رسالة إلى المبتعثين والمبتعثات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد...

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع مشعل الدرعان
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

مشعل الدرعان

:: مسافر ::
رسالة إلى المبتعثين والمبتعثات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد أيها الجيل؛

تحيّة تبلغ معك أبعد ميل، تعْبرُ إليك المشاقّ، وتنتشر حولك في الآفاق، وتأخذك بالأكف والأعناق. تحنو إليك حنوّ الإشفاق، وتعلو إليك علوّ الاستيثاق، وتخاطبك؛ خطاباً ملؤه المحبة قائلةً لك:

أيها الجيل المبتعث؛

أنت سفيرنا في كل بلد، وممثلنا المعتمد في المعتقد، ووكيلنا المؤتمن، ورهاننا أمام الزمن، سنؤمّن لك حاجاتك في الكفاح، وسنؤمل لك السداد والتوفيق والنجاح، فكن لنا خير سفير، ودليلنا إلى التقدم والمسير.

أيها الجيل المبتعث؛

وأنت هناك، بعيداً عن رقيبِ الأهلِ والمجتمع، حافظ على هويتك، لا تخُنها ولا تنتهك قدسيتها، فإنها لا توهب ولا تعار، ولا يصح عندي أنها تستبدل إلا بأن يقال: مفقود الهوية ! وتلك أدهى رزيّة. واعلم بأن الأخلاق قيمة فعلية لهويتك فلا تبخس من قيمتها فالتسعيرة بين يديك.

أيها الجيل المبتعث؛

إذا حافظت على هويتك وسموت بقيمتها وقدسيتها، فأَعْمِلْها في الفضائل، وجنّبها المساوي والرذائل، وكن داعيا للهدى بهويتك، وكاسبا للمودة بهويتك، بعيداً عن الصّغَار, والغلظة والاحتقار، فكم من شخصيّة سطرت لنا أروع الأمثلة على هذا النسق في هذا الباب، فلِجهُ من حيث ولجوا، وحذار من الإفراط وحذار من التفريط، ولا تنس أنك تملك فطرة ذات انتماء إسلامي صحيح، وهوية ذات وطن باللهجة الدينية صريح، فتجاوز هواك بما يحفظ هويتك، وتجاوز هواك بما يضمن هدايتك.

أيها الجيل المبتعث؛

ضاعف الجهد، فإن مضاعفة الجهد تهزمُ اليأس، وتحطمُ أغلال المحال، وتُلبسُك جناحيّ النصر، وتطعمك لذّة الفوز؛ وإياك إياك أن تغفل عن مراقبة الأعين التي أودَعَتك الثقة في رسم لوحة التطور، والأيدي التي استودعتك الأمانة في صنع تاج التقدم، تذكر بأنك مؤتمن على جهدك، فذلك مما يعينك على مضاعفة الجهد.

أيها الجيل المبتعث؛

أنت طالب ومُطالَب، فاسع في تحقيق مطْلَبِك ولا تنس مُطالِبك، ولا تجعل هدفك من الابتعاث أن تتوّج بالشهادة وحسب، فإن كونها هدفاً رئيساً لا يحضر عليك أهدافا أخرى، ولا تجعل همّك وظيفتك وحسب، فإن كونها هما رئيسا لا يحضر عليك حمل همومٍ أخرى، واعلم بأننا في حاجة إلى جيلٍ واع لا ميّاع ! جيلٍ يعمل للرقي بوطنه في تناغمٍ مع مصالح وقيم مجتمعه، فحذار أن تكون إصلاحيا مفسداً، إذ لا يصح كونك مهلكاً منجداً ! واعلم بأنه لا شيء أهلك لنا من فكرة هدّامة، ولا شيء أنجد لنا من عقلية علمية في سبيل التطور والإنتاج بنّاءة، فتأمل هذا؛ ثم اتخذه منهاجا.

أيها الجيل المبتعث؛

كن في السعة ولا تكن في الضيق، وكن في الضيق ولا تكن في السعة ! فإن في الضيق حراسةٌ للفضيلة من مثالب السعة، وإن في السعة - المنضبطة - أسبابٌ لانتشار الفضيلة، وقصدي بذلك كله؛ أن لا تلتفت إلى ما كتبه بعض قليليّ الإدراك، حين قال؛ ادخل كنيسةً وزر بارا وارقص مع فتاة حسناء ! وألبس ثوباً وضع شماغاً وعقالا وقل أنا سعودي !! فخير من هذه النصائح الغريبة, ما صرّح به الدكتور/ عبدالله الموسى في الخبر الآتي حول لقاء المبتعثين الذي أقيم مؤخّرا في مدينة الرياض, وإليك نص الخبر من إحدى الصحف:
(حثّ وكيل الوزارة لشؤون الابتعثات الدكتور عبدالله الموسى المبتعثين على أهمية الالتزام بالوازع الديني مشيراً إلى أن الدولة تنتظر أبناءها الخريجين من أجل مستقبل أفضل للمملكة. وأشار إلى أن المبتعث مطالب بالحصول على المهارة العلمية والعملية والخبرة ومهارة الاتصال خلال فترة تواجده، منبها إلى ضرورة التقيد بالنظام لأن أي تهاون يؤثر على المبتعث في حياته ودراسته ضارباً العديد من الأمثلة للمشاكل التي تعرض لها بعض المبتعثين في السابق وأكد وكيل الوزارة للابتعاث على أهمية احتفاظ المبتعث بأوراقه الثبوتية خاصة صورة الجواز، وعدم التأخر ليلاً خارج المنازل مع الابتعاد عن الأماكن السيئة). وأي مكان أسوأ على الطالب من البار ونحوه ؟!

أيها الجيل المبتعث؛

إن هذا الدستور الذي يقول لنا (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا). صالح في كل أرض وفي أي زمان، فخذه معك إلى كل أرض وفي أي زمان، واستعن بالله ولا تعجز، وتأكد بأن الأكف ممدودة إلى السماء، والألسن تلهج بالدعاء، يا رب سدد خطاهم وبارك جهودهم، واجعلهم سببا في الرقي بهذا الدين وهذا الوطن؛ والسلام والتحيّة.

بقلم/ علي محمد أبونصيّة.