تقع مدينة "عفرين" إلى الشمال الغربي من مدينة "حلب" بحوالي /60/كم، وهي مدينة جميلة وهادئة وحديثة البناء قياساً إلى المدن الأخرى في المنطقة مثل "جنديرس" التي تقع إلى الغرب منها بنحو /20/كم، يمر بالقرب منها نهرها الذي يزيدها فتنةً وجمالاً.. قال عنها المعجم الجغرافي السوري بأنّها من أجمل المدن الصغيرة في "سورية".
بتاريخ 15/11/2008 قام موقع eAleppo بجولةٍ في هذه المدينة برفقة الأستاذ "عبد الرحمن حاجي عثمان" مدير موقع "تيريج عفرين" والعضو العامل في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، الذي أفادنا بالكثير من المعلومات المتنوعة عنها حيث قال أولاً: «في العهد الروماني كان يمرّ من موقع مدينة "عفرين" الحالية، إحدى الطرق الرومانية المعبّدة (السريعة)
ولذلك كان من الضروري أن يكون هناك جسر للمرور فوق النهر، وقد أظهرت الحفريات التي أُجريت في الحي الجنوبي من المدينة أحجاراً قد تكون القاعدة لذلك الطريق الروماني القديم، وتشير المصادر التاريخية بأنّه في حوالي القرن الرابع عشر الميلادي كان في موقع المدينة جسر يسمى "جسر قيبار"على اسم المدعو "علي قيبار" صاحب "حصن قيبار" الذي لا يزال يُشاهد في شمال غرب قرية "عرش قيبار" الحالية ولذلك كان الناس حتى فترة ليست ببعيدة يسمون المدينة بالجسر
(كوبريه) بالتركية، وباشر الفرنسيون ببناء الأبنية الحكومية وأهمها المخفر والسجن والسراي في الموقع ابتداء من العام
/1925/».
وأضاف: «في أواخر العهد العثماني كان في موقع المدينة خانٌ لإيواء المسافرين وحيواناتهم بجانب الجسر في مكان مبنى البلدية الحالي تقريباً، وبعد رسم الحدود السورية التركية بموجب اتفاقيات فرنسية - تركية في العام/ 1922/، قُسّمت المنطقة بشكل رسمي إلى قسمين، فبقي القسم السوري دون مركز إداري يحلّ مكان مدينة "كلس" (التي أصبحت منذ تلك الاتفاقية ضمن القسم التركي) بعد أن كانت المركز الإداري والاقتصادي القديم للمنطقة وبقيت فيها كافة الوثائق الإدارية ما يتعلق بأمور الناس الشخصية وسجلات النفوس، وضمن هذه الظروف كان لابد من تأسيس مركز إداري واقتصادي للمنطقة، فوقع اختيار الفرنسيين الذين كانوا يحتلون "سورية" حينها على موقع مدينة "عفرين" الحالية، بجانب الجسر الجديد الذي كان "الألمان" قد أقاموه هناك في أواخر القرن التاسع عشر».
سوق "عفرين" الاسبوعي
"عبد الرحمن" حديثه قائلاً: «تُعتبر مدينة "عفرين اليوم" المركز الرئيسي لنشاطات المنطقة المختلفة ومنذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأت فيها حركة عمرانية كبيرة وحديثة وما زالت، فتحوّل شارع "راجو" فيها إلى أكبر المراكز التجارية فيها إلى جانب شارع "جنديرس" القديم، ومن النشاطات الاقتصادية في المدينة البازار المحلي في يوم الأربعاء من كل أسبوع وقد تم إنشاؤه في العام/ 1927/ على يد أول رئيس بلدية لمدينة "عفرين" المرحوم "جميل بافي آغا" ويتم فيه منذ ذلك الوقت بيع وتبادل السلع والأشياء الضرورية لأهل المدينة وقرى المنطقة مثل الخضروات والألبان والأجبان وكافة أنواع الحبوب والغراس والألبسة والأدوات المنزلية والكهربائية والزيوت وغيرها، وإلى جانب البازار الأسبوعي يوجد فيها سوق الهال لبيع مختلف أنواع الخضراوات والفواكه التي تنتجها المنطقة وفي طليعتها الزيتون، طبعاً فمنطقة "عفرين" كما هو معروف هي منطقة /12/مليون شجرة زيتون».
«في المجال التعليمي –والكلام ما زال له- فقد بُني فيها أول مدرسة ابتدائية في العام /1927/ مدرسة الكرامة حالياً، كما تم إنشاء أول مدرسة ثانوية وإعدادية فيها في العام /1958/ تحت اسم ثانوية "عفرين" الرسمية للبنين (أمير غباري حالياً) ومن ثم انتشرت المدارس في عموم الريف التابع لها حيث بلغ عدد المدارس في العام الدراسي /2000 – 2001 /، /249/ مدرسة ابتدائية و/50/ مدرسة إعدادية /7/ ثانويات للبنين والبنات وأربع ثانويات فنية (التجارة والصناعة و الزراعة والفنون النسوية) وأخيراً ثانوية شرعية تأسست في العام /1962/».
وتابع ونحن مازلنا في جولتنا: «توجد فيها اليوم العديد من دوائر الدولة الخدمية مثل المركز الثقافي والمستوصف والبلدية والفرن الآلي والرابطة الفلاحية والنادي الرياضي ومركز التنمية الريفية ومصرف التسليف الشعبي ومكتب البريد والهاتف غيرها، والجدير ذكره بأنه تم دخول الكهرباء إلى مدينة "عفرين" (محرك ديزل) في العام/ 1951/ وقبل هذا
الرئيس السابق "شكري القوتلي"في زيارته لمدينة عفرين /1942/
التاريخ كانت شوارعها تُضاء بواسطة لوكسات».
في الجانب السياحي قال الأستاذ "عبد الرحمن": «إنّ منطقة "عفرين" تُعتبر من أجمل المناطق السياحية في "سورية" حيث الجبال الخضراء والينابيع والمواقع الأثرية (أكثر من 18 موقعاً أثرياً) ولتنشيط الحركة السياحية في "سورية" وفي منطقة "عفرين" أقترح إقامة مهرجانات فنية على مدرجات هذه المواقع الأثرية قلعة "عين داره" –مدرج قلعة "النبي هوري" -قلعة "سمعان" مما سينعكس إيجابياً على تنشيط الحركة الاقتصادية في المنطقة وبنفس الوقت تنشيط السياحة في "سورية"».
وعن الجانب السياحي أيضاً زار موقع eAleppo بتاريخ 16/11/2008 مقرّ البلدية في المدينة حيث سألنا رئيس بلديتها الأستاذ "عبد الرحمن قضيب البان" عن الدور الذي تقوم بها البلدية لتنشيط الحركة السياحية في المنطقة فقال: «إنّ مجلس مدينة "عفرين" يسعى دائماً الى تنفيذ ما بوسعها لتنفيذ المشاريع الخدمية بغية تحسين البنية التحتية للمدينة من مشاريع الصرف الصحي وتعبيد الطرق والإنارة وإنشاء الحدائق العامة بحسب الاعتمادات المتوفرة وذلك لتحسين الوجه الجمالي للمدينة، وقريباً سنقوم بتنفيذ مشروع تأهيل مجرى نهر عفرين في إطار اتفاق التعاون الإقليمي السوري التركي».
وعن مقترحاته لتطوير الجانب السياحي قال: «هناك مجموعة من المقترحات لبلديتنا في هذا المجال وهي: نقل قيود كل المواطنين الريفيين الذين يقطنون المدينة لزيادة الموازنة المخصصة للمدينة، وجعل خط السكك الحديدية "حلب" –"ميدان أكبس" يمر بالمدينة، وتخصيص منطقة صناعية على أطراف التنظيم لاستيعاب مهن معامل البلوك، وأخيراً إبعاد كافة معامل البيرين عن محيط الحدود الإدارية للمدينة لكونها تشكل مصدراً كبيراً للتلوث البيئي».
وقبل أن تختم جولتنا في مدينة "عفرين" سألنا بعض المواطنين عن الواقع السياحي فيها "عبدو مصطفى" قال: «إنّ نهر "عفرين" أصبح مرتعاً للتلوث البيئي بسبب وضع مجاري الصرف الصحي والمسلخ فيه، أطالب البلدية اليوم بإيجاد حل سريع لهذه المشكلة التي تسبب
حركة عمرانية حديثة تشهدها مدينة "عفرين"
الروائح الكريهة والأمراض للمواطنين وخاصة في فصل الصيف».
"سليمان محمود" قال: «منطقتنا هي منطقة سياحية وهي بحاجة إلى تجميل مدخل المدينة من جهة "حلب" وذلك بتحويل المناطق المجاورة للنهر إلى حدائق ومنتزهات سياحية وقطع مجاري الصرف الصحي عنه».
يُذكر أنّ عدد سكان مدينة "عفرين" حالياً حوالي /80000/ نسمة بحسب تقديرات بلدية المدينة، وهي مركز لمنطقة تتبعها ست نواح هي "جنديرس" –"شيخ الحديد" –"بلبل" –"شران" –"معبطلي" –"راجو" ويبلغ عدد سكان منطقة "عفرين" حسب سجلات الأحوال المدنية في نهاية عام /2000/ إلى ما يقارب /450000/ نسمة ، ويبلغ إجمالي مساحة منطقة "عفرين" (202775) هكتار كما جاء في إحصاء مديرية الزراعة فيها.