بعد نحو سنتين من انتهاء أعمال ترميمه، افتتح بمناسبة يوم السياحة العالمي أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبمناسبة مهرجان طريق الحرير السياحي الدولي، الذي أقامته وزارة السياحة السورية،
«خان رستم باشا التاريخي» في وسط مدينة حماة التي تتوسط المدن السورية أمام السياح والزوار، ولكن ليس فقط ليطلعوا على عمارته الجميلة، التي تعود إلى الفترة العثمانية، وإنما ليشاهدوا أندر الحرف اليدوية التراثية التي تتميز بها مدينة حماة وحرفييها المهرة، حيث احتضنت غرف الخان الأرضية هؤلاء الحرفيين مع آلاتهم اليدوية، وقد بلغ عددهم 31 حرفيا من مختلف الأعمار، يعملون بشكل يدوي ومباشر وحي أمام الزوار والسياح.
وحسب مصادر وزارة السياحة، التي رممت الخان وأعادت تأهيله واستثمرته في هذا المجال التراثي، وللمحافظة على هذه الحرف من الاندثار، فقد قدمت المحلات للحرفيين بأسعار رمزية مقابل أن يقوم الحرفي بالعمل داخل السوق ليتمكن السائح من مشاهدة الكيفية والآلية التي تقوم عليها كل مهنة، كذلك اشترطت الوزارة على كل حرفي في السوق أن يقوم بتدريب طالبين على الأقل على المهنة التي يعمل بها، لضمان استمرارها وعدم اندثارها على مر الزمن، ولكي تتناقلها الأجيال.
والوصول إلى السوق السياحية التراثية في المبنى التاريخي سهل، ففور أن يصل السائح إلى مدينة حماة، التي تبعد بالسيارة عن العاصمة دمشق شمالا نحو 3 ساعات (210 كم)، وتتوسط تقريبا الطريق الدولي بين دمشق وحمص وحلب، فإن السائح الذي ستكون وجهته نواعير حماة الشهيرة في البداية سيصل حتما بعد عشر دقائق فقط سيرا على القدمين، بعد أن يتجاوز ساحة العاصي إلى السوق التراثية في خان رستم باشا، والذي يقع في حي المرابط، وهو منطقة تجمع ما بين العمارة التقليدية والحديثة في مبانيها، ويعود تأسيسه إلى أكثر من مائة عام، ويجاور منطقة النواعير وحارات حماة القديمة.
وفي الخان، السوق التقليدية التراثية، التي تأتي ثالثة في توظيفها سياحيا، وبهذا الاختصاص بعد مبنى التكية السليمانية الذي حول إلى سوق لمهن اليدوية الدمشقية، وخان الشونة في حلب الذي حول أيضا إلى سوق المهن التقليدية الحلبية.
وفي خان رستم باشا وفي الرواق الأثري الذي يتصدر الخان كانت لنا جولة بين حرفيي حماة المهرة، فمع ابتساماتهم الهادئة وحركات أيديهم وأرجلهم وهم يعملون على الأنوال اليدوية، والتي تتناغم مع روعة وهدوء وألق المكان وتراثيته، استقبلنا هؤلاء مع غيرنا من ضيوف وسياح وزوار، متلهفين للحديث عن مهنهم التي توارثوها أبا عن جد، وكادت أن تنقرض بسبب عزوف الجيل الجديد عن العمل بها، وتحول معظم ورشهم، التي كانت توجد في أسواق حماة التجارية، إلى محلات تتعامل بمواد عصرية، وكذلك لضعف المردود المادي لهذه الحرف اليدوية، ولكن الآن، وكما يقول الحرفي هيثم قمر الدين «نأمل أن تنتعش صناعتنا التقليدية بعد وجودنا في هذا المكان، والذي سيؤمه معظم سياح حماة وزوارها بالتأكيد».
وحول الحرفة التي يعمل بها، قال قمر الدين: «نعمل بشكل يدوي المكارم وحبال الزينة، التي تجدل بشكل فني لتعلق بها الأصص والتحف في صالونات البيوت.
وعميلة الجدل هنا تحتاج إلى خبرة ومهارة من الحرفي، من حيث عدد الخيوط القطنية التي ينسجها وطريقة الفتل وغيرها».
حرفي آخر عرفنا نفسه بـ«أبو محمد» قال إنه متخصص في صناعة مستلزمات الخيل والفروسية ومنها (المعرقة)، وهي طراز حموي يشبه السرج يوضع على ظهر الفرس ويؤمن الراحة للفارس، وهو غني بنسيجه اليدوي وزخارفه.
كذلك هناك عقود الزينة التي يزين بها أعناق الفرس، وهي تصنع يدويا أيضا وبشكل فني جميل.
ونتابع جولتنا في السوق السياحية الجديدة مع الحرفيين الحمويين، فثمة حرفيون شباب يعملون في الحفر على النحاس وفي الفخاريات والجص، حيث ينتجون تحفا فنية جميلة، فيما كان حرفيون كبار في السن يعملون، وبسرعة، على النول اليدوي لينتجوا الأنسجة الحريرية والبسط.
وعلى الرغم من القوة التي يحتاجها النول ليتحرك من قبل رِجل الحرفي ويده، فإنهم ومع كبر سنهم لا يأبهون للعمل المضني، بل يستمرون فيه وبنشاط لافت للانتباه، حتى أن أحد الزوار، وهو كبير في السن أيضا، يعلق ضاحكا، مبررا نشاط هؤلاء الرجال وبنيتهم القوية بأنهم «تربوا على السمن البلدي والجبن الحموي الدسم ولحم ولبن الغنم العواس..».
وبالفعل، فلقرب مدينة حماة من البادية السورية فإنها تعتبر السوق الرئيسية لهذه المنتجات، التي يأتي بها سكان البادية، ولذلك نشط حرفيوها أيضا في صناعة المنتجات اليدوية التي تلقى إقبالا من سكان البادية ومن سكان الحارات الشعبية في حماة، والتي شاهدناها في السوق، ومنها العباءات والعقل (البريم) والفروات والجلابيات والقنباز والدامر والدشداشة والكتشية والسروال وغيرها، التي يأخذ بعضها تسميات محلية.
ومن الحرف أيضا التي تابعناها في سوق حماة، هناك مهنة الخياطة العربية، والمسماة التخريج، حيث تشتهر حماة بها، وهناك الآغباني، وهو تطريز على القماش معروف في حماة كما هو معروف في دمشق.
ومن الحرف أيضا الطباعة اليدوية على المفارش والأغطية والستائر، حيث برع الحمويون في استخدام الزخارف والنقوش وتحويلها إلى أعمال فنية جميلة من خلال الطباعة بالورق المفرغ، وبتثقيب ورق الكلك، وبالشاشة الحريرية وبالقوالب الخشبية، والطباعة بالنيلويوم وغيرها.
ومن الحرف اليدوية هناك القاشاني والبسط والحقائب الخرزية والقش وفن الصرما واللباد والسجاد اليدوي النفيس، وصناعة برانس الحمّام الفاخرة بشكلها اليدوي.
يجدر بالذكر هنا أن خان رستم باشا واحد من خانين قديمين في حماة، وقد بناه الصدر الأعظم رستم باشا عام 1556م في بداية حي المرابط.
ويتميز الخان باتساعه، وبمدخله الواسع، وطراز بنائه الخاص، وفنائه الفسيح، وغرفه المتعددة التي تقع في طابقين، كما يتوسطه جامع صغير.
أما الخان الثاني، فهو خان أسعد باشا العظم، وبناه سنة 1738، ويقع في نهاية حي المرابط، ويحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل.
«خان رستم باشا التاريخي» في وسط مدينة حماة التي تتوسط المدن السورية أمام السياح والزوار، ولكن ليس فقط ليطلعوا على عمارته الجميلة، التي تعود إلى الفترة العثمانية، وإنما ليشاهدوا أندر الحرف اليدوية التراثية التي تتميز بها مدينة حماة وحرفييها المهرة، حيث احتضنت غرف الخان الأرضية هؤلاء الحرفيين مع آلاتهم اليدوية، وقد بلغ عددهم 31 حرفيا من مختلف الأعمار، يعملون بشكل يدوي ومباشر وحي أمام الزوار والسياح.
وحسب مصادر وزارة السياحة، التي رممت الخان وأعادت تأهيله واستثمرته في هذا المجال التراثي، وللمحافظة على هذه الحرف من الاندثار، فقد قدمت المحلات للحرفيين بأسعار رمزية مقابل أن يقوم الحرفي بالعمل داخل السوق ليتمكن السائح من مشاهدة الكيفية والآلية التي تقوم عليها كل مهنة، كذلك اشترطت الوزارة على كل حرفي في السوق أن يقوم بتدريب طالبين على الأقل على المهنة التي يعمل بها، لضمان استمرارها وعدم اندثارها على مر الزمن، ولكي تتناقلها الأجيال.
والوصول إلى السوق السياحية التراثية في المبنى التاريخي سهل، ففور أن يصل السائح إلى مدينة حماة، التي تبعد بالسيارة عن العاصمة دمشق شمالا نحو 3 ساعات (210 كم)، وتتوسط تقريبا الطريق الدولي بين دمشق وحمص وحلب، فإن السائح الذي ستكون وجهته نواعير حماة الشهيرة في البداية سيصل حتما بعد عشر دقائق فقط سيرا على القدمين، بعد أن يتجاوز ساحة العاصي إلى السوق التراثية في خان رستم باشا، والذي يقع في حي المرابط، وهو منطقة تجمع ما بين العمارة التقليدية والحديثة في مبانيها، ويعود تأسيسه إلى أكثر من مائة عام، ويجاور منطقة النواعير وحارات حماة القديمة.
وفي الخان، السوق التقليدية التراثية، التي تأتي ثالثة في توظيفها سياحيا، وبهذا الاختصاص بعد مبنى التكية السليمانية الذي حول إلى سوق لمهن اليدوية الدمشقية، وخان الشونة في حلب الذي حول أيضا إلى سوق المهن التقليدية الحلبية.
وفي خان رستم باشا وفي الرواق الأثري الذي يتصدر الخان كانت لنا جولة بين حرفيي حماة المهرة، فمع ابتساماتهم الهادئة وحركات أيديهم وأرجلهم وهم يعملون على الأنوال اليدوية، والتي تتناغم مع روعة وهدوء وألق المكان وتراثيته، استقبلنا هؤلاء مع غيرنا من ضيوف وسياح وزوار، متلهفين للحديث عن مهنهم التي توارثوها أبا عن جد، وكادت أن تنقرض بسبب عزوف الجيل الجديد عن العمل بها، وتحول معظم ورشهم، التي كانت توجد في أسواق حماة التجارية، إلى محلات تتعامل بمواد عصرية، وكذلك لضعف المردود المادي لهذه الحرف اليدوية، ولكن الآن، وكما يقول الحرفي هيثم قمر الدين «نأمل أن تنتعش صناعتنا التقليدية بعد وجودنا في هذا المكان، والذي سيؤمه معظم سياح حماة وزوارها بالتأكيد».
وحول الحرفة التي يعمل بها، قال قمر الدين: «نعمل بشكل يدوي المكارم وحبال الزينة، التي تجدل بشكل فني لتعلق بها الأصص والتحف في صالونات البيوت.
وعميلة الجدل هنا تحتاج إلى خبرة ومهارة من الحرفي، من حيث عدد الخيوط القطنية التي ينسجها وطريقة الفتل وغيرها».
حرفي آخر عرفنا نفسه بـ«أبو محمد» قال إنه متخصص في صناعة مستلزمات الخيل والفروسية ومنها (المعرقة)، وهي طراز حموي يشبه السرج يوضع على ظهر الفرس ويؤمن الراحة للفارس، وهو غني بنسيجه اليدوي وزخارفه.
كذلك هناك عقود الزينة التي يزين بها أعناق الفرس، وهي تصنع يدويا أيضا وبشكل فني جميل.
ونتابع جولتنا في السوق السياحية الجديدة مع الحرفيين الحمويين، فثمة حرفيون شباب يعملون في الحفر على النحاس وفي الفخاريات والجص، حيث ينتجون تحفا فنية جميلة، فيما كان حرفيون كبار في السن يعملون، وبسرعة، على النول اليدوي لينتجوا الأنسجة الحريرية والبسط.
وعلى الرغم من القوة التي يحتاجها النول ليتحرك من قبل رِجل الحرفي ويده، فإنهم ومع كبر سنهم لا يأبهون للعمل المضني، بل يستمرون فيه وبنشاط لافت للانتباه، حتى أن أحد الزوار، وهو كبير في السن أيضا، يعلق ضاحكا، مبررا نشاط هؤلاء الرجال وبنيتهم القوية بأنهم «تربوا على السمن البلدي والجبن الحموي الدسم ولحم ولبن الغنم العواس..».
وبالفعل، فلقرب مدينة حماة من البادية السورية فإنها تعتبر السوق الرئيسية لهذه المنتجات، التي يأتي بها سكان البادية، ولذلك نشط حرفيوها أيضا في صناعة المنتجات اليدوية التي تلقى إقبالا من سكان البادية ومن سكان الحارات الشعبية في حماة، والتي شاهدناها في السوق، ومنها العباءات والعقل (البريم) والفروات والجلابيات والقنباز والدامر والدشداشة والكتشية والسروال وغيرها، التي يأخذ بعضها تسميات محلية.
ومن الحرف أيضا التي تابعناها في سوق حماة، هناك مهنة الخياطة العربية، والمسماة التخريج، حيث تشتهر حماة بها، وهناك الآغباني، وهو تطريز على القماش معروف في حماة كما هو معروف في دمشق.
ومن الحرف أيضا الطباعة اليدوية على المفارش والأغطية والستائر، حيث برع الحمويون في استخدام الزخارف والنقوش وتحويلها إلى أعمال فنية جميلة من خلال الطباعة بالورق المفرغ، وبتثقيب ورق الكلك، وبالشاشة الحريرية وبالقوالب الخشبية، والطباعة بالنيلويوم وغيرها.
ومن الحرف اليدوية هناك القاشاني والبسط والحقائب الخرزية والقش وفن الصرما واللباد والسجاد اليدوي النفيس، وصناعة برانس الحمّام الفاخرة بشكلها اليدوي.
يجدر بالذكر هنا أن خان رستم باشا واحد من خانين قديمين في حماة، وقد بناه الصدر الأعظم رستم باشا عام 1556م في بداية حي المرابط.
ويتميز الخان باتساعه، وبمدخله الواسع، وطراز بنائه الخاص، وفنائه الفسيح، وغرفه المتعددة التي تقع في طابقين، كما يتوسطه جامع صغير.
أما الخان الثاني، فهو خان أسعد باشا العظم، وبناه سنة 1738، ويقع في نهاية حي المرابط، ويحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل.