قلعة المرقب

ابو فيصل 1

Junior Member
5 سبتمبر 2015
332
0
0
تنتشر في منطقة الساحل السوري وتحديدا في الجبال الساحلية عدد من القلاع التاريخية التي تحظى بشهرة كبيرة بين السياح القادمين إلى سورية ولعل الأشهر بين تلك القلاع قلعة المرقب التي تقع بالقرب من الطريق الدولي الساحلي الذي يربط مدينتي طرطوس باللاذقية ويربطهما معا بالطريق الدولي مع العاصمة السورية دمشق، وشهرة المرقب تميزها كونها بخلاف القلاع الساحلية الأخرى تجاور البحر الأبيض المتوسط حيث لا تبعد عن الشاطئ أكثر من خمسة كيلومترات ولذلك يستمتع الزائر فيه ويستطيع التجول في أروقتها والتمتع بالمناظر البانورامية الخلابة وأنوار جزيرة قبرص وسط البحر المتوسط تتلألأ بشكل رائع من على سطح القلعة وهي الوحيدة التي تسمح للزائر بمشاهدة جزيرة قبرص في عمق المتوسط كما أن تميزها جاء وبخلاف مباني القلاع الأخرى أنها بنيت بحجارة زرقاء اللون بازلتية في حين أن جميع شقيقاتها من قلاع الساحل مبنية بحجارة كلسية بيضاء أو صفراء اللون ولذلك أعطاها اللون الأزرق الغامق مسحة حزن مع شموخ وهي تطل على المتوسط، كذلك ما يميزها عن قلاع سورية الأخرى أن بانيها ومهندسها يبدو أنه كان يعشق البحر وسفنه فقرر أن يكون مبنى القلعة الضخم على شكل سفينة راسية فوق الجبل البازلتي بحيث يشعر السائح فيها وكأنه يتجول في سفينة من حجارة كما يشاهدها من البحر لتبدو على شكل مبنى مهيب تلفه غلالة رمادية زرقاء تزيد من سحر القلعة ورهبتها.

كيف يمكن للسائح الوصول إلى قلعة المرقب؟
الوصول إلى القلعة سهل جدا حيث يمكن الوصول إليها
عن طريق دمشق ـ حمص ـ اللاذقية الدولي،
أو عن طريق جبلي داخلي يعبر بالكثير من الجبال والوديان الساحقة والغابات وهو دمشق ـ حمص ـ مصياف ـ القدموس ـ بانياس،
ومن ثم إلى القلعة.

والطريقان يستغرقان نفس الوقت تقريبا للوصول إلى القلعة من العاصمة دمشق، فإذا ما قرر السائح زيارة قلعة المرقب آتيا من دمشق فما عليه إلا أن يتجه إلى مرآب حافلات «البولمان» في حرستا ويتوجه الى بانياس التي تقع مباشرة على الطريق الساحلي الدولي وتبعد عن العاصمة دمشق حوالي 4 ساعات وعن مدينة طرطوس حوالي نصف الساعة وعن اللاذقية ثلاثة أرباع الساعة.

في بانياس يمكن للسائح أن يستقل أي سيارة أجرة ويطلب منه التوجه به إلى قلعةالمرقب وما هي إلا سبع دقائق فقط سيكون السائح في القلعة في ضاحية بانياس الشرقية التي تأخذ من اسم القلعة اسما لها.

في القلعة سيرافق السائح مدير القلعة الذي يوجد في مكتبه داخل مباني القلعة يوميا من الثامنة صباحا وحتى الثالثة ظهرا فيما يبقى حارس القلعة موجودا لاستقبال الزوار حتى إغلاق باب القلعة المتغير حسب التوقيت الصيفي والشتوي، ومدير القلعة أو الدليل السياحي المرافق للمجموعات سيحدث السائح عن تاريخ القلعة وأقسامها، في القلعة ستشعر وكأنك عدت إلى عام 1062م حيث انتهى بناء القلعة وأصبحت مكانا هاما عسكريا واستراتيجيا لمراقبة البواخر في وسط اليم ومعظم مدن الساحل السوري في الغرب وحتى مدن الداخل الجبلية من جهتها الشرقية.

في القلعة سيقدم الدليل السياحي معلومة هامة للسياح قبل أن يصحبهم داخل أقسامها وهي مقولة المؤرخ الأوروبي جان هيرو عن قلعة المرقب أو مرغات كما سماها الصليبيون ودونها هيرو في كتابه «سورية اليوم» حيث يقول عنها: لا يمكن للمسافر من اللاذقية أو طرطوس مهما كان على عجلة من أمره إلا أن يتوقف برهة حينما يصل إلى مشارف بانياس أمام تلك التلة المغطاة بالبساتين على درجات تنتصب فوقها قلعة ضخمة.. أربعة عشر برجا دائريا أو مربعا تبرز في سور يتخذ الشكل الثلاثي لمحيط قمة التلة؛ الزاوية الجنوبية مدمجة بالمنشآت الدفاعية يعلوها البرج الرئيسي وكأنه (جؤجؤ) سفينة عملاقة؟!

ونقول لدليلنا السياحي المرافق معنا لسنا مستعجلين من أمرنا كما يرى هيرو فالقلعة مقصدنا وسنمكث بها ساعات وساعات وليس برهة على حد رأي صاحبنا هيرو؟

وبالفعل من يزور قلعة المرقب لن تكفيه ساعة أو ساعتان أو ثلاث، وحتى خمس ساعات ليتجول في أقسامها وليستمتع بمنظر البحر الأبيض المتوسط وهو على سطحها والطريق الرئيسي فيها حيث يشاهد فيما أشبه بأحلام اليقظة تلك البواخر العملاقة تبحر في اليم ليتذكر وهو في الحلم كيف كان الفينيقيون والأرواديون يأتون بسفنهم إلى شاطئ بانياس في رحلات بحرية متنوعة.. ونفيق من الحلم على دعوة مرافقنا السياحي إلى جولة في القلعة من الداخل.

جمال ومهابة وعمارة فريدة في الداخل:
ونقول لمرافقنا: «ريتك تركتنا غارقين في حلم اليقظة متخيلين الفينيقيين وسفنهم قبل آلاف السنين ونحن على سطح المرقب السفينة العملاقة الراسخة في الجبل» فيضحك مرافقنا مؤكدا لنا أننا سنعيش حلما أجمل داخل القلعة وبالفعل فداخلها أجمل من خارجها وخارجها أروع من داخلها!

معادلة غريبة عشناها في القلعة متنقلين من الخارج والداخل وبالعكس ففي داخل القلعة حيث هنا يكتمل المشهد المعماري الفريد قاعات ملكية ضخمة مزينة بالأقواس الحجرية والزخارف بمختلف أشكالها وهناك الكنيسة التي اكتشفت فيها قبل أسابيع قليلة بعثة أثرية تنقيبية هنغارية ـ سورية مشتركة لوحات من الفريسك من أجمل الأعمال الفنية المكتشفة في القلعة حتى الآن، وهناك البرج الرئيسي والعقود القوطية والأطواق ومرامي السهام العالية وهناك الصالات الكبيرة المقببة، نتجول مع مرافقنا على مباني القلعة الحلم..

منطلقين من سوري القلعة الهائلين الخارجي والداخلي، ندخل القلعة فنشاهد البرج الجنوبي الأمامي ومع ارتقاء الدرج المائل حيث صممه البناءون هكذا حتى تتمكن الخيول من اجتيازه، ندخل نحن القلعة مرتقين الدرج المائل داخلين من باب القلعة الرئيسي والمسمى(باب النجاة) ولنرى أنفسنا داخل بهو كبير تحت سقف من حجر منحوت متصالب يستند على ركائز موشورية فوق دعامات وله قوسان كبيران مفتوحان ومن البهو يمكن أن نصل إلى القسم الشمالي للقلعة عبر درج آخر.

نتابع جولتنا داخل القلعة لنشاهد القاعة الكبيرة وعلى يمينها عدد من الأروقة المعقودة المستندة إلى أقواس ولنشاهد البرج الأضخم في القلعة الذي يصل ارتفاعه إلى 21 مترا وقطره 29 مترا وهو البرج الشمالي الذي يمكن للسائح ومن خلال مشروع المسير الجديد الذي نفذ بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي قبل سنتين أن يتجول في معظم مبانيه ومنه ندخل إلى الأبنية المجاورة للقلعة من جهتها الجنوبية الغربية ولنخرج منه أيضا ومن خلال الباب إلى طريق ضيق يحيط بالبرج ويطل على السور.

معلومات تهم السائح:
تفتح القلعة أبوابها في فصل الصيف من الساعة 9 صباحا وحتى 6 مساء وفي الشتاء من 9 صباحا وحتى 4 ظهرا كل يوم عدا الثلاثاء.

ـ رسم الدخول 150 ليرة سورية (حوالي 3 دولارات أميركية).

ـ يمكن للسائح أن يتناول طعام الغداء والعشاء في المطاعم القريبة من القلعة مثل مطاعم بانياس ورأس النبع والروضة وغيرها ويمكنه إذا ما رغب أن ينام قريبا من القلعة حيث تنتشر العديد من الفنادق والمخيمات والشاليهات المفروشة منها فندق بانياس، فندق القيصر ضهر صفرا، شاليهات الشاطئ المهجور، مخيم بانياس.