطويل ، ولحاجة الحكومة لجزء بسيط من الأرض الملحقة بالمسجد ، قامت بتعويض المسلمين بمنحهم أرضية مميزة أخرى في ناحية ثانية لإقامة مسجد آخر حديث أقيم بتمويل سعودي ولا فخر والحمدلله ، وقد أكرمني الله بالصلاة فيه صلاة الجمعة.
شعب هونج كونج عملي جدا ، ينظر بتعالي الى شعب الصين المجاور رغم أن الحكومة تعين من الصين ، هم يستشعرون أنهم أكثر تقدما من الصينيون ، وفي ذلك هم محقون ولكن دوام الحال من المحال ولنا في ذلك قصة أخرى أرويها مع قصة زيارتي الخاطفة للصين ، الغريب في هذا الشعب أنه نادر الإبتسامة ، مما يشعرك بالرهبة ، ولكن كل في حاله ، وهم كثيروا إستخدام الهواتف النقالة لدرحة أنهم من أكثر شعوب العالم إستخداما للهاتف النقال بالنسبة لعدد السكان.
الشعب منظم جدا في كل شيء ، الطوابير تترتب بشكل تلقائي في كل مكان ، عند مدخل الباص ، عند السلم الكهربائي ، في إنتظار المصعد ، أمام صندوق الحساب (كاشير) لطلب القهوة ، ولا احد يستجريء الدخول عنوة في الصف ، ولا أحد يستجرىء أن يطلب الخدمة قبل الآخرين ، سبحان الله ، ولا أحد يرى أنه أهم من الآخرين ، الكبير والصغير ، السيدات والسادة ، كما أن البلد قد تكون خالية العنصرية ، فلا أحد أفضل من أحد على الإطلاق ، والجميع تقريبا يتحدث الإنجليزية ولو على اللهجة الصينية.
النظافة عنوان لأهلها ، وهذا هو الحال بهونج كونج ، فالنظافة في كل مكان حتى الحمامات ، ولا تستشعر أي رائحة من الناس رغم الجو الحار والرطب ، والأمطار المستمرة تغسل البيوت والشوارع ، ولا تتبقى أي قطرة من المطر بعد توقفه بربع ساعة ، مع العلم أنني لم أشاهد أي من سيارات الشفط أو سيارات المياه كما أعتدت عليه طوال حياتي.
من الأماكن السياحية الجميلة منطقة البيك (بتشديد الباء المكسورة)Peak ، وهي غير المطعم المشهور عندنا في جدة ، وهي أعلى منطقة في المدينة تمتعك بمشاهدة المدينة بالكامل من الأعلى ، والديزني لاند وجهة محببة كالعادة للأطفال ، وقد إستمتعت فيه مع أطفالي أكثر من ديزني باريس خصوصا أنه أقل زحاما ، إلا أنه صغير الحجم كما هو ديزني باريس ولا يقارن بديزني أورلاندو بفلوريدا.
المطاعم في هونج كونج تنافس السكان في كثرتها ، ولأن الصينيون يأكلون كل شيء تقريبا ، فسوف تجد جميع أذواق وأشكال الطعام ، والشعب يأكل في الشارع أكثر مما يأكل في بيته والله أعلم ، إلا أنه يجب الحذر لأن غالبية المطاعم تستورد آكالها من الصين ، وهذه لحوم غير مذكاة لا على الشريعة الإسلامية ولا على أي شريعة سماوية ، وبالتالي فحرمة أكلها صريحة ، إلا أن هناك بعض المطاعم التي تقدم اللحوم الحلال.
بالإجمال فإن هونج كونج ليست وجهة سياحية مستقطبة وهامة ، إلا أنها ساحرة بالنسبة لمن هو مغرم بالمدينة الحديثة ، وهي مدينة ممتازة بالنسبة للسكن والعمل ، فالخدمات المقدمة للسكانين إستثنائية ، ولكن لكل شيء ثمنه ، وهي مركز تجاري ومالي هام صعب المنافسة ، أعان الله ساكنيها من أهلينا إذا تركوها ليعودوا إلى ديارهم ، فالفرق كبير حقا!
مقالة كتبتها في
9 رجب 1430هـ
الموافق 3 يوليو 2009م
هونج كونج .. السرعة في كل شيء
أقضي هذه الأيام إجازتي السنوية في شرق آسيا ، وهي رحلة تمنيتها منذ أكثر من سنتين ولم أستطع ، فالسنة الماضية إنصعت للإنتخابات في داخل أسرتي وكان القرار النهائي الإنصياع للأوامر العليا ورأي الأغلبية والتوجه الى أمريكا ، أما هذه السنة فقد تحضرت للإنتخابات مبكرا وقدمت برنامج إنتخابي متنوع يشمل جميع توجهات أفراد العائلة ، البحر لمن أراد البحر ، ديزني لاند ، فرص تسوق متنوعة ، وأخيرا القليل من الإرتخاء أمام البحر للفقير لعفو ربه ، وإنتصرت بلا منازع في الإنتخابات ، والحمدلله أني لا أعاني من أي مشاكل تزوير أصوات إنتخابية داخل أسرتي.
وقبل أن أبدأ الحديث عن هونج كونج أود الإشارة أنني منذ زمن بعيد قد إتخذت قرارا إلزاميا لنفسي بعدم المقارنة ، فكثير من المسافرين - هداهم الله - يقارنون ما يشاهدون في أي بلد يسافرون إليه بما هم عليه في بلادهم ، وتكون النتيجة إما الدخول في سلسلة من الإحباطات المؤدية إلى أمراض الفشل الكلوي والسكر والضغط وتصلب الشرايين عافانا الله وإياكم من هذه كلها ، أو الإنتهاء بالجملة المعهودة "والله إحنا في نعمة والحمدلله" وذلك للمسافرين الى الدول العربية خصوصا ، وأنا والحمدلله دائم الحمد لله على النعمة التي أنعم بها علي وأسرتي ولا أتمنى أبدا أي من الأمراض سالفة الذكر.
قد يكون السبب الرئيسي لسفري إلى هونج كونج إقامة شقيقي أسامه هناك منذ أكثر من عام ، والقصص الجميلة التي رويت لي من قبله ومن أفراد العائلة الذين سبقوني بزيارته ، وأيضا كنت دائما أود معرفة السبب وراء النظرة الإستعلائية التي ينظر بها إبن أخي محمد في كل زيارة لمدينتي جدة وتذمره من كل شيء ، أردت أن أستكشف ماذا تخبيء هذه المدينة حقا لساكنيها وتجعلهم قليلي القناعة بما لدينا من خيرات في جدة.
البداية كانت في المطار الذي كانت لي فرصة مشاهدة برنامج كامل سابقا عنه وعن بناءه ، فمطار هونج كونج يعد من أكبر مطارات العالم وأكثرها كثافة في عدد الرحلات ، بني المطار مع سلسلة من الجسور والأنفاق الموصلة بينه وبين وسط المدينة خلال سبعة سنوات ، أقيم المطار على أرض دفنت في المحيط أختيرت بعناية لتكون قليلة التأثر بالأعاصير المستمرة التي تضرب هونج كونج ، ولتوصيله مع هونج كونج التي يفصلها عنه جزيرتين ، بنت الحكومة جسر معلق يربط المطار بالجزيرة الأولى ، ثم قامت ببناء (وليس حفر) نفق تحت البحر ، ثم واجهت مشكلة أن الطريق الجديد يمر فوق مدخل الميناء فقامت ببناء جسر كامل فوق مدخل الميناء بدون توقف السير تحت الجسر ، وكانت إجراءات السلامة خلال بناء الجسر تمنع سقوط مسمار الى الطريق ، هذه الطرق كلها تشمل طرق سيارات بستة مسارات تقريبا لكل إتجاه مع مرافقة القطار السريع وقطارات الشحن ، طبعا المشروع إنتهى بالكامل في سبعة سنوات وليس المطار فقط أو واحد من الجسور أو الأنفاق.
المطار نظيف لدرجة عالية جدا كما هي هونج كونج في الأغلب ، وأول ما يجلب النظر إلتزام جميع الموظفين بإرتداء قناع غرفة العمليات ، الجميع محتاط بكل إلتزام حتى عمال النظافة وبائعي المحلات ، تجد وعاء السائل السريع لتنظيف الأيدي معلق في كل مكان مجانا كما هي الأقنعة ، إرشادات السلامة معلقة بكل وضوح في جميع الأماكن ترشدك إلى ماذا يجب إتباعه في حالة إحساسك بأي من أعراض الأنفلونزا وطرق تجنب عدواها – عافانا الله وإياكم -.
الرحلة من المطار تستغرق حوالي الساعة تقريبا إلى السكن الراقي الذي يقطنه أخي ، جذبني منظر غابات الأبنية العالية عند إقترابنا من المدينة ، ولأني من محبي الطبيعة فقد غمني المنظر حقيقة ، ففي الآونة الأخيرة لم أعد من محبي المدينة بقدر حبي للأرياف والطبيعة (طبعا أنا أتحدث عن أرياف مثل أوروبا والطبيعة غير الصفراء المقفرة) ، أول ملاحظاتي كانت عدم وجود إشارات مرورية إلا في النادر ، بمعنى أن الطريق من المطار والذي أقدره في حدود الخمسة وثلاثون كيلو مترا كان خاليا تماما من إشارات المرور ماعدا واحدة فقيرة أمام المجمع السكني ، السيارات الفارهة كثيرة جدا ، وتجدها في المعظم شخصية غنية في الخلف مع سائق ، فنسبة السكان الأغنياء في هونج كونج عالية حسب ما علمت.
من أول وهلة تستشعر السرعة في كل شيء ، السيارات ، الناس ، حتى السلم الكهربائي أحسست بأن سرعته أعلى من السرعة العادية التي أشاهده بها في كل أنحاء العالم ، وتلك السرعة تستدعي طبعا تنظيما عالي الدقة في كل شيء ، البلد منظمة الى درجة الملل ، كل شيء مثل "تكة الساعة" حسب ما أعتدنا القول ، صحيح أنك تجد الزحام ، ولكن الجميع يمشي الى هدفه بكل سهولة ولا شيء يتأخر ، الباصات ، السيارات ، التاكسيات ، ومترو الأنفاق.
المسلمون محترمون في هونج كونج ، ولهم تقديرهم من حكومتها ، وكان لي الشرف بزيارة المسجد الرئيس بالبلد والذي أسس عام 1915م على يد مسلم هندي والله أعلم ، وقد منحت حكومة هونج كونج المسجد وملاحقه حصانة بإعتباره إرثا تاريخيا ويجب أن لا يمس سواء بالهدم أو التعديل أو التقصير والتطويل ، ولحاجة الحكومة لجزء بسيط من الأرض الملحقة بالمسجد ، قامت بتعويض المسلمين بمنحهم أرضية مميزة أخرى في ناحية ثانية لإقامة مسجد آخر حديث أقيم بتمويل سعودي ولا فخر والحمدلله ، وقد أكرمني الله بالصلاة فيه صلاة الجمعة.
شعب هونج كونج عملي جدا ، ينظر بتعالي الى شعب الصين المجاور رغم أن الحكومة تعين من الصين ، هم يستشعرون أنهم أكثر تقدما من الصينيون ، وفي ذلك هم محقون ولكن دوام الحال من المحال ولنا في ذلك قصة أخرى أرويها مع قصة زيارتي الخاطفة للصين ، الغريب في هذا الشعب أنه نادر الإبتسامة ، مما يشعرك بالرهبة ، ولكن كل في حاله ، وهم كثيروا إستخدام الهواتف النقالة لدرحة أنهم من أكثر شعوب العالم إستخداما للهاتف النقال بالنسبة لعدد السكان.
الشعب منظم جدا في كل شيء ، الطوابير تترتب بشكل تلقائي في كل مكان ، عند مدخل الباص ، عند السلم الكهربائي ، في إنتظار المصعد ، أمام صندوق الحساب (كاشير) لطلب القهوة ، ولا احد يستجريء الدخول عنوة في الصف ، ولا أحد يستجرىء أن يطلب الخدمة قبل الآخرين ، سبحان الله ، ولا أحد يرى أنه أهم من الآخرين ، الكبير والصغير ، السيدات والسادة ، كما أن البلد قد تكون خالية العنصرية ، فلا أحد أفضل من أحد على الإطلاق ، والجميع تقريبا يتحدث الإنجليزية ولو على اللهجة الصينية.
النظافة عنوان لأهلها ، وهذا هو الحال بهونج كونج ، فالنظافة في كل مكان حتى الحمامات ، ولا تستشعر أي رائحة من الناس رغم الجو الحار والرطب ، والأمطار المستمرة تغسل البيوت والشوارع ، ولا تتبقى أي قطرة من المطر بعد توقفه بربع ساعة ، مع العلم أنني لم أشاهد أي من سيارات الشفط أو سيارات المياه كما أعتدت عليه طوال حياتي.
من الأماكن السياحية الجميلة منطقة البيك (بتشديد الباء المكسورة)Peak ، وهي غير المطعم المشهور عندنا في جدة ، وهي أعلى منطقة في المدينة تمتعك بمشاهدة المدينة بالكامل من الأعلى ، والديزني لاند وجهة محببة كالعادة للأطفال ، وقد إستمتعت فيه مع أطفالي أكثر من ديزني باريس خصوصا أنه أقل زحاما ، إلا أنه صغير الحجم كما هو ديزني باريس ولا يقارن بديزني أورلاندو بفلوريدا.
المطاعم في هونج كونج تنافس السكان في كثرتها ، ولأن الصينيون يأكلون كل شيء تقريبا ، فسوف تجد جميع أذواق وأشكال الطعام ، والشعب يأكل في الشارع أكثر مما يأكل في بيته والله أعلم ، إلا أنه يجب الحذر لأن غالبية المطاعم تستورد آكالها من الصين ، وهذه لحوم غير مذكاة لا على الشريعة الإسلامية ولا على أي شريعة سماوية ، وبالتالي فحرمة أكلها صريحة ، إلا أن هناك بعض المطاعم التي تقدم اللحوم الحلال.
بالإجمال فإن هونج كونج ليست وجهة سياحية مستقطبة وهامة ، إلا أنها ساحرة بالنسبة لمن هو مغرم بالمدينة الحديثة ، وهي مدينة ممتازة بالنسبة للسكن والعمل ، فالخدمات المقدمة للسكانين إستثنائية ، ولكن لكل شيء ثمنه ، وهي مركز تجاري ومالي هام صعب المنافسة ، أعان الله ساكنيها من أهلينا إذا تركوها ليعودوا إلى ديارهم ، فالفرق كبير حقا!
مقالة كتبتها في
9 رجب 1430هـ
الموافق 3 يوليو 2009م