أسواق دمشق

دودو

:: مسافر ::
4 مارس 2017
501
7
0
40
مصر
يبلغ عددها 150 سوقاً كل منها متخصص في سلعة أو حرفة
c0d87cec5da8080f596535d0030ed7bf.jpeg
تعتبر الأسواق في كل المدن مركزاً مهماً للنشاط الاقتصادي ومكاناً للاحتكاك الاجتماعي والتبادل السلعي،لذلك تأتي هذه الأسواق في مقدمة البنية الاقتصادية للدولة،وقد تكاثرت الأسواق في دمشق ووجدت في كل العصور التي مرت عليها باعتبارها ملتقى مهماً للقوافل التجارية المتجه نحو الشرق والغرب،إلا أن بعض هذه الأسواق قد أقيم في العهد العثماني وبعده لتلبية الحاجات الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. وأحدث هذه الأسواق كان خارج الأسوار وتوضع قريباً من التجمعات السكانية،أما ما أقيم داخل الأسوار فكان على أنقاض الأسواق القديمة. وأهم الأسواق التي أقيمت خارج أسوار دمشق من جهة الغرب سوق السنانية الذي ينسب إلى الوالي العثماني سنان باشا،ثم سوق الدرويشية نسبة إلى الوالي درويش باشا.
c0d87cec5da8080f596535d0030ed7bf.jpeg
أما سوق الوزير نسبة إلى الوزير محمد باشا العظم،فيعرف بالسوق الجديد وقد أقيم على أنقاض أسواق ومبان قديمة إلى الشرق من باب السعادة داخل الأسوار سنة 1192هـ. أما في عام 1163هـ فقد تهدم سوق “الطنوتية” الذي كان مبنياً بالخشب والحجارة المنحوتة الملونة،ويقع في حي العمارة،فقام أسعد باشا العظم باستخدام حجارته في بناء قصره المعروف سياحياً وتراثياً والمسجل في اليونسكو
كأحد أهم المباني الأثرية في دمشق ويزوره مئات السياح يومياً ويقع في حي البزورية ويعرف ب “قصر العظم”.
وبشكل عام كان كل سوق من الأسواق متخصصاً بسلعة أو حرفة أو صنعة معينة مما ساعد على معرفة أنواع الحرف التي كانت قائمة في دمشق أو الخدمات التي كانت تقدمها للمجتمع،وبالتالي توضح لنا طبيعة المرحلة الاقتصادية التي كان يمر بها مجتمع دمشق والتطور الحاصل فيه،وإضافة إلى تخصص الأسواق فإن أسواقاً أخرى نسبت إلى بانيها أو بعض الأسر العاملين فيها،وقد بلغ عدد هذه الأسواق في دمشق أكثر من مائة وخمسين سوقاً كانت معظمها داخل سورها وحول الجامع الأموي.
وإبان الحكم المصري،أصبحت دمشق عاصمة لأقاليم بلاد الشام، وأولى الحكام أهمية كبرى لهذه الأسواق، فكلف ” أمين الحسبة”بمهمة المراقبة يساعده مندوبو التجار وشيوخ الحرف،وكان من أهم الشروط التي وضعها الحكام على المحتسبين في تلك الفترة،الورع والتدين والدراية بأحوال البلد والرعية ،وكان لهذا الأمر تأثيرا كبير في مجتمع دمشق.
وإذا كان بعض القضاة والمحتسبين يقصرون في عملهم،يهاجمهم العامة ويقذفونهم بالحجارة،مطالبينهم بالتشديد في المراقبة وحماية المواطنين من جشع المحتكرين.
كانت الدكاكين في تلك الأسواق مبنية من الحجارة،وكانت مستطيلة الشكل وضيقة العرض وتتقابل مع بعضها على طرفي السوق. فتتقارب حسب ضيق السوق واتساعه،وكانت هذه الهندسة في عمارة الدكاكين تسمح لصاحب الدكان فقط بالوقوف في مقدمة محله واستقبال الزبائن الواقفين خارج الدكان،الأمر الذي يجعل الازدحام كبيراً في الأسواق الضيقة،وكان البائع يقف للبيع خلف “دكة” من الخشب يضطر إلى القفز فوقها إذا أراد الدخول أو الخروج من وإلى الدكان.
ومع وجود بعض الأسواق والبازارات الأكثر اتساعا ومخازنها أكبر مساحة وحجماً إلا أن السمة العامة لها جميعا كانت تتجلى في ضعف الإنارة،لصعوبة دخول أشعة الشمس إليها بسبب طبيعة تصميمها،حيث لا نوافذ فيها.
كان رواد هذه الأسواق من جنسيات وطبقات مختلفة لذلك كان السوق معرضاً للأزياء المتنوعة،فالآغوات كانوا يرتدون فروات طويلة من الحرير الأحمر ويتقلدون بالسيوف أو بالخناجر المطعمة بالأحجار الكريمة،يعلقونها في أحزمتهم.
وكان الأغوات يسيرون وخلفهم بضعة أنفار من الأتباع والخدم أو العبيد ليحملوا لهم غلايينهم (مفرد غليون) أو النراجيل،وكان سير هؤلاء في الأسواق سير مباهاة وتكبر،يقصدون المقاهي حيث يجلسون على الأرائك أو المصاطب ليدخنوا الغليون والنرجيلة، وينظرن إلى المارة بفوقية وكان العامة من الناس يسيرون في الأسواق تختلف ألبستهم،ما بين ميسور وفقير وراكب وراجل.
ولا تزال هذه الأسواق وغيرها الكثير قائمة بطرزها القديمة التي دخلت عليها بعض التحسينات،إلا أنها لم تفقد رونقها.
كما تصيح أصوات المغنيين المبدئيين من هنا وهناك التي يستخدمها أصحاب المقاهي لاجتذاب الزبائن فتمتزج أغاني أليسا بأخرى لعبد الحليم وخوليو أيجليزيس في ثوان قليلة وأنت تتنقل سيراً على الأقدام من مقهى إلى آخر.