صور بيت لحم مهد المسيح.. ومعبر الأنبياء
الحضارات الإنسانيه التي نشأت في فلسطين جعلت منها مركزاً حضارياً هاماً، وبلاداً يطمع في احتلالها كل من يُريد تسيد العالم القديم والسيطرة عليه، بلد كان مهداً لديانات سماوية عديدة، تعاقب عليه كثير من الأنبياء.. وبانضمام فلسطين إلى المنظمة العالمية للثقافة والعلوم “اليونسكو” تكون القيادة والدبلوماسية الفلسطينية قد حققت نصراً كبيراً يصب في وضع فلسطين الدولة على خارطة التراث العالمي والحفاظ على آثارها من عربدة الكيان الصهيوني.
الآثار الفلسطنية تواجه خطر التهويد
تعد فلسطين من أغنى بلدان العالم التي تملك مخزوناً ثقافياً وحضارياً وتضم مئات الآثار العالمية، خاصة في “العاصمة القدس”، لذلك يبني الفلسطينيون آمالا كبيرا على دخولهم منظمة التربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” مؤخراً، لدورها في حماية التراث والمقدسات، بعد أن تعرضت ممتلكاتهم الدينية والثقافية للطمس والتهويد والهدم منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1948.
ويبدو أن المعركة الدبلوماسية انتهت في اليونسكو، لتبدأ معركة من نوع آخر لحماية المناطق التاريخية الفلسطينية وإدراجها على لائحة التراث العالمي بما يكفله ذلك من حماية لها من الاحتلال.
وتنشط المؤسسات الفلسطينية المختصة حاليا في إعداد قائمة من 20 موقعاً أثرياً ودينياً بغية التقدم بطلب لمنظمة اليونسكو من أجل إدراجها على قائمة التراث العالمي، بعد التصويت لصالح عضوية كاملة لفلسطين فيها، على حسب ما ذكرت وكالة “رويترز للأنباء”، ويأتي على رأس هذه القائمة مدينة بيت لحم بما تحويه من آثار مقدسة.
الأهمية السياحية كهف ميلاد المسيح عليه السلام وهو المكان الذي وضع فيه بعد مولده
تعتبر مدينة بيت لحم من المدن السياحية العالمية؛ حيث يزورها السياح للحج طوال العام، كما تحتوي على العديد من المعالم الأثرية العامة مثل كنيسة المهد حيث مولد المسيح عيسى عليه السلام، وكنيسة القديسة كاترينا، وقبر راحيل زوجة نبي الله يعقوب وأم يوسف الصديق عليهما السلام، وبرك سليمان، وغيرها.
ويبدو أن الدبلوماسية الفلسطينية أحسنت الاختيار بالبدء ببيت لحم، فأعياد الميلاد على الأبواب وستكون المدينة المقدسة مقصداً لآلاف المسيحيين في العالم خلال الثلاثين يوماً المقبلة.
قُدسية المدينةبيت لحم هي مدينة فلسطينية تقع جنوب الضفة الغربية وهي مركز محافظة بيت لحم، عدد سكانها حوالي 16,000 نسمة بدون سكان مخيمات اللاجئين فيها، و اكتسبت المدينة أهميةً كبرى لدى اليهود حيث أنه وُلد فيها الملك داوود، ولكن الشهرة الأكبر والأهمية الأعظم التي اكتسبتها المدينةُ كانت بسبب ولادة السيدة مريم العذراء لسيدنا المسيح عيسى، عليهما السلام، في إحدى مغارات المدينة. ويروي إنجيل لوقا أن مريم العذراء و يوسف النجار ذهبا إلى بيت لحم لتسجيل أسمهما في الإحصائيات بحسب أوامر الإمبراطور أغسطس قيصر، وقد ولدت السيد المسيح أثناء تواجدها هناك، و قام قسطنطين الأكبر ببناء كنيسةٍ عظيمةٍ فوق المغارة التي وُلد فيها المسيح سُميت بكنيسة المهد في عام 330 للميلاد، وهي واحدة من أقدم الكنائس في العالم.
كنيسة المهد بُنيت فوق المغارة التي شهدت ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام
ويُقال بأن أمه الإمبراطورة هيلانه هي من بنت تلك الكنيسة. وأضحت هذه الكنيسة محجاً للمسيحيين من أقطاب العالم كافه، مما ساهم في تطور المدينة وتقدمها بعدما كانت مجرد قريةٍ صغيره، واستراحة للقوافل المرتحلةِ ما بين بلاد الشام و مصر و جزيرة العرب. كما يُقال أيضاً بأن النبي يعقوب عليه السلام مر ببيت لحم أثناء ذهابه إلى مدينة الخليل، وهناك تُوفيت زوجته راحيل ودفنها قرب المدينة فيما يُعرف اليوم باسم “قبة راحيل”، مما زاد في شهرة المدينة وقداستها لدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث كافه.
تسمية بيت لحمتقع بيت لحم على بعد حوالي 10 كيلو متر جنوب القدس الشرقية، على ارتفاع حوالي 765 متر فوق سطح البحر، أي أعلى من القدس بثلاثين متراً، بناها وسكنها الكنعانيون حوالي سنة 2000 قبل الميلاد، وكانت تسمى ببيت إيلو لاهاما، أي بيت الإله لاهاما وهو إله الطعام والغذاء والقوت عند الكنعانيين، ويلاحظُ القارئ التقارب بين لفظي لحم و لاهاما، وحتى أن اسم المدينة بالعربية أيضاً يدل على معنى الغذاء أيضاً، كما أن معنى اسم المدينة في اللغة الآرامية القديمة كان بيت الخبز.
تاريخ بيت لحم ساحة المهد ومسجد عمر بن الخطاب المسجد الوحيد والأقدم في المدينة القديمة منذ عام 1860
كنيسة القديسة كاترين من أهم مزارات بيت لحم
في عام 614 للميلاد، احتل الفُرس المدينة ودمروها بالكامل تقريباً عدا كنيسة المهد وذلك احتراماً منهم لصور المجوس المنقوشة على جدرانها .. ومن ثم وصل الفتحُ الإسلامي إلى المدينة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبقيت في عهدة المسلمين حتى الحملات الصليبية على البلاد حيث تم احتلال وبقيت تحت حكمهم إلى أن جاء الفاتح صلاح الدين الأيوبي وحررها في عام 1187 للميلاد.
انتقلت المدينة إلى حكم العثمانيين في عام 1517 للميلاد، وفي عام 1852 ونتيجةً للصراع بين اليونان و روسيا من جهة وبقية أوروبا من جهةٍ أخرى على تنظيم سير الأمور والحكم على الأماكن المقدسة وبخاصةٍ كنيسة المهد، أدى هذا الصراع إلى هجرة الكثير من أهل المدينة إلى الأمريكيتين في موجاتٍ تتابعت حتى ما بعد نكسة يونيو 1967.
وبعد نكبة فلسطين عام 1984 أصبحت بيت لحم محطاً للاجئين، وتم احتلالها بعد ذلك في نكسة عام 1967 مع بقية مدن فلسطين، ومن ثم تم تسليمها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو عام 1993، وكان تسليمها الرسمي عام 1995.
فترى هل تشهد هذه المدينة بعد فرض اليونسكو وصايتها عليها مزيداً من الزوار من قبل وطننا العربي والإسلامي؟؟ نأمل ذلك