متحف أرض اللبان في صلالة
سيرة عمان والعمانيين القديمة والحديثة وما حققوه من انجازات حضارية عبر العصور المختلفة.
"إننا نولي تراثنا الثقافي بمختلف أشكاله ومضامينه المادية وغير المادية أهمية خاصة، ونعني به عناية متميزة لما له من أهمية ودور ملموس في النهوض بالحياة الفكرية والفنية والابداع والابتكار.
ونبدي اعتزازنا بوجود مجموعة من المواقع الثقافية والطبيعية العمانية على لائحة التراث العالمي، والتي تمثل دليلاً واضحاً على مساهمة العمانيين عبر العصور المختلفة في بناء الحضارات وتواصلها وتفاعلها مع الثقافات الأخرى".
هذه الكلمات هي اول ما يبرز الى ذهنك وانت تتجول في متحف ارض اللبان في صلالة. فمنذ اعتلائه عرش السلطنة، حرص السلطان قابوس على منح الزائرين والباحثين الفرصة للتعرف على عمان عبر تاريخها الطويل والذي لم يكن متاحا بطريقة علمية.
ويضم متحف ارض اللبان، الذي يقع في محافظة ظفار، قاعتين هما قاعة التاريخ والقاعة البحرية حيث تشتمل قاعة التاريخ على 6 أقسام يجسد قسمها الأول جغرافية عمان وتضاريسها موضحا امتداد سواحلها مع جزرها وخلجانها لأكثر من 3 آلاف و165 كم وبمساحة تصل إلى 500 ألف و309 كم مربع والتي جذبت إليها الهجرات السكانية عبر التاريخ. كما يوضح القسم موقع السلطنة وما يمثله من منطقة تماس حضاري ساهمت فيه مع شعوب أخرى في صياغة الأحداث التاريخية الهامة التي شهدتها المنطقة.
ويشير القسم الثاني إلى عمان في الأزمنة القديمة شارحا مراكز الاستيطان التي تنوعت في أرجاء مختلفة من عمان منذ البدايات الأولى للحضارة الإنسانية المتمثلة بحضارة الصيد على السواحل وحضارة إنسان العصر الحجري معرجا على استقرار الإنسان وإتقانه الزراعة وتربية الحيوان والإنتاج البدائي لسد حاجاته من الغزل والنسيج والأواني الفخارية والأدوات المعدنية كما تشير المعروضات بالقسم إلى العصر البرونزي الذي تمكن فيه العمانيون من استخراج النحاس وممارسة التجارة مع بلاد الجوار وبلاد الرافدين والهند والصين حيث قامت حضارة متعددة السمات كما تدل الشواهد والآثار في مختلف مناطق عمان.
ويشير القسم الثالث والذي يحمل عنوان «ارض اللبان» إلى ان ظفار «أرض اللبان» ظلت طوال العصور الماضية مصدرا رئيسا لإنتاج وتصدير اللبان موضحا ان الأرض حملت مسميات عديدة مثل «أرض عاد وبلاد بونت وبلاد الشحر» كما تشير المخطوطات بالقسم إلى الاعتقاد السائد بأن الأحقاف التي ذكرها القرآن الكريم هي الأرض التي تقع فيها ظفار والتي عرفها الفراعنة والفينيقيون والإغريق والرومان والفرس والهنود والصينيون ونعتوها بمسميات مختلفة وأقاموا معها علاقات تجارية ووصفوا ساحلها بشاطئ اللبان والبخور وكان الإغريق يسمونه عمان.
ويبين القسم دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لعمان بالقول: «اللهم اهدهم اللهم زدهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم اللهم وسع عليهم في ميرتهم وكثر خيرهم من بحرهم ولا تسلط عليهم عدوا من غيرهم».
وتذكر المؤرخات بالقسم قبول العمانيين برسالة التوحيد ومساهمتهم في نشر الإسلام عبر الفتوحات الإسلامية والمعاملات التجارية ودورهم البارز في علوم الفقه واللغة والبحار والأدب مما أعطى عمان هوية متميزة بالاستقلالية والتسامح والتي كانت من اقوى دعائم إقامة الدولة.
كما توضح المعروضات بسط عمان سيطرتها على أنحاء مختلفة من ضفاف الخليج وبحر العرب والساحل الشرقي لأفريقيا بحلول القرن الثامن عشر لتؤسس بذلك حضورها القوي في المحيط الهندي وأصبحت مسقط من أهم الموانئ العالمية بفضل مهارة أبنائها التجارية والبحرية ومع ظهور الآلة البخارية وحضور الأساطيل الأوروبية إلى المنطقة تراجع الأسطول العماني وتوارى دوره التجاري وانحسر معه دور عمان لفترة طويلة حتى قيام النهضة المعاصرة عام 1970م.
وفي القسم الرابع من قاعة التاريخ تحت مسمى «إسلام أهل عمان» يتعرف الزائر على ان أهل عمان دخلوا الإسلام طواعية بعد ان وصلهم مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ولذلك خلد الرسول ذكراهم بدعائه «رحم الله أهل الغبيراء - أهل عمان - آمنوا بي ولم يروني».
ويمكن الاطلاع من خلال القسم الخامس بقاعة التاريخ بمتحف اللبان على «ملامح من التاريخ العماني» حيث تروي المحطات التاريخية المختارة في هذا القسم جوانب مختلفة من التاريخ العماني ونماذج من الأحداث والوقائع التي كانت عمان مسرحا لها أو كان العمانيون طرفا فيها.
وتنقسم القاعة البحرية بالمتحف إلى 7 أقسام حيث تشير المعروضات في القسم الأول إلى «التراث البحري» ومعرفة العمانيين بالملاحة منذ العصور القديمة ونشاطاتهم في ظل الازدهار التجاري لحضارتي بلاد الرافدين ووادي الاندوس وصولا إلى إقامة شبكة علاقات منتظمة لقرون طويلة مع الهند والصين والساحل الشرقي لافريقيا وبلاد حوض البحر المتوسط ثم المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وتظهر المحتويات مفردات البيئة البحرية ومهارات عمليات الإبحار ومفاصل تاريخية مهمة عن علاقة عمان بالبحر وتقف نماذج السفن العمانية التقليدية في هذه القاعة شاهدا قويا على المهارة البحرية والإتقان في صناعة السفن.
وفي القسم الثاني والخاص بـ «البحر» تشير المعروضات إلى ارتباط سكان عمان بالبحر الذي يعد أحد مصادر العيش وسبيلا للتواصل مع الآخرين حيث أوجدت وسائل الصيد البدائية علاقة وجدانية بين العمانيين على امتداد شواطئها الجميلة والمتنوعة.
ويجسد القسم الثالث في القاعة البحرية بناء القوارب والسفن الشراعية ومهارة العمانيين في ذلك منذ آلاف السنين حتى ان البعض منها لا يزال يستخدم حاليا في عدد من المناطق العمانية حيث تشير المعروضات الى المواءمة بين ما وفرته البيئة العمانية من امكانيات وما تم الحصول عليه من مواد مستوردة من السند وبلاد الرافدين.
وتضم القاعة البحرية قسما رابعا بعنوان «الابحار» يشير في معروضاته الى اهمية الملاحة الناجحة والطرق المستخدمة فيها بمعرفة مسارات النجوم وحركة الشمس والقمر لتحديد الموقع والإلمام بقراءة تجمعات السحب ولون الماء والامواج والاستعانة بالطيور في تحديد اتجاه اليابسة حيث يعرض القسم اجهزة قديمة وحديثة تساعد في الابحار.
ومن خلال القسم السادس والذي يشير الى "نهضة عمان المعاصرة" يمكن الاطلاع على ما حققته السلطنة من إنجازات بقيادة السلطان قابوس منذ توليه زمام الحكم والنهضة العمانية المعاصرة في عام 1970م.
ويعبر القسم السابع والأخير عن «النهضة» وهي مرحلة اختراع المولدات البخارية واستخدامها في السفن الأمر الذي أدى إلى منافسة كبيرة بين الدول أدت بدورها إلى انكفاء الأسطول العماني المكون من السفن الشراعية وتراجعه في تلك المرحلة وانحسار المستوى المعيشي وصولا إلى دخول عمان في مرحلة جديدة منذ عام 1970م بقيادة السلطان قابوس بن سعيد حيث تفاعل العمانيون لبناء وطنهم والاستفادة من معطيات العصر الجديد كبناء الموانئ الحديثة واقتناء السفن المتطورة لسد حاجاتهم المعاصرة.
تجدر الإشارة إلى ان مدينة البليد يعود تاريخها الى فترات زمنية ما قبل الإسلام وكانت تمثل مركزا سكنيا منذ نحو «2000» عام قبل الميلاد حيث برزت خلال العصر الحديدي المتأخر كمدينة مركزية نشطة كما انها ازدهرت في العصور الإسلامية.
ووصف كل من الرحالة «ماركو بولو» و«ابن بطوطة» المدينة على انها اكثر المدن ازدهارا وواحدة من اكبر الموانئ الرئيسية على المحيط الهندي مما جعلها مركزا تجاريا مزدهرا آنذاك حيث تمتد رقعة تصدير اللبان فيها لتصل الى الصين وروما.
وقد تم اكتشاف الموقع وتصويره للمرة الأولى في عام 1930 من قبل بترام توماس بينما بدأت التنقيبات الأثرية فيه للمرة الأولى في عام 1952 من قبل البعثة الأميركية. وفي عام 1977 قامت وزارة التراث والثقافة بتنفيذ برنامج مسح لموقع البليد والذي هو عبارة عن مجموعة من المعالم الأثرية تغطي مساحة مستطيلة تصل إلى 64 هكتارا يحيط بها جدار عال من ناحية الشرق والشمال وخندق صغير من ناحية الغرب.
ومدينة البليد مقسمة من الداخل إلى ثلاثة أقسام هي القسم التجاري ويقع في الجهة الشرقية والقسم السكني والخدمي في الوسط أما المسجد والحصن فيقعان في الجهة الغربية ويحيط بها من الجانب الشمالي والشرقي والغربي خور البليد الذي يتراوح عمقه ما بين مترين إلى 6,5 متر حيث كان الخور يستخدم لنقل البضائع ما بين المدينة والسفن الراسية في البحر وهو بمثابة ميناء طبيعي للسفن الصغيرة يحمي المدينة من فيضان المياه التي تصب في البحر بالإضافة إلى الحماية من هجمات الغزاة.
من النماذج المهمة الموجودة في المتحف هو نموذج للفلج ويبين أسلوب تدفق المياة من المنابع الأصلية إلى المزارع. الأفلاج القديمة ومفردها فلج لا تزال مستخدمة وتتدفق مثل الشرايين أسفل التلال والسهول في عمان، وتتلوى متفادية الصخور لتصل إلى القرى ومزارع النخيل لتغذي الأرض بالمياه وتنشر البرودة والحياة والنماء في كافة الأنحاء. أنواع الأفلاج عديدة في عمان ولكن يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع وهي كالتالي الأفلاج الداؤودية، الأفلاج الغيلية والأفلاج العينية.
ويقع هذا الصرح التاريخي، بكنوزه التراثية ورموزه العميقة في عمان أرض العطر والعطاء، تحت اشراف مكتب مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية، عبد العزيز بن محمد الرواس.
إذا كنت مهتماً بالتاريخ والتراث العماني، فإن هذا المتحف هو مقصدك المثالي وغايتك المنشودة.
"إننا نولي تراثنا الثقافي بمختلف أشكاله ومضامينه المادية وغير المادية أهمية خاصة، ونعني به عناية متميزة لما له من أهمية ودور ملموس في النهوض بالحياة الفكرية والفنية والابداع والابتكار.
ونبدي اعتزازنا بوجود مجموعة من المواقع الثقافية والطبيعية العمانية على لائحة التراث العالمي، والتي تمثل دليلاً واضحاً على مساهمة العمانيين عبر العصور المختلفة في بناء الحضارات وتواصلها وتفاعلها مع الثقافات الأخرى".
هذه الكلمات هي اول ما يبرز الى ذهنك وانت تتجول في متحف ارض اللبان في صلالة. فمنذ اعتلائه عرش السلطنة، حرص السلطان قابوس على منح الزائرين والباحثين الفرصة للتعرف على عمان عبر تاريخها الطويل والذي لم يكن متاحا بطريقة علمية.
ويضم متحف ارض اللبان، الذي يقع في محافظة ظفار، قاعتين هما قاعة التاريخ والقاعة البحرية حيث تشتمل قاعة التاريخ على 6 أقسام يجسد قسمها الأول جغرافية عمان وتضاريسها موضحا امتداد سواحلها مع جزرها وخلجانها لأكثر من 3 آلاف و165 كم وبمساحة تصل إلى 500 ألف و309 كم مربع والتي جذبت إليها الهجرات السكانية عبر التاريخ. كما يوضح القسم موقع السلطنة وما يمثله من منطقة تماس حضاري ساهمت فيه مع شعوب أخرى في صياغة الأحداث التاريخية الهامة التي شهدتها المنطقة.
ويشير القسم الثاني إلى عمان في الأزمنة القديمة شارحا مراكز الاستيطان التي تنوعت في أرجاء مختلفة من عمان منذ البدايات الأولى للحضارة الإنسانية المتمثلة بحضارة الصيد على السواحل وحضارة إنسان العصر الحجري معرجا على استقرار الإنسان وإتقانه الزراعة وتربية الحيوان والإنتاج البدائي لسد حاجاته من الغزل والنسيج والأواني الفخارية والأدوات المعدنية كما تشير المعروضات بالقسم إلى العصر البرونزي الذي تمكن فيه العمانيون من استخراج النحاس وممارسة التجارة مع بلاد الجوار وبلاد الرافدين والهند والصين حيث قامت حضارة متعددة السمات كما تدل الشواهد والآثار في مختلف مناطق عمان.
ويشير القسم الثالث والذي يحمل عنوان «ارض اللبان» إلى ان ظفار «أرض اللبان» ظلت طوال العصور الماضية مصدرا رئيسا لإنتاج وتصدير اللبان موضحا ان الأرض حملت مسميات عديدة مثل «أرض عاد وبلاد بونت وبلاد الشحر» كما تشير المخطوطات بالقسم إلى الاعتقاد السائد بأن الأحقاف التي ذكرها القرآن الكريم هي الأرض التي تقع فيها ظفار والتي عرفها الفراعنة والفينيقيون والإغريق والرومان والفرس والهنود والصينيون ونعتوها بمسميات مختلفة وأقاموا معها علاقات تجارية ووصفوا ساحلها بشاطئ اللبان والبخور وكان الإغريق يسمونه عمان.
ويبين القسم دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لعمان بالقول: «اللهم اهدهم اللهم زدهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم اللهم وسع عليهم في ميرتهم وكثر خيرهم من بحرهم ولا تسلط عليهم عدوا من غيرهم».
وتذكر المؤرخات بالقسم قبول العمانيين برسالة التوحيد ومساهمتهم في نشر الإسلام عبر الفتوحات الإسلامية والمعاملات التجارية ودورهم البارز في علوم الفقه واللغة والبحار والأدب مما أعطى عمان هوية متميزة بالاستقلالية والتسامح والتي كانت من اقوى دعائم إقامة الدولة.
كما توضح المعروضات بسط عمان سيطرتها على أنحاء مختلفة من ضفاف الخليج وبحر العرب والساحل الشرقي لأفريقيا بحلول القرن الثامن عشر لتؤسس بذلك حضورها القوي في المحيط الهندي وأصبحت مسقط من أهم الموانئ العالمية بفضل مهارة أبنائها التجارية والبحرية ومع ظهور الآلة البخارية وحضور الأساطيل الأوروبية إلى المنطقة تراجع الأسطول العماني وتوارى دوره التجاري وانحسر معه دور عمان لفترة طويلة حتى قيام النهضة المعاصرة عام 1970م.
وفي القسم الرابع من قاعة التاريخ تحت مسمى «إسلام أهل عمان» يتعرف الزائر على ان أهل عمان دخلوا الإسلام طواعية بعد ان وصلهم مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ولذلك خلد الرسول ذكراهم بدعائه «رحم الله أهل الغبيراء - أهل عمان - آمنوا بي ولم يروني».
ويمكن الاطلاع من خلال القسم الخامس بقاعة التاريخ بمتحف اللبان على «ملامح من التاريخ العماني» حيث تروي المحطات التاريخية المختارة في هذا القسم جوانب مختلفة من التاريخ العماني ونماذج من الأحداث والوقائع التي كانت عمان مسرحا لها أو كان العمانيون طرفا فيها.
وتنقسم القاعة البحرية بالمتحف إلى 7 أقسام حيث تشير المعروضات في القسم الأول إلى «التراث البحري» ومعرفة العمانيين بالملاحة منذ العصور القديمة ونشاطاتهم في ظل الازدهار التجاري لحضارتي بلاد الرافدين ووادي الاندوس وصولا إلى إقامة شبكة علاقات منتظمة لقرون طويلة مع الهند والصين والساحل الشرقي لافريقيا وبلاد حوض البحر المتوسط ثم المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وتظهر المحتويات مفردات البيئة البحرية ومهارات عمليات الإبحار ومفاصل تاريخية مهمة عن علاقة عمان بالبحر وتقف نماذج السفن العمانية التقليدية في هذه القاعة شاهدا قويا على المهارة البحرية والإتقان في صناعة السفن.
وفي القسم الثاني والخاص بـ «البحر» تشير المعروضات إلى ارتباط سكان عمان بالبحر الذي يعد أحد مصادر العيش وسبيلا للتواصل مع الآخرين حيث أوجدت وسائل الصيد البدائية علاقة وجدانية بين العمانيين على امتداد شواطئها الجميلة والمتنوعة.
ويجسد القسم الثالث في القاعة البحرية بناء القوارب والسفن الشراعية ومهارة العمانيين في ذلك منذ آلاف السنين حتى ان البعض منها لا يزال يستخدم حاليا في عدد من المناطق العمانية حيث تشير المعروضات الى المواءمة بين ما وفرته البيئة العمانية من امكانيات وما تم الحصول عليه من مواد مستوردة من السند وبلاد الرافدين.
وتضم القاعة البحرية قسما رابعا بعنوان «الابحار» يشير في معروضاته الى اهمية الملاحة الناجحة والطرق المستخدمة فيها بمعرفة مسارات النجوم وحركة الشمس والقمر لتحديد الموقع والإلمام بقراءة تجمعات السحب ولون الماء والامواج والاستعانة بالطيور في تحديد اتجاه اليابسة حيث يعرض القسم اجهزة قديمة وحديثة تساعد في الابحار.
ومن خلال القسم السادس والذي يشير الى "نهضة عمان المعاصرة" يمكن الاطلاع على ما حققته السلطنة من إنجازات بقيادة السلطان قابوس منذ توليه زمام الحكم والنهضة العمانية المعاصرة في عام 1970م.
ويعبر القسم السابع والأخير عن «النهضة» وهي مرحلة اختراع المولدات البخارية واستخدامها في السفن الأمر الذي أدى إلى منافسة كبيرة بين الدول أدت بدورها إلى انكفاء الأسطول العماني المكون من السفن الشراعية وتراجعه في تلك المرحلة وانحسار المستوى المعيشي وصولا إلى دخول عمان في مرحلة جديدة منذ عام 1970م بقيادة السلطان قابوس بن سعيد حيث تفاعل العمانيون لبناء وطنهم والاستفادة من معطيات العصر الجديد كبناء الموانئ الحديثة واقتناء السفن المتطورة لسد حاجاتهم المعاصرة.
تجدر الإشارة إلى ان مدينة البليد يعود تاريخها الى فترات زمنية ما قبل الإسلام وكانت تمثل مركزا سكنيا منذ نحو «2000» عام قبل الميلاد حيث برزت خلال العصر الحديدي المتأخر كمدينة مركزية نشطة كما انها ازدهرت في العصور الإسلامية.
ووصف كل من الرحالة «ماركو بولو» و«ابن بطوطة» المدينة على انها اكثر المدن ازدهارا وواحدة من اكبر الموانئ الرئيسية على المحيط الهندي مما جعلها مركزا تجاريا مزدهرا آنذاك حيث تمتد رقعة تصدير اللبان فيها لتصل الى الصين وروما.
وقد تم اكتشاف الموقع وتصويره للمرة الأولى في عام 1930 من قبل بترام توماس بينما بدأت التنقيبات الأثرية فيه للمرة الأولى في عام 1952 من قبل البعثة الأميركية. وفي عام 1977 قامت وزارة التراث والثقافة بتنفيذ برنامج مسح لموقع البليد والذي هو عبارة عن مجموعة من المعالم الأثرية تغطي مساحة مستطيلة تصل إلى 64 هكتارا يحيط بها جدار عال من ناحية الشرق والشمال وخندق صغير من ناحية الغرب.
ومدينة البليد مقسمة من الداخل إلى ثلاثة أقسام هي القسم التجاري ويقع في الجهة الشرقية والقسم السكني والخدمي في الوسط أما المسجد والحصن فيقعان في الجهة الغربية ويحيط بها من الجانب الشمالي والشرقي والغربي خور البليد الذي يتراوح عمقه ما بين مترين إلى 6,5 متر حيث كان الخور يستخدم لنقل البضائع ما بين المدينة والسفن الراسية في البحر وهو بمثابة ميناء طبيعي للسفن الصغيرة يحمي المدينة من فيضان المياه التي تصب في البحر بالإضافة إلى الحماية من هجمات الغزاة.
من النماذج المهمة الموجودة في المتحف هو نموذج للفلج ويبين أسلوب تدفق المياة من المنابع الأصلية إلى المزارع. الأفلاج القديمة ومفردها فلج لا تزال مستخدمة وتتدفق مثل الشرايين أسفل التلال والسهول في عمان، وتتلوى متفادية الصخور لتصل إلى القرى ومزارع النخيل لتغذي الأرض بالمياه وتنشر البرودة والحياة والنماء في كافة الأنحاء. أنواع الأفلاج عديدة في عمان ولكن يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع وهي كالتالي الأفلاج الداؤودية، الأفلاج الغيلية والأفلاج العينية.
ويقع هذا الصرح التاريخي، بكنوزه التراثية ورموزه العميقة في عمان أرض العطر والعطاء، تحت اشراف مكتب مستشار السلطان قابوس للشؤون الثقافية، عبد العزيز بن محمد الرواس.
إذا كنت مهتماً بالتاريخ والتراث العماني، فإن هذا المتحف هو مقصدك المثالي وغايتك المنشودة.