تقع ولاية كوتاهيا، في منطقة الأناضول الغربية، ولها ماضٍ يمتد إلى سبعة آلاف سنة، ومن أهم ما يميزها خزف وفخار كوتاهيا العثماني، حيث يمتد تاريخ الخزف فيها إلى حضارات الماضي القديم، والميزة الأخرى لها، والتي تعد نقطة التقاء مرمرة، وايجه والأناضول الوسطى، هي مياهها المعدنية الشافيّة.
بحلول القرن السابع عشر، أصبحت كوتاهيا، أحد مراكز الخزفيّات الرئيسيّة في الامبراطوريّة العثمانيّة، وأشاد الرحّالة العثمانيّ إيفليا شلبي، الذي عاش في القرن السابع عشر، في كتابه سيحات نامة، الذي كتب فيه عن أسفاره، بخزفيّات هذه المدينة التي يتحدّر منها.
وتشتهر كوتاهيا، بمساحات واسعة من المنحدرات الطبيعية، ذات الأراضي الزراعية، كما تشتهر بقلعتها التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى العصر البيزنطي، وتطل القلعة على مشاهد بانورامية ساحرة، للمدينة القديمة.
وتعد مدينة كوتاهيا، الواقعة غرب تركيا، على نهر "بورسوك" ( Porsuk)، عاصمة ولاية كوتاهيا، ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي 166.665 نسمة، وتبعد عن إسطنبول 300 كيلو متر تقريبا.
وفي عام 1514م، أصبحت كوتاهيا، مركز صناعة الفسيفساء العثمانية، وأصبحت تنتج البلاط، والخزف للمساجد، والكنائس، والمباني الحكومية، لكل أنحاء الشرق الأوسط.
وتشتهر ولاية كوتاهيا، بالصناعات التقليدية القديمة، مثل منتجات الخزف والفخار المتعددة الألوان، أما صناعاتها الحديثة فتشمل، تكرير السكر، والدباغة، ومعالجة النترات.
وتنتج الزراعة المحلية في كوتاهية، محاصيل الحبوب، الفاكهة، وبنجر السكر، ذلك بالإضافة إلى تربية الماشية، التي تحظى بأهمية كبيرة .
وكما تحتوي كوتاهيا، على عدة ينابيع ساخنة، مثل "غيديز مراد داغي" (gediz murat dağı)، و"سماوي إينال" (simavi eynal)، و"نشا" (naşa)، و"إيميت كاينارجا" (emet kaynarca). ويذكر أن ينابيعها الساحنة شافية، وتعالج الكثير من الأمراض الجلدية، وبهذا فهي مقصد ووجهة هامة للسياحة الطبية.
وهناك تقريبا، في كل منطقة من مناطق المدينة، مياه حرارية ذات ميزات مختلفة، وثمانية من مراكز السياحة المياه الحرارية الـ65، التي أعلن عنها، بقرار من مجلس الوزراء في تركيا، موجودة في محافظة كوتاهيا.
والمياه الحرارية الموجودة داخل حدود المدينة، تساعد في شفاء العديد من الأمراض مثل الروماتيزم، وأمراض الشلل، والأمراض النسائية، والاضطرابات العصبية، إلى جانب العديد من الأمراض الأخرى، وهي مصدر جذب للسياح المحليين، والأجانب.
كما تقع إحدى أشهر منتجعات المياه الحرارية لكوتاهيا، في قرية يونجالي، وهي منتجعات يونجالي المسماة باسم القرية. وتبعد هذه المنتجعات، عن مركز المدينة 16 كيلومترا، وهي منتشرة في أراضٍ مساحتها 500 دونم، ومياه هذه المنتجعات، التي تصل درجة حرارتها إلى 42 درجة مئوية، غنية من ناحية الكالسيوم والمغنسيوم والكبريت، وتفيد في معالجة الأمراض، وعلى رأسها تكلس العظام، وروماتيزم المفاصل، واضطرابات المفاصل الالتهابية، إضافة إلى روماتيزم الأنسجة الرخوة.
وهناك أسطورة، بشأن منتجعات يونجالي، شهيرة بقدر شهرة هذه المنتجعات، ووفقا لهذه الأسطورة التي تم تناقلها حتى الآن، فإن يونجالي، كانت تُعرف بأنها مستنقع ذو مياه حارة، أسفل جبل كيرازلي، وكان للسلطان علاء الدين كي كوبات، وهو سلطان الدولة السلجوقية الأناضولية في القرن الثالث عشر، فتاة مريضة، اسمها غولومسر خاتون.
كانت صحة غولومسر خاتون تتدهور يوما بعد يوم، بعد أن أصيبت بمرض وهي شابة، وبعد أن رأى بعض سكان المنطقة ثعلبا مصابا بالجرب، تحسن عقب دخوله إلى المستنقع في يونجالي، نقلوا هذا الخبر إلى السلطان فورا، واقترحوا عليه أن تستحم غولومسر خاتون هناك. وقبل السلطان علاء الدين الثاني، الذي لم يتمكن من العثور على علاج لابنته الوحيدة، هذا الاقتراح.
وجعل ابنته تستحم في المياه الحارة ليونجالي، ومكثت ابنته لفترة هناك، واستمرت في العلاج بهذا الماء، وتركت يونجالي بعد أن شفيت من المرض، بعد أن قدمت إليها وهي مصابة بالشلل.
قام السلطان علاء الدين ببناء حمام كبير، له حوض وجامع في يونجالي، ليستفيد الآخرون من هذه المياه، ويمكن للمارين بيونجالي، زيارة هذا الحمام التاريخي، والجامع، الذي يحمل بصمات الماضي العريق.
وهناك منتجعات إينال الساخنة، التي تقع جنوب غرب كوتاهيا، على بعد أربعة كيلومترات من قضاء سيماو، وهي فعالة اليوم أيضا، كما كان حالها قبل 400 عاما.
تحتوي مياه هذا المنتجع، التي تتراوح حرارتها بين 70 و90 درجة مئوية، على الكالسيوم والصوديوم والكبريتات والبيكاربونات، وتقريبا لا يوجد هناك مرض لا تفيد فيه مياهها الشافية، الغنية بالمعادن.
وتحدث الرحالة التركي الشهير إيفليا شلبي، عن مياه ومنتجعات إينال الساحنة، وقال "لقد تجولت ورأيت العديد من المنتجعات، ولكنني لم أر مثل إينال. لا يوجد مكان مماثل لها على وجه الأرض".
ويفيد المختصون، بأنه يمكن استخدام هذه المياه كعلاج مكمل عن طريق الاستحمام، في أمراض مثل الروماتيزم، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وآلام الظهر المزمنة، وأمراض المفاصل، وأمراض الأنسجة الرخوة، وأمراض العظام، وعقب العمليات الجراحية في المخ والأعصاب، وفي اضطرابات الإجهاد العام، والإصابات أثناء ممارسة الرياضة.
إضافة إلى ذلك، فمن المعروف أن المياه الحرارية لمنتجعات إينال، تفيد في معالجة أمراض أخرى، مثل أمراض الجلد، والبشرة، والتخلص من حصى الكلى، وعرق النسا، والتكلس، والأمراض النسائية والصُداف.
وترتبط كوتاهيا بمعظم المدن التركية الكبيرة، فالحافلات تغادر تقريبا كل 45 دقيقة إلى إسطنبول، (و تستغرق الرحلة ست ساعات)، وبورصة (وتستغرق الرحلة ثلاث ساعات)، وهناك اتصالات يومية بالقطار مع إسطنبول وأنقرة وأزمير وأضنة وقونية، وعدد من المدن الأخرى.