السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من بلاغة القران الكريم …
عيسى عليه السلام ليس له قوم ...!!!
.
.
.
.
.
دقة لغوية متميزة تتجلى في كتاب الله تعالى
... في قصص الأنبياء نجد أن كثيراً من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة ياقومِ ؛ نوح يقول :
{ لقدْ أرْسلنا نوحا إلى قوْمهِ فقالَ يا قوْمِ اعبدُوا اللهَ }
[ الأعراف: 59 ]
وهود عليه السلام يقول لقومه :
{ وَإلى عادٍ أخاهمْ هودًا قالَ يا قوْمِ اعبدُوا اللهَ }
[ هود : 50 ]
وكذلك صالح عليه السلام يقول لقومه :
{ وَإلى ثمودَ أخاهمْ صالحا قالَ ياقوْمِ اعبدُوا اللهَ }
[ هود:61 ]
ولوط كذلك :
{ وَلوطا إِذْ قالَ لقومهِ أتأْتونَ الفاحشةَ ما سبقكمْ بها منْ أحدٍ منَ العالمينَ }
[ الأعراف: 80 ]
وهكذا حال الأنبياء وموسى عليه السلام ينادي قومه في كثير من الآيات بقوله :
{ وَإِذْ قالَ موسى لقوْمهِ يا قوْمِ إِنَّكمْ ظلمتمْ أنفسكمْ }
[ البقرة : 54 ]
يقصد بني إسرائيل ...
وكما نعلم أن موسى أرسل لبني إسرائيل ...
ولكن ماذا عن عيسى وقد أرسل إلى بني إسرائيل أيضاً ؟!!!
الحال يختلف مع سيدنا عيسى إبن مريم عليه الصلاة والسلام ؛ فلا توجد أي آية في القرآن تجمع كلمة " عيسى " أو " المسيح "
مع كلمة " قوم " فكان يخاطبهم بقوله :
يا بني إسرائيل دائماً من دون أي ذكر للقوم ...
يقول المسيح :
{ وَقالَ المسيحُ يا بني إِسرَائيلَ اعبدُوا اللَهَ رَبِي وَرَبكمْ }
[ المائدة : 72 ]
ويقول أيضاً :
{ وَإِذْ قالَ عيسى ابنُ مرْيمَ يا بني إِسرَائيلَ إِني رَسولُ اللهِ إِليكمْ }
[ الصف : 6 ]
وهكذا في كل القرآن لا نجد ذكراً لقوم عيسى !!!
والآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة " قوم " هي قوله تعالى :
{ وَ لما ضرِبَ ابنُ مرْيمَ مثلًا إِذَا قوْمكَ منهُ يصدُّونَ }
[ الزخرف: 57 ]
وكلمة " قوْمكَ" هنا لاتدل على قوم عيسى ؛ بل قوم محمد صلى الله عليه وسلم لأن الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ؛ أي أن عيسى ليس له قوم !!!
فما هو السرّ ؟!!!
حتى عندما تحدث القرآن عن السيدة مريم أم المسيح نسبها إلى قومها ...
قال تعالى :
{ فأتتْ بهِ قوْمها تحملهُ قالوا يا مرْيمُ لقدْ جئتِ شيئا فرِيا }
[ مريم : 27 ]
أما المسيح فلم ينسب لأي قوم في القرآن ؛ ومعنى ذلك أن سيدنا عيسى ليس له قوم مثل بقية المرسلين ؟!!!
لأن نسبة الإنسان تكون دائماً لأبيه ؛ فالأب ينتمي لقبيلة أو قوم أو بلد ...
وكذلك فإن الإبن ينتمي لنفس القبيلة أو القوم أو البلد ...
فسيدنا نوح ينتمي لأب من قومه ولذلك نسب إليهم ؛ وسيدنا إبراهيم ينتمي لأبيه آزر من قومه فنسب إلى قومه ؛ وهكذا ...
وهنا نتساءل :
لمن ينتمي سيدنا المسيح ؟!!!
طبعاً لا ينتمي لأي قوم ؛ لأنه وُلد بمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب ؛ ولذلك لم يقل المسيح لبني إسرائيل : يا قوم !!!
وكان لابد أن يناديهم بقوله :
يا بني إسرائيل ...
ولا توجد آية واحدة تشذّ عن هذه القاعدة ...
وربما ورد على الذهن السؤال التالي :
ماذا عن آدم عليه السلام ونحن نعلم أنه جاء من غير أب ولا أم بل خلقه الله من تراب ؛ هل ذكر القرآن قوم آدم ؟!!!
بالتأكيد لا يوجد أي ذكر لقوم آدم ؛ فلو بحثنا في القرآن كله لا نجد أية آية تتحدث عن قوم آدم ؛ بل الآيات تتحدث عن بني آدم وهذا من دقة القرآن الكريم وإحكامه ...
إذاً جميع البشر لهم قوم باستثناء نبيين كريمين :
آدم وعيسى عليهما السلام ...
وسؤال جديد :
هل أغفل القرآن هذه الحقيقة :
حقيقة عيسى وآدم ؟!!!
أكيد لم يغفل ؛ فقد ذكر القرآن هذه الحقيقة في آية كريمة يقول تعالى فيها :
{ إِنَّ مثلَ عيسى عندَ اللهِ كمثلِ آدَمَ خلقهُ منْ ترَابٍ ثمَّ قالَ لهُ كنْ فيكونُ }
[ آل عمران : 59 ]
هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي يجتمع فيها إسما آدم وعيسى معاً عليهما وعلى رسولنا محمد الصلاة والسلام ...