تقول الأسطورة الفينيقية التي يتجاوز عمرها آلاف السنين إن أجينور ملك صور اللبنانية الفينيقية كان له ثلاثة أولاد ذكور هم قدمو وكليكيو وفينيقيو، وابنة واحدة فقط هي «أوروبا» التي خطفها زفرس أوزوس كبير آلهة اليونان فطلب الملك من أبنائه الذكور البحث عن شقيقتهم المخطوفة ولكن استقر كليكيو في شمال سورية، وفينيقيو في الساحل السوري، بينما استقر قدمو في اليونان حيث أضيف الحرف «س» للاسم حسب اللغة الإغريقية فأصبح «قدموس».
وقد قام قدمو بنقل الأبجدية إلى اليونان ومنها إلى بقية أوروبا وبنيت مدينة في اليونان سميت باسمه، ومن المكان الذي غادر منه قدمو في الجبال الساحلية السورية ولدت بلدة سميت باسمه أيضا أي «القدموس».
ورحلتنا السياحية اليوم نغوص من خلالها في الحكايات والقصص والأساطير والجبال الشاهقة والوديان الساحقة التي تحيط بالقدموس السورية وهي تتربع على إحدى أعلى القمم الجبلية الساحلية السورية على ارتفاع يزيد على 1200م عن سطح البحر، بين غابات السنديان والشوح والصنوبر، وترنو من علوها الشاهق نحو البحر الأبيض المتوسط ونحو الشقيقة المخطوفة أوروبا الرابضة قارة عظيمة خلف مياه المتوسط، ومن القدموس يمكن أن يطل الزائر على مساحات شاسعة ومن كل الجهات، ويمكنه مشاهدة أضواء ميناء مدينة طرطوس الشاطئية وحتى رؤية جبال جزيرة قبرص عندما تكون السماء صافية.
الوصول إلى القدموس عبر طريق جبلي رائع:
انطلقت بنا السيارة من دمشق ووجهتنا منطقة الساحل السوري، وبوصولنا إلى مدينة حمص بعد ساعتين من الزمن التفت سائق السيارة التي تقلنا من دمشق (أبو غسان) الذي أعلمناه وجهتنا نحو محافظة طرطوس الساحلية، إلينا مبتسما ومستفسرا: «هل وجهتكم مركز المحافظة أي مدينة طرطوس أم مدن وبلدات تتبعها؟»،
فقلت له وجهتنا بلدة القدموس ولكن وحسب معلوماتنا فإنه علينا أن نعبر طرطوس ومن ثم نأخذ طريق اللاذقية ونتوقف في بانياس لنأخذ طريق القدموس الموصل إليها، هنا زادت ابتسامة السائق
وكأنه يريد أن يوحي لنا أنه سيقدم لنا خدمة (غير شكل) قائلا: «يبدو أنكم تجهلون الطرق الجميلة التي تربط بلدات ومدن الجبال الساحلية السورية، فأنا سأوصلكم إلى القدموس من دون أن تعبروا الطريق الدولي وستشاهدون أنكم تختصرون المسافة والوقت وستستمتعون بروعة الطريق»،
فوافقنا السائق على مقترحه لينطلق بنا مباشرة من وسط مدينة حمص غربا مع ميلان للشمال باتجاه مدينة مصياف التي تبعد نحو أربعين دقيقة عن حمص (50كلم) وهي بلدة جبلية جميلة تقع على الكتف الشرقي لسلسلة الجبال الساحلية السورية، ومنها انطلق بنا السائق في طريق مرتفع تحده الجبال الشاهقة من كلا جانبيه، وبعد أقل من ثلث ساعة فقط كنا في «القدموس»
وليقول لنا السائق: «الحمد لله على السلامة ها أنتم في القدموس من دون أن تعبروا مدن طرطوس وبانياس»، وينصحنا السائق بأن نقدم معلومة الطريق المختصر هذه لكل سائح وزائر يريد زيارة القدموس، ولكن مرافقي كان له بالمرصاد قائلا له: «الطريق الذي جئنا منه جميل ومختصر ولكن سمعنا أن الطريق من بانياس إلى القدموس أجمل»،
فيجيبه السائق إجابة الواثق من معرفته بكل تفاصيل الدروب والطرق: «سأعيدكم منه عندما تنتهي مهمتكم وزيارتكم إذا كنتم ترغبون بزيارة اللاذقية»، فهو يوصل إليها من بانياس، وهو طريق جميل أيضا، ويعادل المسافة نفسها التي قطعناها من مصياف إلى القدموس تقريبا، ولذلك فالسائح القادم من اللاذقية برا أو بالطائرة عبر مطار اللاذقية (حميميم) ما عليه إلا أخذ الطريق الدولي المؤدي إلى بانياس وبعدها إلى القدموس عبر طريق مرتفع جدا يعبر من خلاله كثيرا من القرى الجبلية الهادئة والوديان العميقة ولن يسير أكثر من ساعة وبضع دقائق (المسافة نحو 50 كلم من المطار و70 كلم من اللاذقية) حتى يصل القدموس من مطار اللاذقية الدولي. وتوسط القدموس للطرق جعلها متميزة ومتفردة في كل شيء، فهي تتوسط طريق اللاذقية - حمص لمن يريد سلوك الطريق الجبلي، وهي تتوسط طريق مصيف - بانياس حيث مسافته 45 كلم ويعتبره كثيرون من أجمل الطرق في سورية؛ إذ لا يشعر الزائر بأي ملل، فهناك الينابيع والأنهار والجبال والمتنزهات الطبيعية عند كل زاوية من الطريق.
الأماكن التي تجدر زيارتها في القدموس:
كان الوقت قد تجاوز فترة الظهيرة بقليل عندما وصلنا إلى بلدة القدموس، لم يخطر على بالنا أن نتناول طعام الغداء لأننا لم نشعر بالجوع بعد، خاصة أن سائقنا الذي لم يبخل علينا بالمعلومات وهو مدرك لكل مفردات الطرق والاستراحات فيها، كان قد أوقفنا في استراحة ريفية جميلة بجانب عين ماء تسمى «عين حسان» قبل أن نصل القدموس وقال لنا: «هنا ستأكلون ألذ سوركة (شنكليش) مع الزبد البلدي»، وبالفعل كانت وجبة إفطار لا تنسى في هذه الاستراحة الجبلية المخصصة لتقديم المنتجات الريفية الجبلية لزبائنها.
انطلقنا مباشرة في رحلتنا داخل القدموس، ومع أن الطقس بارد جدا فيها، فإننا لم نشعر بالبرد، حيث الشمس ساطعة ولا يوجد ثلج كما هي العادة في أشهر فصل الشتاء خاصة في شهر يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، تجولنا في شوارعها الصاعدة والنازلة مع كل تلة وجبل، ومن هذه الشوارع والدروب الضيقة أحيانا تشاهد منازل بنيت بالحجارة المستخرجة من الجبال القريبة، في وسط البلدة كان هناك حصن تاريخي تزنره البيوت، وعرفنا من أهالي البلدة الذين رافقنا بعضهم مقدمين خدماتهم ومعلوماتهم السياحية والتاريخية، أن الحصن ليس سوى ما تبقى من قلعة القدموس التي بنيت فوق صخرة طبيعية ضخمة مستطيلة الشكل وفي موقع استراتيجي يصعب الوصول إليها، ويمكن للسائح أن يزورها في أي وقت من النهار حيث تقطنها عائلات حافظت على معالمها المتبقية، ومنها البرج والسور والبوابة الشرقية التي يمكن منها فقط الدخول للقلعة عبر درج بدأت معالمه تزول.
وتضم القلعة ثلاثة أروقة ذات سقوف عقدية، وفي كل رواق شرفة تطل على جهة الشرق للمراقبة.
ومن المعالم التاريخية التي يمكن زيارتها في القدموس،
المسجد الذي يعتبر من أقدم مساجد الساحل السوري، ويقع قرب القلعة على الشارع الرئيسي للبلدة، وهناك الحمام المملوكي، وبقايا سور البلدة الذي تبقى من بواباته واحدة فقط تدعى «بوابة الصور»، وفي البلدة مغارتان قديمتان وكثير من المزارات الدينية، كما اكتشف فيها تمثال نادر للإله بعل يعود للألف الأول قبل الميلاد.
الطبيعة تجود بأجمل ما لديها للقدموس:
يعتبر أهالي البلدة أن شهرة بلدة القدموس لم تأت من فراغ، فهي تعتبر من أجمل المنتجعات الطبيعية السورية، خاصة في فصل الصيف، حيث لا بد للزائر من أن يرتدي اللباس السميك نسبيا حتى ولو كان الفصل صيفا والشهر أغسطس (آب) أو يوليو (تموز)، فالبلدة تتميز بهوائها العليل ومناخها اللطيف، وبعدها عن مصادر التلوث، ووجودها في قلب الغابات الطبيعية الخضراء، وبجبالها الشاهقة التي تحتضنها من كل الاتجاهات، ومنها التي يمكن للسائح أن يزورها ويمارس فيها متعة التأمل والمشي وسط الأحراج وأشجار الشوح والأرز والغار والسنديان، أو الجلوس تحتها، ومن هذه الجبال المجاورة للقدموس: «المولي حسن» و«الحوارة» و«النبي شيث»، كذلك يمكنه الاستمتاع بالجلوس بجانب الأنهار والينابيع الدافقة والعيون المائية الجارية ومنها: «نهر بيت القاضي» و«الطواحين» و«عين البيطار» و«عين شقرا» و«عين البلان» و«عين بسيقين» و«نبع ميرزا» و«صارم الدين» و«المربوع» و«بحلحول» و«نبع الريس».
ونترك القدموس آخذين الطريق الآخر الأجمل المتجه نحو اللاذقية عملا بنصيحة سائقنا (أبو غسان).
إن القدموس بطبيعتها الجبلية الخلابة وهوائها العليل جعلها ملاذا للباحثين عن الهدوء والصفاء والجلوس في قلب مفردات الطبيعة العذراء، حتى إنها ملاذ للباحثين عن الاستشفاء الطبيعي، خاصة ممن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، وقد أقيم فيها قبل أكثر من نصف قرن مبنى ضخم لاستقبال مرضى السل والمصابين بالأمراض الصدرية ليقيموا فيه وسط الغابات والأنهار والينابيع في رحلتهم مع الاستشفاء والاستجمام والنقاهة من المرض.
ويمكن للسائح الذي يريد الإقامة في القدموس لعدة أيام وتناول وجبات الطعام فيها أن يستأجر منزلا صغيرا في البلدة بنظام الفيلات والشقق المفروشة التي تطل بشكل بانورامي على مناظر طبيعية جميلة من خلال مكاتب البلدة العقارية، ويمكنه النوم في فندق البلدة الوحيد واسمه «عين الريس» الذي يقع على طريق بانياس في منطقة طبيعية جميلة، كما يمكنه تناول الطعام في مطاعم البلدة الكثيرة التي تقدم مختلف أنواع الوجبات والمشروبات ومنها: «مطاعم السلامة» و«عين حسان» و«عين الريس»، و«الجمال».
وقد قام قدمو بنقل الأبجدية إلى اليونان ومنها إلى بقية أوروبا وبنيت مدينة في اليونان سميت باسمه، ومن المكان الذي غادر منه قدمو في الجبال الساحلية السورية ولدت بلدة سميت باسمه أيضا أي «القدموس».
ورحلتنا السياحية اليوم نغوص من خلالها في الحكايات والقصص والأساطير والجبال الشاهقة والوديان الساحقة التي تحيط بالقدموس السورية وهي تتربع على إحدى أعلى القمم الجبلية الساحلية السورية على ارتفاع يزيد على 1200م عن سطح البحر، بين غابات السنديان والشوح والصنوبر، وترنو من علوها الشاهق نحو البحر الأبيض المتوسط ونحو الشقيقة المخطوفة أوروبا الرابضة قارة عظيمة خلف مياه المتوسط، ومن القدموس يمكن أن يطل الزائر على مساحات شاسعة ومن كل الجهات، ويمكنه مشاهدة أضواء ميناء مدينة طرطوس الشاطئية وحتى رؤية جبال جزيرة قبرص عندما تكون السماء صافية.
الوصول إلى القدموس عبر طريق جبلي رائع:
انطلقت بنا السيارة من دمشق ووجهتنا منطقة الساحل السوري، وبوصولنا إلى مدينة حمص بعد ساعتين من الزمن التفت سائق السيارة التي تقلنا من دمشق (أبو غسان) الذي أعلمناه وجهتنا نحو محافظة طرطوس الساحلية، إلينا مبتسما ومستفسرا: «هل وجهتكم مركز المحافظة أي مدينة طرطوس أم مدن وبلدات تتبعها؟»،
فقلت له وجهتنا بلدة القدموس ولكن وحسب معلوماتنا فإنه علينا أن نعبر طرطوس ومن ثم نأخذ طريق اللاذقية ونتوقف في بانياس لنأخذ طريق القدموس الموصل إليها، هنا زادت ابتسامة السائق
وكأنه يريد أن يوحي لنا أنه سيقدم لنا خدمة (غير شكل) قائلا: «يبدو أنكم تجهلون الطرق الجميلة التي تربط بلدات ومدن الجبال الساحلية السورية، فأنا سأوصلكم إلى القدموس من دون أن تعبروا الطريق الدولي وستشاهدون أنكم تختصرون المسافة والوقت وستستمتعون بروعة الطريق»،
فوافقنا السائق على مقترحه لينطلق بنا مباشرة من وسط مدينة حمص غربا مع ميلان للشمال باتجاه مدينة مصياف التي تبعد نحو أربعين دقيقة عن حمص (50كلم) وهي بلدة جبلية جميلة تقع على الكتف الشرقي لسلسلة الجبال الساحلية السورية، ومنها انطلق بنا السائق في طريق مرتفع تحده الجبال الشاهقة من كلا جانبيه، وبعد أقل من ثلث ساعة فقط كنا في «القدموس»
وليقول لنا السائق: «الحمد لله على السلامة ها أنتم في القدموس من دون أن تعبروا مدن طرطوس وبانياس»، وينصحنا السائق بأن نقدم معلومة الطريق المختصر هذه لكل سائح وزائر يريد زيارة القدموس، ولكن مرافقي كان له بالمرصاد قائلا له: «الطريق الذي جئنا منه جميل ومختصر ولكن سمعنا أن الطريق من بانياس إلى القدموس أجمل»،
فيجيبه السائق إجابة الواثق من معرفته بكل تفاصيل الدروب والطرق: «سأعيدكم منه عندما تنتهي مهمتكم وزيارتكم إذا كنتم ترغبون بزيارة اللاذقية»، فهو يوصل إليها من بانياس، وهو طريق جميل أيضا، ويعادل المسافة نفسها التي قطعناها من مصياف إلى القدموس تقريبا، ولذلك فالسائح القادم من اللاذقية برا أو بالطائرة عبر مطار اللاذقية (حميميم) ما عليه إلا أخذ الطريق الدولي المؤدي إلى بانياس وبعدها إلى القدموس عبر طريق مرتفع جدا يعبر من خلاله كثيرا من القرى الجبلية الهادئة والوديان العميقة ولن يسير أكثر من ساعة وبضع دقائق (المسافة نحو 50 كلم من المطار و70 كلم من اللاذقية) حتى يصل القدموس من مطار اللاذقية الدولي. وتوسط القدموس للطرق جعلها متميزة ومتفردة في كل شيء، فهي تتوسط طريق اللاذقية - حمص لمن يريد سلوك الطريق الجبلي، وهي تتوسط طريق مصيف - بانياس حيث مسافته 45 كلم ويعتبره كثيرون من أجمل الطرق في سورية؛ إذ لا يشعر الزائر بأي ملل، فهناك الينابيع والأنهار والجبال والمتنزهات الطبيعية عند كل زاوية من الطريق.
الأماكن التي تجدر زيارتها في القدموس:
كان الوقت قد تجاوز فترة الظهيرة بقليل عندما وصلنا إلى بلدة القدموس، لم يخطر على بالنا أن نتناول طعام الغداء لأننا لم نشعر بالجوع بعد، خاصة أن سائقنا الذي لم يبخل علينا بالمعلومات وهو مدرك لكل مفردات الطرق والاستراحات فيها، كان قد أوقفنا في استراحة ريفية جميلة بجانب عين ماء تسمى «عين حسان» قبل أن نصل القدموس وقال لنا: «هنا ستأكلون ألذ سوركة (شنكليش) مع الزبد البلدي»، وبالفعل كانت وجبة إفطار لا تنسى في هذه الاستراحة الجبلية المخصصة لتقديم المنتجات الريفية الجبلية لزبائنها.
انطلقنا مباشرة في رحلتنا داخل القدموس، ومع أن الطقس بارد جدا فيها، فإننا لم نشعر بالبرد، حيث الشمس ساطعة ولا يوجد ثلج كما هي العادة في أشهر فصل الشتاء خاصة في شهر يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، تجولنا في شوارعها الصاعدة والنازلة مع كل تلة وجبل، ومن هذه الشوارع والدروب الضيقة أحيانا تشاهد منازل بنيت بالحجارة المستخرجة من الجبال القريبة، في وسط البلدة كان هناك حصن تاريخي تزنره البيوت، وعرفنا من أهالي البلدة الذين رافقنا بعضهم مقدمين خدماتهم ومعلوماتهم السياحية والتاريخية، أن الحصن ليس سوى ما تبقى من قلعة القدموس التي بنيت فوق صخرة طبيعية ضخمة مستطيلة الشكل وفي موقع استراتيجي يصعب الوصول إليها، ويمكن للسائح أن يزورها في أي وقت من النهار حيث تقطنها عائلات حافظت على معالمها المتبقية، ومنها البرج والسور والبوابة الشرقية التي يمكن منها فقط الدخول للقلعة عبر درج بدأت معالمه تزول.
وتضم القلعة ثلاثة أروقة ذات سقوف عقدية، وفي كل رواق شرفة تطل على جهة الشرق للمراقبة.
ومن المعالم التاريخية التي يمكن زيارتها في القدموس،
المسجد الذي يعتبر من أقدم مساجد الساحل السوري، ويقع قرب القلعة على الشارع الرئيسي للبلدة، وهناك الحمام المملوكي، وبقايا سور البلدة الذي تبقى من بواباته واحدة فقط تدعى «بوابة الصور»، وفي البلدة مغارتان قديمتان وكثير من المزارات الدينية، كما اكتشف فيها تمثال نادر للإله بعل يعود للألف الأول قبل الميلاد.
الطبيعة تجود بأجمل ما لديها للقدموس:
يعتبر أهالي البلدة أن شهرة بلدة القدموس لم تأت من فراغ، فهي تعتبر من أجمل المنتجعات الطبيعية السورية، خاصة في فصل الصيف، حيث لا بد للزائر من أن يرتدي اللباس السميك نسبيا حتى ولو كان الفصل صيفا والشهر أغسطس (آب) أو يوليو (تموز)، فالبلدة تتميز بهوائها العليل ومناخها اللطيف، وبعدها عن مصادر التلوث، ووجودها في قلب الغابات الطبيعية الخضراء، وبجبالها الشاهقة التي تحتضنها من كل الاتجاهات، ومنها التي يمكن للسائح أن يزورها ويمارس فيها متعة التأمل والمشي وسط الأحراج وأشجار الشوح والأرز والغار والسنديان، أو الجلوس تحتها، ومن هذه الجبال المجاورة للقدموس: «المولي حسن» و«الحوارة» و«النبي شيث»، كذلك يمكنه الاستمتاع بالجلوس بجانب الأنهار والينابيع الدافقة والعيون المائية الجارية ومنها: «نهر بيت القاضي» و«الطواحين» و«عين البيطار» و«عين شقرا» و«عين البلان» و«عين بسيقين» و«نبع ميرزا» و«صارم الدين» و«المربوع» و«بحلحول» و«نبع الريس».
ونترك القدموس آخذين الطريق الآخر الأجمل المتجه نحو اللاذقية عملا بنصيحة سائقنا (أبو غسان).
إن القدموس بطبيعتها الجبلية الخلابة وهوائها العليل جعلها ملاذا للباحثين عن الهدوء والصفاء والجلوس في قلب مفردات الطبيعة العذراء، حتى إنها ملاذ للباحثين عن الاستشفاء الطبيعي، خاصة ممن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، وقد أقيم فيها قبل أكثر من نصف قرن مبنى ضخم لاستقبال مرضى السل والمصابين بالأمراض الصدرية ليقيموا فيه وسط الغابات والأنهار والينابيع في رحلتهم مع الاستشفاء والاستجمام والنقاهة من المرض.
ويمكن للسائح الذي يريد الإقامة في القدموس لعدة أيام وتناول وجبات الطعام فيها أن يستأجر منزلا صغيرا في البلدة بنظام الفيلات والشقق المفروشة التي تطل بشكل بانورامي على مناظر طبيعية جميلة من خلال مكاتب البلدة العقارية، ويمكنه النوم في فندق البلدة الوحيد واسمه «عين الريس» الذي يقع على طريق بانياس في منطقة طبيعية جميلة، كما يمكنه تناول الطعام في مطاعم البلدة الكثيرة التي تقدم مختلف أنواع الوجبات والمشروبات ومنها: «مطاعم السلامة» و«عين حسان» و«عين الريس»، و«الجمال».