أشهر أحياء الدار البيضاء
مهما استطعنا جمع المعلومات والتنقيب عن الجماليات التى تحاك تاريخ ملىء بالاسرار التى تتمتع حينما تستمع اليها أو تقرأ عنها بين جنبات الأزقة والحواري فى الاحياء المغربية .. كنا على موعد مع "حي الاحباس" أو "الحبوس " كما ينطقها بعض سكان مدينة الدار البيضاء بني على الطراز المغربي التقليدي بجوار القصر الملكي.. فحينما تقرأ أو تسمع عنه لا تحبس أنفاسك كان الحي فى البداية للطبقة البورجواية غير ان التحولات التي عرفتها مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب ادت الى ان يصبح الحي احد الاحياء الشعبية العريقة في المدينة تجمع بنايات الحي بين المعمار التقليدي المغربي وبعض مظاهر الرفاهية العصرية وأصبح الحي حالياً نقطة جذب سياحية ويعتبر وجهة مفضلة لزوار مدينة الدار البيضاء خاصة وان اشهر متاجر الصناعات التقليدية في المدينة توجد في هذا الحي العريق اضافة انه يضم اكبر المكتبات واشهرها بهذه الصفات يجمع "حي الحبوس" بين الثقافة والمعمار .. لو تجولت تستطيع أن تحصل على ملامح الحي الجميلة ...
هندسة اسلامية
الساحات الخضراء الصغيرة تعطى الجانب المعماري مستلهم من روح الهندسة العربية الاسلامية ضافة اليها لمسات من الهندسة الغربية والاوروبية من بقايا الحقبة الاستعمارية واليوم يتردد السواح باستمرار على هذا الحي بحثا عن مصنوعات تقليدية من ملابس وحلي وحقائب جلدية وآوان نحاسية ومصنوعات خشبية وسجاد يدوي يعبر عن الاصالة المغربية.
بزارت وملابس تقليدية
أما المصنوعات التقليدية فهى بكثرة على الواجهات والارصفة حيث يوجد البزارات التي تضم حوانيت الصناعات اليدوية المختلفة ابتداء بالملابس التقليدية التي حاكتها ايادي الصناع التقليديين كالجلباب والقفطان الذي تبدع فيه ايادي الصناع اشكالا وتطريزا وفي مكان ملاصق متجر لبيع الاواني والديكورات النحاسية والفضية مثل الاباريق الذي يعف عند المغاربة باسم البراد الذي يوضع فيه الشاي المغربي والمعروف باتاي وهو عبارة عن شاي اخضر ونعنع وسكر وعلى مسافة قريبة يجد السائح امامه السجاد المعقود والمنسوج بالشكل التقليدي والديكور المصنوع من شجر العرعار.
زيت الزيتون
وثمة محلات اخرى لافتة مثل القاعة وهي عبارة عن مجموعة من الدكاكين متخصصة في بيع الزيتون وزيت الزيتون والمخللات والخليع وهو عبارة عن لحم جفف في الشمس ومنقوع في الشحم أشبه مايكون بلحم القديد وعادة مايستهلك في الافطار بكثرة في الايام الباردة حين يضاف اليه البيض المقلي.
انترنت قبلة الباحثين
ومن الامكنة التي تجدب زوار حي الحبوس المحلات المتخصصة في بيع الحلويات المغربية بجميع انواعها وكذلك الفطائر كذلك على الرغم من انتشار كتب الانترنت لا تزال قبلة للباحثين والكتاب والمثقفين والطلاب ويضم بعض هذه المكتبات كنوزا فكرية ومعرفية وأدبية حقيقية توجد جميعاً متراصة ومتجاورة تعرض كل ما جادت به المطابع سواء من داخل المغرب او خارجه من تراث فكري وانساني في مختلف التخصصات.
كتب الأدب والشعر والرواية
ويرى بعض اصحاب المكتبات ان غالبية السياح الاجانب يزورون هذه المكتبات بحثا عن الكتب الدينية الاسلامية والعربية المترجمة بالاضافة الى كتيبات تعليم اللغة العربية في زمن بات بعض المغاربة يبدعون ويتباهون بالتحدث باللغات الاجنبية حيث قيل انه ازدادت ظاهرة الاقبال عند السياح العرب على مكتبات الحبوس خلال السنوات الاخيرة بحثا عن كتب الثرات والادب والشعر والرواية.
أزقة أصيلة
أما أزقة الحبوس الصغيرة تصطف فيه محلات مكتب العدول اللذين يتولون دور المأذون في تحرير عقود الزواج , وكذلك تحرير العقود التي تعتبر قانونية امام المحاكم وفي هذا الزقاق يقوم صرح تاريخي له طابع معماري مغربي وهو من اعرق بنايات المحاكم في المغرب على الاطلاق وبجوار المحكمة يقع المسجد المحمدي اللذي يجمع بين التراث والاصالة.
ساحة الدلالة
واللافت في الحبوس ساحة الدلالة بتشديد اللام التي يقصدها الكثيرون من مختلف احياء الدار البيضاء كونها المكان المشهوربالمزادات العلنية التي يباع فيها كل شيء.
تقع ساحة الدلالة وسط المحلات التجارية التي شيدت خلال فترة الحماية الفرنسية على المغرب ويجتمع الناس هنا على شكل دائريبعد نتصف النهار وهو الوقت اللذييغلق اصحاب الدكاكين محلاتهم لتناول الغداء ويجري عرض بعض البضاعات من خلال الدلال او الدلالة وهي في الغالب اثاث منزلي ستعمل او ملابس فيها عيوب تصنيعية وعادة مايتميز الدلالون من النساء او الرجال بخفة الدم لجذب الزبائن وتحفيزهم للشراء ثم تبدا بعد ذلك المزايدات على البضائع الى ان يستقرسعرها على ثمن محدد وعندهاايعرض السعر اللذي رسا عليه المزاد على صاحب البضاعة فاذا وافقت كتمل عملية البيع وتبلغ اتعاب الدلالين خمسة في المائة من قيمة السلعة التي تباع.
مقاهي تاريخية
ونرجع إلى الوجوه التى دائماً ما تحرص أن تجتمع .. فإذا اجتمعت فتسأل عن المقاهي التاريخية بحي الحبوس أشهر واعرق حي في الحبوس المقاهي التي مرت على عدد منها احداث وشخصيات طبعت تاريخ الحي بل والمغرب عموما ببصمات تتناقلها الاجيال والملاحظ أن هذه المقاهي حافظت على هندستيها الداخلية والخارجية وبقيت وفية للزمان والمكان لا يتغير فيها شيء سوى الوجوه وحولها يقول احد ساكني الحي ان مقهى المقاومة الذي كان يعرف باسم "علال" كان أكبر مقهى بالحي وفيه كان يجتمع المقاومون سرا لاعداد خططهم ضد عسكر المستعمر الفرنسي وكانوا معظم الاوقات يتبادلون الاشارات خشية العيون المبثوثة التي تراقبهم.
ومن هذا التاريخ وهذه الاجواء لا تزال تقتات مقاهي الحي من تاريخها فهناك حكايات من كل مقهى تنتقل بالتواتر بين رواده جيلا بعد جيل وهكذا اصبح ايضا حي الاحباس ذاكرة الدار البيضاء ذاكرة ظلت متقدة على مدى قرن كامل لتفند لنا تاريخاً مليئاً بالاحداث.