تقرير مصور عن القريه السياحيه الرائعة ميروبا ( لبنان) صور 2014
عندما أنشئ أوتوستراد كسروان (أحد أقضية محافظة جبل لبنان) الذي يربط بين «فقش الموج ومرمى الثلج»، كما يقول المثل اللبناني، في الستينات من القرن الماضي، نشأت نقاط استقطاب سياحي واصطيافي تمثلت ببلدات عجلتون وريفون وفيطرون والقليعات وعشقوت، التي سرعان ما تطورت على صعيد البنى التحتية والسكن الشخصي والتجاري ومراكز اللهو والتسلية، فضلا عن الفنادق.
ولكن قبل أن يسطع نجم هذه المصايف، وعلى مسافة بضعة كيلومترات من هذا المحور، كانت بلدة ميروبا التي تدير وجهها صوب القمم العالية بدءا من «عيون السيمان» وانتهاء بـ «فقرا» مرورا بصنين و«الغرفة الفرنسية» التي تقع في أعلى نقطة في هذا الجبل، الذي لا يفارق الشيب رأسه لما يحتضنه من ثلوج على مدار السنة تقريبا، مقصد طلاب الراحة والاستجمام من لبنان وكل بلدان .
وإذا كانت ميروبا لم تحظ بالعناية والتحديث اللذين حظيت بهما عجلتون وريفون والقليعات وفيطرون وعشقوت، فإنها ظلت تتميز عن سائر مصايف كسروان بما حباها الله من مناخ جاف صحي، وهواء صخري، ووفرة مياه قل نظيرها في المنطقة، وربما كان الاسم ناتجا عن هذه الوفرة، باعتبار أن كلمة «ميروبا» تعني بالسريانية الماء الكثير.
عندما تتجول في البلدة الجميلة تطالعك الينابيع و«العيون»، نخص منها عين التنور الدفاقة صيفا وشتاء، وعين الصوان، وعين الشرقية، وعين مرهج، وعين ستيت في البساتين، وغيرها من الينابيع التي يملكها الأفراد في أملاكهم وبساتينهم.
كانت ميروبا مصيفا للبنانيين ومقصدا للسياح، لم يكن هناك مصيف آخر في مستواها.
وربما كانت المصيف المميز قبل أن يصل إليها أسفلت الطرق، وتحديدا عندما بلغ هذا الوقت تخوم بلدة ريفون، حيث كان الميسورون ينتقلون إليها على الأحصنة، ومتوسطو الحال على الحمير، والفقراء سيرا على الأقدام، وذلك إما للنزول في فنادقها التي يعود أحدها إلى 80 عاما، وإما لإقامة المخيمات الصيفية قرب العيون والينابيع، أو قرب البساتين.
وربما كانت المصيف المميز قبل أن يصل إليها أسفلت الطرق، وتحديدا عندما بلغ هذا الوقت تخوم بلدة ريفون، حيث كان الميسورون ينتقلون إليها على الأحصنة، ومتوسطو الحال على الحمير، والفقراء سيرا على الأقدام، وذلك إما للنزول في فنادقها التي يعود أحدها إلى 80 عاما، وإما لإقامة المخيمات الصيفية قرب العيون والينابيع، أو قرب البساتين.
عندما شقت الطريق القديمة عبر عشقوت ـ وطى الجوز ـ ميروبا ـ فاريا تحولت ميروبا إلى مصيف مميز ومقصد للسياح يفدون إليها من كل النواحي، فأنشئ فيها أكثر من نزل وبانسيون، حتى إن الرسام اللبناني المعروف عمر الأنسي أمضى فيها نحو 30 سنة.
وتحول ملكه بعد وفاته إلى آل سلام لأنه بقي عازبا، ثم باع آل سلام التركة. وخير دليل على عمق العلاقة بين الأنسي وميروبا لوحاته التي تحفل بمشاهد البلدة الجميلة بمياهها العذبة، وصنوبرها دائم الخضرة وبيوتها المطربشة بالقرميد وبساتينها التي تحتوي على كل ما لذ وطاب وما يسيل له اللعاب.
وتحول ملكه بعد وفاته إلى آل سلام لأنه بقي عازبا، ثم باع آل سلام التركة. وخير دليل على عمق العلاقة بين الأنسي وميروبا لوحاته التي تحفل بمشاهد البلدة الجميلة بمياهها العذبة، وصنوبرها دائم الخضرة وبيوتها المطربشة بالقرميد وبساتينها التي تحتوي على كل ما لذ وطاب وما يسيل له اللعاب.
في الستينات، نشأت ميروبا الجديدة على جانبي الأوتوستراد، بمبانيها السكنية والتجارية وفنادقها الستة، من دون أن تغيب المخيمات الصيفية عن بساتينها الغناء ومواقعها المطلة على جبل صنين وجارتها فاريا.
وفي العام 1969 أنشئ فيها المدرج الشهير الذي يتسع لـ 15 ألف كرسي، والذي شهد المهرجانات الغنائية والزجلية العديدة، فضلا عن المعارض الزراعية الذي تحفل بإنتاج البلدة ذائع الصيت من الفاكهة والخضار كالتفاح والأجاص والخوخ والدراق والملفوف والقرع والكوسي والجوز، ولطالما شهدت هذه المعارض بعض الإنتاج الموصوف كالقتاء الذي قارب طول الواحدة منها حوالي المتر، أو الفجل الذي بلغت زنة الواحدة منه ذات مرة 2.5 كيلوغرام، أو ثمرة الجوز التي بلغ حجم الواحدة منها حجم التفاحة وغير ذلك مما يتندر به مزارعو البلدة وزائرو المعرض».
ومن يتحدث عن ميروبا يتبادر إلى ذهنه فورا تفاحها الشهي، علما بأن أول شجرة تفاح زرعها في البلدة، على حد قول رئيس البلدية، الكاهن اليسوعي جوزف خليل قبل نحو 120 سنة، وكان يطلق على هذه التفاحة اسم «رونيد دوكندا» المعروفة «بالتفاح الفرنجي» والذي كان يوصف للمصابين بالسكري.
ثم كرت سبحة «الستاركن» و«الغولدن» و«الدوبل رد» و«الشتوي» ولا سيما «الموشح» الذي لازم اسم ميروبا، وما زالت تعرف به حتى الآن نجده الموشح بالحمرة، والخد الآخر الزاخر بالخضرة، وهو ينتشر في منطقة البساتين وعلى سفوحها ومنبسطاتها وعلى جنبات النهر الشتوي الذي يتكون من ثلوج صنين.
وفيما لا تخلو ميروبا من الآثار كـ «خرايب زهير» في بقعة يطلق عليها اسم «الناقورة»، ويعزوها أهالي البلدة إلى ملك فينيقي كان يطلق عليه هذا الاسم، شهدت هجمة وحشية على أيدي أصحاب المرامل الذين شوهوا القمم حتى دفع الشتاء برمولها إلى داخل المنازل في غياب أي استصلاح مدروس لتلك المرامل وفي ظل إبادة ظالمة لأشجار الصنوبر والسنديان والعفص والدلب وسوى ذلك من الأشجار البرية.
ومن يريد أن يقصد ميروبا ينطلق أولا من بلدة «الزوق» الساحلية حيث بإمكانه الاستمتاع بكل ما صنعته يد الخالق من جبال مدهشة ومواقع أثرية أكثر مدعاة للدهشة كمغارة جعيتا، والغابات الصخرية في بلدة فيطرون، وبكل ما صنعته يد الإنسان من قصور وفلل وأبنية جميلة مسورة بالحدائق، وفي العقود السابقة درس احتمال إقامة سد في الوادي المطل على البلدة لتجميع مياه الشتاء ومياه الثلوج، لكن الخبراء ارتأوا لاحقا نقل السد إلى منطقة «شبروح» القريبة من «عيون السيمان» في جرد كسروان وغير البعيدة عن ميروبا، وهو السد الذي تم تدشينه العام الماضي.