نابولي

[دعاء]

أطلقي العنان لمخيلتك وعيشي التاريخ بتفاصيل الحاضر إنها نابولي...​

جوليا روبرتس

​

من منا لم تتمنَ أن تحلّ مكان إليزابيث غيلبرت صاحبة رواية Eat, Pray, Love، والتي جسّدت شخصيتها جوليا روبرتس على الشاشة الفضية! فكانت الصورة الهوليوودية أشدّ واقعية من الصور الوصفية التي حملتها سطور الرواية.
في رحلة تطهير النفس التي خاضتها بطلة الرواية، كانت نابولي إحدى المدن التي زارتها، فجلنا معها في عالم هذه المدينة الإيطالية افتراضًا، إمّا أمام الشاشة العملاقة في دار السينما، وإما أمام شاشة غرفة جلوسنا.
واشتهينا البيتزا التي كانت تلتهمها بطلة الفيلم بشغف، فالاستمتاع بالأكل كان إحدى المسائل الأساسية التي كان على بطلة الرواية إعادة النظر فيها لخلاص روحها. ​

وإذا كانت البيتزا قد بدت في الفيلم جزءًا من تقاليد نابولي التي لا يمكن إسقاطها من يوميات زائريها، فإن لذة الطعام في الفيلم الهوليوودي تترافق مع لذة الاستمتاع بهذه المدينة الإيطالية، وما تحضنه من أماكن رائعة، جالت بينها بطلة الفيلم إما سيرًا على القدمين وإما على درّاجة «الفيسبا».
ونابولي المستريحة على البحر التيراني، ليست بعيدة المنال بالنسبة إلينا نحن سكان الشرق الأوسط، إذ يفصلنا عنها البحر الأبيض المتوسط، وليس المحيط الأطلسي كما بطلة الفيلم. فلمَ لا نحوّل الافتراض واقعًا، ونزور نابولي ننقل صورها بعدستنا الإنسانية وليس بعدسة الكاميرا الهوليوودية! ​

في الوسط التاريخي لنابولي دعي شغفك يقودك
يقال إن الطريقة الأفضل لزيارة البندقية هي التيه على مركب الغندول أثناء الإبحار في أقنيتها المائية. وأظن أنّ الطريقة المثلى للاستمتاع بالوسط التاريخي لنابولي هي أن تجولي فيها من دون تخطيط.
دعي شغفك في اكتشاف التاريخ يقودك، ومع ذلك من المفيد أن يكون معك كتيّب خريطة المدينة، كي لا تتمادى المدينة في تضليلك. يعتبر شارع أنتيكو ستوريكو Antico Storico من الشوارع التي تحضن النقيضين، التاريخ والعصر الحديث.
مخطط الشارع قديم جدًا والمباني فيه تحتوي على المتاجر والشقق السكنية منذ قرون. لكن وبخلاف القطع الأثرية المحفوظة في المتاحف التي يُمنع لمسها، فإن هذا الوسط التاريخي يضج بالحياة، يسمح لكِ بتلمّس التفاصيل، والتجوال بين أحضانه، والتسوّق في بوتيكاته التي يعود تاريخ وجودها إلى مئات السنين والتي لم تتغيّر واجهاتها، وإن تغيّر ما تعرضه.
عليك أن تعرفي أن الوسط التاريخي مزدحم بالسكان. ولكي تتعرفي أكثر على المكان يجدر بك مرافقة دليل سياحي، لتتعرفي إلى كل تفاصيل التاريخ هنا. ​

خصّصي يومًا لزيارة موقعي بومباي وهيركولانيوم
كثر ممن يزرن نابولي، ينطلقن منها لاكتشاف الموقعين الإيطاليين الأثريين الأكثر شعبية وشهرة بين السياح، وهما أطلال بومباي وهيركولانيوم.
هنا تتعرفين وتكتشفين نمط حياة الرومان القدماء بتفاصيلها اليومية، ويمكنك دمج زيارة الموقعين في يوم واحد أو يومين، فهذا يعود إليك.
ولكن من المؤكد أن زيارة هذين الموقعين تدخلك في عالم من البهاء التاريخي. قد ينصحك من زار نابولي أن موقع بومباي أجمل، ولكن لا يمكن أحدًا أن يقرّر عنك، فهذه مسألة نسبية. وإذا كانت زيارتك قصيرة ولا تستطيعين ترك نابولي، هناك حلّ آخر وهو زيارة متحف الآثار الوطني الذي يجمع بين جدرانه كل تفاصيل الموقعين، إذ يضم مجموعة فريدة من الفن الروماني والأعمال اليدوية من بينها ألواح جص عملاقة ولوحات فسيفسائية ضخمة، وكذلك منحوتات رائعة كلها أخذت من بومباي وهيركولانيوم. ​

جولة في نابولي تحت الأرض
نعم إنها نابولي تحت الأرض؟ ليست مدينة افتراضية في فيلم، وإنما مدينة واقعية تقع تحت الوسط التاريخي لنابولي، كما كثير من المدن التاريخية في العالم، التي ابتلع جوف الأرض بعضها بفعل الزلازل، لتخرج من رحمها مدن أخرى تكتب تاريخًا.
الطريف أنّ نابولي تواجه مشكلة بإنشاء مترو الأنفاق، ففي أحشائها مدن من زمن ما قبل التاريخ.
لا تجرؤ نابولي اليوم على خدش جمالها. تخيّلي وأنت تجولين في نابولي ماذا يوجد تحت قدميك؟ نابولي سوتيرانيا Napoli Sotteranea التي تضم أطلالاً تعود إلى عهد الإغريق والرومان، أما تحت كنيسة سان لورينزو ماجييرو San Lorenzo Maggiore فتجدين سوقًا رومانية.
هنا اتركي العنان لمخيلتك، وتصوّري كيف كانت الشوارع والمباني في العصر الروماني القديم، وكيف كان الرومان القدامى يجولون في السوق والنساء يتسوّقن، وكيف كان الباعة ينادون على بضائعهم، لا تزال جدران أسوار السوق وأسقفه وواجهات دكاكينه على سيرتها الأولى. السير في أروقة التاريخ قد يصيبك بالقشعريرة، خصوصًا حين تصلين إلى حجرة غسل الملابس الرومانية وهي مؤلفة من حوض للغسيل وآخر لتفويح الملابس.
لا تقفي كثيرًا وتتخيلي كيف كانت النساء يغسلن الثياب لأن من المؤكد أنك ستتعبين، بل أكملي الطريق إلى أن تصلي إلى مخبز روماني يشبه كثيرًا أفران البيتزا التي يستعملها سكان نابولي اليوم.​

ساحل أمالفي وجزر لا يمكن تفويت فرصة الإبحار إليها
قد تشعرين بأن جمال المدن توقف عند وسط مدينة نابولي بحيويتها، وأضوائها وجمال تاريخها. ولكن لمَ لا تستغلين فرصة وجودك في نابولي، وتذهبين إلى أقصاها عند ساحل أمالفي الرائع! فالطريق إليها عُبّد منذ أيام الرومان ولا بد لك من أن تعبريه وتستمتعي بالمشاهد الخلابة.
ولمَ لا تجرّبين ركوب «الفيسبا» وتسمحين لنفسك بالانسياب مع انعطافات الطريق التي تزنّر المنحدرات، وتتأملين في البحر التيراني وروعة لونه الفيروزي، وتعبرين قرية بوسيتانو التي شيّدت على طرف واحد من الجبل... وتأخذين استراحة قهوة اسبريسو فيها وتستمتعين بروعة طبيعتها. وعندما تصلين إلى أمالفي هناك الكثير لتقومي به.
يمكنك المبيت في إحدى الفيللات، حيث تستيقظين صباحًا على جمال إيطالي بكل ترفه، وتستلقين عند شاطئ مغمور بالشمس. ولمَ لا تبحرين إلى جزر إيشيا ISCHIA وكابري وبروديكا، فهي جزر لا يمكن تفويت زيارتها والاستمتاع بجمالها الطبيعي الخلاب الذي يختصر جمال مدن البحر المتوسط. تتوّجين رحلتك الإيطالية في هذه الجزر بأطباق شهية غمرت بخيرات البحر. ​

Eat المتعةالأولىفيEat Pray Love الغداءبيتزاوالتحليةسفوغلياتللي... إنهانابولي
في الفيلم الهيوليوودي كان مطعم Da Michel المكان الذي كانت تلتهم فيه جوليا روبرتس ما لذّ وطاب من البيتزا النابوليتانية. رغم خشيتها من زيادة وزنها، فإنها كانت تنسى مسألة الرشاقة أمام طبق البيتزا هي وأصدقاؤها.
اشتهر المطعم بسبب الفيلم وصار ملاذ السياح، ربما يريدون تقمص دور الجميلة الهوليوودية. ولكن اليبتزا في نابولي لا تقتصر على هذا المطعم، فأينما ذهبت تشتهين أشكالها ونكهاتها، إنها فخر المطبخ النابوليتاني، فهنا في نابولي ابتُكرت البيتزا ويمكن القول إنها أرض البيتزا. أنصحك أن تطلبي بيتزا فيرا نابوليتانا Pizza Vera napoletana فهي البيتزا الأصلية.
أما ما تعرضه عليك مطاعم نابولي فأنواع لا تحصى من منها مثل Pizza fritta أي البيتزا المقلية، جرّبيها. أما تحلية نابولي فهي Sfogliatelle ، إنها رائعة لعاشقات الحلوى​