السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...و صباح الخير ومساء الورد كلّ بتوقيته
بدون مناسبة او مبررر خطر ببالي اكتب تقرير بسيط جدا وسريع (قولوا يا رب يكون سريع) عن زيارة قصيرة لاسطنبول الساحرة في الربيع الماضي.. سأحاول الاختصار قدر الإمكان باستثناء ما أشعر بأنه مفيد .. فاسطنبول لها خبراؤها وعشاقها ممن أسهبوا في إبراز معالمها وتوضيح جمالها .. اما أنا فبعد عبور مطارها عدة مرات أدركت بأنني لم أزر اسطنبول ولا مرة واحدة .. فقررت -فجأة- زيارتها في موسم أزهار التوليب الساحرة ..
وهكذا بالضبط بدأت الحكاية.. ففي إحدى أمسيات مارس الماضي خطر ببالي أن أزور اسطنبول لثلاثة أيام قبل أن يداهمني ضغط العمل والارتباطات الاجتماعية من جديد.. كانت هناك مهمة بسيطة عليّ القيام بها هناك لمدة ساعتين فقط، وبإمكاني أن أطلب من أي شخص هناك القيام بها ولكن .. حجة للسفر، ومين يقول لأ؟
اتصلت على الفور بصديقة العمر .. وبدون مقدمات .. - جواز سفرك لسه "شغّال" ؟ - مممم .. قصدك صالح ,, أيوة .. -صالح أو سليمان .. المهم، جاهزة للسفر يوم الأربعا؟ اسطنبول.. تلات أيام والرابع راجعين؟ - أوكي -سلام
رتبت الحجوزات على عجالة وكان السفر بعد أسبوع .. حجزت في فندق Azade الواقع بمنطقة السلطان احمد مع تذكرتي سفر على متن الخطوط التركية.
ميزة الرحلات بين اسطنبول وعمّان هي انطلاقها في ساعات مبكرة جدا في الصباح (7 صباحاً) وعودتها بعد منتصف الليل. طبعا كانت هذه ميزة في تلك السفرة، فحجزنا للمغادرة صباح الأربعاء والعودة يوم السبت، وبالتالي حصلنا على أربعة أيام كاملة في مدينة الجمال ..
أما السفرات الأخرى فكنت اندب حظي عندما أضطر للسفر للعمل عبر اسطنبول .. أزمة ضمير
لم يكن لدي أي وقت للتخطيط الفعلي .. كل ما فعلته هو صرف العملة وقراءة تقرير واحد على منتداي الحبيب .. اخذت فكرة سريعة عن المدينة واكتفيت .. وأنا بكل صدق لم أكن يوماً قد فكرت في زيارة اسطنبول ولهذا لم اقرأ عنها ما يكفي ..
في اليوم الموعود غادرت المنزل في الرابعة صباحاً، مررت بمنزل صديقتي على طريق المطار وأنهينا الإجراءات بسلاسة قبل الصعود إلى الطائرة .. الرحلة جيدة تستمر حوالي 3 ساعات (على متن الخطوط التركية - أطول من رحلات شركات الطيران الأخرى ) ..
طبعا النعاس كان سيد الموقف في الرحلة ولكني التقطت بعض الصور السريعة لقمم لا زالت الثلوح تكسوها ..
قبل أن نصل إلى مشارف اسطنبول الجميلة ..
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1032x581.
قبل الرحلة ببضع أيام وقع حادث الطائرة المنكوبة التي قادها الطيار عمداً للاصطدام بجبل.. وبالطبع كان الحادث محور المزاح قبل السفر ولكن الحال اختلف على متن الطائرة ..فكل حركة كانت تسبب لي
ورغم ان الرحلة سلسة جدا، قام الطيار بحركة "ولدنة" عجيبة لم تعجبني هههه كما قام بدورة فوق اسطنبول على غير المعتاد بانتظار تمكنه من الهبوط .. طبعا هذا التغيير سبب لي بعض التوتر حاولت تخفيفه بالتقاط الصور ..
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1032x581.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1032x581.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1032x581.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1032x581.
هبطنا بسلام ودبّ فينا الحماس والانتعاش فجأة.. كانت الساعة تقارب العاشرة والمطار هادئ بشكل غريب.. طبعا الوصول إلى مطار أتاتورك وليس صبيحة، ولا حاجة لحملة الجواز الأردني لأية تأشيرات. ختمنا الجوازات واستلمنا الحقائب سريعاً، وحاولت شراء شريحة هاتف تركية ولكن التفاهم مع الموظف كان صعباً.. وللأمانة كان هذا الشخص الوحيييد الذي استأت من تعامله معي في تركيا (زرت بودروم وأنتاليا قبل اسطنبول وكان الجميع في كل مكان في غاية التعاون والاحترام) ... المهم أنني لم أحاول إضاعة وقتي معه وفكرت في أنني لن احتاجها كثيراً، وإلا اشتريتها من خارج المطار..
اخترنا ركوب تاكسي إلى الفندق وطلب 60 ليرة تركية (كانت تساوي 20 دينار أردني وقتها أي حوالي 30 دولار) .. وهنا بدأت حالة العشق الفوري المباغت .. ! لا أقصد مع التاكسي ولكن شوارع المدينة والطريق على البحر وألوان الورود على جوانب الطريق.. كلها كانت أشبه بموسيقى ترحيبية داعبت مشاعرنا وأخبرتنا بأننا أحسنّا صنعاً بزيارة الجميلة اسطنبول مع أول أيام أبريل.. بشائر الربيع وموعد ظهور ازهار التوليب وبداية الأجواء اللطيفة ..
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
ما في وقت .. تصوير من أول لحظة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
وصلنا للفندق الهاديء بسهولة، وكنت قد قرات تحذيرات كثيرة حول تغيير ورقة العملة فحرصت على أن أبين للسائق أنها 60 ليرة صحيحة .. ربما لم يكن ينوي النصب ولكن من باب الاحتياط ..
وصلنا الفندق مبكرا، فتسليم الغرف بحسب موقعهم يبدأ في الثانية بعد الظهر ولكنني فكرت أن نجرب الوصول باكراً ونحاول استلام الغرفة في الحادية عشرة .. وإلا تركنا الحقائب وتجولنا في المكان ..
أبدى الموظفون ترحيبا كبيرا وطلبوا الانتظار نصف ساعة لتجهيز الغرف.. فانتظرنا في بهو الفندق المتواضع الدافئ بلمسات تراثية جميلة .. وفي هذه الأثناء تصفحت بعض النشرات حول الرحلات السياحية والمناطق الهامة في اسطنبول إلى أن صعدنا للغرفة ..
الغرفة بسريرين ليست كبيرة جدا ولكنها تفي بالغرض وتسمح بوجود شخصين بحرية كاملة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
أصعب مرحلة عندي تصوير مكان فيه مرايا
جلسة صغيرة، ومعها مكتب أمام الشباك
إطلالة ساحرة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
حسنا .. ربما ليست ساحرة ولكنها كانت مريحة جدا للنفس والعين
الطريق صعوداً متعب نوعاً لكن ممتع .. تعرفنا فيما بعد إلى طرق أسهل ولكنها أطول بالمسافة .. تيوليب في كل مكان
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
قرأت في أحد التقارير أن بلدية اسطنبول تزرع أعداداً هائلة من أزهار التوليب يبدأ تفتحها بنهاية شهر مارس وبداية أبريل .. وبالفعل تزامن وصولنا مع تفتح الكثير منها في منظر مبهج ولوحة تسر الناظرين
وصلنا إلى الفندق، وهناك قضيت ساعتين في بعض شؤون العمل التي رتبت لها مسبقاً، وهي السبب "المعلن" لزيارتي السريعة لاسطنبول..
بعدها خرجنا باتجاه مسجد السلطان أحمد للصلاة هناك، والغداء والتجول ..
المسجد من جهة الفندق
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
صلينا الظهر والعصر جمعا وقصراً في المسجد .. وتجولت قليلاً في المنطقة المتاحة للتجول والتصوير.. لكن كان المسجد مليئاً بالمصلين ولم يكن من المناسب التصوير وخاصة في منطقة مصلى الرجال الكبيرة..
خرجنا ونحن نشعر بجوع شديد ونمنّي النفس بطبق من البطاطس التركية الشهيرة (كمبير) .. فتوجهنا إلى إحدى العربات في الساحة بين المسجد وآيا صوفيا، ولكن نفد الكمبير من عنده ولم تتبق إلا شاورما الدجاج .. فتناولناها على مضض
..
شاهدنا شاباً يوزع منشورات لرحلة بحرية في البوسفور.. فاخترنا أن يكون هذا نشاطنا لبقية اليوم... اخذنا منه التذاكر وللأسف لا أذكر سعرها ولكنها لم تكن غالية .. وأخبرنا بالتواجد في المكان في تمام الرابعة والنصف .. فبقينا نتجول في المنطقة الجميلة حول المسجد ... نلتقط الصور ونحاول .. محاولات فاشلة .. إطعام الحمام في المكان ...
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
في الموعد المحدد قابلنا الشاب ومجموعة كبيرة من السياح واتجهنا نزولاً من جديد باتجاه البحر لركوب القارب ..
مررنا بطريقنا على منطقة لطيفة لألعاب الاطفال .. بسيطة ونظيفة ودمها خفيف
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
ركبنا عبارة من طابقين وكان الطابق الأعلى ممتلئاً والجو يميل إلى البرودة، ففضلنا النزول إلى الأسفل ووقفنا على الحافة الخلفية للقارب واستمتعنا برحلة جميلة وهادئة .. فلم يكن يصل إلينا شيء من أصوات الناس وضجيجهم .. فقط صوت محرك القارب وحركة الأمواج من خلفه ...
اترككم مع صور الجولة لا أعتقد ان بإمكاني أن أشرح شيئاً منها .. لكن معظم المعالم مذكورة بإسهاب في تقارير الخبراء
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
رفاق الرحلة
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
في طريق العودة ...
الشمس على وشك المغيب
انتهت الرحلة بحوالي ساعة ونصف .. وعدنا أدراجنا إلى منطقة المسجد حيث الشمس على وشك الغروب ..
تجولنا في المنطقة وسوقها الصغير واشترينا بعض النثريات .. وبقينا نمشي بمحاذاة السوق دون انتباه إلى أن وصلنا لمنطقة فيها مطاعم فدخلنا للعشاء.. طلبنا طبق مشاوي مشكّلة .. وأخيرا صوّرت صديقتي الطعام (كل المطاعم لحسن الحظ.. لأنني لا أتذكر تصوير الطعام نهائياً) ... فكانت هذه الصورة التاريخية..
اكواب العصير شبهة !!
حساب الأكل كان أعلى مما توقعت (حوالي 85 ليرة) ... وعندما خرجنا من المطعم فوجئنا بأمطار غزيرة، ولكنها لم تكن المفاجأة الوحيدة... فالظلام في المكان شديد ولم نتمكن من معرفة طريقنا نهائياً.. دخلنا في شارع صغير اعتماداً على حاسة الاتجاه ولكن سرعان ما اكتشفنا أنه ليس الطريق الصحيح .. ثم سألنا عن كيفية الوصول إلى مسجد السلطان أحمد .. وهو في الواقع ظاهر لنا ولكن لم نتمكن من الوصول إليه .. وفي النهاية وصلنا ولكن الطريق التي جئنا منها -والتي تفضي إلى ساحة المسجد- مغلقة ببوابة.. فاضطررنا للدوران حول المسجد للوصول إلى الفندق بعد عناء .. وسط هطول المطر والضحك على آثار الجوع التي جعلتنا ننسى أهمية تتبع طريقنا ومعرفة طريق العودة ..
..
انتهى يومنا الأول في اسطنبول ونمنا سريعا بعد يوم شاق.. بانتظار يوم أجمل في مدينة الجمال ..
اليوم الثاني لنا في اسطنبول بدأ ماطراً.. طبعا القادمون من أرض تجمع البرد والجفاف معاً يرحبون بالمطر ما لم يكن مصحوباً بالرياح والحمدلله أن مطر اسطنبول كان خفيفاً علينا..
صعدنا إلى بوفيه الإفطار الواقع على سطح الفندق .. وهي بنظري من أجمل مزايا الفندق البسيط لأن الإطلالة جميلة والأجواء منعشة حتى مع وجود غطاء شفاف (شادر) للمناطق المكشوفة..
إطلالة المطعم من إحدى الجهات .. عجزت أعدّلها صراحة ..
من الجهة الأخرى
للأسف لم أصور بوفيه الإفطار - عادتي ولا رح اشتريها
... لكنه متنوع بشكل جيد وربما من أكثر بوفيهات الإفطار اللي "حللتها" في حياتي ..
- على وين اليوم يا دينا؟
- هــآآآاااا؟ انت راكنة عليّ...؟
- طبعا انت مش بتعرفي اسطنبول.. ؟؟
- انا ابعد ما وصلته في حياتي مطار اسطنبول وهذا لا يؤهلني لمعرفة شي فيها ...
- وقعنا في الفخ. طيب انا حابة اتسوّق .. و..
- وصلتي .. قرأت عن مول جواهر وانا اصلا حابة اشوفه .. يلا؟
- أوكي.. وراكي والله يستر ..
طبعا لا بد أن أوضح لكم أنه لم تكن لدي أي فكرة عن مترو اسطنبول أو المولات .. تفقدت العم غوغل لمعرفة كيفية الوصول من السلطان أحمد إلى المول وتوكلت على الله ..
المشي إلى المحطة يستغرق 5 دقائق تقريبا من الفندق ..
الطريق عبر ساحات المسجد وما حوله جميل والجو رائع ..
مقابلها تماما مادو الشهير ومجموعة من المطاعم والفنادق .. والصورة نايمة ما عرفت أصحيها ...
ركبنا المترو إلى كبتاش.. ومنها إلى ميدان تقسيم الشهير حيث يجب أن نستقل مترو آخر إلى محطتنا المنشودة .. ولكننا نزلنا للتجوال في الميدان قليلاً...
كان الجو مبكراً والأجواء ماطرة وأعداد الناس قليلة .. جو مثالي للاستمتاع بالمكان بالنسبة لي ..
أخيرا عرفت السر في إطعام الحمام .. الجماعة بدهم أكل معيّن مو أي كلام ..
قضينا حوالي الساعة نتصور مع الحمام ونطارده .. ويطاردنا الباعة المتجولين.. سلسلة بيولوجية متكاملة ههههه
الترام ما احلاااه
أكثر ما لفتني محلات بيع الورد وأطوق الورد ...
واستوقفني كثيرا الورد متعدد الألوان .. روعة
طبعا ذهبت إلى تقسيم مسلّحة بالعديد من الأفكار المسبقة - المخيفة والخاطئة ربما .. مما دفعني إلى الاستغناء عن شارع الاستقلال والعودة إلى محطة المترو نحو مول جواهر. ربما معظم ما سمعته حقيقي فعلا لكن شعرت بعد زيارتي للمكان ولاسطنبول عموما بأن هناك الكثير من المبالغات في الحديث عن الأتراك وتعاملهم مع العرب ..
وصلنا المول بسهولة وتسوقنا بشراسة ... اخطأت كثيراً بأن أنفقت معظم وقتي ونقودي في محل C&A المفضل لدي .. وتجاهلت المحلات التركية لأنني كنت أعتقد أن ثمن بضائعها مبالغ فيه .. طبعا الفضل في ذلك يعود لأسعارها في الأردن.. خاصة محل LCW الذي يبيع قطعه بأسعار مبالغ فيها جدا في الأردن فلم أدخله عند زيارتي لمول جواهر .. الزيارة الأولى طبعا ..
تغدينا في ردهة المطاعم - تناولنا شاورما دجاج لم تكن رائعة وحلينا بأروع كريب بالنوتيلا ذقته في حياتي ... وأكملنا الجولة للعصر قبل أن نعود أدراجنا إلى الفندق..
ارتحنا قليلاً وتوجهنا إلى المسجد للصلاة والمشي في المنطقة المحيطة به .. ثم قررنا الذهاب للتسوق من جديد ولكن في منطقة بايزيد الواقعة على بعد محطتين او ثلاثة من السلطان أحمد ..
للأسف لا أذكر أسماء المحلات ولكننا توقفنا لفترة طويلة وأنفقنا مبالغ كبيرة في محل لديه أغراض مميزة وخاصة الاواني والادوات المنزلية -هواية الحريم في كل مكان- وخرجت منه بالكثير من المشتريات التي أثقلت كاهل الميزانية ووزن الحقيبة في نفس الوقت
من مشترياتي المحببة من المحل
في المساء قررنا شراء كرت اسطنبول للمواصلات نظرا لأننا اعتمدنا المترو تماماً في مشاويرنا.. ومن ثم تعشينا عند "كفتجي سلطان أحمد" ... تناولنا الكفتة والكبابب - يعني بلغتنا مشاوي مشكّلة .. الطعم جيد لكن التوابل زيادة لمن لا يحبها ..
كماااان أكل .. عيشوا
المطعم من الخارج
وفي طريق عودتنا للفندق.. هذه المرة ونحن نعرف الطريق
جلسنا حول النافورة أمام مسجد السلطان أحمد وتمتعنا بالأجواء الصافية لبرهة ..
وصلنا اليوم الثالث من الرحلة المكوكية الاسطنبولية .. وعلى عكس اليوم السابق فتحنا أعيننا على شمس ساطعة وأجواء دافئة مشرقة، فسارعنا لتناول الإفطار وأنا أدعو الله أن يفتح عليّ ببرنامج جيد لهذا اليوم بعد ان استنفدت كل ما أعرف عن هذه المدينة
أثناء الإفطار تذكرت فجاة أنني قرات في المنتدى عن مقهى وتلفريك ومقابر..
- .. في مشكلة صغيرة، يمكن التلفريك بيمر من جنب مقابر
-
- الله اعلم انه بعيد من هون، شو رأيك نجرب؟
-
-اماني الله يرضى عليك ركزي معي ..
صديقتي الغالية فيها صفة واحد تزعجني مؤقتاً.. وهي اعتمادها الكامل عليّ عندما نكون معاً.. يعني ممكن جدا أن أشير لها إلى حافة جبل وأطلب منها القفز فتقفز دون أن تسأل عن السبب.. في كل مرة أطلب منها أن تشاركني الرأي والتخطيط ولكن برأيها -ما في داعي-
المهم انني بحثت سريعاً عن طريقة الوصول إلى مقهى بييرلوتي وقرأت القليل على عجالة عن المسجد القريب... ثم اتخذت قرارا استراتيجياً بتغيير ملابسي وارتداء ما يناسب الأجواء الصيفية التي افتقدتها منذ أشهر ..
قررنا الذهاب بالطريقة الأرخص والأجمل وهي ما يشبه الباص البحري - ركوب عبارة تتوقف في عدة محطات منها محطة "أيوب" حيث المسجد .. وللوصول إليها طبعا كان لا بد من ركوب المترو أولاً إلى امينونو ... ومن هناك مشينا مسافة إلى مكان انطلاق العبارات ..
نصب حجري لكتاب ..
طبعا اي زهرة تيوليب لازم أصورها ...
من مكان انطلاق العبارات
طبعا دفعنا تكلفة العبارة باستخدام كرت اسطنبول .. وهي تأتي مرة كل نصف ساعة ولم تكن مزدحمة أبدا .. تناولنا الشاي خلال الرحلة التي استمرت 35 دقيقة توقفنا خلالها في أربع أو خمس محطات قبل الوصول إلى محطة أيوب ..
طبعا انا لم اكن اعرف اكثر من هاتين المعلومتين - اسم المحطة واسم المقهى ... فكنت على اعصابي طوال الوقت
لكن الحمدلله كانت هي المحطة الصحيحة ومشينا قليلاً قبل أن نصل إلى المسجد في بداية شارع طويل اصطفت فيه المحلات والبسطات. هاااد اللي ما حسبنا حسابه .. كمان سوق
قررنا السير باتجاه التلفريك أولاً ثم العودة لصلاة الجمعة في المسجد .. وكلما توقفنا عند المحلات لمعاينة المعروضات والأسعار فوجئنا بالفارق الهائل بينها وبين المحلات في المولات أو منطقة السلطان أحمد .. حتى وصلنا إلى محل يبيع العباءات والجلابيب بجودة مدهشة وموديلات جميلة جدا .. أما الأسعار فكانت بالفعل خرافية بالمقارنة مع بلدي الحبيب
اشترت صديقتي بعض العباءات وتركتها لديهم للتقصير وفي هذه الأثناء كان صاحب المحل قد جاء ليعطينا خصماً إضافيا على ما اعطتنا اياه البائعات! كان الرجل المسن في غاية اللطف حقيقة، لدرجة انني سألته .. هل أنت تركي فعلا؟ أفكاري تجاه الأتراك كانت مشوهة تماماً ..
واصلنا السير باتجاه التلفريك وهناك صارت المحلات أجمل وأرخص! يا رباااه شو هالورطة.. فاتفقنا على غض النظر عن أي محلات حتى ننتهي من أمر التلفريك ومن ثم نفكر بالأمر..
عندما وصلنا إلى محطة التلفريك كان قد مضى أكثر من ثلاث ساعات على وصولنا للمنطقة ولكننا لم نشعر أبدا بمرور الوقت ..
تجسيد آخر للكتاب .. في بداية صف انتظار التلفريك ..
وقفنا حوالي نصف ساعة في الطابور ودفعنا باستخدام كرت اسطنبول أيضاً .. الرحلة طبعا متواضعة جدا جدا لمن جرب أي تلفريك آخر في العالم ولكن المنظر من الأعلى هو ما يستحق المشوار ..
قبل الصعود
صحيح أن المكان في الأسفل مقابر لكن لم يكن الوضع مزعجاً او موحشاً ..
الإطلالة من الاعلى جميلة والجو كان بدأ يميل لبرودة خفيفة فأصبح مثالياً للجلسة
للأسف كان المقهى مزدحم جدا ولم نتمكن من الجلوس بشكل مطل مباشرة.. ولكن استمتعنا بالأجواء والإطلالة على اي حال.. والأهم أنني تلذذت بحبيب القلب .. الشاي ..
قررنا تناول غداء خفيف في المقهى بما أن المكان جميل والقعدة احلوّت
...
كوب الشاي فاضي؟؟؟ لا لا مش ممكن
طلبت غيره 3 على ما اذكر
قضينا في المكان ما يقارب ساعة ونص .. طبعا ليس فيه شيء سوى المقهى ولكن بالنسبة لنا ممكن أن نجلس في أي مكان ونقضي الساعات قرقرقرقرقر ... عادي جدا ..
ثم قررنا النزول من جديد والتجول في السوق باتجاه المسجد ..
عدنا في البداية إلى محلات صغيرة أقرب إلى البسطات والأكشاك.. قريبة من مدخل التلفريك ولديهم الكثير من الأغراض المتنوعة من الحلويات إلى الملابس والاواني والإكسسوارات المميزة .. من هناك اشترينا استكانات الشاي والكثير من الإكسسوارات وفناجين القهوة وتذكارات اسطنبولية .. طبعا بأسعار اقل بكثير مما شاهدنا في منطقة بايزيد والسلطان أحمد ...
- اماني... يلا نمشي للمسجد مباشرة وبكفي أسواق؟
- على طول .. خلص هاي اخر محل ..
- اتفقنا .. يا معين
بالفعل وصلنا المسجد دون أي تحركات مشبوهة
.. طبعا مهمة صعبة جدا لكن وصلنا بنجاح مبدئياً...
زحام شديد على موعد الصلاة
طبعا تبين لنا انه الخطبة والصلاة فاتتنا فقررنا نصلي الظهر والعصر .. صلينا بصعوبة بسبب الزحام وصورنا بعض الصور ..
في ساحة المسجد شجرة عملاقة قرأت لافتة عن تاريخها حيث يعتقد بأنها تعود إلى عهد الصحابي أبو أيوب الأنصاري.. لم اتمكن من تصويرها جيداً لان الزحام كان مزعجاً للغاية خاصة مع أعمال الترميم التي أغلقت مساحات كبيرة
بعد الصلاة كان المخطط هو العودة إلى منطقة السلطان أحمد .... على أرضنا وبين جمهورنا
... ولكن على وجه كل منا كانت هناك علامة تساؤل كبيرة.. لماذا؟؟
قررنا دون كلام أن نبقى في منطقة أيوب .. واستدرنا عائدتين إلى حيث الأسواق والضجة والزحام..
وجدنا محلاً يبيع الحلويات والحلقوم والتوابل والزعتر والكثير من المواد التموينية .. خطر ببالي أن أسأل عن الحلقوم بعد أن فوجئت بارتفاع سعره في الأسواق التي زرناها قبلاً، فوجدت الأسعار معقولة جدا (24 ليرة بدلاً من 60 ..) ربما سعر حلقوم الرمان أعلى قليلاً ولكن البقية سعرها ممتاز .. تذوقنا بعض النكهات ..
عبي يا معلّم ..
اشترينا كمية كبيرة نسبياً .. هدايا ومخزون استراتيجي
وكان البائع في غاية اللطف فأخبرنا أن بإمكاننا ترك كل ما معنا من أغراض إلى حين انتهاء جولتنا في السوق ! طبعا تحررنا من وزن ثقيل وحمل كبير .. فانطلقنا من جديد لنتوغل في السوق .. كلها محلات تركية بعضها معروف والآخر غير معروف .. اشترينا ملابس بأسعار ممتازة وكل ما اشتريت قطعة ندمت على ما صرفته في مول جواهر ومحل C&A .. فالفرق في السعر والقطع كبير ..
وصلنا إلى محل LCW نهاية الشارع .. ترددت في الدخول ولكن .. بعد ما خربت مالطا ما عاد تفرق .. وهناك أدركت أن خراب مالطا كان من الممكن تفاديه أصلا قبل افتتاح المحل
أسعار بضاعته أقل منها في الأردن بنسبة كبييييرة .. وطبعا تشكيلة ضخمة لا يوجد ربعها لدينا.. قشيت بضمير بصراحة وشاركتني في الجريمة صديقتي بكل أمانة
صرفنا كل ما معنا من نقود فعدنا إلى محل الحلقوم
أخذنا الأمانات وانطلقنا إلى العبارة مع اقتراب الغروب .. وفي الطريق بدأ هطول المطر وشعرت حينها بخطئي عندما تخلصت من الملابس الدافئة في الصباح ..
هواء البحر في العبارة مع المطر الذي أغرق ملابسي أشعرني ببرد شديد لم يخفف منه إلا ظهور بائع الشاي الصباحي ولكن هذه المرة حاملاً صينية سحلب ! طبعا غريب أنني لم اجرب السحلب من قبل في حياتي ولكني تذوقته لأول مرة في حياتي وكان رائعاً جدا جدا
بعد حمام دافئ وكوب شاي سريع توجهنا إلى منطقة المطاعم مرة أخرى .. للأسف لم تصور صديقتي هذه المرة .. لكن العشاء يشبه نظام مطعم ايكيا
مجموعة أطباق تختار منها وتحاسب حسب نوع الطبق.. أذكر ان الاختيارات تضمنت البامية والكفتة والبطاطس المهروسة والسلطات .. والكثير من الشاي
وقبل أن نختم يومنا مررت على مكتب للرحلات السياحية قريب جدا من الفندق واتفقت معه على توصيلة للمطار عصر الغد بسعر 20 يورو لشخصين مع الحقائب.. بدلاً من استخدام المترو لمسافات وزحمة مع الحقائب خاصة انه يوم عطلة (السبت) ..
وبالطبع بعد كل هذا التعب والتسوق.. نمت خلال ثانية وحلمت حلماً نفذته فور استيقاظي في اليوم التالي
صباح الخير ..
السبت كان أخر يوم لنا في رحلتنا السريعة .. ولكن كما ذكرت لكم فإن ميزة الطيران بين الأردن وتركيا هي المواعيد التي تسمح بالاستفادة من يوم السفر كاملاً.
كان موعد رحلتنا هو منتصف الليل .. ورتبت في اليوم السابق أمر توصيلة المطار ولكن كان موعد الانطلاق في السادسة عصرا ..
السبب هو أن الموعد التالي لباصات المطار كان التاسعة ليلاً ولم أرغب بالمغامرة بتخصيص ساعة واحدة للطريق .. كما أن حجزنا في الفندق ينتهي اليوم - مما يعني ان علينا ترك الفندق في الثانية عشرة ..
استيقظت فجر السبت على صوت صديقتي وهي تفتح باب الخزانة وتقفله بكل قوتها لتصدر صوتاً في غاية الإزعاج
- خير يا بنتي شو في
- هو انت عايشة؟!!
- هاا؟
- صار لي ساعة براقبك وما عم تتنفسي ! خفت اصحيكي وما تصحي فقررت اجرب هالحركة..
- السفرة الجاي كل واحدة في غرفة
- طيب انت ليش ما بتتنفسي؟
- بخزّن أكسجين أنا .. برمائية.. خليني أنام ارجوكِ
طبعا طارت النومة من فجر الله خير ... رغم أنني كنت أفضل النوم لساعتين او ثلاثة إضافية كون موعد وصولنا إلى منازلنا سيكون بعد حوالي 22 ساعة ...
رتبت حقيبتي وراودني شعور غريب .. أنا بدّلت هذه الأكياس فلماذا هي هنا؟
تذكرت حينها أنني (حلمت) بأنني انتقمت من محل C&A في مول جواهر وقمت بإرجاع كل مشترياتي من هناك لأنها أغلى من البضائع التركية وليست في جمالها ..
وما المانع من تحقيق الحلم؟ في العاشرة سأكون على باب المحل وأعيد لهم كل المشتريات .. وأشتري بقيمتها من LCW
انتهينا من إعداد الحقائب مبكراً ونزلنا للإفطار .. صدقاً شعرت بحزن لمغادرة الفندق وهو شعور لا أحس به كثيراً.. فمعظم الفنادق لا تشعرك بالحميمية لضخامتها أو ديكوراتها مثلا، ولكن هذا الفندق بسيط وحميم وموظفوه في غاية اللطف والتعاون .. فتشعر وكأنك في منزل جميل ولست في فندق ..
توجهت للاستقبال وشرحت لهم أن مغادرتنا للمطار ستكون في السادسة، فرحبوا ببقائنا في الغرفة حتى السادسة دون أية رسوم إضافية ! ذلك رغم كثرة النزلاء في الفندق (كلهم تقريبا أوربيون) وكنت بالفعل أنتظر أن يطلب مني مبلغا للساعات الإضافية ولكنه اكتفى بابتسامة عريضة ..
توجهنا إلى محطة المترو حاملين معنا أكياس مشتريات اليوم الثاني .. وقررنا شحن البطاقات عند ماكينة التذاكر .. ولكن خيار اللغة الإنجليزية كان معطلا
.. حاولت من جديد ولم أفهم شيئاً فاقترب على الفور رجل تركي مع زوجته -كانوا من المارة وليسو واقفين في المحطة- واستأذنني بأن يقوم هو بالشحن .. قام بالخطوات سريعا وشحن البطاقة بالمبلغ الذي كان بيدي وغادر دون أن أشكره .. التفتت زوجته فقط وابتسمت لنا قبل أن يبتعدا !
كم ظلمت الشعب التركي بتصديق كل ما قرأت عنهم !
اخذنا المترو في الرحلة الطويلة إلى مول جواهر .. وهناك قمت بإرجاع كل مشترياتي من المحل المذكور واسترجاع حوالي 350 ليرة تركية .. طبعا كانت بمثابة الكنز بعد أن صرفت كل ما معي
بدون تفاصيل كثيرة، أنفقت المبلغ وفوقه القليل على مشتريات من المحلات التركية، وبالفعل كانت أجمل وأرخص بكثير مما توقعت ..
- دينا .. أظن اننا صرفنا كل الفلوس اللي معنا
- مو مشكلة .. بطاقة المترو مشحونة، توصيلة المطار مدفوعة، حساب الفندق خالص .. خلي معنا ثمن الغداء والباقي ممكن نصرفه .. أهم شي ما نضيع بطاقة المترو او إيصال الباص للمطار
- اوكي يلاا
ذكرت لكم أن صديقتي لن تناقشني في أي شيء.. وأحيانا أتمنى انا تناقشني وتقول لي انني مخطئة ..
المهم اننا عدنا محملين بالأكياس إلى الفندق حوالي الساعة الثانية .. وضعنا كل ما معنا في الحقائب وقررنا إخلاء الغرفة قبل أن نتجه للغداء، بحيث يتسع لنا الوقت للغداء ومشوار آخر فكرت فيه في طريق العودة ..
تركنا حقائبنا عند الاستقبال وخرجنا من جديد إلى منطقة السلطان أحمد ..سألتني أماني عن المخطط .. فقلت لها أنني سمعت في المترو اسم محطة مألوفة ... اظن انني قرأت عنها شيئا ولكن لا أذكر ما هو، ربما متحف او قصر. عموما المحطة قريبة جدا ما رأيك أن ننزل ونرى ما لديهم هناك ؟
طبعا يوم السبت كان الازدحام شديداً للغاية .. في الشوارع وعلى الأرصفة وفي المترو، ولكن محطتنا كانت الثانية فنزلنا سريعا إلى ... جولهانة ..
وهنا فقط بدأت ألوم نفسي لأنني لم أقرأ ولم أخطط جيدا قبل الرحلة .. فحديقة جولهانة كانت تحتاج إلى وقت أطول بكثير مما اتسع له المجال يومها.. والمتعة التي شعرنا بها هناك فاقت الوصف..
أعتقد أنني سأكتفي بالصور فالكلام لن ينقل روعة الحديقة .. خاصة في هذا الوقت من العام مع تفتح التيوليب وجمال الجو ..
مدخل الحديقة .. قبل أن أعرف ما ينتظرنا من جمال
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
هذه الصورة تم تصغيرها . الحجم الافتراضي لها هو 1328x747.
أيضاً كتب
هالصورة من أحب الصور لقلبي ...
في الحديقة الكثير من الصعود والنزول ..
البحر
للأسف بدأ الوقت والجوع يداهماننا فقررنا العودة بدلا من مواصلة التجول ..
لمحت عروسين بيتصوروا .. وبالمرة عرفنا انه في منطقة لألعاب الأطفال
خرجنا من الحديقة باتجاه السلطان أحمد... الطريق -نسبياً- ليست طويلة ويمكن قطعها مشيا على الأقدام لكن صعوداً باتجاه المسجد.. ولكن شعرنا بالتعب والجوع كما أن الوقت تجاوز الرابعة .. ففضلنا ركوب المترو رغم صعوبة العثور على مكان للوقوف في المترو بسبب الزحام ..
كان الزحام على أشده في محطة السلطان أحمد وما حولها، فالجو مشمس واليوم عطلة. قررنا تناول وجبات الغداء في أحد المطاعم المقابلة تماما للمحطة .. واخترنا وجبتي اسكندر دجاج وشيش طاووق .. لذيذة جدا وللأسف نسيت سعرها
في الخامسة والنصف كنا في الفندق، ورغم أننا سلمنا الغرفة سابقاً إلا أننا استعملنا كل المرافق وتمكنّا من الوضوء والصلاة واستخدام الإنترنت والراحة وشرب الشاي في بهو الفندق الصغير .. إلى أن حان موعد وصول الباص في السادسة ..
خرجت إلى مدخل الفندق وبدأت أبحث عن الإيصال مقابل تذكرة الباص .. فتشت كل مكان ممكن ولم أجد الإيصال ! شعرت بتوتر وطلبت من صديقتي انتظار الباص إلى أن أذهب إلى المكتب وأخذ منهم إيصالا أو أية ورقة بدل الضائعة..
- اذا جاء باصنا خليه يستناني
- كيف رح اعرف انه باصنا
- اسألي ان كان من الشركة الفلانية ورايح للمطار .. او شوفي أسماءنا أن كانت معه..
- مممم بالانجليزي؟
- لا بالصيني .. أقول.. دقيقتين وبرجع بس أوعي يفوتنا الباص .. ما معنا فلوس لتذاكر تانية !
- .......
ركضت إلى المكتب وشرحت لهم الأمر فأعطاني -مشكورا- وصلاً بديلاً.. وعدت جريا لأنني رأيت باص المطار على باب الفندق، على وشك المغادرة، وصديقتي العزيزة تنظر إليه وتشاور نفسها إن كانت ستسأله أو لا ..
الحمدلله وصلت في الوقت المناسب وأعطيته الوصل وركبنا الباص .. بصراحة أنّبت صديقتي الغالية لأنني في كل مرة أحثها على تحسين لغتها الإنجليزية وفي كل مرة تعدني بذلك دون أي تقدم .. وهذه المرة كنا سنتورط فعلا لو ذهب الباص بدوننا ..
طبعا أنبت نفسي ولمتها أكثر بكثير من صديقتي .. فنحن صرفنا بالفعل كل ما نحمل من نقود، والمبلغ كان برأيي كبيراً جداً لأربعة أيام وتوقعت أن لا ألمس أكثر من نصفه.. هذا طبعا قبل أن أرى أسواقهم ..
وبالتالي لم أحمل معي حتى بطاقة ائتمان أو بطاقة البنك .. كانت غلطة تعلمت منها الكثير ولكن الحمدلله لم تسبب أية مشاكل فعلية ..
في الباص فهمت ماذا تعني "زحمة اسطنبول"... كان الزحام خيالياً في أزقة لم أتوقع أصلا أنها مفتوحة للسيارات .. فقد مرّ الباص في طريقه على مجموعة كبيرة من الفنادق -الصغيرة والكبيرة- في اماكن متباعدة وأزقة ضيقة صاعدة وهابطة ومتعرجة ... ووقف في إحدى المرات لنصف ساعة كاملة على "طلعة" تؤدي لفندق صغير ..
حينها هنّات نفسي على اختيار باص الساعة السادسة .. ولم يعكّر صفو تلك السعادة سوى سيدة دنماركية ملأت الباص صراخاً وضجيجاً لأن موعد طائرتها هو التاسعة .. والساعة بلغت السابعة ونحن لا زلنا في حواري اسطنبول الصغيرة وما حولنا لا يبشر بإمكانية الخروج منها قبل وقت طويل ...
وصلنا المطار قرابة الثامنة وسط عاصفة غضب من تلك السيدة.. والتي كان من دواعي سروري البالغ أن أدعها تمر قبل الجميع .. لم أدخل المطار إلا بعد أن اطمأننت إلى أنها تلاشت عن الأنظار
ومن حقها الغضب صراحة فطائرتها كانت على وشك الإقلاع ...
أما نحن فكان معنا من الوقت ما يزيد على ثلاث ساعات .. فأخذنا كل الوقت اللازم لإجراءاتنا والتجول -مفلسين- في المطار ..
.. قبل العودة إلى بلدنا حاملين معنا صورة تختلف اختلافاً كلياً عن تلك التي كانت في أذهاننا لاسطنبول .. الشوارع والناس والأمسيات، وكل ما فيها من جمال لم أصدق يوماً أنه بذلك السحر إلى أن وقعت تحت تأثيره بكل إرادتي ...