طبريا” تواجه الاحتلال بمياهها العذبة في يوم التضامن الفلسطيني
بين أتون حرب اختلط فيها الخير بالشر وبين أحضان جبال سيطرت عليها قوات محتل, تقبع “طبرية” أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم، وهي تقع بين منطقتي الجليل والجولان التاريخية، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن، وتنحدر المياه الغزيرة من قمة جبل الشيخ الثلجية البيضاء، لتشكل مجموعة من الينابيع التي تتجمع بدورها لتكون النهر.
ويبلغ طول سواحل “طبرية” 53 كم وطولها 12 كم وعرضها 13 كم، ومساحتها تبلغ 166 كم2 فيما أقصى عمق فيها يصل إلى 46 متراً.
وترتبط البحيرة تاريخياً بمعظم الأديان التي مرت بالمنطقة وقد ورد ذكرها في السيرة النبوية في أكثر من موضع، حيث جاء في أحد الأحاديث التي أوردها الإمام مسلم في صحيحه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه يبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء.. إلى آخر الحديث.
وبقرب البحيرة وقعت إحدى أشهر معارك التاريخ، وهي معركة اليرموك التي كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام، وقد حدثت هذه المعركة بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأربع سنوات، وبعد تمكن الخليفة الراشد “أبو بكر الصديق” من توحيد الجزيرة العربية التي تمردت عدة من قبائلها تحت السلطة المركزية للخلافة الإسلامية ومركزها المدينة المنورة، فحالما تم تطويع هذا التمرد وهو ما عُرف بحروب الردة بدأ بعدها عهد الفتوحات، حيث أرسل الصديق أكثر جنرالاته عبقرية ودهائاً هو خالد بن الوليد رضي الله عنه ليقود المعارك هناك والتي كانت فيها قوات جيش المسلمين تعدّ 36 ألف مقاتل في حين كانت جيوش الروم تبلغ 240 ألف مقاتل.
وفي هذا المكان، حدث صراع بين الخير والشر، ونشر الخير بعدها بذوره فيه لتنعم هذه المنطقة بنعيم جمّ لمئات السنوات، حتى وطئت قدم المحتل الإسرائيلي الأرض؛ ليعود الشر من جديد، فقبل قيام الاحتلال بإعلان دولته كان عرب فلسطين شعباً مزارعاً، حيث إن 75٪ منهم يحصلون على عيشهم من الأرض، وبعد نزوح الفلسطينيين نتيجة نكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دوراً مهماً في حياة 156000 من العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل دولة إسرائيل، وبقيت الأرض مصدراً مهماً لانتماء الفلسطينيين العرب بها وفي عام 1950م تبنت الحكومة المحتلة قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي أسموها إسرائيل واستيعاب اليهود وفي المقابل، سنت قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي، والذي قام على نحو فعال بمصادرة الأراضي التابعة للاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا من المنطقة التي أصبحت إسرائيل في عام 1948.
صورة قديمة لطبريا تعود إلى ما قبل الاحتلال الاسرائيلي
صورة قديمة لطبريا تعود إلى ما قبل الاحتلال الاسرائيلي
واليوم.. لم يكن أمام هيئة الأمم المتحدة إلا أن تتبنى يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتجعل منه مناسبة سنوية يتم الاحتفال به في 29 نوفمبر من كل عام للتذكير بقرار التقسيم 181 في العام 1947م الذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين “عربية” و”يهودية” مع وضع القدس تحت الوصاية الدولية، وذلك تنفيذا لوعد بلفور ليقصم ظهر الشعب الفلسطيني، ويضيع قسما كبيرا من الأرض، وانتزاعها من أصحابها ليمنحها لعصابات صهيونية قدمت من شتى بقاع العالم.
فديو مصور للبحيرة:-