قال أحد الأدباء إن "إيطاليا من دون صقلية لا يمكن فهمها، فتلك الجزيرة تعتبر الأهم في إيطاليا وقد أسهمت القرون الطويلة التي حكمها العرب في تكوين طريقة معيشة أهلها الفريدة". وأروع المدن في صقلية هي سان فيتو لو كابو التي تقع في شمال غربي الجزيرة، والتي تقترب شواطئها إلى تونس أكثر من الشواطئ الإيطالية ، هذا إضافة إلى أن الأكلات الموجودة في أغلب مطاعمها تتسم بطابع الشمال الإفريقي، وعلى رأس تلك الأكلات "الكسكس" والتي تنتشر منه الكثير من الأنواع في المطاعم في تلك المدينة الخلابة. ويُقام في شهر أيلول/ سبتمبر الجاري مهرجان لمدة ستة أيام للكسكس، ويتنافس الطهاة المحليون مع منافسيهم من الدول الإفريقية في إعداد أطباق مختلفة من الكسكس.
وتعتبر تلك الجزيرة الأكثر تعددًا للثقافات في العالم، لأنه على مدار تاريخها شهدت الكثير من الحروب والصراعات من أجل السيطرة عليها من قِبل أغلب الحضارات المحيطة الفينيقية واليونانية والرومانية والعربية والنورمان والإسبان أيضًا. ولكن يغلب على سكان تلك الجزيرة الطابع العربي لأنه الأكثر تأثيرًا على ثقافتهم. وتعتبر مدينة سان فيتو لو كابو هي أفضل مكان لمن يرغبون في التعرض لأشعة الشمس، إلى جانب إمكان الاستمتاع بالرمال البيضاء على شواطئها الخلابة إضافة إلى مياه البحر المتلألئة. وعندما تُعطي ظهرك للبحر المتوسط في تلك الجزيرة وتشاهد المنازل ذات اللون البرتقالي والأشجار بينها ستدرك أنك في أحد مدن شمال إفريقيا.
وعلى بعد 120 كيلومترًا من سان فيتو لو كابو توجد مدينة رائعة تدعى "مازارا ديل فالو" التي كانت مستعمرة قوية للعرب خلال القرن التاسع، إذ استعمرها عرب من تونس والمغرب في البداية واستطاعوا أن ينهوا الحكم البيزنطي فيها، ومن ثمّ قسمت تلك المدينة العربية صقلية إلى ثلاثة أقسام.
وأجمل ما في صقلية شوارعها المرصوفة بحجر التوفة المسامي والذهبي، والتي تتميز بأنها ضيقة وملتفة حول بعضها، وفي أماكن كثيرة ترى على الجانبين الكثير من المباني التي تعود إلى القرنين الـ 11 والـ 12 والتي تعود إلى الحضارة النورمانية. ويظهر تأثير العرب على مدينة "مازارا ديل فالو" في الميناء الخاص بها والذي مازال حتى الآن يعمل فيه صيادون من دول المغرب العربي "تونس والجزائر والمغرب" وبفضلهم أصبح هذا الميناء من أكبر أسواق تجارة السمك في أوروبا.
ومن أروع المشاهد التي تراها عيناك هو بدء الصيادين في عملهم بانسجام لا يوصف، فترمى الشباك والمياه وتعلو أصواتهم، وذلك على الرغم من الخلاف في حقوق الصيد مع تونس لاقتراب شواطئ صقلية وتونس. ولكن بعد أن ينتهي الصيادون من جولتهم، تأتي لك الفرصة من أجل الاستمتاع بالأسماك الطازجة والكركند والحبار والقريدس.
[/IMG]
وخلال الخمسين عامًا التي حكم فيها العرب الجزيرة تناوبت ثلاثة أنظمة عربية الحكم فيها، وفي مدينة باليرمو عاصمة صقلية كان الطابع العربي هو المنتشر إذ انتشرت المساجد، وكانت في تلك الفترة اللغة الرسمية لسكان الجزيرة هي العربية. وبالتأكيد كان لتلك الفترة العربية في صقلية تأثير كبير على المعمار في تلك المدينة التي انتشر فيها الكثير من لمسات الفن الإسلامي في البناء. وقامت الحضارة النورمانية بإنهاء الحكم العربي للجزيرة وكان لها أيضًا تأثير كبير عليها، وكان لهذا فضل كبير في حصول السكان على ميراث رائع من المباني التي تجمع في فن بنائها بين الإبداع الإسلامي والنورماني.
وأثناء وجودك في باليرمو يجب عليك زيارة الأسواق هناك المزينة بالفواكه الملونة،تخوض تجربة تناول أكلات البازيلاء المقلية وكرات الأرز المقلية، وهما الأكلتان اللتان قدمهما العرب لسكان تلك الجزيرة. هذا إضافة إلى الكثير من الأكلات ذات الطابع العربي المنتشرة في مطاعم الجزيرة جميعها. وهناك مقهى رائع في باليرمو يدعى "Piazza Marina" يجب عليك أن تزوره بعد تجولك في شوارع الأسواق، وأن تطلب أيضًا مشروب الليمون المثلج، والذي استوحي من الشربات وهو المشروب العربي الشهير.
وتقول إحدى المواطنات في صقلية "إنها مثل الصقليين كلهم تملك الصفات العربية، فهي لا تعشق العجلة والتسرع وتستمع بالقيلولة، كما أن الشعب الصقلي مضياف للغاية ويتقبل الزائرين كلهم من أصحاب الثقافات المختلفة، ومن الممكن أن يتحولوا إلى صقليين لأن الجزيرة متعددة الثقافات بدورها".
وإذا كنت ترغب في معرفة معلومات أكثر عن جزيرة صقلية وترغب في زيارتها من الممكن أن تزور الموقع التالي " www.italiantouristboard.co.uk"، كما أنه في حالة ذهابك إلى هناك من الممكن أن تؤجر لك سكن مريح لمدة أسبوع بمبلغ يصل إلى 1650 جنيهًا استرلينيًا. وشركة الطيران الرئيسية هناك هي "Ryanair " ويمكن زيارة موقعها لمعرفة تفاصيل إمكان الطيران من خلالها إلى الجزيرة "www.ryanair.com".