في المنطقة الجنوبية الغربية من العاصمة السورية دمشق يقع حي كيوان، الذي أسس قبل نحو 200 سنة، وتميز منذ إنشائه بأنه ظل منتجعا صيفيا للأثرياء وكبار المسؤولين الدمشقيين والفنانين طيلة القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين. وبعدها نافستاه ضاحيتا دمر والمزة، وسحبتا البساط من تحته لتتحولان إلى مقصد أغنياء دمشق في بحث عن سكن صحي فسيح.
ما يميز حي كيوان، بصورة خاصة، أنه مطل على دمشق، فهو يقوم في منطقة مرتفعة، تبدأ من ساحة الجمارك وتنتهي في أحد سفوح جبل قاسيون، وبالتالي فهو يعانق الجبل من جانب وضاحية المزة من جانب آخر.
وهذه المنطقة اشتهرت بجمالها الريفي قبل أن تصير في سبعينات القرن المنصرم غابة كثيفة من الأبنية المرتفعة والجسور والشوارع العريضة والفيلات.
ولقد اشتهر حي كيوان، قبل أن يلفه الإهمال في النصف الثاني من القرن العشرين، بجماله الآسر ووجود الكثير من الميزات الفريدة فيه.
وهذه يتذكرها أحد سكانه القدماء (أبو حامد)، عبد الكريم العابد، ومنها عبور قطار النزهة من وسط حي كيوان، الذي كان ينطلق من محطة الحجاز بوسط دمشق، متجها إلى الربوة، ومنها إلى وادي نهر بردى ومصايف منطقة الزبداني غربا قرب الحدود مع لبنان.
وما زالت السكة الحديدية موجودة، في حين غاب القطار قبل عشرين سنة عن كيوان. ويتذكر (أبو حامد) من أيام شبابه كيف كان الترامواي (الترام) يمر في حارته فوق سكته الخاصة التي غطتها الطبقات الإسفلتية لشوارع الحي. كما يتذكر نهر بردى الذي كان يمر في حيهم عبر أحد فروعه قبل أن تجف مياهه كحال بقية فروع النهر الشهير.
ويضم الحي مسجدا تاريخيا يعود تاريخ بنائه إلى النصف الأول من القرن العشرين، كما يضم الحي طاحونة قديمة تراثية تدعى «طاحون كيوان»، وكانت هذه الطاحونة من الكبر والأهمية بحيث إن العامة في دمشق في القرن الماضي كانوا إذا أرادوا التهكم على شخص متبجح قالوا،
على سبيل المجاز: «إي.. شو عندك طاحون كيوان؟!».
أيضا ضم الحي بساتين غناء، تحول قسم منها إلى مبنى فندق «شيراتون دمشق» في سبعينات القرن المنصرم، وحسب المؤرخين، فإن بساتين كيوان تنسب إلى صاحبها كيوان بن عبد الله بلوكباشي، الذي تملك أكثر بساتين الربوة، وكان من كبار ضباط الجيش الانكشاري في الشام في مطلع القرن الحادي عشر الهجري.
وقد قتل كيوان على يد فخر الدين المعني الثاني، أمير جبل لبنان عام 1033هـ. وما زالت المنطقة تحمل اسمه إلى اليوم.
والمعروف لغويا أن اسم كيوان يطلق على كوكب زحل، وله معنى آخر هو معدن الرصاص.
وقد يكون الاسم تحريفا للكلمة السريانية (كويانا)، بمعنى (الحسن والجمال والهيئة.
ويبدو أن لكيوان بن عبد الله حكاية تاريخية ونهاية مأساوية تلخص مسيرته السيئة في الشام، يرويها الكتاب والمؤرخون، وهي أنه كان مملوكا لنائب غزة رضوان باشا، ثم صار من الجند الشامي، وسردارا عند صوباشي الصالحية.
لكنه نزع إلى التعدي وأخذ الناس بالتهمة حتى استولى على أكثر بساتين منطقتي الربوة والمزة، وضم بعضها إلى بعض طوعا أو بالإكراه، وكان يساعده في ذلك نواب محكمة الباب وأعوان يعلمونه الحيلة.
وواصل كيوان تعدياته وجرائمه حتى ضج منه الجند وصمموا على قتله، فهرب وسافر إلى مصر.
ثم استغل التقلبات السياسية فعاد إلى دمشق، ثم ذهب إلى مكة المكرمة، وعاد منها ملقبا نفسه «الحاج كيوان».
وعندما خرج فخر الدين بن قرقماز المعني على الدولة العثمانية، وقف كيوان إلى جانبه، لكن وقع خلاف بينهما فقتله فخر الدين في بعلبك.
على صعيد آخر، فإن حي كيوان، الذي اشتهر بجماله الريفي الآسر، تميز أيضا بأبنيته التاريخية الجميلة التي بنيت على الطراز الأوروبي مطعما بالطراز العربي، ومنها استخدام الروكوكو والمشربيات والبناء الطابقي.
إلا أن هذه الأبنية، مثلها مثل الحي كله، عانت من النسيان والإهمال حتى الوقت الحالي، وتهدم بعضها، وبقي القليل قائما، ومن بينها مبنى جميل تراثي بطابقين تستخدمه حاليا وزارة السياحة مقرا لمديرية سياحة دمشق.
كذلك هناك مبان أخرى تراثية عمل بعض أصحاب شركات الإنتاج التلفزيوني على استثمارها كأماكن لتصوير أعمالهم والاستفادة من موقع الحي وبساتينه وإطلالته البانورامية.
https://www.sea7h.net/vb
غير أن الجانب الأهم، هو أن الكثير من الدمشقيين والمستثمرين العرب بدأوا يسعون للاستفادة من هذه الأبنية بعد ترميمها وفتحها أمام الزوار كمطاعم ومقاه وكافيتريات توفر للزائر منظرا بانوراميا جميلا لدمشق، وبخاصة ساحة الأمويين، كبرى ميادين دمشق وأشهرها، وكذلك حديقة تشرين، كبرى حدائق دمشق العامة، ومنطقة الربوة، وغيرها.
هذا، وعملت وزارة السياحة على استملاك أجزاء من حي كيوان بغرض إطلاق مشاريع سياحية فيه، بالتعاون مع مستثمرين كويتيين.
وفي هذا المجال، قال المهندس فيصل نجاتي، مدير سياحة دمشق، : «فيما يتعلق بمنطقة كيوان، التي تعتبر من أجمل مناطق دمشق، والتي تطل على قلب المدينة وعلى جبل قاسيون، فهي قريبة من مخارج دمشق وتقع على مساحة 200 دونم.
https://www.sea7h.net/vb
ولقد استملكت في سبعينات القرن المنصرم لصالح وزارة السياحة، التي اتفقت مؤخرا مع شركة (الخرافي) الكويتية على استثمار 60 دونما منها، كمجمع سياحي كبير يضم الكثير من الفعاليات، منها فندق خمسة نجوم بـ500 غرفة فندقية وأجنحة ومجموعة مطاعم متخصصة ومتنوعة ومركز رجال أعمال دولي ومركز للمؤتمرات ومراكز تجارية ورياضية وصحية متطورة وترفيهية. وقد انطلقت أعمال المشروع مؤخرا، ويتوقع أن تستغرق ثلاث سنوات بكلفة نحو 217 مليون دولار أميركي.
أما فيما يتعلق بما تبقى من حي كيوان، فسيخصص كحديقة وطنية على مساحة 140 دونما سلمت لمحافظة مدينة دمشق، التي تعد الدراسات اللازمة لإقامة الحديقة بمستوى عال، بهدف زيادة المسطحات الخضراء وأماكن الزيارة الحرة في دمشق».
وحسب الدراسات المعدة لتنظيم الحديقة، فإنه بالإضافة إلى
محافظتها على المناطق المشجرة، سيعاد تشجير أقسام من الحي والمحافظة على الأصول الطبيعية للموقع والعناصر الجمالية فيه ورفع كثافتها، وتلبية متطلبات خدمات التنزه المتنوعة والرياضات المختلفة، ومشاهدة الحرف اليدوية داخل المتنزه الطبيعي.
ما يميز حي كيوان، بصورة خاصة، أنه مطل على دمشق، فهو يقوم في منطقة مرتفعة، تبدأ من ساحة الجمارك وتنتهي في أحد سفوح جبل قاسيون، وبالتالي فهو يعانق الجبل من جانب وضاحية المزة من جانب آخر.
وهذه المنطقة اشتهرت بجمالها الريفي قبل أن تصير في سبعينات القرن المنصرم غابة كثيفة من الأبنية المرتفعة والجسور والشوارع العريضة والفيلات.
ولقد اشتهر حي كيوان، قبل أن يلفه الإهمال في النصف الثاني من القرن العشرين، بجماله الآسر ووجود الكثير من الميزات الفريدة فيه.
وهذه يتذكرها أحد سكانه القدماء (أبو حامد)، عبد الكريم العابد، ومنها عبور قطار النزهة من وسط حي كيوان، الذي كان ينطلق من محطة الحجاز بوسط دمشق، متجها إلى الربوة، ومنها إلى وادي نهر بردى ومصايف منطقة الزبداني غربا قرب الحدود مع لبنان.
وما زالت السكة الحديدية موجودة، في حين غاب القطار قبل عشرين سنة عن كيوان. ويتذكر (أبو حامد) من أيام شبابه كيف كان الترامواي (الترام) يمر في حارته فوق سكته الخاصة التي غطتها الطبقات الإسفلتية لشوارع الحي. كما يتذكر نهر بردى الذي كان يمر في حيهم عبر أحد فروعه قبل أن تجف مياهه كحال بقية فروع النهر الشهير.
ويضم الحي مسجدا تاريخيا يعود تاريخ بنائه إلى النصف الأول من القرن العشرين، كما يضم الحي طاحونة قديمة تراثية تدعى «طاحون كيوان»، وكانت هذه الطاحونة من الكبر والأهمية بحيث إن العامة في دمشق في القرن الماضي كانوا إذا أرادوا التهكم على شخص متبجح قالوا،
على سبيل المجاز: «إي.. شو عندك طاحون كيوان؟!».
أيضا ضم الحي بساتين غناء، تحول قسم منها إلى مبنى فندق «شيراتون دمشق» في سبعينات القرن المنصرم، وحسب المؤرخين، فإن بساتين كيوان تنسب إلى صاحبها كيوان بن عبد الله بلوكباشي، الذي تملك أكثر بساتين الربوة، وكان من كبار ضباط الجيش الانكشاري في الشام في مطلع القرن الحادي عشر الهجري.
وقد قتل كيوان على يد فخر الدين المعني الثاني، أمير جبل لبنان عام 1033هـ. وما زالت المنطقة تحمل اسمه إلى اليوم.
والمعروف لغويا أن اسم كيوان يطلق على كوكب زحل، وله معنى آخر هو معدن الرصاص.
وقد يكون الاسم تحريفا للكلمة السريانية (كويانا)، بمعنى (الحسن والجمال والهيئة.
ويبدو أن لكيوان بن عبد الله حكاية تاريخية ونهاية مأساوية تلخص مسيرته السيئة في الشام، يرويها الكتاب والمؤرخون، وهي أنه كان مملوكا لنائب غزة رضوان باشا، ثم صار من الجند الشامي، وسردارا عند صوباشي الصالحية.
لكنه نزع إلى التعدي وأخذ الناس بالتهمة حتى استولى على أكثر بساتين منطقتي الربوة والمزة، وضم بعضها إلى بعض طوعا أو بالإكراه، وكان يساعده في ذلك نواب محكمة الباب وأعوان يعلمونه الحيلة.
وواصل كيوان تعدياته وجرائمه حتى ضج منه الجند وصمموا على قتله، فهرب وسافر إلى مصر.
ثم استغل التقلبات السياسية فعاد إلى دمشق، ثم ذهب إلى مكة المكرمة، وعاد منها ملقبا نفسه «الحاج كيوان».
وعندما خرج فخر الدين بن قرقماز المعني على الدولة العثمانية، وقف كيوان إلى جانبه، لكن وقع خلاف بينهما فقتله فخر الدين في بعلبك.
على صعيد آخر، فإن حي كيوان، الذي اشتهر بجماله الريفي الآسر، تميز أيضا بأبنيته التاريخية الجميلة التي بنيت على الطراز الأوروبي مطعما بالطراز العربي، ومنها استخدام الروكوكو والمشربيات والبناء الطابقي.
إلا أن هذه الأبنية، مثلها مثل الحي كله، عانت من النسيان والإهمال حتى الوقت الحالي، وتهدم بعضها، وبقي القليل قائما، ومن بينها مبنى جميل تراثي بطابقين تستخدمه حاليا وزارة السياحة مقرا لمديرية سياحة دمشق.
كذلك هناك مبان أخرى تراثية عمل بعض أصحاب شركات الإنتاج التلفزيوني على استثمارها كأماكن لتصوير أعمالهم والاستفادة من موقع الحي وبساتينه وإطلالته البانورامية.
https://www.sea7h.net/vb
غير أن الجانب الأهم، هو أن الكثير من الدمشقيين والمستثمرين العرب بدأوا يسعون للاستفادة من هذه الأبنية بعد ترميمها وفتحها أمام الزوار كمطاعم ومقاه وكافيتريات توفر للزائر منظرا بانوراميا جميلا لدمشق، وبخاصة ساحة الأمويين، كبرى ميادين دمشق وأشهرها، وكذلك حديقة تشرين، كبرى حدائق دمشق العامة، ومنطقة الربوة، وغيرها.
هذا، وعملت وزارة السياحة على استملاك أجزاء من حي كيوان بغرض إطلاق مشاريع سياحية فيه، بالتعاون مع مستثمرين كويتيين.
وفي هذا المجال، قال المهندس فيصل نجاتي، مدير سياحة دمشق، : «فيما يتعلق بمنطقة كيوان، التي تعتبر من أجمل مناطق دمشق، والتي تطل على قلب المدينة وعلى جبل قاسيون، فهي قريبة من مخارج دمشق وتقع على مساحة 200 دونم.
https://www.sea7h.net/vb
ولقد استملكت في سبعينات القرن المنصرم لصالح وزارة السياحة، التي اتفقت مؤخرا مع شركة (الخرافي) الكويتية على استثمار 60 دونما منها، كمجمع سياحي كبير يضم الكثير من الفعاليات، منها فندق خمسة نجوم بـ500 غرفة فندقية وأجنحة ومجموعة مطاعم متخصصة ومتنوعة ومركز رجال أعمال دولي ومركز للمؤتمرات ومراكز تجارية ورياضية وصحية متطورة وترفيهية. وقد انطلقت أعمال المشروع مؤخرا، ويتوقع أن تستغرق ثلاث سنوات بكلفة نحو 217 مليون دولار أميركي.
أما فيما يتعلق بما تبقى من حي كيوان، فسيخصص كحديقة وطنية على مساحة 140 دونما سلمت لمحافظة مدينة دمشق، التي تعد الدراسات اللازمة لإقامة الحديقة بمستوى عال، بهدف زيادة المسطحات الخضراء وأماكن الزيارة الحرة في دمشق».
وحسب الدراسات المعدة لتنظيم الحديقة، فإنه بالإضافة إلى
محافظتها على المناطق المشجرة، سيعاد تشجير أقسام من الحي والمحافظة على الأصول الطبيعية للموقع والعناصر الجمالية فيه ورفع كثافتها، وتلبية متطلبات خدمات التنزه المتنوعة والرياضات المختلفة، ومشاهدة الحرف اليدوية داخل المتنزه الطبيعي.