في مصر يتحوّل الشارع المصري مع ثبوت رؤية الهلال إلى احتفالية جميلة
فتنشط حركة الناس في الأسواق لكي يقوموا بشراء حاجات رمضان المتعارف عليها
وتتزين الشوارع بضجيج صوت الباعة والفوانيس الملونة
وما يزيدها جمالا وهي الجميلة منظر الأطفال حاملين معهم فوانيس رمضان التقليدية
وهم ينشدون قائلين : رمضان.....حلّو يا حلّو
مدفع الافطار.. اضرب، جملة يعشقها وينتظرها الإنسان المصري في كل مكان عند مغيب شمس
كل يوم من أيام شهر رمضان المعظّم، وبطل هذه الجملة هو المدفع الذي ارتبط دويه في وجدان الإنسان المصري
باجتماع شمل العائلة والدفء الأسري مهما سافر أو ارتحل بعيدًا؛ ولمدفع رمضان حكايات وقصص وتاريخ
كان في بعضها البطل الرئيسي، وفي الأخرى الراوي، وفي بعض الأحيان اكتفى بدور الكومبارس
ولكنه رغم ذلك ما زال يثير في نفوسنا دومًا الحنين إلى رمضان ولياليه.
ولبداية ظهور مدفع رمضان ودوره في حياة المصريين قصص طريفة؛ حيث تروي كتب التاريخ أن والي مصر في العصر الإخشيدي "خوشقدم" كان يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة، وتصادف أن الطلقة الأولى جاءت وقت غروب شمس أول رمضان عام 859 هـ وعقب ذلك توافد على قصر "خوشقدم" الشيوخ وأهالي القاهرة يشكرونه على إطلاق المدفع في موعد الإفطار، فاستمر إطلاقه بعد ذلك.
وتطورت وظيفة المدفع فكان أداة للإعلان عن رؤية هلال رمضا
فبعد ثبوت الرؤية تنطلق المدافع من القلعة ابتهاجًا بشهر الصوم علاوة على إطلاقه 21 طلقة طوال أيام العيد الثلاثة.
وهكذا استمر صوت المدفع عنصرا أساسيًا في حياة المصريين الرمضانية من خلال المدفع
الذي يعود إلى عصر "محمد علي" إلى أن ظهر الراديو، فتوقف إطلاقه من القلعة في أحيان كثيرة،
وإن ظل التسجيل الصوتي له يذاع يوميًا عبر أثير الراديو والتليفزيون إلى أن قرر المسئولون
أن تتم عملية بث الإطلاق على الهواء في أذان المغرب من القلعة؛
حيث قرر وزير الداخلية المصري "أحمد رشدي" في عام 1983إعادة إطلاق المدفع
من "قلعة صلاح الدين الأيوبي" طوال رمضان في السحور والإفطار فعاد للمدفع دوره ورونقه.
إلا أن هيئة الآثار المصرية طلبت في بداية التسعينيات من وزارة الداخلية وقف إطلاقه من القلعة خوفًا
على المنطقة التي تعد متحفًا مفتوحًا للآثار الإسلامية، إذ تضم قلعة "صلاح الدين الأيوبي"
التي بناها عام 1183 م، و"الجامع المرمري" الذي بناه "محمد علي" الكبير وفقًا للطراز المعماري العثماني
عام 1830م ،علاوة على جامعي "السلطان حسن"، و"الرفاعي"، و"متاحف القلعة الأربعة".
وحذرت الهيئة من أن إطلاق المدفع 60 مرة في سحور وإفطار رمضان و21 طلقة
كل أذان في أيام العيد الثلاثة تؤثر على العمر الافتراضي لتلك الآثار بسبب الاهتزازات الناجمة عن إطلاقه.
وبالفعل تم التفكير في نقله إلى مكان آخر، واستقر الرأي على جبل المقطم مرة أخرى
حيث تم نقل مدفعين من المدافع الثلاثة الباقية من أسرة محمد علي إلى هناك
وتم الإبقاء على المدفع الثالث كمعلم سياحي في ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين
يطل من ربوة مرتفعة على القاهرة. وحتى الآن يسمع المصريون صوت المدفع عبر الراديو
أو عبر شاشات التلفزيون التي تعتبر من تراث وتقليد رمضان في مصر.
أما عن الأطباق الرمضانية فلعل أوّل الأطباق صحن [فول|الفول][العرق سوس]،[التمر الهندي]
وهذا الطبق الرمضاني لا تكاد تخلو منه مائدة رمضانية،، وينتشر باعة الفول في كل مكان
بصوتهم المميّز الذي يحث الناس على الشراء قائلين :
إن خلص الفول....أنا مش مسؤول
يا ناس يا عسل .. بياع الفول وصل
يا ناس يا فل .. الترمس ياكل الكل
وغيرها من عبارات جميلة ورنانة
وبعد الانتهاء من الإفطار لابد من التحلية ببعض الحلويات، ومن أشهرها : الكنافة والقطايف والبقلاوة، والمهلّبية وأم علي , بلح الشام
وتتعدد مظاهر الخير ومحاولات التقرب إلي الله خلال شهر رمضان الكريم,
ومن أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل إقامة موائد الرحمن التي تعتبر أوسع أبواب الخير
حيث يوجه المال في شهر رمضان إلي إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في الخير هو سمة الصالحين
وهو من أعلي درجات الجنة, ويعظم الدين الإسلامي ثواب إفطار الصائم
فمن فطر صائما كان له من الأجر مثل الصائم لا ينقص من أجره شيء.
وبعد الإفطار والجلسة العائلية وصلاة العشاء ينطلق الناس لأداء صلاة التراويح في مختلف المساجد
حيث تمتليء عن آخرها بالمصلين من مختلف المراحل العمريّة، وللنساء نصيبٌ في هذا الميدان
فلقد خصّصت كثير من المساجد قسماً للنساء يؤدّون فيه هذه المشاعر التعبّدية
وتُصلّى التراويح صلاة متوسّطة الطول حيث يقرأ الإمام فيها جزءاً أو أقل منه بقليل
لكن ذلك ليس على عمومه، فهناك العديد من المساجد التي يُصلّي فيه المصلّون ثلاثة أجزاء
بل وُجد هناك من يُصلّي بعشرة أجزاء حيث يبدأ في الصلاة بعد العشاء وينتهي في ساعة متأخّرة في الليل.
أما في وقت السحور فبعض البشر يحترفون مهناً ويتوارثونها فيما بينهم
ومنها مهنة المسحراتي، المشغول بإيقاظ النائمين في ليالي رمضان لتناول السحور وأداء صلاة الفجر
المسحراتي مهنة في سبيلها للانقراض، صاحبها يشبه المنبه الذي يعمل بانتظام لكن لشهر واحد
ويبقى خارج الخدمة باقي شهور السنة.
ويرجح المؤرخون أن ظهور الوالي "المسحراتي" في مصر، والتفاخر بهذه المهنة، يعود إلى أن أول مسحراتي
عرفه التاريخ الإسلامي، كان بلال بن رباح مؤذن الرسول الذي كان يجوب الطرقات لإيقاظ المسلمين،
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن بلال لا ينادي بالليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم كتوم
وكان يؤذن لصلاة الفجر، وحتى القرن الثامن الهجري كانت القناديل التي تعلق فوق المآذن هي التي تحدد للناس
مواعيد السحور والإمساك، فإذا كانت مضاءة كان موعد السحور، وإذا أطفئت كان ذلك إيذانا بأن الفجر اقترب.
ولا زال المسحراتي المصري يستخدم الطبلة في تسحير النائمين،
ولم يعرف بلد آخر سوى مصر "المسحراتية" أو المرأة التي تقوم بالتسحير
ففي عهد أحمد بن طولون كانت النساء يقمن بعمل المسحراتي
حيث كانت كل امرأة تنادي على جارتها من نافذة منزلها لإيقاظها.
وحين يوشك الشهر على الانتهاء يبدأ المسحراتي
في ترديد نداءاته "يوحش رمضان" فيقول : "لا أوحش الله منك يا شهر الصيام… لا أوحش الله منك يا شهر الكرم والجود والإيمان".
فتنشط حركة الناس في الأسواق لكي يقوموا بشراء حاجات رمضان المتعارف عليها
وتتزين الشوارع بضجيج صوت الباعة والفوانيس الملونة
وما يزيدها جمالا وهي الجميلة منظر الأطفال حاملين معهم فوانيس رمضان التقليدية
وهم ينشدون قائلين : رمضان.....حلّو يا حلّو
مدفع الافطار.. اضرب، جملة يعشقها وينتظرها الإنسان المصري في كل مكان عند مغيب شمس
كل يوم من أيام شهر رمضان المعظّم، وبطل هذه الجملة هو المدفع الذي ارتبط دويه في وجدان الإنسان المصري
باجتماع شمل العائلة والدفء الأسري مهما سافر أو ارتحل بعيدًا؛ ولمدفع رمضان حكايات وقصص وتاريخ
كان في بعضها البطل الرئيسي، وفي الأخرى الراوي، وفي بعض الأحيان اكتفى بدور الكومبارس
ولكنه رغم ذلك ما زال يثير في نفوسنا دومًا الحنين إلى رمضان ولياليه.
ولبداية ظهور مدفع رمضان ودوره في حياة المصريين قصص طريفة؛ حيث تروي كتب التاريخ أن والي مصر في العصر الإخشيدي "خوشقدم" كان يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة، وتصادف أن الطلقة الأولى جاءت وقت غروب شمس أول رمضان عام 859 هـ وعقب ذلك توافد على قصر "خوشقدم" الشيوخ وأهالي القاهرة يشكرونه على إطلاق المدفع في موعد الإفطار، فاستمر إطلاقه بعد ذلك.
وتطورت وظيفة المدفع فكان أداة للإعلان عن رؤية هلال رمضا
فبعد ثبوت الرؤية تنطلق المدافع من القلعة ابتهاجًا بشهر الصوم علاوة على إطلاقه 21 طلقة طوال أيام العيد الثلاثة.
وهكذا استمر صوت المدفع عنصرا أساسيًا في حياة المصريين الرمضانية من خلال المدفع
الذي يعود إلى عصر "محمد علي" إلى أن ظهر الراديو، فتوقف إطلاقه من القلعة في أحيان كثيرة،
وإن ظل التسجيل الصوتي له يذاع يوميًا عبر أثير الراديو والتليفزيون إلى أن قرر المسئولون
أن تتم عملية بث الإطلاق على الهواء في أذان المغرب من القلعة؛
حيث قرر وزير الداخلية المصري "أحمد رشدي" في عام 1983إعادة إطلاق المدفع
من "قلعة صلاح الدين الأيوبي" طوال رمضان في السحور والإفطار فعاد للمدفع دوره ورونقه.
إلا أن هيئة الآثار المصرية طلبت في بداية التسعينيات من وزارة الداخلية وقف إطلاقه من القلعة خوفًا
على المنطقة التي تعد متحفًا مفتوحًا للآثار الإسلامية، إذ تضم قلعة "صلاح الدين الأيوبي"
التي بناها عام 1183 م، و"الجامع المرمري" الذي بناه "محمد علي" الكبير وفقًا للطراز المعماري العثماني
عام 1830م ،علاوة على جامعي "السلطان حسن"، و"الرفاعي"، و"متاحف القلعة الأربعة".
وحذرت الهيئة من أن إطلاق المدفع 60 مرة في سحور وإفطار رمضان و21 طلقة
كل أذان في أيام العيد الثلاثة تؤثر على العمر الافتراضي لتلك الآثار بسبب الاهتزازات الناجمة عن إطلاقه.
وبالفعل تم التفكير في نقله إلى مكان آخر، واستقر الرأي على جبل المقطم مرة أخرى
حيث تم نقل مدفعين من المدافع الثلاثة الباقية من أسرة محمد علي إلى هناك
وتم الإبقاء على المدفع الثالث كمعلم سياحي في ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين
يطل من ربوة مرتفعة على القاهرة. وحتى الآن يسمع المصريون صوت المدفع عبر الراديو
أو عبر شاشات التلفزيون التي تعتبر من تراث وتقليد رمضان في مصر.
أما عن الأطباق الرمضانية فلعل أوّل الأطباق صحن [فول|الفول][العرق سوس]،[التمر الهندي]
وهذا الطبق الرمضاني لا تكاد تخلو منه مائدة رمضانية،، وينتشر باعة الفول في كل مكان
بصوتهم المميّز الذي يحث الناس على الشراء قائلين :
إن خلص الفول....أنا مش مسؤول
يا ناس يا عسل .. بياع الفول وصل
يا ناس يا فل .. الترمس ياكل الكل
وغيرها من عبارات جميلة ورنانة
وبعد الانتهاء من الإفطار لابد من التحلية ببعض الحلويات، ومن أشهرها : الكنافة والقطايف والبقلاوة، والمهلّبية وأم علي , بلح الشام
وتتعدد مظاهر الخير ومحاولات التقرب إلي الله خلال شهر رمضان الكريم,
ومن أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل إقامة موائد الرحمن التي تعتبر أوسع أبواب الخير
حيث يوجه المال في شهر رمضان إلي إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في الخير هو سمة الصالحين
وهو من أعلي درجات الجنة, ويعظم الدين الإسلامي ثواب إفطار الصائم
فمن فطر صائما كان له من الأجر مثل الصائم لا ينقص من أجره شيء.
وبعد الإفطار والجلسة العائلية وصلاة العشاء ينطلق الناس لأداء صلاة التراويح في مختلف المساجد
حيث تمتليء عن آخرها بالمصلين من مختلف المراحل العمريّة، وللنساء نصيبٌ في هذا الميدان
فلقد خصّصت كثير من المساجد قسماً للنساء يؤدّون فيه هذه المشاعر التعبّدية
وتُصلّى التراويح صلاة متوسّطة الطول حيث يقرأ الإمام فيها جزءاً أو أقل منه بقليل
لكن ذلك ليس على عمومه، فهناك العديد من المساجد التي يُصلّي فيه المصلّون ثلاثة أجزاء
بل وُجد هناك من يُصلّي بعشرة أجزاء حيث يبدأ في الصلاة بعد العشاء وينتهي في ساعة متأخّرة في الليل.
أما في وقت السحور فبعض البشر يحترفون مهناً ويتوارثونها فيما بينهم
ومنها مهنة المسحراتي، المشغول بإيقاظ النائمين في ليالي رمضان لتناول السحور وأداء صلاة الفجر
المسحراتي مهنة في سبيلها للانقراض، صاحبها يشبه المنبه الذي يعمل بانتظام لكن لشهر واحد
ويبقى خارج الخدمة باقي شهور السنة.
ويرجح المؤرخون أن ظهور الوالي "المسحراتي" في مصر، والتفاخر بهذه المهنة، يعود إلى أن أول مسحراتي
عرفه التاريخ الإسلامي، كان بلال بن رباح مؤذن الرسول الذي كان يجوب الطرقات لإيقاظ المسلمين،
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن بلال لا ينادي بالليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم كتوم
وكان يؤذن لصلاة الفجر، وحتى القرن الثامن الهجري كانت القناديل التي تعلق فوق المآذن هي التي تحدد للناس
مواعيد السحور والإمساك، فإذا كانت مضاءة كان موعد السحور، وإذا أطفئت كان ذلك إيذانا بأن الفجر اقترب.
ولا زال المسحراتي المصري يستخدم الطبلة في تسحير النائمين،
ولم يعرف بلد آخر سوى مصر "المسحراتية" أو المرأة التي تقوم بالتسحير
ففي عهد أحمد بن طولون كانت النساء يقمن بعمل المسحراتي
حيث كانت كل امرأة تنادي على جارتها من نافذة منزلها لإيقاظها.
وحين يوشك الشهر على الانتهاء يبدأ المسحراتي
في ترديد نداءاته "يوحش رمضان" فيقول : "لا أوحش الله منك يا شهر الصيام… لا أوحش الله منك يا شهر الكرم والجود والإيمان".